رواية بنات الحاره الفصل العاشر 10 بقلم نسرين بلعجيلي
رواية بنات الحاره الفصل العاشر 10 بقلم نسرين بلعجيلي
رواية بنات الحاره البارت العاشر
رواية بنات الحاره الجزء العاشر

رواية بنات الحاره الحلقة العاشرة
في بيت بسيط جدًا في البنا والعفش، مكوّن من أوضتين وبيت معيشة وحمام، مفتقد لكل حاجه ممكن تريح الواحد، لا فيه ميه سخنة ولا أجهزة كهربا كفاية، والفرش قديم ومكسر.
الحيطة متشققـة، والسقف بيخر لما الدنيا بتمطر، والدنيا كلها مكركبة، والريحة مش تمام، كإن البيت نفسه بيئِن من التعب. ورغم كده، ساكنين فيه ناس طيبين، قلبهم كبير، وبيضحكوا من قلبهم كإنهم عايشين في قصر.
راجل عجوز الأيام أخذت من صحته وعافيته، مع ست أصيلة مستحملة العيشة. ناس بسيطة بس الفقر أكل منهم جامد. خلفوا 4 عيال: بنتين وولدين صغيرين،
حنان 22 سنة، أسماء 18 سنة، ومروان 12، ووليد 10.
حياتهم كانت عادية، راضيين بالعيشة في البلد. الراجل شغال في أرض الحاج اليزيدي، من كبارات البلد، ومتجوز فتنة ست مفترية.
لحد ما في يوم حنان راحت بالأكل لأبوها وشافها عصام إبن الحاج اليزيدي، حاول يتقرب منها بس هي ما إِدّتلوش ريق حلو، عرف إن سكتها الجواز. أمه فتنة عارضت بشدة لأنها شايفاها مش من مقامهم، وزاد كرهها ليها لما راحوا طلبوا
إيدها وهي رفضت.
أبوه علشان شاف حال إبنه من الزعل، قام دس كمبيالات وسط الورق، وقال للفلاحين اللي شغالين معاه إنه هيعمل ليهم تأمين صحي ولازم يمضوا. وساعتها إبتدى يهدد أبو حنان، يا يجوز بنته لإبنه، يا يسجنه. وطبعًا حنان وافقت على الجواز.
حنان وافقت مش علشان كانت عايزة، بس علشان تحمي أبوها من السجن وجوّه قلبها كانت مكسورة،
حاسّة إنها بتتسحب من دنياها غصب عنها.
الجواز حصل بسرعة من غير فرح، من غير زفّة، بس هي لبست الفستان الأبيض وابتسمت كام ابتسامة كذب قدام الناس.
عصام كان مبسوط، فاكر إنه كسب قلبها، بس هي كانت زي التمثال ساكتة، باردة، مش قادرة تحب، مش قادرة تنسى.
أمه، فتنة، ما سكتتش، فضلت تحرّك المشاكل زي النار في الهشيم. كل يوم كلمة، كل يوم نظرة تقلّ من قيمتها، بس حنان كانت صبورة، ساكتة، بتعدي علشان مش عايزة ترجع لأهلها مكسورة أكثر.
الليالي بقت تقيلة، وحنان بتعدّ الأيام مش بتعيشها. كل ما تحاول تقرّب من عصام، تفتكر اللي حصل،
تفتكر إن الجواز ده كان ثمن مش اختيار.
وهو؟..
كان بيحبها بطريقته، بس طريقته كانت أنانية، عايزها تضحك وتنسى، من غير ما يفهم وجعها.
فتنة ما كانتش سايبة فرصة إلَّا وتستغلها. مرة تدخل أوضتهم من غير إذن، مرة تفتّش هدومها، مرة ترمي كلام قدام الخدم يِأثَّر فيها.
بس اللي كان مِصبر حنان، إن أهلها بقوا عايشين كويس. الحاج اليزيدي إداهم دار كبيرة، مفروشة بشكل حلو، أحسن بكثير من بيتهم القديم.
وكمان إدّى أبوها حتّة أرض صغيرة يزرعها، وكان بيبعث لهم مبلغ كل شهر يساعدهم يعيشوا مستورين.
حنان، رغم وجعها، كانت فرحانة، فرحانة إن أختها بقت ساكنة في بيت الطالبات بعد ما أصرت حنان إنها تكمل تعليمها، التعليم اللي هي نفسها اتحرمت منه. حتى إخواتها الصغيرين بقوا مرتاحين، وكانت بتشوف فرحة أبوها وأمها في عينيهم، ودي كانت كفاية تخلّيها تستحمل كل حاجة.
عدت سنة على جوازها، سنة كلها سكوت، كلها طاعة لأوامر فتنة وكلامها وتحكُّمها في كل تفاصيل حياتها، لحد ما في يوم، لقت نفسها حامل… وكمان في توأم.
بس الفرحة ما كملتش…
قبل ما تدخل في الشهر الأخير، دخلت أوضتها فجأة… ولقت عصام، جوزها، بيخونها مع الخدامة في أوضة نومها.
صرخت، وفضحته قدّام البيت كله،
قدّام سلايفها، قدّام الخدم، قدّام نفسها، وجريت في شوارع البلد، بتعيط. من كثر الصدمة ما كانتش شايفة قدامها.
الخبر إنتشر في البلد أسرع من النار في الهشيم، الكل عرف فضيحة عصام.
عصام حاول يرجّعها، ترجّاها، بس حنان كان قلبها مات، مش قادرة تسامح ولا حتى تنسى.
فتنة، اللي طول عمرها بتكرهها، كرهها زاد من يوم ما الحاج وعصام بقوا بيحنّوا عليها. أصرت على الحاج إنه ياخذ منهم الأرض، ويطردهم من الدار. ورجعوا تاني لبيتهم القديم، البيت اللي زمان كانوا بيحلموا يهربوا منه.
والناس؟..
الناس كلها بتلوم حنان، شايفنها إنه كان لازم تستر جوزها.
و أهلها شايفينها السبب، اللي خلى العز يضيع منهم.
دخلت أمها لقتها متكومة على الأرض وقاعدة.
أم حنان : إرتحتِ كده يا أختي؟ أهو طردوا أختك من سكن الطالبات.
حنان : إزاي؟؟
أم حنان : إنتِ وش فقر، حرام عليكِ، مش صعبان عليكِ أبوكِ اللي راقد تعبان جوه؟ مش كفاية طردُوه؟ الكلاب اللي عملوا فينا كده قدام اللي يسوى واللي ما يسواش.
حنان : كفاية، إرحموني بقى.
نرجع حارتنا…
ثاني يوم…
أم محمد وصفية وكام ست في الحارة أخذوا هاجر لدكتورة النسا.
هاجر كانت في عالم ثاني، كانت حاسة بالإهانة، بس ستات الحارة هونوا عليها وقالوا لها إن ده أحسن حل علشان تبين عفتها وشرفها قدام الكل وتقفل لسان أي حد يتكلم عليها وحش، وترفع راس أبوها في الحارة.
عملت الكشف، والستات فضلوا يزغرتوا بعيد عن الحارة.
صفية كانت طايرة من الفرح واتصلت بحامد وبلغته. وأم محمد حست بالفخر إنها عرفت تربي، وفرحت لفرح صفية وحطت نفسها مكانها.
الأيام بتجري في الحارة وكل واحد مشغول بمشاغله وحياته.
زينب كل يوم بتنزل تدور على شغل، راحت شركات كثيره بس مافيش فايدة، لأنها عندها بس شهادة الثانوية العامة ومعندهاش خبرة. وهي راجعة في الطريق لمحت إعلان في محل ملابس جاهزة.
وقفت كده وابتدت تفكر في كلام رحاب.
فلاش باك…
البنات كانوا قاعدين في السطوح.
زينب : رجليا ورموا وأنا بدور على الشغل في الشركات، مافيش فايدة.
رحاب : في الشركات إيه؟ عايزة تشتغلي في البوفيه؟؟
نورهان : بوفيه إيه؟؟
رحاب : أنا بسأل بس.
زينب : لا مش بوفيه، مثلاً سكرتارية أو الأرشيف أو في الإستقبال.
هنا رحاب ماقدرتش تمسك نفسها وابتدت تضحك جامد.
صفاء : مالك في إيه؟ بتضحكي على إيه؟؟
رحاب : ماعلش أنا آسفة، ماقدرتش أمسك نفسي، بس مش سامعينها بتقول إيه؟؟
نورهان : وإيه اللي قالته يخليكِ تضحكي بالشكل ده؟!؟!
رحاب : اللي يضحك إنها عندها بس شهادة الثانوية العامة ورايحة تدور على شغل في شركات كبار، قال إيه السكرتارية أو الاستقبال. يا بنتي دول عايزين مؤهلات عالية وواسطة علشان تشتغلي. ما تخليكِ واقعية وروحي شوفي شغل في أي مصنع ولا محل ملابس. إنتِ أصلاً مش بتعرفي تعملي حاجة غير الطبيخ وشغل البيت.
زينب : إنتِ إزاي تتكلمي معايا كده؟؟
رحاب : قلت إيه غلط؟ علشان أنا واحدة واقعية، اختصرت ليكِ الطريق، قال شركات قال!
وقامت وسابتهم.
نورهان : هي خذت الموضوع بجد قوي كده ليه؟
صفاء : أصل رحاب دايمًا لسانها طويل، بس عندها حق… الدنيا بقت صعبة.
زينب فضلت قاعدة ساكتة، دموعها على وشها، بتحاول تمسحها من غير ما حد ياخذ باله.
نورهان : ماتزعليش يا زينب، إنتِ بتحاولي وده أهم حاجة.
زينب (بصوت مكسور) : بحاول… بس كل مرة بارجع بخيبة أمل.
رجوع للواقع….
زينب لسه واقفة قدام محل الملابس، تفكر في اللي حصل يومها، والكلام اللي اتقال. شدّت نفسها وقالت بصوت واطي: “مش لازم أفضل مكاني، يمكن ده يكون الباب اللي يتفتح منه الطريق.”
دخلت المحل وسألت عن الإعلان، قابلها صاحب المحل، راجل في الخمسينات شكله طيب.
صاحب المحل : إزيك يا بنتي، إنتِ جاية عشان الإعلان؟
زينب : أيوه يا حاج، شُفت الإعلان وأنا معدّية، ولسه بدور على شغل.
صاحب المحل : عندك خبرة في البيع؟
زينب : لأ، بس أتعلم بسرعة.
صاحب المحل : طيب إحنا محتاجين بنت تكون ملتزمة، وأهم حاجة الأمانة. الشغل من 10 الصبح لـ 6 المغرب.
زينب : ماشي، أنا موافقة.
صاحب المحل (بابتسامة) : خلاص، إعتبري نفسك بدأتِ من بكرة.
زينب خرجت من المحل ووشها منوّر، أول مرة من فترة تحس إن فيه أمل. رفعت راسها للسماء وهمست : “هبدأ من هنا… وهثبت للجميع إني أقدر.”
زينب رجعت البيت وهي فرحانة
لَقت صفية قاعدة لاوية بوزها
زينب : السلام عليكم..
صفية : وعليكم السلام يا أختي الساعة كام؟؟
زينب : يا خالتي أنا لسه مخلّصة، وبعدين أنا نزلت متأخر بعد ما روّقت البيت وغسلت المواعين.
صفية : ها، عملتي إيه؟ ولَّا رجعتي إيد ورا وإيد قدام؟
زينب : الحمد لله، لقيت شغل في محل هدوم.
صفية : بياعة؟؟
زينب اتضايقت من طريقتها.
زينب : أيوه.
صفية : كويس، أهو أحسن من بلاش. آه، وهتاخذي كام ملطوش في الشهر؟؟
زينب : ٣٠٠٠ جنيه، من الساعة ١٠ للساعة ٦.
صفية : مممم، مش هيعملوا حاجة، بس أهو أحسن من مافيش. بقولك، إبقي خذي أختك تختار لها كام طقم كده للخروج، وابقي إدفعيهم بالتقسيط، وقوليله يديكِ سلفة على ما تقبضي.
زينب : هو أنا إشتغلت أصلًا علشان أطلب سلفة ولا تقسيط؟
صفية : ماليش فيه، إتصرفي، دخلة أختك الشهر اللي جاي.
أسماء كانت واقفة في السطح وبتفكر في مصير أختها اللي تحت ضغط كبير من أهلها، وافتكرت إزاي صفاء ساعدتها تلاقي الأوضة دي بعد ما زميلتها الشغالة معاها تدخلت علشان ينقذوها إنها تنام في الشارع. جات عندها صفاء بصينية الأكل.
صفاء : يا مساء الخير.
أسماء : مساء النور.
صفاء : تعالي ناكل سوا، أكيد إنتِ لسه على لحم بطنك من الصبح.
أسماء : والله زي ما بتقولي، أنا لازم أشتغل علشان أصرَف على نفسي.
شوية والبنات اتجمعوا.
صفاء : تعالوا مدوا إيديكم.
رحاب : أنا أكلت في بيتنا.
وفضلت تبص على أسماء وهي مش عاجبها الوضع.
نورهان : لو محتاجة أي حاجة يا أسماء قولي لنا، إحنا أخواتك.
أسماء : أنا مش عارفة أشكركم إزاي.
نورهان : إحنا أخوات، خذي ده باكو شاي وسكر، قومي إعملي لنا كباية شاي.
أسماء : من عينيّا.
قامت أسماء ودخلت الأوضة.
رحاب : هو إنتوا بجد اللي بتعملوه؟ جايبين واحدة غريبة وسطينا؟ إحنا ٤ كفاية لينا، مش عايزة أي واحدة في الشلة.
زينب : حرام عليكِ، دي باين عليها بنت غلبانة.
رحاب : مافيش حد غلبان قدك.
بقولكم أنا ماليش خلق أتعرف على واحدة وأعرف حكايتها، إحنا اتربينا مع بعض وكبرنا مع بعض، علاقتنا غير، مالوش لزوم ندخل الغريب بينا.
صفاء : يعني إيه؟ نطردها علشان ترتاحي؟
رحاب : أنا مش وحشة كده، بس نغير المكان، مش لازم نتقابل هنا، تعالوا عندي في البيت، ولا على سطح بيت نورهان.
زينب : إنتِ عارفة إني مش حاعرف أكون معاكم بعيد عن هنا، أبويا مش هيسمح لي أطلع من البيت ده، السطح وبالعافية أطلع له.
رحاب : أووووف، أنا مش مرتاحة.
صفاء (بحدة) : بصي يا رحاب، لو كل واحدة فينا فكرت بنفس طريقتك، عمرنا ما هنساعد حد. البنت مالهاش حد، ودي أقل حاجة نقدر نعملها.
رحاب (بتتمصمص شفايفها) : ماشي، ساعدوها، بس أنا ماليش دعوة، وكل واحدة تتحمل نتيجتها.
نورهان : نتيجتها؟ إحنا مش جايبينها تهد الحيطة، دي بنت بتدور على أمان. أهو ربنا اللي جابها هنا، يمكن في وجودها خير لينا.
رجعت أسماء من الأوضة بكوبايات الشاي، وعلى وشها إبتسامة متوترة:
أسماء : الشاي جاهز، إتفضلوا.
رحاب (ببرود) : تسلمي، مش عايزة.
أسماء (بإحراج) : حاضر.
صفاء (بتاخذ الكوباية) : تسلم إيدك يا حبيبتي.
زينب : يا ريت كلنا نهدى، إحنا المفروض أصحاب وشِلة واحدة.
رحاب : شِلة؟ لأ، أنا بسميها شِلة لما نكون متفاهمين. أنا مش ناقصة دراما، كفاية اللي في البيت.
صفاء (بضيق) : طيب روحي، محدش ماسكك.
رحاب (بتبص لها جامد) : تمام… بس لو حصل حاجة، ما تلومونيش.
رحاب قامت ومشت من على السطح، وخيم شوية سكوت.
روايات نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili
أسماء (بصوت واطي) : أنا السبب، أنا ممكن أمشي لو هاعملكم مشاكل…
نورهان : لا يا حبيبتي، إنسي الكلام ده، إحنا معاك.
زينب : وإحنا هنا عشان نكون سند لبعض، مش نكسر بعض.
صفاء : خليكِ، واللي مش عاجبه يشوف له مكان تاني.
أسماء إبتسمت لأول مرة من قلبها، بس في عينيها لمعة دموع.
ورحاب نازلة السلم قابلت جمال.
جمال شافها وحب يتأكد من حاجة.
جمال : إزيك يا رحاب؟
رحاب : الحمد لله، إنت عامل إيه؟
جمال : تمام. بقولك ممكن الفيس بتاعك؟ عايز أتواصل معاكِ.
رحاب بفرحة كبيرة : أنا هعمل ليك إضافة حالًا.
جمال أول ما بعثت له الطلب، إتصدم.
جمال : هو إنتِ…؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية بنات الحاره)