روايات

رواية زهرة العاصي الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم صفاء حسني

رواية زهرة العاصي الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم صفاء حسني

رواية زهرة العاصي البارت الثامن والعشرون

رواية زهرة العاصي الجزء الثامن والعشرون

زهرة العاصي
زهرة العاصي

رواية زهرة العاصي الحلقة الثامنة والعشرون

عصام واقف قدام الشباك، ماسك فنجان قهوة بإيده، ووشه فيه قلق واضح. نادين قاعدة على المكتب، بتراجع ملفات، لكن عينيها بتروح وتيجي ناحية عصام.
يدخل أحد الموظفين بسرعة، صوته متوتر:
الموظف:
ـ دكتور عصام! دكتورة نادين! لازم تعرفوا… المحقق وصل وبيحقق في شكاوى المرضى!
(نظرة صدمة بتظهر على وش نادين، عصام بيبص له بتركيز)
نادين (بحدة):
ـ شكاوى إيه؟! وإزاي توصل لمحضر تحقيق من غير ما نعرف؟
الموظف (بتوتر):
ـ المرضى اشتكوا رسمي، في ضرب وإهمال وعدم صرف علاج! والموضوع كبر جدًا، والراجل نازل بنفسه يحقق بنفسه!
(عصام بيحط الفنجان على الترابيزة، وبيتحرك بسرعة)
عصام:
ـ لازم نتصرف حالًا… نروح نشوف بنفسنا. إحنا لسه مستلمين الإدارة من كام شهر، واللي بيحصل ده ممكن يهدّ كل حاجة!
نادين:
ـ وخصوصًا إن زهرة لسه خارجة من حادث صعق كهربائي جوه المستشفى… لو ربطوا ده بالإهمال، الموضوع هيبقى كرسة.
(بيتبادلوا نظرات قلقة، بياخدوا نفس عميق ويتحركوا بسرعة ناحية ساحة المستشفى)

فى ساحة المستشفى، تجمع المرضى والمحقق واقف ومعاه أوراق، بيقابل عصام ونادين)
المحقق (بحزم):
ـ حضرتك الدكتور عصام؟ والدكتورة نادين؟
عصام:
ـ أيوه يا فندم، أنا المسؤول الإداري، ودي دكتورة نادين المديرة الطبية.
المحقق (بياخدهم على جنب):
ـ جايلي بلاغات رسمية من أكتر من مريض عن إهمال جسيم، وضرب، وعدم صرف علاج، وحادثة صعق كهربائي حصلت من كام ساعة!
نادين (بتحاول تهدي):
ـ يا فندم إحنا بنراجع كل الإجراءات، وفي تحقيق داخلي شغال، وحادثة الكهرباء كنا لسه في طريقنا نبلغ عنها رسميًا…
المحقق (بحدة):
ـ مفيش حاجة اسمها لسه… ده مستشفى للطبي النفسي يعني الراحة والاسترخاء لازم يبقى أمان قبل أي علاج…
واللي حصل ده ممكن يدخل ناس السجن.
(عصام بيشد نفسه، بيركز بعينيه)
عصام (بهدوء حذر):
ـ أنا مش هقول غير كلمة واحدة يا فندم… لو في حد جوه بيشتغل ضدنا أو ليه يد في اللي حصل، إحنا أول ناس هنسلمه بإيدينا.
(المحقق بيبص له بتركيز، ويبدأ يدون ملاحظات)
صوت المحقق وهو بيقول:
ـ لو كنتوا فعلاً مش طرف في الإهمال… لازم تساعدوني نكشف الطرف الحقيقي.
واللعبة… لسه ما خلصتش.
إحنا في بلد تركي بلد امان
هز رأسه عصام
مش فاهم تقصد إيه حضرتك
ابتسم بخبث اصلك مصري
والمصرين يعرف عنهم الإهمال،
ابتسمت نادين وبكل ثقة باللهجه التركى تحدثت
لكن أنا أصلي تركي وصاحبة المستشفى، وكل العاملين في المستشفى من تركيا، ودول أخرى مثل لبنانى وسوري، وايضا المرضي مصري وعراقي وسوري ولبناني كل بلد تاتى هنا للاستشفاء والاسترخاء والبحث عن الهدوء وزيارة اسطنبول واذا بحثت في سجلت كل مكان في تركيا هتلاقي عدد زائرين تركي عراب اكثر من أوربا والدراما التركي أكثر امكان نجحت. فيها الدول العربية، تحددين مصر، وكانت مصدر للسياحة هنا ومن يدبلج اعملنا هما العربي ف برجاء شوف عملك واسأل كل من موجود
اتجهوا الي ساحة المستشفى
المحقق واقف قدام طاولة، حوالين منه طاقم المستشفى، الدكتور عصام، والدكتورة نادين، وبعض المرضى الحقيقيين. الأوراق متفرّدة قدامه، ونظراته بتتحول من التوتر للدهشة.
المحقق (بتساؤل):
ـ طيب خلونا نراجع تاني…
كل الأسماء اللي قدمت الشكاوى مكتوبة هنا، لكن في حاجة غريبة…
مريض 1 (بهدوء):
ـ يا باشا، إحنا فعلاً اشتكينا زمان، لكن بعد الدكتور عصام والدكتورة نادين مسكوا الإدارة، كل حاجة اتغيرت.
مريضة 2:
ـ أيوه، بقينا بناخد علاجنا في مواعيده، والأكل اتحسّن، وفي جلسات نفسية كويسة.
مريض 3 (بيقولها بثقة):
ـ واللي حصل لزهرة حادث… ومش أول ولا آخر حادث يحصل في أي مستشفى… بس مفيش إهمال متعمد يا باشا.
المحقق (بيرفع عينه ببطء من الورق):
ـ استنوا… الأسماء اللي قدمت البلاغات مش موجودة في ملفات المرضى أصلًا!
نادين (بصوت هادي):
ـ إحنا اتأكدنا إن ماحدش بالمواصفات دي مقيد في ملفاتنا… ولا عمره اتعالج هنا!
عصام (بتفكير):
ـ ده معناه إن في حد بيحاول يوقع المستشفى ويشوّه سمعته… ودي مش أول مرة نحس إن في طرف تالت بيتدخل…
(المحقق يهز رأسه ببطء)
المحقق (بحسم):
ـ هفتح تحقيق جنائي موسّع في البلاغات الكيدية… واللي ورا البلاغات دي لازم يتكشف.
بعد الانتهاء قعدة هادية في مكتب صغير داخل المستشفى، سارة قاعدة جنب نادين، وعصام قدامهم، والجو فيه خليط من الدهشة والحنين.
سارة (بتبص في عيونهم وهي مترددة):
ـ “بس سؤال مهم…
إنتو متأكدين إن محدش ممكن يربط بين عصام اللي واقف قدامي… وأخويا منصور؟
يعني، لو في حد بيتابع، أو بيحاول يلزقلكم أي تهمة من اللي حصلت في المستشفى أو قبليها، مش ممكن يعرف الحقيقة؟”
نادين (بتغمض عينيها بتنهيدة):
ـ “إحنا عمرنا ما أخفينا حاجة، بس ما كناش عارفين الاسم الحقيقي…
لما لقيناه، كان عنده وشم صغير في إيده، مكتوب عليه ‘عصام’ أو رسمة شكلها كده…”
سارة (بتضحك بمرارة وبتقاطعها):
ـ “آه… الرسمة دي أنا اللي رسمتها!
كان عنده حوالي خمس سنين…
وقتها أمي أصرت تسميه ‘منصور’ عشان اسم جدي،
بس أنا… أنا كنت متعلقة بصاحب ليا في المدرسة، اسمه عصام، كان شاطر وأنيق،
ومن وقتها فضلت أنادي أخويا بـ‘عصام’،
ولما خفت أنسى اسمه وسط كل اللي حصل، رسمت اسمه بإيدي على جلده… بألوان حبر صعب تروح، وكل شوية أرجع ألوّن عليه من تاني.”
نادين (بتبص لسارة بدهشة):
ـ “يعني ده مش وشم تاتو حقيقي؟!”
سارة (بضحكة خفيفة وسط دموع الذكريات):
ـ “لا… ده كان وعد مني لنفسي،
إن حتى لو الدنيا كلها نسيته… أنا هفضل شايلة اسمه على جلده.”
عصام (بصوت فيه حنان):
ـ “وحققتي حلمك،
لما عملولي بطاقة الهوية… خلوها باسم ‘عصام’ فعلاً،
وأنا حبيته… الاسم ده بقيت حاسس إنه ليّا بجد.”
سارة (بابتسامة حزينة):
ـ “عصام اللي أنا اخترته… بقى هو اللي رجع لي أخويا،
منصور عاش في الورق… بس عصام هو اللي كبر في قلبي.”
يسود الصمت للحظة، الكل متأثر، والذكريات بتملى الجو دفء وحزن جميل.
(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
بعد أيام
زهرة بتخرج من الباب الرئيسي ببطء، ملامحها فيها ضعف لكن وراها قوة… نادين وسارة معها دعم بابتسامة، وفى الخلف الدكتور عصام واقف بيطمن عليها.
نادين:
ـ مشوارك لسه طويل يا زهرة، بس بداية جديدة مستنياكي… وإحنا هنفضل دايمًا سند ليكي.
(زهرة تبتسم وتدمع عيونها، وتهز راسها بامتنان)
المشهد التالي – صالة الجلسات الجماعية
الكراسي مترتبة بشكل منتظم، المرضى قاعدين في هدوء، الدكتور عصام بيبدأ الجلسة، والدكتورة نادين جنبه، وسارة بتسجل الملاحظات.
عصام (بنبرة هادية وحازمة):
ـ النهاردة أول يوم في مرحلة جديدة… إحنا مش بس بنعالج، إحنا بنبني أمل من جديد…
أنا عايز أشكر كل مريض فضل معانا، وشارك وساعدنا نعدي المحنة.
نادين:
ـ الجلسة دي عشان نسمعكم، كل صوت مهم، وكل تجربة ليها قيمة.
(الكاميرا تتنقل بين الوجوه – فيهم خوف، وأمل، واستعداد للكلام)
الدكتور عصام (بصوت هادي ومليان احتواء):
ـ “النهاردة أول جلسة بعد التغيير الكبير اللي حصل… ووجودنا هنا مش صدفة… كل واحد فيكم ليه قصة، ليه وجع، لكن كمان ليه أمل. وده اللى جينا نحييه جوا كل حد هنا.”
الدكتورة نادين (بابتسامة دافية):
ـ “هنبدأ النهاردة نسمع بعض، بدون أحكام… كل واحد يقدر يتكلم أو حتى يسكت لو مش مستعد.”
المريض الأول – “ليلى” من المغرب
(بصوت هادي، لكن عيونها بتلمع دموع):
ـ “أنا كنت فاكرة إن اللى حصل في بيتنا ملوش علاج… أبويا كان بيقول إن الاكتئاب للضعاف… وأنا كنت بموت بالبطيء… جالي هنا حزن كبير، لكن كمان راحة… عرفت إن ربنا مش بيكرهني… أنا بس كنت محتاجة حد يسمعني.”
المريض الثاني – “عدنان” من سوريا
(نبرة صوته فيها تعب سنين):
ـ “أنا شوفت الموت بعيوني… حرب… تهجير… فقد… بس لما وصلت هنا، وسمعت قصص الناس، حسّيت إني مش لحالي.”
المريض الثالث – “سلمى” من العراق
ـ “أنا جيت هنا بعد محاولتي التانية للانتحار… كنت فاكرة إني فاشلة… لحد ما الدكتورة نادين قالتلي: يمكن الفشل الحقيقي إنك ما تحاوليش تعيش تاني.”
المريض الرابع – “آدم” من لبنان
(شعره طويل، وبيمسك البيانو على رجله):
ـ “أنا كنت بعزف لكل الناس… بس نسيت أعزف لنفسي. حبيبتي ماتت… وأنا اعتبرت الموسيقى هي القاتل. لكن لما سمعت زهرة بتتكلم عن الغفران، قررت أغني ليها… مش ضدها.”
آدم (نبرته هادية لكن كل كلمة فيها وجع):
ـ “أنا اسمي آدم… كنت بعزف بيانو، والمزيكا كانت كل حياتي… حبيتها زي ما حبيتها هي…”
زهرة (بصوت واطي لكنها حادة):
ـ “وهي حبتك… لكن المجتمع ما حبّهاش.”
آدم (يكمل):
ـ “كنا بنروح الأوبرا سوا، نغني ونحلم نعمل أوركسترا صغيرة… سوا…”
زهرة (بنبرة فيها مرارة):
ـ “بس الحلم مش ليه مكان وسط ناس بتحاكم البنت عشان بتحب… وتدفنها وهى عايشة.”
آدم (ينزل عينيه شوية):
ـ “في يوم كانت راجعة لوحدها… شباب هجموا عليها… خدوا منها كل حاجة…”
زهرة (بصوت عالي فجأة، تنفجر):
ـ “وانت كنت فين؟
ـ لما الدنيا خدت منها الأمان؟
ـ لما الهمّة غرقت في عيونها؟
ـ كنت هتعمل إيه لو حكتلك؟
ـ كنت هتصدق؟
ـ ولا كنت هتبص لها زي الباقي؟”
آدم (بصوت مهزوز):
ـ “هي مقدرتش تواجهنى ، ولا نفسها حتى… وانتحرت.”
كانت سابت ليا الفرصة أكون معها
زهرة (عينيها بتلمع، صوتها بيكسر):
ـ “أنا مش بقول هي صح إنها انتحرت…
ـ بس هي اتقتلت قبل ما تموت…
ـ الظلم اللي بتسكت عليه الناس… هو اللي قتلها.”
سارة بتبص على زهرة، شايفة المواجهة الحقيقية بين القلب والوجع، وسايباها تطلع اللي جواها.
آدم (يحاول يدافع بهدوء):
ـ “أنا قعدت شهور شايف إن المزيكا هي السبب… سبت البيانو، وكرهت كل صوت…”
زهرة (بضحكة مرة):
ـ “وأنا كرهت وشي،
ـ كرهت اسمي،
ـ كرهت نَفَسي،
ـ عشان قالولي: إنتي السبب.
ـ عشان خفت أقول… فاتحاسب.”
آدم (بنبرة مكسورة):
ـ “بس جيت هنا… وفهمت إن الناس… هما السبب.”
زهرة (بهمس شديد، بس بيخبط فـ قلب سارة):
ـ “الناس؟
ـ ولا اللي سكتوا؟
ـ ولا اللي هربوا؟
ـ ولا اللي حبّوا وسابوا؟
ـ ولا اللي صدّقوا الكذبة؟”
آدم يسكت، مش قادر يرد، وزهرة تنزل راسها للحظة…
سارة (بصوت واطي، لكن فيه رهبة):
ـ “اللي حصل هنا… مش اعتراف، دي كانت صرخة…
ـ وصرخة زي دي… بتغير مصير كامل.”
الكل ساكت… وسارة تبص في عيون زهرة:
ـ
مريض تركي – “أمير”
(يتكلم بتركي وعصام يترجم):
ـ “أنا كنت عايش في خوف… بس لما شفت زهرة وهي بتخاطر بحياتها عشان تنقذ غيرها، فهمت إن الشجاعة مش إنك متخافش… لكن إنك تتحرك رغم خوفك.”
انا أسمى يارا تركيا :
ـ “كنت شايلة مسؤولية إخواتي من وأنا عندي ١٣ سنة…
ماما ماتت وبابا كان دايمًا غايب.
كبرت بدري، نسيت إني بنت، نسيت أعيش، نسيت أحب.
لما قررت أحب، الشخص الوحيد اللي وثقت فيه، سرقني…
مش فلوس… سرق الثقة اللي بنيتها بشق الأنفس.”
نادين :
ـ “إيه أكتر حاجة وجعتك؟”
يارا (بابتسامة حزينة):
ـ “إني لما حكيت… محدش صدقني.
قالولي: إنتي طول عمرك قوية… إزاي يحصل فيكي كده؟”
زهرة تنظر ليها… عينيهم يتقابلوا للحظة، وكل واحدة فيهم شايفة جزء من نفسها في التانية.

أسمى آسر (شاب صوته مكسور من لبنان ):
ـ “أنا اتربيت على إني لازم أبقى راجل…
يعني ما عيّطش، ما أضعفش، ما اشتكيش.
بس وأنا عندي ١٦ سنة، واحد من قرايبي اتحرش بيا…
فضلت ساكت سنين.
لما اتكلمت، اتقال عني شاذ… اتقال إني بدوّر على شُهرة!”
عصام :
ـ “وإنت ساكت، كنت بتقول إيه لنفسك؟”
آسر (بهمس):
ـ “كنت بقول… يمكن أنا السبب.
بس الحقيقة؟
إني ماكنتش السبب…
بس كنت الضحية اللى ساكتة.”
زهرة تحس بإيدها بتترج من الوجع اللي بتشاركها فيه من غير ما تنطق.

سلمى (بهدوء ):
ـ “أنا من مصر اتحرش بيا خالِي…
وماما كانت عارفة…
وقالتلي: ما تفضحيش البيت.
فضلت ساكتة… وبتكسر كل يوم.
وأكتر يوم كرهت فيه نفسي، يوم لبست فستان فرحي… مقدرتش اغمى عليا ودخلت فى أزمة نفسي وجوزى سأل عن احسن مكان للعلاج ووصل لهنا هو مستنى أكون كويسة واخرج ليه لكن
لحد دلوقتي… مش عارفة أصدق إن في راجل ممكن يحبني بجد.”
زهرة تسمع الكلام، وتحس قلبها بينهار جواها… بس بيقوى من برة، بتحط إيدها على ركبتها كأنها بتحضن نفسها.

تامر (بصوت هادي):
ـ “أنا أسمى تامر من الاردن مش هتكلم كضحية…
أنا هتكلم كغلطت…
كنت بخون، بكدب، بلعب بمشاعر بنات كتير.
ولما واحدة واجهتني… كسرتها بكلامي…
بعدها سمعت إنها حاولت تنتحر.”
نادين :
ـ “وجيت هنا ليه؟”
تامر:
ـ “عشان كل ليلة بشوف وشها في منامي…
وعايز يوم ربنا يرحمني… يمكن أسامح نفسي لو قدرت.”
ـ “أنا اسمي جميلة… جاية من البلد إن محدش يجيب إسمها فى أي مكان ل يتحظر أو صفحته تتقفل لكن كل الناس عارفة انا من فين
أنا مش بعيط عشان ضاعت طفولتي،
أنا بعيط عشان خايفة أنسى طعمها…”
العيون كلها تتجه لها، زهرة تمسك طرف الجاكيت من التوتر.
جميلة (تتنفس بصعوبة):
ـ “أنا عرفت أخرج…
بس أهلي…
أطفال كتير ، بنات بلدي، إخواتي…
كل يوم بيموتوا.
كل يوم جنازة.
ومفيش حد بيحميهم.
في وقت…
صدقت إنهم أقوى من كل شيء… حتى الموت.”
سكتت… والدموع بدأت تنزل على خدها، صوتها يرتعش وهي بتكمل:
ـ “لكن أنا مش قوية… أنا بتهز كل ليلة…
عشان خايفة ييجي يوم، أنسى وجوههم.”
زهرة تقوم من مكانها فجأة، عنيها بتلمع بدموع غيظ، لكن في جواها نور مختلف:
زهرة (بحدة وإيمان):
ـ “استغفري ربنا قبل ما تنطقي الكلمة دي!
مش معنى إن ربنا سايبهم يتجبروا…
يبقوا هما صح!
ولا إنكموا غلط!”
القاعة تسكت، وعيون سارة بتراقب زهرة وهي بتقف كأنها منارة وسط الظلام.
زهرة (بصوت عالي مهزوز، لكنها قوية):
ـ “ربنا سايبهم…
يحفروا جُحرهم بإيديهم.
وكل اللي ماتوا…
مكانهم في جنة الخلد.
من غير حساب، من غير سؤال، من غير خوف.”
تلتفت لجميلة، بخفة دموعها وهي بتقول بهدوء:
ـ “عارفة مين لازم يخاف؟
إحنا…
إحنا اللي لسه عايشين.
إحنا اللي هنتحاسب على سكوتنا، على يأسنا، على استسلامنا.”
الكل يسكت، ملامح الحضور بتتغيّر، كأنهم اتلسعوا من كلامها…
جميلة (بهمس):
ـ “فعلاً… إحنا نسيناهم، ووجعنا خدنا لنفسنا.”
مريض آخر (من لبنان):
ـ “وإحنا وجعنا كأننا مركز العالم… بس في اللي فقدوا وطن.”
سارة (بصوت دافي من مكانها):
ـ “النهارده، كلنا افتكرنا…
وكل واحد فينا، هيتحاسب على اللي نسيه.”
(زهرة قاعدة في الخلف، وعيونها مليانة دموع، لكن في نور طالع منها. سارة قاعدة جنبها، بتحط إيدها على كتفها.)
الدكتور عصام (بصوت مبحوح بالعاطفة):
ـ “أنتو مش مرضى… أنتو ناجين. وكل واحد هنا، مهما كانت بلده، أو لغته… هو شاهد على قوة الإنسان.”
الدكتورة نادين (بهدوء):
ـ “الرحلة لسه طويلة، لكن الخطوة الأولى اتاخدت… وإحنا معاكم… لحد آخر الطريق.”
فى بيت الجد محمد – مساء هادي، صوت الأذان بعيد، والجد قاعد بيكلم زهرة فيديو .
مكنتش بترد وكان قلقان
لم انتهت زهرة من الجلسة
ردت عليه
الجد محمد (بصوت هادي ومليان حنان بلهفة ):
ـ “كل ده يا بنتى مش بتردى بالك اسبوع مش بتسالي قلبي كان موخوش عليك … طمني قلبي عليكي، وإنتي هناك عامله إيه؟”

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية زهرة العاصي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *