رواية عودة الذئاب الفصل السابع والعشرون 27 بقلم ميفو السلطان
رواية عودة الذئاب البارت السابع والعشرون
رواية عودة الذئاب الجزء السابع والعشرون

رواية عودة الذئاب الحلقة السابعة والعشرون
ما أن قال الجد عن جواز “أسمر” من ابنه عمه…
حتى ضحك “أسمر” بسخرية،وقال بصوت هادي،ولكن كل حرف… كحد سكين:
“جرا إيه يا جدي؟!إن هتصلّح غلطة ابنك فيا ؟!إنك تحدفلي على اسمي وصمة عار؟!
فيه إيه؟!”
نظر إليه الجد بوجع…
“عار هو إنّي لما أرجّع عيالي وأسترهم… يبقى عار؟!عيال أبو الدهب… عار؟!”
ضحك “أسمر”…ضحكة فيها مرارة السنين، وقال:
**”عيال أبو الدهب المتسترين… ما هماش عار،إنما المكشوفين… هيبقوا ألف عار!إنّي ما بكلمش في الموضوع ده…بس إنت اللي بتفتحه بجُرْفة!
ابنك فضحنا يا جدي…يبقى هتجيبه؟!يكمل جرّس… وفضايح؟!لو رجالة البلد ماتت…
وما فضلش غيري؟!ما هسمحش يتجال بينا صلة!أنا شايفهم… نُجطَة سُودَه!”**
نظر إليه الجد، وقال بنبرة مكسورة:
“عارف يا ولدي؟!لو تعرف الحجيجة…
هتقطم وماتتكلمش!عشان كلامك ده… ليه حساب عند ناسه،ولو سمعوه؟!هتحفي… عشان توصلهم!وساعتها… جواز منك؟!
ما هيحصلش!”
ضحك “أسمر”،ضحكة ساخره… لكن وراها وجع:
“لا والله؟!أحفي؟!وجواز مني؟!إنّي من بنت ال… …ما تسكت بقه… هتخليني أعيب في الولية!”
اقترب من جده،عينه تشع نار… وصوته هدر بقسوة:
**”اللي اتربى واسمه مكشوف على فرجَه الناس…ما يتحطش جنب اسم الأسمر!
آخد واحدة…؟لحد دلوك أمها اسمها على الجهاوي؟!بتجولي ليه حساب عند ناسه؟
مين؟!ولدك؟!اللي خلّى اسم العيلة وصمة؟!
أنا ما آخدش عتب حد!أنا… آخد ست الناس!”**
صرخ الجد… صرخة فيها رعشة دم:
“اخرس!جطع لسانك!هِيّا مين اللي عتب؟!
بنت عمك! هاه !دمك… وعرضك!”
هدر “أسمر” مخنوق:
“ما تسكت بقه يا جدي…إنت بتفتح ليه في الحزن؟إيه السيرة العفشة دي؟!”
صرخ الجد… صرخة طلعت من قاع القلب:
“لاه! ما هياش سيرة عفشة!دي دمك… ولحمك!ولو طولت؟!أجوّزها لك!أجوّزها لك… وماتنطأش!”
ضحك “أسمر”، ضحكة ملغومة بالوجع:
**”ليه؟!شايفني بريل؟!ولا أهبل؟!لما تحدف عليا… وأغش ابنك؟!آه… دمنا واحد،بس العرق دساس يا جدي…ولا ما سمعتهاش دي؟!أنا كبير… جوي!أكبر منها… ومن نسبها!
فـ يا ريت… تجفّل على السيرة دي،
هاه بالله عليك… بجُرْفة!”**
كانت “مهره” بتسمع كلامه…ويدخل على قلبها كسكاكين…تمزّعها.
كانت واقفة…خلف الحيطان…نفس المكان اللي اتقتلت فيه زمان.
كلمة ورا كلمة…وصوت “أسمر” بينغرز في قلبها:
“قليلة عليّا…
نسبها ما يشرفش…
نقطة سودا…”
كل حرف كان بيشقّها.إزاي؟إزاي الكلام ده طالع من واحد…هي حلمت يكون ليها؟!
يكون أميرها؟!
لم تبكِ…وكيف تبكي؟!ما العين جفّت…
لكن وجعها؟بيصرخ انهارًا جواها!
زمان…قال: “تحت الجزمة! ودلوقتي؟
“عار… وما تتاخدش!”ما اسمهاش “مهره” — لا!بنت الغزيّة!
حسّت برجفة…في رجلها.مش خوف…
بس كسرة طالعة من القلب.
الكلام يوجع،واللي أوجع…إنه صدّق!
صدق قوي… بالجامد!
لم تحتمل…دخلت وعيونها؟
تشع نارًا من جوّاها.
اقتربت…ساخرة:
“هو انت على طول قرفان كده؟!ما تهدى على روحك شوية!”
بهت…من تهجّمها عليه،استعجب من وجودها…فهي، منذ آخر مرة،لم تظهر أمامه… بأي شكل.
هدر “جابر” بفحيحٍ هامس… كالأفعى:
“البِت دي… بتعمل إيه أهنه؟!بِتّ فاجرة!”
هتف “أسمر” بقوة، عينيه تشع نارًا:
“عمي! خلي بالك من كلامك هاه… دي بِت ناس ماشي مايتجال عليها اكده. ! قام وتركه… ومشى نحوها.
لتقترب هي من “الجد”،وتبتسم له بحنان،
متجاهلة كل الوجود حولها،
وقالت:”كيفك يا حاج؟شالله تكون الصحّة تمام.”
جلست أمامه، فابتسم وقال:
“بخير يا بتي… طول مانتي بخير.”
فنظرت إلى “جابر” بخبث،ثم قالت بابتسامة لاذعة:”وإيه الخير يا جدي؟!دا الخير جاي بالكُوم!”
فهبّ “جابر”، وصوته يجلجل:
“اسمه الحاج عمران أبو الدهب!مين انتي… عشان تجولي جدي؟!”
هنا، قال “أسمر” بوعيد… صوته ثقيل كالرصاص:
“عمي… جُولتلك إيه؟!”
أطلقت “مهره” ضحكة عالية،وقالت باستخفاف، وهي ترفع حاجبها بثقة:
“أسمر بيه… ما طلبتش منك تردّ عنّي.
أنا ليا لسان… ولسان كبير قوي،بيعرف يكلّم اللي قدامه،إن كان كبير أو صغير،متربّي أو… مش متربّي!”
صرخ “جابر”، وقد اختنق صبره:”هو مين يا بتي اللي مش متربّي؟!إنتِ فاكرة عشانك حد مهم في شركة الديب… تلزمينا؟!لاه! فوجي… إحنا ولاد أبو الدهب!الشنَب يِجفِلنا جبل الحرمة!”
لوّت “مهره” شَفتيها بازدراء،ثم اقتربت خطوة، وقالت:”إنت بتعلي صوتك ليه إنت؟!
هو إنت فاكر… إنك لما تقف كده وتكلّمني؟!
هخاف؟!”
فصرخ:
“دا إيه النصيبة دي؟! إنتِ داخلة تجولي شكل للبيع؟! إيه الجُرف ده؟! فين اللي مشغّلك؟! نكلّمه يشوف حادف علينا إيه؟! شكلك مالكيش راجل، وآخرك تربية مره!”
صرخ “أسمر”:
“عمي! لسانك! لا كده… وهتلاقيني جدامك!”
هنا قامت “مهره”، اقتربت منه، وقالت بقوة:
“أحب أقولك معلومه… أنا اتربيت كده شيطاني، لا بمره ولا براجل، آه والله! بس اتربيت بختم… خَتْم على قلبي، خلّاني أعرف “أتعامل مع كل الأشكال… أنا ماعرفش إنت واقفلي كده ليه؟! عملتلك إيه؟! بتاكل روحك؟! ولا عشان مضيت على بنود الشركة؟! مكسب وخسارة؟!”
صرخ فيها بغيظ:
“إنت بتجولي إيه يا بت؟! إنتِ جصدك إيه؟!”
فضحكت، وقالت بسخرية لاذعة:
“قصدي؟… إنت عارفه كويس، وفاهمه، وخليه بينا… عشان بس مايبقاش شكلك… نقول مثلًا: وحش حبتين!”
هجم عليها، فوقف له “أسمر”، وصوته حاسم:
“هو فيه إيه؟! مالكو اكده؟!”
قالت “مهره” بحسرة، والخذلان باين في صوتها:
“جاية أودّع الحاج قبل ما أسافر، قلت أعمل الواجب وأطّمن… بس تقريبا العيلة دي مابتعرفش في الواجب.”
سكتت لحظة، وبنبرة ندم مكسور، قالت:
“أنا فعلاً… غلطت.”
ثم استدارت… وغادرت.
لتسمع صوت جدها مكسورًا… “هتعاودي يا مهره؟! ولا خلاص اكده؟! نفذتي اللي جيتي عشانه؟!”
رجف قلبها لوهلة، تنهدت، وقالت بهدوء:
“هعاود يا جدي… أطّمن.”
قام من مكانه، والوهن قد غزى قلبه قبل جسده، واتجه إليها، وقال:
“اسمحيلي… آخدك في حضني.”
ارتبكت، وبان عليها التردد، فقال بلينٍ دافئ:
“إيه؟ هتخافي؟ دانا رجلي والجبر يا بتي…”
فتح يديه لبرهة، وهي تراقبه… وقلبها يأكلها.فاندفعت إليه…تحتضنه كأنها تحتضن ذكرى أبيها المغدور، تحتضن عالمًا نهش فؤادها.
ربّت عليها، وتنهد بعمق:”يااااه… الحنية وحشتني يا بتي.حنية جايه من السِلسال…
مستنيكي يا بتي.جدّك مش وحش يا بتي…
تاجي في أي وجت.بس بالله… افتكري الحضن ده يا بتي.”
اقترب “أسمر”، كان يشعر بالغيرة…
حتى لو كان جده، وكبير، ورجلٌ عجوز،
فعنفوان الصعيدي لا يحتمل أن يراها في أحضان غيره،
فشدّها فجأة، وبهت الجد…!
قال بصوت غاضب: “أظن ما يصحّش اكده!”
نظرت إليه قاطبة… فابتسم الجد،
فشدّت يدها وقالت بحدّة: “مش إنت اللي تقول إيه يصح… وإيه ما يصحّش!”
استدارت، ونظرت للجد، ثم قالت بهدوء موجوع: “أشوفك على خير.”
وتركتهم… وخرجت، وأسمر خلفها.
مشى خلفها، وهدر بصوت غاضب: “على فين كده؟! لم ترد…
اندفع وشدّها، وأمسك ذراعها بقوة: “إنتِ ما بتردّيش ليه؟! رايحة فين من غير ما تجولي؟!”
نظرت إليه باستخفاف، وقالت: “أقول؟! وأقول ليه؟! ولمين؟!”
قال غاضبًا، وحرقة صوته تكاد تفلت: “مهره… أعجلي! أسمر ماحدّش يعامله اكده… جلبتي وحشة!”
ضحكت هي، وقالت بسخرية لاذعة: “بجد؟ بتقلب؟! بتبقى إيه؟! بتنور عيونك؟! بتبقى أحمر في أخضر؟! ولا بتصقف في الضلمة؟! ومايتعاملش كده؟! إزاي؟! أعمل إيه يعني؟! أقدّم فروض الطاعة والولاء؟!”
فصرخ فيها، ووجهه يتلوّى من الغيظ: “إنتِ اتجلبتي ليه اكده؟! إنتِ مخبولة؟!”
قالت بقوة وثبات: “أنا ما اتقلبتش… أنا كده! ودنيتي كده! ومافيش غير كده!”
شدّها بعنف، وأمسك يدها بقسوة، قطّب جبينه حين لمح أن الدبلة ليست بيدها… هاج داخله، وصرخ: “فين دبْلتي؟!”
قطبت جبينها للحظة، ثم نظرت إليه ببرود وابتسامة باهتة، فصرخ بعصبية: “فينها؟! راحت فين؟!”
ضحكت… وقالت بهدوء قاتل: “عارف فين؟! في الزبالة!”
بهت، وتراجع خطوة، عيناه تتسعان من الصدمة: “إيه؟! بتجولي إيه؟!”
نظرت إليه بغلّ، وقالت: “في الزباااالة يا أسمر بيه! إنت حطّتها سرقة في إيدي، هاه؟! وأظن من شويه كنت بتعيب في حد سارق… أو بيسرق؟! أنا بقه… ما بتاخدش سرقة، ولا بتاخد من واحد بياخد حاجة سرقة! مهره… عالية قوي، فاهم؟!”
أمسك يدها بعنف، وقال من بين أسنانه: “الدبلة تتحط من سكات… وتلمي لسانك، أحسنلك!”
ضحكت بتحدٍ، وقالت: “هتعمل إيه مثلًا؟ كده عرفني… ليك عندي إيه؟!”
صرخ، ومسكها، كأنه بيكبلها بكلامه وبإيده: “ليّا! ليّا كل حاجة! إنتِ كلك على بعضك ليّا! هتفهمي؟! ولا أفهمهالك غصب؟!”
دفعته بعيدًا، ونظرت له باحتقار، وقالت: “غصب؟! هيّا مين اللي تتغصب؟! يا بن سلطان؟!”
قطّب جبينه، وقال بدهشة: “ابن سلطان؟!… أول مرة تجوليها لي يا مهره!”
ابتسمت ببرود وقالت: “إيه؟! مش ابن سلطان؟! ولا أنا غلطانة؟! عموماً… من هنا ورايح، إنت بالنسبالي… ابن سلطان. غير كده؟! مافيش.”
استدارت، فصرخ وراءها بصوتٍ ممزّق من الغضب: “إنتِ فاكرة إن طيحتك دي… هتمشي مع أسمر؟! لاه! أسمر… اللي يجلبه يتحمّل ناره! إنتِ مش كِدّه! ولو جرّيت… أجيبك تحت يدي، هجيبك! طالما اللين مش نافع!”
ضحكت هي بشدة، وقالت بسخرية: “بجد؟! ياااه! طب يا سيدي… مستنيك تجيبني! ربنا يعينك على عقلك! بس أحب أعرّفك… مهره عمرها ما تبقى تحت إيد حد… سلام يااا… يا ابن سلطان!”
مسكها وشدها…” بيكي إيه؟! حاسس بيكي موجوعه من مين؟! “…
دفعته بقهر… من مين… بكره تعرف..
واستدارت.تهرول ودموعها تتساقط بعنف علي قلبها المطعون.
وقف هو مشتعلاً، يتنفس كوحش جريح، وقال بين أسنانه: “! هتاجي! أنا… حرمتي ما ترمحش بعيد كده!”
…
كانت “شجن” جالسة تبكي، لا تفعل شيئًا سوى البكاء… الليل لفّ المكان، والوجع لفّ قلبها، مغلّفًا إيّاه بظلمةٍ لا تنقشع.
أرادت أن تكرهه، ولكن بلا جدوى… فقلبها الحالم لا يعرف الكره.
كانت تحتضن عروستها وقلبها، كأنها تحاول إدخالهما إلى ضلوعها لتختبئ من كل شيء.
همست بصوت مبحوح:
“مش عارفة أكرهه… مش عارفة…هيتجوز خلاص… بيحبها… بتحبها يا براء.. طب طب ليه …”
أغمضت عينيها بوجع:”جايز ماعرفتش تحبني…جايز أنا ما ينفعش أتحب…جايز هو بيكره أخويا… بس أخويا غلبان، رغم قسوته، غلبان…شاف كتير، والله ليه تكرهه؟
ما عملش حاجة… ولا إحنا عملنا…”
سكتت لحظة، كأن الكلام بينهش في حنجرتها، ثم قالت:”يمكن علشان كده حبيت بنت عمك… يمكن هي أحسن مني…
أنا غلبانة بزيادة، بصعب على الناس…بس ماحدش هيحبك زي ما أنا…”
نزلت دمعة، وقالت بنبرة مكسورة:
“كنت بفرح لو قال لي كلمة حلوة… دلوقتي بعيط من نفس الكلمة،بس وهي طالعة من لسان تاني مش لساني.لسان حبيبته ..”
مسحت دموعها، وضمّت القلب إلى صدرها، كأنها تتنشق رائحته:
“ارضَ يا شجن…نصيبك كده…المكتوب على الجبين لازم تشوفيه…يمكن قدرك إنك ما تنفعيش لحد… خلاص، ارضَ…”
ابتسمت، ابتسامة مكسورة:
“أكيد هو عايز ينسعد…ومالقيش سعادته عندي…ربنا يسعده… ربنا يسعده مع… مع…”انهارت، ولم تستطع أن تُكمل:
“مع اللي اختارها قلبه…”
وقالت بصوت مخنوق:
“. بس مش فاهمه أنا ذنبي إيه ليه تعيشني حلم عمري ما هشوفه …”
كانت تعشق تلك البرامج التي يتحدثون فيها عن المشاعر…مدّت يدها واتصلت بأحد البرامج.طلبت أن تتحدث بحرية… أن تتكلم عن الحب، عن عهوده، عن الأمان.
كانت تتكلم وكأنها تُنصح العالم كله… لكنها في الحقيقة كانت تحاول إنقاذ نفسها من الوجع.
استشعر المذيع شيئًا في نبرتها المرتعشة، فقطع حديثها فجأة وقال:
“صوتك موجوع… فيكي حاجة؟”
صمتت قليلًا، ثم قالت:
“أنا ما بعانيش من حاجه… بس بأنصح أي بنت…ما تستسلمش لوهم الحب، وما تصدقش وعود كدابة…”
ابتسم وسألها:
“هو إنتِ مرتبطة؟”
قالت ببراءة ممزوجة بالوجع:
“كنت… أو كنت فاكرة إني مرتبطة.”
سألها:
“كنتِ بتحبيه؟”
ردّت بتنهيدة ثقيلة:
“بحبه؟!أنا تخطيت مشاعر العشق من زمان…هو ماخدش قلبي بس…
هو خد ضحكتي، وخد معاها كل حاجة كنت بحبها في الدنيا.هو كان دنيا حلم عيشت عليه..”
قال بصوت متأثر:
“طب وهو كان بيحبك؟”
سكتت طويلًا… ثم قالت بهدوء موجوع:
“مش عارفة…او عارفه ومش قادره اقول .
قال:
“طب ليه افترقتوا؟ ليه سيبتيه”
أجابت بصوت مخنوق:
“أنا ما سبتوش… هو اللي سابني…أو يمكن ربنا كان شايف إننا ماينفعش نكمل. ماينفعش حد بيحب قوي يبقي معاه حد ولا يفرق معاه”
قال:
“طب ما جايز فيه اسباب.. كنتي بتسمعي كلامه؟”
ابتسمت وقالت:
“كنت بنفذ كلامه بالحرف… علشان أسعده، لأنه كان بيسعدني…”
قال بتأثر:
“أكيد كنتِ واثقة فيه طالما بتحبيه كده ..”
قالت بنبرة شجن:
“كنت واثقة فيه أكتر من روحي…هو كان الدنيا بالنسبالي…”
سألها:
“طب لو رجع وقالك نبدأ من جديد؟”
قالت بنبرة منكسرة:
“ما عاد ينفع…خلصت الحكاية…هو دلوقتي بيضحك مع غيري،
وأنا لسه بفتكر ضحكته معايا…كنت مجرد بروفة لحبّه الحقيقي…”
سألها وهو يحس بثقل وجعها:
“كلامك كله اشتياق ..إنتِ اشتقتي له؟”
نزلت دموعها بصمت، وقالت:
“أكتر من أي حاجة في الدنيا..نفسي أقف من بعيد بس اشوفه ابص عليه بس خلاص .”
