رواية خيوط النار الفصل السادس 6 بقلم نورهان موسى
رواية خيوط النار الفصل السادس 6 بقلم نورهان موسى
رواية خيوط النار البارت السادس
رواية خيوط النار الجزء السادس

رواية خيوط النار الحلقة السادسة
في منزل “مريم”، كانت الجلسة دافئة وهادئة، يلفّها سكونٌ مريح أشبه باحتضانٍ خفي. كانت “مريم” تجلس على الأرض، تطوي ساقيها أسفلها، تلهو بهاتفها بين يديها، بينما “عائشة” كانت تستند إلى الأريكة، تحتضن كوبًا من العصير، وعيناها شاردة، تستمع إلى صوت “مريم” المتحمس وهو يملأ الصمت.
قالت “مريم” بابتسامة واسعة، يعلوها فخر واضح:
_ “بجد يا عائشة، أخويا يونس ده أحسن أخ في الدنيا! من وأنا صغيرة وهو مهتم بيا، بيراعيني، وعمري ما احتجت حاجة إلا وكان هو أول واحد جنبي، مفيش حد زيه أبداً.”
تلاشت ابتسامة “عائشة” تدريجيًا مع كلمات “مريم”، وكأن خيطًا من الذكريات انسحب فجأة من ذاكرتها، وجذبها إلى الوراء. شعورٌ غريبٌ انقبض له قلبها، وألمٌ مألوف دبّ في أعماقها. “يوسف”، شقيقها، كان كذلك تمامًا… حضنها الأول، ودرعها، ورفيق ضحكاتها الصغيرة. تذكّرت كيف كان يدللها، يحميها من كل شيء، كيف كان العالم يبدو أبسط وهي بجانبه. لكنها الآن، تفقده من جديد في كل لحظة تتذكره فيها. عيناها شردتا، وانسحب بريق الحاضر من ملامحها، كأن الذكرى خنقتها دون إنذار.
لاحظت “مريم” التغيّر في وجه “عائشة”، والحزن الذي تسلل إلى نظراتها، فشعرت بتأنيب فوري. ندمت على اندفاعها في الحديث، وراحت تعبث بطرف كمّها بتوتر، وقالت بصوت نادم، يملؤه الخجل:
_ “آسفة يا عائشة… ماكنتش أقصد أفكّرك بأي حاجة تزعلك.”
رفعت “عائشة” عينيها إليها، وابتسمت ابتسامة هادئة، اختلط فيها الحزن بالتصالح:
_ “لا يا مريم، متقوليش كده… أنا أصلاً عمري ما نسيت يوسف، هو معايا طول الوقت، في قلبي، في كل لحظة بعيشها. أي كلمة عن الأخوات بتفكرني بيه، بس مش دي الحاجة اللي تخليني أزعل… اللي يزعل بجد إن الواحد ينسى، وأنا مستحيل أنساه.”
في تلك اللحظة، فُتح الباب، ودخلت “منى”، خالة “مريم”، تحمل صينيةً عليها أكواب شاي وطبقًا صغيرًا من الكيك الطازج. وجهها كان دافئًا، مفعمًا بالمحبة الحقيقية. تقدّمت إليهما بابتسامة حانية:
_ “بسم الله ما شاء الله، شايفاكوا قاعدين بتتكلموا وناسيين نفسكم… قلت أجيب لكم حاجة تدفّيكم.”
وضعت الصينية أمامهما، وجلست بجانب “عائشة” على الأريكة، ثم قدّمت لها كوبًا من الشاي بلطفٍ أمومي:
_ “خدي يا حبيبتي، شاي بلبن، هيعجبك أوي.”
تناولت “عائشة” الكوب بامتنان، وابتسمت شاكرةً، بينما خيّم صمت رقيق على المكان. بعد لحظات، بدأت “مريم” تقلّب في صور على هاتفها، ثم قربته من “عائشة”، وهي تضحك:
_ “شوفي يونس هنا! كان مكشّر قوي وهو بيذاكر، بس أقسم بالله كان مذاكر أكتر من أي حد في الدفعة! ده كان شاطر أوي.”
نظرت “عائشة” إلى الصورة، وابتسمت دون أن تشعر. ملامحه لم تختلف كثيرًا، ما زالت عيناه تحملان نفس العمق، ونفس الجدية. كانت تراه الآن بنظرة مختلفة، نظرة من بدأت تعتاد حضوره، وتشعر بوجوده يؤثّر فيها ببطءٍ خفي.
استمرت “مريم” في تصفح الصور حتى توقفت عند صورة لها مع والديها. ساد صمت ثقيل، وانكمشت ملامح “مريم” بحنين صامت، لمست الصورة بأنامل مرتجفة، كأنها تسترجع من خلالها لمسة مفقودة.
قالت بصوت منخفض، يقطر شجنًا:
_ “دول بابا وماما… وحشتني الأيام معاهم… كل حاجة كانت أبسط وأريح.”
نظرت “عائشة” إليها بعينين تفهمان تمامًا هذا الشعور، فمدّت يدها ولمست يد “مريم” برفق، كأنها تقول لها: “أنا أفهم، لستِ وحدك”.
وفجأة، فُتح الباب مجددًا، ودخل “يونس”. كان يرتدي قميصًا داكن اللون وبنطالاً كاجوال، ووجهه يُظهر آثار التعب، لكنه ما إن وقعت عيناه على “عائشة”، حتى بدا وكأن كل التعب تلاشى. وقف للحظة، وشيء داخله اهتز، إحساس عميق اجتاحه… دهشة ممزوجة بسعادة مفاجئة، كأن رؤيتها أطفأت عطشًا لم يكن يدرك وجوده.
قال بدهشة ودفء لم يستطع إخفاءه:
_ “عائشة! إزايك؟”
قلب “عائشة” ارتبك، خفقات غير منتظمة تسارعت داخله، تشوش غريب غمرها، كأنها لا تعرف كيف ترد، ولا كيف تُخفي أثر صوته عليها. ابتسمت له بخجل، ونظرت إلى الأرض سريعًا، تهرب من تلك العاصفة التي تشعر بها في صدرها.
قالت بصوت منخفض، مرتبك:
_ “الحمدلله… وإنت عامل إيه؟”
رد عليها بنبرة صادقة، خرجت منه كأنها الحقيقة الوحيدة التي يعرفها:
_ “كويس… لما شوفتك.”
جلس “يونس” على الكرسي المقابل لها، ممسكًا بكوب الشاي، لكن عينيه بقيتا معلقتين بها، تتابعان تفاصيلها الصغيرة، تقرآن حيرتها، ودهشتها، وارتباكها. “مريم” كانت تراقبهما بدهشة، ثم ابتسمت في خبث دون أن يلاحظا.
تغير الجو، أصبح أكثر كثافة، وكأن بينهما خيطًا من مشاعر صامتة بدأ ينسج نفسه بهدوء.
حاول “يونس” كسر الصمت، بنبرة دافئة:
_ “بقالك كام يوم في الشغل؟ لسه حاسة إنك مش متعودة عليه؟”
رفعت “عائشة” عينيها إليه سريعًا، ثم نظرت إلى كوبها مجددًا وقالت بابتسامة خفيفة:
_ “آه، أول يوم كان صعب، حسيت كأن كل حاجة غريبة عني، بس شوية شوية الأمور بدأت تبقى أسهل.”
هزّ “يونس” رأسه بتفهّم، وقال بصوت فيه دعم خالص:
_ “طبيعي، بعد اللي مريتي بيه، لازم ياخد وقته… بس الأهم إنك بتاخدي خطوة لقدام.”
كلامه كان مثل البلسم، دخل قلبها بلطف، خفّف من ثقلها، كأن أحدهم يربّت على خوفها. تنهدت وقالت:
_ “يمكن… بس أوقات بحس إني مش عارفة أكون زي الأول، كأني حد تاني.”
نظر إليها “يونس” بعمق، كأن كلماته التالية كانت تنبع من أعماقه:
_ “إنتِ لسه إنتِ، بس اللي عديتي بيه خلاكي أقوى، حتى لو مش حاسة بده دلوقتي.”
تأثرت “عائشة” بشدة، لم تكن تتوقع أن يفهمها بهذا الشكل، وكأن شيئًا قديمًا كان مكسورًا بداخلها بدأ يتصلّح.
لحظتها، دخلت “منى”، وأدركت تمامًا ما يحدث بين الاثنين، تبادلت نظرة سريعة مع “مريم”، ثم قالت بخفة:
_ “يلا يا مريم، تعالي معايا نشوف هنعمل العشا، نسيب الأستاذ يونس والآنسة عائشة يتكلموا شوية.”
“مريم” لم تفوّت الفرصة، وقالت بخفة ظل:
_ “آه طبعًا، لازم يونس يقعد براحة مع ضيفتنا الجميلة!”
احمرّ وجه “عائشة” خجلًا، حاولت الرد لكن “منى” و”مريم” كانتا قد انسحبتا إلى المطبخ.
بقيت “عائشة” وحدها مع “يونس”، والهدوء بينهما أصبح أكثر توترًا، لكنه ليس ثقيلًا… بل مشحونًا، كأن الهواء نفسه يحمل اعترافًا لم يُقال.
“يونس” لاحظ ارتباكها، فابتسم بخفة وقال:
_ “مريم بتحب تتكلم عني كتير، صح؟”
ضحكت “عائشة” بخفة، وهزّت رأسها:
_ “جداً… شايفة إنك أحسن أخ في الدنيا ربنا يحفظكم لبعض.”
قال بنبرة مازحة، لكن فيها شيء خفي:
_ “طب وإنتِ؟ شايفاني إزاي؟”
السؤال باغتها، ارتبكت، وتسارعت دقات قلبها، بحثت عن أي شيء تنظر إليه غيره، ثم قالت بتردد:
_ “شايفاك… شخص محترم، وجدع.”
ابتسم “يونس”، لكنه شعر أنها تهرب، فاكتفى بالصمت، ثم قال بهدوء:
_ “ده كلام عام قوي، بس مش مشكلة… المهم إنك بدأتِ تتعودي على وجودي في حياتك.”
رفعت “عائشة” عينيها إليه، كانت على وشك قول شيء، لكن “مريم” دخلت فجأة بحماس:
_ “يونس! قوم بقى ساعدنا بدل القعدة دي، مش هنسيبك تتدلع!”
ضحك “يونس” ونهض، لكن قبل أن يذهب، نظر إلى “عائشة” نظرة طويلة، كأنها وعدٌ صامت، رسالة لا تُقال بالكلمات.
أما “عائشة”، فبقيت مكانها، قلبها ما زال يضجّ بتلك النظرة… ونفسها يتردد بداخله سؤال واحد فقط: ما الذي يحدث لها معه؟
في شقة صغيرة تفيض برائحة البخور القديمة، كانت “شهد” تجلس على الأريكة، وملامحها مشدودة كوترٍ على وشك الانقطاع. شفتيها معقودتان بضيق، وعيناها تمتلئان برفضٍ غاضب لا تخطئه العين. أمامها جلست والدتها، السيدة “حكمت”، تمسك كوبًا من الشاي بين يديها، تنظر إلى ابنتها بنظرة حزمٍ ممزوجة بإرهاقٍ طويل، كأنها استنفدت كل الحجج ولم يتبقَ سوى صوت القلب.
قالت “حكمت” بنبرة منخفضة لكنها دافئة، تخترق الصمت كهمسة متعبة:
_ “يا بنتي… العريس اللي جاي لك راجل محترم، عنده شغل ثابت، وناسُه طيبين. ليه رافضاه؟”
زفرت “شهد” بضيقٍ واضح، تحركت في مكانها بعصبية، وساقها تهتز توترًا. لم تكن عينها تبكي، بل تتلألأ بغضبٍ متأجج، لا يعرف الحزن طريقًا إليه. خرج صوتها حادًا، كأنما يقاوم شيئًا دفينًا داخلها:
_ “يا ماما… مش هو ده الجواز اللي أنا عايزاه! أنا مش هعيش طول عمري في الشقة دي، والحي ده، والعيشة دي! أنا عايزة أطلع، أتحرر! عايزة واحد غني… يشيلني فوق، أعيش زي الأميرات مش زي الخدامات!”
ارتجفت يد “حكمت” قليلًا، واهتزت الكوب بين أناملها، لكنها تماسكت. نظرت إلى ابنتها بحسرةٍ ثقيلة، ثم هزّت رأسها بأسى، وعيناها تنطقان بخيبة أمل:
_ “إنتِ ليه كده يا شهد؟ ليه دايمًا عينك على اللي في إيد الناس؟ ما تبصيش لفوق يا بنتي، بصي لنفسك، للي ممكن تعمليه بحياتك. الرضا هو اللي بيجيب البركة، مش الطمع. ده راجل كويس وهيصونك، وإنتِ تستاهلي حد يصونك، مش بس يصرف عليكِ.”
نهضت “شهد” من مكانها بعصبية مفاجئة، وجهها احمرّ كمن انفجرت بداخله نارٌ لا تُرى، وصوتها خرج مليئًا بالحنق:
_ “واشمعنى عائشة؟! كل العرسان اللي كانوا بييجوا لها أغنياء، دكاترة، مهندسين، بيحبوها من أول نظرة! وده يونس كمان، باين عليه بيحبها، و احتمال كبير يتجوزها!”
حدّقت “حكمت” في ابنتها بذهولٍ مأخوذ، كأنها لم تتوقع أن ترى في ملامحها كل هذا الكمّ من الحقد. وضعت الكوب بعصبية على الطاولة، ثم نهضت ببطء، وقالت بصوتٍ قوي ثابت، كأنها تحاول إيقاظ ابنتها من غفلةٍ مرعبة:
_ “إنتِ مالك بعائشة؟ مالك بحياتها؟ هو الحظ بيُقاس بالفلوس؟ كل دي أرزاق يا شهد، وكل واحد بياخد اللي ربنا قسمه له. ركّزي في حياتك، سيبي الناس في حالهم، وسيبك من المقارنة اللي هتدمرك قبل ما تدمّر غيرك.”
أدارت “شهد” وجهها إلى الجهة الأخرى، فكأنها تهرب من مواجهة الحقيقة. كانت عيناها تغليان بمزيجٍ غريب من المرارة والانكسار، وكلماتها خرجت خافتة، لكنها مشبعة بالقهر:
_ “أنا مش أقل منها في حاجة… لا في الشكل، ولا في التعليم… بس ليه كل حاجة بتمشي لصالحها؟ ليه هي اللي الحظ دايمًا بيبتسم لها؟”
شعرت “حكمت” بطعنةٍ في صدرها، ليس فقط بسبب الحسد الذي يقطر من كلمات ابنتها، بل لأنها رأت في عينيها صورةً مشوهة لفتاة لم تكن يومًا هكذا. وضعت يديها على ركبتيها، ثم وقفت أمام “شهد” بنظرة حادة، كأنها تخاطب روحها لا أذنيها، وقالت بصوتٍ عميق، فيه من الحنان بقدر ما فيه من الحسم:
_ “اللي في قلبك ده يا شهد هيولع فيكِ قبل ما يلمس غيرك… الغل والغيرة والحقد عمرهم ما عمروا قلب، ولا فتحوا باب رزق. ربنا خلق لكل واحدة فينا طريقها، ولو فضلتِ تبصي على غيرك، مش بس هتضيعي طريقك، ده ممكن تقعي فيه وما تقومييش.”
عضّت “شهد” على شفتها السفلى بقهرٍ مكبوت، لم ترد. لكنها في داخلها كانت تشتعل. الغضب يدق في صدرها كالطبول، أفكار سوداء بدأت تتكاثر في رأسها كأشباح الليل. “عائشة” أصبحت رمزًا لكل ما تريده ولا تملكه، وكل ما تتمنى وتراه يتحقق لغيرها. و”يونس”… ربما يكون المفتاح، وربما يكون السلاح.
ظلت “حكمت” تنظر إلى ابنتها بصمتٍ طويل، قلبها مثقل، ولسانها معقود بالدعاء… أن تنقذها من نفسها قبل أن تخسرها تمامًا.
***********
في مكتبٍ فخم تغمره إضاءة خافتة، كان الدخان ينساب ببطء كضباب ثقيل، يملأ الأجواء برائحة السيجار النفاذة. ساد الصمت إلا من صوت عقارب الساعة، ينبض بثبات قاتل، كأنها تُحصي أنفاس الموجودين.
على كرسي ضخم مصنوع من الجلد الفاخر، جلس رجل يكتنفه الظل، ملامحه مخفية، لكن هيبته تملأ المكان. بين أنامله القوية، سيجار مشتعل، ينفث دخانه بهدوء مدروس، وعيناه تتابعان الدخان المتصاعد وكأنه ينسج من خلاله خيوط خطة مظلمة.
أمامه وقف رجل آخر، على وجهه توتر واضح، حاجباه معقودان وقطرات العرق تنساب من جبينه رغم برودة التكييف. وقف كمن يحمل سراً ثقيلاً يخشى البوح به. تنحنح بصوت خافت، ثم قال بصوت مرتعش:
–”يونس هو اللي ماسك القضية، وشكله مش ناوي يسيبها… الراجل عنيد، وكل ما نقفل باب، يفتح عشرة غيره!”
ظلّ الرجل الغامض صامتاً للحظة، ثم حرّك السيجار بين أصابعه بحركة رتيبة، ورفع عينيه نحو المتحدث بنظرة باردة، نظرة لا تحمل خوفًا ولا توترًا، بل برود من تعوّد أن يكون المتحكم في كل شيء.
–”يونس…” تمتم بالاسم بصوت منخفض كمن يتذوقه. “دماغه ناشفة، وبيفكر كتير… بس أنا مابحبّش حد يقف قدامي. لازم يتشغل… يتلهّى بحاجة تبعده عننا.”
ارتبك الرجل الواقف أكثر، تراجع خطوة صغيرة، وقال بحذر ظاهر في نبرة صوته:
–”بس … إحنا مش عايزين نلفت الانتباه. خصوصًا بعد اللي حصل في الشحنة الأخيرة. أي خطوة غلط دلوقتي ممكن تودينا في داهية…”
ابتسم الرجل الجالس ابتسامة خفيفة، لكنها لم تكن مطمئنة، كانت أشبه بلسعة برد تحت الجلد، ابتسامة تعرف طريقها إلى قلبك لتزرع فيه القلق.
–”الخسارة مش واردة تاني، والغلط ممنوع.” قالها ببطء وكأنه يُملي حُكمًا لا جدال فيه. ثم مال بجسده للأمام، وعيناه لمع فيهما بريق من الخبث:
–”وعشان نونس يبعد… لازم نرمي قدامه طُعم. طُعم مايعرفش يقاومه.”
الواقف أمامه رفع حاجبيه بدهشة، عينه فيها تساؤل وخوف، وتمتم:
–”طُعم؟ إزاي يعني؟”
ضحك الرجل الغامض ضحكة هادئة، لكنها مشبعة بثقة مخيفة، ثم مال إلى الوراء في جلسته، وعاد ينفث الدخان كأنه ينفث سمًا:
–”سيب كل حاجة عليّ… يونس هيفضل يجري ورا السراب. و… العصفورة الصغيرة؟”
سكت للحظة، ثم أردف بصوت واطي لكن حاد كالنصل:
–”هي اللي هتفتح لنا الباب.”
سكن الجو فجأة، حتى الدخان بدا وكأنه تجمّد في الهواء. نظرة الرجل المجهول كانت قاسية، جامدة، وعيناه تخبر بأن شيئًا كبيرًا على وشك الحدوث… عاصفة تتجمع سحبها في الخفاء، ولا أحد يعلم على مَن ستهب أولاً.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية خيوط النار)