رواية عطر سارة الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم شيماء سعيد
رواية عطر سارة الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم شيماء سعيد
رواية عطر سارة البارت الرابع والعشرون
رواية عطر سارة الجزء الرابع والعشرون

رواية عطر سارة الحلقة الرابعة والعشرون
_ والدتك فين يا معتز ؟!..
قالها محمود بعد وصوله أمام غرفة عايدة بالمشفي، وجد ولده يجلس على الأرضية يضم ساقيه لصدره ويبكي بخوف، نزل محمود لمستواه وقال بقلق:
_ معتز رد عليا يا حبيبي..
رد ويا ليته لم يفعل، بصوت مقهور قال:
_ هي ليه عاشت عمرها كله تحبك أنت بس ليه عمرها ما شافت حد غيرك رغم ان الكل كان بيحبها؟!..
عقد محمود حاجبه بتعجب وقال:
_ هي مين دي ؟!..
بكي معتز مثل الطفل الصغير وصوت بكائه بدأ يعلو ويعلو، لم يقدر محمود الصمود أكثر وجذبه لصدره مردفاً:
_ اهدي يا قلب أبوك قولي فيك إيه يا معتز ؟!..
_ ماما بتحبك أنت بس ومش شايفه في الدنيا كلها غيرك، طول الفتره اللي فاتت بحاول أقرب منها عشان أحس بحنانها لكن مش بحس غير بحب ليك، فرحت قوي لما انت رجعتها اكتر ما فرحت بوجودي جنبها وامبارح لما نزلت صورتك مع الهانم التانية متحملتش وقعت قدام عيني وما قدرتش اعمل لها حاجه كنت بتفرج عليها وانا عاجز، هي ليه بتحبك أوي كده وليه حضرتك مش شايف غير عيله الصغيره دي؟؟..
معتز بحالة نفسية تحت الصفر، مع رحلة بحثه عن الحب خسر صغيره وأصابه بعقدة نفسية سيكون من الصعب التغلب عليها، لحظة هل قالت عايدة إنه ردها ؟!.. مازالت مصممة على التخطيط والكذب، ماذا سيقول لمعتز الآن وكيف سينفي عودته إليها ؟!.. جذب معتز ليقف وقال بقوة:
_ اقف على رجلك واياك توطي رأسك انا مخلف راجل وامك هتخف وتقوم وبتحبك يا عبيط حبها ليك مش زي حبها ليا يا معتز، خليك عارف كويس أوي ان مهما حصل بيني وبين عايده انت فوق كل ده..
نفي معتز بتعب وقال:
_ بلاش تكذب عليا يا بابا هي بتحبك ومش شايفه غيرك وانت بتحب ساره ومش شايف غيرها وانا لا موجود في حياتك ولا في حياتها، يمكن كنت موجود في حياه حضرتك قبل ما سارة تيجي لكن دلوقتي أنا فين؟!.. تقدر تقولي لما ضربتني بالقلم عشان خاطرها طيب بخاطري ولا لأ، جيت تعرف ايه اللي حصل بعد ما عرفت الحقيقه حضرتك رديتها زي ما رديت ماما مش كده؟!..
لأول مرة يري نفسه بالفعل صغير أمام أحد، لأول مرة لا يعلم ماذا يفعل أو يقول، لأول مرة يتمني الفرار من المواجهة وخصوصاً لو أمام معتز، هو محق ماذا فعل من أجله حتي لم يطمئن عليه بعد ما حدث، هنيئا لك يا محمود حصلت على إتخاذ لقب أب فاشل عن جداره..
ضم وجه معتز بين يديه وقال:
_ أنا أسف..
بماذا يفيد هذا الاعتذار ؟!.. حرك معتز رأسه بتعب وقال برجاء:
_ لو فعلا انا فارق معاك بلاش ترد سارة ، أول على الأقل بلاش أعرف أنا وماما أكذب علينا المره دي كمان وانا هكون راضي بالكذب بس بلاش تقول حاجه توجعنا..
أنقذه خروج الطبيب من غرفة الكشف، أقترب منه مردفاً بهدوء:
_ خير يا دكتور..
بملامح كلها أسف قال الطبيب:
_ للاسف يا محمود بيه الاحوال اللي قدامي مش خير خالص مدام عايدة القلب عندها بقى شبه متدمر ده غير طبعا الكيماوي اللي اثر على كل أجهزتها، كل المطلوب منكم انكم تدعوا لها لان اللي بايدينا فضلنا نعمله سنين وما جابش أي نتيجه دلوقتي بين ايدين ربنا..
بين أيادي الله، يبدو أن تلك المرة عايدة تنتهي بالفعل، أخذ نفس عميق وقال:
_ هبعت أجيب لها كل الدكاتره بتاعتها من المانيا وامريكا ولو المستشفى هنا مش هتقدر تقدم لها حاجه نسفرها هناك..
_ حضرتك عارف كويس قوي ان دي أكبر مستشفى في مصر كلها واللي بيقدمه بره مش أكتر من اللي احنا بنقدمه هنا، صدقني يا فندم مدام عايده مش محتاجه غير الدعاء..
يكفي لهنا انتهت قدرة معتز على التحمل وسقط بين يديه والده فاقد الوعي ليقول محمود برعب:
_ معتز إبني…
ما يحدث معه الآن أقسي ما يمكن أن يعيشه إنسان ، سقوط معتز اسقط روحه معه، ضمه إليه بخوف فقال الطبيب:
_ أهدي يا باشا ده من ضغط الموقف عليه..
_ فتح عينك يا معتز وأنا هرمي نفسي في النار عشانك…
____ شيما سعيد _____
بمصنع سارة..
كانت تدور حول نفسها مثل المجنونة، إتصال مجهول جعله يتحول 180 درجة، أوصلها على باب المصنع وذهب دون كلمة، هذا كثير للمرة المئة تتصل به والنتيجة واحدة تنتهي المكالمة بلا رد..
دلفت لها ضحي بإبتسامة بسيطة وقالت:
_ في ملف لأزم يتراجع وناخد توقيع حضرتك عليه..
نظرت إليها سارة بضياع وقالت:
_ بس أنا ما اعرفش أي حاجة في الشغل هنا..
_ ما تقلقيش يا فندم من وقت افتتاح المصنع ومحمود بيه متابع كل حاجه وانا هكون مع حضرتك خطوه خطوه..
محمود بيه أين محمود بيه، زفرت بضيق وجلست مع ضحي تفهم منها المطلب، جسدها بمكان وعقلها مع زوجها، فقالت ضحي بقلق:
_ حضرتك في حاجه تعباكي انا حاسه انك مش مركزه معايا خالص..
_ شكلك تعرفي محمود من زمان يا ضحى مش كده؟!..
أومات إليها ضحي وقالت بخجل:
_ من زمان أوي بجد يا مدام ساره حضرتك معاكي احسن راجل في الدنيا، لولا ان هو واقف جنبي ما كنتش هعرف هعمل ايه ولا هوصل لايه..
غارت وبشدة وهذا كان واضح بملامح وجها دون أي كلمة فقالت ضحي سريعا:
_ بلاش البصه دي الموضوع ما يستحقش كده انا قصتي وحشه قوي واخاف أقولها أنزل من نظر حضرتك..
قامت سارة من مكانها وقالت بتعب:
_ أكيد هسمعها يا ضحى وقت ما تحبي تتكلمي انا موجودة، بس الله يبارك لك انا مش فاهمه اي حاجه في الشغل ده دلوقتي لما محمود يجي هبقى اتصرف..
تفهمت الأخري موقفها وأخذت الأوراق وخرجت من المكتب، رفعت هاتفها وقامت بالاتصال به من جديد فتح تلك المرة فقالت بلهفة:
_ إيه اللي حصل يا محمود خلاك تمشي بالشكل ده وأنت فين دلوقتي مش بترد عليا ليه أنا هموت من قلقي عليك..
هل هو غاضب أم مرهق ؟!.. نبرة صوته كانت غريبة عليها وحديثه كان أغرب:
_ ركزي في شغلك يا سارة ما ترنيش عليا تاني لما اروح بالليل هحكي لك كل حاجة..
_ يعني إيه لما تروح بالليل هتحكي لي كل حاجه؟!.. هفضل قاعده على نار كده لحد ما تروح محمود انا خايفه عليك المفروض تطمني مش تزود قلقي..
ماذا يقول لها وماذا تطلب منه؟!.. تريد ان يريح قلبها وهو بقلب نيران مشتعله لا يعلم كيف يقلل من التهامها إليه، ألقي نظرة على معتز النائم بدنيا أخري وقال بغضب:
_ هو في ايه هو أنا مطلوب مني أقول لجنابك كل خطوه بعملها قولت لك مش فاضي..
هذا هو محمود علام الحقيقي أما الآخر لا يظهر إلا وقت حاجته إليها، أبتلعت غصتها بوجع:
_ لأ مش تحقيق ولا حاجه انا اسفه..
زفر بضيق من نفسه، ما ذنبها ليخرج خوفه بها ؟!.. مسح على خصلاته بتعب وقال:
_ لأ يا حبيبتي ما تعتذريش انا اللي المفروض اعتذر حقك عليا، ساره انا دلوقتي تعبان أوي استحمليني معلش وانا اوعدك هقول لك كل حاجه لما أروح..
بصوت مختنق وصل إليه وجعله يسب حاله قالت:
_ حصل خير وتاني مره أنا أسفه فضلت ارن كتير وانت لو كنت محتاجني او حتى عايز ترد عليا كنت رديت من اول مرة، هقفل دلوقتي وروح شوف ايه المهم عندك..
صوتها يقول إنها على وشك البكاء، رائع فهو دائما قادر على احزان اقرب الناس إليه، خرج من الغرفة الموضوع بها معتز وقال بحنان:
_ لو على مين مهم عندي يبقي هسيب الدنيا كلها وهاجي اخدك في حضني..
_ يا سلام..
_ طبعا مش عايز يكون عندك شك 1% انك مش اغلى الناس عندي، يلا قوليلي بحبك يا محمود عشان أقدر الم المصايب اللي ورايا دي وأنا مطمن انك جنبي يا سارة..
حركت كتفها بدلال وكأنه يراها والغريب إن دلالها وصل إليه وجعله يتنهد بتعب لتزيد عليه مردفة:
_ تؤ مخاصماك وهفضل مخاصماك لحد ما ترجع وتحكيلي اللي عندك بالتفاصيل ووقتها أحدد إذا كان يستحق اصالحك ولا لأ..
_ ماشي يا بسبوسة أقسي عليا براحتك..
كانت ستغلق الخط ويا ليتها فعلت، الا ان من سوء حظها دلفت ضحى وقالت بهدوء:
_ مدام ساره المذيع احمد رسلان طالب يقابل حضرتك..
من ؟!.. هذا ما كان ينقصه، صرخ بغضب أرعبها:
_ إياكي تقفلي الخط افتحي الاسبيكر وخليه يدخل..
نفذت أوامره بصمت، سيطر عليها شعور قوي بالخوف من ما هو قادم، جلست على مكتبها ووضعت الهاتف فوقه فدلف أحمد وعلى وجهه ابتسامة راقية ثم مد يده إليها مردفاً:
_ من يوم المطعم وانتِ ما سالتيش قولت اسال انا..
مدت يدها إليه وقالت بتوتر:
_ ما حصلتش مناسبة اتفضل تحب تشرب ايه..
_ قهوة مظبوط قوليلي بقى احنا مش كان في بيننا اتفاق على شغل اختفيتي فجاه ليه؟!..
يا الله ما هذا الرعب الذي تعيش بداخله، مسحت حبات العرق من على جبينها وقالت:
_ المصنع لسه مفتوح جديد وانا تحت التدريب الموضوع طبعا صعب عليا ووو..
قطع حديثها بابتسامة هادئة وقال:
_ ساره أنتِ بتحاولي تلفي وتدوري وتهربي من وجود محمود علامي يوم المطعم وانه قال انك مراته، انا جاي هنا عشان اسمعك وافهم الحكايه بالضبط من غير ما احكم عليكي بأي كلام يبوظ صورتك في عيني..
أتسعت عينيها وقالت بذهول:
_ وايه اللي هيشوه صورتي او يخليني مكسوفه من حاجه زي دي هو انا اول واحده تتجوز؟!..
_ مش أول واحده تتجوزي بس كلنا عارفين ان محمود علام رجل أعمال كبير ومتجوز بقى له اكتر من 18 سنه وعنده شاب في سن المراهقة، لما بنت صغيره زيك تبقى مراته من غير ما حد يعرف يبقى ملهاش غير معنى واحد بس يا سارة وانا مش عايز اقوله..
وصل اليها انفاس محمود المرتفعة عبر الهاتف، شعرت بطعنة قويه دلفت الى اعماقها بعدما فهمت حديث أحمد جيداً، اغلقت الهاتف بوجه محمود باصابع مرتجفه ثم نظرت لاحمد قائلة:
_ ولو اللي حضرتك بتقوله حقيقي يفرق معاك في ايه؟!..
_ المفروض ان احنا كنا اصحاب حتى لو لدقايق وكان في بنا اتفاقات على شغل رسمت لك صوره حلوه في عيني وجيت النهارده عشان افهم الحقيقة..
قامت من مكانها وقالت بغضب:
_ اللي بيني وبين حضرتك كانت مجرد معرفة سطحية ودي حياتي الشخصيه ومش من حق حد يتكلم فيها، عموما ايوه محمود جوزي ومش في السر زي ما بتحاول تلمح كل عيلتنا عارفه بس هرجع واقول لحضرتك ان دي حياتنا الشخصيه واحنا مش حابين نصدرها للاعلام..
قام أحمد من مكانه وقال بهدوء:
_ طيب طالما دي حياتكم الشخصيه كان الاولى ان جوزك يقعدك في البيت ويمنعك من الشغل معايا بدل ما يوقف البرنامج بتاعي شهرين، سارة أنا حاسة ان في حاجه غلط في العلاقه دي وعايز اساعدك..
صممت فأخذ نفس عميق ثم أخرج كارته الخاص وقدمه لها مردفا:
_ ماشي على راحتك طالما مش حابة تتكلمي بس ده الرقم بتاعي وقت ما تحسي انك محتاجاني رني عليا وهكون جنبك ومبروك المصنع الجديد..
أغلق باب المكتب خلفه فألقت بجسدها على المقعد بوجع، مهما حاولت الفرار ستصل لنفس النقطة ” إنها مجرد زوجة سرية لمحمود علام” مسحت على وجهها وقالت بغضب:
_ إياكي تعيطي سامعة مش هتقضي باقي عمرك كله نواح فوقي لنفسك بقى واعرفي انتِ عايزه ايه بالظبط، محمود بيحبك وأنتِ بتحبيه وكل العيلة بقت عارفه فاضل بس باقي الناس تعرف وهو هيعمل كده قريب، حتى إمبارح نزل صورنا مع بعض يعني محمود ما عندوش مشكله إن الناس كلها تعرف بجوازنا، فياريت بقى تبطلي تضغطي على نفسك وتوجعي نفسك على الفاضي..
حاولت بتلك الكلمات السيطرة على أعصاب فدق الباب دلف محمد السائق بنفس اللحظة سمعت رنين هاتفها، أرتفعت دقات قلبها مع إسم محمود المزين للشاشة ومع ذلك فتحت مردفة بنبرة متوترة:
_ الو.
_ لمي حاجتك وانزلي مع محمد 10 دقايق وتكوني في البيت يا سارة..
بلعت ريقها برعب قائلة:
_ ليه انا لسه ورايا شغل كتير وانت كمان شكلك مشغول النهارده ووو.
_ عشر دقايق فات منهم دقيقة وده مش في صالحك يا سارة..
أغلق الخط بوجهها لتنظر للهاتف مردفة:
_ يا لهوي يا لهوي ده قالي يا سارة مش بسبوسة كدة تبقي مصيبة رسمي..
قال محمد بهدوء:
_ يلا يا بنتي نمشي محمود باشا متعصب والاحسن ننفذ اللي هو عايزه بدل ما يقلب علينا..
_ يلا يا عم محمد أنت راجل غلبان حرام أكون سبب في فرمك تحت ايده كفاية أنا…
____ شيما سعيد _____
بمنزل محمود..
دلفت سارة وهي تقدم ساق وتأخر الأخري، تتمني لو تلك الرائحة التي تغرق المكان تكون مجرد وهم منها، للأسف ليس كل ما يتمناه المرء يحدث، وجدته يجلس على أحد المقاعد بالصالة يضع ساق على الآخر وجكيت بذلته ملقي على الارض وبين أصابعه سيجار يخرج بها نيرانه..
أبتلعت ريقها ثم أقتربت منه مردفة بتوتر:
_ حبيبي ايه اللي معرفك كده مش كنت مشغول النهارده؟!..
أنتفضت وعادت للخلف خطوتين على أثر صوته الحاد:
_ وانا عارف الف ضهري للهانم وهي حياتها كلها معجبين..
_ ممكن كده شويه يا محمود وبلاش تقول كلام نزعل منه احنا الاتنين..
من أين يأتي إليه الهدوء وهي أغلقت الهاتف بوجهه حتى لا يسمع باقي حديثها مع الاحمق ؟!.. قام من مكانه وألقي بالسيجار على الارض بإهمال مردفاً:
_ قفلتي السكه ليه وانتِ بتكلمي مع الحيوان ده قال لك ايه وقولتي له ايه ما كنتيش عايزاني اسمعه يا سارة..
أتسعت عينيها بغضب من معني حديثه مردفة:
_ هو انت مستوعب انت بتقول ايه بالظبط ولا معنى كلامك مش واصل لك؟!..
_ أنتِ اللي مستوعبه ازاي قفلتي السكه في وش جوزك وانتِ بتتكلمي مع راجل غريب؟!..
لابد من أن تتحلي بالهدوء حتي لا يزيد الأمر سوء، تنهدت بتعب ثم قالت:
_ كل اللي حصل اني سمعت منه كلام يوجعني عشان كده قفلت السكة..
ذهب غضبه مع رؤيته لضعفها، جذبها لتبقي بين أحضانه ثم قال بحنان:
_ أنتِ أغلى وأجمل ست انا شوفتها في الدنيا سارة النهاردة شوفت يوم بشع حسيت فين روحي بتطلع مني كل اللي مطلوب منك شويه صبر وأنا اوعدك انك مش هتندمي على صبرك ده..
لمست وجعه وهذا جعلها تهدأ من غضبها، وضعت رأسها على صدره سمعت دقات قلبه وشعرت بحرق روحه، مررت كفها على صدره وهمست:
_ قولي ايه اللي وجع أوي كده يمكن أقدر اساعدك؟!..
ماذا يقول ؟!.. سارة صغيرة ويصعب عليها فهمه صمت بتعب شديد، معتز قطعة من روحه سقط أمام عينيه ورغم قوته وماله لم يقدر على فعل شئ له، أخرج تنهيده طويله اخرج بها وجعه ثم قال بهدوء:
_ هقول لك على كل حاجه بس انتِ تقوليلي الاول الحيوان ده كان عايز منك ايه بالظبط ..
إبتعدت عنه وقالت برجاء:
_ محمود الراجل ده ما فيش بيني وبينه اي حاجه تخليك تعمل معاه كده، اللي انت وقفته ده مصدر رزقه هو ما كانش يعرف إني مراتك كل اللي عمله إنه حاول يساعدني وشايفني موهوبه يبقى ليه يبقى جزاته كده..
رفع حاجبه بسخرية وقال:
_ شايفك موهوبه ازاي لا مؤاخذه ده حتى ما اخدتش من وقته تلات دقايق عشان يعرف انتِ عندك موهبه ولا لأ، شافك مزه حلوه مش اكتر، أحمدي ربنا اني ما خلعتلوش عينه الاتنين اللي بصلك بيهم واكتفيت بقرصه الودن دي، وده عشان ما كانش يعرف انك مراتي لكن النهارده بقى كان عارف انك مراتي وتجرا وجالك تاني..
رأي بها إمرأة جميلة لأ أكثر ؟!.. أصابتها تلك الكلمة بمقتل، لماذا دائما يكون جمالها مصدر اذى اليها؟!.. بللت شفتيها وقالت بحزن:
_ محمود هو انا مفيش فيا اي حاجه مميزه غير اني ست حلوه؟!..
مسح على خصلاتها وقال بحنان:
_ إنتِ كلك مميزات يا حياتي بس رجاله كده اول حاجه بتشوفها في الست شكلها بعد كده بقى بنشوف باقي المميزات، دلوقتي هتدخلي تنامي لحد ما اشوف يومي هيخلص على إيه وارجع لك…
أومات إليه بهدوء وذهبت معه لغرفة النوم ساعدها بتبديل ملابسها ثم أنام بجوارها على الفراش مردفاً:
_ نامي..
_ وأنت ؟!..
_ هفضل جانبك لحد ما تنامي وبعدين همشي..
_____ شيما سعيد ______
عاد للمشفي وحمد ربه ان معتز مازال تحت تأثير المهدئ، اقترب من غرفه عايدة وظل متردد لعده ثواني قبل ان يمد يده ويفتح الباب الفاصل بينهما، دلف بخطوات هادئه ليجدها تجلس على الفراش بتعب اقترب منها وقال:
_ حمد لله على سلامتك يا عايدة..
نزلت إليه بضعف وقالت:
_ وهي سلامتي تفرق معاك في ايه زمانك دلوقتي بتقول بركه يا جامع ارتحت منها..
_ بلاش الكلام ده ما بقاش بياكل معايا طول عمرك فارقه معايا وأنتِ عارفه ده كويس يا عايده، لكن اللي احنا وصلنا له ده كان بسببك أنتِ طول عمري بديكي من غير ما تطلبي كان المفروض اليوم اللي اطلب فيه حاجه واحده تفرحني تبقي واقفه في ضهري مش تبقي عدوه ليا، جاية دلوقتي تقولي لمعتز اني رديتك بتلعبي على ايه وعايزة توصلي لايه ما تعبتيش مش خايفه من ربنا وانتِ بتعملي كل ده وبينك وبين الموت خطوه واحده..
حاولت أخذ أنفاسها بصعوبة أصبح بينهما وبين الموت أقل من خطوة، حاولت مد يدها لتلمس يده إلا أنه عاد خطوة للخلف فقالت:
_ ياه للدرجة دي لمسيتي بقت بالنسبه لك مؤذيه؟!. ايوه يا محمود انا قولت لمعتز انك ردتني روح قوله اني كذابه وانك ما عملتش كده ورحت رديت البنت التانيه قوله ان كل تفكيرك كان في نفسك بس وفي مراهقتك المتاخره ونسيت انك راجل مراتك تعبانه وابنك شاب محتاجك تبقى جنبه، روح قوله ابوك القدوه ما ينفعش حتى يبقى قدوه لنفسه..
بلحظة نسي إنها على فراش الموت، غضب منها تعدي كل الحدود، إمرأة بشعة ضاع عمره معها، كيف كان أحمق لتلك الدرجة لا يعلم، ضغط على عنقها بقوة وقال:
_ مشكلتك انك شوفتي مني الحلو بس وعمرك ما شوفتي الوحش من النهارده مش هتشوفي غيره يا عايده لحد ما تدخلي قبرك مش هتشوفي مني غير كل حاجه وحشة، تعرفك قد ايه انا كنت بعد عنك شخصيتي الزباله لحد اخر لحظه بينا كنت عامل حساب انك بنت عمي اللي ربيتها على ايدي وام ابني، لكن إنتِ ما تستحقيش كل ده عايزة تبقي قدام معتز مراتي وماله خليكي قدامه كده لكن انا طلقتك يا عايده وعلى ايد ماذون طلاق بلا رجعه ولو انطبقه السماء على الارض مش هتبقي مراتي تاني، انا دلوقتي متجوز ست واحده بس ومش هتشيل اسمي غيرها لحد ما اموت…
أختنقت وعاد هو أخيراً لوعيه، أبتعد عنها سريعاً مستغفراً ربه فوضعت كفها على عنقها مردفة:
_ أنا عايدة يا محمود أنا حب عمرك..
_ أنتِ غلطة عمري..
خرج وتركها بكت وهي تري نهايتها معه، نظر لباب الغرفة المغلق أمامه بحسرة على نفسه ثم ذهب لغرفة معتز، وجدته نائم فجلس بجواره وسمع همسه تحت تأثير نومه:
_ بابا بيكرهني بابا اخد مني كل حاجه في الاول اخد حب امي ما كانتش شايفه غيره واخد البنت الوحيده اللي قلبي دق لها حتى هو ما حبنيش بابا بيكرهني..
هل يراه هكذا ؟!.. هل هو بنظر ولده مثلما يقول بنومه؟!.. أقترب من وجهه وطبع قبله حانة معها دمعة رجل مقهورة وقال:
_ بكرهك ايه يا عبيط ده انا ما حبيتيش في الدنيا دي كلها قدك.. سامحيني يا معتز مكنتش الأب إللي بتحلم بيه..
_____ شيما سعيد ____
بالمساء..
استيقظت ساره بكسل ثم مسحت على عينيها لتزيل اثر النوم عنها، قامت بخطوات بطيئة ودلفت للمرحاض غسلت وجهها وسحبت منشفة تجفف بها بشرتها، لمحت بعينيها شئ خاص بالنساء وهنا أتسعت عينيها بذهول، منذ عودتها الأولي لمحمود ولم تأتي إليها عادتها الشهرية، تذكرت إختبار الحمل فقالت بتوتر:
_ اكيد ما فيش حمل ما انا عملته قبل كده وما طلعش حاجة..
ثلاث أشهر غياب وتقول لا يوجد حمل إذن ماذا يوجد ؟!.. أخذت نفسها بتوتر وخرجت من المرحاض أفضل حل قطع الشك، رفعت هاتفها وبحثت عن أقرب صيدلية بالمكان وبعدما قامت بالاتصال عليها وطلبت الإختبار..
بعد مرور ربع ساعة كانت تحدق به بدقات قلب متسرعة، خطين من اللون الأحمر هي الآن تحمل بداخلها طفل من محمود، سقطت دموعها وقالت:
_ حامل معقولة أكون فعلاً حامل ؟!..
لحظات ممتعة كانت أكثر من مميزة، من قال فاقد الشئ لا يعطيه فهي عاشت بلا حنان أم حتي والدتها على قيد الحياة والآن تضع يدها على بطنها مردفة بسعادة:
_ أوعدك اني هكون أحسن أم في الدنيا عشان خاطرك يا حبيبي..
أهتز هاتفها برقم ألفت ففتحت الخط وقالت بسعادة:
_ تيتا أنا حامل يا تيتا هبقي ماما حلوة اوي صح ؟!..
_ حامل من محمود ؟!.. إزاي تعملي في نفسك كدة دي مصيبة..
_ مصيبة ليه ؟!..
_ يمكن لأنه رد عايدة ومعاها في المستشفي من الصبح أو يمكن عشان جنابك لسة مراته في السر لحد دلوقتي..
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عطر سارة)