روايات

رواية فتيات القصر الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم اسماعيل موسى

رواية فتيات القصر الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم اسماعيل موسى

رواية فتيات القصر البارت الثاني والثلاثون

رواية فتيات القصر الجزء الثاني والثلاثون

فتيات القصر
فتيات القصر

رواية فتيات القصر الحلقة الثانية والثلاثون

كانت راما قد اقتربت من إنهاء وصفتها السرية.
عشرون نوعًا من الزهور النادرة جمعتها من أربع قارات.
نبتات برية، أوراق مستخلصة من الحدائق المهجورة، زيوت معصورة تحت القمر…
والآن، الزجاجة أمامها شبه مكتملة.
العطر فريد.
نفاذ، غني، متقلب النغمة.
فيه دفء العنبر، لسعة الزعفران، وخفّة زهر اللافندر البري.
عطر يحمل طيف المسافة بين الرقة والعنف.
لكن مع ذلك…
كلما لامست أنفها الرائحة، انقبض شيء في صدرها.
نكهة ناقصة.
ليست واضحة.
كأنما صوت خافت في آخر القاعة، يناديها باسم زهرة لا تعرفها.
زهرة لا تشبه سائر الزهور.
لا تحمل اسما شائعًا، ولا عرفها العطّارون.
نوع معيّن… صغير الحجم.
غامض الرائحة.
لا يظهر إلا في موسم واحد، وربما في أرض بعيدة.
كانت تشعر به.
كأن العطر كله يدور حول هذا المكوّن الغائب.
كأنما الوصفة تصرخ بغيابه، دون أن تملك راما وسيلة للإمساك به.
عطرها بلا تلك الزهرة أشبه بجملة ناقصة،
لحن بلا نوتة أخيرة،
قصيدة تتوقف قبل الشطر الأخير.
همست: “هناك زهرة… زهرة واحدة.
إن لم أجدها… سيظل هذا العطر بلا هوية.”
عرفت الآن…
رحلة بحثها لم تنتهِ بعد.
العطر شبه مكتمل، نعم.
لكنه بلا تلك الزهرة… مجرد عطر آخر.


لم يكن من عادة السيّد إدوارد دي فلور أن يغادر جناحه العلوي في هذا الوقت من الليل.
كان القصر الضخم يسير على نظام دقيق لا يتغيّر،
وهو لم يكن يومًا من أولئك الأسياد الذين يتفقدون التفاصيل الصغيرة بين أيدي خدمهم.
لكنه في تلك الليالي الأخيرة…
نزل بنفسه.
خطواته الهادئة انحدرت إلى الرواق الطويل، حيث تتراقص ألسنة المشاعل على الجدران الحجرية.
رافقته لارينا — كبيرة الخدم — تسير إلى جانبه بخطى محسوبة، يداها معقودتان أمامها، رأسها منكس قليلًا، لكن عيناها لا تفوّتان شيئًا.
كان يتوقف أحيانًا في منتصف الرواق، ينظر إلى الخدم العابرين.
“أين كانت هذه الخادمة قبل لحظة؟
لماذا هذا العطر الخفيف في الهواء؟
لمن كان هذا الطبق يُحمل؟
من صعد إلى الجناح الجنوبي؟”
أسئلة لم ينطق بها، لكنه دوّنها في ذهنه.
لم يكن يوجّه أوامر مباشرة.
يكتفي بنظرة خاطفة، أو إيماءة بالكاد تُلحظ.
كان يمر أمام غرفة الضيوف المغلقة منذ أسابيع، يلمح نورًا خافتًا يتسرّب من أسفل الباب،
فيكتفي بتبديل موضع عصاه بيده.
لارينا وحدها كانت تدرك أن هذه الجولات الليلية غير المعتادة تخفي خلفها ما هو أكبر من مجرّد تفقد القصر.
كانت تلمح في ملامحه ما يشبه القلق الرصين — ذلك القلق الذي لا يفصح عن نفسه،
لكنه يتسرّب في حركة الكتف، في ارتخاء القبضة فوق مقبض العصا، وفي نظرة العين حين تثبت على بقعةٍ ما في الهواء.
عند رواق الممر الغربي، توقّف فجأة.
كان عبقٌ شاحب يعبر، كأن الهواء تذكر للتو ذكرى عطر نُثر هنا.
أدرك إدوارد الأمر.
أغمض عينيه لحظة كمن يستعيد أثرًا،
ثم قال بصوت منخفض إلى لارينا:
“شيءٌ يتحرّك في هذا القصر… ليس من بين ما أمرتُ به.”
نظرت إليه لارينا في صمت.
هي تعرف القصر بطباعه، تعرف أن السيد حين ينزل من جناحه ثلاث ليالٍ متعاقبة،
فالأمر لا يتعلّق بنظافة الأرائك ولا بموعد العشاء.
واصل السير، وفتحت له باب الرواق الجنوبي.
خادم صغير انحنى سريعًا وهو يمر.
قال إدوارد دون أن ينظر إليه: “في أي غرفة كنتَ؟”
“في… الجناح الشرقي، سيدي.”
أومأ له أن ينصرف،
لكنه دوّن ملاحظة في قلبه.
المرّة التالية، كان عند بوابة الحديقة الشرقية،
حيث عادةً لا يمر أحد بعد منتصف الليل.
وحين لمح أثر عبير خافت — عبقًا يشبه وعدًا غير مكتمل —
رفع عصاه وأشار:
“لارينا… أعيدي ترتيب الحرس الليلي.
راقبي من يخرج من القصر بعد المساء.”
همست: “أوامركم، سيدي.”
ثم سارا معًا، خطواته أهدأ من ليل الحجر.
كان يعرف…
أن اللعبة بدأت.
وأن أسرار العطور لا تبقى في الزجاجات للأبد.


في صباحٍ ملبّد بثقل غير مرئي،
أمر السيّد إدوارد دي فلور بانعقاد اجتماعٍ عام لكل خدم القصر.
لم يكن هذا معتادًا.
فالاجتماعات كانت تقام في صمت، وباسم كبير الخدم، أما أن يستدعي السيّد بنفسه الخدم،
فقد ترك الأمر أثرًا من الاضطراب الخفي في أرجاء القصر.
“ليحضر الجميع، كبارًا وصغارًا.
كل من يعمل تحت سقف هذا البيت.”
قالها بصوته الثابت،
ثم أضاف:
“وسيرشون عطرًا موحّدًا من اختيارهم
لم يعترض أحد.
وفي دقائق، انتشر الخدم يتسلمون قوارير صغيرة، عطرٌ يحمل عبقًا شفافًا لا يُقاوم،
رائحة تترك أثرًا يشبه النشوة العابرة.
لكن ما لم يعرفه أحد…
أن العطر الذي وُزّع كان “عطر الأثير”.
راما، في تلك اللحظة، كانت قد أتمّت خطتها.
وضاعفت تركيز العطر في القوارير.
وأغرقت جسدها به حتى كاد الهواء من حولها يتشبّع به.
“سيخضع… أمامهم جميعًا.”
همست لنفسها وهي تنظر لانعكاسها في مرآة الحجرة الصغيرة.
وعند حلول ساعة الاجتماع…
وقف الخدم مصطفّين في القاعة الواسعة تحت الثريا القديمة.
روائح العطر تتداخل في الجو،
والأعين تتبادل النظرات الخفية.
انتظروا.
ثم دلف السيد بعد أن تجرع ترياق مضاد لعطر الاثير اخترعه بنفسه
بخطوات هادئة كما اعتاد، يرتدي معطفه الرمادي الداكن،
وقف الجميع.
وعند منتصف القاعة…
توقفت خطواته.
العطر كان كثيفًا…
الهواء مشبع…
حتى أن الحجارة نفسها بدت وكأنها تنتظر.
شهق السيّد فجأة.
ارتجف قليلًا.
كاد يسقط، واهتزت الثريا فوق رؤوسهم.
ارتسمت ابتسامة خفيّة على شفتي راما،
كانت تترقّب لحظة السقوط.
لكن…
في لحظة مفاجئة،
رفع السيّد رأسه…
وانفجر ضاحكًا.
ضحك طويل، متّزن…
ضحك من يعرف أكثر ممّا يُقال.
أخرج سيجارة فضية من جيب معطفه.
أشعلها بيد ثابتة.
“آه، راما…”
تمتم بصوتٍ خافت وكأنما يكلم العطر نفسه.
ثم أطلق نفثة دخانٍ في الهواء المشبع، فبدّد جزءًا من أثره.
“كنتم تتوقعونني أن أترنّح؟”
قالها بصوتٍ صافٍ، متلذذًا بما يرى.
كانت راما، من خلف الصفوف،
تحدّق به بعيون نصف مصدومة، نصف مشتعلة.
وهو أكمل: “هل تظنون أن القصر يُدار بأنوفكم أم بأنفي أنا؟”
ثم مال برأسه قليلًا إلى لارينا،
وقال بصوت مسموع:
“ابدئي، الآن.”
أخرجت لارينا قنينات عطر الاثير المعدله وأمر السيد الخدم ان يتنشق كل الخدم ألعطر
اذا كانو سيخضعون لأحد داخل القصر فأنه السيد ولا احد اخر
استنشق الخدم ألعطر المعدل وجرت خلالهم لذة الطاعه انحنو آمام السيد بطاعه عمياء
تبدلت طاعتهم فى لحظه واحده، اطعمهم السيد ما كانت تطعمهم به راما وأكثر
القرار الثانى ،يمنع صناعة ألعطر داخل القصر ومن يعثر داخل غرفته على عطر يعتبر خائن ويعاقب بالجلد حتى يتمزق جلد ظهره
كل خادمه قبل عملها تستنشق عطر السيد تحت عناية سيدة الخدم لارينا
وقفت راما فى مكانها غير مصدقه، بدت لارينا ثابته ولم تتأثر بالعطر مثل بقية الخدم
اكتشف السيد خطتها ومنح لارينا ترياق ألعطر الذى يبطل مفعول عطر الاثير
أدركت راما ان أمامها ساعات قبل أن تنقلب عليها لارينا
مره اخرى
الخادمه راما ؟ صرخ السيد
تقدمت راما بخطوات سريعه وانحنت آمام السيد
كيف حالك خادمة الحديقة ؟ مالى أرى وجهك شاحب كأنك ابتعلت لسانك ؟
اهناك ما ترغبين اخبار سيدك به ؟
لا شيء سيدى اشكر عطفك
تنهد السيد وأبتسم بسخريه ،لا شيء ؟
انصرفى اذا

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية فتيات القصر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *