رواية ملياردير الصعيد الفصل السادس عشر 16 بقلم سما أحمد
رواية ملياردير الصعيد البارت السادس عشر
رواية ملياردير الصعيد الجزء السادس عشر

رواية ملياردير الصعيد الحلقة السادسة عشر
لعنة الدميري
مي كانت واقفة قدام أوضة مكتوب عليها بخط باهت:
“غرفة ٣٠٤ – الآنسة ليلى الدميري”
إيديها كانت بتترعش وهي بتمدّها ناحية المقبض.
مفيش صوت حواليها، حتى خطوات الممر اختفت، كأن الزمن واقف يتفرج.
ضغطت على المقبض… والباب فتح بصوت كأنّه طالع من بطن القصر نفسه.
جوه، كل حاجة كانت ساكنة…
النور ضعيف جاي من الشباك، والهواء بارد كأنها دخلت قبر.
خطت أول خطوة… حسّت الأرض تحتها بتئن.
وفي الركن، شافت ضهر بنت قاعدة، شعرها سايح، وفستان أبيض مبقع زي الدم الناشف.
مي همست: – “ليلى؟”
البنت لفّت وشّها ببطء…
لكن مفيش وش.
وشها كله كان سواد، مافيهوش ملامح، مافيهوش عينين…
بس مي شافت نفسها فيه. شافت خوفها، شافت اللحظة اللي دخلت فيها مكان مالوش رجوع.
قلبها وقع…
وكان لسه بتفكر ترجع ورا، لما الباب اتقفل لوحده بصوت خبط قلبها في ضلوعها.
في نفس اللحظة…
عمر كان واقف لسه في أوضة الصالون، عينه مزغللة، مش قادر يصدق اللي حصل قدامه.
دماغه بتزن، وصوت خطوات ليلى وهو بتنزل السلم لسه بيرن في ودنه.
بس دلوقتي…
مفيش صوت…
ولا حتى صدى.
البيت كان فاضي… أو شكله كده.
وبعدين…
سمع همس وراه، صوت ناعم بس بارد:
– “فاكر؟ فاكر أول مرة دخلتوا أوضتي؟”
اتجمد مكانه.
الصوت جاي من كل ناحية، بس مفيش جسد.
– “كنت نايمة… وانتو دخلتوا زي الضباع.
وأنا… كنت صغيرة… كنت ضعيفة.
دلوقتي… دوركم تبقوا ضعاف.”
الجدران بدأت تتشقق، والأرض بتتحرك، كأن القصر نفسه بيتنفس من الغضب.
عمر وقع على ركبته، وبكى لأول مرة بجد.
– “أنا آسف… والله آسف… أنا ما كنتش… أنا خفت! كنت جبان!”
بس الصوت رد عليه بقسوة:
– “الجبان اللي سكت، زيه زي القاتل.”
وفجأة…
ظهر كريم.
كان واقف قدامه… جسمه متشرّب دم، عينه واحدة بس باصّة، والتانية طالعة برا، سكينة مغروسة في صدره، ووشه فيه ملامح بس مش حقيقية.
عمر صرخ.
كريم مدّ إيده له، وصوت ليلى جه تاني:
– “ده العدل… كل واحد فيكو هياخد نصيبه.
وانت يا عمر… حسابك لسه ما بدأش.”
—
في المستشفى…
شريف كان راجع من أوضة فهد، وشه باين عليه قلق مش طبيعي.
الممرضة سلمته موبايل يوسف اللي وقع جوه الحمام.
أول ما مسك الموبايل، جتله رسالة واتساب:
“لو فضلت تدور ورا اللي حصل في القصر،
هتفقد اللي بتحبها.”
وتحتها صورة لمي… جوه أوضة ٣٠٤.
وشها مش باين، بس واضح إنها مش في وعيها.
شريف حس الدم فار من وشه.
صرخ في الممرض:
– “هات عربيتي فورًا!!”
أما مي…
كانت بتجري جوا الأوضة، بتحاول تلاقي الباب…
بس كل ما تفتح باب، تلاقي ورا ضلمة أكتر.
والصوت لسه بيهمس:
– “إنتي دخيلة يا مي…
ودايمًا أول دخيلة… بتدفع أكتر تمن.”
الشباك اتفتح فجأة…
وريح جامد دخل، وقع كل حاجة.
وورقة طارت من وسط كتاب قديم…
مي مسكتها، ولقت مكتوب فيها بخط إيد طفلة:
“بابا قال مش لازم أقول على السر…
بس أنا خايفة. خايفة من اللي بيحصل في القبو.”
مي قرت الكلمة الأخيرة…
ورجليها خانتها.
“القبو.”
في نفس اللحظة…
في أوضة سما، كانت نايمة على السرير، عينيها مقفولة، بس جسدها بدأ يتحرك.
الممرضة اللي كانت قاعده جنبها، قامت تنده على الدكتور، بس لما رجعت تبص…
سما كانت قاعدة.
بس مش وشها اللي الممرضة تعرفه.
كان فيه حاجة غريبة في ملامحها.
عينها الشمال… مافيهاش نور.
“اللعنة ما خلصتش…
هي بس كانت مستنيّة الضحية الجاية.”
جري بسرعة، وشاف سما ماسكة في الممرضة، هتموّتها، وفي دم غريب طالع من بُقّها، وشعرها كله كأنه شبه متقطّع، وفي صوت طالع منها.
جري بسرعة، حاول يشدّها، بس مقدرش عليها، ولما حاول الممرضين يساعدوه، فجأة، رجعوا كلهم على الحيطة، وطلع صوت غريب من سما، بيذكر المخزن بتاع فيلا الدميري.
وكل حاجة رجعت زي ما كانت…
الممرضة اختفت.
سما على السرير.
مافيش ممرضين على الحيطة.
مافيش دم.
مافيش حاجة.
وقتها فكّر في الكلام اللي اتقال، وافتكر اللي ماكنش عايز يفتكره…
مخزن فيلا الدميري، اللي بيحمل أبشع ذكرى، واللي بسببه شريف كان بيكره يقعد فيه أكتر من يوم.
—
(فلاش باك)
كان شريف عنده ١٠ سنين، وقت ما كان بيلعب مع الأطفال في الجنينه.
وقتها دخل عشان يشرب، سمع صوت صريخ…
جري بسرعة، لقى أمه ميتة، ومضروبة على راسها، هي وأبوه.
وبسبب إن شريف كان جبان وقتها، مقدرش يقول إنه شاف جده وهو بيدفنهم.
وللأسف، كان القصر لسه بيتبني، وطلع إشاعة إنهم ماتوا في حادثة.
وبسبب صدمة شريف، صدّق الإشاعة دي، وفعلاً، اتعايش مع جده لحد ما كبر.
لكن المرض كان عقاب على أفعاله.
—
(رجوع من الفلاش باك)
مسح دموع عيونه، وقرر ينهي اللي بيحصل ده نهائيًا.
راح وأمر الرجالة يفضلوا هنا، ومهما حصل ميتحركوش، والنص منهم ييجي معاه، واتحرّك مع يوسف للقصر.
يوسف اتصدم أول ما شاف اللي حصل…
ولما الناس شافوه، لقوا إن جميلة بنت عمه كانت جوه، والقصر ولّع بيها.
وازاي كل حاجة راحت في لحظة بعد ما الناس خرجوا.
دخل القصر، كانه مهجور…
فُرَت، وعناكب، والحكومة مجتش تقفل القصر، وكان مستغرب إزاي مايعرفش حاجة زي كده.
دخل، وشاف اللي صدمه…
جثة جميلة، متشوّهة بالكامل، وجسمها كله متفحّم.
وقتها عيّط شريف، ورغم كل اللي عملته، هو لسه زعلان على بنت عمه اللي ماتت بالطريقة دي.
أمر الرجالة ياخدوا جثتها ويدفنوها.
وفعلاً، حصل كده.
وبعدها قرر ينزل المخزن، وكان كل ما يقرب، يحس إن فيه صوت بيزن…
صوت صريخ مامته، وضحكة جده، وكل حاجة عاشها في المخزن ده.
فضل ينزل، ولما وصل، شاف ورقة مكتوب عليها طلاسم غريبة، وعليها صورة كل شخص… واللي المفروض يحصل له:
فهد: المرض
جميلة وليلى: الموت
كريم: الموت بأبشع طريقة
عمر: الجنون
وشاف عينَة من كل واحد فيهم، خصلة شعر منهم.
وقتها استغرب… مين ممكن يعمل كده؟
سمع صوت من وراه… لف… وفجأة…
—
عند عمر
فضل يجري زي المجنون، ويقول:
– “شوفتها! شوفتها!”
ويضحك بصوت عالي في الشارع، لدرجة إن فيه ناس كلموا المصحة النفسية عشان تيجي تاخده، لأنه ماكانش فيه حد في الشارع مطمن له، والكل كان خايف منه.
وصلت العربية، وجات خدته معاهم.
—
عند مي
وقتها مي فضلت تجري كتير، معرفتش تخرج من الغرفة.
شافت جثة ليلى، وكان فيه فيديو بيتعاد من تاني.
شافت إن عمر كان داخل، وفي إيده سكينة، وكان هيضرب ليلى.
وفجأة، رجع، وكريم، بدم كله غِلّ، ضرب السكينة فيها وقتلها بدم بارد، وسط صدمة مي… وعمر، في أخوه.
وقتها كل حاجة رجعت زي ما كانت بالظبط، والباب فتح.
بعدها خرجت مي، وهي بتحاول تتصل بيوسف، ولما شافت الرقم مشغول، قررت تتبع تليفونه من تطبيق كانت نزلته على موبايله من غير ما يعرف.
ولقت التطبيق بيقول إنه في قصر الدميري.
بدأت تتحرك فعلًا…
—
عند قصر الدميري
وقتها فاق شريف، وشاف نفسه مربوط بحبل على كرسي، وقاعد قدامه يوسف، حاطط رجل على رجل.
يوسف، بضحكة سخيفة:
– “انت فاكر إنّي هسمحلك تفتح القديم تاني؟ ولا فاكر إن مرات أبويا هتطلع من تحت الأرض وتنقذك مني؟”
شريف، بصدمة أكبر:
– “أبوك؟! ومرات؟ أنا مش فاهم حاجة!”
يوسف، وهو بيبان على حقيقته:
– “إنت بتستهبل؟ أنا مش عارف مين اللي قالك على العمل…
بس أيوه يا شريف، أنا اللي عملته!
عارف ليه؟
عشان أمك سرقت أبويا مني!
حبك أكتر مني، ورماني كأني مش ابنه!
أنا كنت غلطة، وهو جابك في النور، فكل حاجة لازم تبقى صح!
وأنا ابن الغلطة، أمي تموت بحسرتها، وأنا أبقى يتيم، أُربى في دار الأيتام، وإنت في قصر وعيلة!
أنا اللي خليت ولاد عمك يكرهوك،
خليت فهد يحس إنك هتاخد مكانه عند الحاج الكبير.
فكان لازم أُنهي الدنيا!
لقيت واحد بيعمل مسّك… إنما أي حريف!
لبّسته العباية والعصاية، وجرّيت مرات أبويا وأبويا للمخزن، ونزلت على أبويا بالفقس على دماغه، وبعدها مرات أبويا.
وكنت متعمد تشوف جدك وهو بيقتل أهلك، يمكن تتصدم وتسيب القصر.
بس الغريب إنك اتعايشت عادي!
وعملت ميكاج وجسم كأني راجل عجوز.”
شريف، بعدم تصديق:
– “وجدّي الحقيقي كان فين؟”
يوسف، بغضب:
– “كان في صفقة شغل، وأنا بعتله رسالة بحجة إني صاحبك، وقلت إن العربية اتقلبت بيهم في طريق السفرية، للمصيف في أسوان.
هو، يعني، بسبب الزعل، جاله الأمراض دي، واللي أدت لوفاته…
أنا اللي بعتله فيديو ليلى وهي بتتغتصب.
بس طبعًا… مانطقش، ومات.”
جه يطلع مسدس عشان يقتل شريف ويموّته بسبب غِلّه وحقده عليه…
غمض شريف عيونه…
وقرأ الشهادة…
وسمع صوت رصاص.
وفجأة…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ملياردير الصعيد)