روايات

رواية ضروب العشق الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم ندى محمود توفيق

رواية ضروب العشق الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم ندى محمود توفيق

رواية ضروب العشق البارت الرابع والثلاثون

رواية ضروب العشق الجزء الرابع والثلاثون

ضروب العشق
ضروب العشق

رواية ضروب العشق الحلقة الرابعة والثلاثون

يجلس على مقعد وثير داخل مكتب كبير نسبيًا بالقسم .. يتجول بنظره بين ارجاء المكتب الذي اعاد عليه الذكريات الأليمة عندما كان يأتي لزيارة ” سيف ” ، ظل لدقائق وهو ينتظر أن يدخل له أحد وإذا بالباب يفتح ويهل من خلفه ضابط يبدو أنه يناظر كرم بالعمر .
ابتسم كرم بدهشة فور رؤيته له ووقف يعانقه يرحب به بعناق حار أما الآخر فقال مازحًا :
_ مش عيب برضوا لما تاجي القسم في حشيش يا صاحبي !
هتف شبه ضاحكًا :
_ مش وقت هزار والله ياحسام .. أنا هتجن واعرف الحجات دي دخلت عربيتي إزاي وامتي !!
تحرك حسام باتجاه مقعده وجلس عليه يقول بحناس :
_ طيب اقعد هخلي الصون ياسين يجبلنا قهوة ونتكلم على رواق
جلس كرم وهو يمسح على وجهه متأففًا ليتمتم حسام بترقب :
_ إنت شاكك في حد أنه ممكن يكون حطلك الحشيش ده ؟
كرم بغلظة صوت ونظرات نارية :
_ أنا متأكد مش شاكك .. كمال الحسيني
_ عم سيف الحسيني !!
اماء له بالإيجاب فعقد حاجبيه وسأل بعدم فهم :
_ وهو يعمل معاك زي كدا ليه يعني ؟!
_ ما إنت عارف ياحسام مشاكل سيف معاه قبل ما يموت وأنه بيكرهني وبيكره عيلة العمايري كلها ، وكمان حصلت كام مشكلة تاني من قريب خلته يعمل الحركة القذرة دي
_ طيب بس إنت معندكش دليل على الكلام ده !
كرم بخشونة :
_ من غير دليل أنا هتصرف معاه بطريقتي وهعرفه حجمه
حسام بتحذير وجدية :
_ اعقل وبلاش جنان بدل ما تدخل نفسك في مشاكل .. إنت احمد ربك إن النهردا ربنا سترها معاك وجيت علي القسم اللي موجود أنا فيه لولا كدا كان هيبقى فيها سين وجيم وحبس وإنت أصلًا ممسوك متلبس بيه
أجابه بنبرة عادت لطبيعتها قليلًا :
_ اطمن مش هيحصل حاجة
دخل ” الصون ” وهو يحمل على يديه صينية فوقها القهوة الذي طلبها ” حسام ” ، التقط كل منهم فنجانه ودار حديث مرح بعض الشيء بينهم لدقائق طويلة ! ……
***
وضع حسن المفتاح في القفل وادراه للشمال فانفتح الباب ودخل ثم اغلقه خلفه بكامل الحذر والبطء حتى لا تشعر به .. قاد خطواته نحو غرفتها وهو يتسلل على اطراف اصابعه ، احس باشتياقه لها ففكر بأن يلقي نظرة عليها ويملأ عيناه منها ، بالتأكيد دون أن تشعر به وإلا ستأكله حيًا إذا رأته بمنزلها ويحوم حولها .
فتح باب غرفتها بحرص وادخل جزء صغير من رأسه يتأكد من انغماسها في النوم ، ثم دخل وتركه مفتوحًا .. اقترب منها وامعن النظر بها كانت ترتدي منامة طويلة بعض الشيء ولكنها انزاحت واظهرت عن نصف ساقيها ، وتترك العنان لشعرها الناعم .. كانت جميلة لدرجة الجنون فقط رؤيته لها تشتته وتيقظ بداخله مشاعر مختلطة .
انحنى ليجثى على قدميه أمامها ويمد يده يسحب الغطاء على نصف جسدها ثم يرتفع بجسده قليلًا ليطبع قبلة حانية أعلى كتفها ويهمس بعشق زارف وشوق شديد في صوت لا يسمع :
_ إنتي مش قدامي دلوقتي ! .. بس رغم كدا وحشاني أوي .. وحشني خناقنا و ضحكتك وعصبيتك وتصرفاتك اللي كانت بتعصبني ، حتى غيرتك عليا وحشتني أوي ، مش كفاية بقى ولا إيه يايسر مش ناوية ترجعي يسر اللي اعرفها .. أنا اتغيرت عشانك ومش عايز منك حاجة غير إنك تسمحيلي اكون الشخص الجديد ده معاكي
مد انامله وابعد خصلات شعرها عن عيناها ، ليدقق النظر فيها بإعجاب وكأنها القت عليه تعويذة فلم يتمكن من مقاومتها ، اقترب بوجهه منها وطبع قبلة عميقة بجانب ثغرها ، دامت قبلته للحظات وفي تلك اللحظات فتحت هي عيناها بعدما احست به وفغرت عيناها بصدمة فرفعت كفها بدون تردد وصفعته بقوة ، ثم ارتدت للخلف وهي تختبأ اسفل الغطاء من عيناه .
بقى وجهه على الجانب الآخر لم يحركه ، هذه الصفعة الثالثة على التوالي !! .. استشاط غيظًا ونظر لها مشتعلًا يهتف :
_ اخدتي عليه إنتي القلم اللي كل ماتتعصبي تدهوني ده !!
صاحت بغصب عارم :
_ عشان إنت تستاهله ، بعدين إيه اللي مدخلك عليا دلوقتي ؟!!
كانت تسحب الغطاء لرقبتها تخفي جسدها كله كأن الذي أمامها ليس زوجها بل رجل يريد أن ينل منها بالإجبار !!! .. استقام وقال ساخرًا بانفعال من صفعتها له :
_ ومالك مغطية نفسك كدا ليه ، هتحرش بيكي مثلًا ؟
قالت بقرف وسخط :
_ وليه لا مش بعيد تعملها ما أنا اتوقع منك أي حاجة ، و أنت كنت بتحاول تعمل كدا أساسًا وأنا نايمة
ضحك مستهزئًا منها وغمغم بعدم تصديق :
_ أنا بوستك يايسر ومن خدك كمان .. هي البوسة بقت تحرش !!
انفعلت بشدة وقالت باشمئزاز وقرف :
_ أه ما أنت ماخد على الحجات دي سيادتك ياقليل الأدب .. اطلع برا يلا فورًا
صر على أسنانه يكتم غيظه منها ويحاول تمالك اعصابه ، وقرر إتباع الطريقة الأكثر فاعلية .. حيث همس ببرود :
_ مش هطلع
رفعت سبابتها تحذره بنظرات مرتبكة ويد شبه مرتعشة من التوتر :
_ حسن اطلع برا عايزة اغير هدومي
جذب المقعد الأبيض والعريض الموضوع أمام المرآة وجلس عليه هاتفًا بلؤم وهو يبتسم :
_ قومي وتعالي طلعيني لو عرفتي !
فعلت حركات متعددة بوجهها تدل على فرط غيظها ورفعت يدها تضم اصابعها على بعض وتقول بوعيد حقيقي وهي تجز على اسنانها :
_ تعرف نفسي امسك راسك وافشفشها .. صبرك عليا بس
كتم ضحكته بصعوبة واستدار بالمقعد ليوليها ظهره هامسًا بخبث أشد من السابق يتصنع البراءة :
_ خلاص صعبتي عليا .. قومي يلا غيري أنا مش شايفك أهو
_ إنت ايه اللي مدخلك البيت أصلًا وأنا نايمة ومن غير أذني .. بقى هو ده اتفاقنا !!
_ لا اتفاقنا القديم اتلغي احنا عملنا اتفاق جديد ومكنش فيه المادة دي .. بعدين وحشتيني وقولت آجي اطمن على مراتي وابص عليها شوية مفهاش حاجة يعني اعتقد
يقولها بصراحة دون أي تردد ويعترف لها باشتياقه .. كانت سنتطلق على شفتيها ابتسامته خجلة ومحبة ولكنها اخفتها وقالت بحزم مزيف :
_ طيب اطلع وأنا هغير واجيلك صدقني
حسن باصرار تام وهو يضحك :
_ مش هطلع يايسر وبعدين إنتي من إمتي بتتكسفي مني .. ده أنا كنت بصحى الاقيكي في حضني و……
قاطعته صائحة بضجر تلقى عليها تعليمات صارمة :
_ طيب خلاص بس عارف لو بصيت ياحسن هفقعلك عيونك دول
قال بازدراء منها :
_ تفقعيهم !! .. أما أنتي بيئة صحيح ، اخلصي ياختي غيري يلا
ابعدت الغطاء عنها بحذر وهي لا ترفع نظرها عنه تتابعه هل ينظر أم لا .. نزلت من الفراش وسحبت الروب الملقى على الأريكة حتى ترتديه إلى أن تخرجه من الغرفة ، لكن قبل أن تضعه على جسدها وجدته يقول بمكر :
_ هااا ابص خلصتي ولا لسا ؟!
_ اياك تبص ياحسن
قالتها منذرة إياه بصوت مضطرب ووضعت ذراعها في ذراع الروب وإذا بها تراه يلتفت برأسه ناحيتها ويقول بعفوية مزيفة :
_ يسر ااا…..
اخفي عيناه بكفه فورًا وهو يهتف معتذرًا بخبث :
_ اوووف نسيت معلش ياحبيبتي كنت عايز اقولك حاجة
توقفت والقت بالروب على الأرض ، بعد أن احمرت عيناها بلون الدماء واستاءت بشدة من لؤمه ، فلم تعد تبالي بما ترتديه مايهمها هو أن تفرغ به شحنة غضبها .. انزل كفه من على عيناه وابتسم وهو يراها تقف بالمنامة وتعقد ذراعيها أمام صدرها ووجهها تقوس ليعطي معالم اقتراب الانفجار النووي .
سمع صوتها الحاد وهي تهدر :
_ انزل شقتك ياحسن
استقام من مقعده بهدوء وقال باسمًا بغمزة :
_ ماهو هنا شقتي وتحت شقتي يامزتي
عادت والتقطت روبها من جديد لترتديه وتقول بسخط حقيقي هذه المرة :
_ حسن متخلنيش اندم إني اديتك فرصة تاني
اختفت ابتسامته وتنفس الصعداء بعدم حيلة ليهتف بإيجاب وبعض الجدية :
_ طيب خلاص همشي .. لو عوزتي حاجة اتصلي بيا
لوت فمها وتمتمت بحزم :
_ مش عايزة حاجة واللي حصل دلوقتي ياريت ميتكررش تاني
لم يجب عليها واستدار ثم انصرف تمامًا ، فأخذت هي نفسًا عميقًا مع بعض الضجر إلا أن سرعان ما ارتفعت الابتسامة لشفتيها عندما تذكرت ماقاله ” وحشتيني وجيت اطمن عليكي ” …….
***
تجوب بالغرفة إيابًا وذهابًا وبيدها الهاتف تضرب به على كفها والرعب تملكها كليًا ، حتى باتت تشعر بأن عقلها سينفجر من كثرة التفكير والخوف ، لماذا لا يجيب على هاتفه ؟ .. ماذا حدث معه ؟ ، هل هو بخير أم اصابه مكروه ؟ .. الكثير من الاسئلة التي تطرحها في عقلها وجميعها لا تجد لها إجابة ، وكل ما بوسعها فعله هو الدعاء والبكاء ، دموعها تستمر في الانهمار بدون توقف ، إلى أن سمعت صوت باب المنزل ينفتح فركضت للخارج مهرولة ووجدته دخل واغلق الباب وكان على وشك أن يبدأ في نزع حذائه ولكنه توقف حين رأى وجهها الغارق بالدموع ، لم تمهله اللحظة لكي يتوقع الذي حدث حيث اندفعت إليه وارتمت بين ذراعيه تهتف بصوت مرتجف من أثر البكاء الحاد :
_ كنت هتجن من الخوف عليك ياكرم حرام عليك
لم يفهم شيء ولكن ملس على ظهرها وشعرها بلطف وهمهم بحنو ونبرة مستفهمة :
_ طيب ممكن تهدي وتفهميني في إيه ؟ .. ليه العياط الرهيب ده ياحبيبتي !!
ابت الابتعاد عن احضانه واكملت بنفس نبرة صوتها السابقة :
_ فضلت ارن عليك وقت طويل وإنت مبتردش
رفع رأسها عن صدره وثبت عيناه على عيناها متمتمًا باستغراب وابتسامة عريضة :
_ كل ده عشان مرديتش عليكي .. التلفون كان في العربية ومسمعتهوش
هزت رأسها بالنفي وغمغمت بنبرة هدأ روعها قليلًا :
_ ريماس اتصلت بيا وقالتالي إن عمي وجاسر عملوا حاجة في عربيتك وانا خوفت أوي ليكون حصلك حاجة وحاولت اتصل بيك معرفتش اوصلك
تلاشت ابتسامته ليحل محلها الشر والغضب وهو يهمس متوعدًا :
_ يعني طلعوا هما زي ما كنت متأكد
_ حصل إيه قولي ؟!
نزع حذائه عنه ومن ثم أخذها معه للغرفة ، فجلست على الفراش وهي تنتظر منه أن يبدأ ويسرد لها الذي حدث .
تشدق بصوت صلب وهو يفك ازرار قميصه عنه ويقف أمام الخزانة :
_ حطولي مخدرات في جيب العربية بس ربنا سترها الحمدلله ومحصلش حاجة
اخفت شهقتها بكف يدها واستحوذت عليها الصدمة للحظات حتى قالت منذهلة :
_ وصل بيهم الوضع للدرجة دي
انتهي من نزع قميصه عنه ثم اقترب منها وشاركها في الجلوس مغمغمًا بثقة :
_ أنا هعرفهم حجمهم كويس أوي اطمني
شفق بعصبية :
_ ولا أنا هسكتلهم على فكرة !
ظهرت الحدة على معالمه وأجابها بغلظة صوته الرجولي وبلهجة صارمة وآمرة :
_ إنتي مش هتدخلي في أي حاجة ياشفق مفهوووم ولا لا
رمقته بطرف عيناها في اضطراب بسيط ، ونظرت لعيناه المريبة وهو ينتظر منها الإجابة فذعنت له وقالت بطوع :
_ حاضر
انحنى يطبع قبلة على كتفها هامسًا بهيام :
_ أنا خوفت اكتر منك .. فكرت لو مسكوني وعمك الحقير ده استغل الفرصة هو وابنه وحاولوا ياخدوكي أو يأذوكي ، مكنتش هقدر ابعد عنك للحظة واحدة
وضعت كفها على وجنته تنهاه بهمس ونظرة عاشقة :
_ متقولش كدا بعد الشر عليك .. ربنا يخليك ليا ويحفظك
لمعت عيناه بوميض لئيم فقال مبتسمًا بحب :
_ أمين .. بس الكلمتين دول مينفعش يتقالوا كدا ، حسسيني بعواطفك !
ضيقت عيناها بحيرة وسألته بعدم فهم :
_ اعمل إيه يعني ؟!
غمز بعيناه في مكر ونظرة جريئة لأول مرة تراها ، فخرج صوته خافت يحمل القليل من الوقاحة :
_ كلك نظر ياحبيبتي
حدجته بدهشة من تغيره الجذري وهيمن عليها الحياء عندما فهمت مقصده ، فقررت اللعب كما يحلو لها .. حيث احتضنت وجهه بين كفيها وطبعت قبلة على وجنته بكامل الرقة هامسة بدلال مقصود :
_ بعد الشر عليك ياكوكو
ثم اتجهت إلى الجهة الأخرى وفعلت المثل مستمرة في همسها ولكن بغنج أنوثي أشد :
_ قولي أنا أعمل إيه لو إنت مش موجود .. ده إنت جوزي وحبيبي وأخويا وصاحبي وسندي وراجلي
كان ذائب بين يديها وأمام قبلاتها وهمساته التي الهبت مشاعر العشق بأعماقه ، فكان يطالعها مبتسمًا بإعجاب ونظرات راغبة إلى أن تمتم بمداعبة :
_ إيه المشاعر الجياشة دي !
اطلقت ضحكة عالية وأجابته من بين ضحكها :
_ مش إنت اللي بتقول حسسيني بعواطفك
مال عليها وتمتم بخبث ضاحكًا :
_ طيب تحبي احسسك أنا بعواطفي
وثبت واقفة وهمت بالفرار هاتفة بتوتر :
_ لا عواطفك إنت مش سليمة
جذبها من ذراعها لترتد للخلف وتسقط فوق الفراش ليقول هو باستمتاع :
_ لا ده بالعكس عواطفي جميلة أوي وهتعجبك
اطلقت ضحكات مرتفعة بعدما اغار عليها أمام محاولاتها للتملص منه وهو يشاركها الضحك ……..
***
اخرجتها من الفرن أخيرًا بعد انتظار دام لأكثر من نصف ساعة .. أخذت تسكب عليها الشربات بكثرة حتى تتشربها جيدًا ومن ثم بدأت بتقسيمها لأجزاء صغيرة نسبيًا ، انحنت إليها تشتم رائحتها اللذيذة والشهية لتقول باسمة بفخر واعتزاز :
_ اممم تسلم إيدك يابت ياملاذ والله ، أنا مكاني مش هنا أساسًا .. لازم افتح قناة طبخ اعرض فيها مواهبي ، أما نشوف الاستاذ زين هيقدر يقاوم ولا لا
فعلتها عمدًا من أجله ، لعلمها بأنه يعشق ” البسبوسة ” وبالتأكيد لن يتمكن من مقاومتها ، ولترى ماذا سيفعل عندما يراها ! .
دخل المطبخ على أثر الرائحة وقال بفضول :
_ إنتي عاملة بسبوسة ياملاذ ؟
اخفت ابتسامتها الخبيثة وقالت بمضض :
_ ايوة
تحرك نحوها حتى وقف وتطلع إلى الصينية فسال لعابه وانفتحت شهيته فمد يده بالشوكة وهم بأن يلتقط قطعة فمنعته هاتفة ساخرة :
_ مش إنت مبتكلمنيش هتاكل ليه منها بقى !
رمقها بطرف عينه مستنكرًا ماتقوله وعاد ليمد يده ويلتقط القطعة ويضعها في فمه هاتفًا بعدم اكتراث :
_ وإيه دخل مشاكلنا بالأكل ياحبيبتي .. الأكل حاجة وإننا متخانقين حاجة تاني !
تذوقها بلتذذ وهتف مبتسمًا بشهية وهو يمضغ الطعام في فمه :
_ امممم حلوة أوي تسلم إيدك
رغم ضيقها منه إلا أنها ابتسمت بعذوبة وحب لتهتف برقة :
_ بالهنا والشفا .. استني هطلعلك منها في طبق
اخرجت له قطعة منها في صحن فتناول منها الصحن وهم بالانصراف لتعترض طريقه وتقول بدلال :
_ خلاص صافي يالبن مش كدا !
كتم ضحكته وقال وهو يأكل يتصنع عدم الاهتمام بها :
_ هاكل الأول وبعدين نتكلم براحتنا ياملاذي
ثم ابتعد من امامها وغادر وتركها تشتعل من الغيظ والعصبية لتهمس وهي تصر على أسنانها :
_ تصدق أنا غلطانة إني عملتها أصلًا !
***
مع صباح اليوم التالي ……
كانت ميار بغرفتها تتصفح هاتفها الذكي وهي جالسة على الفراش ، وإذا بطرقة يد لطيفة تطرق على الباب فقالت وهي لا تبعد نظرها عن شاشة الهاتف :
_ ادخل
فتحت الجدة الباب ودخلت ثم اغلقته خلفها فرفعت ميار نظرها أخيرًا بعدما اهتمام كثيرًا لترى من هو الطارق ، فاصابتها الدهشة تمامًا وهي تحملق بجدتها الواقفة أمامها وبظرف لحظة وثبت من فراشها هامسة بصدمة :
_ نينا !!!!
قالت الجدة بصرامة ولهجة آمر :
_ البسي يلا عشان هاخدك الدكتورة
ضيقت عيناها بعدم فهم لتسأل بحيرة ولا تزال الدهشة مهيمنة عليها :
_ دكتورة إيه .. أنا مش تعبانة يانينا الحمدلله
هتفت الجدة بحدة :
_ ما أنا عارفة إنك مش عيانة .. علاء حكالي كل حاجة وأنا حابة أتأكد عشان سعتها ابقى عارفة أنا بعمل إيه كويس
تقهقرت للخلف وهي تقول بذهول وعدم تصديق :
_ إنتي عايزة توديني لدكتورة وتكشفي عليا .. يعني هو حكالك وبرضوا مش مصدقة !!
صاحت بغضب بسيط :
_ ايوة مش مصدقة ومن غير كلام كتير يلا البسي وهستناكي تحت في العربية مع جوزك
استدارت الجدة وهمت بالانصراف ولكن صوت ميار المدهوش وهي تسأل بترقب :
_ ثانية هو علاء عارف بالموضوع ده وموافق عليه .. يعني موافق يوديني لدكتورة !!
قالت الجدة بحزم :
_ ومايوفقش ليه !! .. ثم أن ده قراري أنا ومحدش يقدر ينقاشني فيه
قالت آخر كلماتها ورحلت ، فظلت هي متسمرة بأرضها لا تستوعب الأحداث التي تنزل تباعًا فوق رأسها ، لا تلوم جدتها بقدر زوجها .. هل لا يثق بها بمقدار ذرة واحدة لكي يوافق على ذهابها لشيء كهذا ، هي لا تلومه ولكنها تحزن على الثقة التي لا يمحنها لها بالرغم من أنها افشت له كل شيء واقسمت بأن ما تقوله حقيقة ولا تكذب ، لكن هيهات فلا حياة لمن تنادي فقد برمج عقله على تصديق شيء ولا يقبل أي افكار أخرى !! ……..
***
نزل إسلام من سيارته أمام مبنى شركة العمايري وقاد خطواته للداخل ، تفكير لوقت طويل استغرقه وهو ما بين قبول عرضه أو رفضه وأخيرًا استقر على القبول وأن يسمح له أن يساعده في جزء من الملبغ كدين ويسده له ، قد اتصل به زين بالأمس وتحدثا معًا فأخبره بقراره النهائي .. ولكن مجيئه له اليوم في الشركة لأمر آخر وهو ” رفيف ” فقد عزم علي أن يتخذ خطوة جريئة في هذا الأمر ويخرج عن اطار الصمت والمتابعة .
وصل أمام باب مكتبه فطرق الأول طرقتين ثم فتح الباب فوجده يجلس وأمامه حاسوبه النقال يعمل عليه بتركيز ، رفع زين نظره وانطلقت ابتسامته العذبة وهو يرحب به :
_ اهلا بالبشمهندس
وقف ليعانقه عناق حار ثم جلسا على الأريكة وبدأ الحديث بينهم بروتينية العمل حتى تحدث زين قائلًا في جدية :
_ بإذن الله على أول الأسبوع الجاي الدكتور هيكون موجود وهنسافر
إسلام بامتنان :
_ والله ما عارف يازين اقولك إيه على اللي بتعمله معايا ده
_ متقولش حاجة احنا اخوات يا إسلام عيب
تنهد تنهيدة عميقة قبل أن يتحدث في صوت رجولي جاد :
_ طيب أنا كنت جاي الصراحة عشان اتكلم معاك في موضوع ميخصش لا الشغل ولا العملية
عقد حاجبيه باستغراب وطالعه بأعين متسائلة بفضول عن هذا الموضوع فاسترسل إسلام حديثه بنفس النبرة السابقة :
_ أنا طالب إيد الأنسة رفيف
اصابت الدهشة زين فحملق به مدهوشًا لبرهة من الوقت ليكمل إسلام بهدوء :
_ أنا كنت متردد افاتحك في الموضوع ده غير لما أكون متأكد من قراري ، وأنا دلوقتي متأكد إني مش هلاقي زوجة افضل من الأنسة رفيف ، على خلق ودين ماشاء الله
لاحت ابتسامة صافية على ثغر زين .. لا يزال يثق به ويعرف أنه خير من سيحافظ على شقيقته ، لكن نفس الشيء يشغله وهو عندما يعرف بالحقيقة المؤلمة .. فإسلام لا يعرف بشيء حتى الآن وهو ليس لديه الجرأة ليخبره .
دام تفكيره الطويل لدقيقة حتى عاد يرسم الابتسامة من جديد ويقول بفرحة بسيطة :
_ وأنا عارف إني مش هلاقي ليها افضل منك .. هفاتحها في الموضوع إن شاء الله وهشوف رأيها وارد عليك
تهللت اسارير إسلام وقال بخشونة :
_ إن شاء الله
***
اقتحمت يسر عليه المكتب ودخلت دون أي أذن .. كان هو يمسك بيده شيئًا لم تتمكن من رؤيته جيدًا حيث أنه اخفاه في الدرج بسرعة بمجرد دخولها ، رفعت حاجبها بشك وخبث ثم اقتربت منه حتى وقفت أمام المكتب مباشرة واستندت بكفيها على سطحه ثم انحت بجزعة وهي تشير إلى الدرج بعيناها بمعنى ” مالذي اخفيته مني هذا ” .. ضحك بخفة واقترب بجسده علي المكتب اكثر لينحني تجاهها هامسًا :
_ حاجة مش عايزك تعرفيها
_ لا والله
قالتها مستنكرة رده بالرفض ، ورغم فضولها الذي يكاد يقتلها ، تصنعت عدم الاكتراث للأمر وهتفت بشموخ :
_ أنا أساسًا مش فارق معايا أوي .. جيت اقولك إنك هتاجي معايا لاني هروح اشتري شوية حجات ليا وهتكون كتير مش هقدر اشيل وحدي
تريده أن يأتي معها !! . أليس الأمر غريبًا قليلًا أن ترغب في اصطحابه معها ! ، استحوذ عليه الذهول لثواني قليلة ولكنه تحول لسعادة وأجابها بلؤم :
_ حجات إيه ؟!
فهمت تلمحيه الوقح من خلال نظرته ونبرته فقالت باسمة بعدم حيلة وهي تضرب كف على كف :
_ لا إله إلا الله .. هروح اشتري مسلتزمات محتجاها ياحسن وهتاجي معايا ، عندك اعتراض ؟!
لا يحب أمور الشراء هذه وخاصة مع النساء ، لكن ابدى عن عدم اعتراضه بود حتى لا يخسر كل مافعله لكي تصل علاقتهم لهذا الوضع ! .
_ لا معنديش استنيني في العربية وهاجي وراكي
يسر بصرامة مزيفة :
_ طيب
ولته ظهرها وسارت للخارج وهي تبتسم بمكر ، فبتاكيد لن تطلب اصطحابه معها إلا أذا كانت لديها غاية خبيثة !!! …….
***
حذرها بأنها لن تتدخل في أي شيء يخص هذا الأمر ، لكن نقمها وغضبها يستخوذان عليها ولن تهدأ إلا عندما تفعل مايدور بعقلها .. فهي تعرف جيدًا كيف تردع عمها وابنه عن افعالهم الشنيعة ، أول شيء هو أن “كرم” لن يعرف بأي شيء ، ستقوم بالأمر بمفردها .
انتهت من ارتداء ملابسها وامسكت بالهاتف تجري اتصال به .. ليجيب على الهاتف بعد رنات قليلة :
_ أيوة ياشفق
شفق ببعض التردد المنزوج بالاضطراب :
_ كرم أنا هطلع اشتري كام حاجة تبع البيت وكدا
هتف بصوت رجولي قوي :
_ طيب قوليلي اللي عايزاه وأنا هجبهولك معايا
رفضت فورًا وهي تجيبه بتلعثم :
_ لا لا ياحبيبي أنا عايزة حجات معينة وهشتريها بنفسي افضل .. أنا مش هتأخر بإذن الله متقلقش
_ طيب ، ولو في أي حاجة رني عليا
_ حاضر إن شاء الله
انهت معه الاتصال وأصدرت تنهيدة حارة بارتياح أنه لم يسبب مشكلة ولم يشك بأمرها ، أما هو فقد اجرى اتصال بمسعد الذي اجابه برسمية :
_ ايوة ياكرم بيه
كرم بصلابة وحدة :
_ المدام طالعة تشتري شوية حجات اكيد من السوق يعني خليك وراها يامسعد عشان لو في أي حاجة حصلت كدا ولا كدا لأني مش ضامن عمها وابنه ده
مسعد بجدية وإيجاب :
_ تمام متقلقش ياكرم بيه
انزل الهاتف من على أذنه وهو يزفر بخنق .. لا يريد تقيدها وإجبارها على عدم الخروج وبنفس ذات اللحظة يقلق عليها بشدة ، ومن جهة أخرى باتت تتضايق بسبب أن ” مسعد ” يقوم بأخذها من المنزل ليذهب بها بالسيارة للمكان الذي تريده ومن ثم يعود بها للمنزل مرة أخرى ، فقط حتى يكون ” كرم ” مطمئنًا عليها إذا لم يستطع الذهاب هو معها فيوكل ” مسعد ” بحمايتها ، لذلك هو طلب منه الآن مراقبتها من بعيد وأن يخبره بأي جديد يحدث ! ……
***
يجلس حسن على مقعد وثير داخل محل للملابس بعد أن قاموا بشراء العديد من الأشياء انتهى به المطاف على شراء الملابس .. سئم واختنق من الانتظار فهو يجلس على هذا المقعد منذ مايقارب النصف ساعة وأكثر وهي لا تفعل شيء سوى اختيار الملابس وتدخل لتقيسها ومن ثم تخرج وتبدى عن عدم اعجابها بها !! .
ينظر لها وهي تخرج من غرفة القياس ويقول بنبرة مختنقة :
_ مش كفاية ولا إية يايسر شوفي لو هتاخدي حاجة وخلينا نمشي
وقفت أمامه وقالت بيأس متصنع وضيق :
_ لا مفيش حاجة عجبتني
_ كل اللي قستيه ده ومفيش حاجة عجبتك !!!!
قالها شبه مستاءًا فأجابت هي بكامل البرود وعدم الاكتراث :
_ آه تعالى هنروح محل تاني يمكن نلاقي حاجة حلوة
استقام وهتف بحدة :
_ لا محل تاني إيه .. خلاص هي شطبت على كدا بكرا إن شاء الله
عقدت ذراعيها في خصرها وقالت بغضب مزيف :
_ يعني إيه بكرا .. أنا عايزة اشتري كل اللي محتجاه النهردا
انحنى إليها يهتف منفعلًا وهو يحاول إخفاض صوته :
_ محتاجة إيه !! .. ليه ماشية عريانة ولا معكيش هدوم في دولابك عشان لازم النهردا .. بعدين إنتي مش شايفة الكياس دي كلها ، دي إنتي خلتينا نلف كالفورنيا كلها ، امشي يايسر قدامي يلا متخلنيش اعلى صوتي
كادت أن تنطلق من بين شفتيها ضحكة مرتفعة على كلماته ولكنها كتمتها وقالت بثقة وثبات امتزج ببعض القوة :
_ همشي مش عشان أنا خايفة منك .. لا عشان حتى أنا تعبت الصراحة
انصرفا وساروا باتجاه السيارة وهو يحمل بيده الأكياس ، وفي طريقهم للسيارة مروا على عدة محلات وواحد منهم كان للحلى والعقود والذهب بمختلف انواعه ، وقفت أمامه عندما لفت نظرها عقد معين ، هذا المرة لم يكن عمدًا ولكن حقًا ما جذبها له شيء ليس بعادي .
علقت نظرها عليه وغامت عيناها بالعبرات وهي تهمس :
_ كان معايا واحد زيه بظبط ذكرى من جدو الله يرحمه ..بس مش لاقياه للأسف وضاع مني وأول ما شفته دلوقتي افتكرت جدو
وقف خلفها وقال بصوت ينسدل كالحرير ناعمًا وحنون :
_ تحبي ندخل نشتريه ياحياتي
جففت دموعها بسرعة وقالت بنفى وهي تبتعد :
_ لا لا يلا بينا نرجع البيت لإني بدأت اتعب فعلًا
_ طيب يلا
ساروا ناحية السيارة ودخلت هي بالمقعد الأمامي بجواره ليضع هو الأكياس بالمقعد الخلفي ثم يقول بخشونة :
_ خمسة وراجعلك
قالت بحيرة ونبرة شبه مرتفعة عندما وجدته استدار وابتعد عن السيارة :
_ رايح فين ياحسن ؟!
لم يجب عليها وربما لم يسمعها حتى فتنهدت الصعداء بعدم حيلة وبقت بالسيارة تنتظره لدقائق قصيرة حتى عاد واستقل بمقعده المخصص للسيارة وانطلق بها لتسأل هي بفضول :
_ روحت فين ؟
لم يجيبها وتصنع الانشغال بالقيادة فتأففت هي بضيق واشاحت بوجهها عنه ، التقط بهاتفه الذي يرن وأجاب :
_ أيوة ياكرم إيه الأخبار ؟
_ تمام .. وإنت عامل إيه ويسر كمان ؟
_ كويسين الحمدلله
تمتم كرم بصوت رجولي صلب :
_ عايزك تعملي حاجة بما إنك موجود في امريكا
_ إيه هي ؟
بدأ يسرد له كل شيء يريده بالتفصيل ليهتف حسن بعدم فهم ونظرة ملتهبة :
_ كمال الحسيني ! .. هو حصل إيه طيب ماتفهمني ؟!!
كرم بإيجاز :
_ هفهمك ياحسن بس دلوقتي أنا مش فاضي .. شوية كدا هتصل بيك تاني وهقولك كل حاجة ، إنت بس اعمل اللي قولتلك عليه
_ لما تتصل بيا تاني وتفهمني كل حاجة نبقى نشوف اللي عايز تعمله ده
لم يرد كرم المجادلة معه كثيرًا وانهى معه الاتصال لينهي أعماله ، بينما الآخر فأخذ يفكر فيما طلبه منه وهو يتساءل عن الذي فعله ذلك الرجل لأخيه ! ، ويسر كانت تنظر له باستغراب تود سؤاله ولكنها فضلت عدم التدخل ! ……..
***
خرجت ميار مع الجدة من غرفة الطبيبة وكان علاء ينتظرهم بالخارج .. القت ميار نظرة خزي عليه ومن ثم نظرت لجدتها وقالت بصوت مبحوح وعاجز :
_ يارب تكونوا مرتاحين كدا !!
وجهت كلامها هذه المرة لجدتها بالأخص وهي تقول بانكسار وأعين دامعة :
_ اخترتي الطريق الأسهل وصدقتي الصور زيهم مع إني كنت بقول مستحيل نينا تصدق عني ده وهي بتثق فيا ، تخليتي عني وسبتيني وإنتي عارفة إني مليش غيرك ، اجبرتيني على الجواز ومسألتيش عني حتى بعدها ولما حاولت انتحر مفكرتيش تاجي تطمني عليا ، جيت لغاية عندك وفضلت اتوسلك تصدقيني وركعت عند رجلك وإنتي طردتيني برا البيت كله ، حتى لما عرفتي الحقيقة برضوا مصدقتيش وجيتي توديني لدكتورة عشان تتأكدي بنفسك .. أنا مجيتش معاكي عشان عايزاكي تسامحيني لا أنا خلاص مبقيش فارق معايا ، جيت بس عشان اثبتلكم إنكم ظلمتوني وإني على حق
همت الجدة بأن تقترب منها وتمسك بكفها هامسة بصوت حاني ونظرات متأثرة :
_ ميار ياحبيبتي
تراجعت للخلف فورًا قبل أن تلمسها والقت نظرة غاضبة وناقمة عليهم قبل أن تندفع للخارج مهرولة ، فجلست الجدة على المقعد وتركت العنان لدموعها الحارقة على ما سمعته منها ، اسرع علاء خلفها راكضًا ليمسك بها بعد أن غادرت العيادة وبحركة عنيفة منها دفعت يده عنه صائحة :
_ متلمسنيش
علاء بهدوء :
_ طيب رايحة فين تعالى هوصلك البيت يلا
هتفت بنظرة ثاقبة وبشجاعة جديدة عليها وغضب :
_ أنا مش هروح معاك مكان ، وياريت تبدأ في اجراءات الطلاق اللي كنت بتقول عليها لمامتك لأن الصراحة أنا اللي مبقتش طايقة استحمل اعيش معاك ولا طايقة عيلة العمايري كلها
ثم ولته ظهرها وهمت بالانصراف فتوقفت مجددًا والتفتت برأسها نحوه تقول بلهجة جديدة :
_ ولعلمك هرجع المانيا ومحدش هيقدر يمنعني لا إنت ولا نينا ولا عمي ولا أي مخلوق
لم يفضل أن يضغط عليها الآن وأن يتركها على راحتها لبعض الوقت لعلها تهدأ ، فتسمعه يقول بخنق بعدما رآها تستدير وتسير مبتعدة عنه :
_ طيب رايحة فين دلوقتي ؟
_ ملكش دعوة
قالتها بعصبية دون أن تلتفت له واكملت سيرها ، فمسح هو على وجهه متأففًا ببعض الضيق والأسى ، ثم التفت وعاد لجدته بالداخل !! …….
***
خرج زين من الحمام بعد أن أخذ حمامًا دافيء ليزيح عن جسده ارهاق العمل ، رآها تجلس على الفراش وتطالعه بأعين ساخطة ومغتاظة ، لم يحتاج لسؤالها بل فهم تلقائيًا السبب ، ابتسم بساحرية وتحرك ناحيتها ليجلس بجوارها ويقول بمداعبة بعد أن لف ذراعه حول كتفيها :
_ خلاص ياجميل متزعلش نفسك أوي كدا
ابعدت يده عنها هاتفة بخنق :
_ اه مزعلش نفسي وحضرتك مصدر ليا الوش الخشب ومش عايز تكلمني
_ وانتي شايفاني مش بكلمك دلوقتي ! .. ما احنا اهو زي السمنة على العسل الحمدلله
اشاحت بوجهها للجانب تعبر عن احتجاجها عن الكلام معه فهتف ضاحكًا وهو ينكشها في وسطها :
_ ماتضحكي يابت خلاص بقى .. جاتك القرف وإنتي حلوة كدا
لم تتمكن من كتم ضحكتها حيث انطلقت منها بعفوية وهي تتمايل جالسة تحاول إبعاد يده عن وسطها :
_ بس يازين الله
توقف وهو يبتسم بحب ليهم بالنهوض من جوارها لولا أنها امسكت بكفه تهتف بجدية :
_ زين أنا عايزة اروح لدكتورة احنا لينا فترة ومحصلش حمل خايفة يكون عندي مشكلة أو أي حاجة
طفل !! ..هو لا يفكر بالأطفال الآن بتاتًا ، بل يخشى من أن يكون أبًا فيفشل في مهمته كأب ، يخاف أن لا يتمكن من تهيئة وتربية اطفاله جيدًا فيكون مصيرهم كمصيره وينحرفوا إلى طرق ليست سليمة !!! .
مسك بكفها يملس عليه بحب :
_ ياحبيبتي دكتورة ليه احنا لسا يدوب متجوزين .. واحنا مش مستعجلين على الطفل سبيها على الله وهو هياجي في وقته
_ ماشي يازين بس أنا نفسي في طفل جدًا
_ إن شاء الله ربنا هيكرمنا قريب إنتي بس سبيها على الله
اماءت له بتفهم وسكتت تمامًا فاستقام هو وتنهد بعمق ثم رحل عن الغرفة بأكملها وتركها بمفردها !! ……..
***
أجاب كرم على الهاتف بجدية تامة وقلق :
_ أيوة يامسعد حصل حاجة ولا إيه ؟!
مسعد برسمية شديدة وبعض التوتر :
_ كرم بيه المدام مرحتش السوق أنا شايفها دلوقتي وهي داخلة بيت كمال الحسيني

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ضروب العشق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *