روايات
رواية ظل السحاب الفصل التاسع 9 بقلم آية حسن
رواية ظل السحاب الفصل التاسع 9 بقلم آية حسن
رواية ظل السحاب البارت التاسع
رواية ظل السحاب الجزء التاسع
رواية ظل السحاب الحلقة التاسعة
: وانتي إيه اللي خلاكي تعملي كدة يا فريدة!!
صاحت بها نرمين الجالسة بجوار فريدة، ف أحد الكافيهات، لتضع فريدة يدها ع فمها بسرعة وتهمس
: وطي صوتك يا بنت الهبلة، احنا قدام الناس
غمغمت نرمين من تحت راحة يدها، ثم رفعتها عنها
: بتقولي ايه؟
: بقولك الراجل أكيد عنده أسبابه اللي يخليه يمنعهم من دخول الأوضة، قومي انتي بقا تعملي إيه تخشيها من وراه، وكمان تنضفيها!
: ع فكرة أنا معملتش كدة بمزاجي!
قالت بوجه طفولي عابس وهي تعقد ذراعيها بضيق، وترد الأخرى بتهكم
: أمال عملتيه بجزمتك؟
وكزتها بظهر يدها ف كتفها، وتردف بحنق: انتي هتستخفي دمك عليا! .. وبعدين أنا اتهزأت أوي منه
همهمت بتكشيرة، لترد نرمين
: عشان دخيلة، وتستاهلي كل اللي عمله
: يعني دة جزائي بعد ما روقتله الزريبة اللي عايش فيها؟
هتفت بحنق ثم أردفت الأخرى بحالمية: انتشي مالك، ما ان شالله يعيش تحت الجاموسة، حد قالك إنك الدادة بتاعته!
تأففت: أوف بقا .. معرفش إيه اللي خلاني أعمل كدة، فجأة لقيت صوت ف دماغي بيقوللي ما تخرجيش من هنا إلا لما تلمعي الأوضة!
: طب ريحي بقا.. أهو طردك للمرة التانية، عشان تحرمي تمشي ورا دماغك اللي مودياكي ف داهية.
زمجرت:داهية لما تاخد مناخيرك!
_______
يقف أمام المرآة بعدما ارتدى ملابسه الرسمية كالعادة، لتدلف نيرة داخل الحجرة، ثم تقترب منه وتسأله ف تعجب حين رأته قد جهز حاله للخروج..
: انت نازل الشغل ولا إيه؟
: أيوة
أجاب ببساطة وهو يضع بعض العطر، لتردف هي: بس انت شكلك لسة تعبان!
استدار لها ثم قال: لا الحمد لله، أنا بقيت أحسن .. وكمان ورايا شغل كتير متعطل، مش هينفع أأجز أكتر من كدة
مسدت ع ذراعه، ثم قالت متبسمة: ربنا معاك يا حبيبي
ليطبع قبلة رقيقة ع شعرها ثم يذهب، وتهتف: خد بالك من نفسك..
ثم أخرجت هاتفها المحمول وتتمتم وهي تبحث عن رقم معين داخل جهات الاتصال
: أما نشوف بقا مين الست فريدة!
_______
:فريدة…
صاح عز باسمها وجاءته مسرعة: نعم يا بابا!
سأل ف غرابة: انتي بقالك يومين مش بتروحي الشغل ف حاجة؟
ابتلعت لعابها عند سؤاله الذي لا تعلم أي إجابة تصلح أن تقال! .. فهي لا تستطيع أن تخبره بما جرى من طرد مراد لها للمرة الثانية، وإلا ستلقى ملامة أخرى منه، ناهيك عن شكه بها إن عرف بدخولها حجرة مراد..
: هو… أصل.. أه صح واخدة أجازة عشان الامتحان اللي ف الكورس.. صح هو الامتحان
تعثرت كلماتها بالأول، لكن استطاعت بسرعة بديهية أن تجد إجابة مناسبة، متحججة بالامتحان
هز رأسه ثم قال: طيب أنا رايح الورشة محتاجة حاجة اجبهالك وانا جاي؟
: حبيبي يا بوب، تسلملي
لتقترب منه وتضع قبله ع وجنته، ويبادلها هو بأخرى ع جبينها.. ثم يلتفت مغادرًا.. وع إثر خروجه تعلى نغمة رنين جوالها، بداخل حجرة جدتها التي جاءها صوتها..
: فريدة تعالي تليفونك بيرن!
بصوت هتاف: أيوة حاضر جاية
دلفت للغرفة والتقطت الهاتف من الجدة وهي تردف: مين اللي بيتصل!
: مش عارفة، رقم مش متسجل عندك
تنظر للشاشة ويظهر رقم لا تعرفه ثم ضغطت ع العلامة الخضراء وتقول..
: ألو؟ .. أيوة انا فريدة مين حضرتك؟
تجلس نيرة فوق الأريكة وتقول: أنا اسمي نيرة، يا ريت نتقابل ف أي مكان عشان عاوزاكي ف موضوع مهم
عقدت جبينها بتعجب: موضوع إيه؟ وبعدين ازاي أصلاً اقابلك وانا معرفكيش !!
: لما نتقابل هتعرفي كل حاجة، بس يا ريت أشوفك النهاردة.. الساعة 5 كويس؟
: ماشي … أه عارفاه .. سلام
: مين يا فريدة ؟
سألت الجدة لتجيب الأخرى: دي واحدة عايزاني أقابلها!
تعجبت: واحدة مين!
فتحت فريدة فمها لترد لكن قاطعها رنين آخر، اخفضت رأسها لترى اسم نرمين .. ثم قالت: ثانية يا تيتة أشوف نرمين، عايزة إيه
خرجت من الحجرة وهي تضع الهاتف ع أذنها…
________
: منور مكتبك من تاني يا مراد باشا
قال عماد بابتسامة، ليتدخل العم شفيق مستنكرًا، وهو يضرب خلفية رأس عماد
: وهو أصلاً امتى سابه عشان يبقى من تاني !، دي أجازة عادية عشان يرتاح من قرف الشغل
ضحك عماد ثم حك برأسه قائلًا: صح، صح
: بلغ كل المهندسين الجداد اللي بالشركة ان ف اجتماع بعد ربع ساعة، عشان أشوف النماذج اللي عملوها ونختار منهم واحد للمناقصة الجديدة
قال مراد، ثم تابعه عماد: تحت أمرك
خرج عماد ثم أردف العم شفيق بتعجب: هو انت هتختار من نماذج المهندسين الصغيرين ليه؟ مـ احنا عندنا غيرهم متميزين وخبرا، ليه بتخاطر بمناقصة كبيرة زي دي؟
رد بعمليه: عشان أشجعهم ع التقدم ويعرفوا انهم مش مهمشين، وبعدين هم الخبرا اللي عندنا نازلين من بطن أمهم كدة، مهو من كام سنة كانوا لسة خريجين برضو!
فهم العم شفيق، ما يحاول قوله، وحالت ابتسامة ع محياه، لأن دائمًا يحس الجميع ع التميز، من أصغر عامل لديه إلى أكبرهم، وهذا ما يتميز به عن باقي الشركات..
_____
تجلس نيرة بالمقهى العام تنتظر فريدة ع طاولة ما .. نظرت للساعة فوجدتها اقتربت للخامسة..
فريدة دخلت إلى المقهي تتلفت يمينًا ويسارًا بحثًا عن نيرة التي لا تعرف شكلها من الأساس..
رفعت نيرة ببصرها لترى فتاة تدور بعينيها بالمكان.. أهذه هي فريدة؟ .. وقفت ورفعت بيدها مشيرة لها، فاقتربت منها وسألت..
: حضرتك أستاذة نيرة؟
: أيوة اتفضلي
جلست أمامها ثم قالت معرفة بنفسها: أنا نيرة الحديدي، ابقى لـ مراد…
هتفت مقاطعة: مراد؟
نعم تقربه فهي تشبهه كثيرًا بالعيون الزمردية، غير أنها ناصعة البياض، وملامحها جميلة جدًا، انثى بكامل معنى الكلمة ..
قطبت جبينها ثم أردفت بتساؤل: هو اللي باعتك؟
: لا مش هو، هو مايعرفش أصلاً اني جيالك!
قالت نافية ثم أردف فريدة مندفعة: أه وتلاقيكي عرفتي باللي حصل وجاية تكملي عليا، مهو أنا هزؤ العيلة بتاعتكم!
ضحكت لتعجلها لمعرفة سبب استدعائها ثم تفوهت: اهدي طيب .. أنا معرفش غير إنك كنتي بتشتغلي عنده وبعد كدة سبتي الشغل عشان عرف إنك نضفتي الأوضة بتاعته!
: ويا ريت طمر فيه، دة قلب الحلقة كلها دراما، وخلاني أعيط وبهدلني آخر بهدلة .. عيل مأڤوراتي
قهقهت نيرة رغمًا عنها فتعجبت الأخرى، لتقول من بين ضحكاتها: مش قادرة خالص، انتي فظيعة
انكمش وجهها بضيق لتقول: طب انتي عاوزة إيه دلوقت؟
ثم عادت لتسأل سؤال آخر قبل أن تجيب نيرة: هو انتي حبيبته؟
همست بالسؤال بحنق، لتجحظ عيني نيرة ثم شرعت في الضحك
: انتي بتضحكي ع إيه؟
قالت بتذمر، ثم أجابت الأخرى بعد كبح ضحكتها: ع سذاجتك، وبعدين انتي مدتنيش فرصة أعرفك أنا أقربله إيه!
نفخت الهواء من فمها بنفاذ صبر لتقول: تقربيله إيه !!
: عمته!
ردت ببساطة، لتفتح فريدة فمها باندهاش ثم تهتف باستنكار شديد: نعـــم يا عنيا!! عمته دة إيه يا قلب أمك، انتي جاية تلعبي عليا يا ولية انتي! عمته ازاي دة انتي أصغر مني !!!
هذه المرة قد على صوتها للغاية دون قصد، حتى دمعت عينيها..
تمتمت: يا بنتي اهدي عليا حرام عليكي!
ثم أكملت ف الضحك، وهذا جعل وجه فريدة يحتقن الدماء غيظًا..
ثم استطردت: هو ازاي مراد قدر يستغنى عنك، دة انتي نكتة
: مهو ع رأي المثل ما بيقول «القمر تواضع ونزلك، وانت بتتكيف ع ذُلّك!»
عادت لتقهقه: يا نهار أبيض عليكي .. يعني مراد دلوقتي مذلول!
: طبعاً، هو أكيد بيدور ع حد بيعرف يطبخ، زي نفسي كدة، ومش هيلاقي!
قالت بغرور لتردف نيرة: فعلاً، هو ف موضوع الأكل صعب شوية
: انتي هتقوليلي!
صمتت لوهلة ثم تمتمت: قوليلي بجد، انتي عمته ازاي!
: والله عمته، تحبي أوريكي الباسبور عشان تتأكدي؟
حمحمت ثم قالت: لا مش داعي .. بس انتي موزة أوي ماتجيش عمة الشحط دة!
ضحكت: أصل الفرق ما بينا مش كبير أوي، يدوب… عشر سنين كدة!
: اممم قولتيلي، طيب وحضرتك عايزة مني إيه! هتعاقبيني عشان ضايقت ابن اخوكي؟
بصوت يتخلله السعادة: بالعكس، دة أنا مبسوطة أوي إنك قدرتي تعملي كدة!
اندهشت من ردها لتقول: انتي فرحانة بتعب ابن أخوكي؟
ثم همست وهي تشير بسبابتها: يبقى انتي العمة الشريرة! آه أنا كنت حاسة .. إخص ع الأخلاق
تقوست شفتيها بقرف لترد الأخرى: يا بنتي افهمي، أنا مش فرحانة إنه تعب، أنا مبسوطة عشان اقتحمتي الكراكيب اللي جواه واللي عايش فيها من زمان، وانتي بعملتك دي قدرتي تخرجي الطاقة المكبوتة، حتى لو كان ع هيئة غضب أو زعيق!!
: دة كان ناقص يديني بوكس ف وشي! ثم إني معملتش جريمة أصلاً عشان يطردني!
: عارفة، بس هو بالنسباله أكبر من أي جريمة!
قالت بحزن ثم أردفت: انتي مش هتصدقي لو قولتلك إنه حتى أنا مكانش يخليني أدخلها غير كل فين وفين، ودة كمان بيحصل صدفة !! مراد موجوع أوي من جواه يا فريدة، هو انتي فكرك هو كان كدة؟
: أمال إيه يعني! .. أكيد دة لما اتولد ماعيطش دة طلع نار من بوقه!
ضحكت بحزن: بالعكس دة مراد كان شخص مرح أوي، وبيضحك ويهزر وبيحب الناس والخروجات…
تنهدت: اللي هو فيه دلوقتي مش بإيده ! حياته ف غمضة عين اتقلبت وبقا شخص جامد وعصبي، وعشان كدة أنا عايزاكي ترجعي الشغل من تاني!
صاحت معترضة: لا ممكن أبداً، دة طردني مرتين، وقدام كل الشغالين، دة أنا كدة أبقى بلا كرامة!!
: حتى لو قولتلك إنه أنا محتاجة ليكي عشان نرجعه زي الأول!
همست بنبرة شبيهة بالرجاء لتعقد حاجبيها دون فهم
: ازاي يعني؟
تنهدت ثم تابعت: هو انتي مش لما دخلتي أوضته لقيتي صورة بنت موجودة جنب السرير؟
أومأت برأسها، ثم انتظرت حتى تكمل لتعرف من هي ..
: دي حبيبته
: حـ.. بـ.. ـيبته
همست بضياع، والصدمة صعدت إلى ملامحها…………
يتبع..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية ظل السحاب )