روايات

رواية أسرار عائلتي الفصل السادس والعشرون 26 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي الفصل السادس والعشرون 26 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي البارت السادس والعشرون

رواية أسرار عائلتي الجزء السادس والعشرون

رواية أسرار عائلتي
رواية أسرار عائلتي

رواية أسرار عائلتي الحلقة السادسة والعشرون

دخلت القصر رفقة أمجد ورسلان وهي شاردة بما حدث قبل قليل عند ذهابهم لتلك المرأة وحديثهم معها .. إنتبه أمجد لشرودها فوضع يده على كتفها متسائلا :
– بتفكري في ايه ؟
رفعت بدور نظرها إليه وحدقت به قليلا ثم إبتسمت قائلة :
– ولا حاجة، أنا بس مبسوطة لان ماما طلعت بريئة !
سكتت قليلا تراقب إبتسامة أمجد التي ظهرت على ثغره هو الآخر ثم أردفت بحماس :
– احنا لازم نقول لبابا الي حصل بسرعة، لازم يعرف ان ماما معملتش حاجة من الي هو فاكره .
إلتفتت إلى رسلان الذي كان شاردا هو الآخر ولكنها لم تنتبه لذلك وتساءلت مخاطبة إياه :
– انت هتروح الشركة النهاردة صح ؟ يعني هتشوفه وهتقوله الي حصل ..
– مش عارف .
ظهر الإستغراب على وجهها كما ظهر على وجه أمجد والذي إستفسر بتعجب :
– يعني ايه مش عارف ؟ احنا لازم نقوله .
أومأ رسلان برأسه مردفا بتفكير :
– عارف بس أنا مش عايزه يحس بالذنب لانه ظ.لمها لما يعرف الحقيقة .
تبادل كل من أمجد وبدور النظرات الحائرة وإلتزما الصمت، حتى تحدثت بدور بعد ثوان بتساؤل :
– يعني ايه ؟ احنا هنسيبه على عماه ؟
نفى رسلان برأسه قائلا :
– لا طبعا ! لازم يشيل الفكرة الوحشة الي اخدها عن ماما من دماغه بس .. مش هقدر اكون السبب في احساسه بالذنب .
فكرت بدور قليلا ثم قالت بإقتراح :
– طب هتكلم معاه أنا لما يرجع .
تطلع إليها لثوان ثم نفى برأسه معترضا :
– لا خلاص، هقوله أنا .

 

 

وقف بعد نهاية كلامه وصعد إلى غرفته ليستعد للذهاب إلى الشركة، تاركا بدور تطالع أمجد بترقب ثم تساءلت :
– هنعمل ايه احنا دلوقتي ؟
رفع كتفيه بجهل ثم فكر قليلا قبل أن يهتف :
– ايه رايك نطلع شوية ؟ أنا زهقت ..
أومأت برأسها بإستحسان صائحة :
– وأنا موافقة، يلا بينا بقى !

دخلت عبر الباب المؤدي إلى المطبخ مباشرة وهي تمسك كف شقيقها الصغير وتلقي عليه تلك الكلمات للمرة الرابعة منذ خروجهم من البيت :
– بص انت هتقعد جنبي ومتتكلمش خالص ومتتحركش من مكانك خالص اوك ؟
أومأ سيف برأسه وتمتم بضيق :
– على فكرة، دي رابع مرة تقوليهالي وأنا كل مرة بقولك حاضر حااضر مش هتحرك من مكاني خااالص !
إبتسمت رحمة برضا ووصلت حيث تقف والدتها مع إحدى الخادمات وصاحت :
– ماما احنا جينا .
إنتبهت كريمة إلى وجودهم فإبتسمت لهما بحب وقالت :
– اهلا وسهلا بيكم .
ثم إنحنت فجأة لتحمل سيف بين ذراعيها تحت تذمره من معاملتها له كالطفل الصغير وهتفت بمرح :
– وحشتني اوي يا سفسف .
زفر بضيق من ذلك اللقب الذي تطلقه عليه دائما وكاد يعترض لولا إنتباه الجميع إلى دخول ليلى المطبخ وهي تصيح بصوت عال :
– هو مفيش حد في القصر والا ايه ؟ أنا مش سامعة صوت حد ..
إنزعجت الخادمات من صوتها العالي وأجابت كريمة ببسمة متكلفة وهي تنحني ليقف إبنها على الأرض :
– كلهم راحوا للشغل يا آنسة ليلى، وعبد الرحمن بيه خرج تقريبا ومفيش غيرنا احنا وعائشة وبراءة بس تلاقيهم دلوقتي نايمين !

 

 

 

تأففت ليلى بضيق ثم جلست على إحدى الرخامات وتحدثت بتكبر مخاطبة كريمة :
– طب اعمليلي فطار دلوقتي أنا جعانة !
طالعتها رحمة بقرف وصاحت :
– انتِ بتكلميها كده ليه ؟ مش هتنقص منك حاجة لو قلتيلها “ممكن تعمليلي الفطار لو سمحتِ؟” ..
إلتفتت ليلى إلى رحمة التي كانت تحمل ملامح رقيقة أفسدتها عقدة حاجبيها الدالة على الغضب، فإبتسمت بإستفزاز ثم أجابت ببرود :
– دي مجرد خدامة هنا ولما اقولها تعمل حاجة لازم تقولي حاضر وتنفذ، يعني مش مضطرة اطلب منها حاجة بالطريقة الي انتِ قولتيلي عليها .. وبعدين انتِ مين ؟
إزدادت عقدة حاجبي رحمة وإقتربت لتقف أمام ليلى مباشرة وهي تقول بشراسة :
– ميغركيش وشي الي مبين اني كيوت وضعيفة، المظاهر خداعة أصلا وأنا مش هسمع حد يهين ماما واسكت !
رفعت ليلى حاجبيها وواصلت إستفزازها قائلة :
– اهاا انتِ بقى بنت الخدامة دي ؟ وأنا الي كنت فاكرة انك تبع واحد من شباب العيلة !
إشتعلت عيني رحمة وكادت تنقض عليها لولا إمساك كريمة لها لتمنعها ومحاولة بقية الخادمات للتفريق بينهما، بينما خرج سيف من المطبخ بخوف باحثا عن أي شخص يستطيع إيقاف ما سيحصل .. لكنه تفاجأ بشاب يجلس على أريكة بقاعة الجلوس ويمسك بذراعه اليسرى التي كانت تنزف د.ما وهو يعض على شفته السفلى بتألم .
إرتعب سيف من منظر الد.م الذي رآه ففلتت صرخة من حنجرته رغما عنه لفتت إنتباه من كانوا بالمطبخ ليركضوا إلى الخارج بخوف .. وقفت رحمة بجانب سيف وهي ترى الدما.ء التي ملأت قميص ياسر بينما تابعت كريمة طريقها نحوه مرددة بخوف :
– ياسر بيه ! ايه الي حصل ؟

 

 

 

نظر إليها ياسر بطرف عينه وحاول إخفاء ملامح الألم عن وجهه وهو يراها تمسك بذراعه التي تنزف تتفحصها ثم تصرخ بإحدى زميلاتها :
– جيبيلي علبة الإسعافات بسرعة يا علياء !
ركضت علياء لتحضر ما طلبته منها وإقتربت ليلى لتجلس بجانب ياسر من الجهة الأخرى ومسدت على ذراعه السليمة قائلة بقلق :
– انت كويس صح ؟ هو ايه الي حصل ؟
أومأ ياسر بهدوء مصطنع وأجاب :
– مش عارف، كنت ماشي في الشارع عادي فجأة لقيت واحد ضر.بني برصاصة على دراعي، لما بصيتله حسيت انه اتفاجأ وبعدها هرب، أعتقد انه كان قاصد حد تاني وضر.بني أنا بالغلط !
كانت علياء قد حضرت بعلبة الإسعافات الأولية عند نهاية كلامه فصاحت ليلى مخاطبة كريمة :
– انتِ قاعدة كده ليه ؟ اتحركِ اعملي حاجة لجرحه !
إلتفت ياسر إلى كريمة فوجدها تنفي برأسها ويديها ترتعشان، إستغرب ذلك وكادت ليلى تصرخ بها ثانية لولا رحمة التي تدخلت قائلة بهدوء :
– ماما عايزة تقول انك لازم تروح لدكتور عشان يطلعلك الرصاصة .
تجاهل ياسر كلامها وكذلك وجودها ثم وقف قائلا قبل أن يتجه للخروج من القصر :
– أنا هتصرف لوحدي، محدش ليه دعوة بيا !
إبتعد عن أنظارهم وكاد يعبر الباب الرئيسي للخروج لولا صوت سيف الذي أوقفه وهو يهتف بقلق :
– استنى يا عمو !

 

 

إستدار إليه ياسر وطالعه بإستغراب بينما واصل سيف ببراءته التي تخطف القلوب :
– انت هتروح المستشفى وهتبقى كويس صح ؟
إبتسم له ياسر رغما عنه، ورغم أنه لا يعرف هوية ذلك الصغير إلا أنه أجابه بهدوء :
– ايوه متقلقش، استنى انت هنا لحد ما ارجع وهتشوف، ومنه نتعرف على بعض ايه رايك ؟
إبتسم سيف بحماس وردد :
– موافق، وعلى فكرة أنا إسمي سيف !

إرتشفت من كوب العصير الذي كان بين يديها وهي تجلس أمام أمجد في أحد المقاهي وتنظر إلى النيل المطل عليه بشرود، أفاقها منه أمجد حين قال بمرح :
– هو انتِ كل ما تبقي معايا بتسرحي ؟ ويا ترى سرحانة في ايه المرة دي ؟
إبتسمت له بخفة ثم أجابت بضحكة :
– عادي، كنت سرحانة في حياتي الي اتغيرت بين يوم وليلة لما عرفت ان بابا عايش لا وكمان عنده عيلة كبيرة فيها تسعة اولاد وأنا البنت الوحيدة بينهم !
تطلع إليها أمجد بحنان وتساءل :
– ومبسوطة ؟
– مبسوطة اوي، أنا عرفت معاكم يعني ايه عيلة بجد !
قالت ذلك ثم تنهدت قبل أن تردف وهي تنظر إلى كوبها :
– بس اتمنيت لو ماما تبقى معانا !

 

 

أخفض أمجد بصره بحزن ولم يعلم بما عليه أن يجيب لكنه حاول تغيير الموضوع قائلا بعد ثوان من الصمت :
– على فكرة، أنا قررت اسمع كلامك واخطب ملاك .
رفعت بدور نظرها إليه سريعا وتساءلت بفرحة :
– ده بجدد ؟!
أومأ أمجد مؤكدا فصاحت بدور بحماس :
– يبقى هنعمل فرحنا مع بعض صح ؟
رفع أمجد حاجبيه متمتما بتعجب :
– ليه هو انتِ وافقتِ على رسلان ؟
أومأت برأسها بخجل فإبتسم أمجد بإتساع ثم تساءل بنبرة ماكرة :
– ويا ترى وافقتِ ليه ؟ مش كنتِ شايفاه زي أخوكِ ؟
أخفضت رأسها بخجل وهي ترفع كتفيها مجيبة بصوت منخفض :
– عادي يعني، أنا مش عايزة اسيب العيلة لو اتجوزت حد تاني ..
قهقه أمجد بصوت عال جذب إنتباه من بالمقهى فحاول إخفاض صوته حين قال :
– مش عارف ليه افتكرت أول يوم ليكِ معانا لما كنتِ خايفة مننا وبترتعشي ولا كأننا مصاصين د.ماء !
ضحكت بدور بخفة متمتمة :
– بصراحة، أنا أصلا تخيلتكم كده ساعتها !
قالت كلماتها تلك ثم عادت تنظر إلى النيل قبل أن تتابع كلامها هامسة ببسمة صغيرة :
– بس بصراحة حبيت المغامرة، وقدرت أعرف تقريبا كل أسرار العيلة الي كانت بالنسبالي غامضة ..
تمتم أمجد بضحكة صغيرة :
– أسرار ؟

 

 

أومأت بدور بتأكيد ثم أردفت بفخر :
– وأنا عرفتهم كلهم !
وقبل أن تسمح لأمجد بالحديث كانت هي تستطرد سريعا :
– لا استنى ! في حاجة واحدة لسه معرفتهاش !
– هي ايه ؟
نظرت إلى عينيه وتساءلت بحيرة :
– مرات عمي أحمد .. انتحر.ت ليه ؟
طالعها أمجد لثوان ثم ضحك قائلا :
– منصحكيش تعرفي، لانك لو عرفتِ ممكن ترجعي تخافي مننا تاني !
إستفسرت بدور بفضول :
– ليه ؟
نفى أمجد برأسه متمتما :
– أنا مش هقولك، اسألي حد تاني لو عايزة !

كانت تجلس لوحدها بغرفة الجلوس بعد أن صعدت دينا إلى غرفتها لتحضر هاتفها، عندما وجدت رجلا عجوزا يدخل البيت فجأة فنظرت إليه بإستغراب وتساءلت فور وقوع نظره عليها :
– انت مين ؟
طالعها رشاد _ جدها _ باستغراب وقال :
– انت مين ايه يا هناء ؟ هو انتِ بقيتِ بتعرفي تهزري ؟
توقعت هناء أنه أحد أقاربها لمعرفته إسمها فأجابت وهي تنفي برأسها :

 

 

– أنا مش بهزر، أنا بجد مش فاكراك لاني فقدت الذاكرة .
طالعها رشاد بصدمة سرعان ما تحولت إلى الملل هاتفا :
– في ايه يا بنتي ؟ هو انا اسيبك يومين ارجع الاقيكِ اتعلمتِ الهزار البايخ ؟
نزلت دينا في ذلك الوقت وإستمعت إلى جملته الأخيرة فقالت بتوتر :
– ااء، جدو ! هناء فقدت الذاكرة فعلا !
إلتفت رشاد إلى دينا مطالعا إياها بصدمة في نفس الوقت الذي ظهر فيه عامر من خلفها متقدما من والده وتحدث بهدوء :
– تعال فوق يا بابا وأنا هشرحلك ..
حول رشاد أنظاره إلى عامر والذي سحبه من ذراعه ليصعد إلى غرفته في الأعلى، وفور وصولهم صاح رشاد بقلق :
– احكيلي يا عامر، حصل ايه في غيابي ؟
أجبره عامر على الجلوس على سريره ثم تنهد قبل أن يبدأ الحديث :
– هناء استغفلتني وقررت انها تكمل انتقا.مها من وائل وراحت لحد فيلته .. مش عارف كانت ناوية على ايه بس الي عرفته بعدين انه قدر ياخد منها .. عذريتها …
قال الأخيرة بصعوبة غير غافل عن أعين والده المتسعة من الصدمة، لكنه إسترسل كلامه قائلا :
– بس في ست طيبة شافتهم وهما داخلين للفيلا وحاولت تلحقها، وأخدتها عندها ولما هناء فاقت حاولت تنت.حر ونطت من الدور الأول، بس الحمدلله وقعت على كومة ورق شجر، بس دماغها ضربت في حاجة صلبة تقريبا عشان كده فقدت الذاكرة ..
زفر عامر في نهاية كلامه بعد أن كان يشعر بغصة في حلقه أثناء حديثه .. رفع رأسه إلى والده ليجد ملامح الغضب تغلف وجهه متمتما :
– يعني مش مكفيه انه السبب في مو.ت بنتي وكمان ضيع شرف حفيدتي ؟
حاول عامر تهدئته قائلا :

 

 

 

– هنشوف الموضوع ده بعدين يا بابا، احنا دلوقتي لازم نلاقي حل للي حصل لهناء .
سكت قليلا عند إنتهاء كلامه ثم أردف بتردد :
– الست الي اخدتها لبيتها عرضت عليا ان ابنها يتجوزها جواز صوري عشان يستر عليها ..
طالعه رشاد لثوان ثم قال بضيق :
– بلغها اننا موافقين، مفيش في ايدنا حل تاني دلوقتي .

دخل إلى مكتب والده بالشركة عندما أذن له بذلك فوجده شارد الذهن كما كان منذ البارحة، إقترب منه وجلس على المقعد أمامه متسائلا :
– عامل ايه النهاردة ؟
رفع محمد رأسه إليه ثم عاد إلى عمله متجاهلا إياه عندما علم مقصده .. لكن عدي واصل كلامه وكأنه يسمعه :
– حاسس انك مش على بعضك من أول ما شفت ماما امبارح ..
سكت يحاول إلتقاط ردة فعل من والده لكنه لم يجد فإسترسل كلامه متظاهرا بالتفكير :
– امم انت لسه بتحبها صح ؟
نظر إليه محمد سريعا ثم نفخ بنفاذ صبر قبل أن يهتف :
– عايز ايه يا عدي ؟
– عايزك ترجع لماما ..
نطق عدي بتلك الكلمات بهدوء فرفع محمد أحد حاجبيه بدهشة متمتما :
– انت الي بتقول كده يا عدي ؟ انت ناسي انك كنت هتموت بسبب إهمالها ؟
نفى عدي برأسه وأردف :
– لا مش ناسي بس أنا مسامحها خلاص، هي اه كانت مقصرة اوي معانا بس عرفت في الفترة دي انها طيبة خالص، وعرفت انت ليه حبيتها زمان ولحد دلوقتي لسه بتحبها ..

 

 

 

إختتم حديثه بإبتسامة ماكرة فصاح محمد بحدة :
– خلاص يا عدي الي كان بيني وبين يمنى انتهى، متفكرش في حاجة مش هتحصل !
عقد عدي حاجبيه بضيق وهتف بإعتراض :
– مش هتحصل ليه ؟ بابا انت لسه بتحبها وهي كمان لسه بتحبك فايه المشكلة ؟
إلتزم محمد الصمت وهو ينظر إلى عيني إبنه عندما لم يجد جوابا لسؤاله، فأردف عدي بجدية :
– أهل ماما الي كانوا السبب في انها تبقى مهملة ما.توا .. وجوزها التاني واتطلقت منه .. ماما مبقاش عندها حد غيرنا واحنا مش هنسيب القصر ونعيش معاها، يعني هو حل من اتنين .. إما انك ترجعها، او اننا هنجيبها تقعد معانا في القصر برضه وهتضطر تشوفها كل يوم وأنا كلمت جدي في الموضوع ووافق !
وقف من مكانه وإتجه إلى خارج المكتب دون أن ينتظر ردا من والده .. وعند خروجه، قابل رسلان والذي كان متجها إلى مكتب أكرم لكنه أوقفه قائلا :
– رسلان ..
إستدار إليه رسلان ونظر إليه بإستفسار فأردف عدي :
– مجيتش بدري كالعادة ليه ؟ كنت فين الصبح ؟
أجاب رسلان بعجلة وهو يتابع طريقه :
– هقولك بعدين يا عدي، لما نرجع القصر ..
وصل إلى مكتب أكرم وطرق الباب ثم دخل دون إنتظار الإذن، فوجده يرفع رأسه إليه بإستغراب ثم سرعان ما إبتسم عند رؤيته وأشار له بالجلوس أمامه قائلا :
– تعالَ يا رسلان .
جلس رسلان على أحد المقاعد أمام المكتب وهو يفكر في طريقة يبدأ بها الموضوع الذي جاء من أجله، لكن أكرم سبقه قائلا ببسمة صغيرة :

 

 

– كويس انك جيت، كنت عايز اتكلم معاك .
تطلع إليه رسلان مستفسرا :
– في ايه ؟
أجاب أكرم وهو يقف من مكانه ثم يتجه ليجلس على المقعد الآخر مقابل رسلان :
– بدور بلغتني امبارح بموافقتها عليك .
– بجدد ؟
تساءل رسلان بعدم تصديق فأومأ أكرم مؤكدا ليبتسم رسلان إثر ذلك براحة .. تابع أكرم إبتسامته وكادت تنتقل إلى ثغره هو الآخر لولا ما قاله رسلان حينها :
– يبقى هنكتب الكتاب على طول !
– انت مستعجل كده ليه ؟
تساءل أكرم بأعين ضيقة فرفع رسلان كتفيه مجيبا ببساطة :
– عادي يعني، مفيش داعي نعمل خطوبة واحنا أصلا عايشين مع بعض، وأصلا جدو هيقول كده واحنا مش هنخالف كلام جدو ..
تابع أكرم النظر إليه بنفس الطريقة وكأنه لم يقتنع لكنه إبتسم فجأة وهتف :
– وأنا موافق، أنا واثق انك هتاخد بالك منها .
أومأ رسلان مؤكدا على كلامه قبل أن يعمّ الصمت بينهما لفترة قصيرة تذكر رسلان خلالها ما جاء لأجله، فإعتدل في جلسته وتنحنح قبل أن يبدأ الحديث :
– أنا كنت جاي عشان اقولك على حاجة مهمة .
أصغى أكرم إليه بإنتباه فأردف رسلان بهدوء :
– انت فاكر لما بدور قالت انها شافت ماما واحنا مصدقناش ؟
– ايوة ؟

 

 

– هي فعلا شافتها بس مش ماما ؟
عقد أكرم حاجبيه متمتما :
– مش فاهم .
أخذ رسلان نفسا عميقا قبل أن يسترسل :
– هي شافت واحدة تانية بس كانت شبه ماما اوي لدرجة انني كنت هصدق انها هي فعلا، بس لما سألت عنها عرفت انها واحدة تانية بس ليها علاقة بموضوع طلاقك من ماما، وأنا وأمجد وبدور روحنالها النهاردة واتكلمنا معاها .
تساءل أكرم بإنتباه شديد وقد بدأ قلبه يخفق بشدة :
– ليها علاقة ازاي ؟ وايه الي حصل لما شفتوها ؟
– هقولك ..
>> عودة بالذاكرة <<
جلس الثلاثة بغرفة الجلوس في الفيلا التي تعود إلى تلك السيدة بعد أن أخبرها رسلان بأنهم يحتاجون إلى الحديث معها في أمر مهم، وأجبر أمجد بدور على إلتزام الصمت بعد أن أقنعها وهو يهمس لها بأنها ليست ليليا كما تظن .
– تشربوا قهوة ؟
قالتها تلك السيدة التي تشبه ليليا إلى حد كبير والتي تدعى شادية فنفى رسلان برأسه مجيبا :
– لا شكرا احنا أصلا مش هنطول ..
نظرت إلى الثلاثة بتفحص ثم جلست أمامهم متسائلة بفضول :
– طب اتفضلوا .. عايزين مني ايه ؟
أخرج رسلان هاتفه وعبث به قليلا قبل أن يجعل شاشته التي ظهرت عليها صورة فادي بمواجهتها وقال :
– انتِ عارفة الراجل ده ؟
أمسكت شادية بهاتفه وتمعنت النظر في الصورة ثم أعادته إليه وهي تنفي برأسها مردفة :
– لا معرفوش ..

 

 

لاحظ رسلان رعشة يدها وهي تعيد إليه هاتفه فإبتسم ساخرا لكنه لم يعلق .. سكت قليلا وهو ينقل نظره إلى أمجد ثم إلى بدور التي كانت في عالم آخر وهي تحدق بشادية بطريقة مريبة جعلت هذه الأخيرة تبتلع ريقها بتوتر .
عاد رسلان ببصره إلى شادية ثم إلى هاتفه الذي مازال يعرض صورة المسمى بوالده وتحدث مخاطبا إياها :
– بصراحة كده أنا دورت وراكِ قبل ما اجيلك وعرفت انك كنتِ بتشتغلي خدامة .. بس فجأة وفي يوم وليلة لقيتِ شغلانة حلوة وسبحان الله برضه في نفس اليوم بقى عندك فلوس وانتقلتِ من الشقة الصغيرة الي كنتِ عايشة فيها مع جوزك قبل ما يموت للفيلا دي .
رفعت شادية حاجبيها بدهشة من معرفته لكل ذلك وزاد توترها وهي تنتظر كلامه التالي فإسترسل :
– يا ترى الفلوس الي غيرت حالتك المادية جاتلك منين ؟
إبتلعت ريقها ثانية وهي ترى نظراته الحادة المصوبة نحوها فحاولت تصنع الغضب حين صاحت :
– انت جاي لحد بيتي عشان تسألني جبت فلوسي منين ؟
أومأ برأسه ببرود وعاد ليوجه شاشة هاتفه إليها قائلا :
– أنا بس عايز اتأكد انك مخدتيهاش من الراجل ده مقابل انك تنتحلي شخصية أخته الي كانت شبهك اوي وتعملي الي هو قالك عليه، وهو انك تتكلمي مع جوزها بشخصيتها وتقوليله انك اتجوزتيه عشان تنتقمي لاخوكِ منه وانك عمرك ما حبيتيه، وبعدها تقابليه مرة تانية وتقوليله ان بنته ماتت .
رفع حاجبيه في نهاية كلامه وأردف تحت صدمتها والتي لم تقل عن صدمة بدور :
– مش هو ده الي حصل والا أنا غلطان ؟

يتبع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *