روايات

رواية أنا لها شمس الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم روز أمين

رواية أنا لها شمس الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم روز أمين

رواية أنا لها شمس البارت الثامن والعشرون

رواية أنا لها شمس الجزء الثامن والعشرون

أنا لها شمس
أنا لها شمس

رواية أنا لها شمس الحلقة الثامنة والعشرون

أشرقت الشمس من جديد لتدب الحياة بقصر علام زين الدين حيث يعمل جميع من بالمطبخ على قدمٍ وساق لتجهيز مائدة الفطار قبل أن تتجمع أفراد العائلة حولها ككل صباح،تحركت عزة وتطلعت لحركة الجميع النشطة باستحسان وانبهار بتنظيمهم،وقفت في المنتصف تتطلع إلى تلك الواقفة بلباسها الأنيق تباشر العاملات لتنطق هي بصوتٍ مرتفع متعمدة ليصل للجميع:
-مدام سعاد،
إلتفتت إليها سعاد لتتابع بنفس الصوت الحماسي:
-فؤاد باشا قال لي إمبارح بالليل أبلغك إنه نايم في جناح الست إيثار، وبيقولك محدش يصحيهم ،هما هيقوموا بمزاجهم
تطلعن جميع العاملات إلى بعضهن وبدأن بالهمس والاحاديث الجانبية فيما بينهن لترفع سعاد قامتها قبل أن تسألها:
-هو الباشا مش هيروح النيابة النهاردة؟!
نطقت وهي ترفع قامتها في محاولة منها لتقليد تلك الراقية:
-لا،هو قال لي يا عزة أنا مش هروح الشغل بكرة ومحدش يقلقنا علشان هنام متأخر
ضحكت العاملات بخفوت لترمقهما سعاد بحدة وتعود ببصرها إلى تلك التي تابعت بكبرياء يرجع لتفضيل فؤاد لها عن سعاد بذاتها برغم مكانتها المرتفعة بالمنزل:
-وقالي كمان،خلي سعاد تجهز نفسها هي وكام بنت علشان يطلعوا يساعدوكي وإنتِ بتنقلي حاجة الهانم لجناحي الخاص
لتسترسل بسعادة وتفاخر:
-وقال لي يا عزة،طلعي حاجتك في جناح الهانم علشان من النهاردة ده هيبقى جناحك إنتِ ويوسف
تنفست سعاد بضيق لتهتف وداد تسألها بتطفل:
-يعني إيثار هانم هتعيش خلاص مع الباشا في جناحه؟!
هزت رأسها عدة مرات دلالة على التأكيد لتهتف إحدى العاملات بحفاوة:
-المفروض نجهز فطار العرايس من الوقت، فطير وعسل
لترد عليها أخرى بمشاكسة:
-ومتنسيش الحمام، الباشا بتاعنا بيحبه
هتفت أخرى بعدما قررت المشاركة في ذاك السباق:
-وهو الباشا محتاج الحمام، ده الله أكبر عليه
إنطلقت ضحكات جميعهن لتصيح سعاد بنبرة صارمة:
-سكوت، مش عاوزة أسمع نفس واحدة فيكم
دارت بعيناها الثاقبة بينهن لتتابع بصرامة أرعبتهن:
-شوفي شغلك منك ليها بدل الرغي والكلام الفاضي، الدكتورة لو صحيت وملقتش السفرة جاهزة كلكم هتتجازوا
ثم استدارت تتطلع لتلك العزة والتي أخذت أوامر من عصمت وفؤاد بشخصه بأن يتعامل الجميع معها باحترام وأنها ليست بعاملة بل إيثار تعاملها كشخصًا من عائلتها لذا فقد حرصت عصمت على إحترام تلك النقطة كي لا تثير حزن تلك الخلوقة التي استطلعت جذب نجلها الغالي إليها،تحدثت إليها باحترام وهدوء:
-حاضر يا عزة، لما الباشا الصغير يصحى هنطلع مع بعض ننفذ أوامره
مالت عزة بجانب أذنها لتسألها بتمعن:
-هو أحنا مش هنعمل لهم فطار يرم عضمهم
قطبت الأخرى جبينها متعجبة للكلمة لتسترسل الاخرى:
-الباشا هيقوم هفتان أكيد،ولازم له أكلة حلوة تروم عضمه
تحمحمت سعاد لتقترب عليها قبل أن تسألها لتتأكد لتبلغ سيدتها:
-إنتِ متأكدة إن الباشا والهانم،
تحمحمت بخجل لتعيد عليها:
-يعني،تمموا جوازهم بجد؟
لوت فاهها لتجيبها باستياء يرجع لتشكيك الاخرى بحديثها:
-وأنا يعني هضحك عليكِ؟
لتسترسل بثرثرة وهي تشير بكفها:
-طب ده أنتِ لو شفتي شكله وهو بيفتح لي الباب، شعره كان منكوش وهدومه…
-خلاص خلاص…صاحت بها المرأة وهي تشيح بكفها لتصمتها قبل أن تتجرأ في الوصف أكثر،تنهدت عزة لتسألها من جديد:
-بردوا مقولتليش، هنعمل لهم فطار إيه
رفعت المرأة قامتها قبل أن تنطق بجدية:
-هسأل الدكتورة لما تصحى،وهي هتقول لنا
بالأعلى، فاقت سميحة ووقفت أمام مرآة الزينة المتواجدة بالغرفة المجهزة لإستقبال الضيوف تستعرض الثوب الذي أحضرتهُ لها فريال لترتديه بدلاً عن ملابسها التي حضرت بهم واتسخت،ابتسمت بسعادة وهي تتطلع لبهائها وجمال شعرها الأشقر المجعد التي فردته فأعطاها مظهرًا حيويًا لفتاة عصرية،أخرجت أنينة عطرها من حقيبة يدها ونثرة من رذاذه فوق عنقها وفتحة صدر الثوب ثم أخرجت أحمر شفاه باللون النحاسي وبدأت بضم شفتيها لتضعه بتمهلٍ وما أن انتهت تطلعت على حالها بخيلاءٍ ثم تحركت سريعًا كي تحضر الفطور من بدايته لترى حبيبها وتسعد قلبها وعيناها برؤياه البهية،تحركت للخارج لتتابع طريقها داخل الممر المؤدي للدرج واثناء مرورها تصادف خروج فريال وزوجها من باب جناحهما الخاص،توقفت تتبادل معهما الإبتسامات وهي تقول:
-صباح الخير
ردوا التحية وانسحب ماجد ليسبقهما للاسفل لتسألها فريال بملامح متعجبة:
-صاحية بدري ليه،ده أنا قولت هتنامي لحد أذان الظهر!
أجابتها بإيضاح:
-إنتِ ناسية إني كنت بحضر ماجستير في بريطانيا، وهناك كنت بقوم بدري جداً
تحركا حتى وصلا إلى جناح فؤاد لتسألها بصوتٍ هائم:
-هو أنا ممكن أدخل عند فؤاد،يعني علشان أستعجله
ضحكت بمرح لتجيبها وهي تسحبها من يدها صوب الباب:
-تعالي نستعجله أنا وإنتِ،تلاقيه لابس وجاهز على النزول
طرقت بخفوت عدة مرات وحينما لم تجد ردًا فتحت الباب بهدوء لتطل برأسها وباتت تتطلع على المكان باستغراب، حيث وجدت الحجرة فارغة وستائرها مغلقة لتتطلع على الفراش بتعجب لترتيبه الزائد عن الحد،تنفست بهدوء لتعود للخلف وهي تغلق الباب تحت تعجب سميحة لتقول الاخرى:
-مش موجود،أكيد عنده شغل بدري ونزل
سألتها بعيناي متلهفة:
-يعني هلاقيه لسة تحت ولا مشي على شغله؟
أجابتها فريال وهما تتحركان صوب الدرج:
-فؤاد مبيخرجش قبل ما يفطر، وشغله مبيبدأش قبل تسعة
دخلتا معًا لحجرة الطعام حيث الجميع جالسون حول طاولة الطعام عدا العاشقان الغارقان بالاعلى بأحضان بعضيهما،رحب الجميع بسميحة لينطق عمها بحفاوة وهو يشير على المقعد المجاور لزوجته:
-تعالي يا حبيبتي إقعدي جنب طنط عصمت
ابتسمت لها عصمت لتنطق هي قبل الجلوس:
-هو فؤاد فين؟!
نطقت عصمت بجمود وعدم ارتياح للوضع التي فرضته فريال على الجميع:
-شوية وهينزل، إقعدي يا حبيبتي
سحبت المقعد لتجلس عليه بهدوء قبل أن تقول باستغراب:
-هينزل منين،! فؤاد مش في أوضته يا طنط
تغيرت ملامح عصمت لحادة قبل أن تسألها بجدية وصرامة ترجع لعدم قبولها لتعدي أحدهم الأصول والإحترام بمنزلها:
-وإنتِ عرفتي منين إنه مش في أوضته؟!
ارتبكت من لهجة عصمت الحادة لتنقذها فريال التي تدخلت لانتشالها من صرامة والدتها التي لا تتهاون مع الخطأ أبدًا:
-أنا عديت عليه يا ماما وإحنا نازلين،ولقينا الجناح فاضي ومترتب
قطبت عصمت جبينها ونظرت لزوجها الذي فهم سريعًا ما حدث لما لديه من فطانة وأيضًا كان واضحًا له من نظرات إيثار وغيرتها المستعرة بعيناها على زوجها، وأيضًا راقب نظرات نجله حيث كان يتعمد إثارة الغيرة بقلبها وهو يراقب رد فعلها دون ملاحظتها للأمر،تحمحمت عصمت التي لم تفهم نظرات زوجها إلى الان لترفع صوتها تستدعي كبيرة العاملات:
-سعاد، سعاد
أتت المرأة لتقف منحنية قليلاً وهي تقول باحترام:
-أفندم يا دكتورة
تعمدت نطق سؤالها بهذا الشكل كي تقطع الأمل على تلك السميحة التي استدعتها ابنتها لمهمة التفريق بين نجلها ومن إختارها فؤاده:
-فؤاد باشا والهانم منزلوش لحد الوقت ليه؟!
تحمحمت المرأة وأقتربت لتميل بجانب أذنها لتخبرها بما قصته عليها عزة،لا تعلم ماذا حدث لقلبها، فقد انتفض وعلت دقاتهُ من جمال المفاجأة،ظهرت السعادة جليًا فوق ملامحها لتسألها بتأكيد:
-إنتِ متأكدة؟!
أومأت لتجيبها بهمسٍ:
-أنا بنفسي طلعت وإتأكدت إن جناح معاليه فاضي ومنمش فيه إمبارح يا دكتورة
شملت كيانها راحة تامة لم تشعر بمثلها منذ الكثير لتأخذ نفسًا عميقًا قبل ان تقول:
-تمام، خلي البنات يطلعوا يوضبوا الجناح كويس وشوفي لو ناقصه حاجه بلغيني
-تحت أمرك يا دكتورة… قالتها المرأة وانصرفت لتتحدث عصمت بحبورٍ لم تستطع تخبأته:
-فؤاد بايت في أوضة مراته وواخد أجازة من شغله النهاردة
صوت ضحكة خرجت مكتومة من ماجد الذي تخيل واقع الخبر على زوجته التي خططت وكان للقدر وشقيقها رأيٍ أخر،سعلت سميحة بشدة حيث توقف الطعام في حلقها فور استماعها لذاك الخبر الذي أنهى الأمل بداخلها من جديد بعد أن تجدد بفضل تشجيع إبنة عمها،ناولتها عصمت كأس الماء لتنطق بهدوء:
-إشربي يا حبيبتي وخلي بالك
أما فريال فهتفت متسائلة بحدة خرجت رغمًا عنها:
-مين اللي قال لحضرتك الكلام الفارغ ده يا ماما؟
تعجب علام من هجوم صغيرته وثورتها العارمة التي ظهرت بعينيها المعترضة ليسألها متعجبًا بمنطقية:
-وإيه العجيب والفارغ من بيات راجل في أوضة مراته يا فريال؟!
-آسفة يا بابا،خاني التعبير …قالتها بصوتٍ محبط وهي تنظر للأسفل، أما سميحة فحالها أصبح حال، فقد أتت متحمسة بعد إستدعاء فريال لها وإعطائها أملاً لتكتشف اليوم أنهُ كان زائفًا وتحول من جديد لسراب،
استمع الجميع لصوت بكاء الصغير الاتي من الخارج وأيضًا صوت عزة وهي تهدهده وتحاول إلهائه،استدعاها علام لتلج إليهم ليسألها عن سبب بكائه وهو ينظر للصغير بحنان فهو منذ أن حضر للقصر قد ملأهُ مرحًا وسعادة ترجع لقبولٍ قد وضعه الله في قلب كل من يراه،أجابته بهدوء:
-أصله عاوز مامته يا باشا
-ومستنية إيه، ما طلعيه عندها…جملة حادة نطقت بها فريال لتجيبها تلك الثرثارة التي انفتحت بالحديث كعادتها:
-مينفعش يا هانم،سيادة المستشار منبه عليا محدش يطلع يصحيهم،وقالي إحنا هنصحى بمزاجنا،أصل سعادته أخد أجازة النهاردة،ويمكن ياخد باقي الأسبوع كمان،
لتسترسل بسعادة ظهرت جليًا بصوتها وفوق ملامحها:
-عرسان بقى، عقبال ولادك
هتفت متذكرة وهي تنظر إلى عصمت:
-إلا بالحق يا دكتورة، هو أحنا مش هنعمل فطار يليق بالعرسان
ابسمت عصمت لتتابع الاخرى بثرثرة ليست بجديدة عليها:
-اصل سألت الست سعاد وقالت لي هبقى أسأل الدكتورة، ولحد الوقت مردتش عليا
تنفست براحة لتجيبها بحبورٍ ظهر بصوتها:
-إدخلي المطبخ وإعملي كل اللي تشوفيه مناسب، والبنات معاكِ هيساعدوكي، ولو محتاجة حاجة من برة خلي سعاد تطلبها لك
لتسترسل بنبرة سعيدة وهي تنظر إلى ماجد:
-خدي لي أجازة عارضة من الشؤون يا ماجد
واستطردت وهي تنظر لزوجها الضاحك:
-ميصحش أسيب العرسان في يوم زي ده
أجابها باحترام:
-تحت أمرك يا دكتورة
وتابع هامسًا بعدما مال على أذن زوجته:
-أهو أخوكِ بنفسه حسم لك الأمر، إهدي بقى وتقبلي الوضع، وبلاش تنكشي في مواضيع ممكن تفسد علاقتك باخوكِ
تنهدت بخيبة أمل وهي تنظر لإبنة عمها حيث سيطر الحزن عليها والتزمت الصمت التام
تحدث علام وهو يشير للصغير الذي توقف عن البكاء إثر هدهدت عزة له:
-تعالى يا يوسف إقعد على حجري علشان تفطر معايا
نطق بصوتٍ خافت:
-ميرسي،أنا أكلت مع عزة
-أنا أكلته يا باشا،هخرجه يلعب شوية في الجنينة على ما مامته تصحى…قالتها عزة لتنسحب الصغيرة من المقعد المجاور لأبيها وهي تستأذن من والدتها:
-مامي، أنا هروح ألعب في الجنينة مع چو
-أوكِ يا بيسان…نطقتها بهدوء لتلتفت إلى عزة وهي تقول بتوصية:
-خلي بالك منها يا عزة،وإوعوا يروحوا ناحية البيسين
-حاضر يا مدام…تحركت عزة بالصغار لتهب سميحة من مقعدها وهي تقول باقتضاب:
-بعد إذنكم
سألها علام بحنو:
-رايحة فين يا سميحة، إنتِ ما أكلتيش حاجة لسه
-مليش نفس يا عمو…قالتها وانسحبت للخارج لتتطلع عصمت لإبنتها بنظراتٍ لائمة لما فعلته بإبنة عمها،ليهمس زوجها بنبرة لائمة:
-ضميرك مرتاح باللي عملتيه في بنت عمك،كان إيه لزمته كل ده يا فريال؟!
شعرت بالخزي لتقف بهدوء وهي تقول:
-هروح أشوف سو
صعدت لغرفة الضيوف وجدت إبنة عمها تبكي بغزارة،جلست بجوارها لتهتف الاخرى بنبرة حانقة ودموعها تنهمر بغزارة:
-أنا عاوزة أعرف أنا فيا إيه مش عاجبه علشان يسيبني مرتين،أول مرة فضل عليا نجلا وإتجوزها وفي الاخر طلعت نصابة وكانت هتوديه في ستين داهية،والمرة دي فضل عليا واحدة مطلقة وعندها ولد ومستواها المادي لا يشرف عيلتنا ولا يناسبه
تحدثت الأخرى بهدوء:
-ممكن تهدي
-أهدى إزاي يا فيري وفؤاد كل مرة بيتعمد يهيني…قالتها بصريخ لتتابع بمرارة:
-فؤاد مش غبي علشان مياخدش باله من إني بحبه
ردت فريال على حديثها باستسلام:
-مشكلة فؤاد إن طول عمره شايفك أخته الصغيرة
هتفت الاخرى بعيناي لائمة:
-ولما أنتِ شايفة كده وعارفة إنه بيحبها كلمتيني وأدتيني أمل ليه يا فيري؟!، ما أنا كنت بعيدة وبحاول أنساه وأشغل نفسي بالماجستير وشغلي
ابتلعت لعابها لتنطق بكلماتٍ تعلم من داخلها عدم صحتها لكنها مصرة على إبعادها عنه من شدة ارتيابها على شقيقها الغالي:
-صدقيني فؤاد مش بيحبها
واسترسلت بحديث هرائي:
-تلاقيه كان رايح يتكلم معاها في موضوع ونعس ونام عندها
-إنتِ مصدقة نفسك يا فريال؟!…سؤالاً وجهته لها سميحة باستياء لتتابع باستسلام وهي تنهض:
-أنا لازم أمشي قبل ما فؤاد يصحي، مش لازم يشوفني وأنا بالضعف ده
جذبت يدها للاسفل لتحثها على الجلوس وهي تقول:
-هتمشي تروحي فين، إنتِ لازم تبقي أقوى من كدة،عاوزة تنسحبي من أول جولة، صدقيني، هتلاقيها هي اللي رامية نفسها عليه علشان تكمل خطتها
هتفت باعتراضٍ غاضب كي لا تدع حالها تتعلق بأملٍ ومن جديدٍ يتحول إلى سراب:
-أخوكِ اللي رايح لها اوضتها يا فريال، لو العكس كنت قولت لك جايز، لكن فؤاد هو اللي بايت عندها وكمان أخد لها أجازة،وده ملوش غير معنى واحد، وهو إن فؤاد عاوزها بإرادته
-طب ممكن تهدي ونقعد نتكلم شوية…نظرت لها لتهتف متذكرة بنبرة عاتبة:
-تعالي هنا يا ست فيري، إنتِ إزاي تخلي بيسان تختلط بالولد إبن السكرتيرة؟!
قطبت فريال جبينها لتتحدث باستغراب:
-وإيه المشكلة لما بنتي تلعب معاه، على فكرة الولد متربي كويس جداً وطبعه هادي
رفعت حاجبها لتهتف باستنكار:
-يا سلام،وهو علشان هادي تسيبي بنتك معاه، الولد من بيئة غير بيئتنا يا فريال
أخذت فريال نفسًا مطولاً ثم تحدثت بقناعة وصدق:
-بصي يا سو،موضوع الطبقات ده أنا مبعترفش بيه خالص،بابا وماما ربونا على كده، وأنا شايفة إن طالما الإنسان اللي قدامي متربي كويس معنديش مانع يبقى صديق مقرب مني
هزت الاخرى رأسها متعجبة لتنطق بسؤالٍ منطقي:
-إنتِ غريبة قوي، طب لما هو ده تفكيرك إيه وجه إعتراضك على إيثار؟!
وكأنها تحولت لقطة شرسة تخربش بأظافرها الحادة كل من يقترب من صغارها لتنطق بحدة ظهرت بعينيها قبل صوتها:
-الموضوع هنا مختلف يا سو، الموضوع هنا يعني أمان اخويا وسعادته،وأنا لا يمكن هسمح لأي حد يقرب منه على سبيل التجربة، يعني يا طلعت بنت حلال وكويسة، يا طلعت نسخة مكررة من الحقيرة نجلا وتكرر مأساة أخويا تاني
واستطردت بعقدة داخلية تكونت نتيجة حبها الشديد لشقيقها وهلعها من تكرار تجربته المريرة التي عاشتها معه بكل جوارحها وأثرت بداخلها:
-علشان كده فؤاد لازم يتجوز حد نعرفه كويس، والحد ده هو إنتِ بالذات يا سو،علشان إنتِ اكتر حد مناسب لفؤاد،بنت عمنا وعارفين أصلك وفصلك،وعندك الفلوس اللي تخليكي ما تطمعيش ولا تفكري تخوني فؤاد،وفوق كل ده إنتِ بتحبيه وأكيد هتسعديه بكل الطرق
باتت تحاول إقناعها لتبقى ويكملا تخطيتهما المفيد لكلتاهما
أما بالاسفل فكان علام يتناول القهوة بصحبة زوجته التي لم تسعها الفرحة،تنهدت وهي تقول بانتشاء:
-يــا يا علام، متتصورش فرحتي قد إيه النهاردة
أبتسم وربت على كفها بحنان لينطق بحبٍ:
-ربنا يكمل فرحتك على خير يا حبيبتي ونسمع خبر يفرح قلوبنا قريب
هتفت بقلبٍ يتراقص من شدة سعادته:
-يارب يا علام يارب، البنت كويسة جدًا وهادية، وماشاء الله على تربيتها لإبنها،يعني إن شاءلله هتكون أم هايلة وتليق بإنها تربي أولاد فؤاد علام
-وإنتَ بردوا هتسبيها تربي حفيدك يا دكتورة؟!… نطقها ليطلق ضحكة مدوية توحي لمدى سعادته لتبتسم وهي تجيبه بملاطفة:
-مش هضحك عليك وأقول لك إني هسيب لها حرية تربيته بالكامل
واسترسلت بمشاكسة:
-بس ممكن أخليها تشاركني فيها
إطلقا ضحكاتهم السعيدة واكملا الحديث
**********
بالأعلى،كانت تضع خدها فوق صدره العريض وهي تغط في سباتٍ عميق بوجهٍ يبدو عليه الراحة، تغطيه بعض خصلات شعرها الحريري بلونهِ الأسود الذي أظهر بشرتها الحليبية،جسدها محاطًا بجسد ذاك المتملك حيث يشدد ذراعهُ الأيسر حول خصرها لاصقًا إياها بجسده والذراع الأخر يلفه حول كتفها بتملك،أما هي فكانت رأسها تتوسط صدره واضعه كفها الصغير على كتفه،تمللت تُحرك جسدها بهدوءٍ فشعر بحركتها ليفتح عيناه ويرى أجمل مشهد رأته عينيه وتمناه منذ أن رأها وذاب بغرام عينيها،فطالما حلم بامتلاكها زوجةً شرعية له لتغفو بأحضانه ويصحو على أجمل إبتسامة،وضع أنامله يزيح بها خصلات شعرها ليرى كامل ملامحها ويُسعد قلبه، شعرت بحركة فوق وجنتها فحركت أهدابها تحاول فتحهما لتغمضهم من جديد وعلى الفور فتحتهم على مصراعيهما حين شاهدت إبتسامتهُ الخلابة وعينيه المغرومتين وهو يتطلعُ عليها بتمعنٍ ووله،زادت إبتسامته ليتحسس وجنتها بنعومة قبل أن يهمس بصوتٍ متحشرج من إثر النوم:
-صباح الخير
تمطأت بدلالٍ أنثوي بين ذراعه المكبلة لها لتجيبهُ براحة وسعادة واستجمام ظهروا بعينيها:
-صباح النور يا حبيبي
أحقًا هي الأن بين يديه وداخل أحضانه،لم يستوعب إلى الآن أن ما حدث بينهما بليلة أمس وإمتلاكهُ لها حقيقة لمسها وعاش بداخلها أم أنها حلمًا راوده من شدة إشتياقه لضمتها،تحسس وجنتها لينزل بإبهامه على شفتها الممتلئة ويمررهُ ليتأكد من حقيقة وضعه لصك ملكيته عليها، تنهد لينطق بصوتٍ يفيض عِشقًا وحنانًا:
-عارفة يا حبيبي
تطلعت لشفتاه بتمعن وتركيز ليسترسل بنظراتٍ ولهة:
-إنتِ أحلى حاجة حصلت لي في حياتي كلها
إبتسامة حانية إرتسمت لتنطق بعينيها الهائمة ما زلزلت به كيان متيمها:
-وإنتَ أول راجل بجد يدخل حياتي يا فؤاد
إنتَ إزاي راجل قوي كده؟
مال رأسه قليلاً يتطلع عليها بتأثرٍ وعيناي تنطق بالهوىَ لتسترسل بصدقٍ:
-من النهاردة هسلمك روحي وهتبقى لي وطن وعنوان ،هغمض عيوني وأمشي معاك طريقي
هزت رأسها لتنطق عينيها قبل لسانها:
-مش عاوزة أعرف رايحين لفين ولا هوصل معاك لإيه،كل اللي حساه إني عاوزة أكمل معاك وأفضل تحت ضلك ورعايتك أنا ويوسف،أنا روحي بوجودك بقت مطمنة يا فؤاد
تنهيدة عميقة خرجت من أعماقه تدل على مدى تأثرهُ بكلماتها،فحبيبته تقدم له حالها ليسير بها إلى بر الأمان،خرجت كلماته على هيأة همساتٍ من رقة شعوره لينطق بصدقٍ يقطرُ من بين حروفهُ:
-وعد عليا ما هخلي دمعة ندم واحدة تنزل من عنيكِ الغالية،وعمري ما هخليكِ تندمي على إختيارك ليا
تنهد ليتابع بصدقٍ ظهر بين بعينيه قبل كلماته:
-ولو أمانك إنتِ ويوسف قصاده روحي،تأكدي إني مش هفكر دقيقة في إني إختار أمانكم
أحاطت وجنتيه بكفاها وهمست بلسان قلبها العاشق وهي تتطلع عليه بنظراتٍ تهيمُ شوقًا:
– تسلم لي روحك ويخليك لقلبي يا حبيبي،ده أنا ما صدقت لقيتك
وإلى هُنا لم يعد للكلمات مكان،فاستلمت المشاعر الدفة لتدير سفينتهم المبحرة لتتعمقِ داخل بحر الغرام،مال على كريزتيها لينهل من شرابهما فذابت معه داخل تلك الرحلة التي استغرقت وقتًا غير معلوم لكليهما بعد أن قادتهما مشاعرهما الملتهبة للغوص بجولة عشقية جديدة لتوثيق ما حدث بالأمس، بعد مدة كانت تقبع بأحضانه يشدد عليها بذراعيه كمن يخشى إبتعادها،فيكفيهما ما تذوقاه من نار الإبتعاد إلى الآن،وضعت كفها الرقيق تتحسس صدره قبل أن تهمس بصوتٍ هائم يدل على مدى وصولها لدرجات العشق والهيام التي وصلت إليهما على يد فارسها المغوار:
-كنت فين من زمان يا حبيبي
مال يتطلع لها بعيناه فتقابلت بخاصتيه الحنون ليبتسم قبل أن يجيبها بصوتٍ متحشرج تأثرًا بما حدث:
-كنت مستني أمر ربنا وقدره اللي حطك في طريقي علشان نوصل للحظة اللي إحنا فيها دي
-تعرف إني مستغربة نفسي قوي…نطقتها باستكانة ليرفع حاجبهُ مستفهًا دون حديث،فأجابته تلك المتطلعة باستغرابٍ عليه:
-مكنتش متخيلة إني هبقى طبيعية معاك قوي كده، كنت فاكرة نفسي هنكسف منك وأخد وقت طويل لحد ما أتعود عليك، لقيت نفسي بترمي في حضنك وأمان الدنيا كله حسيته في اللحظة دي، علشان كده سلمتك روحي واتعاملت معاك وكأن لينا سنين مع بعض
ابتسم بحنان ومال يُقبل جانب شفتها ليبتعد قليلاً وهو يقول بصوتٍ يشع طمأنينة أقرب للهمس:
-محدش بيتكسف من روحه يا بابا،أنا وإنتِ روح واحدة، ومش علشان قربنا من بعض لا، إحنا من ساعة ما شوفنا بعض كل واحد فينا إنجذب للتاني
ليبتسم بمداعبة:
-بس كنا بنكابر ونكذب إحساسنا، واحدة واحدة الشعور بدأ يكبر جوانا، ومع مرور الوقت أرواحنا إتحدت وبقت واحدة،والدليل على كده إن برغم كل اللي حصل بينا مقدرناش نبعد بشكل كامل
ابتسمت بحالمية ليسألها لنبرة جادة:
-يوسف ما وحشكيش؟
هتفت بعيناي متشوقة:
-جداً
أجابها بنبرة جادة وهو يستعد للنهوض:
-طب يلا ناخد شاور علشان أكلم عزة تطلعه،أصله وحشني انا كمان وزمانه متضايق علشانك
تعمقت بعينيه وأمسكت كفه تحثه على عدم الحركة:
-فؤاد،هو أنا ممكن أسألك سؤال؟
تو…صوتٍ اخرجه من فمه ليتابع بجاذبية اهلكت قلبها:
-إنتِ متسأليش،إنتِ تؤمري وأنا أطيع
ابسمت بسعادة لتنطق بصوتٍ متردد بعض الشئ:
-هو أنتَ ليه مخلفتش من طليقتك طالما بتحب الاولاد قوي كده؟!
أغمض عينيه يأخذ شهيقًا عميق ليزفرهُ بقوة ثم من جديد فتح عينيه ينظر لها بعمقٍ قبل أن يقول بنبرة حاسمة:
-بيتهئ لي أن الأوان إنك تعرفي حكايتي مع الست اللي وثقت فيها وسلمتها إسمي وإسم عيلتي
توقف ليأخذ نفسًا يستطيع به المتابعة:
-وبالمقابل طعنتني في ظهري وباعتني بأقذر طريقة ممكن تغدر بيها ست بالراجل اللي عمره ما عمل فيها حاجة واحدة يستاهل عليها الغدر
إتستعت عينيها بذهولٍ جراء إستماعها لكلماته التي خرجت من قلبٍ يأنُ ألمًا لمجرد مرور الذكرى بخاطره،بدأ يقص عليها ما حدث من تلك الخائنة تحت قلبها النازف لأجل حبيبها،بعد مرور حوالي نصف ساعة نطق بأعين معتذرة وصوتٍ آسف:
-وده كان السبب ورا طلبي المُهين ليكِ
هز رأسه بأسى ليُكمل بعيني تأن ألمًا:
-كان صعب عليا أرجع أثق في أي ست تاني بعد اللي حصل لي من وراها، أنا عمري ما قصرت معاها في أي حاجة،وبرغم كده كانت مصرة تخسرني كل حاجة،شغلي سمعتي حتى إبني اللي كنت بتمناه،قتلته بدم بارد
تنفس بعمقٍ ليتابع موضحًا:
-وده اللي عملي شرخ كبير في حياتي وخلاني حريص في معاملاتي مع الناس لأبعد الحدود
تطلع لتلك التي تستمع بعينين تملؤهما غشاوة الدموع لأجله،أما قلبها فكان كقتلة نارٍ عليه ومنه،حزينة هي عليه وعلى ما حدث له على يد تلك التي لا تستحق حب نبيلٍ مثله،لكنها بالوقت ذاته لم تستطع كبح غيرة المرأة بداخلها،فقد شعرت بنارًا مستعرة غزت جسدها وهو يروي تفاصيله مع إمرأةٍ آخرى،هو حبيبها هي، رجلها الأول والأخير، كيف له أن يتحدث عن أخرى حتى ولو بالسئ،مال برأسه لينطق بكثيرًا من الأسف:
-أنا آسف،آسف لنفسي قبل منك لأني في يوم حطيتك في نفس الخانة مع البني أدمة دي،آسف لأني موثقتش فيكِ في أول علاقتنا واستسلمت لماضي لعين يتحكم فيا
جلست على ساقيه تقابل وجهه ثم حاوطت وجنتيه بكفيها ومالت لتسند جبهتها بخاصته وهي تهمس أمام شفتاه:
-إوعى تتآسف على حاجة عدت،إنسى كل اللي فات وإطوي صفحة الماضي،خلينا نعيش اللي جاي من حياتنا في هدوء ونستمتع بعمرنا مع بعض،أنا وإنتَ ويوسف، و
تعمقت بعينيه لتسأله في محاولة منها لإنتشاله من تلك الحالة:
-مقولتليش،تحب أول بيبي لينا يبقى ولد ولا بنت؟
إهتز قلبهُ وإجتاحته نشوة من نوعٍ خاص،علا صوت تنفسه وبدأ صدره يعلو ويهبط وعيناهُ تتعمقُ بساحرتيها بحيرة ممزوجة بسعادة هائلة لينطق بصوتٍ متأثرًا يغلب عليه السعادة:
-عارفة، لأول مرة أحمد ربنا على إنها نزلت البيبي
قبل شفتاها برقة ثم تابع وهو يتعمق بعينيها وينطق بولعٍ:
-شعور إن أول مرة أجرب إحساس الأبوة من الست اللي بحبها أكيد هيكون مختلف وليه فرحته،معاكِ بجرب كل حاجة وكأنها المرة الأولى ليا
مطت شفتيها بإنوثة لتسألهُ بمشاكسة:
-بردوا مجاوبتش على سؤالي
ابتسم بسعادة وكأنه نفض جميع همومه خلف ظهره ليجيبها بنبرة حماسية:
-أنا في حبك ومعاكِ أكبر طماع،عاوزك معايا وجوة حضني طول الوقت،وعاوز أخلف منك ولاد كتير قوي صبيان وبنات، وكلهم يبقوا شبه روحك الحلوة، نفسي أفرح أمي وأبويا وأعوضهم عن اللي شافوه معايا،نفسي أمسح كل دمعة نزلت من عيونهم عليا وامحي أي إحساس بالحزن صابهم علشاني
أمسكت كف يده وقامت بوضع قبلة عليه لتقول بعيني واعدة:
-يا حبيبي يا فؤاد،إن شاء الله كل اللي جاي جايب لنا معاه فرح وخير
-إن شاءلله يا حبيبي،إن شاءلله…قالها ثم نهض وتحرك نحو المقعد ليلتقط بنطاله ويرتديه ثم سحب منامتها التي كانت ترتديها بالأمس وعاد إليها من جديد ليناولها إياها قائلاً بإقتضاب:
-إلبسي بيچامتك يا حبيبي
تطلعت على ما بيده باستغراب قبل أن تنطق معترضة:
-وأنا إيه بس اللي هيلبسني البيجامة يا فؤاد وأنا داخلة أخد شاور؟!
واسترسلت وهي تُشير إلى عليقة الملابس:
-إديني الروب كفاية
أشار بكفه بإقتضاب:
-إسمعي الكلام وإلبسي البيچامة يلا
مطت شفتيها باستغراب ثم تناولتها منه وبدأت بارتدائها،أما هو فأمسك هاتفه الخاص وتحرك خارجًا بالشرفة واتصل على المطبخ لتجيبه سعاد فسألها مستفسرًا:
-دكتور ماجد راح الجامعة ولا موجود في البيت يا سعاد؟
أجابته المرأة بتوقير:
-الدكتور راح الجامعة في ميعاده يا باشا، بس الدكتورة موجودة
أومأ لها ثم تابع برزانة:
-تمام،جهزي لي أنا والمدام فطار كويس وكاسين عصير جريب فروت، وخلي عزة تطلعهم على الجناح بتاعي بعد ساعة بالظبط
أغلق معها وولج للداخل ليجدها قد انتهت،تحرك إليها ليقف مقابلًا لها ثم رفع كفها مقربًا إياه من فمه ليطبع بباطنه قُبلة بث من خلالها إحترامه وحبه الشديد،سحبها وجلس على طرف الفراش واستدار ليحسها على الجلوس خلفه ثم رفع ذراعيها يحسها على لفهما حول عنقه وبحركة مباغتة مسك ساقيها ليلفهما حول خصره وهب واقفًا منتصب الظهر ليتحرك صوب الباب مما جعلها تصيحُ بهلعٍ:
-إنتَ واخدني ورايح فين يا مجنون؟!
-رايحين على جناحنا يا عروسة…قالها ليسترسل بوقاحة:
-الحمام هنا ضيق ومش هناخد راحتنا فيه إحنا الإتنين،البانيو هناك أوسع
هتفت وهي تحاول إيقافه:
-طب إستنى يا فؤاد أجيب حاجة ألبسها بعد الشاور
-كل حاجة معمول حسابها يا قلب فؤاد…قالها وأمسك بكفه مقبض الباب واداره ليخرج وهو يحملها فوق ظهره وهي تقهقه لتقول بمرحٍ وسعادة:
-يا مجنون
قهقه عاليًا لتبتلع هي باقي كلماتها عندما فوجئت بفريال وسميحة يقبلان عليهما من خلال الممر المؤدي إلى الدرج، اتسعت عيني فريال وهي ترى شقيقها العاقل بتلك الصورة العجيبة،كان عاري الصدر ولا يرتدي سوى بنطالاً فقط،بدا كمراهقًا يحمل صديقته فوق ظهره ويمرح بها دون الإلتفاف لإنتقادات الاخرين،
تأججت نيران سميحة المستعرة وهي ترى أمامها أكثر مشهد أدمى قلبها،حتى بليلة زفافه على المدعوة نجلا لم تحزن كما الأن، فزواجه من زوجته الأولى كان تقليديًا إلى حدٍ ما، فهو رأها بإحدى الحفلات وأعجب بجمالها وأناقتها، بعدها تحرى عنها ووجدها مناسبة له إجتماعيًا وثقافيًا فقرر الزواج منها،طيلة سنوات زواجه بها لم تره بهذا الشغف ولم يفعل ما يفعله الآن مع تلك الدخيلة التي ظهرت من العدم،حتى برحلات المصايف العائلية التي كانت تجمعهم لم يحدث وترك العنان لحاله كما هو الآن،
إبتسم لكلتيهما وتحدث بإبتسامة واسعة لم يستطع كبحها:
-صباح الخير
-صباح النور…نطقتها كلاً منهما بتيهة وبلاهة لتستغل الأخرى الموقف أسوء إستغلال لتميل وهي تهمس بجانب أذنه قائلة بدلال:
-يا فضيحتك اللي هتلف القصر كله يا فؤاد يا علام
لم يدري بحاله إلا وهو يطلق ضحكاته العالية التي توحي لمدى وصوله العالي من السعادة ليهمس بجانب أذنها:
-جوزك جامد ووشه مكشوف
تسمرتا الفتاتان وظلا ينظران ببلاهة،وصل فؤاد إلى باب حجرته وأدار المقبض ليفتح الباب واستدار يغلقه لتوجه لهما كلماتها وهي تداعب بأناملها شعر حبيبها الحريري:
-سوري يا جماعة
قالتها ليغلق فؤاد الباب ويوصده جيدًا،إتسعت عيني فريال ذهولاً من أفعال تلك الـ إيثار التي تبدلت وكأنها فتاة آخرى،ابتلعت لعابها خشيةً من أن تقص لشقيقها الحديث الذى دار بينهما سابقًا ويكون هذا الفيصل بعلاقتهما لتسحبها من شرودها تلك التي جذبتها لتهتف بنبرة حادة:
-هو ده اللي جوازهم صوري يا فيري؟!
زاغت عينيها لتسترسل بذهول:
-إنتِ شوفتي اللي أنا شفته،هو اللي أنا شوفته من شوية ده فؤاد بجد؟!
هزت رأسها يمينًا ويسارًا لتنفض عنها ذهولها وهي تقول:
– أنا أخر حاجة كنت أتخيلها هو إني أشوف أخويا بالمنظر ده،أنا حقيقي مش مصدقة اللي شافته عنيا
هتفت سميحة بتمعن وحقدٍ عليها:
-البنت دي شكلها مش سهل يا فيري
بالداخل،تحدثت وهي تدفن وجهها داخل تجويف عنقه:
-كده يا بيبي كسفتني
-وتنكسفي ليه، هو إحنا بنعمل حاجة غلط…قالها ليلج بها داخل الحمام ويختفيا داخله بعد أن قرر أن يسرقا من الدنيا لحظاتهم السعيدة ويختطفا حظيهما السعيد بنفسيهما، بعد قليل خرج كل منهما يرتدي الثوب الخاص بالحمام، كانا متشابهين حيث إبتاعهما طاقمًا واحدًا، هو باللون الابيض وهي اللون الروز،وقفت بمنتصف الغرفة لتسأله وهي تربع ساعديها بتذمرٍ مصطنع:
-إتفضل بقى روح هات لي لبس من الاوضة
إقترب عليها ليحتضنها من الخلف وتحرك يقودها أمامهُ ليدخل بها إلى باب حجرة الملابس الخاصة به وسرعان ما فتح الضوء لتنبهر وتتسع عينيها وهي ترى غرفة كبيرة مرتبة بأناقة وما جعلها تذهل هو وجود ملابس حريمي بكثرة، وأكثر ما لفت إنتباهها هو طغيان اللون النبيذي،دارت بعيناها لترى الكثير من الاحذية الحريمي التي تملؤ الارفف وكل حذاءٍ تجاورهُ حقيبة اليد المناسبة له من حيث اللون والموديل، إستدارت تتطلع عليه لتشير بكفها نحو حالها بعينين سعيدتين:
-الحاجات دي علشاني؟!
اومأ برأسه لتسأله باستغراب:
-إمتى جبتهم؟
أدار وجهها ليقابلها ثم أجابها وهو يتحسس وجنتها بعيناي تفيض حنانًا:
-تاني يوم ما جينا هنا بدأت أجهز، أخدت مقاس هدومك من أوضتك من غير ما تاخدي بالك، وأدتهم لمصمم شاطر وهو جهزهم لي
ابتسمت لتداعب شفته بأناملها برقة:
-ده أنتَ كنت واثق إننا هنكمل مع بعض
ابتسم ليجيبها بعيناي حنون:
-من يوم ما حبيتك وإنتِ بقيتي ملكية خاصة لفؤاد علام، الموضوع كان مسألة وقت مش أكثر
واستطرد غامزًا بعينيه:
-فيه ضلفة سليمة خاصة باللانجري، ومعظمهم نبيتي وأزرق
ضحكت لتسأله مستفسرة:
-نفسي أفهم إيه سبب عشقك للنبيتي
تنهد قبل أن يجيبها بنبرة صادقة:
-هتصدقيني لو قولت لك إن عمري ما كان ليا في الألوان ولا بركز اصلاً معاهم
واسترسل متذكرًا ذاك اليوم الفارق بحياته:
– بس من ساعة ما شوفتك بالبدلة النبيتي يوم إجتماع الفندق وأنا حبيته،سحرتني طلتك فيه واتمنيت أشوفك دايما بيه
أخرجت تنهيدة حارة لتنطق بنبرة متألمة:
-تعرف إني قطعت البدلة دي هي وكل الالوان النبيتي اللي عندي
قطب جبيبنه مستغربًا لتجيب تساؤل عينيه:
-يوم ما طلبت تقابلني في مطعم الاوتيل وقولت لي إنك عاوزني في موضوع مصيري،توقعت إنك هتعرض عليا الجواز،يومها نزلت من البيت ودخلت أفخم محل لفساتين السوارية الهادية، وإشتريت الفستان بمبلغ كبير جداً عليا، كنت فرحانة جداً وانا بجهز نفسي لأهم عرض هسمعه في حياتي
شعر بغصة مرة وهو يستمع لكلماتها المريرة لتتابع وهي تشيح عينيها بعيدًا عنه:
-يومها روحت البيت وقلعت الفستان وقطعته بالمقص لميت حتة، وجبت البدلة وكل حاجة لونها نبيتي وقطعتهم وبعدها إنهارت من العياط جنبهم
-أنا آسف… قالها بعيناي تقطر ندمًا لتأخذ نفسًا مطولاً قبل ان تبتسم وكأنها تطرد كل مشاعر السلبية والحزن:
-مفيش آسف ولا دموع تاني خلاص، إحنا ننسي كل اللي فات ونفكر بس في كل السعادة اللي مستنيانا
ابتسم بإيجاب، سحبها ليجلسها وخلع عنها منشفة الرأس ليبدأ بتصفيف شعرها بمنتهى الرقة تحت سعادتها الهائلة،إنتهى من تصفيف شعرها ليساعدها على اختيار ثوبًا للنوم رقيق من اللون النبيذي ومعه روبًا بنفس اللون،وساعدها ايضًا في إرتدائه ولفت حزام الروب حول خصرها فبدت ساحرة،بعد قليل صعدت العاملة تحمل صينية كبيرة بها الكثير من أصناف الاطعمة المختلفة للفطار واللذيذة، أجلسها فوق ساقيه وظل يطعمها بيده وبفمه بمداعبة حتى انتهيا تحت سعادتهما التي تخطت عنان السماء،إتصل بعزة لتصعد لهما بالصغير، دق الباب فتحرك ليفتحه، وجد عزة تحمل الصغير الذي هتف باسم والدته، هرولت هي عليه لتحمله بين أحضانها،هتفت عزة بعدما رأت جمالها الذي تضاعف بفضل قربها من الحبيب وطغي على وجهها ليجعل منها جميلة وجذابة حد الفتنة:
-بسم الله الله اكبر، صباحية مباركة يا عرسان
ابتسمت لها بخجل ليرد عليها فؤاد الذي أغلق الباب جيدًا:
-الله يبارك فيكِ يا عزة
عقبال البكاري يا باشا…نطقتها بغمزة من عينيها ليجيبها بجبينٍ مقطب:
-بصي يا عزة أنا ليا سنين بسمع الكلمة دي في الافلام والمسلسلات، بس عمري ما فكرت في معناها
-يعني عقبال ما نفرح بخلفتكم يا سيادة المستشار،فهمت ولا لسة محتاج شرح…نطقتها بحدة ليسألها ساخرًا:
-عزة، أنا عاوز اسألك سؤال مهم بالنسبة لي، من يوم ما اتقابلنا عند النيابة، اليوم ده إتعاملتي معايا بمنتهى القرف وأنا فوتها وقولت يمكن يكون بسبب توترها من اللي حاصل ل إيثار، بس الموضوع طول يا ماما، إنتِ بتتعاملي معايا ولا اللي ماسكة عليا ذلة؟
أهو أنا طبعي كده من ساعة ما ربنا خلقني،مبحبش الحال المايل ولا اللي يسأل سؤال عوج…قالتها وهي ترفع كفاها للأعلى،هز رأسهُ ليبتسم وهو يقول لها:
-عزة
تحرك إلى الباب وقام بفتحه ليشير لها للخارج:
-إنزلي تحت ومش عاوز أشوفك قدامي باقي اليوم
رمقته وهي تنطق باستياء:
-الحق عليا،قال وانا الي عماله اجهز لسعادتك تحت إيشي حمام محشي بالفريك وإيشي كوارع وإشي بط وفطير، وفي الاخر لا حمد ولا جميلة
سألها متعجبًا:
-بتجهزيهالي أنا؟! ليه إن شاءلله
هتفت بنبرة حماسية وهي تشيح بكفيها بطريقة كوميدية جعلته يبتسم رغمًا عنه:
-مش عريس والنهاردة صباحيتك ولازم تتغذى يا باشا
قهقهت إيثار التي تتابع الحوار بتسلي لينطق باستسلام بعدما فاض به:
-إنزلي يا عزة قبل ما أفقد أعصابي اللي ماسكها عنك من أول يوم شفتك فيه
أشاحت بكفها لتنطق بوجهٍ عابس:
-اديني نازلة
خرجت وصفقت خلفها الباب لينظر هو لتلك الضاحكة ليسألها بجنون:
-إنتِ استحملتيها كل السنين دي إزاي
-دي حبيبتي… قالتها بوجهٍ منير ليقترب عليها مترقبًا الصغير الذي بات يتحسس وجنة والدته وهو يقول بانبهار طفولي:
-شكلك حلو قوي يا مامي
باتت تقبلهُ بنهمٍ لتهتف بنبرة حماسية:
-يا عيون وقلب ورح مامي، وحشتني يا چو
-وإنتِ كمان وحشتيني
قالها ببراءة واسترسل يطلعها على تقرير يومه:
-أنا كنت بعيط بس عزة أخدتني أنا وساندي ولعبنا في أوضة بحر الكور وانبسطنا كتير، وكمان جدو علام قعد يحكي لنا حكايات حلوة قوي، وانا انبسطت معاه
واسترسل بمشاعر صادقة:
-أنا بحب جدو علام قوي يا مامي
إقترب عليه ليدغدغه ببطنه وهو يقول بمداعبة:
-طب وانا يا چو، خلاص مبقتش تحب شرشبيل، نسيته خلاص؟!
قهقه الصغير بسعادة ليجتمع ثلاثتهم ويجلسون فوق التخت جلس هو مستندًا على ظهر التخت واحتضن ظهرها لصدره والصبي بأحضان والدته وجلسوا يتحدثون ويضحكون كعائلة
**********
بعد مرور ساعتين،صعدت عزة لجلب الصغير كي تفسح لهما المجال بالتقرب من بعضيهما،قضيا وقتًا مثيرًا بث فيه كلًا منهما عشقه للأخر وبعدها إغتسلا وقاموا بتأدية صلاة العصر معًا ثم أختار لها ثوبًا أيضاً باللون النبيذي وساعدها في إرتدائه، كان يدللها بشكلٍ مبالغ به، يريد تعويضها وتعويض حاله عن كل مرا به كليهما من صعاب وكوارث،إرتدت حجابها وجاورته النزول،وجدا الجميع يجلسون بالبهو وكأنهم ينتظرون نزوليهما،انتفض داخلها حين استمعت لصوت الزغاريد التي تطوعت عزة بإطلاقها تحت خجلها الذي شملها وسعادة ذاك المجاور لها الذي ضم خصرها إليه وكأنهُ يريد إخبار الجميع بشرعية ملكيته لها،لا يدري لما دائمًا يشعر بالتفاخر وهي بجواره، يراها بعينيه ملكة تستحق التتويج، هي عن غيرها من سحرته،نظرت لعيناه لتتوه بليليهما لكنها سرعان ما فاقت على صوت سميحة المستنكر بشدة وهي ترمق عزة باشمئزاز:
-يااااي، بلدي قوي
رمقتها إيثار بقوة هي من الاساس لا تطيق تواجدها بفضل أفعالها بالامس،نظرت سعاد إلى عزة قبل أن تقول بجدية:
-الحاجات دي متنفعش هنا يا عزة
قاطعها صوت عصمت التي وقفت تستقبل نجلها وعروسه بسعادة:
-حاجات إيه اللي متنفعش يا سعاد
واسترسلت بحماس:
-زغردي يا عزة وإملي المكان كله زغاريد
إقتربت على تلك الجميلة لتحتضنها بانبهار لجمالها الخلاب والذي يظهر كل يومًا أكثر:
-الف مبروك يا إيثار، ألف مبروك يا حبيبتي
تمنت لو الارض انشقت لتبلعها وهي ترى اعين الجميع مصوبة تجاهها، تمنت أيضًا لو باستطاعتها أن تُمسك بعزة لتنتقم منها على طريقتها الخاصة لوضعها بهذا الوضع المخزي
شعرت عصمت بخجلها وتوترها لتهمس بابتسامة:
-إنتِ مكسوفة ليه كده، الموضوع طبيعي ومفهوش اي كسوف
اجابتها بارتباك:
-متشكرة على ذرع الثقة يا دكتورة، بس الحقيقة أنا في وضع لا أحسد عليه، وكله بسبب عزة ربنا يسامحها
ضحكت لتقول بنبرة صادقة:
-طب والله ست زي العسل، أنا حبيتها جداً عزة على فكرة
كانت نظرات سميحة الموجهة إلى إيثار حادة، فقد إعتبرتها غريمتها التي سرقت منها حبيب عمرها والرجل الوحيد الذي تمنته، أما فريال فكانت في حيرة من أمرها، فهي ولأول مرة بالحياة ترى شقيقها سعيدًا لهذه الدرجة،فقد اقتحمت السعادة قلبه بشدة لتغزو جميع جسده وتظهر على ملامحه،فبدا كشابٍ في منتصف العشرينات وهذا ما جعل قربها يتراقص
نظرت عصمت لنجلها وسعادة الدنيا تكونت بنظراتها الحنونة له لتحتضنه بحفاوة وهي تقول:
-أخيرًا ريحت قلبي يا فؤاد
قبل يدها ومقدمة رأسها لينطق بنظراتٍ آسفة:
-سلامة قلبك يا حبيبتي، وحقك عليا
-يا قلبي أنا أهم حاجة عندي تبقى مبسوط…قالتها بنبرة تقطر حنانًا،ليجيبها بجرأة جديدة عليه:
-كلمة مبسوط دي فقيرة قوي جنب اللي أنا حاسة مع إيثار يا ماما
تحدثت بعيناي تنطق سعادة لأجل ولدها الغالي:
-يا حبيبي، ربنا يخليكم لبعض
تحرك فؤاد إلى علام ثم بادر باحتضانه ليهمس كي لا يستمع عليهما أحد:
-مع إنك إتأخرت وخيبت لي أملي فيك، بس على كلٍ مبروك،وعلى رأي المثل،أن تصِل متأخرًا خيرٌ من أن لا تصل أبدًا
رفع فؤاد حاجبه مستنكرًا ليرد بمشاكسة:
-ربنا ما يحرمني من تشجيعك ليا يا سيادة المستشار،دايمًا رافع من معنوياتي
-أغشك يعني؟…قالها بنظرة مستنكرة ليطلق فؤاد ضحكة عالية
أشار بكفه إلى إيثار لتقترب فوضع كفه فوق رأسها ليقول بنبرة أبوية حنون:
-مبروك يا بنتي
أجابتهُ بنبرة خجلة:
-الله يبارك في حضرتك يا سيادة المستشار
تنفس لينطق بكلماتٍ صادقة ظهرت بين نبراته وداخل نظراته الحنون:
-من النهاردة هتقولي لي يا بابا
انتفض قلبها تحت سعادة فؤاد وعصمت في لحظة مؤثرة ليتابع وهو يشير بكفه نحو فؤاد:
-والولد ده لو زعلك تعالي لي وأنا أملص لك ودانه
نظرت إلى فؤاد وبكل جرأة لا تدري من أين أتتها تحدثت بعيناي تفيض غرامًا:
-ده حبيبي وهدية ربنا ليا، ربنا يخليهولي
لم يشعر بحالهُ إلا وهو يسرع إليها ويسحبها ليسكنها أحضانهُ محاوطًا جسدها بذراعيه مشددًا عليها وكأنه يريد إدخالها بين ضلوعه،مال على رأسها ليقبلها بعشقٍ دون أن ينطق بكلمة، فكانت الأفعال كفيلة للتعبير عما شعر به من جراء كلماتها الصادقة
كان الجميع يتابع المشهد بتأثر كبير عدا تلك السميحة فقد غزت نار الغيرة قلبها وأشعلته، تحدث علام بنبرة حنون:
-ربنا يسعدكم يا بنتي ويجعلكم عوض لبعض عن أي حاجة وحشة مريتوا بيها في حياتكم
أمن الجميع على دعائه لينظر فؤاد لشقيقته التي تقف بعيدًا فاقترب عليها ليتحسس خدها ويسألها بنظراتٍ عاتبة:
-مش هتقولي لي مبروك، ولا مش فرحانة علشاني؟
تنفست بهدوء لترتمي بأحضانه بعدما شعرت بالراحة وهي تقول له:
-مبروك يا حبيبي، وربنا يسعدك
قالت كلماته لتتنفس براحة،نظرت إلى إيثار بتعجب،فقد توقعت أن تقص له ما قالته لها لتكسب جولة على حسابها، لكنها لم تفعل، هي متأكدة من حدة فؤاد وصرامته بتلك المواضيع، فلو علم إفترائها عليه لربما تكون تلك النهاية بينهما،فأكثر شيئان يبغضهما بحياته هما الكذب والإفتراء، وهي لم تقصر معه فقد كذبت ولفقت له حديثًا مفبرك،إحتارت حقًا في أمرها وقررت متابعتها عن كثب ومراقبة أفعالها لربما تكون تلك خطتها لخديعتهم
إقترب ماجد لينطق بهدوء:
-مبروك يا مدام إيثار
-الله يبارك فيك يا دكتور… هكذا أجابته بجدية،جلس فؤاد وأجلسها بجواره فوق الأريكة وبدأوا بالحديث،تحدث فؤاد للجميع بتذكر:
-بالمناسبة يا باشا، أيمن الاباصيري إتصل بيا إمبارح بالليل وبيطلب من جنابك تحدد له ميعاد علشان يجيب عيلته وييجوا يزورا إيثار
تحدث بإبتسامة هادئة وهو ينظر لتلك التي استقبلت الخبر بكثيرًا من السعادة وكأنها عائلتها الأصيلة:
-الباشمهندس ينور طبعاً،خليه يشرفنا بكره بالليل،ده كفاية إنه من طرف إيثار
شملته بعيناي تفيض من الشكر والعرفان وهي تقول:
-متشكرة يا سيادة المستشار
زمجر بافتعال وهو ينطق معترضًا:
-إحنا قولنا إيه؟!
-متشكرة يا بابا… قالتها بسعادة ليحتضن كفها ذاك الفارس المجاور لها والذي يحمل يوسف فوق ساقيه من يراهم يعتقد انهم عائلة واحدة وسعيدة
لتنطق عصمت بنبرة حماسية:
-خلينا نحدد ميعاد لحفلة كبيرة يا باشا، نعلن فيها عن جواز فؤاد من إيثار وكمان بمناسبة ترقيته
إلى هنا لم تستطع سميحة الجلوس وهبت لتصعد للأعلى وتركت الجميع يتفقون على موعد الحفل
صدح هاتف فؤاد الموضوع فوق المنضدة ليمسكه ينظر بشاشته ثم ضيق عينيه ليوجه حديثه لها باستغراب:
-ده رقم نصر البنهاوي؟!
-وده عاوز منك إيه…قالتها بتعجب لتسترسل:
-وجاب رقمك منين أصلاً؟!
أجابها بهدوء:
-خلينا نرد ونشوف
وقف وبسط لها كف يده بطريقة أظهرت كم عشقه وإهتمامه بها لتبتسم له وهي تضع كفها بخاصته ليطبق عليه ويحتويه،سارت بجواره متجهين خارج الحديقة إلى أن وصلا لنقطة لن يستطيع أحدًا الإستماع إليهم وضغط زر إستقبال المكالمة حيث صدح الهاتف للمرة الثانية،ضغط أيضًا على زِر مكبر الصوت ليستمع لصدوح صوت نصر حيث نطق بحماس:
-إزيك معاليك يا سيادة المستشار
واستطرد بتفاخر:
-مع جنابك سيادة النائب نصر البنهاوي عضو مجلس الشعب
أجابهُ بصوتٍ رخيم:
-أهلاً وسهلاً يا سيادة النائب، إسمك ظاهر لي في الـ Truecaller
تنفس نصر الجالس ببهو منزله يجتمع حوله إجلال، عمرو،طلعت وحسين يترقبون لحديثه،تابع حديثه قائلاً:
-أهلاً بيك يا باشا،متأخذنيش إني بكلمك على غير ميعاد، أنا خدت رقم تليفونك من واحد حبيبي علشان عاوز جنابك في موضع مهم
واستطرد منافقًا:
-قبل ما ياخدنا الكلام حابب أهنيك على الترقية،وصلتني معلومات إن جنابك إترقيت وخدت منصب كبير
اشتعل داخل عمرو المجبر على الجلوس والإستماع لمكالمة والده لذاك الحقير سارق أحلامه،حيث اقتحم حلمه باللحظة الأخيرة ولم يكتفي بخطف زوجته بل اكمل على ما تبقى وسرق صغيره الرقيق،رد فؤاد بهدوء ورزانة يتميز بهما:
-الله يبارك فيك يا سيادة النائب، ياريت تدخل في الموضوع على طول لأن وقتي محسوب
اشتعل داخل نصر من غطرسة ذاك المتعالي لينطق بتفهم مفتعل نظرًا لمنصبه الجديد ومكانة والده أيضًا:
-مفهوم يا سعادة الباشا،كان الله في العون، أنا بكلم جنابك علشان ألاقي طريقة أبعت بيها مصاريف يوسف الشهرية
قطبت إيثار جبينها ليسأله فؤاد وهو ينظر لحبيبته:
-على حد علمي إن مصاريف يوسف بتتبعت له عن طريق المحكمة يا سيادة النائب
أجابه بنبرة خبيثة أراد بها بث السم وزعزعة العلاقة بين فؤاد وإيثار:
– إنتَ قصدك المبلغ اللي المحكمة حاكمة بيه يا باشا،تفتكر بردو أن حفيد نصر البنهاوي هيصرف سبعمية جنية في الشهر
واسترسل بكبرياءٍ وغرور:
– ده أنا بديهم للبت الخدامة اللي عندي تجيب بيهم فاكهة لعيالها وهي مروحة
تنفس لينطق بزهوٍ زائف:
-أنا ببعت لـ إيثار كل شهر تلاتين ألف جنية جنابك،يدوب يغطوا مصاريف حفيدي الغالي
جحظت عينيها فور إستماعها لكلماته الكاذبة وكادت أن تصيح وتكذبه لولا أصبع فؤاد الذي سبقها ووُضع فوق شفتها بنعومة ليطمأنها بعينيه مطالبًا بـ صمتها، هزت رأسها تنفي جميع إفتراءته ليرمش بعينيه دليلاً على تصديقه لها،فهي قد قصت له كل ما يخص هذا الموضوع هو والمحامي الذي احضره لها بالقصر ليتابع القضية،تابع نصر إختلاقه قائلاً:
-ده غير مصاريف المدرسة أنا اللي بدفعها كلها، كل ده ببعتهولها مع عزيز أخوها وتقدر جنابك تسأله
إكفهرت ملامحها وبدأت بهز رأسها مستنكرة حديث ذاك الكاذب المضلل والذي يريد به تشكيك فؤاد بها لينطق فؤاد بنبرة قوية واثقة:
-إسمعني كويس يا سيادة النائب،الكلام اللي حضرتك بتقوله ده ملوش أي أساس من الصحة بالنسبة لي أنا كرجل قانون اللي بيوصل إيثار هو المبلغ المدون في دفاتر المحكمة واللي بتستلمه هي كل شهر بشكل رسمي وقانوني،تاني حاجة لو سيادتك فعلاً عندك النية إنك تصرف على حفيدك بما يرضي الله ويتناسب مع دخلك ومكانتك الإجتماعية إتفضل إعمل ده بشكل قانوني والمبلغ يوصل ليوسف عن طريق المحكمة
هتف نصر متسائلاً بحدة:
-يعني إيه كلامك ده يا باشا، إنتَ بتكدبني ولا إيه؟!
على عجالة رد فؤاد بطريقة دبلوماسية تستتر بين طياتها تكذيبه لجميع إفترائاته:
-ياريت متدخلنيش في النقطة دي يا نصر بيه،أظن أنا حسمت لك الموضوع من شوية وقولت لك إني رجُل قانون وبمشي بالورق والمستندات القانونية، عندك مستند قانوني يثبت كلامك أهلاً وسهلاً، معندكش إسمح لي هتعامل مع كلامك كأنه هراء وملوش أي وجود من الصحة بالنسبة لي
إستشاط داخله من عجرفة ذاك القوي ليتراجع سريعًا كي لا يكسب عداوة فؤاد ليتابع بمكرٍ وخُبث لزعزعة ثقته بتلك الإيثار:
-أنا فاهم مقصد جنابك وعاذرك، إنتَ بردوا لسة متعرفش مين هو الحاج نصر البنهاوي، أنا الحمدلله بتقي ربنا في كل شئ وبخافه
إبتسامة ساخرة اعتلت وجه فؤاد مع هزت رأس استنكارية وهو ينظر لحبيبته العابسة ليمرر أنامله يداعب بها وجنتها الرقيقة كي يطمأنها ويحسها على الإبتسامة ليتابع ذاك المضلل قائلاً بزرع بذور الشك:
-انا بس قولت اشرح لك الوضع لتكون إيثار نسيت تقول لك، وتفتكر سعادتك إن سيادة النائب نصر البنهاوي بيدفع لحفيدة مبلغ تافة زي ده
ليستكمل:
-الخلاصة يا باشا أنا هبعت المبلغ لـ إيثار مع السواق بتاعي على قصر جناب المستشار
على الفور خرجت كلماتٍ حاسمة من فم فؤاد لحسم الموضوع:
-ياريت ماتتعبش نفسك لأني مش هقبل حاجة زي دي، وزي ما قولت لك عاوز تبعت حاجة إتفضل خلي المحامي بتاعك يقدم طلب للمحكمة يطلب فيه تعديل وزيادة قيمة النفقة، غير كده مش هسمح بدخول مليم واحد لمراتي منك
هتف بنبرة صارمة لصوتٍ قوي:
-أظن كلامي واضح
-واضح يا باشا…قالها بتأكيد ليتابع بمكرٍ وشماتة ظهرا بنبرات صوته:
-بس يعني مش مستاهلة أخلي المحامي يعمل كل ده وأنا كده كده هاخد حضانة حفيدي في أقل من شهر بعون الله
انتفض جسدها وتجلى الهلعُ بنظراتها لمجرد الفكرة ليجذبها ويحاوطها بذراعه مقربًا إياها داخل أحضانه ليستند بذقنه على رأسها بخفة قبل ان يقول:
-الموضوع ده بقى بالذات نترك الحكم فيه للقانون يا رجُل القانون،وإنتَ عارف القضاء المصري عادل وصارم
أجابه على عجالة:
-أكيد يا باشا، وأنا علشان واثق في القانون حاسس إنه إن شاءالله هينصفنا ويرد لي حفيدي، واستطرد بدهاء بعدما بحث خلفه واستطاع معرفة بعض المعلومات عنه وعن أسرته:
-وانا شايف إن ده أنسب لسعادتك كمان، أهو على الأقل تفضي لمراتك وتخلف لك منها حتة عيل يشيل إسمك وتفرح بيه قلب الباشا الكبير
-سيادة النائب…قالها بحزمٍ وحدة لعدم تقبله لتدخل هذا الحقير في حياته الشخصية ليستطرد بنبرة أشد حزمًا وقوة:
-يا ريت تلزم حدودك وتلتزم بيها لما تتكلم معايا
واسترسل بنبرة صارمة وهو ينهي الحديث دون إنتظار الرد من الطرف الاخر:
-والوقت مضطر أقفل لأنك أخدت من وقتي كتير، مع السلامة
أغلق الخط بوجهه لتبتعد عن أحضانه وهي تهتف بنفيٍ برأسها وملامح وجه مذهولة:
-متصدقهوش يا فؤاد،نصر ده راجل كذاب
حاوط ذراعيها بكفاه لينطق مهدئًا إياها بنبرة تحمل حنان العالم أجمع:
-إهدي يا بابا
هزت رأسها لتقسم بنفيٍ لحديث ذاك الكاذب:
-والله العظيم الكلام اللي بلغك بيه ده ما حصل ولا عمره بعت لي فلوس مع حد
بنظرات عيناي حنون تحدث بكلماتٍ كي يبث السكينة بروحها:
-يا حبيبي أنا عارف وواثق ومتأكد من كلامك اللي قولتهولي قبل كده، هو قاصد يقول الكلام ده علشان يشككني فيكِ
وتابع بذات مغزى ودهاء:
-مش عارف إني كاشف كل ألاعيبه القذرة دي واللي أفظع منها كمان
سألته بعيناي تائهة:
-طب هنعمل إيه يا فؤاد، ده شكله بيخطط لحاجة ومش هيسكت
أخذ نفسًا مطولاً ثم أجابها بطمانينة:
-مش عاوزك تقلقي من أي حاجة طول ما أنا جنبك،أنا متابع الوضع كويس قوي، كل اللي مطلوب منك تنسي خالص الموضوع وتتصرفي على اساس إن يوسف خلاص بقى في حضانتك
إقترب عليها ليحتضن وجنتيها بين كفاه لينطق بعيناي تصرخ من الوله:
-عاوزين نفضى لنفسنا شوية، إنتِ ناسية إننا عرسان جداد ومحتاجين نتدلع ولا إيه؟
-أحلا دلع لعيونك يا باشا…نطقتها بإبتسامة ساحرة ليرد عليها بعيناي تلتهم ملامحها:
-والله ما حد باشا غيرك،عندنا خلخال محتاج يزلزل الجناح فوق
ضحكت بدلال أثار داخله ليتحمحم سريعًا حينما لاحظ إقتراب أحدهم عليهما فحول بصره ينظر بترقب لذاك السخيف الذي قطع وصالهما فوجدها سميحة،كانت تتطلع على تقاربهما بنظراتٍ حادة وما أن لمحتها تلك العاشقة حتى إلتصقت بزوجها لتلف ذراعها خلف خصره تأكيدًا منها على ملكيتها الخاصة له،رمقتها سميحة بحدة ردتها لها إيثار بتحدي،أخذت نفسًا مطولاً ثم تحدثت إلى فؤاد بإبتسامة إصطنعتها بإعجوبة:
-أنا ماشية يا فؤاد
أجابها من باب المجاملة:
-متخليكِ معانا النهاردة يا سميحة
إبتلع باقي جملته واطلق تأوهًا مكتوم على خلفية لكزة قوية قد سددتها له تلك العاشقة التي لكزته بكفها على ظهره،إقتربت عليه سميحة لتسأله:
-مالك يا فؤاد، إنتَ كويس؟
كادت أن تتمسك بكفه فابتعد للخلف سريعًا لينطق بمغزى:
-هبقى كويس إن شاء الله
نطقت بجدية بعدما لاحظت ابتعاده المتعمد:
-أوكِ، أنا مضطرة أمشي حالاً علشان بابي مستنيني على الغدا، بس متقلقش،هروح البيت أظبط شوية حاجات خاصة بشغلي وهرجع تاني
واسترسلت وهي تنظر إلى إيثار بتحدي:
-هقعد معاكم يومين بحالهم قبل الحفلة
-تنوري يا روحي…قالتها إيثار بصوتٍ رخيم مع إبتسامة صفراء بادلتها الأخرى بمثيلتها لتجيبها بعدم تقبل ظهر جليًا بنظراتها:
-ميرسي
-باي باي يا فؤاد…نطقتها بغنچ وهي تقترب عليه إستعدادًا لتقبيله وبلمح البصر كانت تلك العاشقة تقف حائل بينهما لتتراجع الاخرى سريعًا وباتت ترمقها بنظراتٍ نارية وذهول لتقطع حبل أفكارها تلك التي نطقت باستخفاف:
– Sorry يا روحي
وتابعت بتملك ظهر بعينيها الحادتين وهي تقف أمام رجلها بشراسة:
-من النهاردة مش هينفع تقربي من فؤاد بالشكل ده تاني
أشارت بكفها باستخفاف وهي ترمقها بتقليل:
-إنتِ بتقولي إيه، إنتِ عارفة فؤاد ده بالنسبة لي إيه؟!
اجابتها بازدراء ونظراتٍ نارية:
-إبن عمك،يعني لا أبوكِ ولا أخوكِ ولا جوزك علشان تحضنيه وتبوسية بالطريقة السخيفة والغير مقبولة دي
أنا مالي بأفكارك المتخلفة دي…قالتها باستهجان وهي ترمقها باستخفاف لتتابع برفضٍ تام لتصرفها:
-ثم إنتِ مالك أصلاً أحضنه ولا ما أحضنهوش
كان يتطلع على حبيبته وهي تدافع عن حقها به بمنتهى الشراسة بقلبٍ يرفرف من شدة سعادته،ما أسعدهُ من رجُل،لقد كانت اقصى أمانية منذ القريب أن تسمح له تلك العنيدة الدخول لجنتها، أما الأن فهي تقف بوجه إمرأة أخرى لتدافع عنه بقوة حيثت نطقت بمنتهى الوحشية كنمرة:
– ده مالي وحلاالي،ده جوزي، يعني ملكية خاصة وممنوع الإقتراب زي ما بيقولوا، ومن النهاردة مشوفكيش تقربي منه بالشكل السخيف اللي عملتيه إمبارح لأني مش هسمح لك
صاحت بحدة وهي تستنجد به:
-فؤاد، إنتَ ساكت لها ليه
تنفس بعمقٍ وجذب تلك الواقفة أمامه لتنضم جانبه ليحيط خصرها ويلصقها بقوة أثارت كليهما ثم نظر للجاحظة عينيها والتي اوشكت على إصابتها بذبحة صدرية ليقول بتفاخر وراحة ظهرت فوق ملامحهِ:
-الكلام في الجزئية دي بالذات لـ مراتي وأنا عليا الطاعة
شعرت وكأنها فراشة تتراقصُ على أنغام كلماته التي تجزم على انها لم تستمع نغماتٍ أرق منها طيلة أعوامها،أما سميحة فتطلعت إلى رجل حياتها التي لم تتمنى سواه بحياتها لتسألهُ بذهول:
-نعم؟!،فؤاد يا علام، إنتَ شارب حاجة،ما أنتَ أكيد مش في وعيك؟!
تعمق بعيناي خاطفة أنفاسه لينطق بصوتٍ يأن عشقًا:
-شارب النعيم كله على إيد حبيبي
يعني إنتَ موافق على الافكار المتخلفة اللي بتقولها دي؟!
كاد أن يرد فقاطعته إيثار لتقول بنبرة جادة:
-على فكرة يا دكتورة،إنتِ محتاجة تقرأي وتتعمقي أكتر في أحكام دينك،الحضن وبوسة الخد اللي إنتِ مستهونة بيهم دول وإنتَ بتديهم لراجل أجنبي عنك، عقابهم عظيم عند ربنا
خجل من كلماتها الجادة،فكان من الأولى إتباعه هو لأحكام الشرع الذي تمعن بدراسته،لكنه للاسف إنساق وراء الأفكار التحررية للطبقة التي خلق منها،أما هي فرمقتها بنظراتٍ تقليلية لتهز رأسها وتوجه حديثها إلى فؤاد متلاشية وجودها وكأنها لم تستمع لشيئًا من الأساس:
-هشوفك قريب يا فؤاد،bye-bye.
-بجحة…قالتها إيثار وهي تنظر لذهابها باشتعال لتنطلق ضحكات ذاك الوسيم الذي أرجع رأسه للخلف وبدأ بإطلاق القهقهات المتتالية لتبتعد عنه وتربع ساعديها فوق صدرها لتنطق بحنقٍ:
-ممكن أعرف بتضحك على إيه؟!
بصعوبة توقف عن إطلاق ضحكاته ليتطلع عليها وبعيناي تتأكلها قال:
-على حبيبي الشرس اللي بيدافع عن جوزه بكل قوته
إبتسمت بخجلٍ ليستكمل ضحكاته مسترسلاً بدعابة:
-البنت خلاص،مش هتدخل البيت ده تاني
-يكون أحسن بردوا…قالتها بملامح وجه غاضبة، إقترب منها ليقول بوقاحة:
-بقول لك إيه،ما تطلعي تجهزي وتستعدي للخلخال، اللانجري النبيتي هيليق عليه جداً
إبتسمت خجلاً ليسحبها من كفها وتحركا عائدين للداخل من جديد.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أنا لها شمس)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *