رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم روان الحاكم
رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم روان الحاكم
رواية وسولت لي نفسي 2 البارت الثاني والثلاثون
رواية وسولت لي نفسي 2 الجزء الثاني والثلاثون
رواية وسولت لي نفسي 2 الحلقة الثانية والثلاثون
من خصال البر: أن تكون مأمون الجانب
يخالطك الإنسان أو يغادر …فيبقي آمناً.
لا يصلُح الحُبّ بين اثنين إلّا إذا أمكن لأحدهما أن يقول للآخر: يا أنا.
____________________________
أنتفض عمر من مكانه بفزع عندما وجد طرق على باب المنزل حتى حرك بصره نحو ياسمين التي أبتلعت ريقها وهي تقول بخوف:
” أكيد زين اللي بيخبط”
تسارعت دقات قلب عمر وهو يبحث حوله عن اي مخرج من هذا المأزق وقد تناسى للحظات أنه بالفعل عقد عليها وأصبحت زوجته ولكن خوفه من زين جعله ينسى كل شيء.
عادت روان من الداخل بعدما سمعت طرق على الباب وهي تنظر إلى عمر بزعر وهي تهتف:
“زين جه منك لله ياعمر يلي طلاقي هيكون على أيدك”
ذاد الطرق أكثر على الباب حتى نهض عمر من مكانه وهو يجذب ياسمين من يدها والتي قامت بدورها وقد تملكها الخوف ثم دنى عمر أسفل مائدة الطعام وهو يسحب ياسمين معه ثم رفع رأسه إلى روان التي تتابع ما يحدث بصدمة قائلاً بتهديد:
“روحي أفتحي الباب شوفيه عايز اي واتصرفي وسربيه”
نفخت روان وجهه بغيظ شديد منه ثم هتفت وهي تقول بحنق:
“أتكلم عن جوزي بطريقة أحسن من كدا”
رحلت كي تفتح الباب وهي تخشى أن يُكشف الأمر وأثناء ذهابها جحظ عمر عيناه بشدة وهو يشهق بغضب فنظرت له ياسمين بتعجب وهي تقول بصوت منخفض من أسفل الطاولة:
“فيه ايه يا عمر”
لم يجيها بل ظل يصب بصره أعلى الطاولة والغيظ يتملكه فنظرت ياسمين إلى ما ينظر إليه حتى أنفجرت ضاحكة رغمًا عنها عندما أبصرت فتحي يجلس أعلى الطاولة ويأكل بنهم شديد وكأنه لم يأكل منذ زمن وبجواره تقف سُكر تتابعه ولكنه لم يعيرها اي انتباه وهو يصب كامل تركيزه على الطعام فقط.
“ااه يابن ال..**”
هم عمر لينهض كي يلحقه قبل أن يقضي على الطعام فأمسكت به ياسمين مسرعة وهي تقول:
” متقومش يا عمر زين هيشوفك”
وفي الخارج وعند روان توسعت مقلتيها عندما وجدت عمها أحمد يقف أمامها باسمًا بعدما القى عليها التحية ثم دخل المنزل وهو يغمض عيناه بتلذذ عندما أشتم تلك الرائحة الشهية حتى توجه نحو مائدة الطعام ولكنه عقد جبينه بتعجب عندما لم يبصر أحد سرعان ما قهقهه بشدة بعدما رأى عمر ومعه ياسمين أسفل الطاولة فهتف قائلاً:
“اطلعوا يا ولاد متخافوش دا انا”
وما إن أنهى عبارته حتى زفر عمر براحة وهو ينهض من مكانه ويزيح العرق الوهمي من أعلى جبينه قائلاً:
“الحمد لله إنه انت يا عمي”
تعالت ضحكاته الصاخبة مجددًا وهو يتخذ له مقعدًا قائلاً:
“طبعًا انت خوفت علشان أفتكرتني زين… حقك تخاف انا شخصًيا أبوه وبخاف منه”
حرك نظره حتى وجد ياسمين مازالت مختئبة بل وتخفي وجهها حياءً من أبيها وكأن من كانت تجلس معه ليس بزوجها.
“أطلعي يا ياسمين يابنتي عمر كلمني وأستأذن مني يجيبك هنا وانا اللي سمحتله يعزمك هنا”
هدئت ياسمين قليلاً وهي تأخذ أنفاسها براحة ثم نظرت إلى عمرة ببسمة ممتنة ولم تكن تتوقع فعلته حتى قامت من مكانها وهي تعود للجلوس مرة أخرى.
بينما نظر عمر إلى فتحي شرزًا ثم توجه نحوه كي ينقض عليه ولكن فتحي كان أسرع منه وهو يهرب بعيدًا ولكنه لم ينس أن يلتقط آخر قطعة لحم تبقت في الطبق وهو يضعها داخل فمه ثم أختبئ عن الأنظار حتى لا يراه أحد.
إستدار عمر ينظر إلى سُكر فوجدها تقف برقتها المعهودة أمام الطعام تنظر إليه دون أن تقترب من اي شيء وكأنها تنتظر صاحبتها حتى تأذن لها بالطعام فأردف عمر وهو يقول:
“انا غيرت رأيي في الجوازة دي هي علاقة مصننة من اولها خلاص يا ياسمين كل واحد هيروح لحاله والحمد لله اننا لسه على البر قبل ما يكون فيه عيال يتبهدلوا من غير ذنب”
نظرت له روان بخبث وأستغلت إنشغال عمها وهي تهتف بصوتِ عالِ مشهقة بصدمة مصطنعة:
“بتقول اى يا عمر عايز تسيب ياسمين وبتقول على جوزاتكم علاقة مصننة!؟ ياخي حتى مش قدام الراجل اللي فتحلك بيته وجوزك بنته”
ترك أحمد المعلقة من يده وهو ينظر إلى عمر بصدمة من حديث روان وهو يقول:
“انت بتقول اي يابني! اى الكلام دا انت عايز تسيب ياسمين؟”
توسعت مقلتي عمر عندما انتبه لحديث والد زوجته ثم نظر إلى روان بوعيد والتي كانت تراقص له حاجبيها، فهتف عمر مسرعًا يوضح الأمر قائلاً:
“لا لا أسيب ياسمين اي يا عمي دا انت ما صدقت.. انا بتكلم على فتحي وسُكر القطط”
قطع هذا رنين هاتف روان التي كانت تفكر بتلك المفآجأة التي أخبرها عنها زوجها ثم أستأذنت منهم وخرجت له كي تراه.
وفي الأسفل كان البعض قد هم بالرحيل حتى خرجت سهير تشتم بعض الهواء في الخارج ولكنها توقفت عندما وجدت أحمد أمامها والذي يبدو أنه خرج لنفس السبب بل وكأنه كان ينتظرها!.
شعرت برجفة خفيفة تسرى بجسدها وهي تراه يهيم النظر بها لذا حملت نفسها للمغادرة ولكنه أسرع نحوها بلفهة وهو يهتف أسمها بهمس:
“سهير…”
توقفت أقدامها عن السير وهي تضغط على يدها بتوتر ثم إستدارت له ببطء وهي خافضة بصرها دون أن تجيب تنتظره أن يفرغ ما لديه حتى ترحل.
بينما هو ظهرت غمامة من الحزن على عينيه وقد أصبحت ملامح وجهه باهتة ولم يعد ذلك البشوش التي أعتادت أن تراه وكم آلمها هذا أيضًا ولكنه هو من أختار هذا.
“سهير انا… انا اسف اقسم بالله العظيم ما كنت أقصد اديني بس فرصة أثبتلك إني مكنش قصدي اللي قولته دا وبعدين مليش إني أدخل في حياتك ولا ماضيك انا بس.. انا…”
توقف عن الحديث بعدما فشل في وصف ما يريد قوله وكأن الكلمات هربت منه ولا يجد ما يقوله.. وماذا يقول بعد فعلته تلك!.
تنهد أحمد يأخذ نفسًا عميقًا وقد قرر بأن تلك سوف تكون آخر محاولة يحاول فيها معها وسوف يتقبل ردها مهما كان بصدرِ رحب لأن هذا ما يستحقه.
“لو موافقة نرجع ونبدأ صفحة جديدة هكون أسعد حد في الكون ويكفي إنك البنت الوحيدة اللي ادتيها مشاعري وأتمنيتها زوجة ليا.، يمكن تجاوزت حدودي وغلطت لكن أوعدك المرة دي هحافظ عليكي أكتر من نفسي وهتقى ربنا فيكي”
كان يتحدث بطريقة غير مرتبة وصدره يعلو ويهبط بشدة وكأنه بذل مجهودًا كبيرًا أثناء حديثه بينما سهير شعرت بغضة كبيرة داخل حلقها ولا تدري بما تجيبه.. لقد رأت الندم داخل عيناه وأستشعرت الصدق من حديثه.
سقطت دمعة حارقة من عيناها رغمًا عنها.. نعم تريده وترغب به ولكن ماذا عليها أن تفعل؟ هل تبقى معه بعدما هدم الثقة التي بينهما؟ بعدما أخبرها أسوء ما لديه حتى ولو كانت تستحق!.
ما ذنبها أنها وُلدت في تلك البيئة الفاسدة؟ لم يفكر أحد بإصلاحها بل الجميع ساهموا في افسادها.، بينما هو ترعرع في تلك البيئة الإيمانية وعلى قول الله وقول الرسول فمن حقه أن يكون بهذا الإلتزام.
لربما إن تبادلت الأدوار ونشأ هو في بيئتها ما كان ليفكر حتى في التغيير وإنما هي مشيئة الله وإذا أراد الله شيئًا أن يقول له كن فيكون.
فهي قلوب يقلبها الله كيف يشاء فلا تغترين بنفسك
فلربما انت هكذا لإنك لم تتعرض للفتن لا أكثر.
ينتظر ردها على أحر من الجمر وهو يتوسل إليها بنظراته الا ترده خائبًا ولكن في بعض الأحيان يحصل منا المرء على فرصة واحدة فقط وعندما يفرط فيها لا تتكرر له، وهذا ما فعله لذا لم يكن ردها قاسِ عليه بل كان هذا العدل.
“انا آسفه يا أستاذ أحمد بس مفيش نصيب.، ربنا يرزقك بالاحسن مني ورزقني الأحسن منك”
رحلت رغم أنها لا تود الرحيل.. قلبها يأبى ولكن ليس كل ما يريده القلب نطيعه فيه وما فعلته هو عين الصواب، وأيضًا ليست نادمة رغم حزنها فما حدث معها كان بمثابة درس تعلمته.
لم تفكر فيما حدث بطريقة سلبية بل اتخذت الجانب الإيجابي منه هو أن البشر مهما بلغ إيمانهم يعيرون ولا يغيرون بينما الله سبحانه وتعالى يغير ولا يعير بل ويسترنا ويستر ذلاتنا ويعفو عن سيئاتنا.
علمت أنها أخطأت حين فضحت ذاتها.. فإن كان الله سترها من هي حتى تفضح نفسها؟ ولم يسترها الله فقط وحسب بل جملها في أعين من يراها حتى يتمنوا لو يصبحون مثلها وهم الذين لو علموا ماضيها لنفروا منها.
وهذا ليس حالها فقط بل حالنا جميعًا.
غادرت زقد شرح الله صدرها وتشعر بالسكينة داخلها.. لقد أنزل الله على قلبها صبرًا بعدما رضيت بقضائه… كانت تظن بأنها ستنهار بعدما تخبره قرارها النهائي الذي لا عودة فيه ولكن خاب ظنها وقد أنزل الله على قلبها السكينة والطمنانية وهي على يقين بأن ما حدث هو الخير لهما.
بينما كان أحمد في أشد حالته حزنًا.، نعم هو راضِ ومتقبل ما حدث ولكن كيف يواسي قلبه الذي أنجرف بمشاعره نحوها؟ كيف خان نفسه بعدما أخذ عهدًا بالا يعطي مشاعره سوى لمن تصبح زوجته فقط! هو الآن خائن لمن ستصبح زوجته لأنه أحب قبلها ولم يحافظ على مشاعره بأكملها لها.
شعر بالإختناق الشديد حتى ضاقت عليه الأرض وبدون تردد وجد أقدامه تقوده إلى المسجد وهذا هو حال المؤمن.. فالمؤمن ليس الذي لا يذنب بل هو ذلك العبد الآواب الذي كلما وقع في ذنب كلما أسرع في التوبة وهو شاعرًا بالندم.
فعندما تذنب أسرع بالتوبة كي لا تُهزم مرتان.. واحدة عندما أذنبت.. والأخرى عندما لم تتب من هذا الذنب.
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
توقفت عايدة أمام المنزل وهي ممسكة بيده بحماس شديد وقلبها ينبض بسعادة لهذا الذي أمتلك قلبها ومازالت لا تصدق نفسها بعدما أصبحت زوجته ويقفا أمام منزلهما الجديد الآن.
ما يثير تعجبها هو نظراته الغريبة نحوها ووجهه الشاحب اليس من المفترض أن يكون سعيدًا الآن؟ فلمَ كل هذا الحزن الذي يستوطن عيناه! وعلامة يعتذر منها ولمَ يخبرها بكم يحبها في هذا الوقت بالتحديد بل وأنها الوحيدة التي أمتلكت قلبه!.
“مالك يا يوسف انت قلقتني!”
نطقتها عايدة بتعجب وقد أصابتها الريبة من تصرفاته وحديثه معها بينما هو أمسك يدها يقبل باطنها حتى شعرت بشيء ساخن يسيل على يدها ولم تكن سوى دموعه! هل يوسف يبكى الآن.
أنتفض قلبها بخضة وهي ترفع رأسه لأعلى قائلة بخوف حقيقي:
“يوسف انت بتعيط! اي اللي حصل مالك”
أبعد يدها برفق عنه ثم مسح دموعه وأخذ نفسه وهو يقول بغصة دون أن ينظر إليها:
“عايدة انا بحبك.. انا في حياتي محبتش غيرك”
أبتسمت له بتوتر وهي تومئ له قائلة ببسمة مضطربة:
“انا عارفه الكلام دا يا يوسف.. ليه بتقولوه هنا بالذات”
“انا بس عايزك تفتكري دايمًا إني بحبك ومحبتش غيرك.. وإني كنت مجبور في اللي انا بعمله دا انا آسف ليكي يا عايدة”
ذاد قلقها أكثر وهي تنظر له بريبة وقبل أن تستفسر عما يتحدث أمسك يدها ثم سار بها حتى أدخلها الشقة وما إن خطت قدمها للداخل وأغلق خلفه الباب حتى توسعت مقلتيها بريبة وهي ترى مجموعة من الشباب ليس بغريبين عنها… دققت النظر بيهم.. إنهم نفس الأشخاص الذين أشتبك معهم يوسف عندما غازلها أحدهم.. ماذا يفعلوا هنا.. ولمَ.. ولمَ كان يعتذر لها قبل أن تأتي!.
بدأت الخيوط تتشابك في بعضها الآن موضحة لها الصورة ولكنها أبعدتها عن ذهنها فيستحيل أن يفعل زوجها هذا بها.
أبتلعت ريقها وهي تستدير صوبه تسأله عن سبب وجود هؤلاء الآن قائلة بتوتر:
“يوسف هم دول بيعملوا اي هنا؟”
لم يجيبها بل أطرق رأسه أرضًا بخزى فكررت عليه السؤال مجددًا ولكنه لم يجيبها أيضًا حتى باتت تتيقن من شكوكها والتي أصبحت مؤكدة عندما قام أحدهم من مكانه وهو يقول:
“انت دورك خِلص كدا يا يوسف… يلا إرمي عليها يمين الطلاق وخُد بعضك وأمشى وخلينا احنا نشوف شغلنا”
شعرت عايدة بأن الزمن توقف من حولها… ما الذي تفوه به هذا المعتوه! هل ما سمعته كان صحيحًا ام أنها تتوهم فقط!
“يو.. يوسف اى اللي هم بيقولوا دا؟ انت.. انت ازاي ساكتلهم”
سقطت دمعة من عينيه فشل في السيطرة عليه بينما سمع صوت ضحكات من حوله قائلاً بسخرية وإستهزاء:
“هي الصنارة غمزت المرادي ووقعت ولا ايه؟”
لم يجد منه رد أيضًا فطلب منه الأخير مرة أخرى أن يُلقى عليها يمين الطلاق ومازالت عايدة لا تستوعب كل ما يحدث حولها وهي تنظر إلى يوسف بصدمة شديدة تترجاه الا يفعل بها هذا وعندما طال صمته أشهر زعيمهم مسدسه أعلى رأسه مما جعل عايدة تصرخ وهي تقترب منه تحاول إبعادة فأمسك بها بعض الرجال يمنعوها الإقتراب.
بينما هو عندما علم أن لا مفر من الهروب رفع رأسه لها وقد كانت عيناه حمراء بشدة وبصعوبة شديدة وأنفاسِ لاهثة تحدث:
“انتِ طالق يا عايدة”
“كدا تبقى شطور ورجعت يوسف اللي نعرفه.. خد فلوسك هناك اهي وروح يلا أبدا في مُهمتك جديدة”
أمسك يوسف الحقيبة بأيدِ مرتعشة ولكنه توقف على صوت صراخها وهي تقول:
“يوسف انت بتعمل اى يا يوسف انت هتسيبني ليهم؟ انت انت اتجننت يا يوسف”
“يوسف متعملش فيا كدا انا معملتلكش حاجه متسبنيش ليهم يا يوسف عشان خاطري”
ترك يوسف الحقيبة من يديه وهو يلقيها أرضًا ثم رفع رأسه لكبيرهم وكأنه للتو يستوعب ما حدث قائلاً بتراجع:
“فلوسكم اهي مش عايزها.. انا هاخد مراتي وامشي”
قهقه جميع من كان يجلس بصخب بينما أردف كبيرهم وهو يقول:
“وهو انت مش لسه رامي عليها الطلاق ولا نسيت؟ وبعدين انت فاكر إن دخول الحمام زي خروجه؟ خد الفلوس يا يوسف وأمشي لو لسه باقي على حياتك ومتنساش إنك كنت بتعمل دا بإرادتك وبعدين دي مش اول واحدة تجيبها وسبق وجبت غيرها كتير”
“انت مبتفهمش قولتلك مش عايز منكم فلوس وسيبولي مراتي ومش هتشوفوا وشي هنا تاني”
أقترب يوسف كي يأخذها منهم ولكنه وجد من يكبل حركته فحاول المقاومة ولكنه لم يستطيع وقد ظل يصرخ بهم أن يتركوها ولكنهم لم يفعلوا بل أخذوه نحو الخارج ومازال يحاول الإفلات منهم حتى يصل إليها.
بينما نظر إليها كبيرهم وإلى الذعر البادي علي وجهها وأيضًا إلى محاولتها الفاشلة في الهرب منهم ثم هتف بهدوء:
“طبعًا انتِ متعرفيش انتِ جايه هنا ليه؟ زي ما تقولي كدا ابواب السما أتفحتلك من العز والهنا اللي هتشوفيه معانا لإني واثق إنك هتقدري تعملي حاجات كتير اوي.. سبق ويوسف جبلنا بنات كتير بنفس الطريقة بس انتِ مختلفة عنهم كلهم وعلشان كدا هخليكي الرئيسة بتاعتهم”
لم تكن عايدة تفهم عما يتحدث هو بل صدمتها فيما يحدث حولها جعلت عقلها مشتت إلى أبعد حد بينما تابع هو قائلاً:
“احنا شغلنا في كل حاجه ممكن تتخيلها.. سرقة أعضاء تلاقي وتجارة مخدرات تلاقي ودعارة تلاقي.. اي حاجه ممكن تكسبنا فلوس هتلاقيها موجودة”
أنتفضت عايدة بذعر مما يتفوه به ثم أردفت بغضب شديد وهي تقول:
“انتوا كلكم زبالة وانا هبلغ عنكم ويستحيل أكون معاكم في القرف اللي بتعملوه دا”
حك الآخر شاربه الضخم بتسلية وهو يقول:
“لو وافقتي تكوني معانا زي ما قولتلك أعتبري أبواب السما أتفتحتلك والكل هنا هيكون رهن إشارتك.. اما بقى لو نشفتي دماغك ف أعتبري أبواب جهنم كلها هتتفتح عليكي.. وانا شايف إنك ذكية وعارفه إنك طالما جيتي هنا مش هتخرجي ف أختاري اللي فيه مصلحتك ووافقي بالذوق بدل ما نخليكي توافقي بالعافية”
بصقت عايدة في وجهه بقرف شديد وقد كانت فعلتها تلك رد كافِ على طلبه فمسح وجهه بهدوء شديد.. هدوء ما يسبق العاصفة ثم أبتسم بسمة مرعبة تخفي خلفها الكثير من الشر ثم هتف:
“انتِ اللي إختارتي دا”
حينما أخبرها بأنها إن رفضت سوف تنفتح عليها أبواب جهنم لم يكن يكذب بل أنها تعرضت لأسواء أنواع العذاب.
لقد اعتدوا عليها جميعًا بأبشع الطرق كمحاولة لردعها عن هذا القرار كي تنضم لهم وعلى مدار العام لم يستطيعوا جعلها تنضم إليهم رغم ما فعلوه بها حتى يأسوا منها بعدما أصبح جسدها متهالك بشدة ولم يعد يصلح لشيء حتى أن عنفهم معها لم يعد يجدى نفعًا فقرروا التخلص منها.
لقد أنتهكوا جسدها دون رحمة.. لقد كانوا كذئاب بشرية ينخرون أظافرهم في جسدها وأنيابهم في عنقها بل أنها ظلمت الذئاب عندما وصفتهم بها.
لم يرحمها أحد بل سلبوا منها كل شيء وتركوها فقط جسدًا بلا روح.. جعلوا الموت هو أمنيتها الوحيدة.. لقد كان الموت هو الخلاص لها من أيديهم ورغم ذلك لم تحظي به.
وكل هذا بسبب شخصِ واحد فقط.. والذي لم تراه بعد هذا اليوم.. لقد كانت غلطة واحدة دفعت مقابلها عمرًا بأكمله.
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
أقترب منها حازم ببطء شديد بعدما أبصر إنهيارها والذي لم يكن بغريب عليه على شخص مثل عايدة.. بل هو الوحيد الذي دوما كان يشهد إنهيارتها دون أن تدري ويرى أنه هو الأحق بذلك فقط.. فلا يحق لأحد أن يراها بهذا الضعف سواه.
جثى على ركبتيه أمامها دون أن يبدى أي ردة فعل بل ينتظرها حتى تخرج كل ما يجيش بصدرها وقد كانت كمن تغيب عن الواقع وحالتها مذرى لها.
همس بأسمها ثم رفع يده نحوها وما إن لمسها حتى أنتفض جسدها برعب وقد كانت لا تزال عالقة بتلك الذكريات حتى أنها تشعر بلمساتهم عليها الآن.
ضمت جسدها وهي تبتعد عنه وتترجاه أن يتركها وقد ذادت حالتها سوءًا بينما ارتعب حازم عليها وهو يحاول تهدئتها قائلاً:
“فوقي يا عايدة أصحي كل دا انتهى انا هنا جنبك متخافيش”
“انا هنا مش هخلى حد يقربلك.. أوعدك إن طول ما انا عايش مش هخلى حد يمس منك شعرة”
“فوقي يا عايدة انتِ أقوى من كدا متسبيش نفسك للماضي تاني”
وكأنها لم تستمع له وأخذ جسدها في التشنج بشدة فظل حازم يحاول تهدئتها وهو يحمل نفسه ذنب ما حدث معها.. عايدة لم تتعافى من الماضى بل فقط كانت تراكم داخلها حتى حان الوقت كي تنفجر فيه .
كما يبدو أنها لم تأخذ ادويتها المهدئة منذ مدة والذي لها تأثير كبير على ما يحدث معها الآن.
أخرج حازم حقنة مهدئة من جيبه ثم أسرع بإعطاها حتى لا تسوء حالتها أكثر من ذلك وعيناه حمراء دلالة على شدة غضبه ويتمنى لو أنهم مازلوا أحياء حتى الآن لكان قتلهم بأبشع الطرق مرة أخرى.
نعم فهو لم يكتف بسجنهم على يديها فقط.. بل ما لا تعلمه عايدة بأنه قام بقتلهم جميعًا داخل السجن دون أن يستطيع أحد الإمساك بها…. فهو ما كان ليستطيع العيش إن تركهم أحياء دون أن يقتص منهم بنفسه.
🌸اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد🌸
دخل زين المنزل وهو ممسكًا بيدها وقد كانت هي في غاية الحماس فقد أنتظرت معه حتى رحل الجميع ثم صعدت معه كي ترى تلك المفآجأة التي أخبرها عنها بعدما نزل كلاً من عمر وياسمين وأحمد.
“ما تخلص يا زين قول بقى مش قادرة أصبر”
ضحك زين على فضولها الشديد ثم إستدار نحوها وقبل أن يجيبها انتبه لعيناها الكحيلية البارزة من النقاب فضيق عيناه وهو يقول:
“روان انتِ حاطة كُحل وزينة على عنيكي!!”
توسعت مقلتيها وهي تنظر لنفسها في المرآة حتى وجدت عيناها كحيلية ومُزينة بالفعل فابتلعت ريقها وهي تقول مسرعة:
“والله يا زين نسيت أمسحه وبعدين كدا كدا كنا بنات بس”
غضب زين بشدة وما ذاد غضبه بأن بالطبع رآها الكثير في عقد القرآن لأنها كانت ملازمة لياسمين طول اليوم ولكنه لم ينتبه لهذا.
“مفيش حاجه أسمها نسيتي يا روان وإلا انت مستغفلاني بقى مش شايفة شكل عنيكي مرسوم وحلو ازاي من النقاب! عايزة تحطي في عنيكي زينة حطي مش همنعك بس تغطي عنيكي قبل ما تخرجي وكمان سبق ونبهت على الجوانتي وبرضو مش بتلبسيه”
نظرت له روان بصدمة.. هل يريدها أن تخفى عيناها ولا يظهر منها شيء فكيف سترى اذًا! لقد تخطى زين حدوده وأصبح يبالغ في كل شيء لذا أجابته غاضبة هي الأخرى وهي تقول:
“هو فيه ايه يا زين كل حاجة بقيت تتعصب عليها وبعدين مش ملاحظ إن بقيت متشدد وأوفر ازاي عايزني أغطي عيني مش كفاية إني لابسة النقاب اصلاً وبعدين انت عارف إني مش بعرف البس الجوانتي اصلاً”
“سبق وقولت ميت مرة يا روان صوتك ميعلاش وإلا انتِ حرة… وبعدين هو اي اللي مش كفاية إني لابسة النقاب هو انتِ بتمني على ربنا بلبسك للنقاب؟ هتلبسي النقاب يبقى هتلبسيه صح وتلتزمي بيه لكن متروحيش ترسميلي عنيكي وتقوليلي نسيت انتِ مش متجوزة واحد بقرون”
تركها زين ثم غادر وهو يشعر بالغضب الشديد حتى أنه لم يخبرها بهديته لها..
لم ينتبها أن ما حدث ما هو إلا من تخطيط الشيطان الذي يتدخل دائمًا لإفساد كل ما هو حلال ويرضى الله.. لقد أفسد عليهما تلك الحظات وأستمع كلاً منهما لشيطانه.
كان زين يستطيع إنهاء هذا النقاش بسهولة لو أخبرها أنه يغار عليها ولا يريد لأحد أن يرى عيناها الجميلة سواه وإن فعل لكانت هي الأسرع بإخفاء عيناها كي ترضيه.
وكانت هي تستطيع فض النزاع قبل أن يبدأ لو أنها لم تجادله رغم أنها مخطئة ورغم أنها تعلم جيدًا غيرة زوجها الشديدة.. ماذا كان سيحدث لو إعتذرت وأخبرته أنها لن تفعل هذا مجددًا وأنها نسيت فقط بسبب إنشغالها!..
لكن لا وألف لا.. كل طرف يريد من الآخر أن يتنازل هو ويرضى الآخر وكلاً منهما شيطانه أقوى من الآخر.
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
توقفت سهير بسيارتها أمام منزل صديقتها الراحلة.. فلم يكن لديها طاقة بالعودة إلى المنزل الآن ولم تجد نفسها سوى أمام منزل علياء وهي تحمد الله أن الوقت مازال مبكرًا فهي في كل الاحوال لم تعطي لوالدة علياء ميعاد بقدومها.
نزلت من سيارتها ثم توجهت نحو الداخل تطرق باب المنزل ثم أنتظرت قليلاً حتى فُتح الباب وما إن رأتها الأخرى حتى تهللت أساور وجهها وهي تهتف بسعادة وقد عادت لها حيويتها من جديد:
“سهير.. اي المفجأة الحلوة دي..”
أبتسمت لها سهير على ترحيبها ثم أحتضنتها بقوة معبرًا عن إشتياقها لها وقد ترغرغت الدموع في عيناها وهي تستشعر بحنان تلك السيدة والتي لم تلقاه حتى من والدتها!.
دخلت معها نحو الداخل ثم جلست معها بينما لاحظت صفاء تغيير حالتها ونبرتها الحزينة وما إن سألتها عن حالها حتى أنفجرت باكية دون أن تشعر مما جعل صفاء تشعر بالقلق عليها وهي تسألها عن حالها.
“انا مخنوقة اوي يا أنطي”
“مالك بس ياحبيبتي حصل اى”
صمتت سهير تستجمع شتات نفسها أولاً ثم نطقت في الوقت الذي دخل فيه يوسف وهي تقول بتنهد:
“انا فسخت خطوبتي”
كانت تلك الجملة اول شيء يتلقاها يوسف عندما دلف إلى المنزل وقد توقفت أقدامه على السير وهو يظن نفسه بأنه يحلم..
هل سهير فسخت خطبتها بالفعل! هل هذا مؤشر على أن ما يراه في أحلامه منذ شهور ليست مجرد أضغاث أحلام بل هي حقيقة!.
تتسارعت دقات قلبه بعنف ولحظات الحلم الذي حُفر في عقله من كثرة ما رآه تتكرر أمامه وبدون أن يستوعب شيء ودون أن ينتبه إلى نبرتها الباكية أندفع نحوها بكل تهور وغباء يمتلكه ودون أن يفكر في حالتها وأنها للتو تركت خطيبها بل كل ما يفكر فيه بأنه سوف يحقق تلك الرؤية.
دخل الغرفة وهو ينهج بشدة وقد فُزعت سهير من وجوده فجأة وحمدت الله أنها مازالت ترتدي نقابها بينما هو نظر إليها وهو يقول بدون إستيعاب:
“تتتجوزيني يا سهير!”
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
عاد زين من الخارج بعدما قد هدأ وقد حمد الله أنه خرج دون أن تمتد المشكلة أكثر وقد لام نفسه كثيرًا فهي بالأخير زوجته وقد أفسد تلك اللحظات بينهما ولم يتحكم بغضبه لذا أخذ يستغفر وهو يزفر بضيق من نفسه.
فحتى ولو كانت أخطأت اليس من واجبه أن ينصحها بلين ورفق! اليس من المفترض أنه مسئول عنها وعن مشاعرها ويجب عليه الا يحزنها!.
حمحم قبل أن يدخل وهو يصدر أصواتً بمفاتيحه كي ينبهها بوجوده ثم سار للداخل وهو يبحث عنها وعندما لم يجدها دلف إلى غرفة النوم ولم يخيب ظنه فوجدها تجلس وعلى وجهها آثار دموع فذاد ضيقه من نفسه أكثر.
أقترب منها يقبل رأسها بحنو ثم دنى منها وهو يقول بإعتذار:
“انا اسف يا حبيبي وحقك عليا.. صدقيني مكنتش أقصد أتعصب عليكي انتِ عارفه إني بغير ودي حاجه غصب عني بس انتِ مقدرتيش دا يا روان وفوق كل دا انتِ اللي بتزعقي كمان”
تحدثت من بين شهقاتها وهي تقول ببكاء:
“علشان انت اللي زعقت من الاول وانا قولتلك إني نسيت بس انت اللي اتعصبت”
مسح دموعها بأنامله وهو يقبل رأسها مجددًا قائلاً:
“انا اسف وأوعدك هحاول متعصبش تاني ولا ازعلك تاني”
هزت رأسها له وهي تمسح وجهها ثم أردفت قائلة:
“انا كمان آسفه علشان زعقت وأوعدك إني مش هعمل كدا تاني”
توسعت بسمة زين ثم نظر إليها برضى وهو يخرج من جيبه شيئًا ما يعطيه إليها تحت تعجبها قائلاً:
“طب مش كنتي عايزة تعرفي اى المفجأة؟”
نظرت روان إلى ما بيدها بجهل سرعان ما توسعت عيناها بصدمة دون تصديق.
ظلت ترمش عيونها عدة مرات تستوعب ما يحدث حتى ضحك زين على صدمتها وهو يقول:
“أيوه ايوه صدقي يا روان.. هنطلع عمرة ونروح عند الكعبة”
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
أستيقظت حور من نومها فلم تجد ليث بجوارها مما جعلها تتعجب أين ذهب دون أن يخبرها.
كانت تشعر بالعطش الشديد ولكنها وجدت الكوب فارغ فنهضت من مكانها بتكاسل حتى تملئه فإذا بليث في الخارج يتحدث في الهاتف بصوت منخفض في هذا الوقت من الليل!.
أقتربت منه حور بتعجب ترى من يتحدث ولكن توقفت أقدامها بصدمة دون أن تستطيع النطق عندما سمعته يقول:
“انا لحد دلوقتي خايف تعرف الحقيقة ياعمي وإنها مبتخلفش وانا اللي طلبت من الدكتورة تقولها كدا”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي 2)