روايات

رواية نعيمي وجحيمها الفصل الأول 1 بقلم أمل نصر

رواية نعيمي وجحيمها الفصل الأول 1 بقلم أمل نصر

رواية نعيمي وجحيمها البارت الأول

رواية نعيمي وجحيمها الجزء الأول

نعيمي وجحيمها
نعيمي وجحيمها

رواية نعيمي وجحيمها الحلقة الأولى

بداخل الصالة الضيقة في البيت القديم المتهالك وعلى الأرض المتشققة بفعل الرطوبة وعامل الزمن، كانت جالسة على وسادة قطنية ومستندة بظهرها على الكنبة الخشبية الصغيرة، نسمات الصباح الباردة والاَتية من النافذة المفتوحة على مصراعيها بوسط الصالة أمامهم؛ تداعب وجهها برقة، جدتها في الأعلى خلفها كالعادة تصفف لها الأطراف التي تعجر بالوصول اليها من شعرها الطويل؛ والذي تعدى خصرها بمراحل، مستمتعة بدفء المرأة العجوز ومزاحها الذي لاينتهي، رغم صعوبة عيشها كامرأة قعيدة منذ سنوات، ملازمة لفراشها دائمًا لعدم وجود المقدرة المادية لشراء كرسي متحرك يساعدها في التنقل والحركة، ورغم ذلك؛ هي دائمًا ماتنشر السعادة حولها بمزاحها وروحها المرحة على الدوام.
– ياستي خلاص كفاية انتِ لسة مخلصتيش؟ دا انت بقيتي بطيئة أوي.
قالت زهرة لتشاكس جدتها التي نكزتها بخفة خلف كتفها بالمشط الخشبي ترد:
– انا برضوا اللي بطيئة يامقصوفة الرقبة ولا انتي اللي شعرك دا مابيخلصش من طوله.
– كبري في قلبك ياستي، هو انتِ هاتحسديني ولا إيه؟ دا انا حتى غلبانة وماملكش غيره والنبي.
شهقت رقية بصوت اثار ضحك حفيدتها بهسترية وهي تردف بانفعال:
– احسدك دا ايه يابت؟ لهو انتِ فاكرة ان شعرك احسن من شعري، اشحال ان ماكنتِ ورثاه عن امك، اللي هي في الأصل بنتي وورثاه عني انا ياقليلة الأصل انتِ .
قهقهت زهرة صامتة مستمتعة بمناكفة جدتها والتي تابعت بغيظ:
– دا بدل ماتحمدي ربنا انك ورثتي حاجة مني، احسن ما كنتِ ورثتي شعر المنيل ابوكي.
– شعر ابويا مين ياستي بس؟ دا طار من زمان ومافضلش فيهم غير شوية على الجانبين فوق ودانه، دا اتبهدل خالص والنعمة.
وصل اليها صوت جدتها وهي تردف باستمتاع :
– ايوة ياختي ماانا واخدة بالي، دا فرق راسه بقى وسع رصيف العربيات ومع ذلك برضوا مش نضيفة ولا بتلمع، فاضلين فيهم ياعيني كام شعرة متنتورين كدة في النص، واكنهم زرع شيطاني في صحرا فاضية هههههه.
توقفت زهرة عن الكلام بعد ان افحمتها جدتها بخفة ظلها فجعلتها تضحك حتى أدمعت عيناها، حتى أجفلها صوت رنين هاتفها الخلوي الصغير من داخل غرفتها، فانتفضت واقفة :
– يالهوي ياستي، دا انا بايني اتأخرت ودي كامليا اللي بتتصل عشان تستعجلني.
– ولا اتأخرتي ولا حاجة، الوقت لسة في اوله بدليل ان المنيلة غادة بت احسان لساها مرزوعة مكانها ، ومطبتش زي القدر المستعجل فوق راسنا.
انهت جملتها رقية، لتفاجأ بصوت الجرس المزعج وصوتٍ نسائي تعلمه جيدًا يهتف من الخارج بميوعة :
– ياللا يازهرة بقى بدال ما نتأخر عن الشغل .
لوحت بكفها زهرة في أتجاه مدخل المنزل لجدتها قائلة:
– شوفتي؟ اهي جات عالسيرة أهيه، ياريتنا افتكرنا مليون جنيه ولا أي حاجة عدلة.
خطت لتتحرك نحو الباب ولكن رقية فاجأتها بجذبها من طرف عبائتها متمتمة بهمس وتحذير:
– لمي شعرك الأول قبل ماتفتحي الباب .
فتحت فاهها لتعترض ولكن أمام اصرار جدتها فعلت مضطرة تلملم شعرها خلف رأسها كدائرة على عجالة، قبل ان تهرول لباب المنزل وتفتحه لغادة التي كانت مائلة على إطار الباب، رمقت زهرة وماتريديه قائلة بحنق :
– لساكي بعبابة البيت؟ هو انتِ عايزاهم يدونا خصم على التأخير في الشركة يازهرة؟
– ربنا مايجيب خصم ياستي ولا حاجة، ادخلي انتِ بس وانا حالًا هاكون مخلصة .
قالت زهرة وهي تخطوا عائدة نحو غرفتها، دلفت خلفها غادة لداخل المنزل تلقي التحية على رقية وهي تنظر بالمراَة الصغيرة التي أخرجتها من حقيبتها لتتأكد من زينتها:
– صباح الخير ياستي، عاملة إيه النهاردة؟
تفحصتها رقية قليلًا قبل أن ترد على تمهل:
– اهلًا ياغادة، ازيك انت وازاي امك إحسان اللي بطلت ماتسأل عني؟
– كويسين والحمد لله، هي بس تلاقيها مشغولة حبتين، لكن اول ماتفضى، أكيد هاتجيلك.
اجابت غادة بعدم انتباه لتفاجأ برد رقية المنتقد وعيناها مرتكزة على ماترتديه:
– طب ولما انتِ حلوة ومطولة الجيبة على ناحية كدة، مش تكملي جميلك وتكملي الناحية التانية، بدال الحيرة دي والواحد مش عارف يشوفها ان كانت طويلة ولا قصيرة !
عوجت غادة فمها بزاوية وهي تردف من تحت اسنانها :
– دي الموضة ياستي ولا انتِ ماسمعتيش عنها؟
تبسمت رقية بسخرية اثارت غيظ غادة قائلة:
– موضة برضوا يابت؟ ودي جابوها في الجرايد بقى ولا في التليفزيون؟
صكت غادة على فكها وهي تشيح بوجهها عن هذه العجوز الماكرة، تعلم انها الخاسرة لو استمرت في الجدال معها، فهي لن تسلم أبدًا من لسانها السليط، ولكن حينما خرجت اليها زهرة من غرفتها وجدت فرصتها في الرد:
– ومكلفة نفسك ليه بس؟ ما كنتِ لبستي شوال أسهل .
– شوال في عينك .
هتفت بها رقية بحدة على الفور، اما زهرة التي أجفلتها السخرية على ملابسها، ففضلت التجاهل وإكمال لف حجابها الطويل، قبل ان تتناول حقيبتها وتخرج معها .

خارج الشقة القديمة في البناية بررت غادة لزهرة اثناء نزولهم الدرج:
– ماتزعليش مني يازهرة بس انا بصراحة بضايق لما اشوفك لابسة الدريسات الواسعة اوي دي، حاجة كدة ملهاش أي منظر وبتبينك تخينة.
ردت زهرة بعتب:
– تخينة ولا رفيعة، مية مرة اقولك إن دا نظامي في اللبس ياغادة، زي انتِ ما بتحبي لبسك يكون محدد جسمك ومبين رشاقته وجماله زي ما بتقولي، انا على العكس؛ بحب لبسي يكون حشمة ودا اللي برتاح فيه.
عوجت غادة شفتها قائلة باستخفاف:
– طب عرفنا انك بتحبي الحشمة وعدم الزواق بالمكياج، طب الحجاب بقى ما ينفعش يبقى حلو كدة وعالموضة بدال الكبير ده واللي مخليكِ زي ستي الحجة .
كتمت زهرة ضيقها وردت بحرج :
– حتى دي كمان نبهتك عليها وقولتلك قبل كدة، انا ماتحملش اي راجل عينه تيجي عليا، يقولوا تخينة يقولوا حجة المهم اكون مستورة وخلاص.
اوقفتها غادة فجاة على إحدى الدرجات حينما صدرت ذراعها على درابزين الدرج؛ تردف بنظرة ذات مغزى اثارت القشعريرة لدى زهرة :
– اقسم بالله انا اكتر واحدة فاهماكي، بقى ياخايبة لما تبقى الواحدة عندها امكانيات جامدة كدة وجبارة بدال ما تظهرهم للناس وتفرح بيهم، تخبيهم وتدفنهم؟ دا انت هبلة اوي .
خرج صوت زهرة الغاضب بنفاذ صبر:
– ابعدي ياغادة خلينا نمشي، وبلاش تلميحاتك المستفزة دي.
ابتعدت عنها تبتسم بسخرية واستخفاف اثار حنق زهرة التي أجفلت على سماع صوت الصرخات الاَتية من شقة ابيها الساكن أسفلهم بزوجته الثانية واولاده منها .
– يانهار اسود، دا باين ابويا بيضرب واحدة من خواتي وخالتي سمية بتحجز منه، تعالي نخش..
قاطعتها غادة تجذبها من يدها :
– لاهانروح ولا نيجي، اخلصي احنا متأخرين على الشغل .
– ياغادة بس خواتي .
– انجري يابت مش ناقصين نترفد.
………………………………..

بعد ساعة
وأمام المبني الشاهق الإرتفاع توقفت سيارة الأجرة خاصتهم بالقرب منه، كانت تهرول غادة وهي متقدمة بخطواتها عن زهرة المنشغلة بالحديث مع شقيقتها الصغرى في سردها عن الشجار الذي حدث بينها وبين أبيها.
التفت اليها تخاطبها بحدة:
– يابت مدي رجلك شوية خلينا نعدي الرصيف ونوصل الشركة، دي الساعة خلاص قربت على ٨ وبيننا هانتجازى صح .
أنهت زهرة المكالمة سريعًا وقالت بحدة :
– ماتهمدي بقى ياغادة شوية ، مش كفاية جرتيني معاكي زي البهيمة من غير ماادخل واحجز عن اختي صفية.
– ومالها ياختي اختك صفية بقى؟ ماتت ان شاء الله ولا خدتها الاسعاف .
قالت غادة وهي متخصرة بوسط الشارع، هتفت زهرة عليها بغضب:
– فال الله ولا فالك ياشيخة، مش تخلي بالك من كلامك، دا اللفظ سعد ، والبت أساسًا كانت بتكلمني وهي مفلوقة من العياط، بعد ابويا ماعدمها العافية هي وخالتي سمية معاها عشان بس طلبت منه فلوس الدرس.
مصمصت تلوك فاهها بسخرية:
– وطبعًا طالبة منك انتِ الفلوس، وانتِ وعدتيها ان بعد ماتقبضي النهاردة هاتديها وتأجلي شرا تليفون كويس، بدل عدة النحس اللي ماسكاها من سنين دي، ماهو دا العادي بتاع كل قبض.
صمتت زهرة وملامح وجهها اظهرت صدق توقع غادة التي هتفت حانقة:
– انا اتفقعت منك يابت انتِ، هامشي قدامك وانتِ حصليني، جاتك خيبة فيكِ وفي هبلك .
– الله يسامحك ياشيخة .
تمتمت بها زهرة وهي تفتح حقيبتها الجلدية كي تضع بها الهاتف ولكنها تفاجأت بصدمة بجسم معدني كبير اوقعها وسط الطريق واوقع هاتفها أيضًا، صرخت بجزع، حينما فرق بينها وبين مقدمة السيارة التي كبحت فراملها بحدة أصدرت صريرًا حادًا كي لا تتدهسها والمسافة بينهم لاتتعدى الشبر .
– مش تخلي بالك ياجدع انت .
– انا برضوا اللي اخلي بالي؟ ولا انتِ اللي سرحانة وكنتِ هاتوديني في مصيبة دلوقتي .
هتف بها بحدة سائق السيارة الذي خرج على الفور لزهرة؛ والتي دنت تتناول القطعة الأخرى من الهاتف، كي لا تدهسها السيارة، ثم رفعت رأسها اليه دون رد فتابع السائق بوقاحة؟
– امشي غوري اتعتعي بقى من وش العربية، مش ناقص بلاوي انا على اول الصبح.
– الله يسامحك انا مش هارد عليك .
هتفت بها زهرة وهي تحتجز سيل دموعها بصعوبة جراء الإهانة التي تلقتها، انتقلت عيناها لداخل السيارة الفارهة، فوجدت بها رجلين احدهما كان في الأمام بجوار السائق رجلُ ضخم يبدوا كأبطال المصارعة يحتل المقعد الأمامي، والاَخر كان جالسًا في الخلف، يبدوا بهيئته المهندمة والبراقة بشدة وكأنه إحدى المسؤلين أو احد ابطال السينما المشهورين بوسامته الشديدة، أجفلها هذا الرجل حينما ترك مكالمته التليفونية فجأة، وهتف على السائق:
– في إيه ياعبده؟ خلصنا وفض المهرجان دا بقى؟
رد السأئق ببجاحة وهي يعود لمكانه خلف عجلة القيادة
– اهي بلاوي وبتتحدف علينا ياباشا.
ابتلعت زهرة الإهانة بصمت وهي تتحرك لتبتعد من أمام السيارة الفارهة، لتفاجأ بعودة غادة التي ظهرت من العدم، تجذبها بغير استئذان نحو السيارة قبل أن تتحرك والرجل الجالس في الخلف.
– معلش ياجاسر بيه على اللي حصل، بس بنت خالي عندها ظرف وحش، واكيد ماخدتش بالها وهي معدية قدام عربيتك.
اومأ لها الرجل بكف يده بعنجهية قبل ان يشير للسائق بالتحرك، دون أن يلتفت نحوهم؛ مما جعل احساس الذل يجتاح زهرة التي فلتت ذراعها تصرخ بانهيار
– انت إيه اللي عملتيه ده؟ وايه اللي رجعك اساسًا؟ كنت ناقصاكي وناقصة جنانك مع واحد زي ده، مش كفاية اللي صابني منهم.
وكأنها لم تسمع ظلت غادة على وضعها مراقبة سير السيارة أمامها، حتى اختفت بمكان موضع السيارات داخل مبنى الشركة، ثم التفتت اليها بابتسامة متسعة.
– انا مش مصدقة نفسي وربنا، اخيرًا شوفته عن قرب وكلمته، يالهوي ياما دا حلو قوي من قريب.
لكزتها بقبضتها غاضبة:
– هو مين اللي حلو يازفتة انتِ؟ ماتفوقي بقى احنا لسانا في نص الطريق، ولا انتِ عايزة عربية تانية تدوسنا؟
غادة وهي ترد بهيام :
– دا جاسر بيه ابن صاحب الشركة ياهبلة، لهو انتِ معرفتهوش؟
– ومش عايزة ياستي أعرفه ولا اعرفك انتِ كمان.
اردفت بها زهرة وهي تعدو مبتعدة عنها والأخرى تبعتها من خلفها تردد:
– إستني يازهرة، يابت استني انا مش قادرة اللحق خطوتك من الكعب العالي.
………………………………

وبداخل الشركة وأمام المصعد الكهربائي، بعد أن لحقتها بصعوبة هتهفت عليها بلهاث:
– ماخلاص بقى يابت افردي بوزك ده، مش كفاية انك قطعتي نفَسي بالجري وراكي.
تكتفت زهرة دون أن ترد عليها، تكبح غضبها حتى لا تلفت اليها أنظار العمال وموظفين الشركة، ولكن مع إصرار غادة الإحتكاك بها ومداعبتها للتصالح، هتفت بعدم سيطرة:
– بس بقى، مش كفاية خليتي منظرنا زي الشحاتين قدام الراجل ده والسواق بتاعه قليل الأدب.
انتبهوا على صوت طرطرقة من الفم أتت من خلفهم وصاحبته تخاطبهم:
– ايه دا ايه دا؟ انتوا بتتخانقوا ولا إيه؟ طب مش تستانوني طيب عشان اتفرج ولا اقوم بالواجب معاكم
– قوليلها ياكاميليا، حكم دي عايزة تعملها فضيحة وتلم علينا الموظفين
اردفت بها غادة لصاحبة الصوت فرمقتها زهرة بحدة قائلة:
– أنا برضوا اللي عايزة اعمل فضايح؟ ولا انتِ اللي بتنقصينا قدام اللي يسوى واللي مايسواش.
شهقت غادة ضاربة على صدرها:
– يخرب بيتك!
تبعتها كاميليا مستفسرة:
– هي تقصد مين باللي مايسواش؟
انفتح أمامهم باب المصعد فجأة ليدلفن الثلاثة به، وردت غادة :
– انا هاقولك هي تقصد مين واحكيلك على اللي حصل، عشان بس المجنونة دي لما تقطع عيشك تبقي على علم!
قطبت كاميليا حاجبيها سائلة بدهشة:
– تقطع عيشي انا ليه بقى؟ هو انتوا هببتوا إيه بالظبط؟
……………………………..

بوقتٍ لاحق
وسط اليوم واثناء فترة استراحة الموظفين، كانت زهرة جالسة امام مكتب كاميليا، يتحدثن وبيد كل واحدة منهن شطيرتها،
كاميليا وهي تقضم من شطيرتها ويدها الأخرى تعمل على الحاسب الاَلي امامها:
– ماتزعليش منها يازهرة، بنت عمتك خفيفة وماصدقت تلاقي فرصة عشان تكلم جاسر بيه.
– فرصة!
اردفت بها زهرة باستنكار وتابعت:
– دا الراجل مكلفش نفسه حتى يهزلها راسه أو حتى يبصلها، دا يدوبك شاور بإيده كدة واكننا دبان قدامه، انا مش عارفة هي ليه كدة؟ تتكبر على أي حد اقل منها او زيها، انما قدام واحد زي ده، تقلب كدة واكنها شافت ملك قدامها.
تبسمت كاميليا وهي تلتفت اليها:
– مكدبش عليكِ، بس هو فعلًا بالشركات والأموال اللي تخص عيلته واللي بيدرها بنفسه، يعتبر ملك. هو انتِ بجد ماتعرفهوش؟
مطت شفتيها بعدم اهتمام:
– وهاستفيد ايه من معرفته يعني؟ اهو واحد غني زي اللي بنشوفهم في التليفزيون وخلاص، بس هو ازاي ابن صاحب الشركة ودي اول مرة اشوفه فيها؟
ردت كاميليا بتحليل كعادتها:
– ماهو مابيجيش غير في الشهر غير مرة او مرتين تقريبًا، لما يكون في اجتماع مع الباشا الكبير والده، او لما يكون في حاجة مهمة، وانتِ متعينة يدوب من تلت اشهر، دا غير انك مش متابعة السوشيال ميديا، فشئ طبيعي انك متعرفهوش.
زهرة بردٍ قاطع:
– ولا عايزة اعرفه، انا كفاية عليا اوي، ان اشتغل في الشركة دي اللي لحقت فرصتها اَخيرًا بمساعدتك، عشان افضل شايلة جميلك فوق راسي طول العمر
قالت كاميليا باستياء:
– لا ماتقوليش كدة يازهرة، الفضل بإيد ربنا وحده، واحنا يدوب اسباب.
– طبعًا اكيد، بس بجد انتِ تستاهلي كل خير، عمرك ماتكبرتي على حد مننا، رغم المكانة اللي وصلتيلها، لا وكمان فضلتي ورانا لحد ما وظفتينا معاكي في الشركة، بجد انا مش عارفة اقولك إيه؟
اردفت بها زهرة بامتنان نحو ابنة حارتهم، التي كافحت بمجهودها واخلاصها في هذه الشركة العملاقة، حتى وصلت لصفة مدير مكتب رئيس الشركة، ثم مساعدتها هي وغادة في العمل بها، ردت كاميليا متصنعة الحزم:
– بس يابت لا تشكريني ولا زفت، وغوري ياللا على شغلك، البريك قرب يخلص، ولا اقولك استني انا عايزاكي في حاجة.
– عايزاني في إيه؟
سألت زهرة قبل أن يفتح أمامهم باب المكتب الكبير، ليخرج منه احد الموظفين الرجال، والذي اقترب يلقي التحية بابتسامة مشرقة نحو زهرة بمجرد ان وقعت عيناه عليها.
– صباح الخير يااَنسة زهرة، عاملة ايه النهاردة؟
اومأت له برأسها تهمس بخجل اثار التسلية لدى كاميليا التي تركت مابيدها من عمل كي تستمتع بمتابعتهم:
– كويسة والحمد لله، تسلم يااستاذ عماد.
اردف هو بتساؤل:
– اخبار الكمبيوتر بتاعك إيه؟ شغال كويس ولا فيه اي عطل؟
حركت رأسها نافية بصوتها الخفيض:
– لا الحمد لله، من ساعة ما صلحته حضرتك، وهو بقى تمام معايا في الشغل.
رد باهتمام:
– طب لو هنج او قصر معاكي في أي حاجة قوليلي على طول، وانا تحت امرك في أي وقت.
– الأمر لله وحده، تسلم.
اومأت بها هامسة، وهو ظل للحظات متسمرًا مكانه لايريد التحرك، حتى تمكن من جر أقدامه للمغادرة بصعوبة أمام كاميليا التي كانت تتايع بابتسامة على وجهها، حتى اذا ذهب سألتها:
– إيه ده بقى؟ هو عماد عينه منك؟
– وانا ايش عرفني .
قالت زهرة تهز بأكتفاها ووجها تورد بالخجل، جزت كاميليا على أسنانها يضاحكة:
– اموت انا في الحب البرئ وشغل الكسوف ده.
– حب إيه وكلام فارغ إيه بس؟ ايه اللي بتقوليه ده يا كاميليا؟
غمغمت بها زهرة بخجل فنهضت كاميليا قائلة بمرح:
– بت انتِ، انا هاقوم أدخل الكام ملف دول لعامر باشا، استني انتِ هنا حلي المسألة دي على ما اوصلك.
– مسألة إيه؟
سألت زهرة وهي تتناول الورقة الكبيرة التي وضعتها أمامها كاميليا والتي أجابتها وهي تعدل من ثيابها قبل التحرك :
– دي مسألة قسمة مطولة، ميدو طالب مني أحلها واساعده فيها، وانت عارفة بقى صاحبتك خيبة في الحساب.
لاحقتها قبل أن تدلف لرئيسها:
– طب والبريك اللي قرب يخلص؟
– البريك فاضل عليه تلت ساعة يازهرة وانا ثواني وخارجالك.
اردفت بها كاميليا وهي تنظر لساعة يدها قبل ان تترك زهرة التي انكفت على الورقة تركز في مسألة القسمة التي امامها باهتمام حتى أجفلت على صيحة من خلفها:
– بتعملي إيه عندك ؟
انتفضت واقفة تلتفت لمصدر الصوت، فجحظت عيناها برعب وسقط قلبها من الخوف وهي تفاجأ بهذا الرجل الذي رأته في الصباح داخل السيارة التي كادت ان تدهسها وهو يتقدم نحوها بوجه متجهم وعنجيهية رأتها منه سابقًا؛ مرددًا بحدة :
– انتِ مين انتِ؟ وايه اللي مقعدك هنا ؟

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نعيمي وجحيمها)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *