رواية أسرت قلبه الفصل السابع 7 بقلم سولييه نصار
رواية أسرت قلبه الفصل السابع 7 بقلم سولييه نصار
رواية أسرت قلبه البارت السابع
رواية أسرت قلبه الجزء السابع
رواية أسرت قلبه الحلقة السابعة
الفصل السابع (الي الهاوية)..
-عادل ابعد ابعد!!!!
قالتها نوران بفزع وهي تبكي بينما هو مستمر فيما يفعله ….كان يريد أن ينالها بأي شكل …هي تثير جنونه …ولكن صراخها وبكاؤها جعله يتوقف ….
ابتعد فجأة ….لينظر إلى جسدها الذي انكشف أمامه….فمها الذي أصبح متورما وشعرها المشعث بجنون….
-نوران!!!
رفعت كفها وصفعته بعنف وقالت:
-انا بكر هك …بكر هك !!!!…اطلع برا العربية !!!
بهت وهو ينظر إليها …لقد أخرجته من تلك اللحظات السحرية بصفعة قوية …غزا وجهها الابيض الاحمرار بسبب بكاؤها الشديد ثم أخذت تدفعه وقالت:
-اطلع…بقولك اطلع…أنا بكرهك ..بكرهك !!!
حاول ان يهدئها ولكنها كانت تبكي بعنف شديد ….خرج من السيارة مسرعا تاركا اياها تبكي بعنف ….
عدل من وضع ملابسه وهو يخرج سجائره التقط واحده بين فمه ثم دخنها وهو يغمض عينيه….كان الغرق بها متعة ….ولكنها أوقفته في آخر لحظة …لا بأس …سيستمتع بها قدر ما يشاء …هو يعرف كيف يخضعها . . وحينها سوف يرد الصفعة لها أقوى !!!……
انتهى من سيجارته وعاد إلى سيارته وجدها قد عدلت من ثيابها وارتدت حجابها…ولكنها كانت مستمرة في البكاء…..
-روحني البيت مش عايزة اشوف وشك تاني …
قالتها وهي تبكي بعنف …وهو لم يتحدث …سيتركها تهدأ ……ثم سيهاجم مجددا….لن يتركها حتى يخضعها …هي سوف تظل فريسته حتى ينال منها ما يريد ..ثم سوف يلقيها خارج حياته بالطريقة التي تستحقها !!!
….
كانت تسير في غرفتها كأسد حبيس …عينيها تشتعلا ن بالنير ان …كانت قد خلعت نقابها ….الدموع التي في عينيها لم تقلل من تلك النيران التي تشتـ عل في عينيها …من يظن نفسه ليفرض عليها شئ لا تريده…هي لا تريد الزواج من ابنه ؟!لا يمكنه أن يجـ برها على هذا …لا يمكن لأحد أن يجـ برها على شئ لا تريده….ما هذا العبث …
جلست على الفراش…شعرها يرتاح على ظهرها وهي تتنفس بحد ة …تتذكر الموقف التي تعرضت له …تتذكر المها نة التي تعرضت إليها عندما رفض سيف الزواج منها …لقد بدا وكأن أحدهما سكب مياه باردة عليه…كان يبدو مصدوم للغاية وهذا المها…جعلها تشعر بالذل …وكأن عمها عرضها على من لا يريدها….اغمضت عينيها وهي تتذكر رفضه المهين لها ….
….
-نعم انت بتقول ايه يا بابا …مستحيل اللي بتقوله ده مش هيحصل ؛!!!انت عايزني اتجوز مين ؟!
كلام سيف اندفع بقوة وغضب ….غضبه جعل غضبها يبهت للحظات …رمشت وهي تحاول محاربة الدموع التي بدأت بحر ق عينيها…شعرت بشئ ثقيل على صدرها …ماذا يحدث …هي من المفترض ان ترفض وتهرب ..ولكنها تجد سيف من يرفض بكل قوته ……بالطبع سوف يرفضها …فبعد ان رأى وجهها لا يمكن لأحد الزواج منها….هو بالطبع لن يحبها ..لن يرغبها …فمن سوف يرغب فتاة مشوهة مثلها ….مستحيل …لن ينظر إليها احد وخاصة رجل وسيم مثل سيف …تنفست بحدة والدموع تطفر من عينيها ….لقد هزمتها دموعها ….زلزل الاشمئزاز التي يعلو وجه سيف شئ بداخلها…لقد ظن ان لن يستطيع احد ان يجرحها بعد اليوم ولكنها كانت مخطئة ….هي محطمة….منهارة….وغاضبة …غاضبة للغاية …غاضبة لان حياتها انهارت بسبب انسان مريض نفسي قرر ان يسلب جمالها….غاضبة لان عمها من تخلى عنها من قبل …يأتي الآن ويفرض عليها شئ لا تريده….من هو ليفعل هذا ….ولكن غضبها الاكبر ….تحطمها كان بسبب سيف الذي كان مصدوما وقد رفض الزواج منها بطريقة مهينة….هو حتى لم يحاول أن يخفى اشمئزازه منها …..
-سيف اقعد لو سمحت !!!
قالها والده وهو يحذره بعينيه ولكن سيف هدر بقوة :
-هو أنا لعبة في ايديك يا بابا …هتجوزني بمزاجك…زي ما خلتني اسيب الموسيقي برضه وادخل كلية ادارة اعمال …وانا مش عايزها …خلتني اشتغل في شركتك وانا مش عايز ….ودلوقتي عايز تجوزني لواحدة أنا مبحبهاش …هو أنا ابنك ولا العبد الي اشترتني !!!
-خلاص يا سيف اسكت !!!
هدر والده بقوة ليهز راسه ويقول :
-لا مش هسكت …مش هسكت بعد النهاردة…أنا مبحبش مياس…ومش عايز اتجوزها وهو مش عافية…حضرتك مش تقرر ومستني أننا ننفذ اللي عايزه …ده مستحيل يحصل يا بابا …
ثم ذهب بعنـ ،ف وتركه …بينما مياس كانت جامدة لي مكانها …الدموع تنهمر من عينيها دون توقف …هي لن تنسى هذا طوال حياتها …لن تنسى تلك الطريقة المهينة في الرفض ابداً…ظنت.ان قلبها محصن ضد أي جرح …ولكنه الآن تحطم …تحطم وابن عمه يظهر ملامح الاشمئزاز على وجهه …ولكن السبب الاكبر هو عمها…عمها فقط !!!
خرجت من شرودها وصوت بكاؤها يعلو تسطحت على الفراش وهي تكتم صوت بكاؤها …كانت تشهق بقوة وهي تضرب الوسادة بقوة …تشعر وكأنها عاجزة عن التنفس …كل من حولها يؤلمها …تمنت في تلك اللحظة ان تموت…تمنت ان تلحق.بعائلتها…لا أحد يحبها هنا…لا أحد يهتم بها …لا أحد …الكل يتفنن في تعذيبها وهي ملت…لن تستطيع التحمل بعد الآن ….
-يارب اموت يارب ….يارب !!!
قالتها بصوت مختنق وهي تبكي وضمت ساقيها الى جسدها وبكاؤها يزداد حده
..
كان سيف يقف أمام غرفتها وهو يشعر بتوتر بالغ …لقد أخطأ وهو يرفضها بتلك الطريقة …كان يشعر بالذنب يقتـ له …. ولكن الأمر لا يتعلق بها…مشكلته هي والده …والده الذي يريد أن يفرض عليه شئ لا يريده …يريده أن يعيش حياته كما يريد هو …ولا يهم ما يريده!!!
طرق الباب برفق وقال:
-مياس ممكن نتكلم !!!
ولكن لم يحصل على رد …انتظر دقيقتين أمام الباب ثم أخيراً فُتح الباب له ….كانت تقف أمامه…ترتدي نقابها ولكن عينيها الزرقاء تنظر إليه بغضب ….بكره !!!
ابتلع ريقه بتوتر :
-مياس أنا اسف …بجد أنا آسف …صدقيني مش أنتِ المشكلة ده والدي….أنتِ ميعبكيش حاجة أنا اللي….
-أنت رفضتني عشان أنا مشوهة متنكرش !!!
صرخت بها بقوة….كانت الدموع محبوسة في عينيها ….كان قلبها ينزف بقوة ….كلما تذكرت ملامحه المشمئزة عندما عرض عليه والده الزواج منها قلبها يحترق….ظنت ان لا أحد قادر على تحطيم قلبها ولكنها كانت مخطئة…فها هو قلبها تحطم مرة أخرى ….تشوهها هو أكبر لعنة في حياتها ….
بهت سيف وهو ينظر إليها….اراد دحض ذلك الاتهام….لم يكن هذا هو سبب رفضه …نعم يعترف ان رد فعله كان قوي للغاية…ولكنه يقسم ان هذا ليس بسببها هي …مشكلته مع والده الذي يريد ان يفرض عليه مالا يطيقه …بريده ان يتزوج وهو يعلم انه يعشق فتاة اخرى …كيف يمكنه أن يقرر بسهولة قرار مهم جدا بشأن حياته وهو عليه ان ينفذ …الا يكفي انه قد حرمه من ان يلتحق بكليته المفضلة ….دمر احلامه والان يريد ان يحرمه من حبه …نعم هو يحب والده ولكنه يتخذ قرارات عجيبه تحطمه دون ان يهتم بقلبه هو …والمبرر انه يريد له الأفضل ولكن هذا يكفي …هو لن يخضع مجددا …قراراته لن يتدخل فيها والده بعد الآن
-محصلش …صدقيني يا مياس …أنا بحب واحدة تانية عشان كده انفعلت أنا آسف بجد….
ضحكت بسخرية وهي تقول :
-ما تبطل كدب بقا ….
ثم كشفت عن وجهها وهي تقول :
-رفضتني عشان كده …الحروق اللي مالية وشي صح ….
كانت الدموع تطفر من عينيها وهي تضحك بألم وتكمل؛
-الحروق دي مخلياك تشمئز مني صح …
كان ينظر إليها بعيني متسعة …الألم في عينيها وصوتها لاقى صدى كبير في قلبه …لقد تألم لألمها وكأنها جزء منه …وبالفعل هي جزء منه …هي من دمه …ابن عمه وصديقته المفضلة منذ صغره….
أكملت وهي تبتعد وتغطي وجهها وتقول :
-بس اقولك الحروق دي سببها انت وأبوك…انتوا اللي اتخليتوا عني …مبقاش ليا ضهر …فبقيت فريسة سهلة ….انتوا السبب في اللي انا فيه وهفضل اكرهكم طول حياتي !!!
ثم أغلقت الباب بوجهه …ليتنهد بتعب وهو يشعر بقلبه يتألم …أنها مصرة على جعله يشعر بالذنب …ولكنها محقة …محقة للغاية ..هما تخلوا عنها …..
……
ارتمت مياس على فراشها مرة أخرى وهي تبكي بعنف ….ها هي تصاب بسهم اخر في قلبها …الن تنتهي آلامها قط….الى متى سوف تعاني ¡!!!لو فقد يتركوها وشأنها…هي لا تريد أن تتزوج …لا تريد أن تحب أحد …تريد أن يتركها الجميع وشأنها…هل هذا صعب عليهم !!!!لماذا يؤذوها….لماذا لا يدعوها وشأنها ….الأ يكفي تشوهها الذي دمر كل أحلامها ….
أغمضت عينيها والدموع تنهمر أكثر من عينيها …تتذكر كيف كانت سعيدة في الماضي مع الإنسان الذي عشقته أكثر من أي شئ في تلك الحياة …اعتقدت وقتها ان السعادة يمكن أن تدوم …اعتقدت أن حبهما قوي لدرجة أنه سيدوم لمدى الحياة ولكنها كانت مخطئة …فحبه لها كان ضعيفاً
*************
في اليوم التالي …
أمسك الهاتف وعينيه تشتعلان بغضب ….شد على الهاتف بقوة …لا يصدق ما يراه بعينيه ….
خرجت تولين من الحمام وهي ترتدي مئزر الحمام وتنشف شعرها جيدا بينما ترسم ابتسامة رائعة على ثغرها وهي تقول:
-ها يا حبيبي …هنخرج فين النهاردة ؟!.
وعندما لم يرد عليها نظرت إليه وبهتت ابتسامتها وهي تراه يمسك هاتفها ….ازدردت ريقها وهي تقول :
-عمر…
نظر إليها فشهقت وهي ترى نظراته الغاضبة …تراجعت للخلف قليلا وهي تتلعثم:
-انت بتعمل ايه بتليفوني ؟!….
أقترب منها وعينيه السوداء تشتعلان ثم أمسك ذراعها وقال:
-انا بس حابب اعرف ايه الهبل اللي أنتِ باعتاه لمياس ده …ها انطقي ايه الهبل ده !!!!
تألمت…قلبها حقاً تألم وهي ترى الغضب بعينيه …فغضبه يعني الاهتمام …والاهتمام يعني الحب …حتى لو تركها ما زال يتذكرها …ما زال يكن مشاعر لها ….وهذا يقتلها ….لقد أحبت عمر طوال حياتها….كانت ابن خالتها وأهم شخص في حياتها …ولكنه لم يكن يراها …بل خطب مياس …حب حياته ….كان يعيش قصة حبه معها هي ….كل شئ تم أمام عينيها …لن تنسى انها كانت تبكي بسببه يوميا …لانه كان قاسي عليها …لم يهتم بها….ولكن الذي حدث لمياس …فتح لها الطريق لحياته وليس قلبه…هي ما زالت لا تجد طريقاً لقلبه…تتخبط وسط الظلام لعلها تجد قلبه فتختنق وهي لا تجد إلا الظلام يحيطها من كل اتجاه …..
عندما لم يجدها تتحدث زعق بها وقال:
-ما تنطقي وتقولي ايه القرف اللي كاتباه.ده لمياس …انطقي يا تولين …
انهمرت الدموع من عينيها السوداء واختنق صوتها وقالت :
-ايه خايف على مشاعرها للدرجادي ؟!…خايف على مشاعر حبيبتك القديمة !!…
-متغيريش الموضوع …انطقي قولي ايه اللي بتهببيه ده …ليه بتدوري على المشاكل …مش خلاص اتجوزتك …وأنتِ اللي كسبتي …عايزة ايه منها تاني مش كفاية اللي حصلها …
-عايز قلبك …عايزاك تحبني زيها …أنا بحبك يا عمر …وانت قلبك ضايع ومعاها …
-قلبي مش معاها …لو بحبها فعلا مكنتش سبتها….أنا مش بحبها ..استوعبي ده …ومتحطهاش في دماغك اكتر من كده عشان أنتِ اللي هتتعبي …أنا مش ناقص وجع دماغ …
اقتربت منه وهي تلمس وجهه وتقول بصوت مختنق:
-احلف انك مبتحبهاش …احلف أنها مش بتمثلك اي حاجة ..انك مش حاسس بالذنب والندم انك سبتها …انك مش بتهلوس بإسمها بالليل …وان زي ما في جزء جواك مقدرش يتقبلها …بس انت لسه بتحبها….أنا مش موجودة يا عمر…لا موجودة في قلبك ولا في حياتك!!….
نظر إليها بجمود وقال ؛
-هو ده اللي عندك قادرة تتقلبيه ماشي …مش قادرة أنا مش هقدر اعملك اكتر من كده …مش عايزة تصدقي انك الوحيدة اللي في حياتي حاليا براحتك …أنا مش هحاول مع حد !!…
توسعت عينيها والدموع تنهمر بقوة أكبر ولكن هذا لم يهمه بل ذهب مسرعا من أمامها ….
جلست هي على الفراش وهي تبكي بقوة ….لقد نالته ولكنها لم تحصل على قلبه !!!!
…
كان يجلس في صالة منزله وهو يشعر بالإختناق …يشعر أنه في دوامة كبيرة …هو بالطبع لا يريد العودة لمياس …هو لن يتحمل أن ينظر لوجهها…لكل إنسان قدرات وتلك هي قدرته …ولكنه لما لا يستطيع تقبل زوجته ….لماذا لا يستطيع أن يعشقها وهي تمتلك جمال وأنوثة لا بأس بها ؟!لماذا جزء منه يشتاق لمياس …رغم أنه عندما راي وجهها هلع وخاف منها …هو لن يعود لمياس ولكنها لا يستطع أن يحب تولين ..هو غارق دون نجاه …هو تائه…تائه للغاية !!
************
ولج لقاعة المحاضرة الكبيرة عينيه العسلية تنم عن بروده …انعزاله عما حوله ….توقف الطلاب عن الكلام من أن اطل هو …نظر حوله وهو يرى نظرات الفتيات المصدومة منه …هو يعرف نظرات الإعجاب تلك وطالما نال من تلك النظرات …
-انا يوسف الرشيدي …هكون دكتور الاحصاء بتاعكم ….اول حاجة حابب انكم تعرفوها عني اني مبحبش حد يتخلف عن محاضراتي ….لو حد جاي يهرج هنا يبقى يوفر فلوسه ووقته وميجيش …اتفقنا !!!
-اتفقنا ..
قالها طلبة الدبلومة بتوتر …على الرغم أنهم ليسوا صغار كطلاب الجامعة في سنواتهم الاولى. ..فمنهم من تزوج ثم عاد لتحضير الدبلومة ثم الماجستير ولكن هذا الرجل بعث داخلهم التوتر ….هما يعرفان أن مادة الاحصاء مهمة جدا اذا ارادا تحضير الماجستير …ويجب الاهتمام بها …
هز يوسف رأسه بإستحسان وكاد أن يبدأ في الشرح إلا أن صوت بكاء طفل مزعج جمده مكانه….استدار بحدة ونظر إلى مصدر الصوت ليجد امرأة في أواخر الثلاثينات تمسك طفلها الصغير وتحاول تهدئته…كان عمره خمس سنوات تقريبا ….تقلصت ملامحه بغضب وقال:
-ايه الفوضى دي …
ارتجفت ماجدة وهي تنظر إليه …وقد ترطبت عينيها بدموع الاحراج ….
ألقى يوسف القلم الذي بيده ثم اقترب منها وهو يقول :
-انتِ جايبة ابنك هنا ؟!فاكراها حضانة ؟!!…ده مش هزار يا مدام …هنا ناس جاية تتعلم مش جاية تهزر …..
-انا والله …
-بس متتكلميش …اطلعي برا محاضرتي…ولما تتعلمي تحترميني يبقى تحضري محاضراتي …غير كده خليكي في بيتك …مفهوم ؛!!
هزت رأسها بتوتر وهي تحمل طفلها وتمسح دموعها بحجابها ثم خرجت مسرعة…يتبعها نظرات الباقية في قاعة المحاضرات …كانوا ينظروا اليها بشفقة ….الجميع يعلم الظروف السيئة لماجدة ولكن لم يجرؤ أحد على التحدث !!
،**********
-أحب اعرفكم يا جماعة مستر مؤيد مدرس الفيزياء الجديد….
قالتها وفاء بإبتسامة وهي تظهر في غرفة المعلمين بجانبها شاب يافع في منتصف العشرينات تقريباً ….عينيه سوداء واسعة وملامحه سمراء مريحة ..كان يمتلك طولاً لا بأس به …بالمجمل كان حقاً وسيم …..
ابتسمت مريم إحدى المعلمات الصغيرات بهيام وهي تنظر إليه بينما نهضت رحيق وماونا للترحيب به …..ابتسم مؤيد وهو يهز رأسه ويحييهم وردوا التحية له….
-اهلا بيك وسطنا…
قالتها مادونا بلطف ثم أكملت :
-انا ميس مادونا مدرسة الفرنساوي هنا ….واما دي …
أشارت على رحيق واكملت :
-دي مس رحيق مدرسة العربي ….مدرس خبير …
ابتسم لرحيق وهو ينظر إليها ….كانت ترتدي النقاب ولا يظهر منها سوا عينيها ….ولكن لا يعلم لماذا شعر بإنجذاب نحوها ..انجذاب غريب !!
-ازاي حضرتك يا مس رحيق …
ثم مد كفه ليصافحها ….
ارتبكت هي ….وقالت بخجل :
-بعتذر منك بس انا….
توسعت عينيه بإدراك وهو يسحب كفه محرجا….كيف لم ينتبه …هي بالطبع لن تصافح الرجال …ولا هو من عاداته أن يصافح النساء …ولماذا هي الوحيدة التي مد كفه لها ؟؟هو حقاً لا يفهم ….
-انا بجد بعتذر يا مس رحيق …..
هزت رأسها وهي تقول :
-حصل خير يا استاذ …
*************
استيقظ من نومه وهو يشعر بألم كبير في حلقه….اتجه الى المطبخ حيث كانت تغسل اطباق الإفطار قبل أن تذهب لعملها …نظرت إليه بلا مبالاة واكلمت ما تفعله….وجدته يقترب منها ارتجفت وهي تشعر به قريب منها لهذا الحد …توترت بشكل مبالغ به وهي ترتجف من راسها لأغمض قدميها …كيف يمكن لاقتراب بسيط من ان يزلزلها لهذا الحد …عينيها كانت تدوران بتوتر …وهي تبتلع ريقها بعسر…انها تحبه بشكل ميئوس منه…وكأنه حبه شئ لا تستطيع التخلص منه …كأنه مرض مزمن ينهش في.قلبها دون رحمة …تجمدت وهي تنتظر ما سيفعله …ولكنه صدمها وهو يأخذ كوب زجاجي…كان يريد فقط كوب ….احمر وجهها الأبيض من الغضب …ونظرت الى ملامحه المتعبة وقالت:
-لو هتستخدم الكوباية يبقى تغسلها أنا مش الخدامة بتاعتك ….
هز رأسه بتعب وقال بصوت مبحوح بفعل مرضه :
-حاضر …
غزا الخوف الكبير ملامحها واطل القلق من عينيها الواسعة وهي تقول :
-فيه ايه مالك؟!انت تعبان ولا حاجة ؟!
-انا كويس متقلقيش …
قالها وهو يستدير عنها ليصنع له شئ ساخن ليشربه …..ولكنها وامسكت ذراعه وجعلته ينظر إليها ثم رفعت كفها وهي تجس حرارته …
شهقت بصدمة وهي تشعر انها ساخن للغاية …
-جورج انت سخن اوووي….
-انا كويس متقلقيش عليا …هشرب حاجة سخنة واروح الشغل….
قالها وهو يبتعد عنها….امسكت كفه بحزم وقالت:
-تروح فين انت مجنون …انت تعبان يا جورج…
نظر إليها بتعب وقال:
-والله على أساس أنك مهتمة يعني …مش قولتي انا مليش دعوة بيك….التزمي بكلامك بقا وسيبيني في حالي….لو سمحتي ابعدي!!!
ملامحه كانت متألمة …متعبة …شعرت انها تتألم مثله…كانت متعبة حقاً منه…متعبة من عشقها المؤلم….لقد ارادت ان تتصنع البرود…ارادت الا تهتم ولكن قلبها هو آفتها …عشقها سبب شقاؤها ….كيف لشئ جميل ان يكون مؤلم بتلك الطريقة….كيف لسبب سعادتها ان يكون شقاؤها لتلك الدرجة …كيف يمكن لشئ جميل مثل الحب تم يقتلك من الداخل ….كيف يمكن أن يتحول الجمال للعنة !!!! …..
كانت تنظر لعينيه…تغرق بهما بينما هو ينظر إليها بتلك النظرة المتعبة …نظرات يغرقها الشعور بالذنب لانه عجز ان يحبها …حاول اخفاء شعوره بالذنب مرات عديدة ولكن للأسف لا يستطيع …هو يشعر بالذنب لانه لا يحبها ….وهي تشعر بالاختناق لأنها لا تستطيع الوصول لقلبه !!!
-بطل اللي بتعمله ده ..انت تعبان ….تعالى ارتاح!!!
ثم أمسكته من ذراعه وشدته خلفه …ثم اولجته إلى غرفة نومهما….
ابتسم بسخرية وقال:
-ايه قررتي اخيرا تعطفي عليا ….خلصت فترة عقابك ليا …
-اخرس وارتاح !!!
قالتها بضيق وهي تساعده على التسطح على الفراش وقالت :
-متتحركش ….
ثم ذهبت مسرعة إلى المطبخ …تعرف كيف تعالجه….هي تحفظ تعبه جيدا وتعرف كيف تداويه ….الاول قامت بإخراج الدجاجة كي تصنع له حساء ….
ثم ذهبت إليه مسرعة كي تحاول تخفيف حرارته عن طريق الكمادات ……
كان جورج ينظر إليها بذنب وهو يجدها تتحرك بنشاط اكبر وهي تحاول أن تجعل حرارته تهدأ قليلا …لقد ترجته أن تحضر له الطبيب ولكنه عنيد …يظن أن تلك الحالة لا تستحق وجود طبيب …ولكن رغم هذا لم تيأس …صنعت له حساء الدجاج وأجبرته بحزم على أن يأكل …لم يستطع أن يعترض…هو يعرف أنه لن يستطيع أن يقنعها بالعكس لذلك اكل جيدا رغم الوهن الذي يحل وفقدان الشهية ….ثم جعلته يأخذ ادويته ….أخرجت له ملابس جديدة وساعدته حتى يبدل ثيابه ثم غطته كويس وهي تطمئن أن حرارته قد انخفضت …حينها فقط تنهدت براحة وقررت أن ترتاح قليلا وتأكل شيئا …
**************
في المساء
-مبتاكلش ليه يا مؤيد ؟!
قالتها منى والدته بحيرة وهي تراه جالس على طاولة العشاء ولم يضع الطعام في فمه ….هو فقط شارد وعلى وجهه ابتسامة بلهاء ….
-هاااا …
قالها وقد بدا أنه انتبه لكلامها فجأة ….
نظرت منى إلى والده محمد وقالت :
-ما تشوف ابنك يا محمد شكله ساهم كده ومش على بعضه…..عايزين نعرف ماله ….
حك مؤيد رأسه بإحراج وقال:
-ها …لا مفيش حاجة يا ماما …أنا بس مرهق شوية ….النهاردة اول يوم شغل…
-والمرهق بيكون مبتسم زي الاهبل كده يا مؤيد …
ردت والدته بخبث ليتوتر أكثر ويقول :
-ايوة مرهق ….
ضحكت والدته وهي تكمل طعامها وتقول :
-تمام صدقتك يا كداب …كل قبل ما الاكل يبرد ….
ثم بدأت بتناول طعامها ….
……
في غرفة مؤيد التي لاذ بالفرار بها كان متسطح على الفراش وهو ينظر للسقف….عينيه شاردة تماما…..عينين سوداء مميزة تلاحقه ولا تتركه وشأنه….شئ غريب يجعل قلبه يهدر في صدره وكأنه مراهق …….
-مؤيد!!.
أخرجه من شروده والده …انتفض مؤيد على صوت والده ونهض بتوتر وهو يقول:
-بابا …انت بتعمل ايه هنا …من امتى هنا؟!
-من تلت ساعة تقريباً….براقبك وانت بتضحك زي الاهبل
قالها والده وهو يبتسم …ارتبك مؤيد فضحك محمد وجلس بجواره وقال:
-مين اللي واخدة عقلك قولي ؟!
-ها …لا مفيش حد …
-يا واد مش عليا الكلام ده …قولي مين اللي واخدة عقلك بالشكل ده …مخلياك مش مركز في اي حاجة النهاردة ….. سرك في بير يا مؤيد ….
تنهد مؤيد وقال:
-حقيقي معرفش يا بابا ….هي مدرسة معانا في المدرسة …المشكلة اني مشوفتهاش اصلا لأنها منتقبة …بس لقيت نفسي بفكر فيها بشكل غريب…
ثم ابتسم وهو يفرك كفيه ويقول :
-اسمها رحيق. .
-رحيق …اسمها حلو اووي …يعني نقول وقعت ؟!
-انا مشوفتهاش يا بابا ….
-وماله يا حبيبي نتقدم وتشوفها شرعي ….
-بسرعة كده ؟!
قالها بتوتر فهز والده رأسه وقال:
-اومال انت فاكر ايه …مضيعش وقت يا بني ….الحقها قبل ما حد يخطفها منك !!
………………
ابتسمت سما بلطف عندما نظرت إلى عمر الصغير ووجدته قد نام …قبلت رأسه بلطف ثم وضعت القصة التي كانت تقرأها ثم نهضت بهدوء وقامت بتغطيته جيدا ثم أغلقت الانوار وخرجت من الغرفة وهي تفرك رأسها بتعب ….حقا العمل مع مسؤوليات البيت صعبة للغاية …ولكنها يجب أن تقاوم …لا يمكنها أن تترك عملها …لقد تعلمت أن عملها هو السند لها بعد ربها ولن تتركه …
خرجت من الغرفة ليجذبها صوت قدوم رسالة على هاتف أمير ….بفضول ذهبت وامسكت هاتفه لترفع حاجبيها وهي تجد أن الرسالة من فتاة تدعي شوق…..
-ماسكة موبايلي ليه؟!
انتفضت على صوت امير ولكنها نظرت إليه ببرود وقالت:
-مفيش …دي بس رسالة جاتلك وانا جالي فضول بس ….
اقترب منها وأمسك الهاتف ….ثم رفع حاجبيه بدهشة وقال:
-أنتِ بتتجسسي عليا ولا ايه ؟!…
هزت كتفها وقالت:
-لا بتجسس ولا حاجة فضول وبس …
رفع حاجبيه وابتسم بخبث وقال:
-لاحسن تكوني بتغيري ؟!
ضحكت بسخرية وقالت:
-وهغير ليه؟!ايه السبب اللي يخليني اغير عليك ؟!
-يمكن عشان جوزك ؟!
-ده مش سبب كفاية يخليني اغير عليك …هغير عليك لو بحبك غير كده لا ….
-أنتِ مبتحبنيش صح ؟!
-تؤ…
-بس كلامك اللي في المذكرات بيقول عكس كده خالص !
-انت بتحب ترجع للموضوع ده ليه؟!ليه بتلف تلف وترجعله …عايز تبين اني بحبك عشان كبرياءك يكون راضي …بس للاسف هزعلك واقول كانت مشاعر هبلة وانتهت نهائيا …أنا مبقتش احبك ولا حتى بحتك بيك …انت اللي بتنكش كل شوية …وعشان اطمنك اكتر لو عايزني بنفسك اجوزك اي بنت تشاور عليها وتعيش حياتك معاها شاور على البنت وامتى حابب تخطبها وعيوني ليك هلبس اجمل طقم عندي واروح اخطبلك…انت جوزي برضه …
ثم تركته يكاد ينفجر من الغضب وهربت لغرفتها …أغلقت الباب سريعا ثم أغلقت عينيها والدموع تنهمر من عينيها بقوة…..متى ستتوقف عن حبه …متي ؟!
……….
اقتربت منه بهدوء لتحس حرارته …توترت قليلا وهي تجدها ارتفعت مرة أخرى قليلا ….رباه ……ذهبت مسرعة واحضرت طبق به ماء مثلج وقطعة قماش بيضاء نظيفة ثم بدأت بوضع القماش على رأسه ثم جلست بجواره وهي تمسك كفه ….تصاعدت الدموع بعينيها…رباه كم تحبه …أنها تحب كل شئ به ….شبكت يديها بيده وقامت بتقبيل كفه ودموعها الساخنة تسقط على كفه…..
ثم بدأت بتلمس وجهه بلطف وهي تقول بإختناق :
-اي علاج هوسي بيك يا جورج …ايه اللي يخليني أبطل احبك بالجنون ده …قولي …ساعدني انت ..ساعدني ابطل هوسي بيك …ساعدني أن قلبي ميدقش في كل مرة اشوفك …..كل ما بحاول انساك حبي ليك بيهزمني …أنا اللي بخسر كل مرة قصاد حبك …ياريت تعرف قد ايه بحبك….بحبك لدرجة انت متتخيلهاش …ازاي انسان ميحس بإنسان بيحبه للدرجة دي ….مش حاسس بيا …مش حاسس قد ايه انا بحبك ….
أغمضت عينيها وهي تتسطح بجواره لترتاح ثم عانقته وهي تغمض عينيها والدموع تنهمر منها بقوة ….أنها المرة الأولى التي تكون قريبة منه لهذا الحد …حتى علاقتهما الخاصة كانت باردة …نادرة ….مؤلمة…حتى توقف عن لمسها بالفعل … …..كانت دوما جائعة لحبه ولكنه كان بخيل معها ….لم يعطها ولو حتى القليل من حبه أو اهتمامه …حقيقة أنه كان يهتم بالجميع الا هي تقتلها ….جورج كان لطيف مع الجميع الا هي …دوما يذكرها بطريقة غير مباشرة أنه أُجبر عليها …حتى أنه قالها مباشرة …حتى أنها كانت تشك احياناً أنه يكرهها….في كل مرة حاولت أن تقترب منها كان يصدها بكل برود محطماً قلبها لقد تحطم قلبها مرات عديدة على يديه ….لقد قتلها من تحبه مرارا وتكرارا…ولكن هي ما زالت تحبه…كيف يحب المرء من يؤذيه ….ما هي الطريقة لكي تتوقف عن حبه وترتاح !!!
فكرت بها وصوت بكاؤها يرتفع قليلا …..تنهدت بتعب وهي تضمه أكثر …أنها المرة الأولى التي سوف تقترب منه بتلك الطريقة …بعدها سوف تعامله مثلما يعاملها …سوف تنبذه خارج حياته…..سوف تجرحه ببروده كما جرحها …لكن اليوم …اليوم فقط سوف تحبه….اليوم سوف تعطيه حبها …ستكون بجواره….اليوم سوف تعانقه بحرية…تقبله…تنال منه ما منعه عنها …حقها فيه. ..اليوم فقط …هكذا أقنعت عقلها الغاضب ….فقلبها ضعيف …ضعيف للغاية أمامه!!! ….نهضت قليلا وهي تمسح دموعها برفق …ثم وضعت كفها على رأسه لتجد حرارته قد هدأت قليلا …..
ابتسمت دامعة وهي تقبل صفحة وجهه …تقبله بهوس عاشقة …ثم اتجهت إلى فمه لتقبله ولكنه فتح عينيه فجأة …تجمدت وهي ترى عينيه الزرقاء تنظران إليها بتشوش….
-انتِ بتعملي ايه ؟!
قالها بحيرة …ازدردت ريقها وعينيها السوداء الواسعة تنظران إليه…بينما الدموع تتساقط من عينيها….احتار أكثر وهو يقول :
-بتعيطي ليه؟!
-انت ليه محبتنيش ؟!هو ايه كان ناقصني ؟!
قالت بإختناق ….غزا الشعور بالذنب ملامحه …وعجز على التبرير …عجز عن التحدث ….لم يعرف ماذا يقول وهي تبكي أمامه بتلك الطريقة …..تساقطت دموعها أكثر على وجهها وقالت؛
-انا حبيتك …حبيتك بطريقة مجنونة …حبيتك اكتر من حياتي والله….كان ليك الأولوية دايما …قلبي بيوجعني لما اشوفك مش قادر تحبني ….ازاي اوصل لقلبك يا جورج….مش قادرة أوصله …حاولت ابينلك انك مش مهم الايام اللي فاتت بس كنت بكدب على نفسي وعليك ….انت مهم ….مهم اووي….
أحرقت الدموع عينيه … ورفع يده ثم جذب رأسها إليه ليقبلها بقوة ….توسعت عينيها بصدمة ولكن سرعان ما أغمضت عينيها كليا وهي تذوب ….شهقت بقوة وهي تجده عكس وضعهما بينما يديه تعبث بملابسها. .
-جورج انت تعبان استني ..
-ششش….
قالها
ثم كتم كل اعتراضاتها بطريقته!!!
…………….
في اليوم الثاني ….
كان يسير في بهو المدرسة وهو يفرك كفيه بتوتر ….لا يعرف كيف يكلمها ..بالأمس قابلها واليوم يريد أن يتزوجها ….ستعتقد أنه فقد عقله بالطبع ….فكر بتوتر ….
أخيراً وجدها تقترب منه وهي مطرقة برأسها …تمسك حقيبتها السوداء الكبيرة …
-مس رحيق …
قالها وهو يقترب منها …نظرت إليه بتشويش…تحاول تذكر من هو …بهت وقال:
-انا مؤيد مدرس الفيزياء…
-اهلا بيك …بعتذر …
-ولا يهمك …مس رحيق أنا هدخل في الموضوع علطول …أنا عايز رقم والدك عشان اتقدملك !!!!
…………..
-أخبارك دلوقتي يا آنسة أريام ؟!
قالها أمجد فجأة لاريام لتسقط أريام فجأة الملف الذي كان بكفها ثم اطرقت بإرتباك….لم يستطع منع ابتسامته من الظهور ….لقد صلى استخارة وارتاح الفكرة….لن يضيع الوقت ….
-انسة اريام مش هاخد من وقتك كتير عشان شغلك …أنا بس حابب اخد رقم والدك …طبعا لو حضرتك موافقة اني اطلب ايديكي!!!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أسرت قلبه)