روايات

رواية على القلب سلطان الفصل الأول 1 بقلم آية العربي

رواية على القلب سلطان الفصل الأول 1 بقلم آية العربي

رواية على القلب سلطان البارت الأول

رواية على القلب سلطان الجزء الأول

على القلب سلطان
على القلب سلطان

رواية على القلب سلطان الحلقة الأولى

على ضفة نهر النيل وتحديداً على كورنيشه … ذلك المكان الذى يجمع القلوب ببعضها فى نزهة شيقة .
منها العاشق ومنها المبتلي ومنها المعتاد ولكل قلبٍ حكايته ..
يجلس سلطان بجانب خطيبته لمياء يأكلان من اكواب حمص الشام الذى ابتاعه لها من احدى العربات التى تصطف على الكورنيش .
اردفت بضجر لمياء وهى تأكل بشراهة _ ايوة يعنى اخرة ده ايه يا سلطان … بقالنا سنتين مخطوبين يا اخويا ومشوفتش منك لا ابيض ولا اسود … هنقضيها خطوبة كدة ! … الله يسامحك كان جايلي ابن بنت خالة امي راجع من الخليج على قلبه اد كدة بس انا اللى بحبك وصممت عليك وهم دلوقتى بيذلوا فيا وبيقطمونى … شفلك حل يا سلطان انا مبقتش متحملة .
ترك سلطان الكوب الذى بيده واردف بضيق _ استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم يارب … كل مرة نخرج يا لمياء لازم تحرقي دمى بالكلمتين دول … مانا قلتلك تعالى نسكن مع امى فى البيت وهوضبلك المكان … مانتى شايفة كل حاجة اهو ، شغل الحراسة ده مش جايب همه .. اعمل ايه يعنى يا بنت الناس اقطع نفسي ؟
اردفت محاولة اقناعه والتحدث ببعض اللين _ طيب و اهل ابوك يا سلطان … هتسيبلهم ورثك كدة ! … دانت ابنه الوحيد …. وهما صعايدة وعندهم الواد يقش … جرب كدة وشوف يمكن ترجع المية لمجاريها .
نظر لها بعيون قاتمة وبرزت عروق فكه من شده الغضب عند ذكرها لتلك السيرة مردفاً بفحيح _ لو اتكلمتى فى الموضوع ده تانى اعتبري اللى بينا منهى … انتى فاهمة .
كاد ان يقف ليغادر فأمسكت بكف يده مردفة بندم تلملم شتات تسرعها قبل ان يحدث مالا تحمد عقباه _ خلاص حقك عليا يا سلطان متمشيش … اعد بس كدة .. هتزعلنى منك … خلاص بقى .
نظر لها مطولاً يصارع افكاره فى تحملها ثم قرر الجلوس ثانياً وهو يلف وجهه عنها بضيق … فذكراها لسيرة اهل والده تفقده صوابه … نعم له عائلة عريقة فى المحافظة الصعيدية سوهاج ولكنهم تبرؤوا منه منذ ان مات والده وهذا فقط بسبب ان والدته قاهرية وانهم يظنون انها المتسببة فى موت والده لذلك تخلوا عنه بعدما ارادوه ان يتركها بمفردها ولكنه رفض وبشدة لذلك تبرؤوا منه .
ظل شارداً وباءت محاولاتها لارضاؤه بالفشل فقررت الصمت بغيظ واكملت تناولها لما يحتويه الكوب ..
بعد نصف ساعة عادا الى الحارة الذى يقطن بها سلطان وتقطن بها هى ايضاً … اوصلها الى منزلها بوجه عابس دون ان يصعد وغادر عائداً الى منزله ..
دلف هذا البيت العشوائي الذى يتكون من طابق واحد …. منزل قديمٍ متآكل ورثته والدته اباً عن جد …
جلس على الاريكة التى تحتل عرض الجدار ويوجد فى منتصفه شباك يطل على الشارع العمومي ..
لم يجد والدته فى البيت فجلس يفكر كيف له ان يزيد دخله وينتشل والدته من هذا البيت ومن هذا الفقر … كيف يمكن ان يحصل على منزل فى احد الاماكن المرموقة ليس كالتى يعمل بها … بالطبع لا …. يكفى ان يصلح للاستخدام الادمى … يكفى ان يثبت لنفسه ولامه ولعائلته العريقة انه ليس قلة كما نعتوه … فما يراه من حوله الآن ما هو الا مستوى معيشي كمن دُفنَ حياً .
أتت والدته من الخارج تحمل اكياساً قد ابتاعتها من السوق المجاور للحارة … دلفت المنزل تلتقط انفاسها بعدما وضعت ما فى يدها على تلك الطاولة وهى ترى ابنها يجلس بشرود … اقتربت تجلس بجواره مردفة بقلق _ سلطان ! …جيت امتى ؟
لم ينتبه عليها بل ظل يتطلع لنقطةٍ ما بشرود فأردفت بقلق _ مالك يابنى سرحان في ايه ؟
افاق على صوتها فتطلع اليها مطولاً ثم اردف بتساؤل متجاهلاً سؤالها _ ايه ياما انتى كنتى فين كل ده !
اردفت منيرة وهى تشير الى تلك الاكياس _ كنت بجيب شوية خضار من السوق … قول بس انت مالك سرحان في ايه ؟
ارجع رأسه للخلف يغمض عيناها يتحدث اليها كأنه يتحدث مع ذاته فهى اغلى ممتلكاته _ تعبت يا اما … تعبت اوى … نفسي ارتاح واريحك من الفقر ده … ليه هما يتمتعوا واحنا نعيش عيشتنا دى … مش ابويا ده يبقى ابنهم ! … ليه يعيشوا اسياد واحنا عبيد … دا حتى البنت اللى خطبتها بقالي سنتين مش عارف اتقدم خطوة واتجوزها … حرام اللى بيحصل لينا ده حرااام .
نظرت منيرة لابنها بحزن … هو دائما ينظر لما لا يملكه ويترك ما يملكه … دائما يعترض علي وضعه …. اردفت منيرة بنبرة ذات معزى وحكمة _ ارضا يا ابن الحاج ابراهيم … ارضا باللي ربنا قسمه لينا واحمد ربنا ان ليك بيت وليك وظيفة وصحتك بخير لا انت مريض ولا عاجز … انت اللى دايما باصص لفوق … وكل ما تتعين فى مكان ميعجبكش الشغل وتسيبه … مناخيرك لفوق يا ابن السوهاجى … هترتاح ازاي وتتجوز ازاي وانت يادوب شهر واحد فى اي شغلانة وتسيبها ! …. يعلم ربنا انى مقصرتش معاك … ربيتك وعلمتك احسن علام … ولو كان فى ايدي زيادة كنت عملت … احمد ربنا واشتغل وكافح وامسك فى شغلك ده بايديك واسنانك لحد ما تحوش قرش ووقتها اتجوز واصرف على نفسك وعلى مراتك وكفي بيتك وملكش دعوة بيا .
نظر لوالدته بخزى … اردف بانكسار _ ياما كفاية بالله عليكي انا مش ناقص … متزوديهاش عليا انتى كمان … انتى عارفة ان مستحيل انى اسيبك وابعد عنك … انا بس اللى مقهور من اللى اهل ابويا واللى عملوه معانا …
تنهدت منيرة مردفة وهى تربت على كتفه بحنو _ معلش … معلش يا سلطان … يكرموا يابنى علشان خاطر الحاج ابراهيم … هييجي يوم والحقيقة هتبان وربك مبينساش عباده … اثبت انت بس فى شغلك فى البرج ده … دي شغلانة مجتش بالساهل … دانا بحمد ربنا عليها وانا بصلي … وان شاء الله هدخلك فى كذا جمعية مع نسوان الحارة وتقبضهم الاول واجوزك … ومن حظك ان عمك منصور البقال بيأجر الشقة الى عنده فى الدور التانى … هأجرهالك واتهنى انت والبت لمياء ومتشلش هم حاجة طول ما امك عايشة ..
مسح على وجه مردفاً بتنهيد وقبول وجمود اعتاد عليه من قسوة الحياة _ ماشي ياما … ربنا يصلح الحال … فيه غدا ولا اقوم انام علشان وردية بليل ؟
ربتت منيرة على كتفه بحب مردفة _ لاء اتغدى الاول وبعدين نام … انا هسخنلك الاكل اللى فى التلاجة .
**********************************
حقوق الطبع محفوظة للناشر
يمنع اعادة نشر رواية على القلب سلطان بأي شكل سواء مدونة او موقع الا عن طريق الكاتبة آية العربي
&&&&&&&&&&&&&
على الضفة الثانية من نهر النيل … حيث تصطف الفيلل والقصور الشاهقة لاصحاب الطبقات المخملية …
فى ذلك القصر الابيض الناصح من يراه يظنه البيت الابيض … ولكن ما يحدث بداخله الان هو اشد الكره بعينه..
حيث تنزل من اعلى الدرج سيلين ترتدى الملابس السوداء التى اعتادتها مؤخرا بعدما توفيا والداها فى حادث سير غامض اثناء ذهابهما الى مؤتمر رجال الاعمال المقام فى مدينة السلام شرم الشيخ ..
ترتدى قناع الجمود والقلب المتصلب … لا احد يعلم ان وراء هذا القناع قلبٍ ممزق حزين وحيد بدون حماية … يريد دفء واحتواء ولكنها تعلم جيداً ان تلك الاشياء لا توجد عند افراد عائلتها … لذلك ترتدى قناع القسوة والعنفوان حتى تستطيع العيش وسطهم … فكل تحذيرات والداها كانت من هؤلاء الذين يجلسون فى الاسفل … حيث سيتم اليوم فتح وصية والداها لذلك تجدهم اول الناس حاضرين ولكن اذا كانت بحاجة اليهم او بحاجة الى عطفهم فتجدنهم اكثر الناس نفوراً وهرباً .
نزلت للاسفل حيث يجتمع الكل فى غرفة واسعة بها مقاعد كثيرة ووثيرة … يجلسون بأريحية يهيأ لهم انهم استطاعوا تنفيذ ما يحلمون بيه منذ سنوات واخيراً سوف يحصلون على تلك الثورة العملاقة … فهى فتاة وحيدة ومؤكد انهم سيتقاسمون معها التركة ..
دلفت الغرفة تلقي عليهم نظرة واثقة بلا مبالاه واتجهت تجلس بجانب محامى والدها ومحامى الشركة ايضا السيد ممدوح مردفة تتعمد تجاهلهم _ ازيك يا استاذ ممدوح … تقدر تبدأ .
اومأ المحامى بصمت وبدأ بفتح تلك الاوراق التى امامه على طاولة ذهبية … نظر للجميع بحذر والكل متأهب لما سيقال ..
توتر ونظر الى سيلين التى اومأت له تحسه على الحديث مردفة _ اتكلم يا استاذ ممدوح .
اومأ مردفاً يقرأ وصية والدها _ احم … بسم الله الرحمن الرحيم …. هذه وصيتى انا سمير الحلوانى … عندما يتم فتحها سأكون فى رحاب الله … سأترك لكى محبتى الدائمة يا ابنتى الغالية سيلين … فى حفظ الله يا ابنتى وحمايته ترعاكى … اعلم اننى تركتك وحيدة ولكنى متأكد من كونى انجبت ابنة قوية تستطيع مواجهة الصعاب وتخطيها … اعلمى جيداً ان لا احد يستطيع هزيمتك ما دام عقلكِ الذهبي يعمل … لقد طلبت من السيد ممدوح تعيين حراسة لكى من اكبر شركات الحراسة واهمها فى مصر … وبالفعل بدأوا فى حراستك متخفيين نظراً لرفضك القاطع لاي حراسة ولكن الان لي رجاء عندك واعتبريه جزءاً من وصيتى … عليكي بالالتزام بالحراسة … لا ترفضي حراستهم لكي … والان سأترك لكى املاكى كلها … لقد سجلت كل املاكى على اسمكِ … ٦٠% من اسهم الشركة سيتحولون بعد موتى لكي … والباقي سيتم تقسيمهم على افراد عائلة الحلوانى … اما عن القصور والارصدة البنكية فجميعها مسجلة باسمك … ولا احد يحق له التصرف بها غيرك … عليك اخذ الحذر جيداً فأنتِ تدركين مقصدى … انتبهي جيدا لحالك يا غاليتي … وتذكرى دائما الحراسة ولا تثقى فى احداً يظهر لكى حبه ..
كانت تستمع الى تلك الكلمات بوجه بارد خالى من اي مشاعر … برغم حاجتها الملحة فى البكاء والانهيار ولكن لاااا ليس فى حضورهم ..
اما البقية فهاجوا وماجوا مردفين بغضب _ لاااا … لا يمكن ده يحصل … انت محامى كداب وحرامى ..
اردف بهذا ادم ابن عمها نبيل الذى يجلس بهدوء عكس نيرانه المتدفقة داخله … لقد خالف اخيه كل توقعاته … هو يعلم ان اخيه يدرك امرهم وكرههم له ولابنته ولكن ظن ان يتم تقسيم التركة حسب الشرع ولم يكن يعلم عن الوصية وما تحتويه ..
رد المحامى بغضب ودفاع _ عيب اوى كدة يا استاذ ادم … وبعدين دى وصية عمك انا مش مستفاد منها بأي شئ ..
اردف ادم وقد اعمى الغضب والطمع عينه _ بردو كداب والوصية دى مزورة … يعنى ايه طلعنا من المولد بلا حمص! .
اردف نبيل بحدة يسكت ابنه _ ادم … اخرص خالص …. ميصحش تشكك فى وصية عمك الله يرحمه … الاحسن اننا نمشي …. يالا يا بدور … يالا يا شمس يالا يا وليد .
نطقها بخبث وهدوء … فالثوران ليس من مصلحته الان … عليه التفكير فى حلاً اكثر خبثاً من الغضب والصياح …فهو على عكس ابنه ادم يخطط من وراء الاقنعة ثم ينفذ فى صمت كالثعبان ..
نظر ادم الى والده بزهول … كيف له ان يكون هادئ هكذا بينما وقفتا تلك الفتاتان بدور وشمس ينظران بحقد وكره الى سيلين التى تتابع ما يحدث بلا مبالاه وبرود ..
اما وليد فكان ينظر لها باختلاف … دائما يراها بطريقة اخرى غيرهم … ينبض قلبه لها منذ زمن ولكن تسلط عمه عليه يضعفه … فهو لا يقوى على مواجهتم … نعم يحبها على عكسهم ولكنه ليس قوى كفاية للاعتراف بذلك .. ليس قوى كفاية لحمايتها من مخططاتهم .
وقف الجميع يستعد للمغادرة ولكن قبل ان يخطى احداً للخارج اردفت سيلين بثبات وهى تضع ساق على الاخرى _ ثانية واحدة يا … عيلة الحلوانى .
وقف الجميع ينظر لها بتأهب منتظرين حديثها … اردفت وهى تنظر داخل عين عمها نبيل بقوة _ انا بلغت البوليس … اي حد هيتعرضلي او اي سوء هيحصلي هيكون انتو اول الناس المتهمة فى اغتيالي … وبردو املاك بابا هتتوزع على الجمعيات الخيرية … يعنى محدش هياخد من تعبه مليم … معلش يا عمى بس بابا عملنى ان الاحتياط واجب … وزى ما انت دايما بتقول الواحد مش لازم يثق فى اخوه …. شرفتوا .
قالتها بثبات ونبرة ساخرة تدل على العكس امام نظرات الجميع المصدومة حتى نبيل الذى لم يتوقعها بكل ذلك الدهاء … لقد ظنها صيداً سهلاً وسيتخلص منها بسهولة مثلما تخلص من اخيه وزوجته للحصول على الثروة … ولكن يبدو ان الامر معقد ويحتاج الى خطة بديلة ..
غادروا جميعاً يجرون خلفهم اذيال الخيبة والحسرة بينما جلس المحامى ليتابع معها باقي الحديث ..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية على القلب سلطان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *