رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل الثاني عشر 12 بقلم بتول عبدالرحمن
رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل الثاني عشر 12 بقلم بتول عبدالرحمن
رواية استثنائيه في دائرة الرفض البارت الثاني عشر
رواية استثنائيه في دائرة الرفض الجزء الثاني عشر

رواية استثنائيه في دائرة الرفض الحلقة الثانية عشر
” تيم، انت كويس ؟!”
حاول يبعد إيده، بس كان ضعيف، وهيا ما سابتهوش
“وشك شاحب، إنت كنت واقف هنا لوحدك من امتى؟!”
مردش علطول، شكله كان تعبان، تايه، ضايع.
قال بصوت واطي
“معرفتش أنام، نزلت أشرب مية بس.”
قالت بنبرة أهدى، وهي لسه ماسكة دراعه
“اقعد طيب، هجيبلك مايه”
جابتله كوباية مايه وادتهاله، اخدها بس ايديه كانت بتترعش، شرب بق واحد بس وسابها على الترابيزه قدامه، فريدة فضلت واقفة جنبه، حاسة بكل نفس بياخده بالعافية.
كان بيحاول يتماسك، بس عينيه بتقفل غصب عنه
قالت بنبرة فيها حزم وقلق
“شكلك سخن، اخدت برد؟”
مردش، بس كان بيتنفس بصعوبه،
حطت إيدها على جبينه بدون تفكير، كان سخن فعلًا.
سحبت إيدها بسرعة، كأنها اتلسعت بس مش من حرارته، من اللحظة نفسها.
قالت وهي بتكتم اضطرابها
“إنت سخن فعلًا، ازاي محدش خد باله، تعالي اطلعك اوضتك”
قال بصوت مبحوح
” هعرف امشي لوحدي.”
قالت برفض قاطع
“لاء، مش هتمشي لوحدك، كفاية عناد، تعالي”
مدتله إيدها…
اتردد، وبعدين مسكها…
إيده كانت سقعة جدا وكانت بترتجف
طلعوا السلم سوا، خطوة بخطوة وهو كان بيترنح
وصلوا أوضته، فتحت الباب، دخلته، وساعدته يقعد.
“ارتاح… هجيبلك دوا ولمون سخن”
قال بنبرة صوتها مبحوح من التعب
“أنا مش محتاج لكل ده”
بصتله وهي بتفتح الدولاب تدور على بطانية
“ممكن متكونش محتاجني انا… بس مش هقدر اسيبك في الحاله دي”
ساعدته يتسطح وغطته، وبعدين نزلت تجيبله اللي محتاجه
رجعت بصنية فيها كوباية لمون سخنة، ودوا خافض حرارة.
وهو نايم على ضهره، مغمض عينه بتعب
مدتله الكوباية
“اشرب”
“أنا مش قادر…”
“ماشي، ثواني”
ساعدته يتعدل وقربت الكوباية من شفايفه، وساعدته يشرب، وبعدها ساعدته يرجع ينام تاني
وقفت وهي بتبصله لحظة، كان نايم على السرير، عرقه غرق المخده، نفسه مش منتظم، ووشه شاحب جدًا.
همست وهي بتغطيه أكتر
“معلش، بس مش هقدر أسيبك كده، حتى لو كنت مش عايزني حواليك”
بهدوء خرجت من الأوضة، مشيت بسرعة في الطُرقه بقلق، وصلت عند أوضة صابرين، خبطت بهدوء وهي بتحاول تتحكم في صوتها، لكن كان واضح عليها التوتر.
صوت صابرين جه من جوه
“مين؟”
ردت فريدة
“أنا…فريدة.”
فتحت الباب بسرعة، كانت لابسة روب خفيف وعلى وشها آثار قلق أول ما شافتها.
“في إيه يا فريدة؟ في حاجة؟”
قالت فريدة وهي بتحاول تحافظ على هدوئها
“تيم تعبان جدًا…حرارته عالية، وبيهلوس…شكله واخد دور برد شديد”
صابرين حست بقلق فعلا وقالت وهيا بتخرج من الاوضه
“يعني إيه؟! إزاي؟! كان كويس النهاردة…”
فريده قالت
“لقيته في المطبخ كان شكله باين تعبان… أنا نيمته وغطّيته، بس لازم دكتور يشوفه فورًا.”
مشيوا بسرعة سوا وصابرين باين عليها قلق، دخلت بسرعه الأوضه وقربت منه، كان نايم على السرير، ملامحه شاحبة ووشه محمّر من الحرارة، نفسه متقطع وبيتكلم بكلام مش مفهوم، فريدة واقفة بعيد عينيها عليه، وصابرين قعدت جنبه ومسكت أيده برعب واضح
“تيم… تيم، رد عليا يا حبيبي”
لكن هو كان بيهذي بكلام مش مفهوم، جسمه بيتحرّك بخفة من السخونية، وعينه مغمضة ومش مستجيب.
فريدة قالت وهي بتخرج الفون من جيبها
“فيه دكتور أنا بشتغل معاه في الطوارئ، هكلمه دلوقتي وييجي يشوفه”
صابرين هزت راسها وفريده خرجت تكلمه وبعد كده دخلت وقالت
“جاي في الطريق… بس لازم نجهزله حاجات لحد ما يوصل، سخونية زي دي ممكن تعمل مضاعفات.”
صابرين بصتلها بقلق
“قوليلي أعمل إيه؟”
” انا اللي هعمل، خليكي انتي جنبه”
صابرين هزت راسها، وفريده نزلت تجيب فوطة وميه ورجعت.
دخلت الأوضة وهي شايلة كل حاجة، حطّت الصينية، وبدأت بهدوء واحتراف تعمل الكمادات، وكل شوية كانت بتلمس جبينه تتابع الحرارة.
“لازم نخلّي حرارته تنزل شويه، عاليه جدا”
صابرين كانت قاعدة جنبها، بتساعدها وهي بتحاول تتمالك أعصابها، بس واضح إنها خايفه
مرت حوالي تلت ساعة… تيم بدأ يفتح عنيه بصعوبة.
قال بصوت متكسر وهو بيكح
” مش قا..در”
ردت فريدة بهدوء
“عارفة… هو دور برد تقيل، بس خليك معانا، متنامش تاني.”
فضلت تتابع حالته لحد ما وصل الدكتور، دخل بسرعة، فرد أدواته، وبدأ يكشف عليه.
حط السماعة، قاس الحرارة، قاس الضغط، شاف صدره، سأل أسئلة لصابرين عن الأعراض
“من إمتى بدأت الحرارة؟”
قالت
“أنا لسه عارفه من شوية…فريدة هي اللي لحقته وشافته كده، قالتلي إنه كان بيهلوس ووقع تقريبًا.”
بص الدكتور لفريدة، قال بهدوء
“هو كان بيعرّق كتير؟ جسمه بيترعش؟”
قالت
“أيوه، وكان بيقول كلام مش مترتب… ووشه كان مرهق جدًا.”
الدكتور خرج حقنة من شنطته، وبدأ يجهزها
“واضح إنه واخد دور برد شديد جدًا، مع إجهاد نفسي، الحرارة وصلت ٤٠، ودي مرحلة خطيرة، لازم نبدأ في خفض الحرارة فورًا”
صابرين قالت بخوف
“هنوديه مستشفى؟”
رد بهدوء
“لسه مفيش داعي، ندي الحقنة دي، ونبدأ كمادات، ولازم يفضل على السوائل والراحة التامة، لو الحرارة ما نزلتش خلال ساعات، هنتحرك فورًا.”
اداله الحقنه وفريدة قامت جابت فوطة مبلولة وبدأت تمسح وشه بهدوء.
الدكتور قال وهو بيقف
“هعدي عليه الصبح أطمن، بس لو في أي تغير سلبي، كلموني فورًا.”
فريده قالت
“أنا هفضل معاه… هتابع الحرارة وأديه العلاج أول بأول.”
الدكتور بصّلها بتقدير
” هيبقى افضل يا فريده، انا عارف تأثيرك على المرضي كويس”
بصتله بامتنان وابتسمت
صابرين قالت وهي بتشكره
“شكرًا…متشكرة جدًا.”
الدكتور خرج وهيا خرجت معاه
بعد شويه صابرين رجعت، فريده قالتلها
“لو حابة تروحي ترتاحي شوية، أنا هكمل معاه.”
قالت برفض
“لا…أنا هفضل معاه، مش هسيبه في الحالة دي، اتطمن أنه بقى كويس الأول”
كملت
“هبعت سليمان يجيب الأدويه اللي في الرشته”
خرجت بسرعة من الأوضة، وفريدة فضلت قاعدة جنب السرير، بتحط الكمادات بهدوء، لمست إيده اللي كانت سخنة جدًا.
تيم مكانش واعي، بس ملامحه بدأت تهدى شوية.
عدى اربع ايام، فريده بين يونس وتيم، بس المعظم مع تيم اللي طول الوقت نايم وتعبان
حرارته بدأت تنزل، بس جسمه مرهق جدًا ولسه مش قادر يقوم لوحده.
صابرين بتدخل تطمن عليه كل شوية، فريده رسميه جدًا، وبتتصرف كأنها مجرد ممرضة وبس
فريدة كانت مع يونس، كانت مستنيه معاد علاج تيم ييجي، ولما الوقت جه قامت فورًا تدخل أوضة تيم تطمن عليه وتديله العلاج كالعادة.
لكن أول ما دخلت، اتفاجئت إن السرير فاضي وهو مش موجود
بصّت حوالين الأوضة بقلق ونادت
“تيم؟”
مفيش رد.
نادت تاني، صوتها أعلى شوية
“تيم؟! إنت فين؟”
سمعت صوت مايه شغالة من جوا الحمام.
وقفت مكانها لحظة، خدت نفس طويل
قربت من الباب بهدوء، خبطت على الباب بسرعة، وقالت بقلق
“تيم! إنت كويس؟! ”
مفيش رد
خبطت تاني، أقوى
“تيم، لو مفتحتش هضطر أنده لحد!”
لحظة وسمعت صوته جاي من جوه، مرهق جدًا، مخنوق شوية
“أنا… كويس…”
قالت بحزم
“لو كنت فعلاً كويس، اطلع فورًا وخليني أتطمن، أنت حتى مش قادر تمشي، إزاي تاخد شاور لوحدك؟!”
سمعت صوت المايه بيخف تدريجيا، وبعدها سمعت صوته بيقول بخفوت
“كنت محتاج أفوق… بس الدنيا بتلف، مش شايف كويس.”
فريده فورًا قالت بقلق
“افتح الباب، دلوقتي.”
فتح الباب بهدوء، كان واقف بالعافيه، ساند على الحيطة، وشه مبلول، شعره مبلول، ووشه باين عليه التعب بوضوح.
فريده دخلت بسرعة، سندته لحد السرير، ساعدته يقعد.
قال بصوت واطي وهو بيحاول يثبت صوته
“أنا خلاص بقيت كويس.”
ردّت بدون ما تبصله
“الحمد لله إنك اتحسنت، بس مش معنى كده انك تهمل في نفسك.”
قال بنفس النبرة
“أنا مش بهمل في نفسي.”
ردت بنبرة عملية
“حاول ترتاح لحد ما تخف كليا، إنت كنت تعبان جدًا الأيام اللي فاتت، وما صدّقت إنك بقيت أحسن، لو احتاجت حاجة… قولي.”
سكت، بدأت تديله العلاج، وقفت مكانها لحظة، بتراقب المؤشر الرقمي لحرارته وقالت
” الحمد لله نزل عن الأول كتير”
بعدين بصت عليه، كان مغمض عينه، بس نفسه مش منتظم.
قالت بهدوء
“هحطلك كمادة تانية، لسه جسمك محتاج تبريد بسيط.”
مستنتش رد منه، ولا هو حاول يقول حاجة.
جابت الفوطة، بلّتها، وبدأت تحطها على جبهته بلطف.
فتح عنيه ببطء، عينه وقعت عليها، لكنها مبصّتش له، كانت مركزة في شغلها وبس
قال بنبرة باردة
“أنا ممكن أعمل ده لوحدي.”
ردّت ببساطة
“وأنا موجودة علشان اعمله انا”
سادت لحظة صمت، رجّع عينه للسقف، وهي فضلت تحط الكمادة لحد ما خلصت
رنّ تليفون فريدة، لمّحت الاسم على الشاشة
“إسلام”
بص لتيم بسرعة وقالت بنبرة سريعة بس هادية
” الف سلامه، خد بالك من نفسك.”
وسابت الأوضة بهدوء.
خرجت، وردّت بسرعة وهي ماشية في الطُرقة
“ألو؟”
إسلام قال بهدوء
” عامله ايه؟! والكل عندك عامل ايه ؟! تيم بقا كويس؟!”
ردّت وهي بتحاول توازن بين التعب اللي في صوتها والهدوء المعتاد
“آه، الحمد لله احسن”
سكتت لحظة وبعدين قالت
” عرفت حاجه عن ياسمين، كل ما أروح ليسر، طنط بتسألني عنها.”
إسلام ردّ بهدوء
“أيوه… وصلتلها، خلاص.”
قالت بدهشة مفاجئة
“بجد؟!”
رد
“آه… كتبوا الكتاب خلاص، وعايشين في بيت صغير بعيد عن الأنظار.”
فريدة سكتت لحظة، كانت بتحاول تستوعب الكلام، وبعدين قالت بصوت واطي
” انت متاكد يا اسلام ؟!”
قال
“هو ده اللي حصل، خليني أحكيلك بالتفصيل بعدين، بس حبيت أعرفك دلوقتي باختصار يعني”
سكتت وبعدين قالت بهدوء
“تمام… باي”
تاني يوم…
فريدة كانت واقفة قدام باب بيت يسر، خبطت بلطف، وبعد لحظات الباب اتفتح.
يسر فتحت، كانت عينيها فيها إرهاق بس بتحاول تبان طبيعية.
ابتسمت فريدة ابتسامة بسيطة وقالت
“صباح الخير.”
يسر رجّعت خطوة لورا وهي بتفتح الباب أكتر
“صباح النور، ادخلي.”
دخلت فريدة وسلّمت عليها وقعدت على الكنبة.
سادت لحظة صمت خفيفة، فريدة قطعتها بهدوء
” عامله ايه ؟!”
يسر قعدت قصادها وقالت بصوت هادي، باين عليه التعب
“أنا كويسة… يعني، بحاول أكون كويسة.”
فريدة بصتلها لحظة وقالت برقة خفيفة
“عارفة… وخدتي خطوة كبيرة لما نزلتي الشغل تاني، ده لوحده حاجة محترمة.”
يسر حاولت تبتسم، لكن التعب كان ظاهر أكتر
“الشغل هو الحاجة الوحيدة اللي بتشغلني عن التفكير، بس أول ما برجع البيت كل حاجة بتفتكرني باللي حصل.”
فريدة بصتلها بحزن، لكن قالت بنبرة ثابتة
” بس خليكي فاكره انك مش لوحدك وان كلنا معاكي”
يسر نزلت عينيها وقالت بصوت واطي
“هو مفيش أي خبر؟ متعرفيش عنهم حاجة؟”
اترددت فريدة ثواني، بس قالت بحذر وهي بتبص في الأرض
” اكيد معرفش، وانتي متحاوليش تعرفي، فكك منهم ”
يسر هزّت راسها، وقالت وهي بتحاول تتحكم في صوتها
” عايزه، بس مش عارفه، الحوار صعب اوي ”
فريدة مالت ناحيتها شوية وقالت بلطف
” وانتي اخدتي وقتك وزعلتي، دلوقتي حاولي تتعايشي، لسه الحياه قدامك، ولسه هتتعلمي، ولازم تكوني قويه”
قبل ما يسر ترد، مامتها جت، وشها باين عليه التعب.
ابتسمت وهي بتقرب
“إزيك يا فريدة يا حبيبتي، منورة.”
فريدة قامت بسرعة وسلّمت عليها
“إزي حضرتك يا طنط؟ عامله ايه؟!”
الست بصّت على يسر وقالت
“قومي يا يسر شوفي باباكي، كان عايز يشرب شاي وطلب مني اقولك .”
يسر ردّت
“حاضر يا ماما”
وقامت وها بتقول لفريده
” اعملك شاي ؟! ولا عايزه حاجه تانيه؟!”
فريده قالت بلطف
” شاي ماشي”
مشيت واول ما اختفت من قدامهم، الست قعدت جنب فريدة وقالت بصوت واطي فيه رجفه
“مفيش أي خبر؟”
فريدة خدت نفس، بصّت في الأرض، وقالت بهدوء حريص
“يعني… اسلام عرف يوصل لاخبارهم الأخيره”
الست اتشدت قدامها وقالت
“طب قوليلي بسرعه هيا راحت فين؟! عايشة إزاي؟! محمد خدها فين؟!”
فريدة قالت بسرعة تحاول تهديها
“طنط…واحدة واحدة بس… مش عايزاكي تتخضي، أنا جيالك مخصوص علشان أقولك اللي عرفته.”
الست همست
“قوليلي… بالله عليكي.”
فريدة بصّت في عينيها وقالت بنبرة بطيئة واضحة
“همّا اتجوزوا، كتبوا الكتاب خلاص، وساكنين في بيت صغير، بعيد عن هنا”
الست جحظت عينيها، ضربت بإيدها على صدرها، كأن نفسها اتكتم
“اتجوزوا؟!”
فريدة أومأت
“أه… بس انا معرفش مكانهم فين بالظبط”
الست حطت إيديها على وشها، وبدأت دموعها تنزل، بدون صوت.
فريدة قربت، مسكت إيديها، وقالت بهدوء
“أنا عارفة إن الخبر صعب، وأنا آسفة… بس قولت لازم حضرتك تعرفي، ويسر مش لازم تعرف اي حاجة”
الست بصّتلها، الدموع في عينيها، وقالت بصوت مكسور
“أنا مش قادرة أصدق… بنتي تعمل كده؟! تسيب البيت وتروح تتجوز في السر؟! وخطيب اختها؟!”
فريدة شدّت على إيدها بلطف
” انا اسفه مكنتش حابه اقولك بس اكيد مش هتبطلي تسألي عنها، المهم دلوقتي محدش يعرف علشان ميحصلش مشاكل”
الست مسحت دموعها بسرعة لما سمعت صوت يسر جاية، وفريدة رجعت تقعد في مكانها كأن محصلش حاجة.
دخلت يسر بابتسامة بسيطه
“بابا بيقولك كلميه عايزك”
ردّت وهي بتحاول تخفي ارتباكها
“جايه يا حبيبتي.”
خرجت، وفريدة فضلت قاعدة مكانها، قلبها تقيل من اللي حصل وبيحصل
رجعت فريدة البيت آخر اليوم، مجهَدة ومشوشة،
دخلت بهدوء، طلعت على أوضتها الأول، وبعدها راحت ناحية أوضة مامتها تطمن عليها.
خبطت خبطتين خفيفين وقالت بهمس
“ماما؟”
مفيش رد.
فتحت الباب بحذر، دخلت…الأوضة كانت فاضية، لكن صوت المياه كان شغال من الحمام.
فهمت إنها جوه، فقررت تستناها لحد ما تخرج.
قعدت على طرف السرير، لما طولت كانت ناوية تقوم تخرج، لكن صوت رنة موبايل فجأة شدّها.
بصّت حوالين الأوضة، لقت الفون على التسريحة بيرِن.
قربت تلقائيًا تبص، بصّت للموبايل… مكانش عليه اسم، بس بعدها على طول وصلت رسالة.
الشاشة نورت، وبشكل لا إرادي، عنيها وقعت على الكلمات
“كان يوم طويل، وكل لحظة فيه كنت بفكر فيكي،
مشتاق أتكلم معاكي براحتنا، من غير خوف ولا حسابات، بكرة الساعة 7، نفس المكان؟”
فريدة اتسمرت مكانها، صوت الميّه في الحمام كان شغال، وكل حاجة حواليها بقت مش واضحة.
قعدت على الكرسي، حطت إيدها على بقها، مش مصدقة…
حسّت إن الأرض بتتهز تحتها.
“ماما؟!”
الست اللي طول عمرها شايفاها ملاك؟…
دقيقة، اتنين…والمياه اتقفلت.
قامت بسرعة، خدت نفسها بالعافية، خرجت من الأوضة، وهي حاسه انها مش قادره تتنفس كويس
دخلت فريدة أوضتها وهي بتحاول تمسك أعصابها، قلبها بيدق بسرعة، وكل خطوة بتحسسها إنها ماشية على نار.
قعدت على السرير، وشها بين إيديها، بتسأل نفسها بصوت واطي
“يعني إيه؟… ممكن أكون فاهمة غلط؟ يمكن الرسالة مش ليها أصلاً؟”
لكن صوت جواها بيرد بقسوه
“بس ده فونها…والرسالة جاية حالًا…”
قامت وقعدت قدام اللابتوب بتاعها، وهي مش متأكدة هي بتعمل إيه أصلًا، بس عقلها مش راضي يسكت.
فاكرة إن زمان كانت مامتها دايمًا بتطلب منها تبص على إعدادات الجهاز أو تبعت حاجة من حساب فيسبوك كان مفتوح، أو واتساب ويب.
فكرة خبيثة لمعت في دماغها…
“ممكن تكون حساباتها لسه محفوظة؟”
فتحت المتصفح…
فتحت فيسبوك…
وضغطت على الحسابات المحفوظة.
قلبها كان بيخبط وحاسه بتوتر
لحظة صمت، بعدها ضغطت علي الحساب
فتح بدون كلمة مرور.
عينيها لمعت بدموع، مش عارفة إذا كانت عايزة تكمّل ولا لاء.
فتحت الرسايل…
دورت شوية أو كتير وايديها بترتجف
لحد ما قدرت تلاقي كلام بين مامتها وشخص مجهول، كلام عن اشتياق، عن لقاءات، عن أيام فاتت.
فيهم نبرة حب مش ممكن تتفهم غلط.
قفلت اللاب بسرعة مقدرتش تكمل، وقامت من مكانها، وشها شاحب…
مش قادرة تصدق اللي شافته.
ولا حتى قادره تقتنع
حست انها في كابوس
ازاي مامتها الست اللي دايما قدوتها تخون باباها.
تاني يوم، فريدة راحت ليونس
كان الجو هادي
دخلت، لقت يونس قاعد على الكنبة في اوضته، رجله ممدودة قدامه، والعكاز جنبه، بس ملامحه كانت مختلفة… باين عليه إنه بيتحسن فعلًا.
ابتسم أول ما شافها وقال
” بجد كل مره تدخلي فيها بحس أن انا كويس”
قعدت قدامه، حاولت تخفي التوتر اللي جوّاها، بس عينيها كانت فيها أثر سهرة منامتش فيها كويس.
يونس لاحظ، قال بنبرة فيها نوع من المزاح الخفيف
“إيه؟ مالك كده؟!”
ردّت بسرعة
“أنا كويسة… بس ضغط شغل.”
سكت لحظة، وبعدين قال بهدوء أكتر
“لو في حاجة مضايقاكي، ممكن تقولي.”
فريدة بصتله وقالت
” مفيش حاجه اكيد”
ابتسم يونس وقال
” لو حبيتي غيري رأيك انا موجود”
ابتسمت ابتسامه متخطتش شفايفها.
يونس حاول يخفف التوتر اللي في الجو وكان بيحكي عن التمارين الجديدة اللي بدأ يعملها، بس لاحظ إنها مش بترد، ولا حتى بتعلّق بكلمة أو ابتسامة.
سكت شوية، وبعدين قال
“فريدة؟”
رفعت عينيها عليه فجأة، كأنها كانت في حتة تانية خالص.
“ها؟”
قال
“إنتي مش مركزة خالص، في حاجة؟”
هزّت راسها بسرعة، وقالت بصوت واطي
“لا، لا… معلش، بس مرهقة شوية.”
رد عليها بهدوء
” شكل الموضوع اكبر من مجرد إرهاق”
هيا معلّقتش، بس ملامحها اتشدت أكتر.
قال بلطف وهو بيحاول يغير الجو
“طب تعالي نشرب حاجة طيب، ايه رأيك تنادي حد من اللي تحت يعمل ايس كوفي ”
ابتسمت ابتسامة باهتة، وقالت
” طيب هنزل اعملك”
قال
” خلاص خليكي شكلك مش عايزه اصلا”
فريدة رفعت راسها ليه بسرعة، كأنها كانت سرحانة في عالم تاني، وبعدين قالت بسرعة
“لا لا عادي طبعًا، أعملهالك حالًا.”
قامت من مكانها، وخرجت من الأوضة باتجاه المطبخ. خطواتها كانت بطيئة، مرهقة، وملامحها شاحبه
تيم كان قاعد في الريسيبشن مع صاحبه، الترابيزة قدامه عليها أوراق وتقارير محطوطه بنظام، واللابتوب مفتوح، وعينيه بتتحرك بسرعه بين السطور، صاحبه قاعد جنبه وقاله وهو بيشاور على جزء معين في ورقه
“بص، الجزء ده محتاج يتراجع، الأرقام هنا مش متطابقة مع التقرير اللي طلع.”
تيم أخد الورقه، بص فيها لحظة وقال بنبرة متوترة شويّة
“علشان كده قلتلك مستحيل أسلّم حاجة من غير ما أراجعها بنفسي، غيابي الأيام اللي فاتت عمل لخبطة كبيرة.”
كان بيكلمه ومستني رده، لكن فجأة لاحظ إنه سرح، عينه مش عليه، باصص في اتجاه السلم، لف وشه بشك، وبص على نفس الاتجاه… لقاه مركز معاها، نازلة بسرعة من على السلم، ماشية بخطوات سريعة كأنها مستعجلة، ودخلت المطبخ من غير ما تاخد بالها إن في حد اصلا
بصله بحدة وقال بضيق واضح
“حسام، ركز معايا هنا، أنا بكلمك.”
حسام فاق من شروده، رمش كذا مرة وقال وهو بيحاول يضحك
“هي مين دي؟ أول مرة أشوفها هنا.”
قال بنبرة حادة فيها غيرة محبش يعترف بيها حتى لنفسه
“إنت جاي تشتغل ولا تبص على أهل البيت؟”
حسام لسه بيفتح بُقه علشان يرد، لكن فجأة سمعوا صوت خبط جامد جاي من المطبخ
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية استثنائيه في دائرة الرفض)