قال:
“ساعات الدنيا بتفرقنا… لازم نرضى ونتمنى للي حبّيناهم الخير…
مش بتتمنّي له الخير؟”
سهمت قليلًا، ثم قالت بصوت بريء مليء بالألم:
“جوايا وجع كبير منه…بس أنا ما بعرفش غير إني أتمنى الخير…
حتى لو كسر قلبي… حتى لو راح لغيري…هو جزء مني… جزء من قلبي…بس ما انكتب لي إني أكون له في دنياه…اتمنى له الخير،
بس ليه؟ليه دايمًا اللي بيحب بصدق، بيتوجع قوي كده؟ونفسه ينسى، وما بيعرفش؟كنت أتمنى أكون له… يوم واحد بس، واموت بعده…
علشان أكون له في الآخرة.”
سألها:
“وهتفضلي كده دايمًا..لازم تشوفي طريقك.؟”
سالت دموعها مجددًا وقالت:
“مش عارفة…إحنا افترقنا، بس للأسف…ما قدرتش آخد قلبي معايا…
خد قلبي وسابني فاضية…ساب لي وجعه بس…وكل ما أحاول أنسى، ألاقي الوجع لسه صاحي بيا…”
قطع البرنامج الاتصال…ولم تُسمع بعدها أي كلمة…فكلمات تلك الفتاة الجميلة،اللي حبّت بصدق واتوجعت بصدق،كانت أصدق من أن يُردّ عليها،وأوجع من أن تُقال بعدها جملة أخرى.يمكن تكون الحكاية خلصت،
بس الوجع… لسه عايش.
*****
كانت “مهره” تُلملم حقيبتها وتضع كلّ ما بها، وقفت تمسك العلبة القطيفة لبرهة، ثم دسّتها بعنف، وأغلقت الشنطة، وهمّت أن ترحل… سمعت خبطًا على الباب، فاتجهت إليه وفتحته، شهقت حين دفعها “أسمر” ودخل، أغلق الباب، واستند عليه، نظرت إليه بذهول: “إنت… إنت بتعمل إيه هنا؟!”
وقف مربّعًا يديه وقال بثبات: “جاي أشوف حالي رايح فين… وما هتخطّيش جبل! ما تجولي هتعاودي ميته؟! عشان ليا حسابات كتير هتتعمل!”
اندفعت صارخة: “إنت مالك؟! إيه ده؟!” شدّته لتبعده بلا جدوى، ثم صرخت: “ما توعي بقه بغلاستك دي!”
ظل واقفًا كالحجر الراسخ وقال بنبرة مُحذّرة: “مهره… إني هجبلك آخرها! هتمشي، ولما تعاودي، هتكوني ليا… رضا غصب! هتكوني… أو بالأصح، بقيتي ليا! بس هفهمهالك… ازاي؟ بعدين.”
صرخت: “إنت واحد مش طبيعي! أوعي! أوعي بلا ليك!”
كبلها بقوة، وهي تعنفه، وبينما كانت تدفعه… اختل توازنهما، ووقعا معًا، لترتطم بجسده، على صدره، وعلى الفور، أدارها وارتمى فوقها… بدأ قلبها يخفق من قربه.
قالت مرتبكة: “أوعي! عيب كده… أوعي!”
ضحك: “لا والله! لا عيب ولا حرام! دا حلال الحلال… ما تجيبي بوسة؟! هتوحشيني… لحين ما تعاودي.”
قامت ودفعته: “أوعي! إنت واحد قليل الأدب! باسك حنش! يلا من هنا! أوعي أما أمشي!”
صرخت: “والله! لو ما عقلت… هسوّد عيشتك!”
ضحك وقال: “لا… ما انتِ مسوّداها! جوليلي… أكلم مين عشانك؟ هاتلي نمر عيلتك!”
نظرت إليه بوجع، وهَدرت بأنينٍ يشقّ قلبها، وقالت بصوت مكسور: “تكلم؟! ما ليش يا أسمر بيه حد… ما ليش عيلة. واحدة شيطاني كده، وأظن سمعتك بتقول إنك ما بتاخدش أي حد.”
تنهد: “إنتِ بتخلطي ليه؟! الكلام ده عن ناس تانيه جليلة… وإنتِ مش جليلة!”
صرخت بوجع: “ومين نصّبك تقول حكمك؟! قليل وعالي؟! مش جايز في نفسهم عالين؟! ومين اللي عملهم قليلين؟! دماغك؟!”
قال ببعض الحيرة: “إنتِ غضبانة ليه طيب؟! إنتِ مالك بالواغش؟! إنتِ ست الناس!”
دفعته وقامت مهتاجة: “عرفت منين إني ست الناس هاه؟! مش جايز عيلتي ما تناسبش البيه بتاع المقامات والواغش؟! بس عموماً… مش بعيلة ولا نسب، الواحد بنفسه… واللي جواه!”
شدها إليه متنهّدًا: “ممكن تهدّي؟! هتعاودي ميته؟! طيب هستناكي بفارغ الصبر… وهتلاجيني محضّرلك مفاجأة.”
نظرت إليه بغضب: “فعلاً يا أسمر بيه؟! هعاود! استناني! هتلاقيني جايالك بفرح الدنيا كله!دنيه عيله أبو الدهب… وأنا كمان هحضرلك أحلى مفاجأة… ما هو ما فيش حد أحسن من حد!”
قطّب جبينه، وقال بقلق: “مهره؟! إنتِ بيكي إيه؟! حاسس جواكي حاجه!”
ابتلعت ريقها، وتذكرت كلامه، وقالت بألم: “بيا؟! اللي بيا مالكش فيه… بس برضه هتعرفه بعدين! رجعتي… هتبقى غير.”
تنهد ولمس وجهها: “رجعتِك… هتكون ليا! أسمر وبس! هتبقي بتاعتي… وبس!”
ابتسمت بسخرية، دفعته وابتعدت: “من فضلك بقه… أنا اتأخرت.”
تنهد وقال: “طب يلا… هوصلك.”
واستدار… دون كلمة.
تنهدت بغلب، ونزلت خلفه، ركبت معه في صمت.
نزلت إلى المطار… من سُكات.
وبينما هي تتجه إلى الداخل، اندفع وشدّها من يدها إليه، وانهال عليها… لا يعلم لماذا، أحس بخوف غير عادي، لم يعلم، أحسّ بأنها تتسرّب من بين يديه، أحسّ بخوفٍ غير عادي!
شدها إليه، وهمس: “بيكي حاجه وجعاكي… حاسسها!”
أغمضت عيونها بوجع، ودفعته بصمت، وانطلقت تعدو، وكل حين… تنظر إليه، وخوفها يظهر جليًّا على وجهها، إلى أن اختفت…
ووقف هو ينظر في أثرها، يحس أن هناك شيئًا جللًا… ستعود به.
*****
مرّت الأيام ومهرة قد تركت البلد…
وصلت البيت منهكة متعبة… دخلت البيت فوجدته مظلمًا، صامتًا. لم يكن نديم موجودًا. دخلت تبحث عن أختها… دخلت حجرتها، فوجدت الغرفة مظلمة، قطبت جبينها، ظنّت أنها ليست هنا، استدارت لتغادر، إلا أنها سمعت أنينًا خافتًا. استدارت وحملقت في الظلام، فهوي قلبها من منظر أختها. كانت تنام بجوار الحائط، منكمشة على روحها، تضم ركبتيها إلى صدرها وتئن بخفوت…
همست بوجع وعيونها أغرورقت بالدموع: “شجن…”
انتفضت تلك الجميلة حين سماع صوت أختها… طفح الكيل، وامتلأ القلب بالوجع. انتفضت على صوت سندها في الدنيا، رفيقتها في الحياة، أمانها. نظرت فوجدت أختها تقترب، فاندفعت وارتمت في أحضانها، فتلقفتها مهرة بعنف تعتصرها… كانت شجن تشعر بألم فوق الوصف، وما إن حطّت في صدر أختها حتى أفرغت ما بداخلها، فصرخت بأعلى صوتها: “آآآآه…”
كانت تصرخ ومهرة تتناولها بين يديها، متناسية أي وجع بداخلها. هي هنا وفقط… لها، أختها وفقط…
صرخت شجن: “آآآه… موجوعة… مش قادرة… ليه؟ ليه؟ آآآه…”
كلبشت فيها مهرة بيد من حديد، لعلّ حضنها يداوي قلب أختها العليل… ظلّت فترة إلى أن هدأت شجن، أخذتها وذهبت بها للفراش، ووضعتها، واندفعت بجوارها تحتضنها، وشجن لا تفعل شيئًا سوى البكاء…
همست بوجع: “مهرة… قلبي مشقوق نصين… أنا تعبانة قوي.”
قالت مهرة بحنان: “اهدي، حبيبتي… أنا جنبك، وهفضل جنبك، وهتعدّي كل ده، وهتنسيه.”
رفعت عيونها بقهر: “أنساه؟! أنساه؟! إنتِ ما تعرفيش… عشان ما عشتيش الحب… أنا حبيته يا مهرة… حسيت إنه فارس أحلامي… كنت حاساه روحي… مش عارفة هتحسي بيا إزاي، وإنتِ عمرك ما حسيتي المشاعر دي… إنتِ وأخويا ما لكوش فيها… بس والله تعبانة… افهميني… أنا هموت!”
تنهدت مهرة بوجع، وقالت بسخرية: “ما عشتيش ولا حسيت؟! لا… حاسة بيكي… وحاسة بخلعة قلبك، وعاذراكِ… عارفة إنه غصب عنك… ودخل ليكي، واتسلل لقلبك غصب عنك…”
سهمت هي، كأنها تتحدث عن روحها: “غصب عنك مشاعرك حبت… مشاعرك اللي محتاجاها تظهر، مالت لواحد افتكرتيه هو أميرك… قالك كلام، مش كده؟ قالك إنك بتاعته… إنك هتكوني ليه… فرحتي… وصدقْتِ الحكاية، مش كده؟!”
كانت دموعها تسيل: “عشتي وهم… وقصة نفسك تخشيها… قصة السندريلا والأمير… حاسة بيكي يا شجن… وجعك طابق على روحك… ونفسك تنسيه، بس مش عارفة، لأنه حلم جميل… خايفة تنسيه، عشان هتبقي ميتة.”
اعتصرت أختها كأنها تعتصر نفسها: “بس عارفة؟ ربنا ليه حكمة… إن الوجع يبقى فوق الاحتمال… عشان لما يحصل اللي في قلوبنا، ما نندمش أبدًا على اللي هنعمله.”
همست شجن: “إنتِ قصدك إيه؟”
قالت مهرة: “قصدي هيبان ويظهر… بس اصبري، وحقك هجيبهولك لحد رجلك، يا قلب أختك… الحقوق كلها هتيجي.”
…***
مرّت الأيام… وجاء ميعاد تنفيذ المخطط.
المستثمرين في شركة أبو الدهب منتظرين تبدأ شركة “الديب” تتعاقد مع المهندسين، ويبدأوا الشغل والبنا.
لكن… ماحدش بيرد!
بعثوا إيميلات كتير، بس… بلا فايدة.
أسمر بدأ يتوجس، إزاي شركة كبيرة كده تخلّ بمواعيدها؟!
بعث معتصم، مساعده، يروح بنفسه ويشوف في إيه، وليه مفيش رد.
في القصر، كان جابر، وبراء، وأسمر قاعدين مع الجد.
نقاش داير، تشاور، ارتباك… ليه الشركة مش بتنفذ وعودها؟!
الوضع بيخسرهم… خسارة فادحة.
دخل عاصم فجأة.
هبّ جابر واقف وقال بصوت مشحون:
ـ “إيه؟! جبت الخبر؟”
وقف معتصم متوتر… مش عارف يبدأ منين.
صرخ أسمر بفحيح:
ـ “ما تنطق! فيه إيه؟!”
قالها معتصم، وصوته مبحوح:
ـ “فيه مصيبة سودا… واتحطت علينا كلنا.”
هبّوا كلهم من أماكنهم.
قال جابر بعصبية:
ـ “فيه إيه؟! جُول! انطج!”
رد معتصم بجديّة، كأن كل كلمة سكين:
ـ “شركة الديب… طلعوا نُصابين!”
سكت المكان… سكون مميت.
كأن الأصوات تشلّت في حناجرهم.
قطع جابر الصمت بصوت انفجر زي الرعد:
ـ “بتجول إيه يا طين إنت؟! مين اللي نصابين؟!”
أسمر زعق، وعروقه على وشه:
ـ “إنت اتجنّيت؟! نديم الديب نصّاب؟! إزّاي؟!
دي شركته ليها سنين… سمعة ورا سمعة… دهب صافي!”
الجد قالها بصوت فيه نغمة وجع:
ـ “الدهب راح… كله راح.
عليه العوض، لا نسب نفع، ولا الفلوس جابت أمان.”
جابر هدر:
ـ “إنت بترط بايه؟! انطج انت كمان! جُول الحاصل!”
معتصم قال وهو بيكتم رجفة صوته:
ـ “نصبوا علينا… المالك خد الفلوس، واختفى.
الشركة بكل موظفيها ما يعرفوش عنه حاجة.
كل الورج… مستندات وهمية.اسم نديم الديب؟ وهمي!بطاجة مزورة، حسابات فاضية، والفلوس كلها اتسحبت من البنوك.
الريس خد الفلوس… واختفى.اختفى كأن الأرض بلعته!”
أسمر صرخ:ـ “يعني إيه؟! مايعرفوش؟!
دانا هجلّب الدنيا!كل اللي اتنصب عليهم هنتلم… وهنجيبه!”
معتصم قال بحذر:
ـ “لا… ما هو… ما هو…”
أسمر صرخ:ـ “فيه إيه تاني؟! حدف الحزن كله مرّة واحدة!”
معتصم قالها بصوت حاسم:ـ “الشركة… ما نصبتش على حد.كل المشاريع التانية… اتنفذت.إلا مشروعنا إحنا!”
الكل اتجمد.جابر اتنفض واقف:
ـ “يعني إيه؟!هو نصب علينا إحنا بس؟!
طب ليه؟!”
أسمر هدر:ـ “يعني إيه الكلام ده؟!داحنا نجيبه وننهش قلبه!”
معتصم تمتم:ـ “هتجيبه منين؟!ما بيروحش الشركة،ولا حد يعرف شكله،ولا عمره ظهر لحد…طلعوا كلهم شوية نُصابين!”
الصمت ضرب المكان تاني.أسمر حاسس بجسمه بيتشل،جابر مش قادر يتحرك،
وبراء وقع عليه الذهول،أما الجد… فابتسم.
ابتسامة خفيفة… كأنه عارف من زمان.
جابر زعق، قلبه بيغلي:
ـ “إزّاي؟!دي شركة كبيرة، ليها صيت في السوج!أنا هبعت المحامين يخربوا بيتهم!
هجبهم من تحت الأرض…نهار اسود!
منها لله المحروجة… بت المحروج!
يا خراب بيتك يا جابر…يا حزنك وسوادك!
خمسين مليون راحوا في خبطه!جلبي مش جادر اخد نَفَسه!أكتر من نص فلوسنا!
داحنا داخلين بكل ما نملك!راحت فلوسك يا جابر…وخدتها المِرَه الفاجرة!جت عليك بالحنجل والمنجل!بت الكلاب الواطية،
جت ومضتني من سكات،وأنا مضيت… زي الجزمة!أطولها منين؟!آكل جلبها؟!
يا حزنك يا بن أبو الدهب،كان مستخبيلك إيه؟!عملت إيه في دنياك يا رب؟!ليه الفضيحة دي؟!منها لله… بت الكلاب!”
أسمر واقف مبهوت.
فجأة… لمعت صورة “مهرة” في خياله.
“مهرة… كانت عارفة إنه نصّاب.جت… نصبت عليا… ومشت! نار اشتعلت جواه.
“مهرة نصبت عليا… مهره؟!”
اتشل تفكيره…مش خسارة بس، دي كانت ضربة في كبريائه.
جلس على الكنبة، متهالك،ترددت الكلمة في دماغه:”مهرة… بتاعتي… طلعت نَصّابة!”
فضل ساكت، لحد ما اتفجّر جواه الغليان.
هبّ صارخ:ـ “إحنا يتعمل فينا كده؟!
يبعتوا لنا واحدة… تنصب علينا؟!”
جابر صرخ:
ـ “يمين الله، كنت حاسس إنها واغش!
تلاجيها طفشت معاه… أو مرفجاه في الحرام!”
أسمر هدر بجنون:ـ “بُطّل!كفاية وجع! كفاية!”
الجد قال بهدوء:
ـ “اهدأ يا ولدي… هنشوف حل.أنا خابر إنها هتتحل.”
أسمر اندفع يكسر كل اللي حواليه.صرخ، وهو بيلف حوالين نفسه:ـ “هو إيه اللي هيتحل؟!جولولي!أسمر… يتعمل فيه كده؟!
أسمر؟!”
سهم، كأنه بيتكلم مع روحه:ـ “نصبت عليا مهره…جت وخططت لكل ده…وأنا… الأهبل،بجول بتاعتي…خدت مالنا، ومشت،
وأنا مستنيها… أرجع آخدها!”
وقف، قلبه بيغلي،
صرخ:ـ “لأااااه!أنا ما يتعملش فيا اكده!”
فضل يهيج، لحد ما انهك تمامًا.
كان حاسس إن قلبه… اتقلع من مكانه.
كان عايز يصرخ… يقطع الدنيا.
بس… هو أسمر.
لازم يفضل شامخ، حتى لو اتكسَر جواه.
رفس كرسي قدامه،
وقال وهو بيقطع نفسه نفس:
ـ “بس!مش أسمر اللي يتضرب وما يردش!
مش أنا اللي أتهز من مره!والقلم ده؟!
هرده خناجر في قلبها…وفي قلب اللي باعتها!أنا… أسمر أبو الدهب.ومش هاسيبهم… لو كانو في بطن الأرض!”
وقف، عيونه تتقد نار،وكل اللي في خياله… كان “مهرة”، وفقط.
معتصم قرب من الجد وقال:
ـ “على فكرة، فيه… فيه رسالة اتبعتتلي وأنا هناك.رسالة ليك، يا جدي.وطالبين تسمعوها كلكو.”
جابر وقف، صوته متوتر:ـ “يعني اجتلك دلوك.. مانطجتش ليه.
الجد ابتسم، ابتسامة موجوعة:
ـ “هات يا ولدي، هات…سمّعني بيجولوا إيه…”
ثم همس لنفسه:ـ “احدف عليّا وجع ابن الغالي…”
قال معتصم:ـ “لا يا جدي… دي مش رسالة.
دي فلاشة.”
قام، وحط الفلاشة في الشاشة،
وكلهم وقفوا ينتظروا.
أضاءت الشاشة… ظلام دامس،دخان خفيف…القلوب بتخفق،الأنفاس محبوسة،
وظهر من الدخان…ما جعل قلب الجد ينتفض،وقلب أسمر يتجمد،وجابر… يشتعل الغِلّ بقلبه المغلول ،…عندما …
.
الدخله هتبقي نار الواد ديمو هيعمل عظمه ….حبيب قلبي بحبو الواد ده
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عودة الذئاب)