روايات

رواية حجر ينبض الفصل الخامس 5 بقلم فريحة خالد

رواية حجر ينبض الفصل الخامس 5 بقلم فريحة خالد

رواية حجر ينبض البارت الخامس

رواية حجر ينبض الجزء الخامس

رواية حجر ينبض الحلقة الخامسة

– انتَ بِـتخرّف تِقُول ايه؟؟!!! أبويا مين وِ ندىٰ مين وِ ازاااي أساسًااا أنتم عايزين تِـجننوني ليييه !!!!!!
صُوتِي كان عَالِي وِ أنا بتكلّم وِ كان واضِح جدًا إنّي بزعّق ، الشيخ نُوح بص حواليه… وِ رِجع بصّلِي وِ حاول يهدّيني :
– طب اهدي يا نَدىٰ وِ أنا هفهمك كل حاجـ…..
معطيتوش فُرصة يِكمّل كلامه وِ بِـكُل قوّتي زقّيت الكوبّايات اللي كانت قُصادنا وِقعت علىٰ الأرض.. صُوت التكسير كان عالِي وِ النّاس بدأت تتجمّع خُصوصًا لمّا وقفت قُصادُه وِ بدأ صُوت زِعيقي يعلىٰ وِ أنا بقول :
– قُلتِلك مية مرررة… مية مرررة أنا مِش نَدىٰ.. مِششش ندىٰ.. افهممم بقىٰ.. وِ استحالة استحااالة الشّخص اللي عَـمَل كُل ده يبقىٰ أبويا.. فاهِـم استحااالة.. أبويا ده مَفيش في أخلاقه في الدنيا كلها وِ مبيحبّش في حياته قدّنااا ، وِ الأسماء اللي بِـتقول عليها دي مسمعتش عنها ولا مرة قبل كده ولا مررررة !!!!
قُلت آخِر جُملة بِصُوت هز حنجرتِي من كُتر ما كان عَالِي ، كُنت لسّه هَـاخُد شنطتِي وِ أمشي ، لاقيته وَقف هوّ كمان وِ مد عصايته قُصادِي يِمنعني إنّي أمشِي اتعصّبت وِ لسّه هَـزُق العصاية لاقيته بِـيقُول بِـكُل ثِقة :
– هَـسيبك تِمشي المرّادِي بس مُتأكّد إنّك إنتِ اللي هتيجي بنفسِك تاني ؛ تُطلبي منّي تِسمعي اللي حَصل زمان وِ يُكون في علمِك محدّش هيسمّعك الحقيقة غيِري.. مِن أوّل مَـا صَـالِـح دروِيش اتوَلد لحد مَـا مَات..
استغربت وِ ملامِح وِشّي كرمشِت لمّا لاحِظت إن للمرّة التانية يُذكُر إنّه ميّت رغم إنّي وضّحتِلُه إنه مِش ميّت وِ إنه كان في غيبوبة..
مكنش عندي القُدرة إنّي أعلّق سيبته يكمّل كلامه ، وِ من جُوايا بدأ شيء يِقنعني أصدّقه بِالذّات لمّا قال :
– وِ لو مِش مصدّقاني.. اسألِي نفسك.. معرفش.. معرفش ازاي انتِ مش فاكرة إنّك ندىٰ.. وِمش فاكرة أي حاجة من اللي بحكيهالك..

 

 

 

 

 

بس.. بس اسألِي نفسِك انتِ شبه مين؟! هَـتلاقِي نفسك صُورة طِبق الأصل من فيروز اللّه يرحمها..
بلاش دي.. اسألي نفسِك رَحِيم أخوكِ عَندُه عَجز فِي رجله اليمين ليه؟!!
اسألي نفسِك نُور أختك ماتت ليه؟!!!
لو جاوبتي علىٰ كُل الأسئلة دي.. هَـتلاقِي نفسك عِرفتي انتِ مين.. نَدىٰ ولا شيماء !!!
بصّيتله بصّة أخيرة ، وِ بصّيت علىٰ النّاس اللي كانِت مِتجمّعة حوالينا.. وِ انسحبت بِكُل هُدوء..
بس الحقيقة ده مكنش هُدوء.. ده كان استسلام وِ هزيمة..
زي شُعور المُحارِب اللي قَضىٰ عُمرُه يِدافع عن أرضه علشان يِحرّرها وِ يكتشف في الآخِر إنّها مِش أرضُه أساسًا وِ كُل حياته مُجرّد كِدبة كِبيرة…
عِشت عُمرِي كُلّه مع أب وِ أخ… وِفي الآخِر اكتشف إن أبويا مش أبويا… وِ أبويا الحقيقي ياريته ما كان أبويا… وِ أخويا مِخبّي عَنّي حَياتِي كُلّها…
السّؤال هنا.. هوّ أنا مِش فاكرة ليه أي حاجة عن الكلام اللي بيقوله ده؟؟؟!!!
فِضِلت ماشية لحد ما خَرجت برّه الحارة تمامًا وِ أنا بَـجُر رِجلِي لحد ما وقّفت تاكسي علشان أروّح وِ هناك أقدر أفكّر كِويّس أوي في كُل اللي بيحصل…
………….
– شيما.. مِش هتقومي تتغدّي ، عبد الرحمن جِه وِ بيسأل عليكِ.
فتّحت عيني بِـصُعوبة وِ سألته علىٰ السّاعة فَـ رد عليّا بابتسامة :
– الساعة تمانية وِ نُص يا ست شيما ، بقالك اتناشر ساعة نايمة.
اتخضّيت وِ قُمت مرّة واحدة قعدت علىٰ السّرير مَسكت موبايلي ببص علىٰ السّاعة ، لاقيت فعلًا أنا نايمة من ساعة ما جيت الصّبح ، أوّل مرّة أطوّل في النوم كده !!!
قُمت وِ غسلت وِشي وِ بدأت أبص في ملامحي ، أوّل مرّة أدقق فيها بالشّكل ده ، لحظة كده.. وِ أوّل مرة أكتشف إنّي مِش شبه بابا ولا عبد الرحمن فِعلًا…

 

 

 

 

 

خرجت من أوضتي وِ قابلت عبد الرّحمن سانِد علىٰ عُكّازه وِ هوّ خارج من الأوضه ، بصّلي وقالّي :
– أهلا بالسّت شيما.. ايه يا جميل كُل ده نُوم.. بابا بيقولّي إنّك نايمة من الساعة تمانية وِ نص الصّبح.
ابتسمت وِ أخدت العُكّاز من ايده وِ سندتّه بايدي وِ أنا بقول :
– دُكتور مُعتز قالّي روّحي مش ضروري تيجي تاني النهاردة ؛ علشان كُنت هناك من بدري بسبب حالة الطوارئ ، فَـ ما صدّقت بقىٰ يا سيدي وجيت أخدّتها نوم.
قعدنا كُلّنا علىٰ السّفرة وِ بدأنا ناكل وِسط كلام بابا وِ عبد الرحمن الهادِي ، كُنت بقلّب في الأكل مليش نفس آكُـل ، حطّيت معلقة في بُقّـي وِ قُلت بابتسامة مرسومة كوّيس :
– ألاّ قولّي يا بابا هوّ أنا مش طالعالك زي القمر كده ليه؟!
غمزت بِعيني وِ بصّيت لِـعبد الرّحمن وِ كمّلت بِنفس الابتسامة :
– ولا حتّى جامدة زي بُودِي…
وِ ماما اللّه يرحمها مفيش بينا أي شبه خاالص..
حطّيت ايدي علىٰ خدّي وِ أنا راسمة الابتسامة البريئة علىٰ وِشّي بِحرفيّة تامّة ، بدأت أوزّع نظاراتي بينهم ، فيه توتر في عُيونهم ، عبد الرحمن اتكلّم بعد صمت دام حوالي دقيقة كاملة :
– أنا وإنتِ أساسًا يا شيماء مِش شبه لا بابا ولا ماما ، تقريبًا ماما الله يرحمها من حُبّها في أهلها جابتنا شبهم بالظّبط.
هزّيت راسي ، وِ قعدت أتكلّم أي كلام عن المُستشفىٰ وِ الشّغل علشان ميحسوش بشيء غريب فيّا وِ نجحت فعلا وِ هُمّا دخلوا في الحوار معايا..
بعد الغدا ، خرجنا البلكونة مكان تجّمعنا دايمًا نِشرب الشّاي ، كُنت بتساهِر معاهم مستنيّة الوقت المُناسِب اللي هرمِي فيه الطُّعم الجاي ، لحد ما عبد الرحمن سألني سؤال خلاّني ابتسمت :
– ألاّ صحيح يا شيما ، هو عُدىّ فين أراضيه معتش بيجي ليه؟!!!
– بذّمتك ليك قلب تسأل؟! يا عم ده إنتَ بتجيبه تحقق معاه.. وِ واقفله علىٰ كُل نفس يتنفّسه.. وِ كُل ما تشوفه تأجل معاد كتب الكتاب.. لحد ما بقىٰ يخاف يجي تلغي الفرح خالص.
ضحكت في آخر كلامي ، وِ بابا شاركني ضِحكتي بس عبد الرحمن اتنهّد تنهيدة طويلة ، واتكلّم بِـقلق واضِح في نبرة صوته :
– معلش يا شيما.. غصب عنّي معنديش أغلىٰ منّك ، وِ بخاف عليكِ أكتر من نفسي..
خايف ألاّ أكون سلّمتك للشخص الغلط..
خايف ألاّ أجوّزِك ليه يطلع مش كويس معاكِ ويئذيكِ..
خايف..

 

 

 

 

خايف ألاّ يهينك أو يجرحك في يوم..
خايف علىٰ عيالِك مِنّهُ وِ يجي اليُوم اللي يقولولك مش مسامحينك علىٰ اختيارك لِـ بابا..
صدّقيني مش هَـسامِح نفسي.. أنا من يوم ما طلب ايدك وِ أنا عايش في رُعب من جوايا.. دِماغي بتتخيّل أسوأ السيناريوهات لو جوزتك ليه وطلع شخص سيء !!
علشان كده بحاول أخلّي فترة التعارف طويلة ، عايز أثبت لِـ نفسي إنه كويس وِ يستحقك وِ هيعرف يحافظ عليكِ !!
سَكَت شويّة دِماغي بتربط كلام عبد الرحمن اللي كلّه قلق وِ خوف بِـكلام الشّيخ نُوح عن كل اللي عمله صَـالِـح دروِيش..
كوني دكتورة نفسيّة يخليني أحس إن عبد الرحمن عنده أذمة ثِقة وِ خوف رهيب من جواه..
مش واثِق في عُدىّ وِ عنده كُل التخوّفات دي رغم إن عُدىّ شخص خلوق جدًا وِ بشهادة الجميع ، لكن هوّ فيه حاجة من جواه مخليّاه مِش مُتخيّل إن فيه شخص كده بجد..
معقول الحاجة دي ممكن تُكون صَـالِـح دروِيش !!
وِشّي بهت وِ أنا بسأل نفسي سُؤال..
هتعملي إيه لو طِلع صَـالِـح دروِيش أبوكِ بجد؟!
هتعملي إيه لو اكتشفتي إن أبوكِ أسوأ نُسخة لابليس في الأرض؟!!!
لاحظ بابا إنّي سرحت في كلام عبد الرحمن ، مسك وشّي ديّره ليه بِهدوء وِ قالّي بنبرة حب وِ حنيّة :
– مفيش في الدُّنيا حد هيحبك ولا يخاف عليكِ زي أخوكِ يا شيما ، أوعي تحسّي إنه بيتحجج بِحجج ملهاش وجود غير في خياله علشان يأجل جوازِك وخلاص ، ده بالعكس هوّ أكتر حد عايز شيما تبقى بخير وِ مبسوطة في حياتها ، هو بس علشان محامي في شؤون الأسرة وِ بيشوف حاجات صعبة في بيوت الناس قلقان بس..
وِ بصراحة أنا كمان قلقان.. بذّمتك ينفع يبقى معانا جوهرة جميلة زيّك كده ونِوافق إنها تبعد عننا وتسيبنا ، ده إحنا نبقى عبط.
ضحكت على آخر كلامه ، وِ بوست ايده بِحُب ، بصّيت لعبد الرحمن لاقيته بيتابع كلامنا بهدوء ، مسكت ايده وِ بوستها وِ بكل حب قلتله :
– ربنا ما يحرمني من وجودك ولا من خوفك عليا وتفضل إنتَ وِ بابا في ضهري العُمر كلّه ، وِ بعدين يا سيدي أنتَ خايف عليّا من عُدىّ.. طب والله انتَ غلبان ده لو فكّر يزعلّني مش هيلاقي مُستشفىٰ تِرضىٰ بيه واللّهِ.
– لا كده المفروض تخاف عليه هوّ من أختك يا عم عبدُه.
ضحكنا كُلّنا وِ من قلبي اتمنّيت لو يفضل الحال على ما هو عليه..
أفضل شيماء منصور البحراوي.. أخت عبد الرحمن وبنت منصور وِ حنان..
وِ كل اللي اكتشفته ده كِذب في كِذب..!!!
– بقولّك يا بُودِي.

 

 

 

 

 

كُنت برمش بعيني كذا مرة وأنا بتكلّم غيظًا في عبد الرحمن لإنه مش بيحب الدّلع ده..
ضيق عينه وِ قالّي بتحدّي :
– أؤمريني يا شوشوو.
– يووووه ده إنتَ رِخم ، مش بحب الاسم ده.
– واحدة بِـ واحدة ، والبادي أظلم.
– بقىٰ كده واللّهِ؟! تمام هتقمص وأدخل أنام بس بعد ما أسألك علىٰ حاجة.
– لا اتقمصِي ونامِي أحسن.
– لا هسأل يا رِخم.. هوّ أنا هبقىٰ عمتو امتى بقىٰ؟!!
رميت الطُّعم التّاني ، وِ إجابة عبد الرحمن هتحسِم أمور كتيرة..
– مِش فاهم قصدك!
– يعني يا حبيبي هتتجوّز امتىٰ؟ أنا عندي ليك عرايس كتير واللّهِ ، وِ كُلّهم بنات زي القمر ، نفسي تتجوّز وِ تخلّف علشان أشيل وِلادك و أبقىٰ عمـ….
– شيمااااء ، أنا مش عايز أتكلّم في الموضوع ده بعد إذنك ، وِ قلت كذه مرة قبل كده مش عايز كلام في الحوار ده ، مفهووم؟؟
قطع كلامي بِعصبيّة واضحة عليه ، وِ هِنا قُلت الجُملة اللي مستنيّة أقولها من بدرِي :
– أنا آسفة مش قصدِي أزعّلك ، انتَ عارِف إنّي بحب الأطفال جدًاا ، وِ بما إنّي موّالي طويل مع عُدىّ..
كُنت عايزاك تِنجِز وِ تتجوز وتخلّف وتجيبلنا بنوتة حلوة كدة زيي وِ أسميهالك أنا..
عارف مِخططة هسميّها ايه.. لو طِلعت شبهي هسمّيها فيروز ، وِ لو طلعت شبهك هسمّيها نُور ايه رأياااك؟؟؟
طُول عُمرِي عندي قُدرة علىٰ ضبط تعابير وشّي وِ بقدر أتحكّم فيها ، قِدرت أرسم البرائة علىٰ وِشّي وِ أنا بتكلّم ، وِ قدرت أكتر أبيّن إنّي بتكلّم بِفرحة وِ حماس عن الأطفال وِ أسمائهم كإني مخططة فعلًا أسميّهم كده زي ما قُلت !!
وتابِعت بِكُل هدوء الصّدمة اللي اترسمت علىٰ وِش عبد الرحمن وِ بابا بِوضوح الشّمس ، بصّوا لِـبعض في وقت واحد أول ما نطقت الاسمين.. كإنهم بيتأكدوا إنهم سِمعوا صح.. !!

 

 

 

 

 

بِـسُرعة علشان محدّش يشك فيّا ، كمّلت وِ قُلت :
– في حالة بقىٰ يا سيدي لو طلعت شبه مامتها هِنا هنسمّيها نيروز علشان نبقىٰ جمعنا بين الاسمين.. إيه رأيك يا بابا في اختياراتي الجامدة؟!
بلع رِيقه وِ بص لعبد الرحمن وِ رجع بصلي وقال بابتسامة هادية :
– جميلة أوي يا شيما فعلا.
غمزت بعيني وِ بعدين قُلت :
– واللّهِ ما حد جميل غيرك يا حاج.
وإنتَ يا بودي إيه رأيك في الأسماء؟!!!
قصدت أقول بودي.. علشان أتأكّد لآخر مرّة من شكّي..
لو ضحك وزعّق علشان بودي يبقىٰ كده اللي بيحصل ده سوء تفاهم مش أكتر ، وِ أنا فعلا شيماء..
ولو استغرب من اختياري لِـ الاسماء دي وِ شك في حاجة يبقىٰ أنا لازم أكرر زيارتي لِـ الشّيخ نُوح..
أسماء حِلوة فعلا ، بس اشمعنا الأسماء دي اللي مخططة تسمّيهم بيها يعني؟! إيه السر في كده؟!!!
– لا عادِي يا سيدي ، أصل أنا بحب الأسماء دي أوي ، وفي نفس الوقت نفسي أخلّف ولاد بس ، فَـ قُلت مفيش قدامي غير إني أسمّيلك بناتك كده.
بابا ابتسم وِ سألني بِـعفويّة كانت واضحة عليه ، تقريبًا كان عايز يقفّل الموضوع :
– طب يا ستّي و انتِ اللي هتسمّي ولادك ولا هتسيبي عبد الرحمن يسمّيهم؟؟
– لا هسيب عبد الرحمن يسمّيهم زي ما هسمّي بناته ، بس لو جبت توأم هسمّيهم أنا ؛ علشان نفسي أسمّي رحيم وِ رُحمَان.

 

 

 

 

 

فُرصة وِ جت لحد عندي ، سؤال بابا جه في ملعبي ، وِ أنا سدّدت الجُول..
– الله!! جُمال أوي.. ربّنا يسعدك وِ ينوّلك اللي في بالِك يا حبيبة بابا.
– يارب يا بابا ، وِ يسعدك يا عبده إنتَ كمان وِ يفرّح قلبك.
استأذن أنا بقىٰ ؛ علشان هكلّم عُدىّ أسأله علىٰ حاجة وِ أنام عندي شُغل بكرة ، تصبحوا علىٰ خير.
اتحرّكت من مكاني وِ أوّل ما اديّرت الابتسامة اللي كانت مرسومة اتمَسحِت.. وِ دماغي بدأت تحلل وِ تفكّر في كُل تعبير اترسم علىٰ وِش عبد الرحمن وِ بابا بعد ما نطقت الأسماء دي بالذّات.. ‘ فيروز ، نور ، رحيم ‘…
دخلت أوضّتي وِ طلّعت موبايلي علشان أكلّم عُدىّ.
……..
في المُستشفىٰ وِ تحديدًا عند سجدة وِ سُميّة وِ مامتهم..
سجدة بتتكلّم بِدُموع :
– استريّحتي يما ، استريّحتي لما كُل ما تجيلك مَضروبة بدل ما تاخديلها حقّها تروّحيها وتقوليلها ملهاش غيره..
أهو اللي ملهاش غيره جيبهالك المرّادِي بتموت علشان تبقِي تكفّينيها انتِ ، يارب تكوني استريحتي يما.. يارب تكوني استريحتي..
ردت عليها بِوهن وبصوت عاجز ضعيف :
– كُنت عايزة أحافِظ علىٰ بيتها ، مَكنتش عايزة حد يجيب سيرتها في العاطِل وِ الباطِل ، مكنتش عايزاها تعيش اللي عيشته ، وِ تحس إنها ناقصة وفيها عيب علشان اطّلقِت ، كُنت عايزة أحميها من كلام الناس المُر.
– طب وِ بعد ما حميتيها من كلام الناس ، مين حماها من جوزها ، مين حماها من رقدِتها كده بين الحيا وِ المُوت؟!
النّاس بتتكلم على طول.. على الفاضي والمليان.. كانت هتنسىٰ بعد يومين ولا تلاتة.. إنما بنتك هتعيش عُمرها كله وِ مش هتنسىٰ اللي هيّ فيه دلوقتي.
خرجِت سجدة من الأوضة اللي أختها نايمة فيها ، وِ رنت علىٰ رقم عبد الرحمن اللي كان في الكارت ، رنّت مرة وِ اتنين مردّش زعقّت لِـ نفسها :
– انتِ عبيطة يا سجدة !! بترنّي علىٰ حد الساعة حداشر وِ عايزاه يُرد ، زمانه نايم طبعًا ولاّ مع مراته..
مراته؟! ممكن يكون اتجوّز؟؟! لا لا مكنش في ايده دبلة الصبح..
يا ترَىٰ يا رحيم إنتَ بتحبني زي ما بحبك ولا لأ؟

 

 

 

 

وايه السر الغريب اللي يخلّيك تغيير اسمك وِ هويّتك؟؟
اتنهدت بحيرة وِ لسّه هتدخُل الأوضة تاني ، لاقت رقمه بيرن وِ صوته الهادِي بيقول :
– السلام عليكم ، مين معايا؟!
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أنا سجدة أحمد.. مش دي نمرة أستاذ عبد الرحمن البحراوي.
– أيوة معاكِ يا آنسة سجدة خير فيه حاجة؟!
– معلش لو بزعج حضرتك ، بس الصبح يعني طلبت مني قبل ما أمشي أستنىٰ ما أبلغش البوليس لحد ما سُميّة تِفوق وِ تقرر ده بنفسها وِ توكّلك المحامي الخاص بيها.
– أيوة مظبوط ، هيّ فاقِت؟!
– الدكتور لسه مطمنّا من شوية وقال هتفوق بكرة بإذن الله ، آجي آخد التوكيل اللي المفروض تمضيه امتىٰ بقىٰ؟!!!
– لما توافِق ترفع قضية ، بلّغيني وِ أنا هجيب الورق وآجي بيه المُستشفىٰ علشان لازم أقعد معاها وِ أسألها علىٰ كذه حاجة مُهمّة ، وِ حمد الله على سلامتها.
– شكرًا اللّه يسلمّك.
قفلت سجدة مع عبد الرحمن ، وهيّ مش مصدّقة معقول الصّدفة تجمعها بِـ رحيم بعد السنين دي كُلها..
تبقىٰ رايحة لِـعبد الرحمن البحراوي ، المُحامي الشاطر وِ المشهور عنه إن أتعابه قليلة ؛ علشان ياخد حق أختها ، تُفاجئ إنه رحيم جارهم القديم !!
عدّى كتير أوي علىٰ طلاق مامتها وِ خُروجهم من الحارة اللي كانوا عايشين فيها مع باباهم..
كِبرت وِ هوّ كِبر بس منستش شكله زي ما نستش إنه الولد الوحيد اللي كانت مش بتخاف منه في الحارة وِ بتحب دايمًا تشوفه..
نفسها بس تعرف إيه حصل بعد ما خرجت من الحارة ، علشان رحيم يغيّر اسمه لعبد الرحمن البحراوي !!!!
…………..

 

 

 

 

 

في أوضتي كنت ماسكة ورقة وِ قلم وِ برسِم بِـعشوائية ، بفكّر..
بفكّر في كلام المريض رقم متين وِ تسعة لما قالي يا نَدىٰ ، لما طلب مني أستنّىٰ جنبه ما أمشيش ، لما لاقاني بعيّط وقالّي لسه بتعيطي في وجودي ، لما قال أنا ما صدقت لاقيتك..
بفكّر في الصدمة اللي اترسمت علىٰ وش عبد الرحمن وبابا لمّا قلتلهم أنا مش شبه حد فيكم ليه.. والصدمة الأكبر لما قلتلهم على أسماء البنات والولاد اللي بفكر أسمي بيهم عيالنا..
افتكرت لما كانت مِفكّرة إن صَـالِـح دروِيش قريبنا من ناحية ماما ، وِ سألتهم عن مكان أهلها ، تقريبًا بدأت أجمّع ليه عبد الرحمن كان حاد معايا شوية في الكلام وِ هو بيقولّي إيه فكرّك بيهم دلوقتي..
بدأت أربط كل ده بكلام الشيخ نُوح..
حسّيت إن اللي بيحصل مش سُوء تفاهم ، وِ إن زي ما الشيخ نوح قال هرجع أروحله تاني ؛ علشان أسمع منه الحقيقة ، بس يا ترىٰ أنا قد الحقيقة اللي هسمعها !!
……..
– صباح الخير يا شيما ، رايحة فين بدري كده مش لسّه ساعة علىٰ شغلك.
– صباح النور يا بابا ، آه فاضِل ساعة ، بس أنا مروحة بدري إمبارح فَـ هروح بقىٰ دلوقتي علشان لو فيه شغل كتير أكون موجودة ، عايز حاجة؟!
– لا يا حبيبتي سلامتك مع السّلامة.
خرجت من البيت ، وِ ركبت تاكسي قبل ما أروح الحارة ، هروح المُستشفىٰ..
دخلت مكنش لسّه عُدىّ جه ، ولا حتّىٰ دكتور معتز ، فُرصة حِلوة أدخل لِـوحدِي الأوضة..
أخدت نفس عميق ، وِفكرت نفسي إنّي لازم أكون هادية علشان أعرف أحل كُل العُقد دي..
فتحت الباب ، راقبت جِهاز القلب ، الضّربات بتزيد في دخولي ، قرّبت منّه وِ سحبت كُرسِي من علىٰ جنب الأوضة وِ قعدت عليه ، بدأت أدقق في ملامح وِشّه وِ هوّ مغمّض ، عنده شامّة تحت عينه زي اللي عند عبد الرحمن بالظّبط ، لاحظت إنه هيفتّح عُيونه فَـبعِدت شوية عن وِشه وِ اتعدلت في الكُرسي..
أول ما فتح عينه وِ شافني ابتسم بتعب وِ حاول يرفع ايده لِـ وِشّي ، المرّادِي مسمحتلوش يعملها !!
بِعدت عنّه وِ قلتله :

 

 

 

 

 

 

 

– مِش عايز تقول حاجة؟؟ مش حاسس إن فيه حاجة عايزني أعرفها؟؟
بدأ يِنهج وِ هز راسه بالنّفي وِ قال :
– ما تمشيش.. ما تمشيش يا نَدىٰ.. خلّيكِ جنبي.. أرجوكِ…
اتنفّست بِـعُمق وِ قلتله بِـهدوء :
– أنا مش عارفة إذا كُنت ندىٰ أو لأ ، بس صدّقني اللي مُتأكّدة مِنّه إنّه مِش في مصلحتك أطلع أنا ندىٰ اللي بتدوّر عليها ، واللي عملت فيها كل اللي اتقال ده !!
سيبته وِ قُمت ؛ علشان أروح للشيخ نُوح..
قبل ما أخرج من الأوضة ، وقفت علىٰ الباب ، وِ قلتله بِدُموع :
– عارِف لو طِلع كلام الشيخ نوح عنّك حقيقة ، هَـيكون اللي متوصّل بالجهاز ده حجر مِش قلب !!
وِلأوّل مرّة في الطّب نِشوف حَجَر يَـنـبُـض !!!
…………..
– يا أستاذ لو سمحت.
– انتِ تاني !!!
– معلش يا أستاذ عَلِي ، ينفع تبلّغ الشّيخ نُوح إنّي مستنيّاه هِنا.
– ثواني.
عدّىٰ دقيقتين وِ لاقيت الشّيخ نوح واقِف قُصادِي بِـجلابيّته البيضا وِ عصايته وِ هو بيقولّي :
– متوقعتِش تيجيلي تاني بالسّرعة دي يا نَدىٰ !!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية حجر ينبض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *