روايات

رواية نعيمي وجحيمها الفصل السابع والستون 67 بقلم أمل نصر

رواية نعيمي وجحيمها الفصل السابع والستون 67 بقلم أمل نصر

رواية نعيمي وجحيمها البارت السابع والستون

رواية نعيمي وجحيمها الجزء السابع والستون

نعيمي وجحيمها
نعيمي وجحيمها

رواية نعيمي وجحيمها الحلقة السابعة والستون

داخل قفصه المُحكم بالسياج الحديدية كان يستمع ويتابع مبهورًا لمرافعة هذا المحامي الغريب، والذي أتى له منذ عدة شهور كنجدة من السماء، ليُخصله من العديد من القضايا بفضل دهائه الغير عادي في تشتيت المحكمة وإدخال العديد من الشهود الذين يشهدون فقط لصالحه، وإن لم يوجد، فهو يشكك في الشهادة الحقيقة للآخرين، لقد أصبحت الجلسات إليه كحلقة تلفزونية ممتعة وتستحق المتابعة الجيدة حتى تنتهي، ولماذ لا يفعل وقد تمكن الرجل من تخفيف الحكم في قضيته مع جاسر الريان بفضل تلاعبه المتقن إلى أقل عدد من الشهور وقد احتسبت منها المدة التي قضاها في سجنه أثناء المحاكمة، وها هو الآن يأتي بشهود اَخرين في قضيته مع التافه محروس، فقلبت الأوضاع بالأقوال الجديدة التي شككت في صحة اعترافات الصبي الذي كان السبب في سجن المحروس وبعد ذلك وبمساعدة من جاسر كان السبب في برائته أيضًا باعترافه، والذي اصبح لا قيمة له بما يراه الاَن بقول الشهود الجدد، والتي شككت حتى في عقلية الولد، كما أنه ادخل أشخاص جدد ليعترفوا على الشاب وعلى أنفسهم أيضًا انهم مشتركين معه في الإتجار واللعبة التي لعبها على محروس، وبراءة العم فهمي صنارة من هذا الفعل الشنيع.
ابتسامة بلهاء كانت تعلو قسماته وهو يتابع دارمية الرجل الذي أخذته الجلالة في الدفاع عنه وعن الظلم الذي تعرض له والإتهام الباطل له بأنه تاجر مخــ درات، لم يراها في حياته بل أنه تفاجأ بها كغيره، بعد أن لفقت له القضية كما يذكر الرجل.
رفقي نحاس هذا هو الشئ الوحيد الذي يعلمه عنه وهو إسمه، والذي اصبح مصدر فخر له بين اقرنائه في المحبس، وذلك لمكانة الرجل وشهرته الذائعة الصيت في هذا المجال، بالإضافة إلى الإشاعات التي تتواتر على أسماعها بشأن الأجر الخيالي الذي يتلقاه في كل قضية يتولاها، وهو لم يدفع منهم شئ، منذ أن هبط عليه وتولى جميع قضياه، إلا أنه كلما يسأله عن أجره او من هذا الذي تطوع وأتى به إليه، يفاجئه الرجل بقوله:
– إنتظر حتى ننتهي من كل شئ، وستعلم كل ما تريد معرفته وقتها.
ومهما ألح عليه لا يعطيه قول مفيد، فلا يملك سوى الأنتظار، بالظبط كما ينتظر الاَن لقرار القاضي الحاسم بعد انتهاء المرافعة وشهادة الشهود، ينتظر هذه الأوقات القليلة مع نظرة مطمئنة يرسلها إليه الرجل، قبل أن يلتهي عنه بمكالمة تليفونية ليخرج بهاتفه إلى خارج قاعة المحكمة، فلا يدخل إلا بعد عودة انعقاد الجلسة بعودة المستشارين والقاضي الذي عقدها، ليردف ببعض الكلمات الثقيلة على إستيعاب عقله المتواضع، ثم يبدأ في إصدار أحكامه على عدد من الافراد معه في القفص، حتى إذا وصل لإسمه ذكر بعض الكلمات باللغة الفصحى لم يعرف منها هو شيئًا، لكنه رأى التهليل والمباركات على وجوه صبيانه وابتسامة واثقة رمقها بها هذا الرجل المدعو رفقي، جعلته يشعر ببعض الإطمئتان رغم عدم فهمه لشئ، ليظل على فضوله حتى انتهت جلسة الحكم، ف أتأه هذا الرجل المغتر مع عدد من صبيانه الذين التفوا حوله للتهنئة والمباركة، تجاهلهم جميعًا ليسأل الرجل على الفور:
-مقولتليش يا سيدنا، هو انا اخدت إيه بالظبط؟ العيال بتباركلي وانا مسمعتش البراءة دي خالص!
تبسم يجيبه الرجل بمكر:
-القاضي احتار يديك إيه بعد وزعنا القضية على كذا اتجاه، إنت خدت سنة مع وقف التنفيذ يا فهمي ههه.
ضحك فهمي يبادل الرجل المرح، ليسأله مرة أخرى بإلحاح:
-يعني كدة براءة يا سيدنا، ولا برضوا السنة دي هتفضل معلقة في قفايا ولا إيه يعني انا مش فاهم؟
كظم رفقي غيظه من غباء الآخر، فقال على عجالة وهو يتحرك للذهاب من امامه:
-تقدر تحسبها براءة، المهم انك هتطلع من السجن، وابقى راعي لنفسك بقى عشان ما توقعش تاني ويتجمع عليك القديم والجديد، يالا بقى سلام.
– طبعا امال ايه نراعي نفسنا، هي دي شغلانة.
تفوه بالكلمات فهمي وهو يتابع الرجل الذي كان يغادر من أمامه نحو باب القاعة المكتظة بالاعداد الضخمة من البشر، مع الصخب الدائر بأصواتهم، فالتف إلى احد صبيانه يتابع حديث نفسه المبتهجة قبل ان يلتقطه حارس القفص ليخرج به:
-ولله وهترجع امجادك يا فهمي، ونخرج للبشر اللي مستنيانا ، حلاوته.
❈-❈-❈
بجوار تختها الطبي المستلقي عليه جسدها الهزيل بعد عودتها من جلسة العلاج الكيميائي الصعبة، كانت كاميليا جالسة وتدلك بأناملها على كفها تنقل إليها الدعم والمؤازرة، وهي تبتسم إليها بحب وامتنان، لا تصدق ان برغم كل ما فعلته من خطأ، لم تتركها ابنتها او تتخلى عنها كما فعلت هي سابقَا.
-جرا إيه يا جماعة، بلاش الحزن دا بقى وفرفشي كدة يا طنت نبيلة، خلي البت دي تفك خلقتها المقلوبة كدة بدل ما اطفش منها، انا راجل فرفوش ومحبش النكد .
هتف بالكلمات طارق لتشيعه المرأة بنظرة مرحة مع قولها:
-تسيب مين يا ولا؟ هو انت تقدر توارب حتى عنها، طب اعملها كدة وخليني اشوف .
هلل يجيبها بتراجع على الفور وهو يجلس على الكرسي بجوار كاميليا:
-لا لا تشوفي إيه؟ قلبك ابيض يا ستي، هو انا اقدر افكر حتى في غيرها، دي حبيتي وربنا ما يحرمني منها دي.
قال الأخيرة وهو يتناول كف يدها ويقبلها، اشرق وجه نبيلة بالضحكات رغم الشحوب، وهي تشاهد تجعد وجه ابنتها بالضيق لمشاكسة خطيبها الدائمة لها بجراته المعهودة، لتهتف بوجهه:
-يعني هي خلاص ضاقت عليك يا طارق مش لاقي مكان تقعد فيه غير الكرسي اللي انا قاعدة عليه؟ الأوضة فيها اتنين تاني غير الكنبة.
عقب هو على قولها ببساطة:
-اه يا حبيبتي في، بس انا هلاقي راحتي فين؟ انا بقعد في المكان اللي برتاح فيه.
– والله.
قالتها وهمت لتلتف بجذعها فمنعها ضيق المساحة، لتكمل بغيظ:
-وهي الحشرة دي فيها راحة برضوا يا طارق؟
مال بجسده يلف ذراعه حول كتفيها ليرد بغبطة:
-اوي، تعرفي المسرحية القديمة دي بتاعة الأبيض والأسود لما الممثل دا اللي اسمه أمين الهنيدي لما يكون بيقولها كدة بالفم المليان:
– انا مبسوط كدة، انا مستريح كدة.
على قوله لم تقوي كاميليا على منع ابتسامتها، ازدادت ضحكات نبيلة لتردف إليهما:
-طب ولما هو كدة يا عم انت، ما تتــ جوزوا بقى، مستنين إيه.
شهق طارق بصوت كوميدى جعل كاميليا تنفجر في الضحك المكتوم ليهتف بمسكنة:
– انتي بتقولي لمين يا ست انتي الكلام ده؟ انا لو عليا اتــ جوز امبارح مش النهاردة، بنتك المفترية اللي لازقة جمبي دي هي السبب، هي اللي حاطة العقدة في المنشار، انا سألت واتأكدت ان ملهاش عدة وينفع نتــ جوز على طول، إنما هي بقى مأجلة ليه؟ أسأليها كدة يا حماتي والنبي، شوفي كدة هتقولك إيه؟
سمعت منه نبيلة لتتوجه سائلة نحو ابنتها:
-إيه يا كاميليا؟ إيه اللي مخليكي مأجلة حبيبتي؟
ظلت على وضعها المذكورة لعدة لحظات تحاول وقف الضحك حتى تتمكن من الإجابة، ووجها اصبح قطعة حمراء، لتردف اخيرًا بصعوبة:
-عدة احترازية.
-إيه؟
تفوهت بها نبيلة سائلة ليشير لها طارق بطريقة كوميدية جعلت كاميليا ترد بدفاعية رغم الضحك المكتوم:
-عدة احترازية يا جماعة الله، انا اصريت عليها قاصدة عشان ع الأقل نعمل فترة خطوبة، خلاص الوقت راح يعني؟ دول كام شهر قليلين مش مستاهله
ردد خلفها ساخرًا:
-كام شهر ومش مستهله! خدتي بالك يا حماتي، بتقولك مش مستاهله بكل بساطة، عشان لما اقولك عنها انها مفترية تصدقيني.
-صدقتك يا حبيبي، وعذراك من زمان والله.
قالتها نبيلة برقة لتدعمه، ليرسم على وجهه البراءة والمسكنة، فلا تستطيع الأخرى التوقف عن ضحكاتها وهو يناكفها باستمتاع يدخل في قلب المرأة البهجة، حتى تحول كل ذلك مع استدراكها لوضعها، فقالت بجدية خلت من العبث:
-حاولي يا حبيبتي تقربي الميعاد، عايزة اللحق افرح بيكي، لميعادي يسبق قبل ميعادك.
انتفضت كاميليا بارتياع لتهتف بعدم احتمال:
-إيه اللي انتي بتقوليه دا يا ماما؟ حرام عليكي ماتوقفيش قلبي من الخوف، انتي هتعيشي وتشيلي ولادي وولاد اخواتي كمان، بلاش التشاؤم دا، لأنه غلط على فكرة.
أكمل على قولها طارق:
-فعلًا يا حماتي، انا اعرف ان الإرادة في الحياة عليها اكبر جزء في محاربة المرض وهزيمته، انتي تقدري أكيد، ما هو مش معقول يعني اللي جمبي دي، تكون جايبة قوتها وإصرارها دا من الهوا كدة.
استجابت لمزاحه نبيلة لتعود ابتسامتها مع القول:
-كاميليا دي خدت أحلى الصفات مني وسابت اوحشها، ربنا يحرسها، والدها كمان كان لو فضل كبير في زرع الطيبة والجدعنة في شخصيتها، على رغم كل هدوئه ده لكنه ابدًا ما كان ضعيف.
قالتها بنبرة تفيض بالندم، ليخرجها طارق بقوله:
-طب معلش يعني يا جماعة في دا السؤال، بس انتوا يعني ليه مصممين إنكم متقولوش لحد؟ ومخلين الأمر وكأنه سر ما بينكم؟
أطرقت كاميليا برأسها صامتة وتكفلت بالرد نبيلة:
-السر فيا انا يا طارق، عشان انا اللي رافضة ان حد يعرف، مش عايزة اشوف الشفقة في عيون حد، او اشوف الشماتة في عيون اللي هيقولوا كدة بالفم المليان، دي خدت جزاءها، رغم اني هديهم الحق وقتها على فكرة، زي ما انا عارفة ومتأكدة كمان إن والد كاميليا عمره ما هيسبني لو عرف عشان اصله الطيب وكرم أخلاقه، بس انا برضوا مش هرضهالوا.
أوقفت لتختم بتنهيدة طويلة خرجت من العمق، وخيم الصمت على ثلاثتهم بتأثر، قبل ان يقطعه طارق، بقوله:
-بس انتي مهما اختفيتي ولا خبيتي نفسك عن الناس، أكيد هتحضري فرحنا، مش كدة برضوا.
مرة أخرى نجح في نزعها من الكاَبة لتندمج معه في مرحه، وقالت بعيون تلألات بالقلوب الحمراء:
-دا هيبقى أحلى يوم في حياتي، واوعى تفتكر إني هحضر كدة بلبس عادي ولا أي كلام، لا يا حبيبي، دا انا لازم البس وابقى قمر، عشان اغلب البنت دي اللي قاعدة جمبك، او ع الأقل يقولوا إن العروسة طالعة لامها.
– يا ولد.
هتف بها طارق بإعجاب شديد ليتابع:
-اقسم بالله انتي قمر من غير مكياج يا شيخة، دا إيه اللذاذة دي.
سمعت منه لتحرك اكتافها بدلال مع ابتسامة رائعة، ارتدت على ابنتها بالفرح، وعلق طارق:
-وكمان دلوعة يا ناس دا أنتي عسل….
توقف ليقترب منها هامسًا:
– بقولك إيه، ما تعلمي البت اللي جمبي دي ينوبك ثواب يا شيخة.
قالت كاميليا من خلفه متصنعة الغضب:
-سمعاك على فكرة
التف إليها يغيظها بنظرته، فردت نبيلة بمكر:
– ومين قالك بقى إن البت دي مش دلوعة يا حبيبي؟ دي بلوة مسيحة.
-ماما.
هتفت بها كاميليا بنظرة محذرة، لم تعيرها نبيلة اهتمامًا لتكمل لهذا الذي كان يستمع إليها بشغف:
-هي بس تلاقيها مكسوفة منك، عشان كدة مصدرالك الوش الخشب، إنما استني انت كدة على ما تتجــ وزها، وانت تشوف الهنا كله.
– يا ماما.
صاحت بها لتوقفها، بوجه تلون بالخجل الشديد، فالتف برأسهِ إليها الاَخر يناظرها بأعين تفيض بالعبث وهو يقول:
-ما تسيبي الحجة تقول وتتكلم، دي بتقول حكم .والله حكم.
ضحكت على قوله نبيلة ورد فعل ابنتها التي فاض بها منهما فهتفت حانقة وهي تتناول هاتفها لتجيب عن الاتصال الذي ورد إليها نجدة:
– انا غلطانة اني لمتكم على بعض…
تبادل طارق ونبيلة نظرات خبيثة وهم يتابعون حديثها المقتضب في الهاتف بعد أن نهضت من جوارهم، لتنهي المكالمة سريعًا وتقول بلهفة:
– طارق احنا لازم نمشي بسرعة، زهرة بتولد .
❈-❈-❈
يتحامل ويقسو بقوة على الجهاز الذي يُدرب عليه قدمه المصابة لكي يستطيع السير عليها بشكلٍ طبيعي كالسابق فلا يقدر، لقد مر شهر منذ أن توقف عن العلاج العادي بعد العمليات الجراحية، وهو الآن يواظب في التمرينات بشكل دوري، وبإرادة ترفض الإستسلام، حتى لو كان هذا شئ غير مضمون كما اخبره أكثر من طبيب تفحص حالته، يرفض هذا النقص الذي يشعر به حينما يسير على أقدامهِ وهذا العرج الحديث، لذلك هو يجعل خطوات السير على أقدامه دون السيارة في أضيق الحدود، لن يتواني أو يتوقف عن المحاولة حتى العودة إلى السابق.
– ربنا يقويك.
عقد حاجبيه بعد سماعها من نبرة الصوت المعروفة إليه، فالتف برأسه إليها ليصدق تخمينه وهو يراها واقفة بابتسامتها الناعمة دائمًا، وترتدي ملابس الرياضة، فرد بخشونة رافعًا حاجبًا واحدًا:
– ويقويكي يا ستي ألف شكر.
قالها ليعود لوضعه السابق، ليتفاجأ بها تلتف لتقف أمامه وتقول:
– انا كنت في بتمرن جوا لما شوفتك وانت داخل على صالة الرجالة، مقدرتش أمنع نفسي إني ادخل واكلمك عشان اطمن.
-هذا يعني انها رأته وهو يعرج بقدمه.
غمغم بها داخله لتفور الدماء برأسهِ، فحاول التماسك، ليكتفي بالإيماء برأسهِ إليها، ف تابعت هي:
-بس انا شايفاك ما شاء الله يا كارم، ربنا يتم شفاك على خير.
فعل نفس الأمر يومئ بعينيه دون صوت، ف اقتربت تسأله بجرأة:
– انا أسفة في السؤال يا كارم ومش عايزاك تزعل مني، هو انت انفصالك عن كاميليا؟ كان قبل الإصابة ولا بعدها؟
توقف عما يفعله ليرمقها بأعين مشتعلة لم تؤثر فيها، وتابعت بعدم اكتراث:
-بصراحة لو كانت الإصابة هي سبب إنفصالكم، تبقى صاحبتك قليلة الأصل ومتستهلش النعمة اللي كانت في إيديها، وعلى إيه بقى؟…… ما هي لقت البديل أصلًا.
قالت الأخيرة وهي تشيح بوجهها عنه بلؤم تداري خوفها من غضبه والذي حدث على الفور بصيحته:
-عايزة إيه يا ميرفت؟
انتفضت لتلتف إليه فتواجه هذا الوجه المظلم والنظرة القادرة على إحراق من أمامها، فعبس وجهها هي أيضًا، لتقول بلهجة حاقدة:
-انا بس عايزة افكرك إن جاسر الريان معندهوش عزيز، غير صاحبه واللي يجي من ناحية مراته وبس، يعني بذمتك، إنت لو ليك عنده ذرة كرامة، كان قبل بالوضع ده، وانت كنت إيده اليمين واللي شايل المجموعة على اكتافك؟ انا بجد حزينة عليك وع اللي حصلك، إنت ابن أصول وعيلتك مشهورة في البلد كلها، أنا حزينة بجد عليك يا كارم، عشان حقيقي مكنتش أتصور إن دا يحصلك في يوم من الأيام أو إنك تلاقي الخيانة بالشكل المزدوج ده.
قالت كلماتها وتحركت لتغادر من أمامه على الفور، حتى تزيد من إحتراقه وغضبه، ليتوقف هو عن كل شى ويشرد بعينيه في نقطة ما في الفراغ، وقد إستطاعت بدهائها النبش في هذه النقطة الحساسة إليه، لتذكره حتى لا ينسى أبدًا، أو يندم فيما يود فعله!
❈-❈-❈
في المشفى الذي امتلأ بعدد الأفراد من العائلتين، خطى الإثنان بداخل الرواق الطويل المؤدي في طريقه نحو القسم المقصود، أوقف طارق إحدى الممرضات وما ان هم بسؤالها، حتى هتفت به كاميليا لتنبهيه:
-غادة وخطيبها اهم هناك يا طارق.
قالتها لتسرع نحو المذكورين الذين كانا في اَخر الرواق من الناحية الأخرى، تبعها طارق حتى تقابلا أربعتهم في نصف المسافة:
-إيه الأخبار؟
سألت كاميليا بعد المصافحة والترحيب، وكان رد غادة:
-الحمد لله، ربنا قوم زهرة بالسلامة وجابت نونو زي القمر.
-يا مشاء الله.
تمتم بها طارق مع كاميليا التي تابعت سؤالها الاَخر بلهفة:
-طب هي عاملة إيه دلوقتي؟
اجابتها الأخرى بابتسامة مشرقة:
– كويسة والحمد لله، بس هما شوية التعب دول اللي بعد الولادة، لكن هو انتوا كنتوا غايبين فين؟ دي احنا من الصبح معاها هنا.
تحمحم طارق يجيب وهو يخفي ارتباكه:
-لا ما احنا كنا في مناقصة مهمة برا العاصمة. ومعرفناش غير بعد ما انتهت.
تدخل إمام بقوله المرح:
– ولا يهمك يا باشا، القسم أساسًا كانت مليان النهاردة، بالحبايب، ربنا يوعدكم انتو كمان .
-يارب يا إمام يارب.
رددها طارق بتمني من القلب وهو يتبادل النظر مع محبوبته قبل أن يسأل بلهفة
-طب هما فين دلوقتي؟ عايزين نلحق ونبارك
اشار لهم إمام على الناحية المؤدية للغرفة، قبل ان يعود لخطيبته ليقول بحب هو الاَخر:
– وعقبالنا إحنا كمان يا غدودتي.
استجابت له بابتسامة خجلة تبدلت فور أن أكمل لها:
-ويجازي اللي في بالي.
لكزته بقبضتها على ساعده الضخم تنهره محذرة:
– ما تقولش عليها كدة يا إمام عشان مزعلش منك .
ناظرها بمكر ليسألها:
-طب وانتي عرفتي انا بتكلم على مين؟
صاحت بها تجيبه بفطنة:
– اَه يا حبيبي، قصدك على أمي، عشان هي اللي مطلعة عينك في طلباتها الزيادة.
أومأ لها مضيقًا عينيه يلوح بسبابتيه بطريقة مضحكة:
-أديكي قولتيها بنفسك اهو، طلباتها الزيادة، الزيادة أوي، يعني انا لو كشفت راسي دلوقتي ودعيت عليها من قلبي، يبقى عندي حق.
تبسمت رغم الضيق الذي يعتريها من الداخل لتأكدها من صدق قوله، مع افعال والدتها المبالغ فيها معه، والتي تقصد من خلفها تطفيشه مع تحديها لها بالتمسك به، ف تداركت لتخاطبه بدلال:
-معلش بقى إمام، اتحملها عشان خاطري، ولا انا مليش خاطر عندك.
قالتها لترى تأثير كلماتها عليه، وهو يطالعها بابتسامة مبتهجة مع قوله:
-عشان خاطرك اتحمل، ولو حكمت أشيلها هي كمان بوزنها التقيل يا ستي.
لكزته مرة أخرى لتردف بحزم وابتسامة مستترة:
-مينفعش تكمل جملة بنية صافية، لازم تختمها بغلاسة.
مالك انت بوزنها؟
تطلع إلى ساعده الذي تلقي قبضتها ليقول بزهو ومناكفة:
-انتي كنتي بتزغزغيني صح، أكيد يعني دي مش ضربة.
اومأت برأسها تضحك غير قادرة على مجارته كالعادة.
❈-❈-❈
في الغرفة الكبيرة التي خف الازدحام بها، طرقت كاميليا على بابها الخشبي بخفة قبل أن تدلف بحرج مرددة التحية، لتركض سريعًا نحو صديقتها بلهفة للاطمئنان عليها، وتبعها طارق بكلماته المرحة:
– مساء الفل، جاسر باشا منور
هتف بها بصوته العالي فور أن رأه جالسًا بالقرب من زوجته، ليلج لداخل الغرفة بخطوات مسرعة في الذهاب نحوه، وقف له الاَخر يتقبل عناقه والتهنئة بسعادة لم يستوعبها حتى الاَن:
-الف مبروك يا حبيبي يتربى فى عزك يارب.
-الله يبارك فيكي يا صاحبي، عقبالك
-يارب يا غالي يسمع منك يارب،
صاح بصوت عالي قبل ان يلتفت للأم موجهًا المباركة أيضًا:
-حمد لله ع السلامة يا زهرة.
-الله يسلمك يا طارق، عقبال فرحكم انتو وكاميليا.
رددتها له بوهن، ليجيب برفع كفيه بحركة مسرحية أثارت الابتسامة على وجه الجميع، قبل أن ينفرد مع صديقه بحديثٍ أخوي في جانب وحدهم، وتندمج هي في الحديث مع صديقتها ورقية بجانبها، وقالت تخاطب الأخرى بعتب
– كدة برضوا يا كاميليا، كل الناس في الساعة دي تبقى حواليا إلا انتِ برضو؟
قبلتها اعلى رأسها مرددة بأسف:
-سامحيني يا حبيتي، بس انا والله ما كنت هنا في العاصمة أساسًا.
طالعاتها عاقدة حاجبيها باستفهام لقطته الأخرى بسرعة، ف اقتربت بجوار رأسها لتهمس:
-مش عايزة أعلي صوتي عشان خالتي رقية، انا كنت عند ماما أساسًا.
توقفت لترفع رأسها وتقول بصوت واضح هذه المرة:
-بس انا بصراحة زعلانة اوي، كان نفسي اشوفك يا زهرة واعرف عملتي إيه ساعتها؟
لم تكد تكملها لتفاجئ بقول رقية المتلهف:
– يا ختيي ع اللي عملته، دا انتي فاتك نص عمرك النهاردة
قالتها وكان رد زهرة ان رفعت كفيها لتُخبئ وجهها من الحرج، مغمغمة بحنق:
-يا لهوي عليا، انا عارفة انها مصدقت.
ضحكت كاميليا وهي تتابع قول رقية التي لم تكترث لغضب حفيدتها:
– يا ختي صريخها كان واصل لاَخر المستشفى، البت اللي طول عمرها هادية، لو تشوفيها النهاردة وهي ماسكة وبتشد في جوزها بغيظ وكأنها عايزة تاكله….
قاطعتها على الفور زهرة من تحت كفها:
-والنعمة يا رقية، لو ما بطلتي لازعل منك بجد.
مشهدها أثار الفضول لدى لكاميليا لتعلم ببقية الحديث فسألتها بلهفة:
-لهو انتي دخلتي معاها اوضة الولادة.
أجابتها على الفور لتقص عليها ما حدث:
-اه يا ختي امال إيه؟ ما هو جوزها مستحملش البهدلة بعد ما عضته في إيده، وفضلت انا معاها لحد اما شيلت الولد على إيدي .
شهقت كاميليا بمرح مرددة بمشاعر تفور بداخلها لهذا الإحساس الجميل:
– الله يا رقية، دا انا كدة زعلى حيتحول لقهرة حقيقي عشان مقدرتش أبقى معاكم واشوف الحاجات دي، بس هو فين الطفل وفين بقية البشر؟ انا سمعت ان الجميع كان معاكم النهاردة، فين عامر ولميا، ولا سمية أو والدك ولا خالد صح ونوااال؟
ردت زهرة بوجه عابس:
– الولد لسة بيطمنوا عليه في الحضانة وعامر ولميا معاه هناك، وسمية بقى روحت مع بابا اول اما اطمنت عليا، اما خالي فطلع مع مراته يروحها هي كمان عشان ترتاح، ما انت عارفة ظروفها بقى بعد الحمل هي كمان.
❈-❈-❈
في الغرفة الممتلئة بالأطفال المواليد، كان واقفًا بتأثر افقده النطق وهو يتطلع في الطفل الذي يحمله ببن يديه بعد أن اطمئن عليه الطبيب الذي فحصه جيدًا، ولم يتبقى سوى بعض الإجراءات القليلة حتى يعود به إلى والديه، ولكنه ومنذ خروجه لم يستطع تركه، حتى أنه لا يسمح بأحد بحمله ولا حتى يسمع لإلحاح زوجته، التي كانت تخاطبه بضعف رغم لهفتها هي الأخرى، تقديرًا لحالته:
-يا عامر كفاية بقى حرام عليك، انا نفسي كمان اشيله.
انتبه عليها اَخيرًا، ليرفع رأسه عن التحديق بالطفل، فيرى وجه زوجته المغرق بالدموع، فسألها يدعي عدم الفهم:
-بتعيطي ليه لميا؟
اجابتها وقد اكتسحها القهر:
-عشان انت اناني، ومن ساعة ما شيلت الولد مش راضي تدهوني.
اومأ بمهادنة على الفور قائلًا:
-خلاص بلاش عياط، هدهولك يا قلبي، بس اصبري شوية بس على ما اشبع منه.
دبت بأقدامها على الأرض بغيظ:
-تاني برضوا يا عامر، طب اديني فرصة اشوف ملامحه حتى.
طالعها بإشفاق اشعرها ببدء استجابته ولكنه صدمها بقوله:
-وانا مانعك يا روحي تعالي شوفيه.
زفرت بضيق وهي تجده مصرًا على أنايته، فدنى إلى مستوى طولها، ليقرب وجه الطفل إليها، فترضخ مذعنة لحسن اخلاقه، بعد أن سمح لها بالرؤية أساسًا، وتطلعت في الطفل حتى تتعرف على ملامحه جيدًا بعد الرؤية الخاطفة في أول الأمر، فقال عامر:
-واخدة بالك يا لميا، شكله جميل ازاي؟
ردت بصوت مبحوح يخرج بصعوبة من فرط مشاعرها:
-اه يا حبيبي، دا جميل اوي كمان… يانهار ابيض دا عنده غمازة دقن زي والدته.
قالت باستدراك وهي تخاطب زوجها، والذي رد بابتسامة لها:
-اه فعلا… بس كمان أخد حواجب أبوه، شايفة مقلوبة ازاي يا لميا؟
قالها بضيق جعلها تضحك، لتردف باكتشافها الاَخر:
-وعيونها ملونة يا عامر، دي اكيد عيوني.
ناظرها عامر بانفعال يقول لها:
-فينها عيونك دي؟ هي باينة أساسًا، دا بيغمضها وهي ضيقة أساسًا.
قارعته زوجته بتحدي:
-اه ضيقة بس انا شوفت لونها كويس أوي.
فين شوفتيها؟ دا انا بقالي ساعة ببص ومشوفتش حاجة.
قالها عامر بإصرار، لتهتف زوجته بإصرار أشد:
– عشان انا عندي قوة ملاحظة اقوى منك يا عامر.
هم ليجادلها ولكن منعه صراخ الممرضة التي كانت واقفة بجوارهم منذ فترة:
– يا بهوات الله لا يسيئكم حد فيكم يعبرني بقى؟
سألها عامر مجفلًا:
– عايزة إيه يا بنتي؟ وانتي بتصرخي أساسًا كدة ليه؟
تنهدت الفتاة تجيبه بتعب:
– عشان بقالي ساعة واقفة عايزة اعرف منكم إسم المولود ومحدش فيكم منتبهلي، دا حتى لما روحت لوالدته ووالده قالوا منعرفش.
تبسم عامر بانتشاء لوفاء ابنه وزوجته بوعدهما بترك التسمية لهما، لترد لمياء التي أصابها الزهو هي الأخرى وتجيب الفتاة .
– اكتبي يا بنتي عندك، مجد جاسر عامر الريان.
سألتها الفتاة لتتأكد:
-بتقولي مجد يا هانم؟
أجابها عامر بغبطة تغمره:
-ما قالتلك يا بنتي مجد، لأن دا الأول، وبقية السلالة تيجي بعده ان شاءالله.
❈-❈-❈
-بتعُضيني في كف إيدي يا زهرة؟ هونت عليكي برضوا؟
همس بها جاسر وهو جالس بجوار رأسها على مقعده، مستغلًا غفوة رقية وخلاء الغرفة بعد مغادرة كاميليا وطارق، لتجيبه بابتسامة متسلية:
– وجعتك؟
-أوي، دا انت سنانك لسة معلمة في إيدي، حتى شوفي كدة،
قالها بعد أن رفع الجانب المتأذي أمام عينيها، قربتها إلى فمها تقبلها وتقول برقة:
– سلامتك.
-الله يسلمك
قالها بابتسامة عريضة وقد أرضاه فعلها، لتكمل هي:
– بس انت مدام عارف نفسك مش هتتحمل، مكنتش دخلت معايا يا جاسر.
همس يجيبها بصوت أجش:
– ما انا مهنش عليا اسيبك وقتها، بس بصراحة مكنتش اعرف انها حاجة صعبة أوي كدة، وبرضوا مكنتش اتخيل انك هتبقي شرسة معايا انا بالذات.
ضحكت بخجل تداري وجهها قبل أن تنتبه على دفع الباب مرة واحدة ليلج منه خالد، ف ابتعد جاسر عنها بحركة سريعة، لفتت انتباه المذكور، ليقول بمكر:
-إيه يا جماعة هو انا جيت في وقت غير مناسب ولا إيه؟
غمغم جاسر بالكلمات الحانقة،وهو يشيح بوجهه للناحية الأخرى، ف تبسمت زهرة بخجلها المعتاد، ليصدر الرد من رقية:
-مش تتنحنح يا واد الأول وانت داخل، عشان ياخدوا تنبيه.
قالتها لتنتفض زهرة بالرد:
-ستي إيه اللي انتي بتقوليه ده؟
-إيه يا عيون ستك، مش بقول الصح عشان ميحصلش حرج.
قالتها رقية بخبث وهي تتنقل بعينيها من حفيدتها لجاسر الذي انخطف لون وجهه، ليزيد عليهما خالد بمشاكشته:
-واضح إن الست الولدة كانت مفتحة عيونها معاكم
هتف به جاسر:
-متابعة إيه بالظبط؟ دي كانت نايمة.
ردت على الفور رقية:
-لا دا ماهو كان الأول، قبل ما اصحى على الوشوشة بتاعتكم حتى بأمارة العضة.
شهقت زهرة وضرب جاسر بكفه على صفحة وجهه بقلة حيلة، ليهتف خالد بنية غير سوية:
-عضة إيه يا مٌا؟
❈-❈-❈
بعد قليل
عاد عامر بالطفل مع زوجته ليجد نقاشيًا حاميًا بالغرفة، وصوت ابنه المتعصب يغطي على صوت خالد ورقية في الجدال:
-إيه يا جماعة فيه إيه مالكم؟
سأل ٧امر ف سكت ثلاثتهم فخرج صوت زهرة لتُخاطب عامر بلهفة:
-انت جيبت الولد؟ هاته خليني اشوفه دا وحشني أوي.
تبسم عامر وخطا بسرعة ليعطيها الطفل، وتتلقفه هي بحنان واعين زوجها تتابعهما، فسألت لمياء:
-هو انا ليه اتهيألي انكم كنتوا بتتخانقوا؟
ردت رقية منفعلة:
– ربنا ما يجيب خناق ان شاءالله، بس انتي احضرينا وقولي رأيك، هي البت لما تولد بتروح فين؟ مش بتروح عند اهلها برضوا عشان تنفسها امها او اختها او حتى مراة ابوها لو كانت هي البديل.
هزهزت رأسها لمياء تسألها بغباء:
-بنت مين؟ وتتنفس ازاي يعني؟
صاحت رقية:
-زهرة يا ستي.
– مالها زهرة؟
سألتها لمياء ببلاهة، لتردد رقية.
– يييييييه.
عقدت لمياء حاجبيها باستغراب من رد رقية وكلماتها الغير مفهومة، ليهتف لها جاسر مصححًا:
– عايزة تفهمك يا ماما، انها عايزة تاخد زهرة معاهم بيتهم، المدة اللي جاية دي كلها لحد اما تقوم بالسلامة، يعني ع الأقل شهر او أربعين يوم .
شهقت لمياء برعب ليتوهج لون الخضرة بعينيها، وأتي الرد من عامر :
-إيه اللي انتي بتقوليه دا يا رقية؟ ازاي يعني؟
تدخل خالد:
-امي بتتكلم ع الأصول يا عامر باشا، احنا ناس بلدي ونفهم في الحاجات دي، دي بقالها مدة يا راجل بتجهز للحدث.
اضافت رقية:
– ايوة امال ايه؟ دا انا خليت سمية تروح البيت على طول عشان تجهزلها الفرخة اللي هتتقاوت بيها.
-ويعني احنا مش هنعرف نجهز لها فرخة يا رقية؟
هتف بها عامر بحدة ليتبع قوله برفق:
– اصول بقى ولا مش أصول، انا مصدقت لقيت الولد يا رقية، يرضيكي يبات بعيد عني من دلوقتى، ولمدة شهر كمان او أربعين يوم؟
عبس وجه رقية يحزنها إحراجه ويغضبها عدم تنفيد ما كانت تخطط له، فتدخل جاسر يهادنها برفق:
– ويا ستي، تعالي انتي معانا واقعدي معاها براحتك، ولو ع الفراخ اللي جهزتها سمية هاتيها واكلي زهرة منها براحتك برضو.
ارتخت ملامحها وقد بدا انها رضت بالحل الوسط، فهتف عامر ضاحكًا يخاطب زهرة:
– طب وانتو بترغوا كدة وسايبين الأمة وابنها،
رأيك ايه انتي بقى يا ست زهرة:
اجابته بابتسامة رقيقة ترضي جميع الأطراف:
– اللي ترسوا عليه مع بعضكم انا موافقة عليه .
❈-❈-❈
خرجت تلتف يمينًا ويسارًا، بعد أنهت محاضراتها، تبحثُ بعيناها عن السيارة المميزة، حتى إذا لمحتها
من قريب وسط السيارت المصطفة أمام الحرم الجامعي، وقائدها بأناقته التي تخطف الأنفاس، ووسامة جعلته محط انظار جميع المارة من الفتيات، وقد زادته النظارة السوداء غموضًا، خطت بسرعة لتفتح بابها بسرعة وتنضم بداخلها معه، لتلقي التحية وهي تقول بحماس:
-مساء الفل، اتأخرت عليك؟
رفع نظارته عن عينيه يجيبها بابتسامة ساحرة:
-مساء الجمال، هو بصراحة انتي اتأخرتي بس انا زعلي كله راح بمجرد ما شوفت وشك اللي زي القمر ده.
تبسمت بسعادة لغزله، فتابع لها:
– ها تحبي نروح فين بقى يا ست رباب؟
اجابته بنظرة حالمة:
– اختار انت، على أي حتة تختارها انا موافقة يا كارم!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نعيمي وجحيمها)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *