روايات

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الثالث عشر 13 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الثالث عشر 13 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 البارت الثالث عشر

رواية وسولت لي نفسي 2 الجزء الثالث عشر

وسولت لي نفسي 2
وسولت لي نفسي 2

رواية وسولت لي نفسي 2 الحلقة الثالثة عشر

شُرِعَ الحِجاب لِيصرف الأنظار عن المرأة ، فإِذا صار جالباً للأنظار فقد خَالفَ مقصود الشرع منه..
فرحِم الله فَتاةً فَقِهت هذا ولَزِمَته.
“يا ضَيعةَ العُمرِ إن لَم يُحبَّ اللهُ لِقائي”
___________________________
أرتدت «سهير» ثيابها المعتادة أو إن صح القول التي أصبحت معتادة عليها في الآونه الأخيرة بعدما تبدلت حياتها للافضل ثم وضعت خمارها أعلى رأسها..، ثبتته جيداً كي يكون ساتراً ولا يفقد شروط صحته بالا يكون قصيراً ولا يغطي حتى أكتافها.
ف على من ستضحك حين ترتدى الخمار وهو ليس بخمار! إن الخمار شُرع لإخفاء مفاتن المرأة…، اذا ما تراه هذه الأيام ليس بخماراً ولا تدرى حقاً على من يضحكون هؤلاء بإطلاقهن على أنفسهن لقب “مختمرة” وهم لا يمتن للخمار بصلة.
لهذا وضعت عليها الخمار دون أن ترفع أطرافه عند الأكتاف او تقصره من الخلف كي يكون طويلاً..
ولكنها توقفت عند وضع النقاب على وجهها..، وبقيت تتسآل هل تخفي عيناها كما تفعل ام لا!.
هذا هو خطيبها وأجنبي عنها مثله مثل اى شخص غريب..، ولكنها تخشى بهذه الطريقة أن لا يعجبه كونه يجلس أمامها دون أن يرى منها حتى عيناها وهو قريباً سوف يصبح زوجها.
يالله ماذا تفعل الآن! هل تخفي عيناها كما تفعل عندما تخرج ام تظهرها أمامه هو فقط حتى يستطيع النظر لها! تنهدت بحيرة ولا تعلم ماذا تفعل.
أمسكت النقاب ووضعته على وجهها ولأول مرة منذ أن أرتدت النقاب تبين عيناها..، فهي حين أرتدته كانت لا تريد أن يظهر منها ظفراً واحداً.. والآن هي فقط تود تجربة كيف تكون عيناها اذا أظهرتها من النقاب!
نظرت لنفسها في المرآه ببسمة وقد أعُجبت حقاً بعيونها البارزة من النقاب والتي بالمناسبة كانت عيون سوداء وغير ملونة إلا إنها بدت لها جميلة لذا أستحسنت هذه الفكرة وقررت أن تخرج له دون أن تخفي عيناها وقد شعرتها هذه الفكرة بالإرتاح دون أن تتسآل مجدداً إن كان هذا صحيحاً ام لا.
خرجت بهدوء إلى غرفة الضيوف فوجدته جالسا في آخر الغرفة وينظر أسفل ينتظر قدومها وما إن رآها حتى أبتسم بل وتوسعت بسمته كلما أقتربت منه حتى جلست على بعد مناسب منه وهي تلقي عليه تحية الإسلام.
لاحظ أنها لا تخفي عيناها فعندما رآها أول مرة كانت لا تظهر شيء منها اما الآن فعيونها تظهر له.. وقد.. وقد كانت جذابة للغاية.. أحبها وبشدة..ستسآلون أحبها هي ام عيناها..! بالطبع عيناها لا تسيئون الظن.
لعن نفسه وهو يستغفر فهي مازالت أجنبية عنه ولا يجوز أن يطيل النظر إليها.. بل لا يجوز له النظر إليها من الأساس..، حمحم وهو يتحدث قائلاً:
“أزيك يا آنسه سهير”
“بخير الحمد لله… ازي حضرتك يا أستاذ أحمد”
يالله فقط كلمات قليلة ما قالتها ولكنها أسعدته.. فقد عاش حياته كرجل كهف لا ينظر لفتاة ولا يحادثها ويغض بصره قدر المستطاع..، والآن يجلس مع فتاة بل ومن أختارها وتتحدث إليه بمفرهم.. وعند هذه الفكرة أنتفض من مكانه وهو ينظر حوله قائلاً بتوتر:
“بخير الحمد لله… والدك مش موجود ييجي يقعد معانا؟”
شعرت بالحرج الشديد فرغم أنه حادث والدها يستأذن منه المجئ والآخر رحب بقدومه إلا أنه ذهب لعمله وتركه معها فهم لا يعلمون شيئاً عن ضوابط الخطبة أو ضرورى جلوس محرم معهم.
“بابا بيكون عنده شغل وبيرجع متأخر”
يعلم أن ليس لديها أخوة وهم ليسال عن والدتها ولكنه تراجع فهو لم يشعر بالإرتاح والالفة نحوها لذا لم يسال ليقول وهو يحاول تلطيف الموقف:
“خلاص المرة الجاية بإذن الله هبقى أجيب أسماء أختي تيجي تقعد معانا علشان مينفعش نقعد لوحدنا طالما لسه معقدناش واللي بالمناسبة قريب هفتاح عمي في موضوع العقد علشان ناخد راحتنا أكتر”
لاحت منها أبتسامة خفيفة وهي تشعر بالسعادة من حديثه لتهز رأسها وهي تقول:
“ربنا يقدم اللي فيه الخير يارب”
أخذ يتحادثان في مواضيع شتى عن هويات كلاً منهما حتى اندمجا في الحديث وقد شعر «أحمد» بإلفتها وأرتاح معها في الحديث.
ومن بين الحين وآخر يسرق النظر لعيناها التي أسرته وود لو يستطيع النظر إليها طوال الوقت ليهتف وهو مطلق نظره عليها قائلاً بشرود:
“عنيكِ جميلة اوى”
شعرت بالخجل الشديد فهذه أول مرة يمدح أحدهم عيناها لإنها كانت تخفيها وظهرتها أمامه فقط وهذا أشعرها بالخجل لتجيبه وهي تقول على أستحياء ببسمة:
“شكراً”
اذدادت نبضات قلبه وهو يحاول لملمة شتات نفسه وقد شعر بأنه إن جلس أكثر من هذا سوف يتمادي معه فهو من الأساس يشعر بالضيق وتأنيب الضمير بأنه يجلس معها بمفرده وهذه خلوة ولكنه أيضاً يقول في نفسه بأن هذا غصب عنه فهو يريد أن يجلس معها ووالدها هو من تركهم وإن رحل لن يستطيع التعرف عليها خصيصاً وهم لن يتحادثا هاتفاً لذا سوف يجلس معها هذه المرة فقط والمرة القادمة سوف يأتي بأخته معه كي لا يكونوا في خلوة.
“بتدرسي علم شرعي ولا لأ؟”
قطع الصمت وهو يسألها هذا السؤال ويريد أن يعلم إلى اى مستوى هي عليه من العلم الشرعي لتجيبه وهي تقول بتوضيح:
“أيوة بفضل انا انا بدأت من قريب”
“بتروحي معهد اى؟”
“انا حاليا بدرس أونلاين وبدخل دورات وسلاسل علم شرعي وبدأت الأول بالفقة وقربت أخلصه وبعدها هدخل على العقيدة بإذن الله وبعدها تفسير وهكذا يعني قولت ابدا بحاجه حاجه كدا علشان اقدر أستوعب”
هز رأسه مبتسماً وقد سعد بهذا ويشعر وكأن الله كافئه بها فهو لم يتخيل أن يحصل على شخص مثلها وبهذه المواصفات «الكمالية» كما يرى منها.
“ماشاء الله ربنا يذيدك يارب…بس مرحتيش معهد ليه تتابعي فيه أفضل من الاونلان؟”
“هو أكيد المعهد هيكون أفضل بس في الوقت الحالي صعب عليا أروح علشان كدا بدأت اونلاين وبفضل لحد ما أموري تستقر واول ما تتيح ليا فرصة هروح إن شاء الله”
“ايوة فعلا لازم تروحي على الاقل لما تروحي المعهد هيكون عندك صحبة صالحة وكمان هتلاقي انك متحمسة تكملي وعندك شغف ومش بتغيبي عكس الاونلاين ممكن تقطعي ومتسمعيش بأستمرار خصوصا إن مفيش حد يتابع معاكي ويشجعك”
كان يتحدث وهو يحاول توصيل ما يريد قوله بأن ذهابها للمعهد أفضل وسوف يساعدها على التعلم أكثر
وهو حقاً كان محق فيما قال..، بينما هي أردفت برأيها قائلة:
“معاك حق أكيد.. بس عايزة أضيف حاجه اللي عايز يتعلم بجد بيتعلم مهما كانت الوسيلة فيه ناس اصلاً معندهمش معاهد ولا اى مكان يدرسوا فيه علم شرعي وبدوا يتعلموا من على اليويتوب والسوشال ميديا ويمكن دي أكبر ميزة في السوشال ميديا لما الإنسان يستخدموا صح.. اكيد المعهد فيه تشجيع أكتر بس حتى لو مرحتش طالما بدرس ونيتي لله وعندي عزيمة وإرادة إني أتعلم فكمل بإذن الله ومش هقطع”
يالله كل كلمة تنطق بها تذيد من إعجابه بها.. يشعر وكأنها خُلقت له… هو لم يراها سوى مرات قليلة ولكنها مدة كافية لتجعله يهيم بها.. بل هو يهيم بها منذ أول مرة رآها وأنجرف بمشاعره نحوها حتى أصبح أسيراً لتلك العيون التى تنظر له الآن..
لينظر إليها مبتسماً وهو يقول بصدق:
“انتِ دعوات سنين كتير اوي يا آنسه سهير”
نعم كان يدعو الله دائماً بالزوجة الصالحة وكأنها تمثلت أمامه الآن بل وكاملة من كل شيء وهذا أكثر من كافِ له.. بينما هي ورغم خجلها إلا أنها شعرت بأنه يتمادي قليلاً معها فعندما رأته يوم الزفاف كان يتحدث معها بحدود ويغض بصره عنها عكس الآن ينظر إليها ما بين الحين والآخر وأيضاً يمدحها كثيراً.
اما هو فقد شعر بأن جلوسه أصبح خطراً وسوف يتمادي أكثر أمامها وكان لسانه لم يعد عليه سلطاناً لذا أستقام واقفاً من مكانه كي يرحل وهو يستأذن منها بالمغادرة.
وبالفعل خرج من المنزل ولم ينس أن ينظر لها نظرة أخيرة قبل رحيله ثم تحرك نحو سيارته الصغيرة يتوسطها وهو يقول بإشغالها حتى تحرك عائداً للمنزل.
وطوال الطريق وهو يفكر بمحادثتهم سوياً وقد أعتراه الضيق ويأنبه ضميره.. ما كان له أن يجلس منذ البداية
فكان عليه الرحيل عندما علم بعدم وجود والدها.
كيف سولت له نفسه أن يجلس معها بمفرده في خلوة جلعته يتمادي بالحديث بل ويتغازل بها أيضاً! خسئت يا أحمد خسئت.. عاراً على لحيتك تلك.
أخذ يلعن نفسه وهو يأنبها ويستغفر… هو صبر كل هذا ولم يخطأ مع فتاة لم يتسطيع الإنتظار قليلاً ويحفظ ما يضمره داخله عندما يعقد عليها! الا يريد أن يبارك الله لهما بتلك العلاقة!..
لقد أخذ عهداً الآن بأنه لن يتمادي معها مجدداً ولن يجلس معها في خلوة مجدداً ثم أخذ يستغفر الله حتى وصل.
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
كانت تجلس بغرفتهما القديمة بمنزل والديه وهي تشعر بالغضب والحزن في آنِ واحد..، كيف أستطاع أن يتركها بمفردها وهو يعلم تماماً أنها تخشي الجلوس وحدها! بل وبتلك الظروف أيضاً!؟.
سمعت صوت خطوات بالقرب منها فعلمت أنه هو وبالأخص عندما أنتشرت رائحته في المكان والتي تحفظها جيداً عن ظهر قلب.
جلس جوارها وهو يحمحم كي يجعلها تنتبه لوجوده بينما هي ظلت منكسة رأسها لأسفل ولا تريد النظر إليه حتى..، ليهمس لها وهو يناديها برفق قائلاً:
“روان”
لم تجب عليه وظلت على حالتها تلك.. ليقترب منها وهو يمسكها من كتفها برفق يجعلها تستدير له قائلاً محاولاً مرضاتها:
“والله الشغل دا جالي غصب عني ولو عليا مكنتش هسيبك لحظة واحدة بس هعمل اى”
رفعت رأسها له أخيراً ثم أردفت بعيون مغروقة بالدموع قائلة بترجي:
“لو قولتلك مترحش علشاني هترضى!”
“الموضوع فعلا مش ب أيدي يا روان وغصب عني لازم أروح”
سقطت دموعها وهي تشعر بخوف غير عادي وكأن شيء سيء سوف يحدث إن تركها ورحل لتقول وهي تنظر له بتوسل باكية:
“علشان خاطري يا زين لو بتحبني متسبنيش”
تنهد وهو يشعر بالعجز ولا يعلم ماذا يفعل والأمر خارج عن إرادته.. لا يعلم ما سبب حالتها تلك وليس من المعقول أن هرمونات الحمل تجعلها بهذه الهشة.
أحتضنها وهو يربت على رأسها قائلاً بحنو:
“منا مش هسيبك هكلمك كل شوية وكمان هنا كلهم جنبك وهخلي مرات عمي تبات معاكي وياسمين كمان لو عايزة وعمر هنا جن…”
بتر كلماته وهو يراها تخرج من أحضانه وتبتعد عنه وقد كانت ملامحها غاضبة..، فقد ترجته بكل الطرق بل وتوسلت إليه… اى عمل هذا الذي يجعله يتركها بهذه الظروف! مسحت دموعها ثم تركته وخرجت حيث الجميع دون أن تضيف كلمة أخرى..
أغمض عينيه وهو يشعر بالتعب يقسم أنه حاول عدم الذهاب وتركها ولكن الأمر إجباري عليه وهذا عمله لن يستطيع التقصير به وهو وفر لها منزل خاص بها وأيضاً الجميع حولها ولن يجعل شيء يضرها وأيضاً سوف يحادثها كي يطمئن عليها.. فلماذا هي تصعب عليه الوضع بهذا الشكل!.
وفي الخارج حيث يجلس الجميع وقفت عايدة تتحرك صوب غرفتها بعدما تذكرت شيئاً وهي لست غافلة عن تلك العيون التي تراقبها وصادف سيرها دخول مصطفى الذي عاد بعدما خرج كي يجلب بعض الأشياء.
لتبتسم بخبث وهي تسير بالقرب منه ثم أصدمت به حتى كادت تسقط لولا يديه التي أمسكتها مسرعاً وهو يقول بلهفة:
“حاسبي يا عايدة”
بينما هي أستعادت توازنها ثم وقفت وهي تهندم ثيابها وإستدرات قليلاً للخلف لتجد من ينظر إليها بغيرة وغضب ولم تكن سوى والدته إنتصار.. لتغمز لها بطرف عيناها بخبث وهي تريها أنها تستطيع فعل ما تريد وهي فقط بعيدة عنه لانها تريد ذلك وليس خشية منها وهذا جعل إنتصار تستشيط غضباً.
“انتِ كويسة يا عايدة”
فاقت على صوته فأومأت له بإقتضاب ثم أبتعدت عنه وهي ترحل وقد لامست اللهفة في حديثه وشعرت بالغضب… وتعترف لنفسها بأنها أخطئت.. منذ متى وهي تستغل مشاعر من حولها لتنفيذ خططها! حتى وإن أردات إثارة والدته فلن يكون هذا بإستغلال مشاعره!
هي ليست بتلك الدنائة والأنانية كي تستغل مشاعر أحدهم لأجل أهدافها حتى وإن كان هذا الأحدهم يستحق ذلك… لذا فهي لن تقترب منه عن عمد مجدداً فهي فقط أردات إرسال رسالة إلى والدته بأنها لا تفعل إلا ما يحلو لها.
خرج زين ومعه الرجال عندما أذنت العشاء إلى المسجد كي يلحقوا بصلاة الجماعة وقد سبقهم زين وهم لحقوا به وبقيت النساء تصلي في المنزل.
“وانتِ بقي يا عفاف مفكرتيش تتجوزي تاني بعد موت أيمن جوزك!؟”
نظر الجميع صوب إنتصار والتي طرحت عليها هذا السؤال فجأة وبهذا الوقت الغير مناسب تماماً لتردف عفاف والدة روان قائلة:
“ولو كنت أتجوزت يا إنتصار مكنتش هسلم برضو من لسانك وكنتي هتقولي اتجوزتي وسيبتي بنتك ليه”
لوت الأخرى شفتيها وهي تقول بسخرية:
“واهي بنتك هي اللي سابتك واتجوزت وانتِ بقيتي قاعدة لوحدك بعد ما ضيعتي عمرك عليها”
نظرت لها عفاف بصدمة.. هل تراها ضيعت عمرها لأنها فقط أمتنعت عن الزواج كي تهتم بأبنتها حتى كبُرت وتزوجت وأكتفت بما أمضته مع زوجها قبل وفاته! تحدثت وهي تقول بهدوء:
“عمرى مضعش ولا حاجه يا أم إيثار الحمد لله قعدت لما ربيت بنتي وكبرتها وعلمتها وحفظت وصية أيمن ولو على الجواز ف انا وانتِ وكلنا عارفين إن الرجالة كلها ماتت في عيني بعد أيمن الله يرحمه وحبه اللي حبهولي وهو عايش لسه مكفيني وموجود في قلبي لحد دلوقتي”
لم تعجبها الأجابة بل وشعرت بالغضب لأنها ترمي إلى شيء ما ولكنها أردفت بصدق.. لطالما كان أيمن يعاملها دائما بحب وحنان أمام الجميع ولم يخشى شيئاً فكان من الطبيعي بعد هذا الحب أن تعتكف عن الرجال بعده.
“دا كله ما يمنعش إنك بقيتي لوحدك ياعفاف بصي حواليكي هتلاقينا كلنا كل واحد كّون أسيرة وبيت وعيال إلا إنتِ!”
” اقلب القدرة على فمها تطلع البت لامها… سبحان الله مبقتش مستغربة طولة لسان عيالك وهم بيحشروا نفسهم في اللي ملهمش فيه…اتاري طولة اللسان وقلة الذوق دي وراثة عندكم ”
أردفت عايدة ببرود ثم جلست أمامها تطالعها بسخرية بعدما عادت مجدداً ثم تابعت حديثها قائلة:
“هو انتِ مينفعش تقعدي كويسة من غير ما تأذي الناس بكلامك يا إنتصار!؟ مش مكفيكي إنك طلعتي عيالك زيك!”
شعرت إنتصار بالغضب الشديد وقبل أن تجيبها تحدثت إيثار وهي تردف بنرفزة لتلك الإهانة التي وُجهت لها ولوالدتها:
“ماتحترمي نفسك يا عايدة انتِ مش بتكلمي واحدة في سنك علشان تقوليلها الكلام دا وبعدين اصلا دا كلام كبار انتِ اى اللي دخلك فيه! ”
رفعت عايدة قدم فوق الأخرى ثم أجابتها ببرود وهي تبتسم قائلة:
“ماهو لو الكبير أحترم سنه مكنش الصغير قل منه يا إيثار ياختي”
تحدثت حكمت والدة زين وهي تقول محاولة لتهدئة الوضع كي لا يشتبكوا كعادتهم كلما أجتمعوا سويا:
“خلاص يابنات اسكتوا كدا عيب.. وانتِ يا إنتصار سيبي كل واحد حر في حياته وأم روان كتر خيرها إنها ربت بنتها وقعدت علشانها”
رفعت إنتصار حاجبها بسخرية وهي تردف بتهكم:
“واضح إن النسب قربكم من بعض بقى”
لتتحدث عفاف والدة روان هذه المرة قائلة بهدوء وعن قصد:
“كفاية إنها خلفت زين وربته لحد ما بقى راجل يُعتمد عليه ومخلياه يصون بنتي كويس اوي هعوز اى أكتر من كدا يا أم إيثار!”
لم تجبها وهي تشعر بالغيظ الشديد بينما تحدثت حكمت وهي تغير الموضوع كي تفض النزاع قبل أن يبدأ.
أعتذرت منهم روان والتي لم تكن معهم من الأساس ثم صعدت إلى أعلى كي ترتاح فقد كانت تشعر بالتعب الشديد والإرهاق ومنذ أن أخبرها هو برحيله ذاد تعبها وقد صعدت معها والدتها كي تطمئن عليها.
بينما كانت چنة تجلس في آخر الغرفة بشرود وهي تنظر لهم وبعض الجمل تتردد داخل عقلها والتي لا تستطيع نسيانها مهما مر عليها من الزمان.
“انتِ مش طالعة حلوة زي أخواتك ليه”
“معقول انتوا الأتنين من بطن واحدة”
“دي بنتك.. طالعة سمرا كدا لمين”
“هههه عيال عمك كلهم حلوين امال انتِ سمرا ليه”
“لما تكبري ابقي حطي كريم أساس يفتحك شوية علشان كدا مش هتجوزي هههه”
الكثير والكثير مما لا تستطيع نسيانه.. وكأنها هي من أختارت شكلها! لمَ عليها أن تكره ملامحها إلى هذا الحد بسبب كلمات لا تستطيع نسيانها!؟
“چنة.. انتِ كويسة!.. قاعدة لوحدك ليه”
فاقت من شرودها على صوت ياسمين وهي تقترب منها ثم جلست جوارها وهي تنظر لها لتجيبها وهي تقول دون أهتمام:
” انتِ عارفة إني مبحبش التجمعات والدوشة”
“طب خلاص تعالي نقعد انا وانتِ بعيد عن الدوشة”
نظرت لها چنة قليلاً ثم أردفت وهي تقول:
“ليه عايزة حاجه!؟”
هزت الأخرى رأسها بتعجب وهي تقول موضحة عن غرضها:
“لأ انا بس مش حباكي تقعدي لوحدك بعيد كدا”
“ما تبطلي يا ياسمين دور الأم المثالية دا وخليكي عادي”
طالعتها ياسمين بصدمة من حديثها فهي لم تخبرها شيئاً كي تندفع عليها بهذا الشكل.. هي كانت تشعر منذ البداية أنها منزعجة ولكن هذا ليس مبرر لأن تجيبها بهذا الشكل.
“عايشة دور المثالية علشان بقولك متقعديش لوحدك!؟”
قلبت چنة عيناها بملل وهي تجيبها بتهكم قائلة:
“أيوة.. أصل اى اللي هتستفيده لما مقعدش لوحدي أو مبقاش زعلانة!؟”
لا تعلم ياسمين ما سبب مهاجمتها بهذا الشكل ولكنها بالنسبة لچنة فهي ترى تعاملها مثالية مبالغة…، أردفت وهي تقول بهدوء:
“يمكن علشان انتِ بنت عمي وزي أختي وأكيد محبش أشوفك زعلانة! مش لازم أكون عايزة منك مصلحة يعني
وبعدين انا معمريش كان ليا اى خلافات معاكم زي الباقي حتى ولو كنت بضايق منكم في بعض الحاجات بس دا برضو مش سبب يخليني أكرهكم”
صمتت تفكر بحديثها وقد أستشفت الصدق من كلامها لتتابع ياسمين حديثها مجدداً وهي تقول:
“وبعدين انتِ يا چنة أكتر واحدة بحسها مختلفة عنهم انتِ بس اللي سايبة شيطانك يتحكم فيكي لكن انتِ جواكي خير”
هل تصدقها الآن ام لا!؟ لطالما كانت والدتها تشبعهم بالحقد والكره تجاهم جميعاً وتخبرها دائما أن لا أحد يقدم معروف أو خير إلى حد دون غرض…
“كلامك كويس يا ياسمين.. بس مع الشخص الغلط للاسف”
قالت آخر حديثها ثم وقفت متجهة نحو غرفتها بينما ياسمين نظرت لها بحزن وهي تدعو الله لها بالهداية.. لطالما أحبت چنة عندما كانوا صغاراً وأصدقاءاً.. اما الآن فهي تشعر بأنها أصبحت غريبة عنها.
وعند عايدة وبعدما غادر الجميع ذهبت غرفتها كي تستريح وقد هاجمها صداع الرأس وهي تشعر بوجع شديد في رأسها..، لتستلقي على الفراش بعدما أخذت قرص «بنادول» كي يخفف من حدة هذا الصداع.
وقد هاجمتها ذكرياتها مجدداً والتي لا تستطيع نسيانها
وهي ترجع رأسها إلى الوراء في محاولة منها بعدم التفكير ولكن خرج الأمر عن إرادتها وإنجرفت نحو الماضي.
كانت تقف بمكتبة الجامعة تبحث عن كتاب معين كي تقرأه حتى وجدته من بين العديد من الكتب وما إن أمسكته حتى وجدت من يمسكه معها هو الآخر قائلاً:
“أخيراً لقيته دا انا كنت بدور عليه من زمان”
رفعت رأسها وهي تقول بضيق:
“انا مسكته الأول على فكرة”
أجابها الآخر رافعاً حاجبه وهو يقول:
“واحنا مش في حضانة على فكرة باللي يمسك الأول والآخر … ورغم كدا ممكن نقرأه سوا لو تحبي لإني محتاج الكتاب ضرورى ومش هقدر أسيبهولك”
تركته رغم حاجتها الشديدة له ثم أردفت وهي تهم بالرحيل قائلة:
“لأ شكرك خليهولك”
وقبل أن ترحل سمعت صوته وهو يقول مسرعاً:
“انتِ مش فاكراني!؟ ”
إستدرات له قليلاً وهي تنظر إليه من أعلى إلى أسفل ثم هتفت ببرود قائلة وهي ترحل:
“لأ مش واخدة بالي الحقيقة”
اتسعت عيناه بصدمة وهو ينظر لها وقد طعنت غروره للتو وهو من تتسابق عليه الفتيات كيف هذا!؟.
ولأن المعروف دائما أن “الممنوع مرغوب” ذهب خلفها وبداخله تصميم غريب وهو يتابع ذهابها حتى وجدها تجلس على إحدى المقاعد وقد أتخذت لها كتاب آخر تقرأه فجلس جوارها وهو يقول بسخرية:
“حركة مش حلوة على فكرة”
بينما هي وكأنها لم تسمعه ظلت تقرأ وهي متجاهله وجوده تماماً فهي من الأساس جاءت هنا كي تدرس وليس لاي شيء آخر.. ثم أنها قررت بالا تفتح قلبها لأحد مجدداً ولا تستمع لأحد اذا فهي قبل أن تأتي قررت بأنها لن تصاحب أحداً.
ضرب الآخر على الطاولة وقد بدأ صبره ينفذ منها وهو يهتف بغيظ:
“انا بكلمك على فكرة”
أبعدت عنها الكتاب قليلاً ثم نظرت له وهي تقول بسخرية:
“مش معقول…! قاهر قلوب العذاري جاي يكلمني انا مخصوص!”
بينما هو أبتسم بخبث وهو يقول:
“طب ما انتِ فكراني اهو امال بتتقلي ليه من الأول”
وقفت من مكانها وقد شعرت بالغضب منه لتلملم أشيائها كي ترحل وهي تقول بنرفزة:
“أسمع ياتوم كروز انت انا معرفكش علشان اتقل عليك أصلا ولا عايز أعرفك ف فكك مني وروح خليك في معجبينك”
غادرت بعدما ألقت ما بداخلها أمامه دفعة واحدة بينما هو ظل ينظر لطيفها بعدما رحلت حتى سمع صوت ضحكات من بعض أصدقائه الذين أخذوا يقهقون عليه وهم يقولون بسخرية:
“وأخيراً يوسف باشا متولي فيه واحدة كرفتله..، دي الدنيا أتغيرت خالص!؟”
“وليه متقولش إني زهقت من الرخيص وعايز اجرب الصعب شوية!؟”
قهقه الآخر بشدة وهو ينظر له قائلاً:
“انت مش سهل ابداً… بس شكل المرادي العيار تقيل وانت مش اده!”
أبتسم وهو يعدل خصلات شعره ثم أرتدى نظارته وهو يقف من مكانه يعدل من ياقة ثيابه قائلاً بغرور:
“مفيش حاجه تصعب عليا وانتوا عارفين دا كويس.. المسألة كلها مسألة وقت وبس وهتشوفوا بنفسكم هي اللي هتيجي لحد عندي”
تركهم وغادر وهو يبتسم وقد قرر في نفسه شيئاً لن يتراجع عنه وبعدما أنتهى اليوم وهم ليغادر لمح طيفها من بعيد وهي تسير بكل شموخ وكبرياء فرفع حاجبه وهو ينظر إليها بإعجاب سرعان ما أختفي عندما وجد من يصطدم بها عن غير عمد.. ولكن ولأنه يفهم نظرة الشباب جيداً لأنه معتاد على هذا علم بأنه كان يقصد هذا جيداً.
اما عنها فكانت تسير عائدة للمنزل حتى وجدت من يصطدم بها حتى كادت تسقط لولا أنها تماسكت..، لتقول بغضب وهي تنظر له:
“مش تحاسب يا أخ انت”
بينما هو نظر لها وهو يقول بإعجاب من جمالها:
“وهو اللي يشوفك يعرف يشوف حاجه تانية غيرك”
وقبل أن تجيبه وجدت من يقترب من هذا الشاب ويمسكه من ثيابه ثم أخذ يلكمه بعنف حتى طرحه أرضاً
ولم يعطي له فرصة حتى ليدافع عن نفسه.. وقبل أن يذهب إليها تفآجأ بمجموعة شباب تقترب منه بغية ضربه ولأن الكثرة تغلب الشجاعة تكالبوا عليه وضربوه وهو يحاول تسديد لكماتهم ولكنهم في النهاية كانوا أكثر منه حتى وقع أرضا وهو ينزف وكل هذا أمام عيناها وهي تصرخ بهم أن يتوقفوا ولكنهم لم يفعلوا.
فاقت من شرودها بعدما ضاق صدرها وشعرت بحاجتها الشديدة إلى الهواء لتأخذ نفساً عميقاً وهي تدخل أكبر قدر من الهواء إلى رئتها وهي تزفر بهدوء.
ثم أمسكت تلك الحبوب وهي تضعها داخل فمها علهم يريحوا ما بداخلها حتى أستكانت ونامت أخيراً.
(عايزة أضيف شيء مهم قصه عايدة مش على سبيل الدراما او جو روايات وأفلام.. لأ هي فعليا واقع بيحصل خصوصا في الجامعات وأغلبكم هيشوف رد فعل عايدة كويس وانها صدته.. بس لأ هي غلطانة لانها بمجرد صدها ليه فتحت معاه كلام ف كان المفروض إنها متردش عليه أصلاً وتسيبه وتمشي وتحاول تتجنب الاماكن اللي فيها شباب وتكون في حالها ولبسها واسع ومحترم لان نوعية الشباب اللي زي دي بينجذبوا اول حاجه باللبس.. وطبعا دا ميمنعش ان ممكن واحدة تكون في حالها ولبسها كويس وحد يضايقها برضو بس دا بيكون نادرا لإن الشباب بالذات بيحسبوا اخلاق البنت بلبسبها)
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
أنتهى زين من صلاة العشاء ثم جلس وهو يستند بظهره على العمود يردد أذكار الصلاة حتى وجد مجموعة من الشباب يلتفون حوله مشكلين مجموعة على شكل دائرة وهم ينظرون له ففهم مقصدهم بأنهم يريدون منه إعطاء درس ديني كما كان يفعل… ليتحدث أحدهم وهو يقول:
“الشيخ زين اللي اللي انشغل عننا من وقت ما اتجوز ومبقاش يدينا دروس كتير”
وافقه البقية في الرأي ليتحدث آخر غيره وهو يقول بمزاح:
“الظاهر الجواز طلع حلو اوي يا شباب لدرجة إنه ياخد الشيخ مننا..، بينا نتجوز احنا كمان”
قهقه زين بخفة وهو يؤكد حديثه قائلاً بمزاح:
“معاك حق فعلا الجواز حلو وحلو اوي كمان ..، يرضيكم اسيب البيت واجي اقعد معاكم في القعدة الناشفة دي؟”
ضحكوا جميعاً وهم يتفقون معه في الرأي ويهزوا رؤسهم ليتحدث وهو يقول ببسمة:
“ربنا يزوجكم جميعاً يا رجالة مفيش احلى من حلال ربنا بعد سنين عجاف وانا واثق إن كلكم رجالة وماشيين صح ومستنين رزق ربنا وعلشان كدا أبشروا قريباً”
هتف الجميع بحماس وهم يرددون خلفه ويدعون الله أن يرزقهم حلاله بينما زين ورغم أنه كان يشعر بالإرهاق النفسي وليس على أستعداد لإعطاء دروس ومواعظ فقد كان عقله منشغلاً بها ويود العودة كي يجلس معها قليلاً قبل سفره وأيضاً يرضيها.
أخذ نفس عميق وهو يسمى الله أولاً ويفكر فيما سيتحدث فهو معتاد أن يحضر للدرس أولاً قبل أن يعطيه ولكن هاهم لم يعطوه فرصة فلم يشأ أن يرد طلبهم وخصيصاً أنه لم يحدثهم منذ فترة وقد أنشغل بعمله وبناء منزله وأيضاً بزوجته المدلله والتي على ذكرها أبتسم بشكل تلقائي وقد أشتاق لها رغم ما تفعله به.. ليحمحم مسرعاً قبل أن يلاحظ بسمته أحد ويظنوه جُن.. وهو جُن بها بالفعل.
“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أزيكم يا شباب الاول واتمنى تكونوا بخير يارب والفترة اللي فاتت انشغلت عن دروس الدعوة بسبب التزامات كتير ورايا لكن بإذن الله هظبط اموري ونرجع للدروس تاني بإنتظام..
حابب أكلمكم النهاردة عن مشكلة بيقع فيها كتير اووى مننا بدون ما ياخد باله او ياخد باله بس يفضل مكمل فيها وللاسف دي بتحصل مع أكتر فئة بيتقال عليها ملتزمة وعلشان كدا حبيت أتكلم في الموضوع دا هنا في المسجد تحديداً.
الواحد مننا بعد ما كان بعيد عن ربنا الحمد لله بيبدأ يتغير ويلتزم ويقرب من ربنا بالصلاة والصوم والعبادات وبيعمل كل حاجه تقربه من ربنا ولو شاب بيربي لحيته ولو بنت بترتدي النقاب وكمان بيحضروا دروس دينية
وبيعملوا كل حاجه ربنا أمر بيها فعليا..
طبعاً انتوا دلوقتي مستغربين كلامي دا وفين المشكلة! بل ياريت كلنا نكون كدا… الأمر وما فيه إن الإنسان بعد ما يعتاد على الطاعة ويتقال على الشخص دا (ملتزم) والناس كلها بقت شايفاه في صورة المتدين فجأة بتتحول عبادته اللي كان بيعملها لله عز وچل وبقى بيعمل الطاعة رياء علشان الناس بقت شايفاه الملتزم اللي مبيغلطش.. بل الأسوء إنه ممكن ميحسش بدا ويفضل مستمر على كدا ويكون كل اللي بيعمله دا هباءاً منثورا ويصبح من الناس الذين قال عنهم الله يحسبون أنهم يحسنون صنعاً..
الموضوع صعب فوق ما تتصوروا يا شباب إن تصبح طاعتكم مؤلفة وقلوبكم مبقتش خاشعة لله سبحانه وتعالى بل بقت علشان الناس تفضل تقول علينا ملتزمين وبقينا نعمل العبادة بس علشان الناس تشوفنا مش علشان الله.. ”
كان الجميع يتابع بقلب منقبض ومرتجف وكل من يستمع يشعر بالخوف من فكرة أن يكون هو المعنى بهذا الحديث… يالله بقى كل واحد منهم يفكر بأعماله ويسأل نفسه هذا السؤال الذي تغافل عنه بهل هو يفعل هذا لله عز وچل ام ليحافظ على لقب الملتزم أمام الناس! ”
تحدث أحدهم وهو يسأل بتردد قائلاً:
“طب.. طب واحنا نعرف منين إننا وقعنا في الرياء يا شيخ!؟”
“شوف الطاعة او العبادة اللي هتعملها لما بتقبل عليها نيتك بتكون خالصة لله عز وچل ولا لأ! وكمان لما بتقعد لوحدك بعيد عن الناس تفكيرك بيروح للذنوب والمعاصي ولا للعبادات!؟ الشخص اللي بيقع في الرياء بيخلي عباداته كلها قدام الناس ولما يختلى بنفسه بيروح للذنوب والمعاصي وكأن معدش فيه رقيب عليه.. ف كل واحد فيكم يسأل نفسه لما بيبقى لوحده وبيتقفل عليه باب ومفيش حد شايفه تفكيره بيروح لأيه!!؟”
أخذ جميعهم يفكروا وقد علت الحيرة والخوف وجوههم..، هل يُعقل بأن تكون عبادتهم تلك رياءاً !؟..، تحدث أحد الشباب وهو يقول مبتلعاً ريقه:
“مش شايف كلامك قاسي شوية يا دكتور النهاردة! فيه ناس بالفعل بيعملوا دا طاعة لله عز وچل بس لما يسمعوا الكلام دا هيخافوا وممكن الشيطان يحاول يحبطهم بأنهم بيعملوا دا رياء ويخليهم ينتكسوا”
أبتسم زين وقد أعجبه طرح هذا السؤال والذي كان ينتظر من الأساس أن يسأله أحد.. أخذ نفساً وهو يجيب بهدوء:
“علشان الرياء دا شيء معرض كلنا نقع فيه فلازم يكون في بالنا دايماً ولازم قبل ما نعمل اى عبادة نخلص النية لله عز وچل ولازم لما نقعد لوحدنا نعمل برضو طاعات في الخفاء ف احيانا التخويف دا شيء جيد علشان يفوقك من اللي انت فيه ولو انت فعلا واقع في رياء تفوق منه ولو بفضل الله مش رياء ف تاخد بالك كويس اووي إنك متوقعش نفسك في رياء”
هز الشاب رأسه بتفهم وزين يراقب ردود فعلهم جيداً.. فسأل آخر والذي كان منصتاً للحديث بإهتمام شديد وهو يقول:
“طب ماهو حضرتك برضو يا شيخ مقولتش نعرف ازاى اذا كان اللي بنعمله دا رياء ولا لأ وكمان حضرتك قولت في اول الدرس إن ممكن نقع في الرياء بدون ما نحس ولو فعلا دا رياء نعمل اى!؟”
أومأ لها زين وقد فهم مخاوفه بل لم تكن مخاوف هذا الشاب فقط بل هو متيقن بأن كل تلك التساؤلات تدور بعقل كل الجالسين.
“أكتر سبب بيكون بداية الإنسان إنه يقع في الرياء هو مدح الناس ليه… لما شخص يمدح اخلاقك والتزامك أوعي ييجي في بالك إنك فعلا الشخص الجميل اللي الناس شايفاه دا! لأ دا ستر ربنا علينا لأن لولا ستر ربنا علينا محدش فينا هيقدر يبص في وش التاني ف لما شخص يثنى عليك متسبش الشيطان يفضل يقنعك إنك فعلا الشخص الجميل اللي مبيغلطش اللي الناس شايفاه دا ويدخل الغرور على قلبك.. لأ مهما كنت جميل اعرف إن دا ستر ربنا عليك ونعمة منه نحمد ربنا عليها.
تاني نقطة ودي مهمة جداً إن لازم علشان نحمي نفسنا من الرياء لازم يكون عندنا طاعات في الخفاء واللي أكتر حاجه بشوفها إنها ممكن تحميك من الرياء هي قيام الليل يا شباب..،
إنك تصحي في نص الليل والبيت كله نايم ومفيش حد شايفك وتقوم من عز نومك وخصوصا في الشتاء وتقوم علشان تصلي لله عز وچل ف دي أكتر حاجه كفيلة إنها تحمي قلبك من الوقوع في الرياء وقيام الليل هيقربلك لربنا وهيحللك مشاكل كتير اوي تخيل كل ما تقع في مشكلة تدعي ربنا وانت واقف بين اديه في جوف الليل وهو سبحانه من قال ادعوني أستجب لكم! قيام الليل دا نعمة من عند ربنا لينا ويكفي الراحة والطمنأنينة اللي بنكون فيها في الوقت دا بالذات! لو مش عايزين تقعوا في رياء فعلا صلوا قيام الليل..
وتالت حاجة الصدقات.. الصدقة بتكون سر وعلانية طبيعي إن بيكون فيه تبرعات وصدقات بتتلم قدام الناس او أعمال خيرية ودي مش حاجه وحشة ولا تسيب الشيطان يقولك دا رياء لأ كمل وأنفق قدام الناس ويمكن تكون سبب لتشجيعهم ويعرفوا إن لسه فيه خير بس في نفس الوقت ايدك التانية شغالة صدقات في السر حتى ايدك الشمال متشوفش ايدك اليمين وهي بتتصدق واللي بالمناسبة الصدقة مش فلوس بس لأ فيه أعمال طيبة كتير اوي يا شباب صدقة مش بس فلوس وكمان الأعمال بالنيات يعني أنفق قدر إستطاعتك وخلى نيتك إنك لو كان معاك أكتر كنت هتنفق وانت فعلا مش معاك.
رابع حاجه ودي مهمة جدا جدا وهي الدعاء.. لازم ندعى ربنا كتير إنه يحمينا من الرياء ويجعل أعمالنا خالصة لله عز وچل واحفظوا الدعاء دا وقولوا دايما ( اللهم إني أعوذ بك من النفاق والرياء وسوء الأخلاق) واى حد ملتزم بأذكار الصباح والمساء هيكون حافظ الدعاء دا كويس وبيقوله دائماً.
وأخيراً أتمنى تكونوا أستفدتوا فعلا بالدرس وتعلموا بالكلام دا وهنهي الكلام بالدعوة الأحب ليكم إن ربنا يزوجكم جميعاً زوجات صالحة تقر أعينكم يارب العالمين”
ختم آخر حديثه بمزاح قليلاً جعلهم يؤّمنون خلفه ببسمة ثم جلس يمازحهم قليلاً حتى أستئذن منهم ورحل كي يرى زوجته قبل السفر ويحاول أن يرضيها.
🌸اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد🌸
عاد إلى المنزل وقد علم بأنها صعدت لشقتهم فطرق الباب بخفة حتى تفآجأ بوالدتها هي من تفتح له وتهم بالرحيل فحاول جعلها تجلس معهم قليلاً ولكنها رفضت بأنها تود الإرتياح فأوصلها إلى أسفل ثم عاد وهو يغلق الباب خلفه ويبحث عنها ولم يكن يوجد صوت بالشقة على غير العادة.
دخل إلى غرفة نومهما فوجدها مستلقية على الفراش او تمثل النوم ليقترب منها وهو يجلس جوارها رافعاً حاجبه وهو يقول:
“عارف إنك صاحية على فكرة”
ظلت على نفس وضعيتها ولم تجيبه ليردف بنبرة حنونة قدر المستطاع كي يرضيها وهو يهمس برفق:
“طب مش هتودعيني قبل ما امشي وتجهزي معايا الشنطة!”
وأيضا لم يتلقى منها اي رد بل لاحظ تكور تلك الدموع بعيناها وهي تجاهدة كي تتماسك ولا تظهر أمامه شيء ليتنهد وهو يقترب منها ثم قبل جبينها وأخذ يمسح على شعرها وهو يقول:
“كنت فاكر إنك دايماً هتفضلي معايا وتسانديني يا روان… انتِ فاكرة إنه بسهولة عليا أقعد أسبوع كامل من غيرك وانا لما بكون في الشغل برجع بسرعة علشان اشوفك وبتوحشيني!”
تساقطت دموعها وهي تشهق وتشعر بالإختناق.. هي لا تستطيع التحدث وقد يراها الجميع بأنها تبالغ.. تقسم أن الأمر بغير إرادتها وتشعر بخوف لم تشعر به طوال حياتها! بل تلك الإنقباضة داخل صدرها خير دليل على أن شيء ما سيصيبها! لطالما كان هو ملجأها ومصدر أمآنها فكيف يتخلى عنها الآن بأكثر وقت تحتاجه!
أخذ يربت على رأسها بحنان ثم وضع يده على بطنها يتحسس طفله الذي ينبت داخلها وقد لاحت منه أبتسامة خفيفة وهو يقول:
“حبيب بابا اللي ملحقتش أشبع منه إن شاء الله تكون آخر سفرية ومش هسيبك انت وماما تاني”
أبتعد عنها ثم قام يحضر شنطة ثيابه ويأخذ ما سوف يحتاجه طوال هذا الأسبوع وهو يدعو الله أن يمر بسلام وشيء ما داخله يود التراجع حتى لو خسر عمله ولكنه يرجع ويذكر نفسه بأن هذا طبيعي ومضطر لذلك.
أنتهى من تحضير شنطته ثم عاد إليها مجدداً وقد قامت من مكانها وتجلس بهدوء ووجهها شاحب وعيونها حمراء ليقترب منها وهو يتنهد يتعب قائلاً:
“يرضيكي امشي وانا قلقان عليكي كدا! علشان خاطري يا روان متصعبيش الموضوع عليا أكتر”
أخذت نفساً عميقاً ثم مسحت دموعها وهي تجبر نفسها على الإبتسامة قائلة:
“ترجع.. بالسلامة إن شاء الله”
أبتسم وهو يقترب منها محتضناً إياها قبل مغادرته وهو يستودعها عند الله هي وطفلها ثم قّبل رأسها وغادر تاركا قلبه معها وعقله منشغلاً بها.
وبالخارج كانت ياسمين قد صعدت بعدما هاتفها وهي تقف تسمع تعليماته الذي يمليها عليها قائلاً:
“تخلى بالك منها كويس اووي يا ياسمين ومتسبهاش لوحدها ومتخلهاش تنزل تحت كتير علشان محدش يضايقها ولو حد زعلها انتِ المسؤلة قدامي وتخلي بالك من صحتها وإنها بتاكل كويس وتكلميني على طول تطمنيني عليها ماشي!”
“اى يابني هو انت رايح تحارب.. دا كلها أسبوع وهترجع”
نظر إليها بتحذير وهو يقول:
“أسمعي اللي بقولك عليه كويس يا ياسمين وإن حد زعلها انتِ المسؤلة قدامي سامعة!”
أومأت له بتنهد رغم مبالغته في الأمر وهمت لتعترض ولكنها رأت الحيرة والتردد عليه لذا وضعت يدها على كتفه وهي تقول بهدوء محاولة طمأنته:
“كل حاجه هتكون بخير متشغلش بالك بيها وانا هخلي بالي منها كويس”
هز رأسه ثم حمل حقيبته وغادر بينما هي دلفت إلى روان فوجدتها مستلقية على الفراش تنظر إلى السقف بشرود ولم تنتبه لها حتى وقد كان وجهها شاحب.
جلست جوارها وأخذ تلقي عليها بعض الكلمات كي تطمأنها بأن هذا خارج عن إرادته وسوف يمر الأسبوع سريعاً لتهز لها روان رأسها ببسمة ثم أغمضت عيونها في ثبات عميق كما فعلت ياسمين أيضاً.
وفجأة وبعد منتصف الليل فتحت عيونها على وسعهما لتجد نفسها تنام على الفراش وبجوارها ياسمين تنام بعمق.
لتقوم من مكانها وكأنها متغيبة عن الواقع ثم أخذت تسير حتى خرجت من المنزل بأكمله وهي تسير دون وجهه محددة حتى تورمت قدمها من المشي وكل هذا وهي لا تشعر.
فقط تسير وكأن شيء آخر هو من يحركها حتى أستفاقت لنفسها فجأة وهي تشعر بالتعجب من وجودها هنا لتنظر حولها فلم تبصر شيء والظلام يعم المكان.
ولكنها توسعت عيونها برعب حين أدركت المكان الذي تقف به الآن… لقد.. لقد قادتها أقدامها إلى المقابر! وعند هذا الحد سقط قلبها رعباً.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي 2)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *