روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثالث والخمسون 53 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثالث والخمسون 53 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت الثالث والخمسون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الثالث والخمسون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الثالثة والخمسون

أُخفِي الهَوَى وَمَدَامِعِي تُبْدِيهِ،
وَأُمِيتُهُ وَصَبَابَتِي تُحْيِيهِ.
وَمُعَذِّ’بِي حُلْوُ الشَّمَائِلِ أَهْيَفٌ،
قَدْ جمعتْ كلُّ المَحَاسِنِ فِيهِ.
فكأنهُ فِي الحُسْنِ صُورَةُ يوسفٍ،
وكأنني فِي الحُزنِ مِثْلُ أبيهِ.
يا حا’رقا بالنا’ر وجه محبه
مهلا فإنّ مدامعي تطفيهِ.
أحر’ق بها جسدي و كل جو’ارحي
واحرص على قلبي فإنك فيهِ.
إن أنكر العشا’ق فيك صبابتي
فأنا الهوى و ابن الهوى و أبيهِ.
_ابن الفارض
الملقب بـ “سلطان العا’شقين”
___________________________
<“أكانت هذه هي البداية حتى تكون تلك النها’ية”>
في بعض المواقف نشعر بلذة بدايتها وكأنها قطعة حلوة شهية كانت مُحر’مة على المرء، أغـ ـرته هيئتها الخار’جية وجعلت القلوب تتقا’فز مِن مُقلتيه وكأنه عا’شقًا لها، وحينما تأ’كدت مِن وقو’ع ضحـ ـيتها تبد’لت في الحال لتصبح أخرى سيـ ـئة، تنـ ـفر وتشمـ ـئز فقط فو’ر سماع أسمها، تشعر بالحما’قة لإنجذ’ابك إليها وجـ ـهلك لألا’عيبها وحِـ ـيلها الما’كرة، وحينما تنتـ ـهي مِن مهمـ ـتها تُلقـ ـيك في ظُلما’ت البـ ـر شـ ـريدًا بين الجميع، لتبدأ في ر’بط كل ما حد’ث حينما رأيت في إحدى المرات تلك العبارة التي جعلتك حينها لا تنخد’ع في المظهر الجميل واللافت للأنظار.
_لا تنخد’ع يا عزيزي فهي لذة البدايات ماذا تنتظر في نها’يتها !_.
صد’مة ألجمـ ـت “چويرية” التي تلـ ـقت صـ ـفعة قو’ية دو’ى صوتها المكان مِن شقيقتها الكبرى التي كانت تود قتـ ـلها، تدخل “أحمد” في الوقت المناسب وأبعـ ـد زوجته عن شقيقتها الوسطى بقو’ةٍ حينما رآها عادت تصفـ ـعها مِن جديد وتجذ’بها مِن خصلا’تها تنها’ل عليها بالصفـ ـعات والضـ ـربات القو’ية.
_بس يا “مِسك” الضر’ب مش حل ولا هيصـ ـلح اللي حصل أهدي.
_أهدى! أنتَ بتقولي أنا أهدى يا “أحمد”! مش مُدرك الكا’رثة اللي و’قعتنا فيها الهانم دا أنا هشر’ب مِن د’مها .. إيه هي فاكرة نفسها كبيرة علينا وخلاص الحبـ ـل سا’ب ومش هتلاقي اللي يو’قفها !.
أنهـ ـت حديثها المنـ ـفعل بعد أن إتخذت و’ضعية الهجو’م ضـ ـده حينما رأته يُبعـ ـدها عنها ويطلب مِنها الهدوء، فيما أوقفها هو بنبرةٍ حا’دة وهو ينظر لها قائلًا:
_”مِسك” بعد إذنك مش بالمنظر دا، إتحركي معايا يلا، يلا.
أنهـ ـى حديثه ثم أمسـ ـك بذراعها وسـ ـحبها خـ ـلفه دون أن يعيـ ـرها فرصة للرفـ ـض أو الإعتر’اض مغـ ـلقًا الباب خلـ ـفه، فيما سقـ ـطت “چويرية” أرضًا وهي تنخر’ط في البكاء المر’ير متقهقـ ـرةٍ، لا تصدق ما حد’ث وأوصلها إلى هذه النقـ ـطة السو’د’اء، لَم تستطع الد’فاع عن نفسها فهي حمقـ ـاء أ’كدت أن ما وصل إليهم جميعًا صحيحًا لَم تدا’فع ولَم تفعل شيئًا بل ثا’رت وغضـ ـبت وأفـ ـصحت عن سـ ـرها المخـ ـفي والذي إحتفظت بهِ لنفسها.
آ’منت لشا’بٍ غر’يبٍ لا تعلمه ولا يعلمها، وافقت أن تحا’دثه سرًا ولَم تُفكر في أن ما تفعله ما هو سوى جُر’مًا ستحاسـ ـب عليه مِن رب العالمين، تناست أحاديث أبيها وتعاليمه إليها وإيضاح الحلا’ل مِن الحرا’م، تناست ومع سماعها لأول كلمة غزلٍ شعرت بالسعادة تغمـ ـرها وكأنها تلقـ ـت جر’عةً كبيرة مِن المخد’ر الذي يجعلها تغـ ـيب عن العالم بأجمعه وتحـ ـملق في عالمٍ آخر.
فتا’ةٌ في سن المر’اهقة لَم ينتبه لها أحد لتترك هفوا’ت الريا’ح تطيـ ـح بها هنا وهناك دون أد’نى مقاو’مةٍ منها وكأن هذا يسعدها ويجعلها أسعد فتا’ةٍ على وجه الأرض، أنتظرت الحُبّ والشعور بتلك المشاعر اللذيذة مِن شخصٍ آخر وحينما حدث ذلك وقام بفضـ ـحها أصبحت لا تعلم ماذا تفعل وإلى مَن تلـ ـجأ خصيصًا أنها قد تم فضـ ـحها أمام عائلتها التي هي الحا’مي الأول لها.
ظلت تبكي وتند’ب حظها وغبا’ءها على ما أوصلت نفسها إليه وهي مازالت لا تعلم ماذا سيفـ ـعل بها والدها حينما يصل إلى هنا فبالتأكيد لن يدع الأمر يمر مرور الكرام على الجميع وأولهم هي.
________________________
<“جاء يوم تحقيق الأماني، وها هو يحقق أول أمنية”>
كانت تقف أمام المرآة تتجهز وهي في قـ ـمة سعادتها فاليوم هو يوم مولدها فسيأتي حبيبها لطلب الزواج مِنها اليوم، أقامت الأفراح وأعلـ ـنت ر’فع را’يات الإنتصا’ر أمام نفسها حتى هذه اللحظة، وقفت تنظر إلى إنعكا’س صورتها في المرآة لير’قص قلبها بسعادةٍ وهي ترى نفسها ستعيـ ـش هذه اللحظات مرةٍ أخرى وبطريقةٍ صحيحة ليست كسابقتها.
ولجت والدتها في هذه اللحظة لتطلـ ـق زغرودة عا’لية حينما رأت هيئتها الخا’طفة للأنفا’س وطلـ ـتها البهـ ـية لتبتسم إليها “برلين” دون أن تتحدث، أقتربت “مارتينا” مِنها ثم ضمتها إلى أحضانها وهي تقول بنبرةٍ سعيدة لأجلها:
_أنا مش مصدقة بجد، أخيرًا هفرح بيكِ وأشوفك عروسة زي القمر مع الشخص اللي يستا’هلك، لعلمك بقى أبوكِ هيوافق عليه ومش هير’فضه أسمعي مِني أنا عارفاه كويس، وبصراحة أنا متحـ ـمسة إني أشوفه حساه هيطلع واحد حلو كدا وشيك وأهو عمتك وبنتها العقار’ب دول يتـ ـكتموا.
_تعرفي أكتر حاجة هتفرحني بعد ما بابا يوافق إيه؟ إني هحر’ق د’مهم هما الإتنين، قعدوا ينبـ ـروا ويحفلوا عليا أديني جبت ظا’بط يوروني بقى عرض كتا’فهم.
أبتعـ ـدت عنها “مارتينا” وهي تنظر لها لتختـ ـفي بسمتها تدر’يجيًا حينما تذكرت أمرًا ها’مًا قد يكون أكبر سـ ـببٍ ير’فض بهِ “مـينا” الأمر ويغا’در حينها ستكون مصد’رًا للسخر’ية والأقا’ويل، لاحظت “برلين” حا’لة والدتها التي تبد’لت في الحا’ل لتتفهم السـ ـبب وتبدأ في الحد’يث حينما قالت بنبرةٍ هادئة:
_أنا مش عايزاكِ تخا’في مِن أي حاجة، أنا قعدت مع “مـينا” وفهمته كل حاجة حصلت مع الشخص اللي قبله ومخـ ـبتش عنه حاجة وهو عارف كل صغيرة وكبيرة ومتقـ ـبل دا وأ’صر يكمل وييجي يطلبني مِن بابا، بصراحة أنا حبّاه ومرتاحة معاه ومش عايزه غيره، حساه هيعو’ضني عن اللي فات وحياتي هتتغـ ـير.
تأملتها “مارتينا” قليلًا وهي تستمع إليها تخبرها ما حد’ث وأنها قد صارحته بكل شيءٍ حتى عد’م إنجا’بها وعلى الرغم مِن كل ذلك مازال يصـ ـمم على تكملة الطريق وجعلها زوجةٌ لهُ تحمـ ـل أسمه وتكون خيرُ رفيقٍ إليه، وتعلـ ـقه بها وعد’م السماح للتفر’قةِ بها جعلها تشعر بالسعادة الكبيرة والراحة نحوه والإطمئنان إليه.
وحينما أنهـ ـت “برلين” حديثها رأت والدتها تبتسم إليها بعد أن ألتمـ ـعت العبرات د’اخل مُقلـ ـتيها لتقول بنبرةٍ حما’سية:
_مش قولتلك بيحبّك وأبوكِ هيوافق، صدقيني وهتقولي “مارتينا” قالت.
أبتسمت “برلين” بسعادةٍ كبيرة وقالت بنبرةٍ متلـ ـهفة:
_يارب يا ماما بجد نفسي يوافق أنا هفرح أوي وقتها.
وبعد مرور نصف ساعة..
وصل “مـينا” رفقة والدته و “بـيشوي” و “ديفيد” ليتبادلون التحية الودية بينهم جميعًا وإعطاء كرم الضيافة، وها هم الآن يجلسون سويًا لتبدأ والدة “مـينا” حديثها وهي تنظر إليه قائلة:
_بصراحة كدا يا أستاذ “فوزي” أنا جاية عشان أطلب إيد بنتك “برلين” لأبني “مـينا”، قولت إيه؟.
تو’لى هو مـ ـهمة الردّ بعد أن أبتسم لها وقال بنبرةٍ ودو’دة:
_واللهِ يا مدام “ميرڤت” شـ ـرف لينا، هنلاقي عيلة تشـ ـرف زيكم فين يعني.
_دي عيلة متشر’فش صدقني، دي عيلة بنـ ـت *** أنا عارفهم.
هكذا حا’دث “مـينا” نفسه بعد أن أستمع إلى مد’يح “فوزي” في عائلتهم ليبتسم إليه بمجا’ملة حتى لا يتم كشـ ـف أمره.
_واللهِ الرأي في الأول والأ’خير رأي “برلين” دي حياتها وكلمتها سـ ـيف.
نظروا جميعهم إليها حيث كانت تجلس أمام “مـينا” الذي كان طوال المجلس ينظر لها وكأنه مسحو’رًا بها وبطـ ـلتها التي سَـ ـلَبت لُـ ـبه وخـ ـطفت أنظاره نحوها دون أد’نى مجهو’دٍ مِنها، تو’ترت كثيرًا خصيصًا حينما رأت الأعين جميعها قد أتجـ ـهت لها ومِن بينهم عيناه التي كانت تحاو’طها وكأنه يفر’ض سيطـ ـرته عليها، فارسٍ نبيل خا’ض المعا’رك وقطـ ـع طريقًا شا’قًا وطويلًا وحده حتى تكون هي مكافئته في نها’ية طريقه المتعـ ـب ذاك.
أخفـ ـضت رأسها حينما طغـ ـى الخجـ ـل عليها لتقول بنبرةٍ خا’فتة خجو’لة:
_اللي تشوفه حضرتك.
أبتسم وهو ينظر لها بعد أن وصله جوابها، كيف لا وهي أبنته التي تربت وعا’شت تحت كنـ ـفه منذ أن كانت فتا’ةٌ صغيرة حتى أصبحت شا’بة كبيرة ونا’ضجة، هو ر’اعٍ يعلم جيدًا ر’عيته كيف تكون ولذلك نظر إلى “مـينا” وأبتسم إليه قائلًا:
_موافق يا “مـينا”، شايف فيك حاجة كويسة ومتأ’كد إني هديها لشخص أ’مين وبيخا’ف عليها زيك.
أما سمعه صحيحًا أم أنه يتـ ـهيء إليه ذلك؟ تراقص قلبه دا’خل قفـ ـصه الصد’ري بسعادةٍ طا’غية ليبتسم بإتسا’عٍ وهو ينظر إليها هي، هي التي إستطاعت جذ’ب أنظاره لها، هي التي كانت صاحبة الفضل الكبير لجعله الآن شخصًا آخر.
أبتسمت هي بخجـ ـلٍ وهي تخفـ ـض رأسها بعد أن شعرت بنظراته مصو’بة نحوها، ولَكِنّ السعادة لا تكتمل في وجود الأفا’عي السا’مة ولذلك أتاهم الردّ القا’سي مِن عمتها التي قالت بتهـ ـكمٍ واضح:
_أيوه بس هو أنتَ متعرفش إن “برلين” مطـ ـلقة ومبتخـ ـلفش؟.
صد’مة ألجمـ ـت الجميع على رأ’سهم “برلين” التي أصا’بتها ضر’بة قو’ية أ’على رأ’سها، تو’ترت الأجواء فيما أشا’ح “بـيشوي” بوجهه بعيـ ـدًا وهو ينظر إلى “ديفيد” الذي عَلِمَ نو’ايا هذه العائلة ونظرته الثا’قبة التي أخبرته عن مكـ ـرهم ولذلك نظر إلى رفيقه ينتظر ردّه.
فيما كانت “مارتينا” تنظر إلى “فوزي” وهي تشعر بالتو’تر الشـ ـديد وهي تتمنى أن ينقـ ـذ الموقف سر’يعًا قبل فو’ات الأوان، ر’مقت شقيقة زوجها بو’عيدٍ وهي تتو’عد لها بدا’خلها، ولَكِنّ قا’طع ذلك “فوزي” الذي إبتـ ـلع غصته وقال بنبرةٍ مضطـ ـربة:
_بُص يا ابني الحكاية إنه…
_عارف يا عم “فوزي” كل حاجة.
قا’طعه “مـينا” بهذه الجملة وهو ير’مق عمة “برلين” نظرةٍ متحـ ـدية وكأنه يخبرها أنه ليس بأحمـ ـقًا هنا ويعلم كل صغيرة وكبـ ـيرة عنها، تظنه أبلـ ـهًا أو ما شابه، نظر إليها بطر’ف عينه نظرةٍ ذات معنى ثم أعتـ ـلت الإبتسامة ثغره وكأنه يتحـ ـداها أنه لن يسـ ـمح لها بالنَيـ ـل مِنها أو تد’مير سعادتها.
أعتدل في جلسته وهند’م سترته الكحـ ـيلة ومِن ثم ر’مقها نظرةٍ ذات معنى وقال بنبرةٍ جا’دة:
_أنا عارف كل حاجة، “برلين” صار’حتني بكل حاجة قبل ما تديني الميعاد وأنا بصراحة مش مهـ ـتم، أنا عايزها هي أصل الجواز مش خلـ ـفة وبس، ولو دا منظو’رك يا أستاذة فأحتفظي بيه لنفسك عشان مش محتاجه.
إشتعـ ـلت النير’ان د’اخل صد’رها وهي لا تشعر إلا بالغضـ ـب الشـ ـديد والحقـ ـد نحوه، فيما نقـ ـل هو بصره نحو “فوزي” وقال بنبرةٍ هادئة:
_ها يا عم “فوزي” تحبّ نعمل الإكليل أمتى؟.
نظرت “مارتينا” إلى زوجها بعد أن فا’جئها “مـينا” بعمل إكليلٍ وليس نصف إكليل ليبادلها نظراتها بأخرى هادئة ثم خـ ـطف نظرة سر’يعة على أبنته التي كانت تنظر بعيـ ـدًا وهي تضغـ ـط على يديها بخجـ ـلٍ ولَكِنّ كانت سعيدة والإبتسامة تزين ثغرها ليعلم أنها را’ضية عن هذا الزواج وأيضًا سعيدة على العكـ ـس مِن الأخرى التي د’مرتها وجعلتها جسـ ـدًا بدون رو’ح.
ومِن هنا عَلِمَ أن “مـينا” يختلف عن الآخر وأنه سيحا’فظ عليها ويسعدها ولذلك نظر إليه وقال بنبرةٍ هادئة:
_الإجابة أنا خدتها ولو كانت “برلين” مش موافقة كانت أعتر’ضت دلوقتي ولَكِنّ واضح كدا إنها را’ضية وموافقة وعلشان كدا بعد شهر مِن دلوقتي تجهز حالك ويكون هي ظبطت أمورها.
_يعني أفهم مِن كدا إيه برضوا؟.
لَم يستطع حل الأمر بالشكل الصحيح أو التوصل إلى نقـ ـطةٍ محددة ولذلك أتاه ردّ “فوزي” الذي أبتسم وقال:
_مش أنتَ جاهز؟.
_أيوه ومستنيك تقولي نجيب الشبكة حتى لو هنلبسها بينا وبين بعض مش مهم بس أضمن محدش ييجي ياخدها.
ضحك “فوزي” على تفوهاته وكذلك شاركه الجميع ليأتيه الردّ هذه المرة مِن “بـيشوي” الذي قال بنبرةٍ ضاحكة:
_ما أنتَ كدا هتجيبها وكدا هتجيبها يا “مـينا” مالك.
نظر إليه “مـينا” نظرةٍ ذات معنى ثم نظر إليها وقال بنبرةٍ متعجـ ـلة:
_بقولك إيه قومي نجيبها دلوقتي يلا أبوكِ عمال يلا’عبني وأنا مش فاهم حاجة خالص.
مِن جديد تعا’لت الضحكات بينهم ليتحركوا بالفعل إلى محل المجوهرات بعد أن أتفق “مـينا” مع “فوزي” على كل مجريات الأمور وها هما يقفان بجوار بعضهما وتقف “برلين” في حيرةٍ مِن أمرها بين العديد مِن خواتم الزواج الموضوعة أمامها، شعرت بالتو’تر خصيصًا حينما كانت تقف هكذا في المرة السابقة وحينما أختارت خاتمًا وبـ ـخها وأتهـ ـمها بالأنا’نية.
ولذلك هذه المرة لن تكرر فعلتها وبدأت تنتقي الأقل سعرًا فيما تعجب “مـينا” كثيرًا وعقد ما بين حاجبيه وطا’لعها بنظراتٍ مستنـ ـكرة وقال:
_”برلين” هو أنتِ بتعملي إيه.
_بنقي خاتم.
_بس دول تمـ ـنهم قليل!.
نظرت إليه حينها لتتقابل بُنيـ ـتيها مع زيتو’نتيه في لحظةٍ تتشابك بها القهوة مع الزيتون الآخر في مقابلةٍ فريدة مِن نوعها ولَكِنّ كانت نكهتها خاصة ولذيذة، أجابته بنبرةٍ هادئة وقالت:
_معلش شوية وهتتعود على الوضع، الإنسان بيتعلم مِن تجاربه وأنا مش عايزة أكرر غـ ـلطتي مرتين.
أستنـ ـكر قولها بالكامل بالإضافة أنه لَم يقتنع بهِ ولو للحظةٍ واحدة ولذلك أجابها هو كذلك بنبرةٍ هادئة يشر’ح لها الوضع الذي هما بهِ الآن:
_بُصي أنا عارف إن كان ليكِ تجربة فا’شلة قبلي ودي أنا مليش علا’قة بيها عشان متخصـ ـنيش ولا هي بتاعتي، بس حاليًا الوضع مختلف تمامًا عن الماضي يعني اللي قدامك دا “مـينا” الشخص اللي بيحبّك ومستعد يعمل أي حاجة عشان خاطرك وسعادتك عندي فـ المقام الأول يعني مِن أولوياتي، أنا عايزك تختاري اللي يعجبك أبعـ ـدي عن الحاجات دي خالص وأي حاجة هتعجبك مِنهم هاتيها وملكيش دعوة دي هدية وتقدير مِني ليكِ، ليكِ عندي خاتم ومحـ ـبس وسلسلة فـ بعد إذنك أختاري اللي تحبّيه وفـ ـكك مِن جَو الفلوس دا أنا الحمد لله فُل معايا أوي ومش شا’يل هم، أتفضلي بقى بعد إذنك.
أنهـ ـى حديثه وهو يشير إليها نحو الخواتم الموضوعة على سطـ ـح الطاولة الزجا’جية، فيما شعرت هي بالعديد مِن المشاعر تدا’همها، إنه يعاملها كالأميرات وليست مجرد فتا’ة سيتزوجها وتصبح زوجته، إن قارنت بينه وبين الآخر ستجد المقارنة كفـ ـرق السماء عن الأرض وستظـ ـلم هذا الشا’ب بوضعه في مقارنة حقيـ ـرة مع الآخر عد’يم الإنسا’نية والمرو’ءة.
_تحبّي أساعدك؟.
طا’لعها مبتسم الوجه لتتر’قرق العبرات دا’خل مُقـ ـلتيها بسـ ـبب كم المشاعر التي تدا’همها ولرؤيتها لمعاملته الليـ ـنة والطيبة معها، وبالفعل بدأ ينتـ ـقي معها أجملهم أسفـ ـل نظرات عمتها وابنة عمتها النا’قمة تتمنى لهما الشـ ـر بسـ ـبب نفسها وشيـ ـطانها الذي يسيـ ـطر عليها، فيما كانت “مارتينا” سعيدة وبشـ ـدة وهي تنظر إليهما مبتسمة الوجه يرافقها “فوزي” الذي كان ينظر إلى “مـينا” يتابعه طوال الوقت.
وبعد مرور القليل مِن الوقت كانت “برلين” قد أختارت ما نا’ل إعجابها وعلى الرغـ ـم أنه با’هظ الثمن ألا أنه كان يرى أنه ليس لمقا’مها بل تستـ ـحق الكثير والكثير مِن الذهب، قامت هي بإنتقا’ء خاتمًا فضي اللو’ن إليه وقد جعل الر’جُل ينقـ ـش عليه مِن الدا’خل إسمها أسفـ ـل ذهو’لها وعد’م القد’رة على أستيعا’ب ما يحد’ث حوله.
نظر إليها بطر’ف عينه وأبتسم إليها بليـ ـنٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_أنا لو أطول أحفـ ـر أسمك جوه قـ ـلبي هعملها، أنتِ الحاجة الوحيدة اللي صلـ ـحت جوايا حاجات هي مبو’ظتهاش يا “بيري”، أنا بحبّك أوي ومحظوظ بيكِ.
مشاعر جديدة تد’اهمها وأختبا’ر جديد تقـ ـع بهِ لتشهـ ـد أنها على وشـ ـك بدء مغا’مرة حبّ جديدة مع شخصٍ آخر أكثر لينًا وحنانًا عليها، شعرت وكأن ثمة فراشات تد’اعب معدتها لتبتسم إليه بخجـ ـلٍ فطـ ـري دون أن تتحدث، أقتربت “ميرڤت” مِنهما ومِن ثم وقفت بينهما وقالت مبتسمة الوجه حينما نظرت إلى “برلين”:
_قوليلي يا “برلين” إيه الأخبار أتمنى تكون الشبكة عجبتك وتكوني منقـ ـية على راحتك محدش جبـ ـرك على حاجة.
أبتسمت إليها “برلين” حينما نظرت إليها لتقول بنبرةٍ هادئة:
_بالعكـ ـس واللهِ الشبكة حلوة أوي وعجبتني، وكمان “مـينا” أختار معايا.
نظرت هي إلى ما أبتاعته ثم قالت وهي تنظر إليها قائلة:
_حلوين يا حبيبتي تتهني بيهم يارب، أوعي بس ييجي تاني يوم يقولكم عايزهم أوعي.
أنهـ ـت حديثها التحذ’يري لها لتضحك “برلين” على حديثها وهي تنظر إلى “مـينا” الذي نظر إلى والدته وقال:
_تصدقي يا “ميرڤت” أنا غـ ـلطان مِن أولها، لازم التا’تش بتاعك يعني يا ستي وربنا ما هاخد منها حاجة يارب أكون رَ’يحتك مِن الأفكار دي.
ر’مقته “ميرڤت” نظرةٍ ذات معنى ثم قالت بنبرةٍ جا’دة:
_طبعًا فلوس الشبكة حاجة وفلوس تجهيز الشقة بكل حاجة حاجة تانية خالص يعني متضحكش عليها بكلمتين حلوين على تثـ ـبتين أوعي يا “برلين” أبني وأنا عارفاه كويس.
زفـ ـر “مـينا” وأشا’ح برأسه إلى الجهة الأخرى وهو يتمتم بعدة كلماتٍ خا’فتة وغير مفهومة لتبتسم “ميرڤت” وتقوم بصـ ـفعه على ذراعه برفقٍ قائلة بنبرةٍ مرحة:
_بهزر معاك يا و’اد يخر’بيت قـ ـلبتك، مش مِن أولها كدا.
__________________________
<“ورغم ضعـ ـفي وقلـ ـة حيـ ـلتي، إلا أنني لا أنساك ربي”>
حاول الإنتظا’م على علا’جه الطبيعي والمشرف عليه طبيبه الذي يأتي بشكلٍ مستمر حتى ينتظم في جـ ـلساته، بدأ الأمل يشـ ـع نورًا أمامه حينما بدأ يستند على عكا’زيه في محاولة تحريك قد’ميه حتي يعود بشكلٍ طبيعي للسير عليها وبسـ ـبب تحمـ ـسه وعز’يمته وإيمانه برب العالمين بدأ يسير قليلًا و’حيدًا دون مساعدة أحدٍ أو اللجوء إلى مقعده المتحـ ـرك أو عكا’زيه.
كان يتابع جلـ ـساته في الحديقة رفقة الطبيب الخاص بهِ وهو يقول ببعض التمارين الرياضية لتنشـ ـيط الد’ورة الد’موية في جـ ـسده مِن جديد وعلى الجهة الأخرى يرافقه أخيه الصغير الذي كان سعيدًا لرؤية أخيه يشفـ ـى يومًا بعد يوم بشكلٍ تدر’يجي.
تقدم “عُـمير” مِنهم ليجاور “يزيد” في وقفته مستندًا بذ’راعه على كتفه يتابع رفيقه الذي كان يتأ’لم بين الفينة والأخرى مستكملًا جـ ـلسته، أقترب كذلك “ليل” الذي كان يتحدث في هاتفه وحينما أصبح يجاورهما أنهـ ـى المكالمة قائلًا:
_إيه الأخبار؟ شايف في تحسن عن الأيام اللي فاتت.
_بس بيتـ ـعب مِن الوقت للتاني، لسه موصلش للمرحلة اللي عايزينها.
هكذا جاوبه “يزيد” الذي لَم تبتـ ـعد عينيه عن أخيه، فيما دعمه “ليل” ببعض الكلمات الحما’سية والمشـ ـجعة حتي يُكمل جلـ ـسته، وبعد مرور القليل مِن الوقت أنتهـ ـى “حُـذيفة” مِن جلـ ـسته التي أر’هقته كثيرًا هذه المرة، أقترب أخيه وهو يد’فع المقعد ليجلسونه عليه مِن جديد كما كان في السابق يطمئنون عليه.
_الحمد لله أنا شايف في تحسن كل مرة ودا كويس أوي ليك، كمان ٥ جلـ ـسات وتبقى زي الفُل بإذن الله.
طمئنهم الطبيب ثم ودعهم وذهب، فيما فتـ ـح “يزيد” زجاجة العصير وأعطاها إلى أخيه قائلًا بنبرةٍ حنونة:
_سمي الله واشرب يلا يا حبيبي أنتَ تـ ـعبت النهاردة والجلـ ـسة كانت صـ ـعبة عليك.
أخذها “حُـذيفة” مِن يده وقام بالتسمية ثم بدأ يرتشف مِن الزجاجة على د’فعاتٍ متفر’قة، جلس “يزيد” مع أخيه فيما أقترب “عُـمير” مِن رفيقه “ليل” ليقف بجواره قائلًا:
_مش ظاهر يعني بقالك فترة ولا بشوفك مع إننا قاعدين فـ مكان واحد، إيه نسيتني يا .. صاحبي.
نظر إليه “ليل” ثم أستدار بجسـ ـده إليه حتى يتسنى إليه رؤيته بشكلٍ أوضح ليجاوبه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_أبدًا وأنا أقدر، أنا بس مشغو’ل ما بين الشغل والو’لاد أكمني مبقعدش معاهم كتير ويعتبر مش بشوفهم غير على آخر اليوم.
زفـ ـر “عُـمير” بعمـ ـقٍ ثم ربت على ذراعه برفقٍ وقال:
_ولا يهمك، ربنا يعينك على اللي أنتَ فيه، طمني عليك أنتَ كويس الدنيا ماشية معاك يعني.
أبتسم إليه “ليل” برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_أنا بخير الحمد لله يا حبيبي، طمني على “غدير” أخبارها إيه هي والبنو’تة.
_الحمد لله فترة صـ ـعبة بس هتعـ ـدي يعني بمشيئة ربنا، كلها شهر وربنا يكرمنا وتيجي بالسلامة.
أتسـ ـعت أبتسامة “ليل” وربت على كتفه برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_تيجي بالسلامة إن شاء الله وتفرح بيها يا حبيبي.
_”ليل!”.
ألتفت إليه “ليل” ينظر لهُ ثم أقترب مِنهُ بخطى هادئة رفقة “عُـمير” ليجاور “يزيد” في جلسته قائلًا:
_نعم يا “حُـذيفة”؟ أنتَ كويس ولا حاسس بتـ ـعب.
أبتسم إليه “حُـذيفة” وقال بنبرةٍ هادئة:
_أنا بخير الحمد لله يا صاحبي، أخبارك إيه يا بيه أنتَ كمان هو أنا لازم أشوفك بالصدفة يعني.
أبتسم “عُـمير” ومِن ثم حـ ـك لحيته برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_حـ ـقك عليا، أنا عارف إني مأ’ثر معاك واللهِ بس غصـ ـب عنّي الشغل واخدني منكم حـ ـقكم عليا وحـ ـقك عليا أنا كمان.
أبتسم إليه “حُـذيفة” ثم مـ ـدّ يده وربت على ركبته برفقٍ قائلًا:
_ولا يهمك حياتنا كلنا مليا’نة مشاغـ ـل، أهم حاجة المشاغـ ـل متنسناش بعض ولا تبعـ ـدنا عن بعض لدرجة إنها تحسسنا إننا أغـ ـراب، ربنا يعينك ويوفقك يا حبيبي على اللي جاي.
أبتسم “عُـمير” وشعر بالسعادة تغمـ ـر قـ ـلبه بتواجد شا’بٍ كـ “حُـذيفة” في حياته، إنه مثل الدواء حينما يوضع على جر’وحنا فيطـ ـيب، صدح آذان العصر مِن المسجد القريب مِنهم ليقول “حُـذيفة” بنبرةٍ هادئة:
_عن إذنكم يا شبا’ب هروح أصلي العصر حاضر في المسجد، ولا هتيجوا معايا ولا إيه نظامكم.
_لا يا عم هنروح نصلي طبعًا، يلا بينا.
أنهـ ـى “ليل” حديثه وهو ينهض للأستعداد للذهاب إلى المسجد، فيما نهض “يزيد” وتو’لى هو د’فع مقعد أخيه المتحرك رفقة أو’لاد عمومته متجهين إلى المسجد وهم يمزحون مع بعضهم البعض مثلما أعتادوا دومًا.
_________________________
<“أن تسبق عد’وك بخطوة خيرٌ مِن أن يسـ ـبقك هو بخطوتين”>
ولج رفقة أخيه إلى قسـ ـم الشـ ـرطة ومِن ثم أتجها إلى مكتب صديقهما المخلـ ـص لتبدأ جلستهم الها’مة والتي تشكل فا’رقًا كبيـ ـرًا على حياتهما، وبعد الترحيب بينهما جلسوا ثلاثتهم لتبدأ الأحا’ديث الجا’دة بينهم.
_في الحقيقية يا “سانتـو” لقد جئتُ أنا وأخي حتى نجد الحل المناسب لمشـ ـكلتنا الجديدة التي قد وقـ ـعنا بها.
نظر إليه “سانتـو” بعد أن صـ ـب كامل تركيزه معه ليقول بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_ماذا تقصد يا “إيدن” أخبرني التفا’صيل رجاءًا.
أخذ “إيدن” نفـ ـسًا عميـ ـقًا ثم زفـ ـره بعمـ ـقٍ ليبدأ حد’يثه الذي أتخذ منهج الجـ ـد والصرا’مة فيما كان أخيه و “سانتـو” يستمعان إليه بهدوءٍ تام دون أن يقا’طعه أيًا مِن الطر’فين لمدة عشر دقائق متوا’صلة، وحينما أنهـ ـى حديثه زفـ ـر “سانتـو” بعـ ـمقٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_حسنًا أنصت لي جيدًا يا “إيدن”، لن تستطيع جدتك أن تفعل شيئًا مهما حد’ث، هذا حـ ـقٌ شـ ـرعي مثلما يقول د’ينكم ولذلك ليس مِن حـ ـقها أن تأخذه مهما حد’ث وإن حد’ث ذلك يتد’خل القا’نون وتُعا’قب على ذلك ويعود الحـ ـق لأصحابه، ولذلك إن كان معكما ورقة ر’سمية تثبـ ـت حـ ـقكما في المنزلين والشركة فهي لن تستـ ـطيع أن تفعل شيئًا حتى وإن قامت ولجأت للتز’وير.
_نعم “سانتـو” ولَكِنّ ماذا عن سلا’متنا نحن، جدتي امرأة ليست لطـ ـيفة وعلى الرغم أنها عجوز ولَكِنّ إن أرادت فعل شيءٍ ستفعله ولن تتر’دد، “سانتـو” زوجتي الآن حـ ـبلة وفي أشهرها الأ’خيرة وأنا أ’خشى عليها مِن جدتي خصيصًا حينما جاءت لي منزلي تهـ ـددني قامت بإلقا’ء نظرةٍ غير مطمئنة إلى زوجتي وكأنها تنتو’ي على أذ’يتنا بالحق.
زفـ ـر “سانتـو” بعمـ ـقٍ وصمت لبرهةٍ مِن الوقت قبل أن يُكمل حديثه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_حسنًا إن كنتما خا’ئفين على زوجاتكم فسأقوم بإخر’اج ورقة ر’سمية لكما وإرسال خطابًا تحذ’يري لها على عد’م الإقتراب مِنكم وكونكما قمتما بر’فع محـ ـضرٍ ضـ ـدها بعد’م التعـ ـرض لكما ولزوجاتكم وإن حدث وخا’لفت ذلك فستتعـ ـرض للمسألة القا’نونية وستعا’قب وأنا أريد منكما بأخذ محامٍ لكما حتى يضمن لكما حقو’قكم الشـ ـرعية لأن هذا أنا لا أفهم بهِ كثيرًا.
أنهـ ـى حديثه وهو ينظر لهما فيما نظر “إيدن” إلى أخيه الذي ألتزم الصمـ ـت يفكر في حديث “سانتـو” خصيصًا أن حديثه صحيحًا مئة بالمئة ويضمن سلامتهم وحقو’قهما الشـ ـرعية التي تسـ ـعى للأخذ بها بالقو’ة، أرسل إليه نظرة تأ’كيدية أن يفعلا هذه الخطوة فـ “إيثان” لن يتهو’ر ويريد ضمان سلا’مة زوجته كذلك.
ولذلك بدأ “سانتـو” بالإجر’اءات حينما تلـ ـقى موافقتهما، صدح رنين هاتف “إيثان” عا’ليًا بإتصالٍ هاتفي ليقوم بإخر’اجه مِن جيب بنطاله ليرى زوجته مَن تهاتفه، أستأذن مِنهما ونهض مبتعـ ـدًا عن مر’ماهما ليجيبها، فيما ظل “إيدن” برفقة “سانتـو” يتابع ما يفعله بهدوءٍ وهو يعلم أن هذا هو الصواب.
أن تسبق عد’وك بخطوة خيرٌ مِن أن يسبقك هو بخطوتين ويقوم بإلتها’مك، عاد لهما “إيثان” مِن جديد وجلس برفقة أخيه يتابع صديقه الذي حينما أنهى كل شيء نظر لهما وقال مبتسم الوجه:
_لا تخا’فا أرسلنا لها خطابًا مثلما أخبرتكما وذكرت أسماءكم وأسماء زوجاتكم، لن تجر’ؤ على فعل شيءٍ مهما حد’ث.
شعرا بالراحة قليلًا ثم نظرا إلى بعضهما البعض دون أن يتحدث واحدٍ مِنهما، وبعد مرور القليل مِن الوقت خرجا مِن قسـ ـم الشـ ـرطة ومِن ثم توجها إلى المنزل والصمـ ـت سيد المكان.
زفـ ـر “إيدن” بعـ ـمقٍ ثم نظر إلى أخيه الذي تولى قيادة السيارة ليقول متسائلًا:
_هل تظن أن هذا الحل سوف ير’دعها عن أفعالها الحمـ ـقاء تلك؟.
_أأمل أن يحدث ذلك يا أخي، لقد طفـ ـح بي الكيـ ـل مِن أفعال تلك العجوز الشمـ ـطاء، كل ما يشغـ ـل تفكيري “تكوى” لا أكثر سلامتها في المقام الأول لي.
حرك الآخر رأسه برفقٍ وكأنه يؤ’كد على حديثه قائلًا:
_نعم أنت محق، سلامتهن في المقام الأول.
أبتسم “إيثان” أبتسامة خفيفة دون أن يتحدث ليلتزم كلاهما الصمـ ـت مِن جديد كلٌ مِنهما شاردًا في عالمه الخاص بهِ.
__________________________
<“حل المعـ ـضلة بالعقل وليس بالضر’ب”>
كانت تدور حول نفسها كالمجـ ـنونة وهي تشعر أنها على وضع قدمها في أولى مراحل الجـ ـنون رسميًا، مازالت لا تصدق ما رأته عيناها وكأنها في كابو’سٍ أسو’د وستستيقظ مِنهُ قريبًا، ولج إليها “أحمد” وأغـ ـلق الباب خـ ـلفه لتلتفت هي على أ’ثر إغلا’قه تراه ينز’ع سترته الر’مادية، أقترب مِنها بخطى هادئة ليسمعها تقول بتـ ـلهفٍ:
_إيه اللي حصل عملت إيه ولا كُنْت فين.
زفـ ـر بعمـ ـقٍ وأجابها بنبرةٍ هادئة وقال:
_مفيش روحت لـ “علي” عشان نشوف إيه الحوار وهو قال إنه ممكن يهـ ـكر تليفون الو’اد اللي بعت الصور مِن غير ما يحـ ـس ويشوف إذا كانت الصور دي بجد ولا لا، بس أكيد لا مش محتاجة تفكير أنا وأنتِ وكلنا عارفين “چويرية” وعارفين إنها متقدرش تعمل ولا تفكر فـ حاجة زي دي، مستحيل أنا عارفها حتى لو غـ ـلطت وكلمته بس مش هتعمل كدا نها’ئي، لازم نحط النقـ ـط على الحـ ـدود وحد فينا يقعد يتكلم معاها بهدوء ويفهم مِنها صعـ ـب لو أتهـ ـمناها بجد وصدقنا الهبـ ـل دا ويطلع هو اللي *** وهي معملتش حاجة أساسًا.
زفـ ـرت هي بعمـ ـقٍ وجلست على طر’ف الفراش وهي تعيـ ـد خصلاتها إلى الخلـ ـف بعد أن شعرت أن رأسها ستنفجـ ـر مِن كثرة التفكير في هذا الأمر، جلس بجوارها ليسمعها تقول بنبرةٍ هادئة:
_مش قادرة أصدق لحد دلوقتي يا “أحمد”، أنا كل صر’يخي وضر’بي ليها مِن صد’متي واللي شوفته متحمـ ـلتش بجد، أختي أنا عارفاها كويس وحفظاها بس متصورتش إن الموضوع يوصل لكدا.
_”چويرية” دلوقتي فسِن مينفعش نتها’ون بيه، سِنها خطـ ـر ولو شافت حد بيعمل كدا فأكيد هتقلده زي ما قالت اشمعنى “عادل” و “عز”، لازم حد يو’عيها أنا عارف إن عمي مش هيسكوت ولا يعد’يها بالساهل كدا، بس برضوا لازم عـ ـين تبقى عليها.
زفـ ـرت “مِسك” بعمـ ـقٍ وقالت بنبرةٍ هادئة:
_أنا مش عارفة أعمل إيه، طب بابا ممكن يعمل إيه أنا خا’يفة يعمل ردّ فعل متهو’ر لحظة غضـ ـب مش هيسكوت.
_مش عارف قادينا مستنيين “علي” يقولنا هيعمل إيه وعم “عبد الرحمن” را’جل وا’عي ور’زين مش هيتهو’ر، خلّيها على الله.
في غرفة “چويرية”.
حيث أغـ ـلقت الباب بالمفتاح وقررت أن تقوم بحبـ ـس نفسها وعد’م الخروج والإختلا’ط بهم مهما حد’ث، تجلس على فراشها وتضم ركبتيها إلى صد’رها وتبكي، تشعر بالنقـ ـم مِن نفسها ومِن فـ ـعلتها، الآن تؤ’نب نفسها على ما أقتر’فته في حـ ـق نفسها وعائلتها الذين وضعوا ثقـ ـتهم بها، اليوم خذ’لتهم جميعًا.
سقطت عبراتها أكثر على صفحة وجهها وهي تقوم بتأنيب ضميرها وهي تقول:
_أنا غـ ـلطت، غـ ـلطت وغـ ـلط كبير أوي، بابا دلوقتي مش هيـ ـثق فيا تاني ولا “مِسك” هتصدقني وهتشـ ـكك فيا على طول، أنا أزاي عملت كدا بجد.
وفو’ر أن أنهـ ـت حديثها تذكرت شيئًا ما حد’ث قبل أن تحادثه وتعـ ـطيه نظرةٍ مِنها مثلما كان، ولَكِنّ قا’طع أفكارها تلك رنين هاتفها الذي صدح برقم صديقتها المقربة تهاتفها، أخذت الهاتف وأجابتها بصوتها الباكِ قائلة:
_أيوه يا “حبيبة”، أنا روحت فـ دا’هية خلاص، الحيو’ان دا غد’ر بيا ومعرفش أزاي خد صوري ولعـ ـب فيهم وبعتهم لو’لاد عمي الشبا’ب كلهم .. أنا مشوفتش الصور بس كلام “مِسك” أختي ونظرات جوز أختي بيقولوا إنه عمل كوا’رث، ساعديني الله يكرمك أنا بجد مش قا’درة أوا’جه حد مِن عيلتي كل الغـ ـلط عليا وأنا اللي غـ ـلطانة إني سمحتله يتما’دى فـ الكلام، ماشي أتصرفي بالله عليكِ وعرفيني عملتي إيه.
أنهـ ـت حديثها ثم أغـ ـلقت المكالمة معها وهي تحاول تما’لك نفسها قدر المستطاع ولَكِنّ كلما تذكرت ما حدث تبكي ر’غمًا عنها، سقـ ـطت عبراتها مِن جديد على صفحة وجهها وقبل أن تنخرط في البكاء مِن جديد منـ ـعتها طرقات على باب غرفتها.
نظرت إليه وشعرت بالخو’ف مِن الطارق الذي لَم يكن سوى أبيها الذي أ’مرها بفتـ ـح الباب، أبتلـ ـعت غصتها بتروٍ ولَم تُجب عليه، فيما آتاها صوته الهادئ حينما قال:
_”چويرية” أفتـ ـحي الباب عايز أتكلم معاكِ، أنا مش همـ ـدّ إيدي عليكِ يعني لو فاكرة إني ممكن أعملها، دا أنا معملتهاش وأنتم صغيرين هعملها وأنتم كبار، صدقيني مش هعمل أي حاجة بس أنا محتاج أقعد أتكلم معاكِ ضـ ـروري.
آ’لمها قـ ـلبها حينما لمحت نبرة الخذ’لان التي حاول إخفا’ءها، بالطبع خذ’لته بعد فعلتها تلك ولن تلو’مه فهو سيكون محـ ـقًا فيما سيقوله إليها وكذلك يفعله معها، بالفعل فتـ ـحت الباب إليه ليرى وجهها الباكِ وعينيها الذ’ابلتين واللتان أر’هقتهما البكاء، ولج بخطى هادئة فيما لَحِقَت هي بهِ ثم أغـ ـلقت الباب خـ ـلفها ولَحِـ ـقَت بهِ بخطى بطـ ـيئة متر’ددة، فكيف ستجلس معه وتتحدث بعد ما حد’ث، جلست بجواره دون أن تتحدث ليزفـ ـر هو بعمـ ـقٍ ثم يبدأ حديثه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أنا مش عارف أبدأ معاكِ الكلام أزاي، بس منكـ ـرش إني أتعـ ـصبت ود’مي أتحر’ق وبطبعي را’جل شـ ـرقي ود’مي حُـ ـر مش هقبل نها’ئي إن حد ملهوش أي تلاتة لاز’مة يقولي بنـ ـتك كذا، مجرد كلمة بس فحـ ـقكم أنتم التلاتة مقبلهاش فما بالك بقى لمَ الموضوع يوصل للعـ ـرض والشـ ـرف، دي وقتها أي أب ممكن يقتـ ـل بـ ـنته فيها وهيقول غسـ ـلت عا’ري عشان بـ ـنتي عا’رتني، ترضي تحطيني فمو’قف زي دا والناس اللي بتتحا’كى بيا وبتر’بيتي وأخلا’قي يقولوا عليا كلام مش كويس ويخو’ضوا فعـ ـرضكم وشـ ـرفكم؟.
_طب يا ستي فـ ـكك مِن كل دا وهكلمك مِن ناحية الد’ين اللي أساسًا محدش يعرف عنه حاجة لو جيت كلمت حد هيقولك بعيـ ـدًا عن الد’ين، طب ولمَ يكون بعيـ ـدًا عن الد’ين هتنسـ ـب عقو’بة الموضوع وتطـ ـلع آيات وعقو’بات منين، مفيش حاجة أسمها بعيـ ـدًا عن الد’ين خصوصًا لو تخص د’ينا، مخو’فتيش مِن ربنا يا “چويرية”؟ يعني مخو’فتيش إن ربنا شايفك حتى لو أنا وماما مش شايفين.
سقـ ـطت عبراتها على صفحة وجهها مِن جديد بعد أن كان حديثه بالنسبة إليها كنصـ ـل سـ ـكينٍ حا’د يوضع على نحـ ـر المرء على أستعدادٍ تام لفصـ ـل رأسه عن جسـ ـده، زفـ ـر هو بعمـ ـقٍ وهو بين شتاتين مِن أمره فتر’بيته لا تسـ ـمح إليه بأن يقوم بضر’بها حتى يقوم بتشو’يهها ففي النها’ية ماذا سيستفاد مِن ذلك حينما يتسـ ـبب إليها في _عا’هة مستد’يمة_ سيكون قد خسـ ـرها وخسـ ـر الأ’مان الذي تشعر هي بهِ نحوه.
_”چويرية”، أنا لا همـ ـدّ إيدي ولا هعمل أية وسيلة مِن وسايل العنـ ـف معاكِ، عشان أنا لسه عندي ثقة تا’مة فيكِ وعارف إنك متعمليش كدا، بس عايز أفهم الأول مِنك وأسمعك لحد ما وصل بينا الوضع للمرحلة دي.
تر’ددت كثيرًا في أن تتحدث وتخبره ما حد’ث ولَكِنّهُ مازال يثـ ـق بها ويعلم أنها لن تكذ’ب عليه ولذلك بدأت تسرد عليه ما حد’ث بالتفصـ ـيل دون أن تخبـ ـئ شيئًا عنه فيما كان هو خيرُ مستمعٍ إليها، وحينما أنهـ ـت حديثها ألتزمت الصمـ ـت التام ولَم حتى تنظر إلى عينيه، فلن تستطيع موا’جهته والنظر إلى عينيه وكأنه ير’سل كل ما يوَّد قوله عن طريق عينيه.
أبتـ ـلع هو غصته وشعر بالغضـ ـب فهو في الأ’خير أبٌ ومِن حـ ـقه ولهُ كامل الحر’ية في التعبير عمَّ يشعر بهِ تجاه ذلك، ولَكِنّ كعادته تعامل بالهدوء والرزانة حينما بدأ قوله هادئًا:
_مبدأيًا وقبل أي حاجة، تقدري تقوليلي هل في و’ثيقة ر’سمية أو كلام د’يني بيثـ ـبت إن في حاجة إسمها “إرتباط”؟.
وفو’ر أن أنهـ ـى سؤاله نفـ ـت ذلك برأسها وهي لا تجد شيئًا لتقوله ولذلك تولى هو زما’م الأمور وتحدث بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_بما إنه لا فبأي حـ ـق تقولوا “مُرتبطين”، دي علا’قة مش معتر’ف بيها لا د’ين ولا شرع بيقول إن في حاجة أسمها “إرتباط”، في حاجة أسمها خطوبة وزواج، والخطوبة ليها ضوابط وحاجة شرعية، الزواج شرعي، بس الإرتباط لكان ولا هيكون شرعي دي علا’قة محر’مة ربنا مذكرهاش إحنا البشر اللي أخترعناها عشان بس نرضي مشاعرنا، الإرتباط حرام والكلام المعسو’ل والو’عود اللي بتتقال فيه كد’ب وبا’طلة، زي الزواج اللي بيكون عن طريق محامي، دا حتى لو حـ ـللتي الكلمة هتعرفي معناها لوحدك.
_أولها مُـ ـر وأ’خرها طيـ ـن وفي النص تب، يبقى مش مجرد كلمة بنقولها وخلاص، حرام يا “چويرية” حرام يا حبيبتي مينفعش بنـ ـت تكلم و’لد ولا و’لد يكلم بنـ ـت، فوقي يا “چويرية” وأرجعي لعقـ ـلك يا حبيبتي أنتِ لسه على البـ ـر ومسير الحـ ـقيقة تبا’ن، أنا مستني ردّ “علي” وبناءًا عليه هتصـ ـرف.
أنهـ ـى حديثه الطو’يل معها ثم إستقام في وقفته وألقـ ـى نظرة أ’خيرة عليها قبل أن يتر’كها ويذهب، تر’كها في حيرةٍ مِن أمرها، تر’كها تفكر وتعـ ـيد حساباتها التي تبعثـ ـرت في غمضة عين، تر’كها تفكر حتى ترى كيف ستصل بها السفينة، هل ستصل إلى البـ ـر في سلامٍ وأما’ن أم ستغر’ق بها في عمـ ـق البحر قبل أن تصل لبـ ـر الأ’مان.
______________________
<“أعـ ـمى البصر خيرٌ مِن أن يكون أعمـ ـى البصيرة”>
كان أعمـ ـى بحبّها، كان كالمسحو’ر في أرض القتا’ل، محا’ربٍ لا يقد’ر على الحركة أو القتا’ل في تواجدها، طلـ ـتها تسحـ ـره وتعمـ ـيه عن ما حوله، تجعله لا يرى غيرها هي، وحدها مَن سَلَـ ـبت لُـ ـبه مِن جـ ـنس “حواء”، وحدها مَن أثر’ته وجعلته يهيمـ ـن بها، واليوم أصبح أعـ ـمى البصر ولَكِنّ ليس أعـ ـمى البصيرة.
أقتربت مِنهُ بخطى هادئة مبتسمة الوجه حتى توقفت أمامه لترى بسمته تعلـ ـو شيئًا فشيء حينما شعر بها ليقول بنبرةٍ هادئة:
_اللهم صلِّ عليك يا نبي، بسم الله ما شاء الله، مش عارف ليه لمَ بتدخلي عليا كدا بطـ ـلتك بحس إن ملكة جمال د’اخلة عليا، آه مش شايفك بس قلـ ـبي شايفك وبينبهر كل ما يشوفك ولذلك مش هيستحمـ ـل معاكِ كتير.
ضحكت هي بخفـ ـةٍ ثم نظرت إليه وقالت مبتسمة الوجه:
_قريب هترجع تشو’ف تاني، ربنا قا’در على كل شيء وأنتَ طيب وتستاهل كل خير.
_وعشان أنا طيب واستاهل كل خير ربنا رزقني بيكِ يا “ريما”.
أبتسمت أبتسامة هادئة ثم مدّت كفها وامسكت كفه وقالت مبتسمة الوجه:
_طب إيه مش هتفسحني زي ما أتفقنا ولا هتضحك عليا بقى.
_وأنا أقدر برضوا، دا “شُـكري” يا’كل وشي فيها دي، مش بعـ ـيد ينيمني على السلـ ـم يا “ريما” أنتِ بتقولي إيه بس.
أخذها وسار رفقتها نحو الحديقة المحببة إلى قـ ـلبه ليجاورها في مجلسها ماددًا يده نحوها بزهرة _توليب بيـ ـضاء_ قائلًا:
_قالولي إذا أردت أن تهادي مَن تُحبّ .. فاهديه _زهرة توليب بيـ ـضاء_ وأنا بصراحة بحبّ الورد التوليب وبعشـ ـق اللي بيحبّه، قوليلي كلمة حلوة بقى.
أبتسمت هي وأعتـ ـلت الحُمـ ـرة وجنتيها كالعادة لتسمعه يقول مبتسم الوجه:
_برضوا مكسو’فة، طب أعمل إيه تاني كتب كتاب وكتبنا، ضوابط خطوبة وألتزمت بيها، دا أنا أتهز’قت مِن “شُـكري” أنتِ متخيلة.
دام الصمـ ـت بينهما بعد أن أنهـ ـى حديثه لبضع دقائق وكالمعتاد بدأ يفقـ ـد الأمل حينما لَم يجد ردّاً مِنها، زفـ ـر بهدوءٍ وقبل أن يتحدث شعر بكفها يعانق كف يده برفقٍ ثم سَمِعَ صوتها الهادئ والحنون يقول:
_”شـهاب” أنا مش معقـ ـدة ولا حاجة واللهِ، بس كل الفكرة إني مدخلتش تجارب قبل كدا ولا عارفة أتعامل، أنا أول مرة أجرب كل دا معاك أنتَ فعشان خاطري أستحمـ ـلني شوية أوقات بتكسـ ـف مش متعودة لسه إن في را’جل تاني هيد’خل حياتي غير بابا وأخواتي، معلش أستحمـ ـلني شوية صغيرين وهحاول أخـ ـد عليك بسرعة وعد.
أبتسم هو حينما أنهـ ـت هي حديثها ليشـ ـدد على قبـ ـضة يدها برفقٍ قائلًا:
_أنا بحاول واللهِ معاكِ واحدة واحدة وعارف إن دي أولى تجاربك وعارف إن ملكيش تجارب تانية، وأنا صبري طو’يل وهستنى، هستنى، بس عايزك تعرفي إني عمري ما هجبـ ـرك على حاجة أنتِ مش عايزاها أو متقبلا’ها، هسيبك على راحتك ومش هجبـ ـرك على قربك ليا هديكِ وقتك وأنا زي ما قولتك اللي خلاني أستحمـ ـل كل دا مش هستحمـ ـل الشوية دول يعني، متجبر’يش نفسك على حاجة خدي وقتك.
أبتسمت وشعرت بالسعادة تغمـ ـر قـ ـلبها حينما أستمعت إلى كلماته لتضع رأسها على كتفه وتضم ذراعه دون شعورٍ مِنها قائلة بنبرةٍ سعيدة:
_مخذ’لتنيش يا “شـهاب” أنا كُنْت واثقة إنك مش هتعتر’ض وهتتفهم الوضع بجد أنا أتأ’كدت إني أختارت البني آدم الصح.
أتسـ ـعت أبتسامته وتر’كها حتى لا يكون سـ ـببًا في إحرا’جها فهو يعلم عنها كل شيءٍ ويعلم ما تُحبّ وما تكر’ه، ولذلك تر’كها تعبر عن سعادتها وتفا’خرها بهِ وهو يشعر في هذه اللحظة أنها العوض إليه مِن رب العالمين فما رآه وعا’ش بهِ ليس بالشيء الهـ ـين.
بينما هي أدركت فعلتها ولذلك شعرت بالخجـ ـل ولَكِنّ في نفس ذات اللحظة هو زوجها والحبيب الذي تمنته دومًا أن يجعله الله نصيبها في هذه الحياة ورفيقًا لها إلى الجنة، شعرت بالراحة في قربه ولذلك لَم تبتعـ ـد بل ظلت على وضعيتها دون أن يتحدث كلاهما بحرفٍ واحد يطمئنان بجوار بعضهما البعض.
قطـ ـع لحظتهما تلك آخر شخص يتو’قعه حيث وقف أمامه مباشرةً ينظر إليه بنقـ ـمٍ وحـ ـقدٍ يظهر في نظراته تجاه الآخر حينما رآه سعيدًا ويبتسم ويضحك ويمزح، نفسه المر’يضة لَم ترتاح وأقسمت على دما’ره أكثر، فيما شعر “شـهاب” بأن هناك شخصًا آخر معهما وما أ’كد ذلك أبتعاد “مَـرْيَم” عنه التي نظرت إلى الآخر بتعجبٍ.
_عا’ش مِن شافك يا “شـهاب”، أنا قولت هلاقيك لسه فالدايرة السو’دة دي لحد دلوقتي والحمد لله إنك لسه فيها مخرجتش منها ويارب ما تخرج.
حديثه كان كالرصا’صة السا’مة التي تختر’ق صد’ر العد’و، صُدِ’مَ “شـهاب” حينما عَلِمَ هويته وكذلك تفاجئ مِن كم الشـ ـر الذي يخبئه إليه قلبه، بينما كانت “مَـرْيَم” مصد’ومة مثله تمامًا ولذلك نظرت إلى زوجها الذي قال وهو مازال مصد’ومًا:
_”جـمال!”.
_أيوه “جـمال”، “جـمال” اللي كان السـ ـبب الرئيسي في اللي أنتَ فيه دا دلوقتي، أنا اللي عمـ ـيتك يا “شـهاب” وصدقني مش ند’مان نها’ئي على عملتي دي، عشان أنتَ تستاهل أكتر مِن كدا بكتير ولسه دا مش حاجة جنب اللي هوريهولك أنتَ والشلة الـ**** بتاعتك، ضـ ـيعت واحد والدور على التاني، كلها كام يوم مش كتير يعني.
صد’مة كبيرة ألجمـ ـته حينما أعتر’ف الآخر أنه هو المتسـ ـبب الوحيد في فقد’انه لبصره، بعد مرور عام كامل كان يظن أن الفا’عل “شـريف” وقد ظـ ـلمه وأتـ ـهمه أتهاما’ت فـ ـجة، اليوم جاء المتسـ ـبب الأول والأ’خير يعترف أنه هو مَن أفقـ ـده بصره عن عمـ ـدٍ لتكون هذه أولى ضر’باته لضـ ـحيته، الجا’ني والمجـ ـني عليه في مواجهةٍ مِن العيار الثقـ ـيل في لحظاتٍ مشتـ ـعلة لا أحد يعلم حتى الآن مَن المنتـ ـصر.
__________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *