رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم ماهي أحمد
رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم ماهي أحمد
رواية عروس الالفا (الهجينة 2) البارت الثامن والأربعون
رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الجزء الثامن والأربعون
رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الحلقة الثامنة والأربعون
وفجأه ترى بأنك بالفعل اسُتهلكت نفسك كُلياً ، تكلمت كثيراً ، وشرحت أكثر ، بررت بما يكفي، ثم تأتي عليك لحظه وترى أن طاقتك قد نُفذت ، فتتوقف عن الكلام وتبتعد عن الناس وتذهب لأقرب ملاذ أمن لكَ وتجلس مُكتفياً بنفسك
—————————-
الأنتـ ـحار لا يعني عدم وجود قَـ ـاتل ، هنا حيث الساعات التي تسبق الفجر .. كانت “شمس” تلهث بأنفاس متقطعه تقود سيارة “ياسين” بجنون.. تلتفت حولها وكأن المـ ـوت يهرول خلفها تطالع المرآه الجانبيه بعيون حائره تنهمر دموعها على وجنتيها ابتل فستان عرسها من كثره دموعها .. ضغطت فجأه على مكابح السياره عندما لاحظت وجود هاتف عمومي على الطريق هبطت من السياره تحاول رفع ذيل فستانها الأبيض الطويل تعيد خُصلات شعرها المبعثره الى الخلف تمسح دموعها الممزوجه بالكحل الاسود على وجهها التقطت سماعه الهاتف تحاول تذكر رقم هاتفه فهي لم تستطع احضار هاتفها الخلوي معها فلاحت لها ذكرى بسيطه وهي بجواره في السياره يقول لـ “يزن”
_رقمي 01000000111 ده سهل جداً تقدر تحفظه على طول
فاقت من انخراطها تضغط على الارقام تتمنى بداخلها بأن يكون الرقم صحيحاً لم تستطع الرؤيه من كثره الدموع في عينيها.. قبضت عيناها بقوه حتى تستطيع رؤيه الأرقام جيداً حتى قامت بالأتصال به ِ ولم يمر سوى لحظات حتى قام هو بالرد عليها استمعت لصوته لبرهه دون رد ومن حوله ضوضاء المزمار بكل مكان الأنوار تملىء القريه.. حاول رفع صوته قليلاً عل يصل الى المتصل:
_الو.. مين
كان يتلقى صوت أنفاسها المتقطعه بأذنه فشعر قلبه بها.. كانت تحاول تجميع الكلمات ولكن لسبب ما توقفت عن ذلك انتزعت سماعه الهاتف من على أذنها تستعد لأغلاق الهاتف فسمعت صوته وهو يقول بنبره متسائله:
_شمس!!
وضعت السماعه على اذنها مره أخرى بأيدٍ مرتعشه ترد بنبره مرتجفه:
_أنت تعبان ياياسين.. عمــار ميـ ـت مش عايش زي ما أنتَ فاكر لازم تتعالج ..
فقالت بعيون دامعه وهي تكرر:
لازم تتعالج ياياسين وكل حاجه هترجع كويسه بالنسبالك شوف الحقيقه .. فوء من الوهم اللي معيش نفسك لسنين فيه
ورغم انها تخفي خوفها فهو استشعره بنبره صوتها:
_أنتِ فين ياشمس؟ سيبك مني وقوليلي أنتِ فين دلوقت؟ عرفيني مكانك
انقبض فؤادها بسؤاله فسدت الطريق أمامه ناطقه بصدق:
_أنا في طريق اللي يروح ما يرجعش وانا مش هرجع تاني ياياسين
كان يلتفت حوله يبحث بكل مكان في القريه عنها حتى أتت غدير قائله بأنفاس مقطوعه:
_الحق ياياسين شمس مش موجوده في اوضتها وفريد والمأذون مستنيين
ابتسم ابتسامه رضا وهو مازال يضع الهاتف على أذنه يركض بين الحشود يبحث بعينه هنا وهناك وهو يقول:
_تقصدي ايه بكلمه رايحه في طريق اللي يروح مايرجعش
ابتسمت بسمه حانيه ترد بما هو بعيداً تماماً عن سؤاله:
_في دكتور اسمه سمير فايز
فبتر حديثها يصيح بها بغضب:
_ردي عليا ياشمس تقصدي ايه بـ
فأكملت “شمس” بضياع وعيونها تدور في كل ارجاء المكان:
_الدكتور ده هيساعدك تخف اسأل عنه دكتور علي هيديك العنوان.. وقبل ما اقفل عايزه اقولك اسفه.. اسفه على كل أذى سببتهولك من غير ما اقصد.. اسفه اني كنت السبب اني افرق بينك وبين عمار.. ممكن لو كنت عرفت في الوقت المناسب انه من د مك مكانش حصل كل ده وكان زمانه لسه عايش
بقيت تعتذر على ذنب لم ترتكبه.. وكأن سكين حاد ينهش في قلبها رعشه سرت في جسدها بالكامل فرد هو عليها:
_ماتقفليش ياشمس.. شمس خليكي معايا
تركت سماعه الهاتف من كف يدها دون ان تغلقه فاصبحت السماعه معلقه تبتعد عن المكان ومازال هو ممسك بهاتفه يردد قائلاً:
_ردي عليا ياشمس .. شمس
صك على أسنانه وتلاحقت أنفاسه بصوره غير منتظمه يلقى بهاتفه بعرض الحائط اسرع الى سيارته بأنفاس متقطعه فلم يجدها وضع كف يده على عينيه بيأس فأخرج الموتور الخاص به مسرعاً بعدما ارتدى خوذته السوداء ضغط على المكابح واسرع بموتوره نحو الطريق يشق طريقه الى الخارج تحت أنظار الجميع.. كم كانت سرعته غير عاديه فقد التهم الطريق يبحث بعينه عنها بكل مكان ولكن هي الأخرى سرعتها مهوله.. حتى وجد بجانبه الهاتف العمومي والسماعه مازالت ملقاه وقف بموتوره بعدما أخذ ينظر هنا وهناك حول عيناه للون الأحمر القاتم حتى يستطيع تتبع أثارها جيداً بهذه العتمه فوجد أثار اطارات السياره تتجه الى داخل الجبال هذه المعتوهه تسير في طريق مقطوع تتجه بأتجاه الأراضي الصحراويه وهو يعلم جيداً ما الذي يوجد بأخر الطريق
أسرع بموتوره نحو الطريق بعدما علم وجهتها.. ظل يتتبع اثار سيارتها فتره حتى وجدها تتجه نحو الجبل الاسود حاول ايقافها ولكن سرعتها كبيره رأته شمس خلفها فزادت من سرعتها اكثر فأصبح كل منهما يزيد سرعته وكأنهما في سباق يتنافسا بشراسه على المركز الأول.. اقترب بجانبها حاول كثيراً أن يقطع الطريق عليها وبعد محاولات قد نجح بذلك ضغط عليها حتى تضغط على مكابح السياره وقد نجح بالفعل وقف امام سيارتها بموتوره ومن خلفه المنحدر هبط من على موتوره يتقدم نحوها امسك بكف يده يفتح الباب المجاور لها قائلاً دون أن يدخل بصوت انهكه الخوف أكثر من ان ينهكه التعب:
_عايزه تـ ـموتي عايزه تقتـ ـلي نفسك ياشمس
اومأت برأسها وهي تضغط على المكابح من جديد:
_أنا لازم أمـ َوت عشان أنتَ تعيش
اسرعت بالضغط على المكابح فلا يوجد بينها وبين المنحدر اقل من متر لا اكثر سرعان ما دخل هو برده فعل تلقائيه منهُ داخل السياره فصرخت وهي تقول:
_بتعمل ايه يامجنون
اضطربت حقاً في هذه اللحظه تحاول ان تضغط على المكابح بقدميها بكل ما أوتيت من قوه حتى توقف السياره من جديد ولكن دون جدوى فقد فات الأوان
فقد وقفت السياره ولكن الأطارات الأماميه معلقه بالهواء والأطارات الخلفيه تلمس المنحدر كانت بين السماء والارض تقبض على المقود بكف يديها بقوه تسير الرعشه بكامل جسدها وهي تخبره بغصه مريره في حلقها تسأله ربما يجيبها بأجابه تريحها:
_ايه اللي خلاك تعمل كده.. ركبت معايا ليه ياياسين؟
طمأنها “ياسين” بنظراته وكفه الذي حاوط كفها القابض على المقود بحنان قالها وعيونهم لا تتفارق يعطيها ابتسامه قبل قوله برفق:
_عشان ماقدرتش ياشمس ، مش قادر أخسرك
زهقتي من الدنيا وشايفه مشاكلها كبيره عليكي وماقدرتيش تقفي في وشها.. وقررتي تمـ ـوتي نفسك
تسارعت انفاسها تكتم صوت البكاء بالأجبار راغبه بأن تستمع للمزيد فابتلع هو غصه مريره في حلقه وهو يقول بصدق نابع من قلبه:
_عايزه تخلصي من حياتك معنديش مشكله بس خوديني للمـ ـوت معاكي ماتسبنيش لوحدي هنا
تأرجحت السياره على المنحدر تتمايل ببطىء نحو الأسفل عم الصمت ولم يأت رد منها فتحدث من جديد يرفع قدمه ببطىء يضغط على قدمها الموضوعه على مكابح السياره برفق:
_القرار قرارك ياشمس يانعيش سوا يانموت سوا
فاسترسل حديثه يحاوطها بنظراته الحانيه :
_لا حياه لي بدونك أما معاً او معاً
تسارعت أنفاسها ترى الموت أمامها فالمنحدر شديد الارتفاع تحركت السياره مره أخرى الى الأسفل لم يتحدث بحرف واحد فقط يطالعها يطالع تعابير وجهها وكان ردها كالتالي:
_يبقى نمـ ـوت سوا
ابتسم بسمه حانيه ظهرت على ثغره يشير برأسه بالأجابه يردد اخر كلماتها يضع قدمه على قدمها يضغط على المكابح بقوه وهو يقول:
_يبقى نموت سوا
——————————–
“A month ago”منذ شهر مضى
أطبق الصمت على منزل “ال صاوي” بعد قول شمس الذي نجح في سلب انتباه الجميع اما عن “ياسين” فداهمه ذلك السباق في دقات قلبه أغمض عينيه وهو يستمع الى ردها من جديد
_موافقه
صدحت الزغاريط بالمنزل مره أخرى من “زهره” فابتسمت “مشيره “بعد موافقتها هذه .. ارتسمت بسمه عريضه على وجه” فريد ” وكأنها بسمه شامته يطالع “ياسين” بها تبادل الجميع النظرات التى قطعها “ياسين”، بقوله:
_شمس عايزك جوه
خرجت كلماته منهُ بنبره حاده .. حركت رأسها بالأيجاب تتبع خطواته فتحركت” زهره ” لكي تمنعها من الرحيل خلفه ولكن هناك من أوقفها عن التقدم خطوه واحده للأمام وهو “الطبيب” نظر لها نظره خاويه وكأنه يخبرها اذا تحركت خطوه اخرى للأمام سينقطع بينهما كل شىء.. ابتلعت “زهره” ريقها دون حراك ترى ابنتها تبتعد عنها فقال
” فريد “وهو يعتدل بجلسته :
_افتكر كده ياخاله معندكيش مانع على جوازنا
أشار بعينيه على” زهره ” التى لا تستطيع كتم سعادتها التي تغمرها الان:
_وافتكر برضوا ان مامتها موافقه.. يبقى على خيرة الله هجيب والدي ووالدتي على الخميس اللي جاي نقعد ونتفق رسمي
قال كلماته وهو يستعد للنهوض من على مقعده فألمح بنبره بها من التهديد ما يكفي:
_مع ان والدي زي ما أنتِ عارفه ياخاله راجل مهم اوي في البلد والناس كلها هي اللي بتجيله حتى لو هو اللي عايزهم بس نعمل ايه يلا كله عشان خاطر شمس هجيبه واجي
أتجهت “الخاله” ناحيه “فريد” وقد فهمت تهديده قائله:
_مابحبش الكلام الملفوف.. اللي تفضل تلف حواليه عشان تعرفني معناه .. نبرة التهديد اللي في صوتك مش لايقه عليك ياولدي عيله الصاوي مابتتهدش ولو شمس حباك وعايزاك ما عليا غير اني اوافق وماقفش في طريق سعادتها في يوم
ابتلع “فريد” ريقه وهو يبرر:
_انا ماقصدش ياخاله حكيمه انا اقصد
فبترت حديثه بحده تضرب الأرض بعكازها وهي تقول:
_قصدك وصلنا خلاص وطلبك وعرفناه سيبنا نشاور عقلنا ونفكر وردنا هيوصلك في الوقت المناسب
استخدمت طريقته الملفوفه تطرده من منزلها بطريق غير مباشر ففهم هو وقال بتحدي بعدما رأت الخاله الأصرار بعينيه:
_انا مستني رأيكم بس مش هستنى كتير ياخاله
قال كلماته يتجه ناحيه الباب وفي اثناء خطواته للخارج سمع صوت شىء يهشم فظهرت على ثغره ابتسامه رضا لما يشعر به “ياسين” الأن فجاء “الطبيب” من خلفه يحثه على الخروج يشير بيده الى الخارج:
_شرفت يافريد
طالعه “فريد” بكبر قائلاً:
_عارف
———————
أسرعت “الخاله” في خطواتها الى غرفه الضيوف
عند سماعها تحطيم كل ما بها دقت الباب بعنف دقات الباب امتزجت بدقات قلب “ياسين” فقالت بنبره متوتره:
_افتح ياياسين عشان نتفاهم ياولدي
عم الصمت ولم يأت رد منه ، لم يفتح الباب ، ولم يحدثها ، فاستأذنت شمس من الخاله قائله:
_أرجوكي سبينا يا خاله
استمعت “الخاله” الى شمس ثم نطقت بنبره تحذيريه من خلف الباب وهي تردد:
_اياك ياياسين تأذيها..
واكملت بقولها بنبره منخفضه واثقه مما تقول :
_مع أني عارفه ياولدي أنك لا يمكن تأذيها
اشارت برأسها للجميع بالابتعاد ورحلت والكل يتتبعها لا احد يفهم شيئاً مما يحدث اما عنها هي عن “شمس” فكانت وحيده معه بداخل الغرفه تتسارع أنفاسها ، أن ما تراه على وجه “ياسين” ليس بهين أبداً فأخذت تطالعه بصمت وهو يقول:
_ لما سألتك في القطر كنتي مع فريد كذبتي عليا وقولتيلي مافيش حاجه اسمها فريد .. كنتي معاه وقتها؟
حتى اجابه سؤاله حرمته منه قابلت سؤاله بالصمت وعذبته بصمتها فأخذ يردد بحيره:
_طب وعمار نستيه.. نسيتي ضحى عشانك ازاي.. نسيتي حبك قد أيه.. ده ضحى بكل حاجه عشانك.. وأنتِ عمرك ما حبتيه
اتى انفجارها الأن على هيئه بكاء انخرطت فيه عند سماع أسمه فنطق بنبره بعيده تماماً عن صوته.. تحولت نبرة صوته الى اخرى نبره تعرفها جيداً.. نبره بها من الغيره وحب التملك نبرة عمــار وهو يقول:
_حتى يوم المعركه كنت واقف انا وياسين احنا الاتنين كنا قدامك .. احنا الاتنين كنا مستنيين نشوفك هتتحامي في مين لاقيتك وقتها اتحاميتي في ياسين
دخل حرب مع نفسه نعم هي حرب لم تكن هينه أبداً فقبض بكفه على مرفقها بقوه قائلاً:
_فاكره اتحاميتي في مين.. فاكره روحتي لمين ياشمس
لم تخف هذه المره من نبرة صوته المتغيره فقد اعتادت عليها.. ترغب في الرد وبشده تتمنى أن تدافع عن نفسها وباستماته فأخبرته بعكس ما بداخلها:
_مش فاكره.. مش فاكره عشان نسيتك ونسيت يووم المعركه بكل تفاصيله فات عشر سنين عايزني افتكر ازاي
ابتلعت ريقها تتنهد بعمق تمسح بكف يدها على وجنتيها من كثره دموعها تخرج كلماتها من بين شهقاتها:
كلكم عشتوا حياتكم الا انا كل واحد حب واتحب حتى انت ياياسين خطبت وهتتجوز مشيره ليه مستكتر عليا ان انا كمان احب زي ما انت حبيت.. كتير عليا اني اشوف حياتي زيكم
فختمت بما يمزق فؤاده:
_انا بحب فريد وهتجوزه ياياسين
انتزعت مرفقها من كفه بقوه يراها تبتعد عنه فتحدث بما اوقفها وهو يحاول اخفاء حزنه تحت قناع البرود:
_تستاهليه.. تستاهلي فريد ياشمس
تركها ورحل يصفع الباب خلفه ومازالت هي تقف بالداخل تجمدت قدماها تنخرط بذكرى حقيقه ما حدث:
كان الجميع بمنزل “يزن” ينتظرون استيقاظ “ياسين” فاستأذن “يزن” من الجميع وهو يقول:
_البيت بيتك ياخاله طبعاً.. بس تسمحيلي انزل انا وساره نكمل التحاليل والاشعه اللي جينا القاهره عشانها
_خد راحتك ياولدي انا كمان هدخل اريح شويه طول الليل ماغمضتليش عين
ابتسمت “ساره” قبل أن تقول:
_هاخد “شمس” معايا ياخاله ايه رأيك ياشمس تيجي معانا
وقبل ان ترفض قاطعتها الخاله قائله:
_روحي معاهم ياشمس ماتسبيش ساره لوحدها يابتي
تبادلت شمس النظرات المقيته من مشيره فوافقت وهي تشير برأسها بالأجابه
———————
هما الأن هنا على الطريق حيث القاهره المزدحمه ، والسيارات الكثيره وكأنهم في سباق شرس وبعد كثير من الوقت وصلا أخيراً الى وجهتهم هبط “يزن” مسرعاً يفتح باب السياره بجوار ساره فابتسمت ساره بدهشه:
_اي الرضا ده كله كل ده عشان تعبانه شويه انا على كده بقى هبقى عايزه اتعب على طول
فرد “يزن” بلهفه:
_بعد الشر عليكي من التعب اطمن بس عليكي وهتشوفي مني تغيير تاني خالص ياساره
تابعت حديثها وهي تتجه الى الداخل:
_انا مش عايزاك تتغير يايزن انا حبيتك بعيوبك قبل مميزاتك انت عيوبك في نظري مميزات
ربنا مايحرمني منك ياساره
ابتسمت “شمس” من خلفهم قائله:
_ربنا يخليكم لبعض
دخل الجميع الى غرفه الاشعه تنتظرتهم “شمس” بالخارج فلمحت اخر شخص توقعت وجوده هنا هو اول شخص وقعت عيناها عليه انه “فريد” وجدته يقترب منها قائلاً بنبره خبيثه:
_أخيراً لاقيتك ياشموستي ياشيخه ده أنتِ لففتيني وراكي القاهره وضواحيها
_أنتَ عرفت مكاني منين؟
كان هذا سؤالها وهي تنظر لهُ نظره مقيته.. تعبر عما بداخلها تجاهه:
_تؤ تؤ تؤ ياشموستي محبكيش تكلميني بالنبره دي.. أنتِ ماتعرفيش ان اعرف اجيب النمله من جحرها مش هعرف أنتِ فين ياقلبي
_قلبك!!
كان حديثه معها صريح فأكمل هو للتأكيد على كلامه:
_أه قلبي.. وقلبي مش كتير عليكي كمان
استغربت هي من نظراته ونبره صوته المتغيره على عكس العاده فقامت تتحرك من أمامه قائله:
_انا ماشيه انا مش عارفه أصلاً اي اللي مخليني اقف مع واحد زيك
اوقفها هو بعدما قبض على ذراعها بكفه قائلاً:
_الظاهر انك ناسيه تليفونك في اسيوط ما أنتِ لو كنتي شوفتي الفيديو اللي بعتهولك كان زمانك ماسكه فيا بأيدك وسنانك
انا ماشوفتش فيديوهات ومش هشوف
انحنى بجانب أذنها يهمس بقول:
_خلاص يبقى مصر كلها هتشوف العيله الكريمه ويعرفوا حقيقتكم، وحقيقه ياسين الصاوي ، تخيلي كده لما الكل يعرف ويشوف سرعته وعنيه اللي بتقلب للون الاحمر وازاي اترمى عليه مايه نار مركزه ومحاولتوش حتى تجيبوه المستشفى
فاسترسل حديثه بنبره سائله:
_الا قوليلي صحيح هو انتوا ماجيبتهوش المستشفى ليه؟
استغربت هذا ، هل حقاً علم حقيقته ، ملامح وجهُ يظهر عليها التأكد من كل كلمه سردها الأن فقالت تفرك بأصابعها بتردد:
_وهنجيبه المستشفى ليه هو بخير ومافيهوش حاجه
ضرب بكف يده وهو يؤكد على حديثها:
_بالظبط ده اللي كنت عايز اقوله انه كويس ومافيهوش حاجه بالرغم من الفيديو ده
اعطاها هاتفه وهو يضغط على زر تشغيل الفيديو قائلاً:
_شوف سرعته عامله ازاي رهيبه يا اخي.. لاء وعرف ينقذك في الوقت المناسب.. بطل.. بصراحه انا شايفه بطل
لم يخف عليها التعبير الساخر الذي ارتسم على وجهُ:
_بس لو مكانش حضنك.. اصل انا بغير ما بحبش الست بتاعتي يلمسها غيري
تسارعت دقات قلبها من جديد شعرت وكأن كل شىء يقف ضدها الأن فقالت بنبره منخفضه:
_عايز ايه دلوقتي يافريد
فقال دون تردد:
_عايزك
انت قليل الادب وبجح
قالتها بتهكم بعدما سيطر عليها الغضب رافعه يدها تصفعه على وجنتيه فقبض بكفه كف يدها قبل أن تصفعه قائلاً ببرود:
_اي ده أنتِ فكرتي ايه.. طلع تفكيرك شمال انا مش و** أوي كده مع اني مع غيرك و** بس انتِ غير اي حد ياشمس انا استنيتك السنين دي كلها ومش مستعد استنى اكتر من كده ، انا عايزك في الحلال عشان أنتِ بنت حلال شوفتي انا مؤدب ازاي
ترك معصم يدها وهو يبتعد ببطىء قائلاً بنبره تحذيريه:
_فكري كويس وماترديش دلوقتي واعرفي ان مش بس ياسين اللي هيتأذي ده كل أهلك هيتأذوا معاه واولهم الحجه الوالده اصل ماينفعش يكون متسترين على كائن مرعب زي ده ونسيبهم في حالهم كده
فاقت من ذكراها على صوت والدتها وهي تقول:
_عملك ايه المؤذي ده قوليلي ياسين اذاكي؟
كسا الحزن تقاسيم وجه “شمس” تركتها خلفها وأغلقت باب غرفتها بأحكام أمسكت بهاتفها الخلوي تعيد تشغيل الفيديو من جديد فأتتها رساله نصيه من ساره عبر الواتس اب تبعث لها بصوره قائله:
_الصوره دي صورتهالك أنتِ وياسين لما كنتوا نايمين وماسكين أيد بعض معرفش صورتها ليه بس حسيت انك ممكن تحتاجيها في يوم..
لم تجب عليها طالعت الصوره بعيون دامعه.. استغرقت وقت كبير للأجابه وهي تكتب قائله:
_احساسك غلط مافتكرش انى ممكن احتاجها في يوم
——————(بقلمي ماهي احمد)——————
الأمر اصبح اصعب من كل شىء.. انه الألم الذي يأكل في روحه الأن ، وكأنه كلما شعر بأنه يستطيع التحمل زادت ألامه اضعاف حتى تثبت عكس ذلك.. ساقته قدماه الى حيث المكان الذي يشعره بأنه حي يرزق يجلس على المقعد بجواره “عم نصير” يمد يده بكوب الشاي الساخن لهُ وهو يقول:
_والله زمان ياياسين.. وحشتني قعدتك معايا يابني
تحدث” ياسين ” وهو يتناول كوب الشاي من يده:
_ أنتَ اكتر ياعم نصير بقالنا سنين مارجعناش نقعد نفس قعدتنا دي سوا
طالع البحيره أمامه بماؤها الصافي تستطيع أن ترى السمك الصغير بداخلها من كثرة نقاؤها فابتسم ولكنها ابتسامه حزينه وكأنه يخرج حزنه بابتسامته قائلاً:
_حاسس ان كل حاجه اتغيرت مابقاش في حاجه تأثر فيا زي زمان
جملته الاخيره أدارت كفه الحديث تماماً حيث علم “عم نصير” مابداخله من ألم فتحدث ينفي ما قال:
_لاء كل حاجه زي ما هي ماتغيرتش ياياسين.. البحيره الصافيه لسه صافيه والقمر لسه منور في سماه ماتغيرش صفاء وهدوء القريه موجود ونسمات الهوا اللي بتحرك ورق الشجر وقلبك بيفرح بي لسه بينعش روحك للحظه دي، بس في حاجه واحده بس هي اللي اتغيرت ياولدي
ترك “ياسين” مقعده واستقام واقفاً يتحرك ناحيه البحيره زين ثغره ابتسامه هادئه تبعها قوله:
_ماتقولش أنا اللي اتغيرت ياعم نصير
اقترب منه يتكىء على عكازه يربت على كتفه برفق:
_يبقى أنتَ عارف من غير ما اقول ياولدي
نبرة “عم نصير” الهادئه وصوته في أذنه جعلت عيناه تلمع بالدموع وكأنه يريد فقط أن يربت أحد ما عليه حتى ينفجر بالبكاء .. لمح “عم نصير” الدموع في مقلتيه هو الأخر وحدثه بدموع تحت نظراته:
_مالك يابني فيك ايه ياياسين حاسس ان جواك وجع يهد الحيل احكيلي زي زمان مش هتلاقي حضن يسيع همك قد حضني يابني
سمع “ياسين” كلماته وحينها فقط استطاع البكاء بحريه كما كان يفعل بالسابق بين أحضانه حاوطه
“عم نصير” بذراعيه فشعر بدفء قلبه بين احضانه أخذ يبكي تنهمر الدموع من مقلتيه بدون وعي تركه “عم نصير” يخرج ما بقلبه من حزن على هيئه دموع حتى شعر بارتياح قلبه فسأله قائلاً:
_قولي ياياسين بتبكي ليه ياولدي؟
ابتعد “ياسين” عن احضانه يخرج كلماته من بين دموعه:
_الشاي.. الشاي اللي أنتَ عامله ياعم نصير وحش اوي
ضربه بخفه على كتفه ضاحكاً:
_ما انا قولت 100 مره مابعرفش اعمل شاي
فأخبره “ياسين” بعيون ممتزجه بالدموع يحاول اخراج ابتسامه بسيطه من بين دموعه:
_ولا انا
فابتسم يقول بصدق نابع من قلبه:
_ماتحبسش البكا في عيونك ياياسين
لمعت عيناه أكثر حيث أثر الألم الذي بداخله ما زال بهما:
_أنا تعبان.. تعبان أوي ياعم نصير
———————(بقلمي ماهي احمد)—————-
غادرت “غدير” تسأل عن أقرب ورشه لتصليح العجل فأدلها أحداً ما على اقرب ورشه خارج القريه وبعد ان تعبت بالبحث عنها وجدتها أخيراً دلفت داخل الورشه تبحث بعيناها هنا وهناك على امل ان تجد أحداً ما بداخلها ولكن دون جدوى فوجدت دراجتها بجانب ركن صغير ابتسمت تتجه ناحيتها تنحني وهي تنظر الى الأطارات فوجدتها سليمه ابتسمت بفرحه وهي تستعد للنهوض من جديد تصطدم به فانزلقت على الأرضيه وهي تتشبث بهِ تحاول الا تنزلق ولكن دون جدوى فنطق هو قائلاً:
_خللي بالك.. خللى بالك يا انسه حاسبي.. حاسبي
فأخذته معها وانزلقوا هما الأثنان سوياً واصبحت فوقه الأن تطالعه بعيون دامعه:
_انا اسفه والله العظيم مكانش قصدي.. مكانش قصدي
قامت من فوقه مسرعه تنفض ملابسها من جديد فقال بنبره متهكمه:
_هو كل مره مكانش قصدك حاسس ان أجلي هيبقى على ايدك
قالها” الشاب” وقد انكمش حاجبيه بغـ ـضب فأصبحت هي أمامه معاتبه:
_أنتَ أصلاً اللي الغلطان كل شويه تطلع في وشي
وضع المنشفه الصغيره الخاصه بهِ على كتفه يحضر لها دراجتها:
_وفي الاخر بقيت انا الغلطان كمان طيب ياستي شكراً عجلتك اهيه
انتزعتها من يدهُ بقوه وهي تقول:
_عايز كام؟
هز رأسه باسماً يرى الغـ َضب بعينيها فرد قائلاً بهدوء يحاول ان يمتص غضـ ـبها :
_خليها عليا المره دي.. انا عجلاتي صحيح بس افهم في الواجب اول مره دايماً بتبقى عليا عشان ابقى اشوفك تاني
تبادل كلاً منهما النظرات فقالت بعيون حائره:
_مافتكرش ان احنا هنشوف بعض تاني يااا..
فأجاب بأسمه دون أن تسأل:
_بدر اسمي بدر
هزت كتفها بعدم اهتمام تتركه وترحل وهي تقول:
_وانا ماسألتش أصلاً
فأشار هو بيده يراها تبتعد عنه:
_من غير تسألي عارف انك عايزه تعرفي اسمي
ابتسمت ابتسامه بسيطه وهي تقود دراجتها دون ان تلتفت له قائله:
_عجلاتي صحيح
———————–( بقلمي ماهي احمد)————
مرت عده ساعات وكالعاده الليل يفرض نفسه على الأجواء يجلس “بربروس”بعد صلاة العشاء في المنتصف ومن حوله أطفال الحاره يحفظهم ايات الله قائلاً بصوته العذب:
_قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ
فردد الأطفال من خلفه:
_قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ
فقال يتابع:
وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ
فقاطعه” أبو المعاطي” وهو يهرول ممسك بكف يده الهاتف المحمول يقول بنفس متقطع:
_ياشيخنا.. ياشيخ بربروس قافل تليفونك ليه بس
سأله باستغراب وهو ممسك بسبحته يقلب حباتها:
_ماذا دهاك يارجل الا ترى فأنا بجلسه تعليم القرآن الكريم
اجابه “ابو المعاطي” باهتمام امتزج بألحاحه:
_استاذه مارال عايزاك اتصلت كذا مره لقيت تليفونك مقفول
حمحم بربروس ينظر للاطفال وهو يغادر الجلسه قائلاً:
-حسناً ايها الاطفال سأترككم لدقائق
امسك بربوس بالهاتف يغادر المسجد فسمعها تقول :
-بيدقوس عايزه اشوفك حالاً
فسألها سؤال مبهم :
_أأنتِ بخير
ايوه بخيي انا مستنياك على اول الشايع ما تتأخيش
_فأجاب بالموافقه على الفور تاركاً الاطفال خلفه
——————-( بقلمي ماهي احمد)—————–
كانت تنظر لعينيه منتظره ردة فعل ، أما هو فكان في عالم أخر ، تنتظر أجابه لسؤالها وعندما لم تجد منه رد كررت سؤالها من جديد :
_الأشاعه فيها ايه يايزن ؟
صمت دون رد لاحت الى ذاكرته ذكرى بسيطه عندما أخبره الطبيب بضروره أخبارها بحقيقه مرضها اللعين فيجب عليها البدء بالعلاج في الحال
شعر قلبها الأن بأن هناك شىء ما .. شىء أكثر من مجرد هذيان او ارهاق فابتسمت وهي تبلع ريقها ببطىء :
_انا تعبانه يايزن صح .. مش .. مش مجرد دوخه وشويه صداع .. هو .. هو المرض ده اللي عندي اللي اسمه
قام هو من على الأريكه بعدما وضع كف يده على فمها تلاقت أعينهم بعدما حاوطت عينيه عيناها قائلاً ببسمه حانيه :
_هووش ماتنطقيش اسمه .. احنا مش هنقول اسمه خالص ولا اقولك تعالي نسميه المرض الوحش حاجه مش حلوه دخلت ما بينا بس احنا مهما يحصل ما بينا اللي داخل ما بينا خارج صح ياساره احنا مافيش حاجه ممكن تفرقنا عن بعض حتى لو المرض الوحش ده ..
نزلت دموعه وهو يقف أمامها يستكمل حديثه :
_أنا مش هسيبك هنهزم المرض ده سوا ياساره .. زي ما هزمنا كل حاجه سوا وفضلنا مكملين تفتكري مرض بسيط زي ده ممكن يهزمنا ويبعدنا عن بعض
لم تستطع كبت المها الذي بداخلها فاستدارت تعطيه ظهرها يكسو الحزن معالم وجهها فأخبرته بما صدمه
_انا كنت عارفه يايزن
استغرب مما قالته للتو فاستدار يقف أمامها بعدما قبض حاجبه باستغراب :
_عارفه!!
_اه كنت عارفه او كنت حاسه بس بكذب نفسي .. مكنتش عايزه اصدق كان نفسي اكمل حياتي معاك .. كنت ، كنت نفسي نتجوز واجيب منك اطفال ونشيخ سوا عشان كده كنت بكذب
مسحت بكف يدها أنفها المبتل تسترسل حديثها :
_اصل .. اصل بيقولوا اتفائلوا بالخير تجدوه وانا كنت دايما بتفائل ان هكون بخير ومافييش حاجه
عشان .. عشان افضل جنبك وابقى معاك يايزن بس الظاهر ان ربنا .. ربنا مش رايد
فقاطع هو حديثها بلهفه يغزو الحزن تعابير عينه قائلاً :
_مين قال كده أنتِ هتتعالجي وهتخفي وهنتجوز وهجيب منك عيال كتير اوي .. هنربيهم سوا .. انا وانتِ ياساره .. أنا وانتِ سوا
مسح الدموع من على وجنتيها بلطف فلم يستطع منع نفسه عنها في هذه اللحظه أخذ يمسح على ملامحها برفق بظهر يده ينظر اليها بشوق على الرغم من أنها أمامه طالع شفتيها بشوق فمنع نفسه عنها بالرغم من رغبته الملحه لفعلها فطبع قبله على جبينها يضمها لصدره بحنان قائلاً بحب :
_بحبك ياساره ده انتِ الوحيده اللي حبك عشش جوه القلب بضمير
—————-( بقلمي ماهي احمد )—————–
يجلس معه في غرفه المكتب ينتظر حديثه فتردد “فريد ” وهو يقول :
_بابا .. بابا انا كنت عايزك في موضوع ضروري
انتزع والده نظارته الخاصه بالقراءه يلقى بها على المكتب فنصت اليه باهتمام :
_وأنا مستني اشوفك هتقول ايه بقالك ساعه بتقول عايزني ضروري يافريد ما تنطق
دلفت والدته الى المكتب تتبعها الخادمه وهي تقول :
_حطي القهوه على المكتب ياوفاء
وضعت الخادمه فنجان القهوه مغادره المكتب وهي تقفل الباب من خلفها فقالت والدته وهي تضع قدم على الأخره تجلس مقابله :
_ما تقول يافريد مالك
نبره برع في اخراجها وهو متأثراً يقول :
_أنا عايز اتجوز
ابتسم والده بسمه ساخره :
_وانت عامل كل ده والقلق اللي انت فيه ده كله عشان عايز تتجوز وماله نجوزك انا كتير كنت بقولك انك خلاص عديت التلاتين ولازم تتجوز وانت اللي كنت بترفض
طالعته والدته بنظره شك قائله :
_استنى انت يادمنهوري .. هو انت ناوي بقى تتجوز مين .. اوعى تقول البنت اللي مغلباك بقالها سنين
بنت .. بنت مين ؟
كان هذا سؤال والده الذي سأله بعدم فهم فأجابت والدته بسخريه :
_بت كده مش عارفه في قريه ايه في ضواحي الصعيد
ماما ارجوكي اسمها شمس ماسمهاش بت
والكتكوته بقى رضيت عليك اخيراً
قالتها والدته بعدم رضا وكان الارتباك هو المسيطر على وجه فرد قائلاً :
_ماما شمس غير كل البنات اللي عرفتهم هي بس مؤدبه حبتين عشان كده مكانتش بتوافق عليا لكن لما اتقدمتلها
بتر والده حديثه :
_لما ايه .. انت كمان اتقدمتلها
لا يابابا ده كان مجرد كلام مش اكتر بس الاتفاق هيبقى مع حضرتك
وانا مش موافق على الجوازه دي
قالها بحزم وعاد يواصل حديثه :
_اسمع يافريد في حركه تنقلات في الوزاره الايام دي وانا عايز اعزز موقفي وكنت شوفتلك بنت .. بنت من توبنا بنت مسؤول كبير في الدوله
رد بانفعال :
_طب وانا
فسأله هو الأخر :
أنتَ ايه يافريد ؟
فقال بتهكم :
_انا رأيي فين اسمعني ياوالدي كويس انا الخميس الجاي هاروح واتفق معاهم على كل شىء سواء كنت موجود او لاء فانا مش هتجوز غير شمس وعلى فكره يا امي شمس مش مجرد بنت من القريه شمس بنت عيله كبيره في الصعيد لو حابه تيجي معايا تشوفيها اهلا وسهلا مش حابه مش هغصب على حد فيكم
——————( بقلمي ماهي احمد )—————–
مرور الأيام اصبح كمرور الساعات تمر الأيام سريعاً أشعه الشمس الذهبيه ملأت منزل “الصاوي ” يجلس فريد بعد اصرار من “شمس”بموافقتها عليه بغرفه الضيوف
تجلس الخاله معه تتفق على كل شىء تجاوره والدته رغماً عنها قائله بتهكم :
_مش قبل ما نتفق نشوف العروسه الاول على الاقل
قالتها بكبر فردت مشيره على الفور :
_والدتها راحت تنادي عليها انتوا شرفتونا النهارده انا هاروح استعجلهم
خرجت على الفور تصطدم بـ “ياسين” بالخارج فسألها بفضول:
_مين جوه مع أمي في اوضه الضيوف
أدركت على الفور من عينيه بأنه ليس على ما يرام أبداً فردت عليه تصطنع الحزن :
_ده فريد ومامته جايين عشان يتفقوا على معاد الفرح
زفر بتعب بعدما رمقها بنظره وضحت ما بداخله دخل الى غرفته يصفع الباب من خلفه فدخلت مشيره ورائه قائله بهدوء :
_مالك ياياسين .. مش على بعضك ليه ؟ كل ده عشان شمس هتتجوز ، ما ده اللي احنا عايزينه عايزنها تبعد عنك عشان تفضل مع عمار هو مش عمار معاك مش ده كفايه ..
رفع كفه مانعاً اي استرسال منها في الحديث وقد انفعل بعد قولها وظهر في رده :
_انا مش زعلان عليها انا زعلان على نفسي زعلان على عمار اللى كنت فاكرها انها بتحبه طلعت خاينه وغداره طلعت بألف وش بدور على مصلحتها وبس عايزه تتجوز وتخلف وتعيش حياتها وتنساني
فعاد يكرر كلماته بتردد :
_اقصد تنسانا .. تن.. تنسانا
ربتت “مشيره “على كتفه برفق:
_من اول ما شوفتها وانا قولت عليها خاينه وغداره
شمس ماحبتكش ياياسين ولا حبت عمار في يوم بلاش تخسر عمار عشانها تعالى نرجع المانيا تعالى نبعد عنها
فأشار برأسه بالأيجاب :
_هنرجع .. اكيد هنرجع بعد ما اخد يزن وساره معايا عشان تتعالج هناك انا وعدته اني مش هسيبه يامشيره ساره طلع عندها كانسر
فأشفقت عليها مشيره قائله :
_حرام دي لسه صغيره
فتنهد قائلاً :
عشان كده مش هسيبهم
فردت هي بما يطمئنه :
_وانا كمان اعرف دكاتره كتير هناك متخصصين ومش هنسيبها سوا
فقال بامتنان :
_أنا مش عارف اقولك ايه من ساعه ما قابلتك
فبترت هي حديثه :
_ماتقولش انا مستعده اعمل عشانك اي شىء المهم تكون مرتاح ياياسين انت وعمار
فجائت بشرابه المفضل وهي تضعه بزجاجته المفضله :
اشرب .. انا عارفه انك بتحب الشيري كولا
فسمع صوت الزغاريد بالخارج مره أخرى بعدما اتفق الجميع على موعد كتب الكتاب فتجرع من الزجاجه ما يكفي
—————(بقلمي ماهي احمد)——————–
لم تذق النوم وكيف تعرف له طعم بعدما تحدد موعد كتب كتابها قريباً لو انها تعرف كلمه أعمق من كلمه انطفأت لكانت قالتها الأن فهي لم تشعر بأنطفاء روحها مثلما تشعر به الان بات قلبها فارغاً كأنها مدينه بلا نوافذ فخرجت من غرفتها ترتدي الشال على كتفيها ساقتها قدماها اليه الى قبره في عتمه الليل تقف أمام اللوح الرخامي تنهمر دموعها على وجنتيها قائله من بين شهقاتها :
_المكان هنا في الضلمه يخوف بس بوجودك فيه بطمن بقدر اقول كل اللي جوايا وانا عارفه انه هيفضل سر ما بينا برمي حمولي وهمومي عليك حتى وانت مش موجود اتحملت مني كتير وانت عايش وتحملت اكتر وانت ميت عارفه اني قصرت معاك الفتره اللي فاتت ومكنتش بجيلك زي الاول بس الفتره اللي فاتت كنت مشغوله بحاجات كتير
فظهر “ياسين “من خلفها يهمس بأذنها بصوت منخفض :
_مشغوله بفريد
انتفضت بمكانها بعدما دب الذعر بقلبها تسارعت دقات قلبها من كثره خوفها التفتت تراه يشرب مشروبه المفضل وكأنه بحاله من اللا وعي بالرغم من انه مشروب “شيري كولا ” خالي من اي كحول فمسحت وجنتيها تضم الشال على كتفها تحاول تجاوزه هاربه بعيونها منه :
_ياسين باين عليك مش في وعيك ياريت تروح دلوقتي
كلماتها مبهمه جعلت الحيره تظهر على وجهه ضم حاجبه باستغراب ينظر لزجاجته :
_بس انا مش سكران انا في وعيي اوي دي شيري كولا على فكره
طب ممكن تروح دلوقتي
كان رده حاسماً وهو يقول لها :
_مش لما اعرف الاول اي اللي جاييك هنا في وقت زي ده ياعروسه
كان الارتباك هو السائد والمسيطر فلم يسعفها الا ان تبرر وجودها هنا بقول :
_جيت كنت بدور على حاجه ولاقيت نفسي هنا وماشيه دلوقتي على طول
تقدمت خطوه للأمام فوقف أمامها وكأنه سد منيع فسحبها من مرفقها يقربها منه وربت على رأسها وتكلم يطمئنها برفق :
_أنتِ مش عايزه فريد ياشمس .. شمس لو في حاجه قوليلي .. لو فريد غصبك على حاجه اتكلمي وانا هقفله مش عارف في حاجه جوايا بتقول انك مش عايزاه مع ان كل حاجه بتقول انك غداره وبتاعت مصلحتك .. شمس انا سمعك فكري لأخر لحظه فكري ياشمس .. انت فعلا بتحبي فريد
صمتت للحظات فقربه منها يزيد توترها وتعلو دقات قلبها ليست بدقات عاديه بل كهرباء تهز جسدها بأكملها حين اقترب منها رفعت عيناها تجاه وجهه وعينيه الصافيتين تدل على نقاؤهم تريد اخباره تريد البوح بالحمل الثقيل الذي تحمله بداخلها ولكنها فجأه تذكرت تهديد فريد الدائم لها ومنصب والده المرموق تغيرت ملامح وجهها فجأه وهي تقول بصوت حازم :
_أنت ليه مش قادر تصدق اني بحبه .. افهم بقى ياياسين انا بحب فريد
قالت اخر ثلاث كلمات ببطىء شديد تصنعت الصدق ببراعه فصدق هو ما قالته للتو تركته لترحل فقال هو ما اوقفها بغـ ـضب :
_عمار كان عنده حق لما قالي انك خاينه وعمرك ما حبيتي حد فينا اخدتينا لعبه بين ايديكي واحنا .. احنا كنا هنخسر بعض بسببك
شعرت هي ببوادر نوبه جائته من جديد فقررت ان تواجه هذه المره خرجت عن صمتها وهي تقول :
_قالك امتى اني خاينه وماحبتش حد فيكم اخر مره شوفت عمار فيها كنا في الحرب من عشر سنين وعمركوا ما اتكلمتوا سوا .. اخر مره عمار مات ما بين ايديك وده قبره اللي انت واقف عنده عمار مات ياياسين فوء .. بص حواليك بص انت فين
صاح بوجهها قائلاً وكأن العالم كله لا يساع صراخه :
_اسكتي ياشمس اسكتي ماتقوليش ان عمار مات .. عمار ما ماتش
فظهر عمار من خلفها يطالعه وهو يقول :
_مش قولتلك .. مش قولتلك هتقولك اني ميت .. مش حذرتك منها وعرفتك قبل كده قد ايه هي بتكرهنا وعايزانا نبعد عن بعض شمس دي حيه فرقت بينا في الاول وعايزه تفرق بينا في دلوقتي
لاحظت هي شروده ينظر خلفها تصب قطرات العرق على جبينه ابتلعت ريقها بخوف ترددت للحظات بعدما لاحظت “شمس “تلك الرعشه بيده فزادت بحديثها :
_لو هو عايش زي ما انت بتقول هو فين خليه يظهر عايزه اشوفه خليه يبقي قدامي من جديد ياياسين .. ياسين انت مريض ولازم تتعالج
طالع ياسين عمار قائلاً بتساؤل :
_أظهرلها ياعمار قولها انك عايش ماموتش عرفها انك زيفت موتك عشان نفضل سوا قولها ان القبر ده فاضي وانه مافيهوش حد عشان انت .. انت عايش صح ياعمار انت عايش
لم يتلقى منه رد وقفت صورة عمار أمامه دون حراك اقترب منه ببطىء رفع كف يده بأيد مرتعشه يريد فعل ما نهاه عنه لسنين وهو ان يلمسه يضمه الى صدره وجد نفسه يلمس سراب تتحرك صورته بين اصابعه تبخرت صورته في الهواء يراها تبتعد عنه اصابه الدهشه مما حدث الأن فأخذ يصرخ بأسمه :
_عمار ماتسبنيش .. عمـــــــار
لم تستطع قدماه تحمله الان فأثنى ركبتيه على الأرض انحنى بظهره ودموعه تملىء مقلتيه هرولت هي تجلس بجواره تمسد على وجهه تعيد خصلات شعره للوراء بحنان :
_عمار مات ياياسين .. مات ومش هيرجع تاني
نظر الى الأرضيه يقول بصوت مبحوح :
_اسكتي
مات من عشر سنين وقت الحرب
_بقولك اسكتي
اقتربت منه أكثر تضع رأسه بين كفيها برفق :
_العربي طلع قلبه بأيده من جسمه ومات في حضنك ياياسين
بقولك اسكتي .. اسكتي .. اسكتي ياشمس .. اسكتي عشان خاطري اسكتي
نظر الى الأرضيه ومازالت تقترب منه تنهمر دموعه منه بشراسه لا يستوعب عقله ما حدث للتو فاقتربت منه أكثر تحاوطه بين ذراعيها بحنان
——————( بقلمي ماهي احمد)—————–
أن شعور الاختناق مميت أخذ يستنشق الهواء من حوله كمن حرم من الاكسجين الأضواء بكل مكان تزين منزل الصاوي عدم شعوره بالارتياح يرهب قلبه الحزين صوت المزمار يعلو بكل مكان أتى فريد مع والدته من جديد ينتظر المأذون على أحر من الجمر بعدما اتفقت معه الخاله بأنه سيكون في بادىء الامر كتب كتاب فقط حتى ليله الزفاف
دخلت ساره على شمس وجدتها تقف امام المرآه لم ترتدي فستانها حتى الأن
_ساره أنتِ لسه مالبستيش ياشمس ده العريس بره
ابتلعت ريقها تتنهد بعمق :
_هلبس ياساره
فقالت بلوم :
ولما أنتِ مش عايزاه وافقتي عليه من الاول ليه ومتمسكه بي اوي كده ليه ؟
حاولت “شمس” اخفاء حزنها برسم بسمه على وجهها قائله :
_انا قولت مش عايزاه بالعكس انا هلبس اهوه معلش ياساره ممكن تسبيني لوحدي شويه عشان اللبس
أشارت بالأيجاب وهي تستعد للمغادره التقطت شمس بين كفيها فستانها الابيض تستطيع شم رائحه الكفن بهِ كانت تشعر بأن الموت هو خلاصها ارتدت فستانها تقف أمام المرآه تتخيل ياسين يقف من خلفها يغلق لها سحاب فستانها برفق بعدما وضع قبله حانيه على جبينها ابتسمت ابتسامه رضا تضع يدها على وجنتها حتى افاقت من شرودها على صوت زهره قائله :
_لسه مخلصتيش ياشمس الناس مستنيه بره
اشارت برأسها بالموافقه ينتظر “ياسين ” بالخارج لا يستطيع رؤيتها تزف على غيره لم يحتمل قلبه ذلك وخصوصا بعدما اعلنت زهره عن قدوم العروس وضع كف يده على أذنه خرج يهرول بين الحشود يتذكر كلماتها وهي تخبره بثقه :
_انا بحب فريد وعايزاه ابعد عني بقى كفايه محاولات ياياسين .. انا مش هتجوز غير فريد
فاق من شروده على اتصال هاتفه فرد على الاتصال بعدما علم بأنها هي ابتسم قلبه من جديد
————————–
هما الأن على حافه المنحدر بعدما اتفقوا ان يتركوا الحياه سوياً ضغط ياسين على المكابح بقوه يحاوطها بذراعيه يخبأها بداخله فانزلقت السياره على المنحدر بارتفاع هائل قبض كفه بكفها عزم على عدم تركها والموت سوياً فانزلقت السياره بسرعه هائله الى المياه اصطدمت السياره بالمياه على ارتفاع شاهق بسرعه مهوله امتلئت السياره بالمياه بكل مكان ففتح كل منهما عيناه تحت الماء يطالع كل منهما الاخر مازال ممسك بكف يدها يلبي رغبتها يراها تحاول كتم انفاسها اكثر من ذلك فضرب الباب بقدمه يحاول اخراجها من السياره بالقوه
———————–
حدث عكس المتوقع بعدما جاء والد فريد يحضر كتب كتاب ابنه على الرغم بعدم موافقته جاء دون حرس .. جاء بمفرده مع السائق يهنئه بزواجه فهو ابنه الوحيد رحب الجميع بهِ وجلس بجانب المأذون ينتظر العروس يتسائل الجميع الأن اين العروس الأن كان كل من بالمنزل يتهامس على هروب العروس من يوم زفافها فقال والد فريد :
_هي فين العروسه مش شايفها ليه ؟
ارتبك فريد وهو يردد :
_اكيد.. اكيد يابابا بتجهز
كل ده
كان هذا رده فقام فريد وهو يقول هاروح اشوفها بنفسي
استدار بوجه للأمام ليجدها أمامه بجوار ياسين يحتضن كفها بقوه اعصابه تتأكل والنيران مشتعله بداخله يطالع الجميع بعضهم البعض بذهول فقطع “ياسين “نظراتهم بقول :
_أنا وشمس اتجوزنا ودي ورقه جوازنا
طالعها “فريد “بنظرات تحمل من اللوم ما يكفي وان القادم لن يكن باليسير فشعرت بالخوف ولا أرادياً وجدت نفسها تحتمي خلفه تقبض بكفها على كفه أكثر مستغيثه وطالبه ان لا يتركها أبداً فكان هو حماها وملجأها الوحيد .
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عروس الالفا (الهجينة 2))