روايات

رواية ضروب العشق الفصل الأربعون 40 بقلم ندى محمود توفيق

رواية ضروب العشق الفصل الأربعون 40 بقلم ندى محمود توفيق

رواية ضروب العشق البارت الأربعون

رواية ضروب العشق الجزء الأربعون

ضروب العشق
ضروب العشق

رواية ضروب العشق الحلقة الأربعون

داخل المستشفي كان كرم جالسًا على مقعده المتحرك ويقف أمام الشرفة يتطلع إلى المارة في الخارج وحركة السيارات .. تعافي سريعًا وتحسنت صحته كثيرًا خلال اليومان الماضيين ، ورغم أنه نفسيته ليست جيدة بسبب وضعه إلا أن وجود زوجته بجانبه ومساندتها له وهي تشعره طوال الوقت أن الأمر بسيط بل وكأنه معافي وسليم تمامًا وليس به أي سوء يحسن من نفسيته كثيرًا ، وقد ينسب لها في المرتبة الثانية الفضل بعد الله أولًا في تحسن حالته الصحية فلولا ما تفعله معه لما وصل لهذا الوضع .
انتشله من شروده رنين هاتفه فالقي نظرة من مكانه على شاشته يقرأ اسم المتصل ، ثم نظر إلى الحمام يتأكد من صوت الماء هل مازال الصنبور مفتوح أم اغلق وعندما سمع اندفاع الماء .. فانحني على المنضدة والتقط الهاتف يجيب على المتصل في حزم :
_ أيوة يامسعد عملت إيه
_ اطمن ياكرم بيه وصيت عليهم كويس أوي في السجن
كرم بأعين بها لهيب ناري مرعب :
_ مش عايزهم تفضل فيهم حتة سليمة يامسعد
_ متقلقش كل اللي عايزه هيتم
خرجت شفق من الحمام وهي تجفف يديها ووجهها بمنشفة بيضاء صغيرة ، وقالت وهي ترفع حاجبها متعجبة جملته الأخيرة :
_ هما مين دول ؟!!
رمقها سريعًا ولم يجيبها ثم تمتم مع مسعد بإيجاز :
_ طيب يامسعد سلام دلوقتي ولما يوصلك خبرهم ابقى كلمني
_ حاضر
انهي معه الاتصال ووضع الهاتف بمكانه ، ليلتفت برأسه لها وهو يبتسم بصفاء ، فتتحرك هي تجاهه وتقف أمامه مباشرة تسأله للمرة الثانية ولكن هذه المرة بريبة شديدة :
_ في إيه ياكرم ؟!
لف ذراعه حول خصرها وجذبها لتجلس على حجره وهمس وهو يلثم جنتها ورقبتها :
_ مفيش حاجة ياحبيبتي ، يلا بقى جهزي نفسك والبسي طرحتك عشان نمشي ، لإني اتخنقت من قعدة المستشفى دي وعايز ارجع بيتي
_ ياكرم الدكتور قال الأفضل إنك تاخد يوم أو يومين تاني على الأقل وبعدين نمشي ياحبيبي .. إنت ليه مستعجل كدا !!
_ زهقت ياشفق ، وأنا كويس والله متقلقيش .. وإنتي موجودة أهو وهتراعيني طبعًا وهتهتمي بيا وأنا عندي مراتي احسن من أكبر دكتور ، وجودها جمبي بس بيخفنني
ضحكت بخفة مغلوبة على أمرها وقالت وهي تنحني لتخطف قبلة سريعة من وجنته :
_ حلو التثبيت ده ! .. بس ماشي هنمشي خلاص طالما إنت مش حابب تقعد هنا أكتر ، بس هيكون في التزام في البيت ووقت ما أقول هنبدأ نعمل جلسة علاج طبيعي متهملش وتتجاهل
_ من عنيا أنت تأمر يادكتور
قالها مازحًا بمداعبة لطيفة لتنكزه هي في كتفه بخفة ضاحكة وتنهض لتبدأ في ارتداء حجابها وتلملم أشيائهم وهو يتابعها بإمعان ! …..
***
طرقات متتالية على الباب ولا يوجد إجابة منها ، فدارت بذهنها اسئلة كثيرة أولهم ” لماذ لا تفتح هذه الفتاة الباب ” .. لجأت للمحاولة الثانية وهي الطرق العنيف على الباب مع صوتها وهي تنده عليها بقلق :
_ ملاذ .. ملاااااذ
وسط طرق والدتها القوي والمتكرر استعادت وعيها تدريجيًا وفتحت عيناها ببطء ثم استقامت من على الأرض بصعوبة وهي يداهمها الدوار الشديد ، ليخرج صوتها ضعيف وغير واضح كثيرًا :
_ أيوة ثانية جاية
سمعت أمها صوتها منخفض كثيرًا ولم تفهم ما تقوله ولكن هدأ قلقها بعض الشيء عندما سمعت صوتها وانتظرت للحظات طويلة حتى وجدتها تفتح لها الباب وهي تمسك برأسها من الألم وعيناها لا تقوي على فتحهم جيدًا ، فيصبح حالها من مجرد القلق إلى الفزع على ابنتها ، لتهرول وتدخل تسندها هاتفة بهلع :
_ مالك ياحبيبتي حصل إيه ؟!!
ملاذ بصوت خافت :
_ معرفش ياماما دوخت مرة واحدة وأغمي عليا ، كنت بكلم زين وبطمن عليه ومحستش بنفسي
سمعوا صوت رنين صاخب من الهاتف فقالت ملاذ باهتمام :
_ ده تلاقيه زين ياماما أكيد اتخض عليا
سندتها إلى الأريكة واجلستها عليها بحرص ثم جلبت لها الهاتف لتجيب هي على زوجها .. وبمجرد ما أن وضعت الهاتف على أذنها سمعت صوته المرتعد وهو يهتف :
_ ملاذ حصل إيه معاكي .. إنتي اغمى عليكي ؟!!
_ أه دوخت يازين فجأة .. بس أنا كويسة الحمدلله متقلقش وماما معايا كمان
_ طيب الحمدلله .. البسي وروحي معاها البيت متقعديش في الشقة وحدك
ملاذ بإذعان تام لأوامره ودون أي ضيق :
_ حاضر ياحبيبي هبقى البس واروح معاها اطمن .. المهم إنتوا خلوا بالكم من نفسكم
_ ان شاء الله .. يلا أنا هقفل بقى في حفظ الله
_ في حفظ الله
رددت خلفه بكامل الهدوء ثم انهت الاتصال لتهتف أمها بنبرة مهتمة :
_ وإيه سببه اللي حصل معاكي ده
_ معرفش ياماما يمكن من الإرهاق والتعب
هزت رأسها بعدم اقتناع وقالت بابتسامة عريضة :
_ لا معتقدش إنه ليه دعوة .. ممكن يكون حمل
سكتت ملاذ لبرهة تفكر فيما قالته باندهاش بسيط عندما رجحت هي الأخرى هذا السبب ولكن سرعان مانفرته من ذهنها وقالت باستنكار :
_ لا حمل إزاي ياماما .. أنا يدوب كنت عند الدكتورة من أسبوع ولو كان في كانت هتقولي في حمل
_ جايز تكون اخطأت وده شيء وارد .. اتأكدي تاني ياحبيبتي إنتي مش خسرانة حاجة
هزت كتفيها بحيرة وهدرت بعدم اكتراث :
_ هجرب تاني واشوف يمكن يطلع كلامك صح وأهو زي ماقولتي مش هخسر حاجة
***
تسللت من خلفه وهو يقف أمام المرآة يستعد للمغادرة ، يهندم ملابسه وينثر العطر عليها .. وجدها تلف ذراعيها حوله من الخلف هامسة برقة :
_ سنسن
أجابها بنبرة عادية وهو يكمل استعداده :
_ نعم
ارتدت خطوة للخلف وعبس وجهه بضيق هاتفة باحتجاج :
_ طيب بص عليا حتى .. اللي يشوفك كدا يقول ملكش نفس ترد عليا من الأساس
” هذه المرآة فقدت عقلها بالكامل .. فلا يمكن أن يكون مجرد حمل يفعل بها كل هذا !! ” قال هذه الجملة بينه وبين نفسه مستنكرًا غضبها على شيء تافه كهذا وقرر مسايستها حتى لا ينخرطوا في دوامة جدال ونقاش كبيرة .. التفت لها بجسده وغمغم باسمًا بابتسامة شبه صفراء :
_ أنا مش طايقك !! .. ماعلينا أهو بصيتلك ياستي اؤمري
زينت ابتسامتها ووجهها من جديد وقالت برقة انوثية جميلة لا تقاوم :
_ نفسي في مانجا
رفع يده يحك مؤخرة رأسه هامسًا وهو يلوى فمه :
_ امممممم بدأنا
ضيقت عيناها بتعجب واشتدت نظراتها قوة لتجيبه بوجه اختفت لطافته ورقته :
_ إنت مضايق ولا إيه ياحبيبي !!!
_ وأنا هضايق من إيه !! .. الفكرة إننا في الشتا ياحياتي فمانجا إيه اللي نفسك فيها دلوقتي .. إيه رأيك اجبلك برتقال حلو وربنا مكتر منه في الشتا
يسر باستهزاء وغيظ :
_ برتقال إيه .. إنت هتنقيلي على مزاجك ماتيجي تتوحم بدالي احسن ، أنا عايزة مانجا اتصرف وجبلي منها
تأفف بنفاذ صبر مردفًا بنبرة شبة مرتفعة :
_ أيوة اجيب أنا مانجا منين دلوقتي
اغتاظ هي الأخرى وصاحت به مندفعة :
_ اتصرف أنا مالي .. هو مش ابنك ده ، ولا هو أنا اللي بدلع وبتوحم من نفسي .. قول بقى كمان مش هجيب عشان الولد يطلع في وشه منجايا كبيرة كدا ويتعقد في حياته
حدجها بقرف وأجابها ساخرًا منها :
_ طيب بس بلا شغل عبط قال منجايا ، هبلة بصحيح ..وصوتك ميعلاش عليا تاني مرة مفهووووم
قربت وجهها منه وثبتت عيناها على عيناه لتهمس بتحدي متعمدة استفزازه :
_ هعلي صوتي براحتي .. عارف ليه عشان أنا مبخفش منك
دفعها بخفة ولطف من أمامه وهو يحدجها بأعين متقوسة بقرف ووجه ساخر :
_ طاب اتكلي على الله من هنا بقى خليني اكمل لبسي عشان امشي
تقهقرت للخلف بعينان مشتعلة بنيران العيظ وهمست بوعيد له ووجه يعطي أحمرارٌا بسيطًا من الضجر :
_ مـــــاشــــي ياحسن براحتك أوي
استدارت وتركت الغرفة بأكملها لتتركه يكمل استعداده وهو يبتسم بعد حيلة من أمرهم العجيب !! …….
***
تابعها وهي تقترب ناحيته وتسير معها إحدى صديقاتها .. لأول مرى يرى معها هذه الفتاة ، كان مثبت نظره عليهم ويقف أمام السيارة يستند بظهره عليه عاقدًا ذراعيه أمام صدره ، وقبل أن يصلا إليه مباشرة توقفا على مسافة شبه بعيدة عنه وعانقتها مودعة إياها ثم تركتها ورحلت .. فأكملت هي سيرها ناحيته لتهتف باستغراب :
_ إنت مش قولت معاك شغل ومش هتقدر تعدي تاخدني
_ خلصت شغلي بدري وجيتلك .. صحبتك دي اللي كنتي ماشية معاها ؟!
أماءت له برأسها وقالت بعفوية وابتسامة عريضة :
_ أيوة اتعرفت عليها من يومين .. بنت كويسة بجد حبيتها أوي ، وطيبة بشكل ياعلاء .. انبسطت لما اتعرفت عليها كنت بزهق وبمل وأنا قاعدة وحدي طول الوقت
لم يعقب واكتفى بإماءة رأسه البسيطة ثم التفت من الناحية الأخرى للسيارة ليستقل بها وهو يشير لها بعيناه متمتمًا :
_ طيب اركبي يلا
رفعت حاجبها بحيرة من طريقته الغريبة ، ثم فتحت الباب واستقلت بجواره لتسأله باهتمام :
_ إنت مضايق من حاجة ولا إيه ؟!!
بكل هدوء هز رأسه بالنفي وهمس بنبرة عادية قبل أن يحرك محرك السيارة وينطلق بها :
_ لا
رمقته بمكر وقالت بابتسامة لطيفة ونبرة مشاكسة :
_ بجد يعني !
مالت شفتيه على الجانب قليلًا في ابتسامة تكاد تكون خفية وأجابها :
_ أيوة بجد ياميار .. أنا تعبان من الشغل بس وعايز اروح البيت عشان اريح
تفهمت الأمر ثم هدرت باضطراب بسيط وخوف :
_ طيب أنا عملت حاجة وخايفة أقولك تتعصب وتزعقلي
اشتدت معالم وجهه إلى الحزم ليرمقها بنظرة ثاقبة ويخرج صوته الرجولي الخشن :
_ حاجة إيه ؟!
_ لا لا مش هقولك خلاص .. شوف إنت بتبصلي إزاي من قبل ماتعرف إيه هي أصلًا !!
تأفف وأجابها بنبرة أقل حدة :
_ قولي ياميار ومش هتعصب .. لكن لو فضلتي بالمنظر ده هتعصب حتى لو الموضوع مش مستاهل
ازدردت ريقها وقالت بنظرات استقصدت أن تكون بريئة حتى تستعطفه من خلالها :
_ أنا كان معايا تلات محاضرات النهردا والتانية اتلغت فكان في وقت فراغ بين المحاضرة الأولي والأخيرة ، في الوقت ده أنا طلعت مع صحبتي اللي شفتني معاها دي واشتريت حاجة بس طولت شوية واخدت حوالي ساعة وبعدين رجعنا تاني الكلية على آخر محاضرة
عم الصمت بينهم لثواني كانت بالنسبة لها ساعات من القلق أن تخرج منه ردة فعل عنيفة ولكنه خيب ظنها وتمتم بنبرة رخيمة لا تبدو منزعجة :
_ هو أنا مش هتعصب عليكي .. بس أفهم الأول متصلتيش بيا ليه تقوليلي إنك هتطلعي وتشتري الحاجة اللي أنا بتساءل عنها برضوا دي
_ مكنش هينفغ اتصل بيك
_ ليه بقى إن شاء الله !؟
ميار بارتباك ووجه مبتسم مع القليل من الحماقة في الكلام :
_ من الآخر كدا أنا اشتريت حاجة ومش عايزاك تعرفها دلوقتي .. بليل هتعرف إيه هي ، بس عندي طلب الأول ومتفهمنيش غلط
_ طلب إيه ؟!!
مصمصت شفتيها باستحياء وقالت بأعين زائغة و نظرات متوترة :
_ إنت قولتلي قبل كدا إنك معاك شقة بس مش بتروحها غير نادرًا .. فــ .. ممكن .. ممكن يعني ناخد الليلة فيها .. اقصد النهردا
ضيق عيناه بريبة من طلبها ، فنظر لها وهو يرفع حاجبه مبتسمًا بلؤم ، لتفهم هي فورًا الذي دار بذهنه المنحرف فتهتف مسرعة بخجل ملحوظ :
_ أنا مش قولتلك متفهمش غلط
اصدر ضحكة عالية وقال بصوت ماكر :
_ ما أنا بحاول اصفي النية بس مش عارف صدقيني .. هو إنتي جيبالي هدية وعايزة تعمليلي مفاجأة يعني ؟
_ امممممم يعني حاجة زي كدا
تصنع التفكير وهتف بابتسامة كلها خبث مع نظرات وقحة :
_ هدية ومفاجأة ونقضي الليلة في شقة وحدنا .. طيب أنا راضي ذمتك عايزاني اصفي نيتي إزاي !!
تذمرت وقالت بخنق من محاصرته لها وتلمحياته المنحرفة التي اخجلتها :
_ خلاص ياعلاء اعتبرني مقولتش حاجة ، انسي الموضوع مش عايزة اروح
تحول إلى الحدة والاستياء بلحظة وهو يجيبها بحدية مزيفة :
_ لا انسي إيه .. مفيش رجعة هي الكلمة بتتقال مرة واحدة ، قولتي عايزة ناخد الليلة هناك وأنا أكثر من مرحب بالفكرة .. بس عندي شرط ، أي كانت المفاجأة اللي عملاها فأنا عايزك إنتي كمان تفاجئيني ، واعتقد فهمتيني يعني
حدجته مغتاظة ونكزته في كتفه هاتفة بحياء تجاهد في إخفائه :
_ لا مفهمتش ووديني وإنت ساكت
ضحك وثبت تركيزه على قيادته ليزود السرعة متجهًا إلى منزلهم بعدما أخبرته بأنها تريد أخذ بعض الأشياء من المنزل قبل أن يذهبا للشقة …..
***
غربت الشمس وارتفع ضوء القمر في السماء التي تزينت بالنجوم الساهرة الجميلة …
أسفل أسقف أحد منازل أبطالنا ، كانت تمسك بيده وتسير بجواره في بطء شديد وهو يتحرك مستندًا عليها بكامل الحذر ، يسيران إيابًا وذهابًا مسافة متر .. تثبت هي نظرها عليه ووجهها يبتسم بغرام وهو تركيزه مثبت على حركة قدمه الذي يجد صعوبة بالغة في تحريكها لخطوة واحدة فقط ! .
جمعنا القدر معًا لنكمل بعضًا البعض ونكون عونًا لبعضنا ، حين يقع واحد منا الآخر يسنده ، تعاهدنا على السير معًا في السراء والضراء ، وعهدنا سنحافظ عليه لآخر انفاسنا .. فأنت قمري الجميل والميم دال !! .
توقف عن السير وهتف بتعب :
_ كفاية ياشفق كدا النهردا أن تعبت ، نبقى نكمل بكرا
أجابته بصوت ناعم وحنون :
_ حاضر ياحبيبي بس خلينا نكمل لكام دقيقة تاني حتى .. الدكتور قال لمدة خمس دقايق وأحنا مكملناش دقيقتين على بعض
_ مش قادر ياشفق تعبت بجد !
تنهدت الصعداء مغلوبة على أمرها وساعدته على السير نحو الفراش .. ليمدد جسده عليه ويستند على ظهر الفراش ، هتفت شفق :
_ أنا هروح احضرلك العشا عشان تاخد العلاج
أشار لها بيده أن تأتي بجانبه على الفراش مغمغمًا بنبرة قوية :
_ لا أنا مش جعان خلي الأكل كمان شوية وتعالي اقعدي جمبي عايز اتكلم معاكي
انتابها الفضول والريبة من أمره ثم اقتربت وجلست بجواره كما طلب منها ليبدأ هو بسؤاله الحازم :
_ قوليلي حصل إيه معاكي في الليلة اللي كنت فيها في المستشفى .. وعايز أعرف كل حاجة بالتفصيل ياشفق وإياكي تكذبي عليا
زفرت بصوت مسموع وقالت باختناق :
_ إنت ليه شاغل نفسك بالموضوع ده ياكرم .. اللي حصل حصل والأهم إننا كويسين الحمدلله ومع بعض أهو
كرم بنبرة رجولية مخيفة بعض الشيء بها شيء من التحذير :
_ اتكلمي ياشفق .. مش هكرر الكلام مرة تاني !
مسحت على وجهها متأففة باقتضاب وبدأت تسرد له ما حدث معها بالضبط من بداية مغادرتها للمستشفي حتي صباح اليوم التالي عندما استيقظت ووجدت نفسها على فراش داخل غرفة بالمستشفى .. احمرت مقلتي عيناه وظهر فيها وميض مرعب ، وأخذت معالم وجهه تقوسًا مخيفًا ، اخفضت نظرها قليلًا فرأت قبضة يده التي كورها بعنف .. أدركت أن بداخله انفجار بركاني هائل ويتمالك زمام نفسه أمامها ، فخشيت أن يؤذي نفسه بعصبيته المفرطة هذه لتهمس بنبرة قلقة :
_ كرم ياحبيبي متعصبش نفسك .. اللي حصل كان غباء مني كان لازم اقول لحسن أو زين على الاقل عشان حد منهم ياجي معايا ومديش الفرصة ليه .. وخلاص هما في السجن دلوقتي
صاح في صوت جهوري نفضها بمكانها :
_ ماهو المشكلة إنهم اتسجنوا ومش هعرف اشفي غليلي منهم بإيدي ال***** .. بس فكرك إنهم عشان اتسجنوا يبقر خلاص كدا ، وغلاوتك لأخليهم يسحفوا سحف على بلاط السجن .. أه يابن ******
عانقته بقوة ودفنت وجهها بين ثنايا رقبته تلثمه بحب لتهدئه وامتزج بالخوف من وعيده لهم :
_ ابوس إيدك بلاش تعمل مشاكل ياحبيبي .. كفاية ياكرم وهدي نفسك أنا خايفة عليك تتعب ، كله بسببي وبسبب غبائي لو مكنتش روحت مكنش حاجة من ده كله هتحصل
قالت جملتها الأخيرة بصوت باكي بعدما انهمرت دموعها على وجنتيها ، ليبعدها عنه ويحتضن وجهها بين كفيه هامسًا أمام شفتيها مباشرة بنظرة متيمة ونبرة تحمل وعيد الانتقام :
_ أنا ممكن اسكت عن اللي عملوه معايا وميهمنيش ، بس اللي يقربلك ويلمس شعرة منك يبقى هو اللي جنى على نفسه .. منتظرة مني اسكت بعد ماعرفت إنه حاول يعتدي عليكي وخطفك وحاول يقتل صاحبي كمان ، صدقيني لاخليه يندم على اليوم اللي اتولد فيه ، هخلي السجن عليهم جهنم وهيتوسلني إني ارحمه
هم بأن يقترب أكثر ليقبلها حتى يؤكد لها على صدق كلامه ومشاعره المغرمة بكل شيء فيها ، لكنها تراجعت للخلف ووثبت واقفة لتقول ببكاء عنيف وصوت متلقلق من شدة البكاء :
_ وأنا كرم اللي اعرفه وحبيته عمره ما كان جبار وعديم الرحمة بالشكل ده .. مهما كان اللي عملوه معايا أو مع سيف هما دلوقتي هيتعاقبوا أفضل عقاب في السجن ، أنا مش عايزاك تكون كدا .. أنا بقيت بخاف منك ياكرم أحيانًا ، مع إني عمري ما اتخليت إني في يوم ممكن احس بخوف منك
تفوهت بآخر كلماتها وهرولت للخارج فصاح هو مناديًا عليها :
_ شــــفــــق
حاول التحرك والنهوض من الفراش لكنه لم يستطع فعاد يصيح عليها من جديد :
_ شفق تعالي هفهمك ياحبيبتي
لم يجد إجابة منها فقط سمع صوت باب الغرفة الثانية القوي عندما دفعته واغلقته عليها ، فحاول مرة وأثنين حتى ينهض بنفسه ولكن قدماه كأنها شلت أكثر ، فالتقط كوب الماء الموضوع على المنضدة بجواره ومن غضبه ونقمه على كل شيء القاه على الأرض ليتناثر إلى جزئيات صغيرة متفرقة في كل مكان ، ثم القى برأسه على الفراش وهو يخفي عيناه بكفه .. ولوهلة لعن كل شيء فهو حتى لا يتمكن من الوقوف على قدماه أو النهوض من فراشه ، ولكن في اللحظة التالية فورًا استغفر ربه بعينان منطفئة وبائسة !! ………
***
تشاهد التلفاز باستمتاع وبيدها صحن فشار تلتقط منه حبة كل آن وآن وتلقيها في فمها ، ومن شدة اندماجها مع التلفاز لم تنتبه له عند اتي ، حيث دخل من الباب وأغلقه خلفه ثم بدأ في نزع حذائه عنه وسار ناحيتها فاستغرب عندما وجدها لا تنظر له نهائيًا ، ليبتسم بعدما فهم أنها تتجاهله ويكمل سيره بحذر ويضع الكيس الذي يحمله بيده بجانب الأريكة على الأرض ويجلس بجوارها هاتفًا بمداعبة وهو يمد يده لصحن الفشار :
_ بتتفرجي إيه ؟!
منعت يده قبل أن تصل للصحن ويلتقط من الفشار ودفعتها هاتفة بقرف :
_ ملكش دعوة ومتاكلش من الفشار ااا……
توقفت عن الكلام عندما دخلت لأنفها رائحة مانجا فأشرق وجهها بفرحة غامرة وقالت :
_ إنت جبت مانجا
ضحك على منظرها وانحنى للخلف ليتلقط الكيس ويناوله لها هامسًا بدفء :
_ اتبهدلت وأنا بلف عليها
التقطت واحدة من الكيس واشتمت رائحتها بتلذذ لتغمغم :
_ الله ريحتها حلوة أوي
تقوس وجهها في اللحظة التالية وغمغمت باستهزاء منه :
_ مش على أساس مفيش مانجا ومش هتعرف تجيب .. جبتها إزاي بقى ؟!
التصق بها وطبع قبلة مطولة على وجنتها وكفه وضعه على بطنها يهمس بالقرب من أذنها في عشق جارف :
_ مقدرش ارفض طلب لابني وامه .. أنا كنت بناكف فيكي الصبح بس مش أكتر وإنتي ماصدقتي لقيتي حاجة تتخانقي عليها
لوت فمها بأسف وقالت بعفوية :
_ ايوة أنا حاسة إننا بقينا بنتخانق على حجات تافهة أوي زي الأطفال صح ؟!!
أجابها بابتسامة صفراء وهو يوميء بإيجاب :
_ تافهة أوي للأسف .. بس اللي يحبك يناكف فيك
لفت ذراعيها حول رقبته وخطفت قبلة من وجنته هامسة بدلال وغنج مع ابتسامة عريضة :
_ وأنا كمان بحبك ياسنسونتي .. ربنا يخليك ليا ياحبيبي
حسن بغمزة لئيمة مع ضحكة بسيطة :
_ طيب بلاش تدلعي فيا كتير عشان أنا بضعف ومش ضامن نفسي .. وقومي بقى اعملينا عصير من المانجا دي لاحسن ريحتها مغرية أوي الصراحة
ابتعدت عنه وقالت بشراسة ورفض قاطع :
_ لا دي ليا أنا ، روح لجيب لنفسك وأنا أعملك
_ لا والله وهو أنا مش جايبها دي وفضلت الف عليها في الليل وفي عز الشتا عشان سيادة البيه وأمه اللي بتتوحم ياكلوا مانجا .. كمان مش هاكل منها دلوقتي
_ أيوة مش هتاكل منها أنا نفسي فيها وهاكلها وحدي
دفعها بيده في كتفها بخفة هاتفًا بغيظ :
_ ماكفاية طفاسة بقى يابت وقومي .. إنتي أصلا مش هينفع تاكلي منها كتير لأن الأملاح غلط علي الحامل
ضحكت مستنكرة ما قاله وهتفت بنبرة منذرة :
_ هه ده هاكل منها براحتي
أدرك الموقف الذي يتجادلون حوله وتفاهته فانفجر ضاحكًا بقوة ، لتحدجه هي بحيرة وتهتف :
_ بتضحك على إيه !!
أجابها من بين ضحكه القوي :
_ احنا لسا بنقول بنتخانق على حجات تافهة وطفولية ومكملناش دقيقة وبصي بنتناقش في إيه !!!
صمتت للحظة تدرك الأمر لتنفجر هي الأخرى تطلق ضحكاتها المتأججة ، فتدفن وجهها بين ثنايا ذراعه وهو تضحك ثم ترفع نظرها له وتقول بضحك :
_ احنا تافهين أوي ياحسن
_ أوي والله فوق ماتتخيلي كمان
عادت لضحكها من جديد بينما هو فتوقف عن الضحك وثبت نظره عليها يتأملها بنظرات عاشقة ليست الأولى ولا الأخيرة !! ……
***
انتهت أخيرًا من كل التحضيرات .. أعدت بنفسها الكعكة وزينتها وكذلك وضعت القليل من الزينة في المنزل وبالأخير اهتمت بنفسها حيث ارتدت رداء لطيف وهاديء من اللون الحراري بحملات عريضة تغطي نصف اكتافها و فتحة الظهر صغيرة بالكاد تظهر الجزء العلوي من ظهرها ، أما فتحة الصدر فكانت ضيقة ولا تظهر شيئًا منها ، وميزه الرداء بأنه كان طويل فكان أنيق وبنفس اللحظة محتشم بعض الشيء .. وأخيرًا تركت العنان لشعرها بدون أي قيود تقيده .
هاهو قد أتى .. بمجرد ما أن سمعت صوت فتح الباب ركضت ووقفت أمام الطاولة الموضوع فوقها الكعكة وظلت واقفة تنتظره حتى يأتي إليها ، دخل ووجد الصالة مظلمة فمد يده لإضاءة النور وحين انفتح الضوء فزع وكأنه رأى شبح فتحول هلعه إلى غضب مؤقت حيث هتف بصيحة بسيطة :
_ إيه ياميار شغل العفاريت ده !! .. يحرق المفاجآت كلها لو بالمنظر ده
أصدرت ضحكة انوثية عالية ثم تصنعت العبوس وهي تجيبه بتذمر :
_ أخص عليك ياعلاء ده بدل ماتشكرني إني عملالك مفاجآة وتورتة
دار بنظره في أرجاء الصالة المزينة ببعض الزينة وإلى الكعكة الشهية متوسطة الحجم ، فتهدأ نفسه المستاءة ويبتسم لها بعاطفة ويقترب نحوها هامسًا بصوت جميل وهو يقبل شعرها :
_ شكرًا ياحبيبتي ، ربنا يخليكي ليا
لم تكن تعرف أتخجل أم تسعد لكلماته الغرامية ، وبين اضطراب مشاعرها ظهرت على ملامحها الرقيقة ابتسامة فرحة وتوردت وجنتيها باستحياء ، لكن تغلبت على خجلها ورفعت كفها تملس على جبينه بأبهامها وتتمتم برقة مغرية :
_ Happy birthdayياحبيبي ..
والعمر كله نكون مع بعض ومفيش حاجة تفرقنا
لف ذراعه حول خصرها وجذبها يضمها لصدره مغمغمًا :
_ آمين ياقلب حبيبك
بقيت بين ذراعيه للحظات طويلة حتى ابتعدت عنه ونظرت للكعكة لتقول بنبرة حماسية :
_ يلا عشان تدوق من التورتة وتقولي رأيك
قطعت منها قطعتين ووضعت كل قطعة في صحن ثم ناولته واحد وجلسوا على الأريكة يأكلون ويتبادلون الأحاديث المرحة ، إلى أن انتهوا وأبدى هو إنبهاره بمذاقها الرائع .. ثم نهضت وأخذت الكعكة للمطبخ لتضعها بالثلاجة وبعد دقائق عادت له وجلست بجواره ترفع أمامه علبة صغيرة طويلة ، فيهتف هو مبتسمًا بدفء :
_ دي الهدية مش كدا !
أماءت له برأسها فالتقطتها من يدها وفتحها ليجدها ساعة رجالية أنيقة وفخمة ، وسمعها تهمهم :
_ الحقيقة أنا بحب شكل الساعات في إيدك جدًا فقررت إني اجيبلك ساعة وتكون على زوقي أنا
انفرجت شفتيها باتساع ثم أخرجها من العلبة ولفها حول رسغه ينظر إليها في يده بإعجاب ، فيجيبها بنبرة معجبة :
_ لازم تكون حلوة مش على زوقك
قال جملته وانحنى إليها يخطف قبلة سريعة من وجنتها ، ثم ينزعها عنه ويضعها بمكانها كما كانت ، ويعود بنظره لها يدقق فيها النظر جيدًا هذه المرة كأنه يتفحصها ، فيغمز لها بخبث ويقول :
_ حلو الاحمر ده .. شوفتي إنتي اللي بتخلي نيتي تروح لحجات مش سليمة بتصرفاتك ، وبالشكل ده إنتي بتجرجريني للرذيلة وأنا بحبها أوي
نزلت بنظرها إلى ملابسها ولعنت نفسها الحمقاء التي لم تجد سوى هذا الرداء لترتديه ، عادت بعيناها له وهمست بعدم حيلة من انحرافه وهي تبتسم :
_ على فكرة مكنش قصدي خالص والله .. هي جات صدفة
استقام وانحنى عليها يحملها على ذراعيه هاتفًا بنظرات ليست بريئة :
_ أنا بعشق الصدف .. يلا هحكيلك على صدفة حلوة حصلت معايا برضوا
_ طيب ماتحكيها هنا إنت ماخدني جوا ليه
_ مينفعش هنا اصلها حكاية طويلة
أماءت برأسها في أعين شبه مغتاظة ، وفهمت جيدًا مقصده فاستسلمت لأمرها الواقع ولم تحاول المقاومة ، واكتفت بابتسامتها المغلوبة والخجلة على شفتيها !! ……..
***
ملاذ بسعادة غامرة :
_ فرحانة أوي ياماما .. الحمدلله
رتبت أمها على ذراعها بحنو وتشدقت :
_ ربنا يتمم حملك على خير ياحبيبتي وياجي ويتربى في عزكم .. وعقبال ما أشوف ولاد أخوكي كدا كمان
_ آمين يارب هو بس يقوم بالسلامة وكل حاجة هتبقى زي الفل إن شاء الله .. أنا بالي مشغول وقلقانة عليه
_ أنا من وقت ماسافر ومش عارف أنام براحة
ياملاذ من القلق والخوف عليه وبدعيله ربنا يقومه بالسلامة من العملية دي
_ آمين يارب .. العملية بكرا خلاص ربنا يعديها على خير
رفعت أمها يدها للسماء تدعو الله بأن يستجيب لدعائها ويحفظ لها ابنها ، ثم هتفت بتساءل :
_ إنتي مش هتكلمي جوزك تقوليلوا على الخبر
هزت رأسها بالنفي تقول بنظرة متشوقة :
_ لا هخليها مفاجأة لما ياجي هقوله
***
مع صباح يوم جديد قد لا يكون جيدًا بالنسبة للبعض حيث يحمل مفاجآت صادمة لهم !! ….
وصلت يسر إلى منزل أبيها واستقبلتها أمها بترحيب حار ، لتنحنى يسر على والدتها وتعانقها بلطف مغمغمة :
_ عاملة إيه ياماما
ابتسمت لها أمها بحنو وتمتمت :
_ بخير الحمدلله يابنتي .. متصلتيش بيا يعني تقوليلي إنك جاية
تنهدت يسر الصعداء بوجه عابس وأجابتها بنبرة مضطربة :
_ أصل أنا جاية اتكلم معاكي إنتي وبابا في موضوع وماشية تاني
_ موضوع إيه ده ؟!!
_ هتعرفي دلوقتي ، بابا فين بس ؟!
أشارت لها بعيناه على غرفة المكتب وقالت بحيرة :
_ في المكتب
تحركت باتجاه الغرفة وهي تهتف :
_ طيب تعالي ياماما
غضنت الأم حاجبيها بريبة امتزجت بالقلق ، وسارت خلفها حتى فتحت الباب ودخلت فتلقت أيضًا الترحيب من أبيها وعناق دافيء ، هتف بنظرات حانية :
_ عاملة إيه يابنتي .. وأخبار حسن إيه ؟
هزت برأسها وهي تجيبه بمعالم مرتبكة :
_ أنا كويسة يابابا الحمدلله وحسن كمان كويس .. أنا كنت جاية اتكلم معاك إنت وماما في حاجة
تبادل طاهر النظرات المتعجبة مع زوجته ثم استقرت نظراته بالآخير على ابنته التي جلست قبالته وبجوارها جلست أمها .. ظلوا يحدقوا بها منتظرين أن تبدأ في حديثها المهم الذي تريد إخبارهم عنه ، وهي تنقل نظرها بينهم بتوتر تجهز الكلمات جيدًا حتى لا تخطأ بشيء وتكتب نهاية زواجهم بيدها ! .
تكلمت أخيرًا بأعين زائغة :
_ أنا لسا حامل .. يعني محصلش إجهاض ولا حاجة زي مافهمت الكل
سكتت تنتظر ردة فعل منهم ولكن غاصوا في فقاعة صمت قاتلة ، لتحدج بوجه كل من أبيها وأمها لتقرأ قسمات الدهشة وعدم الفهم عليهم ، فتأخذ نفسًا طويلًا وتسترسل حديثها وهي مطرقة رأسها أرضًا تخترع كذبة بإحترافية حتى تخفي على كل أفعال زوجها وأفعالها :
_ اللي حصل إن احنا من وقت جوازنا وكان في مشاكل كتير بينا أنا وحسن ومكناش قادرين نتفاهم مع بعض كويس .. وهو مكنش حابب نجيب أطفال إلا بعد مايعدي فترة على الأقل على جوازنا وحصلت كذا مشكلة بينا بسبب الموضوع ده .. ولما حصل حمل اتخانقنا خناقة كبيرة أوي ووصلت لدرجة إنه طلب مني أنزله فزادت الخلافات بينا بعد المشكلة دي ووصلت للطلاق زي ماحصل .. وأنا كذبت على الكل وقولت إني اجهضت الطفل عشان كنت فاكرة إنه لو عرف إني لسا حامل مش هيوافق يطلقني والمشاكل هتزيد بينكم وأنا مكنتش حابة كدا ، وكنت بمجرد ما نتطلق نهائي هقول للكل ، الكلام ده طبعًا بعد ما هو تراجع واعتذرلي أكتر من مرة عن اللي حصل بس أنا رفضت أسامحه .. أنا عارفة إني غلطانة واستاهل كل اللي تعملوه معايا بسبب اللي عملته وإني كذبت عليكم في حاجة زي كدا بس أنا والله مش عارفة عملت كدا إزاي ولا عقلي كان فين لما فكرت أعمل كدا ، أنا آسفة !
لجمت الصدمة السنتهم فأخذوا يحملقوا بها لدقيقتين في ذهول إلى أن صاحت أمها بها في انفعال :
_ كل ده يحصل معاكي ومتقوليش لينا حاجة .. هو احنا مش اهلك ولا إيه يايسر
يسر بصوت مبحوح :
_ والله ما اقصد ياماما أن كنت في حالة نفسية تحت الصفر ومبقيتش عارفة أنا بعمل إيه ومن كتر زعلي وحزني بقيت بتصرف بعدم عقل
خرج صوت أبيها متحشرج وهو يصيح بنبرة ارعبتها :
_ ده مش مبرر للي عملتيه .. كام مرة نسألك عشان تقولي اللي حصل بينكم وإنتي رافضة تتكلمي سواء إنتي أو الأستاذ التاني ، وفوق ده كله تكذبي علينا وعلى الكل إنك اجهضتي العيل .. ده ملوش معنى غير إنه عدم احترام لينا ياهانم وبعدين إيه لو عرف إني لسا حامل مش هيطلقني ده ، تفكير متخلف .. ودلوقتي رجعتوا من أمريكا زي السمنة على العسل وخلاص اتصالحنا ، هو شغل عيال
انسابت دموعها على وجنتيها وهمست بصوت مرتجف وهي مجفلة نظرها أرضًا :
_ أنا آسفة يابابا
هتفت أمها بغضب :
_ والبيه عرف إنك لسا حامل ولا كمان لسا مقولتيش ليه
_ عرف من وقت ما كنا في أمريكا واتخانق معايا برضوا إني خبيت عليه حاجة زي كدا
طاهر بنظرات مشتعلة من الغضب :
_ وإيه اللي حصل خلاكم تتصالحوا بالسرعة دي !!
رفعت كفها وجففت دموعها تجيبهم بصوت به بحة قوية :
_ هو ندم على كل حاجة وفضل يعتذرلي ومسابنيش واثبتلي إنه ييحبني بجد وعايزني ، ولما حسيت إنه بجد اتغير اديتله فرصة تاني .. وإنت عارف يابابا إني بحب حسن أوي وطول ماهو جنبي أن بكون مبسوطة
حدجها طاهر بنظرة خنق ليهتف باستياء :
_ مش عارف ارد عليكي بإيه .. ربنا يسامحك يابنتي والله ، دايمًا تاعبينا إنتي وأخوكي كدا
ثم اندفع وغادر ليتركها مع أمها لوحدهم فتنفجر هي باكية بقوة وتهتف من بين بكائها :
_ والله ما اقصد اخبي عليكم أنا كنت عايزة اخبي على حسن وخوفت اقولكم تروحوا وتقولوا ليه
أشفقت عليها أمها فضمتها لصدرها وملست على شعرها هامسة بعتاب :
_ مهما كان يايسر لا احنا ولا حتى جوزك ينفع تخبي عليه حملك وتكذبي علينا
استمرت في بكائها العنيف وأمها تملس عليها محاولة تهدئتها بدون جدوى !! ……
***
بمدينة لندن البريطانية …….
داخل أحد أكبر المستشفيات بالمدينة بعد مرور ساعات قليلة من خروجه من غرفة العمليات وقد طمأنهم الطبيب على حالته الصحية وأنه بخير والعملية ناجحة تمامًا ، فتهللت أسارير كل من زين وأبيه الذين كانوا معه .. وانتظروا لما يقارب ساعة حتى تم نقله لغرفة خاصة واستعاد وعيه ، فدخلوا له وهتف أبيه بوجه بشوش :
_ حمدلله على سلامتك يابني
أجاب عليه إسلام بصوت ضعيف :
_ الله يسلمك يابابا
هتف زين بدوره وبابتسامة مداعبة :
_ حمدلله على السلامة يابشمهندس ، والف مبرووك الحمدلله الدكتور بيقول إن العملية نجحت وزي الفل يعني بمجرد هترجع تقف على رجلك زي الأول واحسن إن شاء الله
أشرق وجهه إسلام بفرحة غامرة ورفع عيناه لأعلى يتمتم بقلب ينبض بسعادة :
_ اللهم لك الحمد والشكر يارب .. أخيرًا
وأخيرًا زين احس بأن ضميره توقف عن تعذيبه فقد أتم جزء كبير من التكفير عن ذنبه ، سيأتي الآن دور الوقت الأصعب وهو أخباره بالحقيقة !! ……
***
ترجلت ملاذ من السيارة الأجرة أمام مقر شركة العمايري .. حيث جاءت لرفيف عندما أخبرتها ملاذ أنها في طريقها لشراء بعض الأشياء فاقترحت عليها رفيف أن تمر عليها بالشركة وتريها بعض الأشياء الخاصة بها لتأخذ رأيها فيها ومن ثم تذهب معها للتسوق .. فلم تمانع ملاذ وأتت لها .
قادت خطواتها الواثقة للداخل واستقلت بالمصعد الكهربائي وتوقف المصعد بالطابق الثالث حيث يوجد مكتب رفيف .. وسارت إلى آخر الطرقة حيثما يوجد باب لغرفتين أحدهم لرفيف والأخرى لحسن ، اختلفت عليها الغرفة واخطأت وكانت على وشك أن تدخل مكتب حسن ولكنها تراجعت على آخر لحظة وهمت بالاستدارة للذهاب للغرفة الثانية حيث مكتب رفيف ولكن استوقفها سماعها لاسمها من حسن الذي كان يتحدث مع أخيه في الهاتف .. فوقفت مكانها باستغراب عندما سمعته يتحدث عنها كالآتي ..
حسن برزانة :
_ مينفعش زين يخبي عليها ياكرم مسيرها هتعرف .. هو عنده حق يقلق شوية ويتوتر ما يقولها .. وسيبك من موضوع ادمانه وإنه كان مدمن ودخل مصحة يتعالج ، دي حاجة عدت عليها سنين وخلاص انتهت ، هو يمكن ليه الحق في نقطة أنه يروح ويقولها أن أنا اللي خبطت أخوكي وكنت السبب في اللي حصل معاه لأنها فعلًا صعبة
كانت ملاذ تمسك بهاتفها في يدها ، وأصابتها الصدمة التي لجمت لسانها وكأن صاعقة صفقتها بأرضها .. ظلت متجمدة مكانها وهي فاغرة شفتيها وعيناها بعدم استيعاب لما سمعته ، واحست بانسياب أعصابها فلم تشعر بنفسها وسقط الهاتف منها على الأرض ليحدث صوتًا قوي و مزعجًا بعض الشيء !!! ………..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ضروب العشق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *