رواية حان الوصال الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم أمل نصر
رواية حان الوصال الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم أمل نصر
رواية حان الوصال البارت الثامن والعشرون
رواية حان الوصال الجزء الثامن والعشرون
رواية حان الوصال الحلقة الثامنة والعشرون
تتبع الأمل وتدفعك غمغامة العشق على مواصلة الصبر.
حتى وانت ترى بأم عينيك نهاية الطريق الذي تسير فيه؛ تكذب عينيك.
تغلق أذنيك عن سماع النصائح.
تعطي أعذار وتكتم على غصتك.
فتعيش على الوهم
لكن مهما طال تحملك ثق ان لحظات الانفجار سوف تأتي لا محالة
فهي ابدًا لا تكون من فراغ .
❈-❈-❈
قامت صباحًا تؤدي روتينها اليومي في اعداد الإفطار ثم ايقاظ اشقائها لتتناول معهم احب الوجبات في هذا الهدوء من الصباح، قبل الذهاب الى عملها والذي كانت تتجهز له في هذا الوقت .
تلف حجابها بالطريقة العصرية والذي بدأت تتكيف عليها لتتناسب مع الملابس التي اصبحت مع التركيز هذه الأيام تجيد اختيارها، لتليق مع منصبها كامرأة عاملة على مكتبها في وظيفة يتمناها عدد لا بأس به من الشباب
انتهت من اللمسات الاخيرة لتهم بالذهاب، وقبل ان تتناول حقيبتها، دوى هاتفها بتلك الرسالة اليومية منه، لتبتسم وهي تقرأ بتأني الكلمات.
– (( صباح الجمال على الملكة المتوجة على عرش قلبي ))…… (( مستنيكي في عيشنا الجميل النهاردة متتأخريش))
وضعت يدها على موضع قلبها تسمع لصوت الخفقات التي تضرب داخل صدرها بقوة، بقدر ما تسعدها كلماته، بقدر ما يتعبها السؤال، إلى متى؟
لتسحب شهيقًا ناظرة إلى السماء متمتمة بتضرع إلى الخالق:
– يارب .
بعد قليل خرجت إلى أشقائها لتأخذ مجلسها وسطهم، تتناول لقيمات صغيرة وسريعة، فتشاركهم المزاح:
– براحة الدنيا مطارتش يا بيبة، الأكل لازم ياخد وضعه
علقت بها عائشة تشاكسها، فتستجيب لها ضاحكة، لتقول:
– خلاص كبرتي يا شبر ونص وهتشوفي نفسك علينا.
– سبيها يا بيبة تعيش الدور، دا انتي لو تشوفي عمايلها
كمان في الكافيه، دي بتعاملنا كأننا شغالين عندها .
قالتها جنات، وعلق ايهاب هو الاخر:
– ايوة بقى متفكرنيش، انا لولا بقول لاصحابي انها اختي الصغيرة، لكانوا قفشوا هما كمان وسابوا الشغل من تحكماتها عليهم، مش فاهم انا، بتجيب الجبروت دا منين؟ والمصحف ما هي واصلة لحد صدري حتى .
ضحك الثلاثة لينالوا الرد من عائشة:
– يا حبيبي انا طولي مناسب لسني، انت اللي سارح لفوق بشكل غريب عن البشر، العيب فيك يا بابا .
قالتها لتعلو الضحكات مرة اخرى حتى نهضت بهجة، تقبل وجنة شقيقتها بعجالة قائلة:
– ولا تزعلي يا قلب اختك، انتي تؤمري وتتأمري، وهما اللي شغالين عندك، وجزاء للواد ابو طويلة ده، هو اللي هيلم الباقي من الاكل دلوقتي، والبنت الناعمة اللي جمبه هتغسل المواعين.
صاحت جنة معترضة:
– طب وانا ايه ذنبي يا عم؟ هو شايف نفسه بطوله، انا نعومتي بقى ضرتكم في ايه؟
قالتها بدلع جعلت عائشة ترفع طرف شفتها بغيظ زاد من تسلية اشقائها، لترد بهجة:
– اهو كدة بقى ، عشان تخشني شوية بدل المياصة اللي انتي فيها دي يا ناعمة، بنات اخر زمن .
تحركت بعد ذلك ترفع حقيبتها لتغادر ولكن اوقفها إيهاب يخبرها:
– صحيح يا بيبة نسيت اقولك، الواد عصام صاحبي بلغني امبارح ان بنت عمك سامية اتخطبت للواد طلال ابن صاحب ابوها.
– مين طلال…..
تمتمت بها، لتتذكر سريعًا، فهتفت بأعين متوسعة:
– اللي كان مسمي نفسه شيكاغو المنطقة.
ضحك يؤكد لها:
– هو بعينه والله، سبحان الله كانت اكتر واحدة تتريق.
❈-❈-❈
أما هو فقد خرج إلى والدته التي استيقظت باكرًا لتسقي بيدها الورود في الحديقة ، تذكره بعادتها قديمًا، والدته الجميلة والبهية، ليتها تعود لطبيعتها معه ايضًا:
– هتفضل تبصلي كدة كتير؟
توجهت له بالسؤال تظهر له انتباهها لنظراته المصوبة نحوها منذ البداية ، ليأتي رده بابتسامة رائقة:
– معلش بقى، سحرني مشهد الهانم وهي بتسقي الزرع بإيديها، حاجة كدة يسجلها فنان متمكن في لوحة تشبه جمالك، صباح الجمال يا نجوان هانم .
تبسمت ساخرة رغم إعجابها بإطراءه:
– وبقيت تعرف تقول كلام حلو كمان يا بن حكيم ، على العموم مرسي .
ذكرها لاسم والده كانت له إشارة ليست جيدة على الإطلاق ليزوم بفمه قائلًا:
– اممم ، على العموم يا نجوان هانم انا عبرت باحساسي ساعة ما شوفتك، الجمال بيجبر العيون تبصله وتعجب بيه.
فغرت فاهها بابتسامة غير مفهومة لتقول:
– عندك حق الجمال دا شيء رائع، انا نفسي حسيت بإحساسك ده لما قومت وطليت على ازهاري، كنت مشتاقة اوي أراعيهم واهتم بيهم، لأنهم يستاهلو ، الوردة بتحب اللي يراعيها، وتفرح باللي يفرح بيها فتزيد جمال على جمالها، وتعيش اكتر كمان.
قطب مستغربًا لتعبيرها الاخير، حتى هم ان يسأل عن مقصدها، ولكنها تجاهلت لتذهب بخرطوم المياه نحو جهة اخرى من حوض الزهور.. ليضطر في الاخير ان يذهب يمط شفتاه بعدم فهم.
❈-❈-❈
وصلت إلى مقر عملها، لتقع عينيها على أبن عمها سامر واقفًا في إحدى الزوايا وكأنه في انتظارها،
ليتوفق برؤيتها ولأول مرة منذ انتقالها إلى منزل اخر، وتتقابل عينيها بخاصتيه، لقد علمت من صباح بمجيئه إلى هنا عدة مرات للسؤال عنها ولكنه كان يرجع خالي الوفاض دون الحصول على معلومة مفيدة، اختفى بعد ذلك حتى ظنته نسي ان لها ابناء عم من الاساس، ولكنه ها قد عاد،
وعلى عكس ما توقع بهروبها من امامه، فاجئته هذا اليوم لتقترب بخطواتها نحوه تبادره بحديثها؛
– ايه الحكاية يا بن عمي، لتكون مستني؟ ولا جاي تسأل على حل.
تبسم بعدم تصديق انها هي من جاءت لترحب به، وامتدت كفه يتلقى مصافحتها بلهفة، ويجاري مزاحها:
– والله انتي ادرى باللي جيت كذة مرة اسأل عليها، وانتظرت كمان بالساعات وبرضو مقدرتش اشوفها، وكأنها بتختفي زي الزيبق من قدامه
تبسمت بحرج تتقبل عتابه :
– معلش بقى هي جات كدة، بس اكيد يعني لو شوفتك في وشي زي النهاردة، مكنتش هتهرب منك ولا من الكلام معاك، انت برضو في الآخر أبن عمي وانا ما شوفتش حاجة وحشة منك.
تنهد بارتياح وقد اسعده كلماتها، ليعبر عما يكتنفه من الداخل:
– متعرفيش يا بهجة كلامك ده بيأثر فيا ازاي؟ انا عارف انك شايلة يا بنت عمي وليكي حق، ولذلك انا مرديتش أضيق عليكي ولا ازعجك ، حتى لما عرفت بعنوان بيتكم والكافيه، فضلت ان اطمن من بعيد لبعيد ، لحد ما القلوب تصفى ، مع ان كان نفسي أحضر افتتاح الكافية واتعزم زي شادي ورحمة عيال عمتي.
رمقته بدهشة:
– يا نهار ابيض، يعني انت كنت حاضر يوم الافتتاح، طب ليه مجتش يا سامر، طب والله كنا هنرحب بيك
لاحت بزاوية ثغره ابتسامة باهتة يخبرها:
– انا عارفك هترحبي بيا، بس كنت هبقى زي الضيف يا بهجة، وارجع اقولك برضو ان مش عاتب عليكي ، لا انتي ولا اخوتك
كان يتحدث بسجية معاتبًا وهي تقبلت عتابه ترضيه بكلمات رقيقة ومحسوبة في حديث سريع دار بينهم قبل ان تدخل لنوبة عملها، غافلين عن نفس خبيثة توقفت بسيارتها بمسافة بعيدة إلى حد ما، ولكن تمكنها من الرؤية جيدا والتقاط الصور ايضًا، ربما أتت من خلفها بفائدة؛ تتحين الفرصة لها منذ وقت طويل تراقب وتجمع المعلومات، في انتظار هفوة ولو صغيرة منها، تساعدها لتتقدم في تنفيذ ما تريد.
وظلت محلها حتى انصرف الاثنان، كل إلى وجهته، بهجة إلى مقر عملها في المصنع، اما هو فقد اتخذ طريقه في الجهة المعاكسة للمغادرة،
قادت سيارتها تتبعه حتى انعطف في طريق اخر مختصر قليلًا قبل ان يصل إلى العمومي، فواصلت حتى اقتربت منه تبطء من سرعتها، ونادت من نافذة السيارة.
– انت يااا يا اسمك ايه؟ يا حضرت ياااا.
انتبه اخيرًا ليلتف نحوها ويشير بسبابته نحو صدره:
– انتي بتكلميني انا
– اه بكلمك، ممكن خدمة لو سمحت؟
اضطر للتوقف لينتظرها حتى توقفت بمكان جيد إلى حد ما للوقوف بالسيارة ثم ترجلت منها تقابله في وقفته متحدثة بلطف ورقة تتصنعها:
– اسفة لو خضيتك، بس انا بصراحة لما شوفتك واقف مع بهجة زميلتي في المصنع، شدني الفضول عشان أسألك، هو انت تبقالها ايه بالظبط؟
قطب مستغربًا السؤال :
– انا ابقالها أبن عمها، بس انتي ليه يشدك الفضول يعني عشان تعرفي بصفتها ايه عندي؟
تحفزت كل خلاياها لتواصل بمزيد من التأكيد:
– يعني انت أبن عمها اللي كان كاتب كتابه عليها؟ او طليقتلك بمعنى أصح.
لا يعلم ما الذي طرأ برأسه وقتها؟ ربما الارتياب،، ربما التوجس، ولكنه وجد نفسه ينطقها وبدون تفكير:
– اه انا في حاجة بقى؟
انتعش داخلها حتى كادت ان يظهر على ملامحها، وقد تيقنت انها أصابت هدفعا بعد اعترافه بما كانت تتمنى، لتتمالك فرحتها مذكرة نفسها بالطرف الاخر والذي تضعه احتياط لوقت استعماله في خطتها وها قد أتى وقته، فترتدي ثوب المسكنة في الرد عليه:
– انت ليه حضرتك متعصب عليا؟ انا بسألك لغرض جوايا، اصل بهجة دي بتصعب عليا اوي، ونفسي بجد الاقي اللي يساعدها في محنتها، بس انت شكلك معندكش وقت ، او يمكن هي عايزة تخبي عليك، انا آسفة……
– استني هنا
صدرت صيحته فور ان استدارت عنه، ليلتف مقابلا لها ، وقد أشعلت رأسه بقولها:
– انا عايز اعرف بالظبط بتتكلمي عن ايه؟ بنت عمي انا مالها ؟ وايه المحنة اللي هي فيها .
اعتلى الأسى ملامحها، وقد اجادت تصنعه بجدارة، لتجيبه بدراما:
– انا طبعا هضطر اقولك عشان اتوسمت فيك خير، بما انك أبن عمها وطليقها سابقًا فاأكيد مش هيرضيك اللي بيحصل معاها، بهجة يا حضرة طول الوقت بتتعرض يوميا للمضايقات، من واحد بيشتغل معاها في نفس المصنع ، بيفرض نفسه وعايز يتجوزها بالعافية ، لكن هي مضطرة للسكوت عشان لقمة عيشها متتقطعش من المصنع وتضيع هي وأخواتها ..
أشتدت ملامحه بصدمة،
– مضايقات! مضايقات يعني ايه بالظبط؟
– ممصايقات يا اخينا، متعرفش يعني ايه مضايقات؟ دي بتوصل احيانا لتحرشات
– تحرشات…. انتي بتقولي ايه يا ست انتي؟ حضرتك فاهمة معنى كلامك ده ايه؟
ازعجها اسلوبه الحاد نحوها، ولكنها اخفت لتبدي تعاطفها:
– انا عارفة ان الكلام ضايقك، وعندك حق، امال اتكلمت معاك ليه؟ على العموم لو مش مصدقني، روح واتأكد بنفسك، اسأل عن واحد اسمه تيم كان زميلها في قسم التفصيل قبل ما تطلب نقلها لشغل إداري عشان تخلص منه، لكنه برضو مش عاتقها ، قابله واتكلم معاه وانت تفهم لوحدك، على العموم انا عملت اللي عليا، عن اذنك حضرتك .
قالتها وتحركت تستقل سيارتها لتعود بها وعيناها في المراَة منصبة عليه ، تراقبه عن كثب، بعدما القت برأسه جذوة الفتنة، شرار عينيه مازال مسلطًا عليها وعلامات الشك والغضب تعتلي ملامحه، تقود ببطء شديد في انتظار تحركه، والذي لم يطل كثيرا، لتتهلل اساريرها حين وجدته، يندفع عائدًا بخطوات سريعة، يبدو جليًا تحفزه، وكأنه على وشك الدخول إلى معركة،
هذه هي فرصتها في التسبب لها بفضيحة، عراك بين طليقها وحبيبها الحالي في قلب محل عملها، فتصبح علكة في الافواه، تتشوق جدا لمشاهدة رد فعل رياض، حين يرى المرأة التي اغوته وهي تتلاعب بقلوب رجال غيره.
❈-❈-❈
في لحظات قليلة
كان سامر قد وصل الى المصنع عائدًا اليه، ولكنه هذه المرة اتخذ خطواته نحو الداخل ، متخليًا عن تحفظه المعتاد ، يريد التأكد منها عن صحة ما سمعه ، وان صدق حديث الأخرى، سوف يلقن هذا التيم درسًا لن ينساه
كانت هي قد سبقته في الوصول، فراقبته من بعيد وهو يسأل ويقدم مبرراته إلى رجال الأمن كي يسمحوا له بالدخول إلى ابنة عمه، فسار معه احدهم حتى توقف به اسفل المبنى الذي تعمل به بهجة، فيأمره بالانتظار حتى صعد اليها يطلبها، فنزلت بعد لحظات قليلة بهلع عن سبب عودته .
إلى هنا ولم يعد هناك وقت للانتظار، تحركت سريعًا نحو قسم التفصيل، لتجد العمال على وشك البدء في العمل، وهذا المدعو تيم يتسامر كعادته مع صباح وبعض العاملات الاتي يتناولن معه بعض الشطائر للإفطار
دلفت اليهم تتبختر بخطواتها توجه الحديث إلى صباح، بانتقاد كالعادة حتى تجعل دخولها يبدو طبيعي:
– ما شاء الله، لساكم بتفطروا يا صباح وشيفت العمل عدى عليه خمس دقايق .
انتفضت صباح تبرر لها والطعام في فمها:
– اديكي قولتيها يا لورا هانم خمس دقايق بنفطر فيهم، وادينا هنشتغل على طول .
– اممم
زامت بفمها ثم تابعت تلقي بأمرها وتوصل ما تبتغيه:
– ماشي يا صباح، متنسيش بس تعدي عليا النهاردة عشان عايز اخد منك شوية معلومات عن التوريدات الجديدة، وعلى العموم خدي راحتك، ما هو غيرك حولها لمشاكل شخصية، انا جاية دلوقتى شوفت الست بهجة واقفة مع طليقها باينهم بيتخانفوا في قلب المصنع.
– طليق مين؟ هي بهجة متجوزة اصلا؟ انا اعرف ان كان مكتوب كتابها وانفصلت على كدة .
ردد بها تيم بعصبية في استجابة سريعة وقد ابتلع الطعم، لتصحح صباح بما تعلمه:
– ايوة فعلا كان كتب كتاب، بس هو ايه اللي هيجيب سمير هنا وهي عزلت اساسا من عندهم؟
– بتقولك بيتخانق معاها يا ست صباح ، انا رايح اشوف العيل التنح ده.
قالها متحركًا للخروج سريعًا وتبعته بالطبع صباح لتمنعه عن التهور:
– استني يا بني لما نفهم الأول.
تبعها عدد من الفتيات ليستطلعن الامر، فتطالعهم هي بمرح، غير عابئة بمصلحة العمل التي دخلت تتغنى بها فتوقفهم، بل وتحركت خلفهم بانتشاء ، لتعود إلى محلها وتراقب من علو ثمار خطتها.
❈-❈-❈
اما عند بهجة والتي كانت بحالة من التشتت وعدم الفهم، في تفسبر اندفاع الاخر وأسألته الغريبة الموجهة اليها:
– يا بهجة بسألك عن اللي اسمه تيم ده، مبتجاوبيش ليه؟
– أجاوبك اقولك ايه؟ انا اساسا مخضوضة منك ومن سؤالك عنه، تعرفه منين عشان تيجي تعمل تحقيق عنه، وليييه؟
– من غير ليه يا بهجة، انا سمعت ان الجدع ده بيضيق عليكي وعايز يتجوزك بالعافيه، انا عايز اتأكد منك قبل ما اروحله واكسر دماغه لو طلع الكلام صح.
– تشلفط مين؟ تيم مغصبش عليا في حاجة؟
– طب يعني انتي موافقة على جوازك منه؟
– يا نهار اسود ، جواز ايه بس؟ انا مقولتش حاجة، انت جيبت الحوار دا كله منين اصلا؟
في هذا الوقت وصل المذكور يجدها تبرر بانفعال، جعله يتدخل على الفور:
– مالك متعصبة ليه يا بهجة؟ هو اخينا دا جاي يضايقك في حاجة؟
وقبل ان يصدر ردها لتصرفه، سبقها سامر:
– ايه اخينا دي كمان، وانتي مين اساسا عشان تدخل ما بينا؟
– انا تميم زميلها هنا .
– يا حليوة وجايلي برجلك .
تفوه بها سامر في رد سريع ليباغته على الفور، ممسكًا بتلابيب قماشه هادرًا به، يجفله ويجفل بهجة ايضًا:
– لأ وليك عين كمان تيجي في وشي وتبجح، دا انت نهارك مش فايت .
وكانت البداية للشد والجذب والشجار بين الاثنان وبهجة الضحية تحاول الفكاك بينهم ، حتى تدخل عدد من الرجال للفصل.
فقدم هو في هذه الاثناء منتبهًا لهذا التجمع قبل ان يلج داخل المصعد، حتى اذا وصل لطابقه تلقفته لورا من وسط الطريق:
– رياض باشا انت وصلت؟
وجه لها الحديث بعصبية:
– ايوة وصلت يا لورا وشوفت المهزلة اللي تحت، انزلي وشوفي مين المسؤول عن الخناقة دي وحاسبيهم، احنا مش في شارع هنا.
– مش محتاجة اشوف يا باشا، الخناقة اصلا على بهجة.
توقف في وسط الطريق المؤدي الى غرفته، فور ان دوى الاسم بأسماعه ليلتف اليها بنبرة مخيفة مرددًا:
– الخناقة على بهجة ازاي يعني؟ انا عايزة افهم.
بقلب يرقص فرحًا في الداخل، رسمت الجدية لترد بمهنية خالصة:
– دا الكلام اللي داير يا فندم بين العمال ، طليقها السابق جاي يتخانق مع تميم زميلها بعد ما وصلو الكلام عن علاقة حب تجمع ما بين الاتنين، وانهم بيخططو للجواز.
هل رأت الجحيم بعيناه الاَن، نعم تجزم بذلك، وقد تبدلت ملامحه حتى توحشت بشكل لم يسبق ان رأته منه سابقًا على الإطلاق، وبدون ادنى استفسار اخر ، ارتد بأقدامه نحو المصعد الذي خرج منه توًا ، ليهبط مرة اخرى ويرى بنفسه، غير مباليًا بوضعه من الاساس.
– المهزلة اللي هنا دي تنفض دلوقتي فورا، والمسؤولين عن الخناقة يتحركو حالا مكتب شئون الموظفين مع مدير المكتب نفسه.
كانت هذه صيحته الجهورية، التي اصمتت الجميع وجعلت اعداد المتجمعين تنفض شيئًا فشيئًا حتى صفصفت على أصحاب الشجار، سامر والذي كان يلهث من فرط انفعاله، وتيم الذي تمزق جزء كبير من القميص الذي يرتديه وصباح تقف في الوسط كحاجزًا لعدم عودة العراك، اما بهجة فقد خارت قواها لتسقط جالسة على احدى درجات السلم الضخم الذي كانت تقف بجواره، غير قادرة على مواجهة غضبه، شاعرة بتحطمها لأشلاء لا حصر لها، وكأنها كانت تنقصها هذه الفضيحة لتصب مزيدًا من التوتر في علاقتها معه.
❈-❈-❈
داخل غرفتها التي اصبحت تلتزمها منذ ايام، في تعبير عن رفضها واعتراضها على ما تم اتخاذه من إجراءات غير عادلة في حقها من وجهة نظرها، بفضل شقيقاها اللذان استغلا ما حدث أسوء استغلال
وكأنهما كانا في انتظار الفرصة لينتقما منها،والدتها التي كانت الداعم الاول لها دائمًا اصابها الخرس وقلة الحيلة عن الدفاع عنها،
والدها الذي ركض إلى صديقه والذي بدوره لم يكذب خبر وقدم هو وابنه في نفس اليوم لقراءة الفاتحة، اللعنة على هذا الكابوس، الا يكفي احساس المهانة وما سمعته من توبيخ على لسان الضابط المسؤول وتوجيه النصائح لها لتعود عن طريقها الى طاعة الخالق، وكأنها الوحيدة من فعلت هذا الأمر، والفضل يرجع بالطبع لهذا الشيخ الغبي والذي طمع في جمالها وشبابها رغم تعامله الدائم مع والدتها، ولكن لسوء حظها حدث ذلك.
جمالها الذي اغوى الشيخ وجعل طلال الاحمق يظل متمسكًا بها رغم رفضها، لم يؤثر في الرجل الوحيد الذي ارادته
– اه يانا يا حسرتي.
تمتمت بالكلمات بصوت مسموع لنفسها، قد خسرت حتى المحاولة مرة اخرى، بعد اتصال شادي واخبار والدتها انه عرف كل شيء وغير مرحب بأي فرد يبتغي الاذية لعائلته الصغيرة وقد استرد مرة اخرى زوجته بعد ان ذهب منها السحر وشفيت تمامًا.
– يا بنت المحظوظة
– مين هي دي اللي محظوظة يا بت؟
صدر السؤال من والدتها التي عقبت به مستفهمة وهي تلج اليها.
فالتوى ثغر ابنتها لتجيب ضاربة بكفها على ظهر الاخر مرددة بحنق:
– اهي واحدة وخلاص، ناس ليها شادي وناس ليها طلال.
غمغمت الاخيرة بوضوح وصل الى درية، لتمصمص بشفتيها بعدم رضا وتجلس بجوارها على التخت مرددة:
– ايوة يا ختي، ما الدنيا صفصفت ع الرجالة ومبقاش فبها غير سي شادي، ما تصحي يا بت الهبلة، واعرفي ان بعد عملتك الاخيرة اي امل ناحية المحروس خلاص بح، يعني فوقي لنفسك وافتكري عريس الهنا اللي اتقرت فاتحتك عليه من يومين .
صاحت بها بغيظ:
– انتي بتبكتيني ياما، طب سيبي الكلام ده لولادك وجوزك، اللي فرحانين فيا وماصدقو، دا بدل ما يقفوا جمبي ويطبطبوا عليا بعد اللي حصل، فاكرين انهم هيكسروا عيني لكن لا وربنا ما هسكت بعد كدة، انا اتاخدت على ماشمي اول امبارح لما سبتهم يقروا فاتحتي على الواد الأهبل ده، بقى انااا سامية اللي امشي على الارض اخبل الناس بجمالي اتجوز ده طلااال.
صدر صوت استنكار من درية لتردف بسخرية:
– اسم الله عليكي وعلى حواليكي يا ختي، اهدي يا عين امك ومتسوقيش فيها، فرعنتك دي كانت تمشي الأول، انما دلوقتي اخوتك متحلفنلك وابوكي شايل ايده، وانا خلاص بوقي اتخرس، بعد اخوكي سمير ما فهمها، يعني لو اتكلمت بأي حرف هيفتحلي القديم والجديد وكله بسببك….. عشان لو كنتي خدتي شورتي من اولها مكنش المنيل ده طمع فيكي .
سمعت منها لتغمرها غبطة بغباء تفكيرها:
– اديكي قولتيها بنفسك، الراجل اللي طول عمره ماشي تمام معاكي، جاه ومقدرش يمسك نفسه معايا، عشان انا حلوة واستاهل حد قيمة وسيمة، مش طلال اللي مبهدل في نفسه وشكله يعر.
– يا ختييييي
تمتمت بها درية لتمسك بطرف قماش بلوزتها مرددة بنفاذ صبر:
– هتموتني في هدومي منك لله يا بت الهبلة، نقول طول تقولي احلبوه، نقول طلع ديله نجس تقولي عشان مقدرش يتحمل جمالي، طيب يا عين امك ، انا جيت ابلغك ان عريس الهنا جايلك المسا عشان يقعد معاكي النهاردة وابوكي قالي ابلغك تجهزي نفسك، كدة بقى اشوف اللي ورايا واجهزله حاجة ياكلها
قالتها لتنهض من جوارها ، فتعلق سامية باستهزاء:
– اجهز نفسي، لا كمان احط له مكياج ولا البس حاجة نضيفة، هو كان يطول اصلا
❈-❈-❈
وبداخل غرفة شئون العاملين كان الجدال المحتدم بين شقي الشجار بحضور المتشاجربن مع صباح والرجل المسؤول عن التحقيق معهم، وبهجة الجالسة على مقعدها، وكأنها في كابوس تتمنى الاستيقاظ منه؟
– حضرتك انا اتفأجات بالراجل ده وهو بينفعل على بهجة، وأدخلت عشان مش حقه اساسا يجي هنا .
– وانت اللي من حقك تضيق عليها وتتحرش بيها هو الجواز بالعافية
– الكلام دا تقوله لنفسك مش ليا، انت اللي فارض نفسك عليها وهي رافضاك
تدخلت صباح امام انهيار المسكينة، والتي فقدت النطق تقريبا ولم تعد بها طاقة للتحدث:
– ممكن انتو الاتنين تسكتو ، يمكن تفهمو، اولا يا تميم يا بني، دا يبقى ابن عمها بس، اخوه هو اللي كان متجوزها، وانت يا استاذ سامر، لازم تفهم ان كلامك كله عن تميم غلط، هو لا عمره ضيق ولا اتحرش بيها، واللي فهمك الكلام دا واحد عايز يوقع ما بينكم .
صاح سامر:
– يعني ايه؟ صاحبتها اللي بلغتني كانت بتكدب عليا؟ طب ما انا شوفت بعيني اهو، والواد ده جه واتهجم عليا .
دافع تميم عن موقفه:
– انا متهجمتش انا كنت بس بردلك عشان تحل عن بهجة، اقسم بالله هو اللي ابتدا الخناق مش انا ، قوليلهم يا بهجة.
بالطبع لم ترد، فقد فقدت الرغبة بالتحدث عن أي شيء بعد الذي حدث .
ليصدر تعقيب صباح:
– استنوا هنا، انتوا الاتنين ، انا عايزة افهم دلوقتي، مين من زميلاتها اللي بلغتك يا سامر؟
وقبل ان يجيبها جاء النداء من مدخل الغرفة من احد السعاة:
– الآنسة بهجة تحضر فوق، رياض باشا طالبها بنفسه
وكأنها كانت في انتظاره، نهضت على الفور تتحامل على اقدامها التي كانت تحملها بصعوبة ناظرة نحو الرجل تبلغه:
– ماشي يا عم إبراهيم، انا طالعة حالا .
عقب سامر :
– وهو يطلبها ليه لوحدها؟ هي متخانقتش اصلا.
– ايوة صح، لو عايز يحاسب، يحاسبنا كلنا .
قالها تميم هو الاخر، لتطالعهم بابتسامة ساخرة تملؤها المرارة وكأنها سمعت مزحه منهما، اما صباح فقد ربعت ذراعيها امام صدرها تتنهد بغيظ نحوهم قائلة:
– سيبوها في حالة بقى لحد كدة وخليكم في نفسكم، روحي يا بنتي شوفي اللي وراكي، دول مش هيفضوها سيرة النهاردة.
اذعن الأثنان لرغبة المرأة واضطرا للسكوت لتخرج بهجة، وحديث نفسها من الداخل:
– لقد اَن الأوان، فهذه هي اللحظة الفارقة في علاقتها به، والتي كانت تنتظرها من البداية وها قد جاء موعدها.
لا تستهين بامرأة قد يراها البعض ضعيفة لصفتها انثى ولا يعلمون ان قوتها تكمن في ضعفها.
تمتلك الشجاعة ولكن تنقصها الحكمة بعض الأحيان في اتخاذ القرار.
قادرة على الاستغناء ولكن قلبها الضعيف هو من يقيدها.
فهذا سبب كبوتها.
ولكن حينما يتحول هذا القلب إلى عدو ويتعارض مع كرامتها…. تستطيع الدعس عليه مهما أوجعها الألم.
❈-❈-❈
صعدت اليه في الطابق الذي يجمع غرفتها مع زملائها من جهة، والجهة الأخرى تضم غرفة مكتبه مع مديرة مكتبه الخاص
والتي فور ان التقت عينيها بخاصتي بهجة، وقفت تستقبلها بابتسامة منتشية، وكأنها كانت في انتظارها،
وها قد حققت مبتغاها ولم يبقى الا اللمسة الأخيرة، ليتها تجد الوسيلة لترى ماذا سيحدث بينهما الاَن داخل الغرفة المغلقة:
– اهلا يا بهجة، متأخرتيش يعني.
رمقتها بهجة بشك وتعجب لهذه الحفاوة التي تستقبلها بها، ولكن صرفها سوف حالتها المزاجية عن التركيز معها، لتتمتم ردًا لها بفتور:
– ياريت كمان تدخليني على طول، ومتخلنيش انتظر.
– لا يا حبيبتي تنتظري ليه؟ ادخلي حالا اهو.
قالتها لتتقدمها وتفتح لها باب الغرفة، تنبه الاَخر لوجودها:
– بهجة يا رياض باشا.
اتخذت طريقها تتطلع نحوها باسترابة، قبل ان تلج الى داخل الغرفة الضخمة، وينغلق عليهما بابها.
فتجده جالسًا خلف مكتبه، بسكون تعرفه جيدًا، ذاك الذي يسبق العاصفة، عاقدًا حاجبيه بتعبيرات مشتدة، يتبع خطواتها بأعين ضيقة ونظرات تضيف اليها الرهبة، وربما تفسيرات أخرى…. سوف تتأكد منها الاَن، لتسحب شهيقًا قويًا داخلها، فتقف مرفوعة الهامة امامه قائلة برسمية:
– اتفضل حضرتك طلبتني.
طفى على ملامحه شيء من الإجفال تأثرًا بثباتها، ثم ما لبث ان يعود لجموده لينهض عن كرسيه قائلًا؛
– اه فعلا حضرتي طلبك، ما هو شيء طبيعي يعني، لما الواحد يعرف عن موظفة عنده انها اتسببت في خناقة كبيرة لرب ألسما، بين اتنين، واحد منهم كان طليقها اللي مكتوب كتابها عليه، والتاني زميلها اللي كانت عشمته بجوازه منها….. ولا ايه يا….. مدام بهجة.
شدد في الاخيرة بشكل ملحوظ وهو يجلس على طرف المكتب امامها، فيكن مقابلا لها، مربعًا ذراعيه، بنظرات رغم هدوئها لكنها قادرة على حرق من امامها، ولكن هل سيظنها ستخاف؟ بعدما ظهر من طريقته، انه قد حكم بالظاهر، ولم ينتظر نتيجة التحقيق،
لتقارعه بحدة معقبة على كل ما سبق، وتذهله بجرأتها:
– اولا مش هعلق على كلمة مدام دي لان انا فعلا مدام وانت الأدرى، اما بقى عن الاتهامات التانية ف انا مقبلهاش، لأني وبكل بساطة معملتش حاجة غلط، لا علقت تميم في غرامي ولا كان ليا دخل باللي وقفت ابن عمي في الشارع تبخ له بكلام عن تحرش زميلي بيا في العمل، يعني رد فعله لما يجي يتخانق معاه طبيعي جدا.
– طبيعي جدًا
ردد بها من خلفها كازًا على اسنانه رغم احتفاظه بهذه اللمحة من البرود يحجم نفسه بصعوبة أن لا ينفجر بها، فيردف بسخرية وصوت بدى كالفحيح، وقد اعماه الغضب والغيرة الشديدة حتى تشوهت الصورة بكاملها امامه:
– طبيعي ان ابن عمك اللي كان كاتب كتابه عليكي يقف لك كل يوم عند المصنع ويستناكي حتى بعد طلاقك منه، ولا التاني اللي حاطط عينه من زمان وانتي عارفة، يتخانق عشانك ويجازف بعمله عشان خاطر عيونك.
على صوت انفاسه وصدره يصعد ويهبط امامها ليكمل بما شطر قلبها لنصفين، وقد لاح بعقله صورة الأخرى، تلك الملعونة التي شتت اسرته الصغيرة وتسببت له بالماَسي والندوب التي لم يشفى منها حتى الآن:
– هما لو لقيو منك وش خشب يا هانم ولا رفض قاطع، كان هيفضل جواهم الأمل ويستانوكي، ولا يكونش دا قصدك من البداية والغبي اللي قدامك كان عايش في وهم انك بتحبيه؟
صدمها، لا لم تكن صدمة، هذا شيء تعدى الكثير والكثير، هذا صوت قلبها التي تسمع أنينه الاَن، كيف له ان يتحول هكذا للصورة البشعة؟ لقد حكم عليها دون ان يسمع منها او يرى ما يثبت برائتها، ايتوقع ان تعترف بخطأها ام تترجاه كي يصدق دفاعها عن نفسها ، لا والله لن يحدث
بقوة لم تعرف أتت من أين، ابتلعت غصتها كي تنهي كل شيء:
– انا شايفة انك كونت الفكرة وبتتكلم على أساسها، ومدام انا وحشة كدة في عينك وظهرت على حقيقتي قدامك، انا بقول يبقى كفاية كدة احسن .
انتفض مستقيمًا بجسده فور سماعه لكلماتها، لتزداد ملامحه قتامة، وخطا يدور حولها كالفهد بخطوات بطيئة تبث بقلبها الرعب، قبل ان يسألها بلهجة هادئة خطرة
– قصدك ايه بكفاية؟ كملى وقفتي ليه؟
ابتعلت تشجع نفسها على مواجهته، علُها تحل نفسها من هذا الاتفاق الخانق، لتركز ابصارها به دون خوف:
– مش محتاجة اكمل يا باشا احنا اتفاقنا كان على مدة محددة وكل واحد يروح لحاله، وافتكر يعني الكام شهر دول كانوا اكتر من المدة اللي كان عليها اتفاق…..
توقفت باضطراب يعصف بها، مع انتباهها لهيئته الغير مبشرة على الإطلاق، تستطرد بتردد:
– انا عايزة اسوي حاجتي في الشغل، وامشي بقى واروح لحالي، المحل عندنا محتاج اللي يراعيه، وانت كمان يا باشا اكيد هتلاقي غيري كتير…
– يعني عايزة تقولي انك شبعتي ومعدتيش محتاجة خلاص؟ وطبعا حالك ده اللي هو ابن عمك، او المغفل التاني، ما هم الاتنين قاعدين مستينيك؟
تمتم بها، وقد ضاقت عينيه، ليباغتها فجأة قابضًا بكفيه على ذراعيها يضغط بعنف، هادرَا :
– وليكي عين تقوليها في وشي يا بجحة، دا انت باينك اتهبلتي ولا عقلك طار منك، ولا نسيتي انا مين؟ وصفتي ايه بالنسبالك اصلًا؟
صرخت بدورها:
– لأ منستش، بس انت كدة كدة هتسبني، فيها ايه بقى لما اتجوز ابن عمي ولا غيره؟ ولا انا يعني هفضل من بعدك مترهبنة؟…
– بمزاجي، انا اللي احدد إمتى النهاية، وفي الوقت اللي انا عايزه.
صاح بها بأعين يكسوها الحمار، وبصورة ادخلت الرعب في قلبها، ليُضيف بشراسة اختلفت تمامًا عن طببعته الهادئة لدرجة البرود احيانًا:
– انا صاحب الكلمة العليا ، وانا اللي احدد ان كان في نهاية ولا لأ من اساسه، لان انا اللي اشتريت وانتي قبلتي، فاهمة معنى الكلام ده؟ ولا محتاجة افهك اكتر؟
حاولت نفض قبضتيه عنها لتضيف مما زاد من هياجه:
– لا مش محتاجة افهم، لأني تعبت ومعدتش قادرة، ابقى مراتك وحبيبتك في الضلمة، لكن في النور لا، غيرة وشك وفرض أوامر من غير تقدير لوضعي ولا لصورتي قدام الناس ولا اللي ممكن يظنوه فيا، بتتهمني ان معشمة الاتنين، ما انا لو لقيتك معترف بيا كزوجة محدش فيهم اصلا كان هيبصلي اصلا، انا بقى اللي بقولك زهقت، وخلينا نخلص من اللعبة البايخة دي، ارجع يا باشا للوسط بتاعك وشوف اللي تناسبك فيهم، وسيب بهجة تلاقي برضو اللي يناسبها.
– دا انا اموتك احسن، ولا اسيبك تروحي لحد غيري .
قالها وقد ازداد جنونه، ليهزهز جسدها بعنف زاد أضعاف، عقله يرفض استيعاب كلماتها من الاساس:
– عمرك ما هتكوني لحد غيري يا بهجة
وكأنها شجرة يقتلعها من جذورها ، لم ينتبه أنه تمادى إلا حينما سقطت منه, ليتلقفها على صدره بهلع مرددًا:
– بهجة، مالك يا بهجة؟ انا اسف يا قلبي اني اتعصبت عليكي
حملها بين ذراعيه حتى سطحها فوق الكنبة الجلدية في جانب الغرفة، يحاول افاقتها، يربت على كفها ووجنتها بخفة:
– بهجة، قومي يا بهجة، قومي يا بهجة متخلنيش اكره نفسي ارجوكي.
حينما ظلت على وضعها، انتفض من محله يركض إلى لورا مناديًا بجزع كي تأتي وتفيقها، فترى بأم عينيها ضعفه وخوفه، وترقبه بلهفة حتى فتحت عينيها على اثر الرائحة القوية للعطر التي اخترقت حواسها، فتهلل وجهه:
– هي كدة بتفوق صح؟
بغيظ شديد اغلقت على زجاجة العطر تبعدها عنها قائلة:
– ما هي فتحت عيونها اهي، يبقى اكيد فاقت يعني؟
وهي ايه اللي خلاها اغمي عليها اصلا؟
– تعبت ووقعت من طولها يا لورا، محصلتش معاكي قبل كدة، قومي قومي من جمبها خليها تاخد نفسها:
– اجيبلك دكتور يا بهجة؟
استعادت وعيها جيدًا تنتبه على سؤاله، وراسه اعلاها بشيء بسيط ، وتلك المتعجرفة ترمقها بمقت وغل، لتحاول النهوض بجذعها متحاملة على ألمها الجسدي والنفسي:
– انا كويسة والحمد لله
هتف مشيرا بكفيه يحاول منعها:
– لا استني يا بهجة، انا طلبت الدكتور وزمانه على وصول
ردت بجمود ورسمية:
– متشكرة حضرتك، دول اكيد شوية ضعف مش مستاهلة قلق.
حطت بقدميها على الارض، بعد ان ابتعدت عنها لورا، والتي اصبحت تمثل حاجزًا بينهما، حتى لا تمكنه من الاقتراب منها في كل محاولة منه نحوها :
– يا بهجة استني، انتي مش قادرة تصلبي طولك
ردت بإباء وقوة:
– لا اطمن يا رياض باشا، انا لو اتهزيت في وقفتي، برجع اثبت بسرعة عشان مقعش، لان عارفة ان محدش هيسندني غير نفسي، عن اذنك .
– طب استني هوصلك.
قالها يتراجع سريعًا نحو مكتبه فيتناول سلسلة المفاتيح من فوقها لتلحقه لورا على الفور تذكره:
– واجتماعك مع العملا، انت وكارم بيه هتعمل فيه ايه؟
– يتأجل يا لورا
صدرت منه بدون تفكير، لتثير على ثغرها ابتسامة ساخرة لم تصل لعينيها:
– وانا مقبلش يا رياض باشا انك تعطل نفسك، حمد لله رجليا شيلاني ومش محتاجة مساعدة حد.
قالتها بهجة وتحركت تغادر من امامه على الفور، غير قادرًا على اللحاق بها، بعد احراجه امام لورا التي تحدثت بعملية:
– انا رايحة اجيبلك الملفات المتأخرة، حضرتك من الصبح ماشتغلتش على اي ملف فيهم، عن اذنك.
زفر بقنوط ، يلقي المفاتيح من يده، ثم يرفع الهاتف إلى اذنه طالبًا سائقه:
– عم علي، اسمعني كويس .
❈-❈-❈
اما عنها فقد اتخذت طريقها للذهاب على الفور من الباب الخلفي، متجنبة المدخل الرئيسي وما يتبعه في المرور على صباح والأثنان المتشاجران، واي فرد قد يعرفها في المصنع، حتى العم علي الذي وكل بتوصيلها، دخل بنفسه ليأخذها ويخرج بها، ولكن حينما لم يجدها اضطر للسؤال عنها حتى وصل الامر إلى صباح، والتي ضربت بكفها على صدرها بهلع خوفًا من اختفائها المفاجيء، فخرجت تتخذ طريقها للذهاب إلى منزلها ومعها ابن عمها، حتى ود تميم ايضًا الذهاب معهم ولكن منعه الحرج وجلافة سامر الذي كان وشك ان يقتله حينما تفوه عارضًا الامر
❈-❈-❈
امام المراَة وقد تصدرت بجسدها امامه، تتمايل بشقاوة وتغير بلفات الحجاب الذي كانت تتعمد فرده كل لحظة بمشاكسة لهذا الواقف خلفها يبحث عن جزء ولو بسيط يهندم من خلاله ملابسه، حتى فاض به من أفعالها:
– يا بنتي بقى اهمدي، عايز اشوف القميص مظبوط ولا مش متنيل، مش شايف حاجة خالص
التفت اليه تستمر في تمايلها:
– وانا اعملك ايه يا مستر شادي؟ حد جالك تنجي مراية صغيرة في أوضة النوم الجديدة ، كنت بحبحها حبتين واخترت مراية كبيرة.
اقترب يميل نحوها بغيظ لا يخلو من مرح في كل مرة تناكفه بأفعالها:
– ابحبحها برضو! دا على اساس اني جايبها قطع، مش اوضة كاملة، انت ناوية تجنينيني معاكي صح.
ضحكت بغنج:
– انا برضو يا مستر، عشان بس بنصحك، ليكون الراجل صاحب محل الموبيليا ضحك عليك واستخسر .
ضغط على كفها فزادت ضحكتها ليعلق بابتسامته الرزينة هو الآخر:
– لا هو فعلا ضحك عليا، بس انا بقبل بمزاجي، عندك مانع يا بنت ابوليلة؟ ولا تدفعي احسن وتسدي عن جوزك.
تدللت تلف ذراعيها حول عنقه ، وتشب على قدميها مرددة بدلع :
– لااا انت جوزي وحبيبي وكل حاجة، بس عند الدفع معرفكاش،
– طبعا وارثة النصاحة من ابو ليلة .
اومأت برأسها تقول:
– انا كنت دلوعة ابويا ، يعني عيبة في حقك لو مجلعتنيش انت زيه.
– كمان، مش بقولك ناصحة،
قالها ليقبل الوجنتين ثم يرفعها من خصرها ويحتضنها مردفًا بعشق:
– ادلعي على حس جوزك يا قلبي واعملي اللي انتي عايزاه، ربنا ما يحرمني منك ابدا يارب
– ولا منك يا حبيب جلبي .
قالتها تتشبث به هي الأخرى،
تأوه بلوعة؛
– ااه يا صبا، بحبها اوي منك والله يا جلب جلبي انتي، وشكلنا كدة مش رايحين الشغل النهاردة اللي متأخرين عنه اساسًا.
– انت اللي ماسك فيا مش انا
– والله
انزلها لتفك ذراعيها عن عنقه، عارضًا بخبث:
– ايه رأيك نضم أليوم دا كمان اجازة على الكام يوم اللي فاتوا؟ وناخده كله برا، نتفسح ونعمل كل حاجة نفسنا فيها.
اهتزت بكتفيها تدعي عدم الاكتراث، ثم تحذره:
– والله انت حر، بس استلقي وعدك بعد كدة مع المدير نفسه، دا هيشد في شعره منك.
ضحك يتناول هاتفه:
– طب احنا نعمل تيست اختبار نشوف هيسمح، ولا ناخدها من قاصرها ومنجيبش سيرة من اولها..
توقف ينتبه إلى ورود اتصال برقم غريب ، جعله يجيب على الفور حتى يعرف بهوية المتصل:
– الوو مين معايا؟…… مين؟ صباح اللي مع بهجة في المصنع؟….. هي بهجة حصل لها حاجة؟
❈-❈-❈
انتهى اخيرًا من الاجتماع الذي استغرق ساعات، مرت عليه بعذاب التفكير المستمر وعدم التركيز في اي بند، مما الزم كارم للتصرف بحنكته مع العملاء معظم الاوقات، ليأتي الان تعقيبه:
– ايه يا عم رياض؟ انت تقريبا مكنتش معانا خالص النهاردة؟
اوما يجيبه بضجر:
– انا فعلا مكنتش مركز معاك، دا غير ان كنت عايز أاجله اساسًا، وندمت اني منفذتش قراري.
– ندمت!
تمتم بها كارم بدهشة يراقبه ينهض من جواره، فيبتعد عنه ويهاتف احد الأشخاص، ثم ما لبث ان يصله الصوت بعصبية:
– ازاي يعني موصلتهاش؟….. وكمان متعرفش راحت فين؟……. انت بتتكلم في ايه يا عم علي…… لا في بيتها ولا عند أخواتها؟ ازاي يعني؟ طب اقفل طيب وانا هشوف بنفسي.
انهى المكالمة سريعًا وبعصبية ليتفاجأ بكارم بجواره يسأله بقلق:
– هي مين اللي اختفت، مش طنت نجوان خفت على حسب علمي؟
طالعه بصمت ليتحرك ذاهبًا من امامه يحادث الآخرى :
– ايوة يا صباح طمنيني على بهجة.
– بهجة!
تمتم الاسم من خلفه بعدم تصديق، مستندا بجسده على الطاولة يردف محدثًا نفسه:
– ياااه ، هي لدرجادي البنت أكلت عقلك يا رياض؟….. يا نهار ابيض، دي حاجة ولا في الخيال.
❈-❈-❈
في منزل خميس
وقد كان حاضر الان يرحب بعريس ابنته وزيارته الأولى بعد قراءة الفاتحة، يحتفي به بمبالغة كعادته, متجاهلا صوت الهاتف الذي كان يدوي صامتًا في جيب سترته
– يا أهلا وسهلا، نورتنا يا غالي يا بن الغالي، واد يا طلال بلغ ابوك اني زعلان منه، مجاش ليه الراجل ده معاك النهاردة.
تبسم المذكور وعيناه تذهب نحو الجيب الذي كان يضوي امامه كل دقيقة:
– تشكر يا عم خميس، بس هو كان هيجي على فكرة انا بصراحة اللي منعته، متزعلش مني، اصل لا مؤاخذة يعني، انا جاي النهاردة اقعد مع عروستي يجي هو بقى يقعد وسطنا عزول!
قطب يتطلع اليه بازبهلال شاعرًا بأنه حديثه فيه تلميح نحوه، صرف عن رأسه الفكرة حينما قدمت زوجته حاملة صنية العصائر والحلوى، ترحب هي الأخرى بطريقتها:
– يا أهلا يا أهلا بعريس بنتي، شرفت وأنست.
تناول منها الصنية يضعها امامه على الطاولة الصغيرة التي تتوسط الجلسة يرد بطريقته؛
– تشكري يا حماتي، بس مكنش له لازمة التعب.
ضحكت تأخذ جلستها على الكرسي المجاور لزوجها:
– تعب ايه يا حبيبي بس؟ هو انت هتسمي العصاير وحبة الكيك دي تعب.
تناول كوب العصير يرتشف منه،، موجهًا سؤاله نحو الاثنين:
– تسلم ايدك يا حماتي بس هي العروسة فين؟ ولا انا جاي اخد قعدتي معاكم؟
– هاا
تمتمت بها مجفلة لفجاجة السؤال، ولكن انقذها خروج ابنتها من الاحراج، لتردف مشيرة نحوها:
– اهي، العروسة جات اهي، عشان متقولش يا عم ان جاي تقعد معانا وبس.
قابل مزاحها ببرود قائلًا:
– لا ازاي بس يا حماتي؟ دا انتو الخير والبركة.
قالها ووقف يستقبل عروسه تلك التي صارت تتمايل وتتبختر بخطواتها امامه عن قصد، هو ليس بغافل عنه، فيستغل بمكره، يمشطها من رأسها والنصف الحجاب الذي يكشف اكثر مما يغطي من رقبتها وشعرها، زينة وجهها والمساحيق التي لا تتخلى عنها ابدًا، ثم هذا الفستان الضيق يجسم جسدها بالكامل، حتى ما ترتديه بقدميها البيضاء في ذلك الحذاء الذي يظهر الأظافر المطلية في الامام بصورة تثير الإعجاب.
ليتنهد واضعًا كفه فوق صدره ، والتي امتدت بعد ذلك نحوها فور ان اقتربت:
– يا مسا الجمال، أهلا يا عروستي
عبست بوجهها لترفع طرف كفها بتعالي، تبتغي ان تلامس كفه بقرف ولكنه كان الأسبق ليطبق على كفها بضغطة اجفلتها لتبرق عينيها بخضة نحو والديها الذان تطلعها اليه مزهولان وهو يسحبها من يدها التي مازال ضاغطًا حتى كاد ان يجلسها بجواره على نفس الاَريكة، ولكنها تشبثت في الأرض تنزع يدها عنه لتجلس على ابعد كرسي منه، ترد بصوت يتخلله الضيق:
– منور يا طلال.
عض على شفته بغيظ لفعلها، ليحط جالسًا محله يفرك بكف يده على فخذه زافرًا:
– ومالوا ما هو نورك برضو يا عروستي.
بملامح مكشوفة، تعبر عن ضجرها اشاحت بوجهها عنه، ليواصل الفرك بكف يده على فخذه متوجهًا بالحديث هذه المرة نحو درية:
– ايه يا حماتي، انا سمعت انك محضرالي عشا
للمرة الثانية يربكها بجرأته، لتنهض على الفور مرددة باضطراب:
– اه يا بني امال ايه؟ دا انا عملالك عشا ملوكي، ثواني هشوفه على النار.
تحركت ذاهبة نحو المطبخ وقبل ان يتفوه خميس بكلمة من خلفها، سبقه هو:
– ما تشوف التليفون اللي شغال يرن عليك من الصبح دا يا عم خميس، لتكون حاجة ضرروي، ولا ناس محتاجينلك..
– نااس محتاجنلي!
تمتم بها خميس يكتنفه احساس غريب، ان هذا الولد يعرف بهوية المتصلة، لينهض هو الاخر مرددًا بتلعثم:
– اا عندك حق يا بني، انا هروح اشوف مين.
– خد راحتك يا عم خميس.
قالها بصوت عالي جعلها تطالعه بذهول، غير مستوعبة الاريحية التي يتحدث بها وكأنه صاحب المنزل، ليصدمها مرة أخرى بنظراته الفجة نحوها، يمسح بلسانه على طرف شفته السفلى، يزيد من دهشتها، ويقفز فجأة تجده على الكرسي المجاور لها، مرددًا:
– عاملة ايه يا عروسة بقى؟
إلى هنا وتمالكت تنفض عنها الدهشة لتنهره بتكبرها المعهود:
– ايه في إيه؟ ما تظبط كدة يا عمنا، انت فاكرها زريبة….. ااه
صدر تأوهها الاَخير بعدما امتدت يده نحوها يقبض على لحم ذراعها ضاغطًا عليه بعنف محذرًا:
– لأ اصحي يا بت كدة ومتقليش أدبك، طولة اللسان دي ما تمشيش معايا، يعني تأدبيه من نفسك لاقصهولك
فغرت فاهها بصدمة سرعان ما استفاقت منها تحاول نزع يده من على ساعدها:
– اوعي ايدك دي عني لاصوت….
قطعت مرغمة، حينما حطت كف يده الأخرى على جانبي فكيها يضغط على الوجنتين قائلًا بفحيح:
– لأ فوقي لنفسك يا بت وحسك دا ميعلاش عليا، انا واخدك انقاذ موقف بعد فضيحتك مع شيخ الهم، ولا انتي فاكرة الكلام مطلعش وهيئتك كانت ازاي ساعة ما طب عليكي البوليس، انا مش هحقق معاكي، بس انتي لمي نفسك يا حلوة وبلاها النفخة الكدابة دي عشان مقلبش عليكي، انا صاين الود كدة وداخل بقلبي. يعني انتي كمان تراعي.
شخصت ابصارها لتتجمد امامه بصورة كادت تضحكه: فرفع كفيه الاثنان عنها ليردف بنعومة لا تليق به:
– معلش يا قلبي ان كنت خضيتك كدة من اول قعدة لينا مع بعض لوحدنا، بس انتي برضو لازم تاخدي بالك في الكلام معايا، ما هي الواحدة لازم تحترم راجلها عشان يحطها في عنيه ولا ايه؟
❈-❈-❈
اما عند اشقائها في منزلهم، وقد حل القلق على الأربعة بوجود صباح وسامر الذي لم يغادر محله منذ أتى، بعد بحثه عنها مع المرأة وعدم الحصول على نتيجة وافية حتى تجعلهم يغادرون مطمئنين، مما اجبرهم على الانتظار الان، لعلمهم الأكيد انها حتى لو تخلت واستغنت عن الجميع فهي لن تترك اخوتها ابدا دون ان تطمئنهم.
– الساعة داخلة دلوقتي على سابعة المسا، انا بدأت اخاف على بهجة لتكون حصل لها حاجة
تفوهت عائشة بالكلمات تعبر عن خوفها، لتنهرها على الفور جنات:
– تفي من بوقك يا عائشة، بلاش تفولي على اختك بحاجة وحشة
– يا جماعة انا مش بفول والله، بس قلقانة.
ردت صباح والتي انتابها الندم :
– يقطعني يا بنتي، انا اللي خوفتك، دلوقتي تتصل وتطمنا عليها.
تدخل سامر هو الاخر والذي اكتنفه نفس الاحساس ؛
– مش انتي بس يا ست صباح انا كمان غلطان، يا جماعة هي اكيد مضايقة من موقف الصبح، بس انا والله بضرب نفسي بجزمة قديمة، اني مشغلتش عقلي واتحكمت في عصبيتي ساعتها عشان أميز، لكن وربنا البت اللي لبستني العملة دي ما هسيبها، ولازم اربيها على عملتها معايا .
اشاح ايهاب بوجهه عنه مغمغمًا بضيق:
– واحنا مش هنخلص بقى من أذيتكم، حتى بعد ما عزلنا وبعدنا عنكم ورانا ورانا .
عقب سامر بحرج:
– عندك حق يا ايهاب، والله ما هلومك، على العموم يا بن عمي انا هطمن بس على بهجة وبعدها مش هتشوفوا وشي تاني .
دوى هاتف صباح بالرقم الذي تعلم هوية صاحبه، فزفرت بضحر، لتنهض مستنئذونة للرد عليه:
– عن اذنكم يا عيال هرد على التليفون بس .
وتحركت تبتعد بمسافة كافية كي تجيبه:
– ايوة يا باشا عرفت حاجة تطمنا.
– الله يخرب بيتك يا صباح، افهم من سؤالك ده انها لسة مرجعتش، هتكون راحت فين بس؟
– معرفش احنا دورنا كتير وفي الاخر قاعدين في بيتها هنا نستنى اهو.
وصله صوت زفرة قوية منه ثم قال بعصبية:
– ماشي يا صباح، بلغيني اول ما تيجي او تسمعي اي خبر عنها، وانا برضو مش ساكت وبدور عليها.
انهت معه المكالمة لتعود إلى جلستها مع المجموعة، فتتذكر سائلة:
– صحيح يا عيال، ما اتصلتوش ليه بنجوان هانم، مش يمكن تكون عارفة عنها حاجة.
❈-❈-❈
وفي جهة اخرى استيقظت من غفوة نومها الاختياري، لتجد نفسها داخل مكتب صديقتها المظلم، فتستنتج بمرور الوقت:
– يا نهار ابيض، انا شكلي اتأخرت اوي في نومتي .
ارتدت حذائها وخرجت بوجهها الناعس تغمغم مع نفسها :
– يا لهوي عليا لتكون صفية مشيت وسابتني في المكتب…..
– لا يا اختي انا قاعدة ومستنياكي هنا.
اتجهت نحو مصدر الصوت لتجدها جالسة في الردهة الخالية من الزبائن، بحضور شادي وزوجته ، والمفاجأة كانت نجوان.، والتي تبسمت تفتح ذراعيها وتتلاقها:
– ايه يا بهجة، حتفضلي واقفة مكانك كدة كتير. تعالي في حضني يا قلبي .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية حان الوصال)