روايات

رواية منعطف خطر الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم ملك ابراهيم

رواية منعطف خطر الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم ملك ابراهيم

رواية منعطف خطر البارت الثاني والثلاثون

رواية منعطف خطر الجزء الثاني والثلاثون

منعطف خطر
منعطف خطر

رواية منعطف خطر الحلقة الثانية والثلاثون

في وسط اللخبطة والدوشة، يحيى فتح باب أوضته بسرعة، وشه مرسوم عليه توتر غريب.
خرج وشاف المنظر اللي خبط قلبه..
رجالة جده الاتنين واقعين على الأرض، فاقدين الوعي.
وقف مكانه لحظة، والنا. ر و. لعت في قلبه..
فهم إن في حاجة خطيرة حصلت، بس لسه ما يعرفش حجمها.
اتحرك يحيى بجنون ناحية أوضة ياسمين، فتح الباب بعنف،
وعينه اتسعت من الصدمة…
السرير فاضي.
مفيش أي أثر لياسمين.
فضل واقف لحظة، عينيه بتتحرك بجنون في كل ركن، قلبه بيدق بسرعة، كأن الأرض بتتهز تحته.
مفيش أي صوت غير صوت نفّسه المتقطع، ووشه كان مرسوم عليه ملامح صدمة قاتلة.
وفجأة، صرخ بأعلى صوته، صرخة خلت كل اللي في المستشفى يلتفتوا حواليهم من الخوف:
– فين أَمن المستشفى دي فرغوا الكاميرات ؟!
……
في شقة معتصم،
كانت الدنيا هادية، والأنوار خافتة، كأن المكان كله بيحاول يطمن ياسمين وهي نايمة على السرير، ملامحها مرهقة، لكن أنفاسها هادية.
جنبها، كانت زينة قاعدة تراقبها بقلق واضح.
بدأت عيون ياسمين تفتح ببطء، نظرتها ضايعة، تعبانة، كأنها طالعة من حلم تقيل.
أول ما شافت زينة، ابتسامة صغيرة ارتسمت على وش زينة، وملامحها بقت أرق وأهدى.
– حمدلله على السلامة.. انتي كويسة؟
قالت زينة برقة، وصوتها فيه حنان صادق.
نظرة ياسمين كانت ساكنة، لكنها غريبة…
راحتها زادت أول ما شافت وش زينة، حسّت براحة مكانتش متوقعة تحسها.
هزّت راسها بـ “آه”، وبدأت تبص حواليها باستغراب.
– هو أنا فين؟
نطقت الكلمة بصوت متعب، وكل ملامحها بتسأل قبل لسانها.
زينة ابتسمت بهدوء، وقالت:
– خالد خرجك من المستشفى.. هو ومعتصم ومهاب.
اتسعت عيون ياسمين بدهشة، وحاولت تقوم، بس كانت ضعيفة.
رفعت نفسها بصعوبة، وهي بتبص حوالين الأوضة بخوف، ونبرة صوتها مليانة أسئلة:
– خالد خرجني من المستشفى؟! إزاي؟ وامتى؟ وأنا فين هنا؟
زينة قربت منها، وبصوت ناعم فيه طمأنينة، قالت:
– دي شقة معتصم، وأنا مراته وعايشة معاه هنا.
وخالد لما عرف انك تعبانة كان هيتجنن عليكي.. هو اللي قرر يخرجك ويجيبك هنا علشان تكوني بأمان.
نظرة ياسمين بدأت تتغيّر، القلق بان في عيونها، لكن جواها لمحة خفيفة من ارتياح.
فضلت ساكتة لحظة، وبعدين زينة قالت بهدوء:
– خالد برا مع معتصم.. لو حابة تشوفيه عشان تطمني، أندههولك.
هزّت ياسمين راسها بـ “أيوه”، والدموع لمعت في عينيها، بس ما نزلتش.
قامت زينة تقف، وقالت بابتسامة رقيقة:
– ثواني وهقوله إنك عايزة تشوفيه.
لكن ياسمين وقفتها بصوت ضعيف، فيه رجاء واضح:
– وارجعي تاني معاه…
ابتسمت زينة بإحساس دافي وقالت بلطف:
– حاضر.
في الصالة،
كان معتصم قاعد جنب مهاب، بيتكلموا بصوت هادي، ولسّه في وشوشهم آثار التوتر اللي سبق لحظات التنفيذ.
نجاح خطتهم في دخول المستشفى وخروجهم بياسمين في أقل من دقيقتين كان أشبه بالمستحيل، لكنهم عملوها.
ومع كل فخر مهاب وهو بيحكي التفاصيل،
كان خالد قاعد ساكت…
جسمه معاهم، لكن روحه وعقله وعيونه رايحة كلها ناحية الأوضة اللي فيها ياسمين.
قلبه بيصرخ من الوجع، وكل اللي عايزه يشوفها بخير… يشوفها مرتاحة.
زينة دخلت عليهم، خطواتها هادية وصوتها رقيق وهي بتقول:
– ياسمين فاقت.. وعايزة تشوفك يا خالد.
خالد قام فورًا، كأنه كان مستني اللحظة دي من ساعة،
وقال بلهفة واضحة:
– هي كويسة؟!
زينة هزت راسها بابتسامة طمنت قلبه شوية، وقالت:
– كويسة الحمد لله.. بس أول ما فاقت، اتوترت، كانت فاكرة نفسها لسه في المستشفى، فقلقت.
معتصم قال بنبرة عقلانية وهو بيحاول يخفف التوتر:
– طبيعي تبقى قلقانة.. من ساعة كانت في أوضة مستشفى، وفجأة تلاقي نفسها في مكان تاني.. محتاجة تطمن بس.
خالد بص لزينة بعينين مليانين قلق وأمل وقال:
– هدخلها.
زينة مشيت جنبه لحد باب الأوضة،
ودخلوا سوا.
كانت ياسمين قاعدة على السرير، جسمها ساكن لكن عيونها كانت شاردة، نظراتها فاضية، مفيش فيها أي حياة.
أول ما دخل خالد، حس قلبه بينقبض من منظرها.
كانت مكسورة بزيادة… كأن الدنيا كلها اتجمعت وجت عليها لوحدها.
قرب منها بخطوات بطيئة، كل خطوة فيها خوف ووجع،
وزينة وقفت عند الباب تراقب المشهد في صمت.
نظرات ياسمين اتحركت ببطء…
ولما اتقابلت عيونها مع عيون خالد،
دموعها نزلت في هدوء، بس الوجع اللي فيها كان أعلى من كل الصرخات.
دمعتها نزلت تحرق خدها… وتحرق قلبه قبل أي شيء.
قرب أكتر، وصوته كان مكسور وهو بيقول برجاء:
– بلاش دموعك دي يا ياسمين، عشان خاطري.. مش قادر أشوفك كده.
ردت بصوت ضعيف، مبحوح،
فيه نبرة استسلام موجعة:
– كسروني يا خالد..
حرقوا قلبي على أمي وأخويا في يوم واحد.
أنا طلعت أضعف من اللي كنت فاكراه… طلعت ضعيفة آوي قدامهم.
خالد قرب اكتر، مسك إيديها بين إيديه وقال بأصرار:
– لا يا ياسمين، انتي مش ضعيفة.. هما بس اللي وحوش.
بس أقسم لك… هيدفعوا التمن غالي…
بحق كل دمعة نزلت من عينك، مش هسيب حقك يضيع.
وأحمد…
هجبلك أحمد، حتى لو كانوا سفروه آخر الدنيا… هرجعه لك، بوعدك.
نظرت له ياسمين بنظرة ضايعة، مليانة خوف، وعيونها بتلمع بخوف طفلة فقدت كل أمان في الدنيا:
– هيجبروني أتجوز يحيى…
قالولي لو رفضت، مش هشوف أحمد تاني.
وسكتت لحظة،
وبعدين بصّت له مباشرة وقالت بصوت مخنوق:
– أحمد هو اللي باقي لي في الدنيا…
لو متجوزتش يحيى، هيحرموني منه.
هما فعلاً أخطر مما كنت متخيلة، خالد.
أنا مش قدهم…
أنا مش هستحمل يحرموني منه زي ما حرموني من أمي.
انهارت ياسمين في البكاء، وانكسر صوتها برجاء موجع وهي بتقول:
– رجّعني ليهم تاني يا خالد… لو اتجوزت يحيى، هيخليني أشوف أحمد… هو وعدني.
خالد بص لها بصدمة، وسألها بصوت مبحوح من الغضب:
– إنتي بتقولي إيه؟ ترجعي ليهم؟ بعد كل اللي عملوه فيكي؟
وعايزة تتجوزي المجرم ده؟!
صوت خالد علي، والنار كانت طالعة من قلبه قبل لسانه:
– فاكرة إنك كده هترجعي أخوكي؟ دول مجرمين يا ياسمين… ملهمش كلمة!
هيضحكوا عليكي، وبعدها تبقي تحت سيطرتهم للأبد!
ياسمين بكت أكتر، وجسمها كان بيرتعش من الخوف والضغط.
زينه دخلت بسرعة، وحاولت تهدي خالد بنبرة هادية:
– أهدى يا خالد… هي تعبانة ومش مستحمّلة عصبيتك دلوقتي.
لحظات ودخل معتصم ومهاب، وقربوا من خالد، وكان باين عليهم القلق.
معتصم بصله وقال:
– تعالى نطلع نتكلم برا، خليها تهدى شوية.
خالد زعق وهو بيبص لياسمين ودموعه محبوسة:
– دي هتجنني يا معتصم!
أنا كنت بموت في كل لحظة وهي بين أيديهم … والنهاردة، بعد ما طلّعناها من جحيمهم،
تيجي تقولي عايزة ترجعلهم؟ وتتجوز يحيى كمان؟!
زينه قعدت جنب ياسمين، وحاوطتها بذراعها بحنان.
وخالد بص لياسمين وقال بصوت حازم، مليان تحذير وألم:
– اللي في دماغك مش هيحصل يا ياسمين…
أنا مش هسيبك تضيعي نفسك.
يحيى مجرم، ومكانه السجن، وانتي مكانك هنا…
لحد ما أرجعلك أحمد…
فهمتي؟
ياسمين حطت وشها بين إيديها، ودموعها مغرقة وشها.
خالد كان خلاص هينفجر، فمعتصم ومهاب خدوه وخرجوا بيه من الأوضة.
سادت لحظة صمت.
وزينة بصت لياسمين وقالت بصوت ناعم مليان طيبة:
– على فكرة… خالد بيحبك أوي، وكان هيموت من الخوف عليكي بجد.
متزعليش منه.
ردت ياسمين بصوت باكي ومختنق:
– أنا مش زعلانة منه…
أنا خايفة عليه.
جدي ويحيى مجرمين بجد، وأنا مش هستحمل أخسره هو كمان.
أكيد هيعرفوا إنه هو اللي خدني من المستشفى، وهيأذوه في شغله، وفي حياته.
زينه هزت راسها بهدوء وقالت:
– متخافيش… إن شاء الله مفيش حاجة وحشة هتحصل لحد فيكم.
إحنا كلنا جنبك.
ياسمين بصتلها بنظرة حزن وامتنان وقالت:
– شكراً على كل حاجة بتعمليها عشاني.
زينه ابتسمت لها وقالت بلطف:
– أنا معملتش حاجة.
إحنا كلنا هدفنا نساعدك.
وخالد بيحبك بجد صدقيني .
هو ومعتصم ومهاب خاطروا بحياتهم ومستقبلهم عشان يخرجوكي من المستشفى .
فطبيعي يتوجع لما يسمعك بتطلبي منه انك ترجعي تاني، وتتجوزي واحد غيره.
سكتت لحظة، وياسمين قالت بصوت منخفض مليان قلق:
– يحيى مش هيسكت…
ده مريض، ومستعد يأذي أي حد عشان يوصل لهدفه.
زينه خدت نفس عميق، وبصتلها بثقة:
– يبقى تسيبي خالد يتصرف معاهم.
ثقتك فيه هي اللي هتقويه ويقدر يواجه أي حد عشانك، حتى لو كان ابن عمك المريض ده.
ياسمين هزّت راسها بإيجاب،
وزينة مسكت إيديها برفق، وقالت بابتسامة دافية:
– ومتقلقيش…
إحنا كلنا معاكي،
لحد ما أخوكي يرجع…
ولحد ما تاخدي حقك منهم.
……..
في الصالة…
كان خالد واقف في مكانه بعصبية، بيكلم نفسه بجنون وكأنه بيحاول يفهم اللي بيحصل:
– بعد كل ده؟ وعايزة تتجوز يحيى؟ خايفة منه؟ بجد خايفة منه للدرجة دي؟
معتصم بصله وقال بهدوء:
– هي معذورة يا خالد… مهما كانت قوية، دي بنت في الاول وفي الاخر.
في يوم واحد اتكسرت… أمها ماتت، وأخوها اتاخد منها وسافروا بعيد.
الوجع ده ممكن يهد جبل، فما بالك بياسمين؟
خالد اتنفس بصعوبة وقال بعصبية بتزيد:
– كل ما بفكر إنهم عملوا فيها كده، نفسي أروح أخلص عليهم بإيديا.
مهاب تدخل بصوت عقلاني وحازم:
– لازم تهدى وتفكر صح… إزاي تحميها من غير ما تضيع نفسك.
ما تنساش إنك أول حد هيشكوا فيه دلوقتي بعد اختفائها.
معتصم هز راسه وقال بحزم:
– مهاب معاه حق.. وهما لو معرفوش مكانها النهاردة هيعرفوه بكره.. احنا لازم نفكر في حل.. لانهم أكيد هيتهموك بخطفها.
خالد قال بعناد وغضب:
– انا مش فارق معايا أي حاجة.. يعملوا اللي يعملوه.
مهاب بصله بحدة وقال:
– لأ، لازم يفرق معاك!
إنت ناسي إنك ظابط؟ ناسي إنك ممكن تتحول من مدافع عن القانون لمتهم؟
مستقبلك هيضيع يا خالد… مش لعبة!
وفي اللحظة دي،
كانت ياسمين خارجة من الأوضة مع زينة،
كانت عايزة تشكرهم علي مساعدتهم ليها.
لكن صوت مهاب العالي وصل لأذنها…
وسمعت بوضوح:
“مستقبلك هيضيع يا حضرة الظابط.”
عينها اتسعت، وقربت منهم بسرعة، قلبها بيخبط في صدرها.
وقالت بفزع بصوت ضعيف:
– يعني إيه يضيع مستقبله؟
وبصت لخالد بعيون مكسورة وقالت:
– قولتلك… رجعني ليهم.
انت كده بتضر نفسك عشاني.
خالد شد نفسه، وحط إيده على وشه بعصبية، وبعدين قرب منها، اتنفس بعمق بيحاول يمنع غضبه:
– ياسمين… انتي عايزة تجننيني؟
يعني أخدك بإيدي وأرجّعك ليهم؟
أقول ليحيى: اتفضل، خد البنت اللي بحبها… اتجوزها بالاجبار عشان أنا خايف على مستقبلي؟
كانت الجملة دي زي طلقة… لما نطق كلمة “بحبها”، قلب ياسمين دق بسرعة،
وبصت له بعينين فيها ألف سؤال وألف دقة قلب.
زينة كانت واقفة وبتبصلهم بابتسامة فيها دفء وتعاطف،
ومعتصم عيونه كانت على زينة، وهو شايف الابتسامة دي علي وشها وقلبه بدء يدق بحبها.
ياسمين عيونها لمعت بالدموع وقالت بصوت بيترعش:
– أنا… أنا خايفة عليك.
مش عايزة أخسرك انت كمان.
دموعها نزلت، وخالد حس بقلبه بيتقطع.
قرب منها أكتر، وبص في عنيها وقال بصوت كله حنان وثقة:
– متخافيش…
هما اللي لازم يخافوا.. انا مش هتخلى عنك أبدا.. وهحميكي منهم وهرجعلك اخوكي.. بس بلاش تستسلمي ليهم.. بلاش تطلبي مني تاني اني ارجعك ليهم.. انتي مش هتكوني لحد غيري يا ياسمين.. حتى لو هموت وانا بدافع عنك.. روحي وعمري كله فداكي.
ياسمين اتأثرت بكلام خالد… عيونها ماقدرتش تبعد عن نظرته اللي كلها حب واحتواء، وكأن الدنيا كلها كانت ساكنة في اللحظة دي.
هزت راسها بالموافقة وهي بتبكي، والدموع كانت بتنزل بس مش من خوف المرة دي… من إحساس بالأمان.
مهاب قطع الصمت بنبرته الجدية – اللي عمرها ما بتستمر أكتر من خمس ثواني – وقال وهو بيعدل وقفته كأنه داخل يلقي خطاب:
– تمام كده… يبقى قدامنا حل واحد بس.
كل العيون اتوجهت له باهتمام، ومع تصاعد التركيز، قلب الجو فجأة بطريقة درامية وهو بيقول:
– في ظل الظروف العصيبة، ومع محاولة خالد ابن الدريني إنه يرجع الحق لأصحابه… لازم برضه ياسمين تمد له إيدها وتساعده يحافظ على مستقبله.
معتصم رفع حاجبه وقال بسخرية:
– وهتساعده إزاي يا وحش الداخلية؟ هتكتب له مذكرة للمباحث تشكره فيها انه خطفها من المستشفى؟
مهاب مد إيده بحركة مسرحية وقال بفخامة:
– تتجوز خالد وتبقى مراته رسمي.. كملوا باقي البارت هنا على صفحتي الجديدة

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية منعطف خطر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock