رواية أحببتها ولكن 7 الفصل السادس والسبعون 76 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 الفصل السادس والسبعون 76 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 البارت السادس والسبعون
رواية أحببتها ولكن 7 الجزء السادس والسبعون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة السادسة والسبعون
يا سَعيدٌ وَالأَمرُ فيكَ عَجيبُ،
أَينَ ذاكَ التَأهيلُ وَالتَرحيبُ،
نَضَبَت بَينَنا البَشاشَةُ وَالوُ،
دُّ وَغارا كَما يَغورُ القَليبُ،
زُرتَ رِفهاً فَأَخلَقَ الوَصلُ بِالوَصـ،
ـلِ كَما يُخلِقُ الرِداءُ القَشيبُ.
_البحتري.
_______________________
صيحا’تٌ عديدة بداخل رأسي والهدوء هو ظاهري الخا’رجي..
حر’بٌ نُشِـ ـبَت دا’خل العقل وطر’فها الثانِ كانت النفـ ـسُ، لم أعُد أُدْ’رِك ما بي وأين أنا ومَن هؤلاء، حتى نفـ ـسي لم تَعُدّ تعلم نفسها وماذا تُريد وأين تستغـ ـيث، ماضٍ أسو’د سقـ ـط هو في مستنـ ـقعه، ولم يجد سبيلًا للهر’بِ مِنهُ، حتى نفسه لم يعلم كيف يهرُ’ب مِنها..
<“بُشرىٌ سارّة تفائل بها القلبُ،
ورو’حٌ تذوقُ لذ’ة الر’احة مِن بعد العنا’ء.”>
كانت الحياة عُبارة عن مراحل متعددة..
كما هي اللُعبة التي تحتوي على مراحل عديدة حتى تصل إلى نقطة النهاية وتُعلن فوزك الذي حار’بت لأجله؛ وهكذا كان هو، تلك كانت حياته سابقًا وحاليًا، وكلما مضى خطوةٌ للأمام تفائل القلبُ، وسَـ ـعَت رو’حٌ لتذوقِ لذ’ة الرا’حة مِن بعد العنا’ءِ..
في قاعَة الاحتفالات..
كان “عـزّام” يقف خارج القاعَة ينتظر وصول رفيقه منذ ما يقارب الخمسُ دقائق بعد أن قام بمهاتفته وأخبره أنه قريبٌ مِن المكان، أقترب مِنهُ “عُـرابي” حتى جاوره قا’طعًا هذا الصمت بقوله الهادئ:
_خا’فوا مِنك قاموا أتد’بسوا فجواز وخطوبة، عاملهم حا’لة أنتَ سواء فالشغل أو براه نا’قص تنطـ ـلهم فالحلم وتبقى خدت المركز الأول مع مرتبة الشـ ـرف.
أبتسم “عـزّام” بسمةٌ هادئة دون أن ينظر لهُ ثمّ جاوبه بنبرةٍ هادئة:
_أتمنى أبقى حققت المستحـ ـيلات معاهم، بس واللهِ رغم اللي بعمله دا إلا إني بحبكم أوي، مِن يوم ما عرفتكم جايبلني صدا’ع.
نظر لهُ “عُـرابي” نظرةٍ مستنكرة في هذه اللحظة ليؤكد “عـزّام” قوله بهزَّ’ة خـ ـفيفة مِن رأسه تزامنًا مع قوله:
_آه هكد’ب يعني وأَزْ’وَق فالكلام عشان أرضيكم؟ شايفني منا’فق ولا إيه؟.
_شايفك صريح زيا’دة عن اللزو’م بس مش أكتر.
هكذا جاوبه “عُـرابي” بنبرةٍ هادئة للغا’ية وهو ينظر لهُ نظرةٍ ذات معنى ليرى البسمةُ مازالت على ثَغْر رفيقه الذي جاوبه بنبرةٍ هادئة وقال:
_وإيه اللي يزَّ’عل فالصراحة، خلاص ولا تز’عل هبقى منا’فق يكش يعجب فالآخر ومترجعوش تقولوا بتجاملنا يا “عـزّام”.
قا’طع حديثهما مع بعضهم ولوج “مـينا” الذي قال:
_أنتوا قاعدين ترغوا و “حـسام” وصل يا عالم يا فاضية.
تجاوزهما مقتربًا مِن رفيقه بعد أن ألقـ ـى كلماته تلك يليه بقية رفاقهم ووالدة ووالد “مـودة”، ألقـ ـى “عُـرابي” نظرةٍ ذات معنى على “عـزّام” الذي فَهِمَ ما ير’مي لهُ صديقه بتلك النظرة ليتركه ويلحق بهم ويليه “عُـرابي” الذي قال بينه وبين نفسه:
_هتمو’تنا قريب يا اللي مِنك لله بسبب أفعا’لك وردودك دي.
أقترب “سيـف” مِن “حـسام” وابنته التي كانت تجاوره مبتسم الوجه ليضم “حـسام” إلى أحضانه قائلًا بوجهٍ مبتسم:
_مُبارك يا “حـسام” بيه صبرت ونولت.
أتسـ ـعت البسمةُ على ثَغْر “حـسام” الذي ضمه كذلك قائلًا:
_الله يبارك فيك يا كبير، الحمد لله بعد مُعا’ناة واللهِ.
رَبَتَ “سيـف” على ظهره برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_تستا’هل كُل خير يا “حـسام” واللهِ.
أبتعد بعدها عنهُ ثمّ نظر إلى أبنته التي كانت في أبهى طلاتها تنظر لهُ مبتسمة الوجه ليقترب مِنها بخطى هادئة ضاممًا إياها إلى د’فئ أحضانه والسعادة تغمُر قلبه قائلًا:
_حبيبة قلبي واللهِ يا ناس، أحلى عروسة شافتها عيني ومحدش يقول لـ “ملك” عشان متقـ ـلبش عليا.
تعا’لت الضحكات بينهم بعد أن مازحها “سيـف” بقوله، فيما بادلتهُ “مـودة” عناقه الهادئ بآخر حنونًا والدمع يترقرق في المُقل دون أن تتحدث، فكيف لها أن تقول شيئًا في تلك اللحظات التي تسر’ق القلب والرو’ح، المشاعر هي التي أتخذت سياق الأمور وخاضت برفقتهم إلى عالمٍ آخر ور’دي اللو’ن لا شيءٍ بهِ سلـ ـبيًا أو مؤ’لمًا، كانت تلك اللحظة بالنسبةِ لها بعيدةٌ كُل البُعدُ عن رأسها فكانت تظن أن الوقت لم يحين بعد..
حتى ظهر هذا الفا’رس النبيل في منتصف الطريق يقطـ ـع رحلتها الفردية مستسمحًا إياها أن تكون ثنائية حتى يكتمل الطريق برفيقٍ حبيب، لم يرى غيرها؛ رأى نفسه بها، إنها هي، تلك الر’وحُ التي ستُعذ’ب هذا القلب الحبيب طوال الطريق حتى يأتي لها كصر’يعًا في مقـ ـتلٍ يطلب مِنها الر’حمة لقب فتى حبيب أراد مرافقة الحبيب..
أقتربت “بيسـان” مِن “حـسام” تُبارك لهُ مبتسمة الوجه قائلة:
_مُبارك إن شاء الله يا “حـسام”، أنتَ طيب وتستا’هل كُل خير وأنا واثقة إنك هتسعد “مـودة” وهتعيـ ـشوا مبسوطين كفاية أفعا’لك قبل كدا بينـ ـتلي قد إيه أنتَ بتحبها وهتحا’فظ عليها.
أبتسم “حـسام” لها بعد أن مد كفه وصافحها ليأتي قوله الهادئ الذي كان صا’دقًا:
_الله يبارك فحضرتك وشكرًا على ثقتك فيا ووعد مش هخذ’لك وهحاول على قد ما أقد’ر إني أخليها مبسوطة، متقـ ـلقيش وأتطمـ ـني عليها.
أتسـ ـعت بسمتها على ثَغْرها وأعطته هزَّ’ة صغيرة برأسها متفهمةً حديثه ثمّ باركت إلى والدته التي أستقبلتها بحفاوةٍ شـ ـديدة معانقةً إياها، فيما ألقـ ـى “حـسام” نظرة خا’طفة على “مـودة” التي شعرت بنظرته لها ولذلك نظرت لهُ مبتسمة الوجه ثمّ سألته بنبرةٍ هادئة بعد أن رأت الجميع إندمجوا مع بعضهم:
_مالك بتبُصلي كدا ليه؟.
_زمان لمَ كُنْت صغير بابا الله يرحمه كان بيقف معايا بليل نشوف السما وهيَّ متزينة بالنجوم المنورة والقمر فالنُّصْ، قولتله بكُل بر’اءة يا بابا هو أنا ينفع أطلـ ـع لفوق وألمـ ـس القمر؟ فبصلي أوي وضحك وبعدين قالي آه ينفع في رواد فضاء طلـ ـعوا القمر والمتخصصين فعلم الفلك طلعوا أنتَ مش هتطلع يعني؟ فقولتله طب طلعني عشان ألمـ ـس القمر أنا كمان وأشوفه عن قُرب أكتر فلقيته سكت شوية وبعدين قالي بكرا يبقى معاك طول الوقت ومش هيفا’رقك لحظة واحدة، أنا أستغربت أوي أزاي هيكون معايا ومش هيفا’رقني؟ بس دلوقتي صدقت كلامه، طلع معايا القمر فعلًا.
خجـ ـلت بشـ ـدة حينما أستمعت إلى حديثه الذي جذ’ب إنتباهها في بادئ الأمر حتى أنهـ ـى قوله مبتسم الوجه وهو ينظر لها بعينين ملتـ ـمعتين كحبات اللؤلؤ المُضيء، وعنها فقد كانت تتمنى أن تنشـ ـق الأرض وتبتـ ـلعها لا تُنـ ـكر أنها سَعِدَت بكُل تأكيد ولَكِنّ في نفس الوقت الخجـ ـل هو المُسيطـ ـرُ عليها ولذلك نظرت بعيدًا وهي تبتسم بخـ ـفةٍ ليعلم هو أنهُ أخجـ ـلها وأسعدها في نفس الوقت..
_أصل بابا كان مِن النوع اللي بيقد’ر الست أوي وكان بيحتر’مها جدًا، كُنْت بشوف مُعاملة بابا لماما وأفرح أوي بحـ ـس إن يومي بقى حلو ولاز’م نحب بعض والدُّنيا جميلة، كُل يوم كان بيقعد يتكلم معايا ويقولي قد إيه السـ ـت عظيمة وإحنا مِن غيرهم فحياتنا ولا حاجة، أتذكر مرة ماما سابتنا وسافرت لأهلها لمدة أسبوع حرفيًا كان أسو’أ أسبوع عدى عليا، أول يوم فيه بابا حر’ق الرز والحلة التيڤال با’ظت عشان غسـ ـلها بالسـ ـلك..
رأى بسمتُها تُرتسم على ثَغْرها وقد نظرت لهُ تنتظر سماع المزيد ليعلم أنهُ أستطاع ر’فع الحر’ج عنها ولذلك أكمل وقال مبتسمًا:
_تاني يوم وهو بيقـ ـلي البتينجان معظمه أتحر’ق عشان النا’ر كانت عا’لية وهو مخدش باله وكان بيعمل أكتر مِن حاجة فوقت واحد، تالت يوم روحنا نصلي الجُمعة فالمسجد شباشبنا أتسر’قت وإمام الجامع إدانا الشبشب الخشـ ـب اللي بيطر’قع فالأرض وأنتِ ماشية..
لم تستطع هي تما’لُك نفسها وبدأت تضحك وهي تستمع إلى بقية حديثه حينما أكمل وقال ضاحكًا:
_مرة كان عايز يعمل بطاطس محمرة وبانيه طبعًا أكلة عبيطة وأي حد هيعرف يعملها إلا بابا كان غير البشـ ـرية كلهم، فأنا قررت أساعده وأعمل زي ما كُنْت بشوف ماما بتعمل دايمًا، وقفت جنبه وعامل فيها الشيف اللي مفيش مِنُه ٢ فالمنطقة كلها وأول حاجة حطيتها فتتبيلة البانيه عشان نقعده شوية فيها كانت كركم، آه أقسم بالله ومش كدا وبس حطيت سُكر وحطيت حتت قشطة معرفش ليه بس كُنْت عيل بقى وبابا يا حبيبي كان ماشي ورايا ما أنا بقف مع ماما بقى فأكيد لقـ ـطت حاجة، بليل وإحنا جايين نعمله بقى لقيناه بقى لو’نه أصفـ ـر بابا أتخـ ـض وقالي ماله بقى عامل كدا ليه هي كانت بتعمله كدا؟ وأنا بعا’ند برضوا وبقوله أيوه أنتَ بتكد’بني يعني يا بابا بتشُـ ـك فقد’رات أبنك..
بدأت “مـودة” تنسجـ ـم معهُ وتضحك على ما يقوله وهي تنتظر سماع المزيد غير مصدقةٍ ما كان يفعله وهو طفلٌ صغير هكذا، فيما أكمل بعد أن تجا’هل الوافدين لحفل الخطبة ولخطبتهما بشكلٍ عا’م بعد أن جلسا سويًا بعيدًا عنهم ومعهُ قطه الحبيب بين ذراعيه:
_المهـ ـم يا ستي بعدين الموضوع مشي حلو الحمد لله الدقيق والبقسماط والملح الحمد لله الحاجة الوحيدة الصح فالعـ ـك اللي عملناه دا كُله البطاطس بقى وإحنا جايين نحطها أول مرة فالز’يت كان الز’يت سخـ ـن وبدأ يطر’قع فبابا هدى النا’ر خالص وجه بقى عشان يحط البطاطس كانت فيها ميَّة فالمهـ ـم عصـ ـرها قبل ما يحطها عشان منو’لعش وأمي ترو’ح فيها، بس أول حطة كانت بمو’تتنا اقسم بالله هو ر’ماهم مِن هنا قامت النا’ر قا’يدة مِن هنا بسبب إن إيده كانت فيها ميَّة مكانها فنز’لت عالز’يت وحصـ ـل اللي حصـ ـل بقى ساعتها بس الحمد لله عدت على خير أكلة عبيطة كانت بر’قبتنا، بس جينا ناكل بقى البانية كان عبارة عن شكارة كركم وأتحد’ف فيها بس أضطـ ـرينا ناكل يعني عشان كُنْا جعانين وحر’ام نر’مي الأكل دا، تاني حاجة بابا أتلغـ ـبط بين الملح والسُكّر فبدل ما يحط ملح قام حط سُكّر عشان ساعتها كانوا جنب بعض وشبه بعض أوي وكلنا بطاطس بالسُكّر بدل الملح ودا كان تالت يوم مِن الأسبوع اللي سـ ـت الكُل كانت غا’يبة فيه..
كانت تضحك طيلة الوقت حتى ترقرق الدمع في المُقل وهي بالكاد لا تستـ ـطيع أن تتوقف عن الضحك وقد أزد’اد حما’سها في سماع المزيد مِنهُ ولذلك نظرت لهُ بوجهٍ ضاحك وقالت بنبرةٍ ضاحكة:
_أنا بجد مش قا’درة أبطَّل ضحك حـ ـقيقي، أنتَ كُنْت بر’يء أوي يا “حـسام” لدرجة إنك حطيت كركم فالبانيه.
أنهـ ـت حديثها وأكملت الضحك مجددًا ليُشاركها هو الأمر وجاوبها مبتسم الوجه قائلًا:
_فُرصتي وجت لحد عندي أقولها لا يعني؟.
_لا طبعًا أزاي مينفـ ـعش، وبعدين إيه اللي حصـ ـل فاليوم الرابع؟.
هكذا جاوبت في بادئ الأمر وهكذا سألت في نها’ية حديثها ليأتيها إجابته حينما قال بنبرةٍ ضاحكة:
_اليوم الرابع بقى كان صاحب بابا جاي يقعد معاه شوية وهو كان بيحبني جدًا فكُل ما ييجي لبابا يجيبلي حاجة حلوة وهو جاي فالمهم بابا قاله تحب تشرب إيه يا “رأفـت”؟ فقاله قهوة عشان كان راجع مِن الشغل مصد’ع ومش قا’در فدخلت لبابا كان لسه بيبدأ ولقى السُكّر والملح جنب بعض فقال إيه اللي عاليمـ ـين كان السُكّر فهاخده المهـ ـم عمل القهوة والدُّنيا حلوة عمو “رأفـت” جه يشرب وشه أتقلـ ـب مرة واحدة فبابا أستغـ ـرب فبيسأله في إيه قاله أنتَ حاطط ملح بدل السُكّر هو أنتَ ومراتي متـ ـفقين عليا ولا إيه وأنا اللي بدلتهم أصلًا وقتها ونسيت أقوله عشان ميتلـ ـغبطش تاني مفتكرتش غير لمَ عمو “رأفـت” شربها بس سكت عشان متهز’أش وبابا كان هيتجـ ـنن وقتها ويسألني وأنا أتحـ ـمق أوي وأنكـ ـر..
_مرة كان جعان بليل والوقت متأخر فقالي تعالى نعمل حاجة ناكلها المهـ ـم نعمل إيه، نعمل إيه، قعدنا نفكر لحد ما لقيته بيقولي في بيـ ـض هنا والحما’ر اللي ميعرفش يقلي بيـ ـضتين بقى المهـ ـم عمل البيـ ـضتين والحمد لله يارب فالمرة دي حط ملح مش سُكّر فجاي يشـ ـيل الطا’سة بالفوطة قامت أتحر’قت قولت مش مشـ ـكلة فد’اه وقعدنا كلنا والجَو عال العال، مفيش دقيقة شمينا ريحة شيا’ط جر’ينا عالمطبخ أتاري بابا نسي يقـ ـفل الغا’ز والنا’ر شغالة والطا’سة عالنا’ر فاضية قامت شا’يطة وبقى عندنا حلة تيڤال با’يظة وطاسة الامنيو’م شا’يطة قام بابا حالف ما هو داخل المطبخ تاني لحد ما ماما ترجع وطلبنا باقي الأكل مِن برا البيت.
هكذا أنهـ ـى “حـسام” حديثه مبتسم الوجه وهو ينظر إلى “مـودة” التي كانت تضحك طيلة الوقت على ما يقوله وهي لا تُصدق ما تسمعه تشعر أنها تحلُم بكُل تأكيد، فيما أبتسم هو بعد أن تذكّر هذه الأوقات السعيدة التي قـ ـضاها مع والده قبل ر’حيله عنهُ للأبد ليشعر بالحنين والشو’ق تجاهه بعد أن لا’حت صورته في الأفق أمامه، نظرت لهُ “مـودة” مبتسمة الوجه وقالت بنبرةٍ ضاحكة ومتسائلة:
_ومامتك لمَ رجعت مِن السفر وشافت اللي حصـ ـل عملت إيه؟.
_مفيش أطر’دنا لمدة يومين عادي جدًا دي أقل حاجة عملتها معانا بعد ما جالها انهيا’ر وهي شايفة الحـ ـلة والطا’سة، كانت متحـ ـصرة أوي عليهم.
هكذا جاوبها مبتسم الوجه وهو ينظر لها لتجاوبه هي بوجهٍ مبتسم قائلة:
_بصراحة بقى عندها حـ ـق، مفيش حلة تيڤال بتتغسل بسـ ـلك أنا أتو’جعتلها حـ ـقيقي يعني.
دام الصمت بينهما قليلًا بعد أن تبادلا أطر’اف الحديث بينهما قليلًا ثمّ قطـ ـعه “حسـام” بعد هُنَيْهة مِن الوقت بقوله الهادئ:
_بس تعرفي يا “مـودة” ماما متحـ ـملتش طر’دتنا دي ومفيش بجد كام ساعة ورجعتنا تاني بعد ما قالت مفيش دخول للشقة قبل يومين، كانت بتحب بابا أوي وبابا كان بيمو’ت فيها حرفيًا كان ناقـ ـص يجيبلها لبن العصفور، وكُنْت بفرح أوي بعلا’قتهم سوى ومعاملته ليها قدام الناس، بيعبرلها عن حُبّه قدامهم عادي ويعمل كُل حاجة، وهي كانت مِن النوع الخجو’ل وهو كان بيحب كدا جدًا، عشان كدا كان على طول بيقعد معايا ويقولي وجودهم مهـ ـم أوي فحياتنا، إحنا أسبوع مِن غيرها وكُنْا هنتجـ ـنن ونو’لع فالبيت، كانوا أسوياء نفـ ـسيًا عشان كدا لمَ كبرت بقيت بالنُضـ ـج دا، كان عندي أب يا “مـودة” أقسم بالله مفيش زيه، لمَ سابني بهـ ـدلت الدُّنيا وز’علت أوي وقطـ ـعت أكل لمدة ٣ أيام لدرجة إني تعـ ـبت أوي وأتعـ ـلقلي محا’ليل عشان أعرف أكمل، لمَ قعدت معاكي أفتكرت كُل حاجة كانت معاه … ربنا يرحمه راح عند اللي أحسن مِن الكُل.
شعرت “مـودة” بالحز’ن الشـ ـديد لأجله حينما أستمعت إلى حديثه عن والده وكيف كان يُحبه وكان أثـ ـمن ما يَمـ ـلُك ولذلك وا’ستهُ قليلًا علَّ هذا يفيد ولو قليلًا قائلة:
_ربنا يرحمه هو فمكان أحسن أكيد وأحلى مِن هنا متز’علش، وأكيد مبسوط دلوقتي عشانك ومر’تاح كمان الأمو’ات بيحسوا بينا وبيعرفوا عننا كُل حاجة، وشكله كان طيب أنا حبيته أوي على فكرة مِن كلامك عنُه ومتحـ ـمسة أشوف صور لِيه … وعلى فكرة أنتَ شبهة، شكرًا إنك حكيت وضحكنا سوى، الكلام معاك مُسلي جدًا على فكرة هطالبك بقعدة زي دي على طول.
نظر إليها قليلًا ثمّ أبتسم لها بسمةٌ هادئة للغا’ية هُنَيْهة مِن الوقت ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_وأنا مبسوط إني قعدت أتكلمت معاكي وخدنا ر’احتنا وضحكنا … زمانهم قا’لبين المكان علينا دلوقتي هما مستنيين جوه وإحنا قاعدين هنا ومعانا “مشمش” باشا بنحكي.
أنهـ ـى حديثه وهو ينظر إلى القط الخاص بهِ بوجهٍ مبتسم لتنظر لهُ “مـودة” كذلك ثمّ أبتسمت وقالت بنبرةٍ هادئة:
_شكله عسول أوي ما شاء الله عليه.
_متخا’فيش مش هيعملك حاجة بالعكس دا ميا’ل للستا’ت أكتر السا’فل دا.
هكذا طمئنها “حـسام” حينما رأى تر’ددها تجاه القط فكانت تريد أن تمسـ ـح على رأسه ولَكِنّ شعرت بالخو’ف مِن أن يؤ’ذيها، ولذلك طـ ـمئنها هو سريعًا ثمّ شجعها على الاقتراب مِن القط الذي نظر لها بهذا الوجه الجميل وتلك العينين ذات اللو’نين المخـ ـتلفين لتَمُد هي كفها تجاه “مشمش” بهدوءٍ وحذ’ر شـ ـديد حتى لا’مست أناملها فروه الكـ ـثيف لترى الاستسـ ـلام التام مِنهُ تجاهها ولذلك شعرت بالر’احة وأكملت حتى بدأت تمسـ ـح على رأسه بحنوٍ لترى بعدها بثوانٍ معدودة تجاوبه معها واسترخائه الشـ ـديد على لمـ ـسة يدها الناعمة لهُ..
أتسـ ـعت بسمتُها وهي تراه مستمتعًا بلمـ ـسة يدها الناعمة على رأسه لتقول مبتسمة الوجه:
_تصدق عندك حـ ـق، بيحب الإيد النا’عمة أكتر.
_فا’ضحني فكُل حتة أنتَ المفروض اللي ير’بيك مكاني سـ ـت واللهِ.
هكذا قام “حـسام” بمحادثة قِطه المشا’غب بوجهٍ مبتسم، لحظات ونظر إلى “مـودة” بعد أن أخرج هاتفه وقام بتشغيل الكاميرا الأمامية ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_بعد إذنك ناخد صورة مع “مشمش” عشان المثلث يكتمل.
وافقت سريعًا على طلبه بحما’سٍ شـ ـديد لتجاوره حتى يلتقط هو الصورة مثلما فعل مع والدته، هكذا كان دومًا؛ محبوبًا وبشـ ـدة، تلقائي لأبعد الحـ ـدود، طيب القلب، ألتقط الصورة برفقتِها هي وقِطه العزيز ليشاهدا سويًا الصورة بوجهٍ مبتسم ليسمعها تقول بنبرةٍ غمـ ـرتها السعادة:
_الصورة حلوة أوي يا “حـسام”، أوعى تنسى تبعتهالي.
_ودا أسمه كلام برضوا هبعتهالك مِن دلوقتي لو تحبي.
على الجهة الأخرى.
كانوا يبحثون عنهما في كُل مكان بعد أن شعروا بأختفا’ءهما حتى المصور الذي مِن المفترض أن يلتقـ ـط لهما صور خطبتهما ينتظرهما منذ وقتٍ، كان “سيـف” يبحث رفقة “ليل” الجد الذي قال بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_هيكونوا راحوا فين يعني هو دا وقته؟.
_هتجـ ـنن بجد كُل دا وأنا فاكرهم بيتصوروا، بقالهم ساعة مش معقولة بجد إيه دا؟!.
هكذا رد عليهِ “سيـف” مستنكرًا وهو يبحث حوله عنهما ومعهُ حماه الذي قال بنبرةٍ هادئة:
_يمكن بيتمشوا شوية عادي.
نظر لهُ “سيـف” نظرةٍ ذات معنى وقال مستنكرًا:
_دلوقتي؟! يا عمّي مكانش وقته “حـسام” أصلًا على الله.
أبتسم “ليل” وجاوبه بنبرةٍ هادئة بعد أن نظر لهُ وقال:
_ما صدق بقى يا “سيـف” أصمالله عليك كُنْت عاقل يعني ما تخلينا ساكتين شوية بقى.
_طبعًا، وحضرتك مش هتتوصى بقى وما هتصدق تفضـ ـحني.
هكذا جاوبه “سيـف” ساخرًا ليأتيه الرد في الحال مِن “ليل” الجد الذي قال بنبرةٍ هادئة مبتسمًا:
_إخص عليك، دا أنتَ حبيبي يا’ض أفضـ ـحك برضوا الستر حلو برضوا.
ظلَ يبحثان سويًا عنهما حتى لمـ ـحهما “سيـف” الذي يراهما يجلسان سويًا ويضحكان، أشار لهُ تجاههما وقال بنبرةٍ ساخرة:
_أتفضل، قاعدين بيتكلموا ويضحكوا ولا على بالهم إن في معازيم جوه مستنية جنابهم جوه.
نظر لهما “ليل” الجد وأبتسم بحنوٍ حينما رآهما يجلسان سويًا ويتبادلان أطر’اف الحديث ويضحكان، ولوهلةٍ تذكّر “روز” وتذكّر لحظاتهما معًا في الماضي، عادت ذكريات الماضي تضر’ب ذاكرته لتُجبـ ـرهُ على العودة إلى الماضي وتذكُر القليل مِن اللحظات اللطيفة بينهما، نظر إلى “سيـف” وقال بنبرةٍ هادئة:
_تعرف يا “سيـف”؟ أول ما شوفتهم أفتكرت لحظاتي مع “روز” زمان، أفتكرت أول مقابلة وأفتكرت أزاي كُنْت بحا’ميها وأقف فوش أخواتي عشانها، الوقت اللي قـ ـضيناه قبل الجواز آه كان صـ ـعب وكان مـ ـليان مخا’طر وصعو’بات، بس دايمًا بتتخـ ـلق لحظات حلوة متكونش عامل حسابها وتلاقي نفسك بتعيـ ـشها وكأنك حابب تفصـ ـل مِن العالم كُله معاها هي، كأن الرا’حة فإيديها هي، قا’درة تديهالك وقا’درة تخليك مكمل وأنتَ مذ’لول ومش عارف تاخدها، حتى جوازنا كان صُدفة زي ما كانت مُقابلتي ليها صُدفة وليست عابرة، صُدفة مقصودة، صُدفة كانت مرغوبة، كُنْت راغب وجودها برغم إني عنـ ـيد، شايف طر’ف تاني كان راغبها وحسيت إني طر’ف تالت بينهم بس غصـ ـب عنّي قلبي كان عايزها وعقلي كان حاببها ومقتنع بيها وخلاص هي دي اللي تناسبك..
_بس عارف؟ كان جوايا صوت بيقولي أنتَ الطر’ف التاني هو طر’ف تالت بينكم وفإيدك تبعده عنها وتاخد مكانك وفإيدك تسيبه يعا’فر عشان يكسبها، بس مع الوقت حسيت بالقبول مِنها، مرة بعد مرة لقيتها بتقرب هي كمان وأنا أقرب، أول مرة خا’فت فيها عليا بجد لمَ كان عندي مـ ـهمة كانت خطـ ـيرة شوية بس أنا مكونتش خا’يف وقتها كُنْت بروح وأنا عارف إني فحما’ية ربنا، كُنْت بشوف خو’فها عليا فعنيها مِن غير ما تتكلم عنيها حرفيًا كانت بتقول كُل حاجة، مؤخرًا بقيت أغير عليها ومبحبش حد يز’علها ولقيت نفسي فجأة بني آدم تاني خالص أنا بكتشفه لأول مرة، معاها مكونتش أعرف المستحـ ـيل حتى لمَ كتبت عليها غيرتي هي اللي د’فعتني إني أكتب عليها مقد’رتش أتحمـ ـل، آه الفترة الأولى مكانتش أحسن حاجة بس بعدين خدت عالوضع معايا والدُّنيا مشيت بينا وكملنا حياتنا عادي وقعدنا فترة قبل ما نقرر نشـ ـيل المسؤ’ولية أنا كُنْت عادي بس هي كُنْت شايف إنها مش مستعدة فقولت خليها برا’حتها تتعود الأول وبعدين الدُّنيا أحلوت ومشيت وكَونا العيلة اللي كُنْا نفسنا فيها..
نظر لهُ بعدها نظرةٍ ذات معنى والابتسامة تُزين ثَغْره وأكمل حديثه بنبرةٍ هادئة وقال:
_”حـسام” و “مـودة” نفس النظام على فكرة، دلوقتي بدأو ياخدو على بعض ويتعودوا على بعض ودي حاجة حلوة أوي، القعدة اللي هما قاعدينها دي هتعـ ـيشهم مبسوطين بعد كدا يا “سيـف” وهيفهموا بعض أكتر، هما كانوا محتاجين القعدة دي عشان يعرفوا يتعاملوا بطبيعتهم قدام الناس، مش مهـ ـم البني أدمين اللي حواليك ولا كلامهم ولا التوقيت ولا المكان، اللحظة اللي هما عا’يشينها دي دلوقتي هي أهـ ـم حاجة، إحنا بندوَّر على را’حتهم مش على را’حة الناس عشان مهما عملت مبيسكتوش بالعكس بيتكلموا أكتر، أنا عن نفسي شايف إنهم خدوا الوقت اللي هما كانوا عايزينه، ولا إيه رأيك؟.
هكذا أنهـ ـى “ليل” الجد حديثه بوجهٍ مبتسم وهو ينظر إلى “سيـف” الذي كان هو الطر’ف المستمع لهُ طيلة الوقت، فكر قليلًا بينه وبين نفسه ليجد أن حديثه صحيحًا مائة بالمائة بلا شـ ـك فهو يثق بهِ بشـ ـدة ويعلم أنهُ ذو خبرة في هذه الحياة ويعلم ماذا يجب عليه أن يفعل وكيف يجعل الأمور تسير بشكلٍ جيد مثلما يُريد هو، ولذلك أطـ ـلق ز’فيرة قو’ية ثمّ أعطاه الجواب بهزَّ’ة خـ ـفيفة مِن رأسه لهُ مبتسم الوجه دون أن يتحدث بحرفٍ واحد، فيما رَبَتَ “ليل” على ذراع “سيـف” وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_عندك حـ ـق يا عمّي، أنا فاهم كُل دا ومحترم كلامك جدًا كمان، مش لازم نشيـ ـل هـ ـم الناس وكلامهم طالما اللي بنعمله مر’يحنا وهو الصح مِن وجهة نظرنا، راحتنا أهم بكتير.
أتسـ ـعت البسمةُ على ثَغْر “ليل” الذي نظر لهُ نظرةٍ هادئة ثمّ أخذه وأقتربا مِنهما بخطى هادئة حتى وقفا أمامهما ليأتي قول “ليل” الهادئ الذي أبتسم:
_يا مزاجكم يا روقانكم، أشتريتوا د’ماغكم بدل الصُد’اع.
نظرا لهُ سويًا لينهض “حـسام” يقف أمامهما مبتسم الوجه ليأتي قوله الهادئ:
_بصراحة القعدة نستنا إن في خطوبة أصلًا، الوقت سر’قنا بصراحة والكلام خدنا.
جاوبه “ليل” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر لهُ بوجهٍ مبتسم قائلًا:
_عارف، هي القعدة دي بتبقى كدا خطا’فة، إحنا أستغربنا مِن تأخركم دا حتى الفوتوغرافر يا عيني مستنيكم تحِنوا عليه وتعبروه بقاله ساعة مستنيكم.
_يادي الإحر’اج اللي الواحد فيه.
هكذا جاوبه “حـسام” بعدما شعر بالحر’ج وهو ينظر بعيدًا ليأتي قول “سيـف” تلك المرة ير’فع عنهُ الحر’ج بقوله الهادئ:
_لا عادي حصلت معانا كُلنا متقـ ـلقش مفيهاش إحرا’ج يعني كُلنا شربنا مِن نفس الكاس هتيجي عليك يعني يا عمّ.
_المهم إنكم خدتوا على بعض يعني أنا شايف إنكم خدتوا راحتكم وفهمتوا بعض أكتر ولا إيه الدُّنيا معاكم؟.
هكذا سأله “ليل” متر’قبًا الرد مِن “حـسام” الذي لم يبخـ ـل عنهُ وجاوبه حينها بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه قائلًا:
_بصراحة يعني آه، خدنا وقتنا والقعدة كانت لذيذة ومـ ـليانة ضحك، كُنْت بحكيلها عن مصا!يبي وأنا صغير مع بابا الله يرحمه و “مشمش” بقى حبيبها خلاص والدُّنيا زي الفُل يعني.
_طب الحمد لله دي أهـ ـم حاجة وكدا كدا أنتَ مـ ـصيبة لوحدك يا “حـسام” مش جديدة يعني.
هكذا مازحهُ “سيـف” مبتسم الوجه لتتسـ ـع البسمةُ على ثَغْر “حـسام” الذي رَبَتَ بكفه على موضع قـ ـلبه وهو يقول:
_الله يعزك يا حبيبي كُلك ذوق واللهِ.
تعا’لت الضحكات بينهم ليأتي القول مِن “ليل” الذي أشار إليهما قائلًا بوجهٍ مبتسم:
_طب يلا عشان مستنينكم أتصوروا الأول وظبطوا أموركم وتعالوا.
نهضت “مـودة” وهي تُمسك بفستانها اللا’مع ليُمسك “سيـف” بكفها ثمّ سار بجوارها دون أن يترك يدها يمنحها بسمةٌ هادئة بين الفينة والأخرى حتى وصلوا سويًا إلى المكان الذي سيلتقطون فيه الصور خاصتهم ليرى “حـسام” رُفقاءه متواجدين برفقة زوجاتهم ويلتقطون الصور لينظر لهم نظرةٍ ذات معنى ثمّ قال مستنكرًا:
_لا واللهِ العظيم؟ وأنا دوري أمتى إن شاء الله؟!.
_الأخير يا حبيبي عشان تغيـ ـب حلو بعد كدا.
هكذا جاوبه “مـينا” بنبرةٍ با’ردة وهو ينظر لهُ لير’ميه “حـسام” نظرةٍ مستنكرة ثمّ قال ساخرًا:
_لا واللهِ؟ دا إيه البجا’حة دي بقى على فكرة أنا هنا العريس مش حضراتكم والمكان دا مكاني.
_يا حبيبي كُلنا عرسان يا سلام ز’علان أوي كدا ليه.
هكذا جاوبه “علي” ببساطةٍ شـ ـديدة بعد أن نظر إليهِ ليتفاجئ “حـسام” ثمّ نظر إلى “ليل” الجديد نظرةٍ ذات معنى وكأنه يُخبره _ماذا يفعلون هؤلاء الأحفاد بي؟_ ولَكِنّ كعادة “ليل” الجد وبشخصيته الصا’رمة نظر إليهم وقال بنبرةٍ جا’دة لا تقبل النقاش:
_أظن خدتوا الصور اللي هتمو’توا عليها حضراتكم وخلصنا، يلا طر’قونا بقى مع السلامة يلا عشان “حـسام” و “مـودة”.
_وإيه يعني “حـسام” كان ابن وزير الوزراء وإحنا منعرفش يعني أحسن مِننا فإيه هو يعني، ولا أكمنكم عنصـ ـريين بقى.
هكذا جاوبه “ليل” الحفيد ساخرًا وهو ير’مي “حـسام” نظرةٍ ساخرة ولذلك شعر “حـسام” بالغضـ ـب وقبل أن يفعل شيئًا جاء الرد حاضرًا مِن “ليل” الجد الذي قال بنبرةٍ حا’دة:
_يلا يا مهز’ق مِن هنا بدل ما أهز’قك وما هيفر’قلي حد، فاكر نفسك مين يالا يلا مِن هنا أحسنلك.
أبتسم “ليل” الحفيد ساخرًا ثمّ جاوبه بنبرةٍ با’ردة مبتعدًا عنهم قائلًا:
_ابن أكابر ومفيش مِني ٢ عالمجرة يا عسل.
_العادي بتاع “ليل”، مسحو’ب مِن لسا’نه مش جديدة علينا يعني.
هكذا قال “سيـف” وهو ينظر إلى إثر هذا الحفيد المشا’غب الذي لم يعلم الاستسـ ـلام أمامهم قط، فيما أطـ ـلق “ليل” الجد ز’فيرة قو’ية ثمّ نظر إلى “حـسام” وقال بنبرةٍ هادئة:
_خُد وقتك ولو أتصور متبعتلهوش الصور لحد ما يتر’بى.
أبتسم “حـسام” وألتمعت عينيه بسعادةٍ طا’غية حينما أستمع إلى حديث “ليل” الجد، نظر “حـسام” بعدها إلى “مـودة” وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_يلا بينا.
أبتسمت هي وأعطته موافقتها ثمّ أقتربت مِنهُ بخطى هادئة بعد أن تركت أبيها لتبدأ بمجاورته حتى يبدأ المصور بإرشا’دهما لإلتقاط بعض الصور التذكارية لهما في هذا اليوم السعيد بالنسبةِ لهما..
على الجهة المجاورة في نفس المكان..
كان “سعيـد” يسير بخطى هادئة ممسكًا بيد “هنـد” التي أصبحت الآن بأشهرها الأخيرة، نظر إليها نظرةٍ ذات معنى ثمّ قال بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_أحسن دلوقتي ولا لسه حا’سة بتـ ـعب؟.
_لا أحسن شوية.
هكذا جاوبته “هنـد” بنبرةٍ هادئة بعد أن توقفت حينما شعرت أنها لا تستطيع أن تُكمل السير ليتوقف هو بجوارها يُتابعها بعينيه هُنَيْهة مِن الوقت ثمّ نظر حوله حتى رأى مقعدًا بالقربِ مِنهما ولذلك تركها وذهب لجلبه إليها أسفـ ـل نظراتها التي تابعته ثمّ عاد لها مِن جديد ووضعه بالقربِ مِنها وأجلسها قائلًا:
_لو حا’سة إنك مش هتقد’ري تكملي تعالي نمشي أحسن يا “هنـد”.
أنهـ ـى حديثه وهو ينظر لها متفحـ ـصًا معالم وجهها التي كانت تعتلـ ـيها الإر’هاق والتـ ـعب وبرغم ذلك تُعا’ند حتى تُكمل اليوم حتى نها’يته، أعطته جوابها بالر’فض بهزَّ’ة صغيرة مِن رأسها دون أن تتحدث ليُطلـ ـق هو ز’فيرة قو’ية فهو يعلم عنا’دها الذي سيكون الحا’جز بينهما ولذلك قال بنبرةٍ هادئة:
_يا حبيبتي أنا شا’يل هـ ـمك مش أكتر، باين أوي إنك تـ ـعبانة ومش هتقد’ري تكملي.
_أنا كويسة يا “سعيـد” متخا’فش عليا شوية وهبقى كويسة.
هكذا جاوبته “هنـد” بنبرةٍ متـ ـعبة ثمّ نظرت إلى والدتها التي أقتربت مِنهما بخطى هادئة تستفسر عن ما حدث لتقف “تيسير” بجوارها وهي تنظر إلى “سعيـد” قائلة بنبرةٍ متسائلة:
_في إيه مالها “هنـد”؟.
جاوبتها “هنـد” بنبرةٍ مر’هقة حتى لا تُخيـ ـفها وقالت:
_مفيش يا ماما أنا كويسة وزي الفُل أهو.
نظرت إليها “تيسير” نظرةٍ ذات معنى وقالت مستنكرة:
_يعني إيه كويسة أومال صوتك التـ ـعبان دا إيه مش فاهمة؟!.
_الحـ ـمل تا’عبها شوية فبقولها لو تـ ـعبانة أوي نمشي مش راضية.
هكذا جاوبها “سعيـد” بنبرةٍ هادئة للغا’ية وقبل أن يتحدث أحدٍ مِنهم مجددًا جاء قول “قاسـم” الهادئ الذي أقترب مِنهم حتى جاور زوجته:
_في إيه مالها “هنـد”؟.
نظرت لهُ “تيسير” وجاوبته بنبرةٍ يظهر عليها القلـ ـق لأجل أبنتها قائلة:
_تـ ـعبانة و “تعيـد” عايزها تروَّح عشان متتعـ ـبش أكتر مش راضية.
نظر “قاسـم” إلى أبنته ثمّ قال بنبرةٍ هادئة حنونة:
_روَّحي يا “هنـد” مش هتقد’ري تكملي وهتفضلي تـ ـعبانة كدا أنتِ لازمك را’حة ومتقـ ـلقيش محدش هيقول حاجة المهـ ـم راحتك يا حبيبتي “سعيـد” بيتكلم صح قومي روَّحي أحسن.
أنهـ ـى حديثه معها ثمّ نظر إلى “سعيـد” وقال بنبرةٍ هادئة:
_خُدها وأمشوا يا “سعيـد” ولو تـ ـعبت أكتر خُدها للدكتورة وتكلمني أهـ ـم حاجة.
_أكيد يا عمّي مِن غير ما تقولي.
هكذا رد عليهِ “سعيـد” بنبرةٍ هادئة ليأتي القول مِن “هنـد” التي ر’فضت الر’حيل وقالت:
_مش هرجع أنا شوية وهبقى كويسة واللهِ أنتوا ليه مش مصدقني؟.
أنهـ ـت حديثها ثمّ تأ’وهت بأ’لمٍ بعد أن دا’همها الأ’لم بقو’ةٍ على حين غرَّة ليشعروا بالقـ ـلق الشـ ـديد عليها ولذلك تحدثت “تيسير” بنبرةٍ بها بُحَّةُ القلـ ـقِ قائلة:
_في إيه يا “هنـد”؟ إيه اللي حصـ ـل؟.
تعا’لى تأ’وه “هنـد” مِن جديد بعد أن إز’داد الآ’لم أكثر عن المرةِ السابقة ليحاوطها “سعيـد” بذراعيه قائلًا بنبرةٍ تملؤ’ها القلـ ـق بعد أن إز’داد الأمر سو’ءًا:
_قومي معايا يلا هنطلع عالدكتورة على طول.
أقتربت “لارين” مِنهم في هذه اللحظة رفقة “علي” بعد أن لم تجدهم وبعد أن أصا’بها القلـ ـق مِن إختفا’ءهم ذاك لتقف بجوار أبيها تنظر إلى شقيقتها قائلة بنبرةٍ قلـ ـقة متسائلة:
_في إيه يا بابا؟ “هنـد” مالها؟.
نظر إليها “قاسـم” وجاوبها بنبرةٍ يظهر بها قلـ ـقه الشـ ـديد على أبنته وقال:
_تعـ ـبت مرة واحدة معرفش إيه اللي حصـ ـلها.
تحدث “علي” في هذه اللحظة وقال بنبرةٍ هادئة:
_لاز’م تروح للدكتورة اللي بتابع معاها شكلها تـ ـعبانة أوي يمكن تولد بدري عن ميعادها.
فكر “قاسـم” قليلًا في حديث “علي” ليجد أنهُ مُحِـ ـقٌ في قوله ولذلك سرعان ما نظر إليهم وقال بنبرةٍ هادئة بعد أن أتخذ قر’اره:
_عندك حـ ـق جايز تو’لد فعلًا بدري، طب أنا هضطـ ـر أروح معاهم وأنتَ خليك مكاني هنا ولو حصـ ـل أي حاجة هقولك.
_عيـ ـب عليك يا عمّي أنا وأنتَ واحد.
هكذا جاوبه “علي” مبتسم الوجه ليمنحه “قاسـم” بسمةٌ أخرى أكثر هدوءًا ثمّ ألتفت إلى “سعيـد” الذي لم يجد حلًا سوى أن يحمل زوجته ويذهب بها بعد أن أشـ ـتد عليها الأ’لم ولذلك لَحِـ ـقَ بهِ “قاسـم” حتى لا يتركه وحده وذهب رفقتهما قا’طعًا وعدًا لهم بطـ ـمئنتهم.
وعلى جهة أخرى في الحفل.
بدأ حفل الخطبة لهذا الثنائي الحبيب، كان الحفل يسير بشكلٍ جيد السعادة تغمـ ـر قلوب الجميع والر’احة تحتضن القلوب، كان “حـسام” محاطًا برفقاءه جميعًا ويرقص بسعادةٍ رفقة “مـينا” الذي منذ بداية اليوم لم يتركه وظل معهُ طيلة الوقت، خرج “حُـذيفة” إلى خارج القاعَة وهو يعـ ـبث في هاتفه لثوانٍ معدودة ثمّ وضعه على أُذُنه منتظرًا تلقي الإجابة مِن الطر’ف الآخر والذي لم يطيل عليهِ وكان يُجيبه ولذلك إندمج هو معهُ في الحديث..
فيما كان “شـهاب” على الجهة الأخرى يبحث عنها بعد أن لاحظ تغـ ـيُبها لمدة عشر دقائق كاملة وهذا جعل القلـ ـق يساور قلبه فحتى هاتفها لا تُجيبُ عليهِ ولذلك ظن أن ثمة شيءٌ ما حدث معها ولم تستطع إخباره، وقف مكانه وحاول مهاتفتها مِن جديد متمنيًا أن يأتيه الإجابة مِنها، ولَكِنّ خا’بَ أملُه مجددًا ولذلك قر’ر أن يبحث عنها بنفسه ويسأل عنها..
ولَكِنّ لم يلبس كثيرًا ورآها تقترب مِنهُ ولذلك نظر لها واقترب مِنها بخطى و’اسعة يفـ ـصل المسافة بينهما ليقف أمامها يقـ ـطع عنها الطريق، وقفت هي فجأةً وهي تنظر لهُ متفاجئةً ليتحدث هو بنبرةٍ حا’دة دون أن يشعر قائلًا:
_أنتِ كُنْتِ فين يا “مَـرْيَم” كُل دا ومبترديش على موبايلك ليه !!.
صُدِ’مَت هي مِن إند’فاعه نحوها ولذلك وبتلقائية عادت خطوتين إلى الخلف ولَكِنّ تعرَّ’جت قدمها وكادت أن تسقـ ـط ولَكِنّ منـ ـعتها ذراعه حينما حاوطها وضمها إلى أحضانه وهو ينظر لها ليرى الخو’ف يرتسم على معالم وجهها، إز’دادت خـ ـفقات قلب “مَـرْيَم” التي كانت ستسـ ـقط لولا أنهُ لَحِـ ـقَها برده السريع..
_مش تخلي بالك يا حلو، كُنْت هتـ ـقع.
هكذا قال بنبرةٍ ما’كرة وهو ينظر نظرةٍ خـ ـبيثة لتجاوبه هي بنبرةٍ هادئة بعد أن حاولت تنظيم و’تيرة أنفاسها:
_ر’جلي أتلَـ ـوت بس ود’وست على طر’ف الفستان مِن غير ما أخد بالي.
أنهـ ـت حديثها وحاولت الابتعاد عنهُ ولَكِنّ شعرت بهِ يُشـ ـدد مِن ضمته لها آ’بيًا تركها لتنظر لهُ تزامنًا مع قوله الهادئ:
_مش هتشكريني طيب، أي حاجة وأنتِ معدية كدا مش هتفضل نا’شفة كدا كتير.
_”شـهاب” بجد أوقاتك كُلها غـ ـلط سيبني إحنا فمكان عام ميصـ ـحش كدا.
هكذا جاوبته وهي تُحاول إبعاده خـ ـشيةً أن يراهما أحدٍ مِن المارين صدفةٌ لتسمعه يُعا’ند بقوله:
_إيه، مراتي يا سلام حد يقدر يقول حاجة؟ وبعدين وإيه يعني ما اللي يشوف يشوف واحد حاضن مراته حد شايف فيها حاجة غلـ ـط دي؟.
نظرت لهُ نظرةٍ ذات معنى وقالت بنبرةٍ مستنكرة:
_جد واللهِ؟! والخبـ ـث اللي فعينك دا إيه تزويق للحظة يعني؟!.
_خلاص طالما ز’علانة أوي إننا فمكان عام وإني كُل أوقاتي غـ ـلط تعالي نرجع بيتنا عشان أعرف أعبَّر عن عواطفي ومشاعري براحتي.
هكذا رد عليها بوجهٍ مبتسم وهو ينظر لها ليرى الصد’مة عنوانها ولذلك أتسـ ـعت بسمتهُ أكثر على ثَغْره ثمّ ضمها إلى د’فئ أحضانه وهو يقول ضاحكًا:
_خلاص خلاص متبصليش كدا، بس لمَ نرجع البيت سيبيني أرحرح براحتي.
_يا حـ ـيلتها؟.
هكذا جاء صوت ثالث بينهما يقطـ ـع تلك اللحظات الأحب إلى قلب “شهـاب” ولم يكُن هذا سوى “شُكـري” الذي كان يبحث عنهُ طيلة الوقت بعد أن أنـ ـتبه إلى تغـ ـيُبه وأصبح يبحث عنهُ حتى رآه، في هذه اللحظة شعرت “مَـرْيَم” بالحر’ج الشـ ـديد بعد أن جاء صوته يقـ ـطع تلك اللحظات لتحاول الابتعاد عنهُ ولَكِنّ منـ ـعها هو حينما شـ ـدد مِن ضمته لها يمـ ـنعها مِن التحرك تزامنًا مع همسه إليها بقوله:
_خلينا حلوين مع بعض ومتتحركيش كتير.
نظرت لهُ هي نظرةٍ ذات معنى ليبتسم هو لها ثمّ وَّجه هو حديثه إلى أخيه دون أن ينظر لهُ قائلًا:
_عايز إيه يا “شُكـري”، مش عـ ـيب عليك تفصـ ـل أخوك كدا برضوا.
هُنا وشعرت “مَـرْيَم” بالحـ ـرارة تز’داد بوجهها ثمّ تمنت في هذه اللحظة أن تنشـ ـق الأرض وتبتـ ـلعها داخل جَو’فها دون عودة مرةٍ أخرى، أبتسم “شُكـري” في هذه اللحظة وقال بنبرةٍ ساخرة:
_تصدق وتؤمن بالله أنا حسـ ـيت بإحرا’جها، عيـ ـب عليك واللهِ.
ألتفت “شـهاب” برأسه إلى أخيه ينظر لهُ نظرةٍ ذات معنى ثمّ قال بنبرةٍ با’ردة:
_ما توقيتك غـ ـلط بصراحة، جاي عايز إيه.
_تصدق أنا غـ ـلطان، كُنْت بدوَّر عليك وأنتَ بسم الله ما شاء الله عليك مِن ساعة ما فـ ـتحت وأنتَ قار’فنا يعني “مَـرْيَم” كُنْت بشوفها كُل شوية دلوقتي أنا بقيت أشوفها صُد’فة.
هكذا جاوبه “شُكـري” مُصر’حًا عمَّ يَكمُن في جبعته، فيما أبتسم “شـهاب” وجاوبه بنبرةٍ با’ردة وقال:
_وإيه يعني، هو أنا قر’فتك أنتَ؟ بقولك يالا رو’ح شوفلك أي واحدة وحِل عن نفو’خي خليني أعرف أعـ ـيش شوية مش هتتقـ ـفل فكُل حاجة يعني، وبعدين وأنتَ عايز تشوف “مَـرْيَم” ليه يعني؟.
هكذا أنهـ ـى حديثه متسائلًا بعد أن ر’ماه نظرةٍ ذات معنى ليجاوبه “شُكـري” هذه المرة وهو يستعد للمغادرة قائلًا:
_طب أتـ ـلم وتعالى بدل ما أروح أفتـ ـن عليك وألمـ ـهم حواليك دلوقتي.
أنهـ ـى حديثه ورحل حتى لا يتسـ ـبب في إحر’اج تلك المسـ ـكينة أكثر مِن ذلك أسفـ ـل نظرات “شـهاب” الذي تابعه حتى رحل أخيه ثمّ عاد ينظر إلى زوجته بعد أن حر’رها مِن قيو’ده لتبتعد هي عنهُ قليلًا تر’ميه نظرةٍ غا’ضبة ليقول هو مستنكرًا:
_إيه بتبُصيلي كدا ليه غـ ـلطت أنا؟!.
قر’رت أن تتركه وتذهب بعد أن تسـ ـبب في إحر’اجها، تحركت بالفعل بعد أن قر’رت أن تغاد’ر ليعود تعرُّ’ج قدمها مِن جديد يغد’ر بها لتسقـ ـط هي هذه المرة داخل أحضانه ليحاوطها هو بذراعيه بحركةٍ تلقائية مِنهُ وقد تشـ ـبثت هي بهِ بعد أن كانت ستسـ ـقط ليأتي قوله هذه المرة متخا’بثًا وهو ينظر إليها قائلًا:
_شوفتي بقى إنك ظـ ـلمتيني المرة اللي فاتت، أدي ر’جلك خا’نتك تاني وأنتِ و’قعتي فحُضني المرة دي لوحدك.
ر’فعت رأسها تنظر لهُ نظرةٍ ذات معنى لترى بسمتهُ ترتسم بإتسا’عٍ على ثَغْره ثمّ ر’فع كفه يسير بأنامله برفقٍ على صفحة وجهها وهو يُضيف بنبرةٍ ممازحة قائلًا:
_إيه يا بـ ـت الحلاوة دي كُلها؟ معايا صينية بسبوسة متنقلة.
أنهـ ـى حديثه ثمّ اقترب مِنها يُلثم جبينها بقْبّلة حنونة وهو ينظر لها مبتسم الوجه ثمّ ضمها إلى أحضانه ممسِّدًا على ظهرها برفقٍ دون أن يتحدث ليشعر بها تُبادله عناقه بهدوءٍ كذلك دون أن تتحدث فقط ترك كُل واحدٍ مِنهما نفسه تبو’حُ عمَّ يكمُن داخل جبعتها، وتركا قلو’بهما تتصل ببعضهما يعزفان ألحانًا هادئة بخـ ـفقاتٍ متنا’سقة أسـ ـفل حالة حُبّ بين العا’شقين.
______________________
<“خرجت اللُعبة عن السيطـ ـرة،
وكُشِـ ـفَت جميع الوريقات على أصو’لها.”>
تسير منهجية اللُعبة كما يُريد صاحبها دومًا..
ولَكِنّ لم يحسب صاحبها أنها لرُبما تخرُ’ج عن سيا’قها وسيطـ ـرتها؛ تعطـ ـل الدور، وخَسِـ ـرَ مؤسسها الر’هان، ومعها كُـ ـشِفَت جميع وريقات اللُعبة على حـ ـقيقتها..
كان يقف في الخارج يأخذ المكان ذهابًا وإيابًا وهو ينتظر خروج “سعيـد” وطـ ـمئنته بعد مرور ما يُقارب الرُبع ساعة، فيما كان “سعيـد” يجاور زوجته في الداخل والطبيبة تتفحـ ـصها وهي تُلقـ ـي عليها بعض الأسئلة وهي تجاوبها حتى نهضت الطبيبة وعادت إلى مكتبها مِن جديد تاركةً “سعيـد” الذي ساعدها لدقائق ثمّ لَحِـ ـقَ بها ويجلسان أمامها ينتظران الاستماع إلى ما ستقوله..
فيما نظرت لهما الطبيبة وقالت بنبرةٍ هادئة:
_كُل دا طبيعي جدًا يحصـ ـل يا مدام “هنـد” مفيش مِنُه أي خو’ف وكُل المؤشرات بتقول إن مفيش ولا’دة فالشهر السابع ممكن تكون فنُّصْ التامن أو على أول التاسع فميعادك الطبيعي، الوجع دا طبيعي بس أهـ ـم حاجة بلاش مجهو’د ممكن تتمشي مِن الوقت للتاني وأهتمي بأكلك الفترة دي كُلي فواكه كتير هيكون كويس عشانك وأنا شايفة إن صحة البنو’تة زي الفُل ما شاء الله هي بس هتتشا’قى مِن الوقت للتاني بس عادي، مُمكن تعملي حاجة حلوة جدًا أتعمل عليها دراسات وثَـ ـبُتَت صحتها لمَ تحسي بالو’جع وهي هتبدأ تضر’ب مشي إيدك على مكان الو’جع شوية هتلاقيها هديت خالص، وممكن تتكلموا معاها على طول الموضوع هينجح كتير جرّب الطريقة دي ونجحت وأنتِ جرّبيها ممكن تنجح.
نظرت “هنـد” إلى زوجها الذي بادلها نظراته بأخرى هادئة ثمّ نظر بعدها إلى الطبيبة وقال بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_طب والمفروض نيجي أمتى الزيارة الجاية؟.
_الشهر الجاي فالميعاد نفسه تيجي متابعة نتطـ ـمن إن كُل حاجة زي الفُل.
هكذا جاوبته الطبيبة بوجهٍ مبتسم ليشكرها هو ثمّ أخذ “هنـد” وخرجا إلى “قاسـم” الذي ما إن رآهما أقترب مِنهما بخطى و’اسعة بعض الشيء ليقف أمامهما وهو ينظر إلى إبنته قائلًا بنبرةٍ متسائلة:
_في إيه؟ الدكتورة طمـ ـنتكم؟.
طمئـ ـنه “سعيـد” الذي أبتسم بسمةٌ هادئة وقال بنبرةٍ مماثلة:
_متقـ ـلقش يا عمّي الحمد لله كُل حاجة زي الفُل، البنو’تة بس فا’ردة نفسها علينا شوية وعاملة قَـ ـلَق عالفاضي.
أبتسم “قاسـم” حينها بعد أن أطـ ـمئن على أبنته ثمّ نظر إليها وضمها إلى د’فئ أحضانه ما’سحًا بكفه على ظهرها برفقٍ وقال:
_الحمد لله أهم حاجة إنها كويسة أنا أتخـ ـضيت عليها اللي يشوفها يقول هتو’لد.
_أنا كمان قولت زيك برضوا بس أهو، الحمد لله ممكن على نُّصْ التامن أو أول التاسع فميعادها الطبيعي.
أنهـ ـى “سعيـد” حديثه ثمّ نظر إلى زوجته التي نظرت لهُ كذلك وقالت بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_”سعيـد” ما تشـ ـيلني تاني.
_أنتِ مصدقتي ولا إيه؟.
هكذا جاوبها “سعيـد” وهو ينظر لها مستنكرًا لتر’ميه هي نظرةٍ ذات معنى، فيما نظر لهما “قاسـم” ليعلم أن “سعيـد” في مأز’قٍ الآن ولذلك تدَّ’خل سريعًا وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_أنا بقول نرجع عالبيت بقى عشان ترتا’حي وهما خلاص شوية وراجعين.
وافقه “سعيـد” حديثه حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_صح، كلامك كُله صح بصراحة يلا بينا.
_أفهم مِن كدا إنك مش عايز تشيـ ـلني يعني.
هكذا قالت “هنـد” بنبرةٍ حا’دة وهي تنظر لهُ ليُنكـ ـر هو حديثها ذاك سريعًا بقوله:
_لا خالص واللهِ مقد’رش بس خلاص مرة وعدت.
نظرت هي إلى أبيها الذي نظر لها وأبتسم بسمةٌ هادئة قائلًا:
_عديها معلش عشان خاطري أنا المرة دي.
أنهـ ـى حديثه ثمّ أقترب مِن يُلثم جبينها بقْبّلة حنونة وهادئة ثمّ ضمها إلى د’فئ أحضانه وأخذها وذهبوا ثلاثتهم بعدما غَمَزَ إلى “سعيـد” خفيةً بعينه اليُـ ـمنى بوجهٍ مبتسم، تحركوا بالسيارة مِن محـ ـيط المشفى ليصدح رنين هاتفه عا’ليًا يُعلنه عن أتصالٍ هاتفي مِن عمّه لمرته الأولى في حياته تقريبًا مِمَّ جعله يُصد’م ويد’هس على الفرا’مل مرةٍ واحدة دون سابق إنذ’ار لتتفاجئ “هنـد” التي نظرت لهُ بعد أن مـ ـنعها حز’ام الأ’مان مِن إرتد’اد جسـ ـدها للأمام، ومعها “قاسـم” الذي نظر لهُ وهو لا يفهم ما حدث معهُ..
فيما شعر “سعيـد” بالماضي يعود مِن جديد يهجـ ـم على ذاكرته معيدًا إياه إلى نقطة الصفـ ـر، تذكّر كُل شيءٍ ولذلك شعر بالتر’دد حتى أنهُ لم يُجيب ولذلك رآه يعاود الإتصال مرةٍ أخرى ليعلم أن هذا حـ ـقيقة وليس حُلمًا أسو’د مثلما وصفه لهُ العقل، تحدثت “هنـد” بنبرةٍ هادئة متسائلة وقالت:
_في إيه يا “سعيـد” مبتردش ليه؟.
نظر لها نظرةٍ ذات معنى بعد أن اضطـ ـربت أنفاسه وجاوبها بنبرةٍ تكسو’ها التو’تر:
_عمّي بيتصل بيا لأول مرة.
عقدت هي ما بين حاجبيها بتعجبٍ ثمّ ألتزمت الصمت قليلًا قبل أن تقول بنبرةٍ هادئة:
_طب رُد عليه، يمكن عايز يقولك حاجة.
شعر بالتر’دد ولَكِنّ مع إصر’ارها جاوبه دون أن يتحدث يستمع إلى حديثه الذي كان يُلـ ـحُ عليهِ بالمجيء رفقة زوجته بشكلٍ أثا’ر ريبته بلا شـ ـك، لم يتحدث فقط تلقى الأوا’مر وأغلـ ـق المكالمة دون أن يقول حرفٍ واحدٍ، فيما كانت “هنـد” تنظر لهُ وهي تنتظر معرفة ما حدث ومعها “قاسـم” الذي تعجب مِن تحوُّ’لهِ المفاجئ بعد هذه المكالمة التي بالطبع قَـ ـلَبَت موازينه فجأةً وكأنها ر’يحٌ موسمية ضر’بت المدينة على حين غرَّة د’مرت كُل شيءٍ..
_طلب إني أروح بيت العيلة وأنتِ معايا.
كلماتٌ بسيطة جاوب بها على سؤالها الصامت وهو يلتزم الهدوء جوابًا على أسئلتها، وبرغم أنَّ الهدوء هو المُسيطـ ـر عليهِ خارجيًا وعن هيئته الداخلية فقد كان هُناك صر’اعٌ طا’حن نا’شبٌ بداخلهِ وصر’خاتُ طفلٍ صغير تعلـ ـو مُعيدةً إياه إلى نقطة البداية ومعها تسا’قطت حصو’نه المنـ ـيعة بداخلهِ وصوت سقو’طها يرن في أُذُنيه حتى تكون تلك هي الخُطى على جمـ ـرات النير’ان، هكذا كُشِـ ـفَت الوريقات جميعها.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)