رواية حنين بين أنقاض القسوة (الجوارح) الفصل الأول 1 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية حنين بين أنقاض القسوة (الجوارح) الفصل الأول 1 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية حنين بين أنقاض القسوة (الجوارح) البارت الأول
رواية حنين بين أنقاض القسوة (الجوارح) الجزء الأول

رواية حنين بين أنقاض القسوة (الجوارح) الحلقة الأولى
” محافظة قنا صعيد مصر منتصف
صيف عام ٢٠٠٤”
♡♡♡
مع نسمات الفجر الأولي إخترق سكون الليل
صوت شجي يُرتل القُرآن الكريم بالتجويد بعذوبة وخشوع يتردد يشُق سكون ظلام الليل مع صوت الآذان الأول للفجر
على ذلك الصوت بدأ مُعظم من فى ذلك المنزل المتوسط المساحة يستيقظون
بإحد الغرف
فتحت عينيها البُنية حين تسمعت لذلك الصوت العذب بتلقائية تبسمت تشعر بصفاء نفسي، نحت ذلك الغطاء الخفيف عنها ونهضت جالسة على الفراش تُلملم خُصلات شعرها السوداء الناعمة ، ثم نظرت نحو الفراش الآخر بالغرفة وتبسمت ونهضت تسير نحو ذلك الفراش أزاحت الغطاء ثم آتت بأحد الأقلام وقامت بالعبث بمُقدمة أنف تلك النائمة،التي تضايقت وهي تسدير بوجهها للناحية الأخري،لكن لم تستسلم وعاودت فعل ذلك مرات حتي فتحت عينيها بضجر قائلة:
“حنين”احنا يادوب نايمين من ساعتين،حرام عليكِ سبيني أنام أنا فى أجازة.
ضحكت حنين تجذبها كي تنهض قائلة:
جومي يا”بُثينة” وبطلي كسلك ده،جدي قرب يخلص جراية(قراية) جزء “القرآن الكريم” بتاع كل يوم،بالتوكيد الفجر قرب يأذن وكل اللى فى الدار زمانهم صحيوا،ودلوك أمي تنادم (تنادي) بصوتها الجهور تصحي آخر الشارع.
ضحكت بُثينة قائلة:
رغم طيبة قلب مرات خالي لكن صوتها ده مُشكلة لوحده، بحس صوتها مش راكب لا على جسمها ولا على طبعها بس على رأي چدي’شيء بيعوض شيء’.
ضحكن الإثنتين،وهن يسمعن ذلك الصوت الجهور قبل أن تطرق على باب غرفتهن قائلة:
يلا يا صبايا الدار إصحوا الفچر خلاص هيأذن.
نهضن ببسمة كل منهن ضبت فراشها وبدلن ثيابهن بأخري مُحتشمة مناسبة للمنزل ووضعن فوق رأسهن وشاحً بإحكام ثم خرجن من الغرفة…توجهن الى المطبخ وجدن
“وجدان”تقف نظرت لهن قائلة:
يلا يا بنات الفجر هيأذن ساعدوني نجهز الفطار على ما الرچالة يرجعوا من الچامع.
إقتربن يساعدنها،وتفوهت بثينة بسؤال وهي تقضم إحد قطع الطعام:
أمال فين مرات خالي”اعتدال”لساها نايمة.
كذالك سألت حنين:
كمان مرت” مُصعب” واد عمي لساها منزلتش.
نظرت لهن وجدان بصوتها الغليظ قائلة:
إشتغلوا وبلاش تتسألوا كتير.
إمتثلن لذلك وساد بينهن مرح ومزح حتى دهلت عليهن إعتدال تُلقي الصباح وجلست على أحد المقاعد بإرهاق…نظرت لها وجدان سائله:
لسانا عالصبح ليه الكسل ده.
أحابتها اعتدال بإرهاق قائلة:
اللى عندها عيال مش بترتاح لا ليل ولا نهار.
زغرتها وجدان قائله:
وكان فين عقلك وإنتِ عماله تخلفي ياما نصحتك.
تنهدت اعتدال بنزق قائلة:
كان نفسي أخلف بِنته تشيل عني هم أخواتها.
ضحك ثلاثتهم،بينما همست بثينه بصوت خافت لـ حنين:
أنا متوقعه مرات خالي ممكن تخلف مع مرات إبنها.
حاولت حنين السيطرة على ضحكتها واومات بموافقتها، بينما زغرتهم وجدان قائله:
بطلوا لكاعه وهموا خلونا نخلص الفطار، خلاص زمانهم أقاموا الصلاة.
.♡♡♡
بشقة خاصة بنفس المنزل
بغرفة النوم
كان يحلُم بإقترابها منه، ونزعها لـ وشاح راسها حتي إنسدلت خصلاتها حول وجهها كآنه يُحدد ملامحها، همس قلبه بإسمها بلوعة إشتياق جذبها لتقع على صدره يشعر بانفاسها لكن فجأة تلاشت من بين يداه كأنها سراب، فتح عيناه بضجر ونظر الى تلك التى توقظه بغشاوة، كأن مازال الحلم برأسه تخيلها تلك الأخري، جذبها على الفراش وصعد فوق جسدها يُغمض عيناه يُقبلها بنعومة وقسوة وشوق وتوق، يتخيلها أخري بمشاعر فياضة من الجيد ان لسانه كان صامتً والا اباح بمن يتخيلها، مشاعر غادقة
قبلات ولمسات وتنهيدات مُشتاقة وبزخ فى عطائها له السكن بجسدها، رغم إرهاقها، حتى إنتهي وعاد من غفوة الغرام مُستلقيًا على الفراش بلهاث، نظر لجواره لوهلة مُبتسمً سُرعان مازالت البسمة وعاد للحقيقة،فالحقيقة أمامه زوجته ليس تلك المُحرمة عليه بقيد شرعي…هي الاخري تبسمت له ظنًا بأنه كان معها عقلًا وجسد،تحاول تكذيب إحساسها الآخر،بينما هو لم يتواني قائلًا:
جومي فزي حضري لى الحمام عاوز أتسبح تواشيح الفجر شغاله عاوز ألحق صلاة الفجر جماعة فى المسجد.
عادت للواقع هي مجرد وعاء له،رغم أنه يفقه فى الدين ويعلم أن الرحمة بين الزوجين أولًا لكن مُتغطرس بأسلوبه الفظ،نهضت كما اراد ان تبتعد عنه،ظل بالفراش يشعر بغضب مُتنهدًا بحسرة قلب من هواها قلبه مُحرمة عليه، تزوج بأخري كي ينسي لكن مازال فؤاده مسكون بها.
♡♡♡♡
بعد قليل
وضعن بثينة وحنين تلك الطاولة المُطولة القصيرة”طبلية” ثم بدأن بوضع الطعام عليها، بدأ افراد الاسرة الدخول وجلسوا أرضًا يتناولون الطعام…
تبسم فراج لذلك الصغير الذي جلس لجواره قائلًا:
“الشيخ فراج الصغير”حفظ نص القرآن الكريم”
تبسم له الطفل بفخر قائلًا:
حنين هي اللى بتحفظني القرآن وبتصحح لى بالراحة لما بغلط ،لكن الشيخ مصعب بيضربني لما بغلط، أنا لما أكبر هبجي خليفتك يا چدي وأبجي مأذون البلد.
ربتت علي كتفه بحنان قائلًا:
أنا أخدت مأذون البلد من أبوي وهو خدها من أبوه، وأولادي محدش فيهم فكر يبجي مأذون لكن حفيدي الأصغر هو اللى هيبجي إمتداد نسل الرُحماني الطيب.
❈-❈-❈
دار عائلة ضرغام
منزل فخم على مساحة كبيرة يُشبة القصور الضخمة، يجمع نسل صفوان ضرغام
ثلاث ذكور وأولادهم
بإحد الغرف
شظايا رصاص تتناثر كأنها أمطار وإنفجارات نارية،تهز الارجاء، والبشر يهرعون فى فوضي يتسابقون للإختباء خلف الجُدارن وهل تلك الجُدران آمنة فاهي تنهار فوق أجسادهم يختلط رمادها برُفاتهم، أنقاض تتساوي بالأرض ومازال الرصاص والانفجارات، حتى آتت عاصفة رملية قوية ساوت كل شئ لم يبقي أثر كأنها مدينة إختفت، لكن فجأة من بين الرماد ظهرت زهرة كأنها تتحدى الرماد
وسط السكون المخيف الذي خيّم على المكان، تحرك الرماد بصمت كأنه يفسح لها الطريق لتنبُت من بين الركام،تشق طريقها ببطء، ينحنى ساقها الرقيق كأنها تهمس للـ الرماد، تقاوم بثبات… تفتحت تدريجيًا، كأنها تلتقط أنفاسها الأولى بعد معركة طويلة… لونها الزاهي يتحدى رمادية لون الرُكام القاتم بدت كصرخة حياة وسط الموت… تمايلت أطرافها برفق مع نسمات الهواء الثقيلة، وكأنها تهمس بوجود حياة جديدة…
فتح عيناه فجأة نظر حوله كانت الغرفة مُظلمة للغاية عكس نهاية ذلك الحلم او بالاصح الحقيقة الذي عاشها، لكن ما سبب تلك الزهرة التى نبتت لاول مرة، تنهد قويًا، ثم لم يُفكر وضغط على زر تلك الاباچورة فأضاءت الغرفة قليلًا، ازاح الغطاء عن نصفه الاسفل ونهض توجه ناحية شباك الغرفة ازاح الستائر، رأي نور الشمس قد بدد الظلام، لوهلة أغمض عيناه من قسوة شُعاعها، ثم عاود فتحهما ونظر الى حديقة المنزل بها أشجار يانعة لكن بعض أشجار زهور ذابلة، تذكر الزهرة الذي راها فى المنام، سُرعان ما سخر من ذلك، فهل هنالك زهرة تنمو فوق رُفات…
ترك الستاىر وذهب نحو حمام الغرفة اخذ حمامً باردًا ثم إرتدي ثيابه وجذب هاتفه النقال ذو الطراز الحديث وقتها.
بالأسفل بغرفة السفرة
دخل مُلقيًا السلام وجلس على مقعد على يمين والده الذي يترأس طاولة السفرة، بدأ أفراد العائلة يجلسون على مقاعدهم لكن ظل مقعدًا شاغرًا، تسأل والده:
فين “حربي” مجاش يفطر ليه.
توترت والدة حربي وكذبت قائلة:
حربي…
حربي إنت عارف يا حج “حمدان” إنه بيشتغل وروحت أصحيه لقيته همدان كده قولت أسيبه يرتاح شويه.
تهكم كاظم كذالك “شاكر” أخيه الجالس جواره قائلًا بإستهزاء مُبطن:
أه بيتعب جامد سبيه نايم مرتاح يا مرات عمي.
تطرق الحديث لمواضيع كثيرة حتي وصل الى الحديث عن عائلة” الرياني”
تفوهت ” عواطف” قائلة:
سمعت إن “صفوت الرياني”هيرشح نفسه مرة تانيه لإنتخابات المجلس.
على ذكر إسم صفوت رفعت”أمال” وجهها قائلة:
وايه الجديد،صفوت معروف إن حماه عضو كبير فى الحزب اللى ماسك البلد كلياتها فأكيد هيساعده زي ما حصل الدورة اللى فاتت،كمان الحجة “وداد”أمه صيط عيلتها هيدعمه.
تهكمت عواطف قائلة:
ما هو صفوت اللى يبان أنه راجل وله شنه ورنه معروف إن مالوش كلمة قصاد الحجة وداد،” شورة مره”.
ضحك الجميع كذالك كاظم الذي نظر نحو زوجة عمه بنظره ذات مغزي وتهكم قائلًا:
شورة المره بخراب سنه ده إن صحت…أنا قايم عندي شغل فى مصنع الحديد اللى هنا،إبقي صحي “حربي”وخليه يحصلني…فوقيه كويس
يلا بينا يا شاكر.
نهض كاظم وشاكر معًا خرجا سويًا حتى وصلا الى ذلك المصنع، بغرفة مكتب كاظم جلسا سويًا تحدث شاكر بزهق قائلًا:
طبعًا إنت عارف حربي إيه سبب نومه لدلوقتي.
تهكم كاظم بإستهزاء قائلًا:
بيتعب فى السهر عند الغوازي.
زفر شاكر نفسه قائلًا:
سمعت إنه مرافق غازية والموضوع بدأ يسمع عند الناس فى البلد وكل ده بيصُب فى سُمعة عيلة ضرغام، كمان بيسكر وممكن يرُط فى الحديت وهو مش دريان وشُغلنا له سرية.
تنهد كاظم
بهدوء، سحب نفسًا طويلًا قبل أن يرد بصوت خافت، لكنه حاد:
الموضوع بقى يِستَفَزّني… حربي دا بيفكّر نفسه ذكي وفاهم، بس الحقيقة إنه أضعف حلقة فينا، ودي مشكل سمعة عيلة ضرغام مش لعبة، وعندنا شُغل سرّي ولازم يفضل سرّي، مش يتباع على لسان غازية ولا في كاسات الويسكي.
نظر شاكر إليه بقلق قائلًا:
حربي غبي مش سهل تتعامل معاه، ودايمًا يحسّ إنه في مأمن لأنك بتغطي عليه.
ابتسم كاظم بسخرية وهو يسحب إحد الملفات قائلًا:
يمكن الوقت جه نخلّيه يعرف إنه مش في مأمن، وإن اللي يلعب بالنار… أول واحد يتحرق بها بس الأول لازم نلمّ الموضوع بهدوء قبل ما ينتشر أكتر شاكر، هاتلى معلومات عن كل شخص قريب منه، وكل قرش صرفه الفترة اللي فاتت ولو فاكر إن السهر مع الغوازي عند الغوازي رجولة منه لازم نفهمه بالراحة الأول.
هز شاكر رأسه بالموافقة، وقال بحذر:
بس مش عايزين نعمل حركة ممكن تضُر، إنت عارف عمك عنده حربي كآنه إلاه.
رد كاظم بجدية وهو يُزفر نفسه بتسلُط:
عيلة ضرغام ما بتتحمّلش الضعف، وحربي لو فضل زي ما هو… هيبقى النقطة اللي تنهار منها سُمعة العيلة وده مستحيل أسمح بيه
توقف للحظات ونهض من مكانه، ينظر من النافذة الكبيرة المطلة على المصنع، وقال بصوت عميق:
الفترة الجاية عندنا صفقات كتير وحربي بغباؤه ممكن يضرنا، الأفضل يبقى بعيد عن أي معلومات، كمان عمك وهدان لانه هيقوله وأنا مش ضامنهم الإتنين عمك فى حد بيلعب فى دماغه يرشح نفسه للإنتخابات، لاء وإيه تبع حزب إسلامي مُعارض.
ضحك شاكر قائلًا:
وجاله منين الإسلام ده، ده بيصلي على سطر ويسيب عشر سطور.
اومأ كاظم قائلًا:
مش شايف السبحة اللى بقت ملازمه إيده إدها له الشيخ الواصل لقمة الايمان،متنساش مصالحنا مع صفوت الرياني ترشيح عمك ممكن يجيب لينا مشاكل أكتر ما ينفعنا زي ما هو مفكر،ده حزب معروف بتوجهه التكفيري كده يبقى بنثبت على نفسنا إننا تُجار سلاح.
ضحك شاكر قائلًا بمرح:
حاشا وماشا
إحنا بنتاجر فى حديد صُلب بنبي صُلب البلد…وقريبًا هنفتح مصنع سبح لعمك يفرقهم دعاية فى حملة الشيخ إياه المنافس لـ صفوت الرياني.
عاد كاظم يجلس وتنهد قائلًا:
بتهزر،عمك له حركات سخيفه كتير،وانا مش
هسمح بأي شوشرة متنساش المنافس بتاع الحديد والصُلب محمي من الحكومة نفسها وإحنا أصبح لينا سُمعتنا والضرب من تحت الحزام مُتاح
❈-❈-❈
على جانب آخر
منزل صفوت الرياني
تترأس طاولة السفرة سيدة عجوز إقتربت من منتصف العقد السابع
نظارتها كانت حادة الى زوجة إبنها التي تجلس على يسارها لكن غصبً تتحمل، ثم عادت بنظرها الى صفوت وتبدلت نظرة عيناها الى نظرة رضا وفخر، وكأنها ترى فيه امتدادًا لهيبتها وسلطتها… ابتسمت بخفة وهي تقول بصوت هادئ، لكنه محمل بمعانٍ خفية:
صفوت، أنت عمود عيلة الرياني ولازم تكون على قد المسؤولية… زي ما عودتنا دايمًا.
ثم رفعت كوب الشاي ببطء، وكأنها تنتظر ردًا يطمئنها، بينما زوجة ابنها تجلس متوترة تحاول إخفاء انزعاجها من نظرات تلك العجوز لها،تشعر بغصة قوية فى قلبها،هي زوجة معيوبة مريضة تعلم لولا المصالح لما كانت مازالت زوجة صفوت،أو كان تزوج بأخري لكن المصالح تتحكم وهذا ما يهمها هو لن يُفكر
بزوجة أخري تعوض الناقص لديها،سواء زوجة أو أُم… لا تُبالي بمشاعر غيرها لافتقاده أحد مُتع الحياة
سواء زوجة تُجابه مشاعره وإحتياجاته كرجل
أو حتي وجود أبناء تحمل كِنيته تمتد من صُلبه،الغرور يتأكل من عقلها،فهي ليست إمرأة عادية سُلطة والدها السياسي تُعطيها مزايا أكثر.
بينما ذلك الجالس على الناحية الاخري يمضغ الطعام صامتًا حتى تحدثت تلك العجوز قائلة:
أخوك رفقي جاي المنيا هو وولاده آخر السبوع ده.
إبتسم قائلًا:
أكد مجيه ولا زي كل مره يجول جاي فى آخر الوجت يرجع يتعلل بأي حِجه.
اكدت له:
لاه أكد مجيه، كمان لازمن يجي خلاص الانتخابات قربت ولازم يكون معانا، أنا سمعت إشاعات إن الحزب الإسلامي إياه بيخطط يبجي منافس جامد فى الانتخابات الجايه.
اعتدل صفوت في جلسته، مضجعًا على المقعد بظهرة وعيناه تنقلان مشاعر مختلطة ما بين الثقة والالتزام.. مسح بكفه على لحيته القصيرة قبل أن يرد بصوت ثابت:
اطمني يا حجة وداد، أنا قد المسؤولية، والانتخابات الجاية مضمونه.
اكتفت والدته بابتسامة صغيرة، ونظرة مُحملة بالثقة.
بينما عاود صفوت الحديث قائلًا:
مهما كانت الحزب المعارض ده له سطوة عالناس بتوجهه الديني الظاهر، لكن ميعرفوش دهاليز السياسة.
اومأت له ببسمة ثقة من ثم نظرت نحو زوجته التى فهمت مغزى النظرة…إنها المصلحة التي تأتي من خلف والدها.
❈-❈-❈
ليلًا
بـ دار ضرغام
كاد يقع وهو يصعد درجات السلم لكن تمسك بالسياج الحديدي وأكمل صعود وهو يتمطوح يمينًا ويسار يهزي ببعض الأغاني بصوت منخفض حتى وصل الى غرفته فتح الباب ودلف يغلق الباب خلفه بهدوء، ثم توجه الى زر الإضاءة، وقام بالضغط عليه سطع نور بالغرفة، لكن حين إستدار توقف هذيانه اتسعت عيناه تشنجت كل عضلة في جسده، وشعر وكأن الأرض تسحب أنفاسه منه… تجمدت الكلمات في حلقه، لكن بصعوبة تمتم بخفوت:
كاظم؟!
نظر لها كاظم الذي كان مُستلقيًا بظهره بإرتخاء على أحد المقاعد يضع ساق فوق أخري،يديه متشابكتان على صدره، وعيناه ثابتتان عليه كما لو كانا يخترق أعماقه ابتسامة باردة، بالكاد ملحوظة، ارتسمت على شفتيه،نظراته ثابته باردة كالثلج متفوهًا بببرود:
إتأخرت كتير أنا مستنيك من بدري… واضح إنك إستمتعت بوجتك…يا حربي.
إتخذ حربي خطوة إلى الوراء كانت كل ما استطاع فعله، بينما جسده يصرخ للهروب، لكن قدميه لم تنفذا الأمر.
بينما نظر له كاظم بتسلية وهو ينهض يتجه نحوه بخطوات ببطيئة،عيناه مُثبتتان عليه لا ترف حتى أقترب منه،وحربي يشعر بريبة وترقُب حين إستدار كاظم حوله،واظهر إشمىزازًا من رائحته التى تفوح براحة الكحول وعطور النساء،ثم جذبه على غفلة،وذهب نحو حمام الغرفة،دون ارادة من حربي طاوعه دون اعتراض الى ان توقفا اسفل صنبور المياة،فتح كاظم الصنبور،سُرعان ما شهق حربي وحاول الابتعاد عن سيل المياة،لكن ثبته كاظم غير مُباليًا بتلك المياة الباردة للغاية ثبت رأس حربي أسفل المياة لوقت لا بأس به،ثم جذبه بعيدًا عن الصنبور وأغلقه والقي منشفة عليه بقوة قائلًا:
كدة ريحة الخمرة والغوازي راحوا من على هدومك،دقيقة واحدة مستنيك فى الاوضة.
قبل الدقيقة خرج حربي من الحمام بمِعطف قطني ينظر الى مكان وقوف كاظم بريية…بينما نظر له كاظم بغضب
يقترب بخطوات بطيئة وثابتة، عيونه تشتعل كأنها بركان غضب على وشك الانفجار… جذبه من تلابيب النعطف بقوة ثم أكمل بصوت خافت ولكنه مليء بالحدة:
أنت فاكر إن اللي بتعمله ده هو الصح،وإن الخمرة والغوازي بقيت كدا سبع الرجال،بص يا حربي،إنت عارفني بحذر مرة واحدة بس ومفيش فُرص تانية،تقطع علاقتك بالغازية وتبطل الخمرة،ولو وصلني مرة تانيه إنك روحت لوكر الغوازي متلومش غير نفسك،وإنسي إننا ولاد عم،كمان حكاية ترشيح عمي للمجلس اللى داير ترُط بها فى كل مكان دي تبطلها.
اومأ حربي رأسه بخوف موافقًا، ترك كاظم ثيابه وتوجه نحو باب الغرفة ببرود فتح الباب لكن قبل ان يُغادر نظر لـ حربي ببرود قائلًا:
إبقي إتغطي وإنت نايم ليجيلك برد ولا تحلم بكابوس.
صمت حربي بينما غادر كاظم وأغلق خلفه الباب.
تنهد حربي كآنه يستنشق الهواء للمرة الاولى، لكن غامت عيناه بشرر من سطوة كاظم الذي يفتعل الافاعيل كي يخرج عنها، لكن كاظم بنظرة عين كفيل ببث الهلع فى قلبه، عليه المراوغة وإخفاء علاقتة بالغوازي، ولا مانع من عدم الذهاب لهن بوكرهن فهنالك مكان آخر يستطيع روؤية تلك اللعوب”دينار”الذي يذهب من أجل نيل رضاها.
❈-❈-❈
باليوم التالي
ظهرًا
بمنزل فراج
قطع ذلك الحوش الصغير الذي قبل باب المنزل وقف للحظة ثم رفع يده وضغط على جرس المنزل وتجنب على أحد جانبيه مُنتظرًا لحظات حتى فُتح الباب ونظرت له تلك السيدة ترسم بسمة…وهي تسمع لقوله:
الشيخ فراج موجود بالدار.
أجابته:
أيوه،اقوله مين؟.
خلع نظارته الشمسية قائلًا:
كاظم وهدان ضرغام.
تمعنت النظر له ولتلك الهالة التي صاحبت نُطقه لهويته، ثم تبسمت قائله:
ثواني هفتحلك المندرة وأجول الشيخ.
اومأ برأسه وإنتظر حتى فتحت له باب آخر للمنزل قائله:
إتفضل إهنه.
ذهب ودخل الى الغرفة وجلس ينتظر حتى دلف الى الغرفة الشيخ فراج… وقف يُرحب به وصافحه بإحترام قائلًا:
بعتذر إني جاي بدون ميعاد سابق، بس
فى موضوع هام جاي لحضرتك عشانه.
رحب به الشيخ فراج قائلًا:
لا مش مشكلة إتفضل إجعد خلينا نتحدت سوا أنا بجيت راچل كبير ورِچليا مبجوش كيف الأول.
حدثه كاظم بإحترام:
ربنا يديك الصحة.
بينما بداخل المنزل سألت إعتدال وجدان:
مين اللى فى المندرة.
أجابتها ببساطه:
ده كاظم ابن واهدان ضرغام.
إستغربت اعتدال سائلة:
وجاي ليه حدانا.
نظرت لها وجدان قائله:
وانا اعرف منين،عروح اعمل لهم شاي واجب الضيافة.
تهكمت إعتدال وهي تنظر لـ وجدان وإقتربت من المندرة لكن قبل أن تتصنت رأت احدهم قادم فإبتعدت.
بعد وقت قليل نهض كاظم يُصافح الشيخ فراج،ثم غادر من ذلك الباب الجانبي
خطوة واحدة قبل أن يصعد الى السيارة حين سمع
-حنين.
قالها ذاك الصبي الذي ركض نحو باب المنزل الخارجي يستقبل تلك التى دخلت الى حديقة المنزل، بنفس الوقت توقف قبل أن يصعد الى سيارته الفارهه، نظر نحوها دون قصد منه، لوهله وقف يتأمل ملامحها عن كثب، سمع الكثير عنها، ربما هذه أول مره يراها مباشرةً، حقًا كما وصفوها هي مثل الغزالة البرية، مشيتها ذات شموخ
وجهها ملامحه تبدوا بوضوح جريئة رغم جمالها الملحوظ، عينيها كحيلة مثل عيون الغزلان كذلك بهن شُعلة متمردة ، شفتاها المُكتنزتان قد تتسبب فى إرتداد ناسك يتمني تقبيلها، نظرة واحدة كانت كفيلة بأن تجعلهُ يود الفوز بجموع تلك البريه وترويضها بين يديه، ربما آن آوان تنفيذ الوعد الذي قطعهُ، تلك الغزالة البريه تحتاج الى عنفوان متمرد فقد لذة الإحساس بالحياة، فقد قلبه يُشبه الجماد الصلد لا يتأثر
حياة بلا روح
روح فقدها بين جنبات صحراء حارقة أصبح مثل تلك الصحراء، جاف بلا حدود،هواء ساكن فوق رمال ساخنة، صوت عواء وحيد يتردد فى الخلا ولا يوجد رد سوا صداه،
هو المُتحكم….
لكن
ربما بتلك الصحراء قد تنزل قطرة ندا، تنبُت زرعة صبار تخدش بأشواكها أرض تلك الصحراء.
❈-❈-❈
فى سكون آخر الليل
خلف ذلك الحِرش التي بطرف البلدة
كشفت عن وجهها تلك التلثيمة قائله:
عاوز إيه يا صفوت، ليه بتتصل عليا بعد السنين ده كلياتها.
نظر لها ملامحها لم تتغير كأنها مازالت صبية العشرون التي مازال عشقها مُتربعًا بقلبه رغم فُراق أكثر من عشرون عام… كان الفُراق قسرًا
لحظات ظل صامتً فقط يود روؤية وجهها على ضوء ذلك الكشاف اليدوي الذي يحمله بيده، ضجرت من صمته وتجهمت قائلة:
إيه فكرك بيا بعد السنين دي كلياتها يا صفوت، إنت إختارت طريقك، ليه اتصلت عليا، أوعي تفكر إني وافجت أجابلك عشان شي، أنا بس جيت أسألك سؤال عايش فى راسي ليه يا صفوت بيعتني زمان وإتزوجت من غيري بعد وعدك ليا.
والجواب منه كان سؤالًا:
ليه متجوزتيش لحد دلوق يا “أمال”.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية حنين بين أنقاض القسوة (الجوارح))