رواية ابن الصعيدي الفصل الخامس 5 بقلم نور الشامي
رواية ابن الصعيدي الفصل الخامس 5 بقلم نور الشامي
رواية ابن الصعيدي البارت الخامس
رواية ابن الصعيدي الجزء الخامس

رواية ابن الصعيدي الحلقة الخامسة
انطلقت الرصاصة قرب قدم صخر وارتجف الجميع وصمت الهواء لوهلة وكأن الزمن توقف ثم تعالى صوت آدم، غاضبا ثائرا وهتف :
جسما بالله العظيم لو اكتشفت إن في واحد فيكم ليه يد في موت ليلى… هجتلكم كلكم واحد ورا التاني.. ومش هيهمني حد… والله هجتلكم
انهي ادم كلامه واندفع نحو سيارته وفتح الباب بعنف ثم أغلقه بقوة وانطلقت السيارة كالسهم مثيرة خلفها دوامات من الغبار فـ ركض صخر خلفه وصاح بلهفه :
أدم! استنى…. اسمعني بس
القي صخر كلماته واستقل سيارته وذهب بسرعه وفي مكان اخر كان الدم يسيل من ذراع كريم وقد التصق قميصه بجرحه لكنه ظل واقفا يتحدى الألم بعينين يشتعلان غضبًا و أمامه وقفت رجوة بثوب أسود فضفاض وعينين لا تعرف الرحمة تسند ذراعيها على خاصرتها وتنظر إليه باحتقار واضح ورددت بحده :
ده مكنش اتفاجنا يا كريم. إنت اتسرعت هو مش انا جولتلك تستنى.. اي ال خلاك تعمل اكده
زفر كريم بعن وصوته خرج مبحوحا من شدة الألم:
هو ضربني… كان هيجتلني يا رجوة.. انتي كان لازم تجوليلي وتعرفيني ان كل دا هيوحصل… وبعدين جواز اي عاد.. انا اي ال هيحليني اتحوز واحده غلطت معاها.. انا مش عايزها اصلا وانتي ال دخلتيني في كل دا..مليش صالح انا بجا..انا مش مجبور اسمع الكلام واربط حياتي كلها معاها
تنهدت رجوه بغضب ورددت:
كان لازم تبعد نهائي زي ما جولتلك.. دلوجتي خليت صخر يشك أكتر وهيدور عليم تامي وتالت وأنا كل ال يهمني دلوجتي إن صخر وآدم ميتجمعوش مع بعض لو اتفجوا… هتبجي مصيبة علينا كلنا.. انا ما صدجت بعدتهم كول السنين دي. مش لعد دا كله بسبب عيل زيك عيل زيك هيبزظلي كل خططي.. انا ليا تار ولازم اخده بايطريجه حتي لو وصلت اني اجتل نفسي علشان التار دا يتاخد
تقدم كريم خطوة منها والغضب يتفجر في صوته:
وانا كمان ليا تار… ليا دم عند العيلة دي! عند صخر ال حط السلاح في راسي، وكان هيريح نفسه مني غي لحظه واحده اكده… وأنا مش هسكت مش هعديها
نظرت إليه رجوة بضيث ثم رددت ببرود:
هساعدك بس لو غلطت تاني مليش علاقة وهسيبه يخلص عليك بإيده… صخر اصلا مش هيسيبك، خصوصا لو قدر جالتله كل حاجه واعترفتله بال عملته فيها
تجمد كريم وعيناه تتسعان بصدمه مردفا :
جالتله.. اكيد لع يعني.. هي ازاي هتجوله حاجه زي دي
هزت رجوه رأسها بقوة وهتفت :
اكيد جالتله إن ال حوصل بينكم كان غصب عنها… وإنك غدرت بيها.. صخر عمره ما هيسيب حد أذى مرته. بس أنا هجولك توصلها إزاي وأخليها كمان تيجيلك لحد عندك… بس اسمع الكلام وكفايه تهور بجا علشان انا مش هسيب حالي واجعد افكر فيك وفي حواراتك الحكايه مش ناجصاك اصلا هتعمل ال هجولك عليه بالحرف… يا والله العظيم انا ال هجتلك
القت رجوه كلامها ثم استدارت وتركت المكان بينما ظل كريم واقفا وحده، يئن من الألم، وشرر الغدر يشتعل في قلبه وفي صباحٍ جديد كانت أشعة الشمس تتسلل إلى غرفة صخر ناشرة ضوءا خافتا فوق وجوه أنهكها السهر والتفكير و جلست قدر على طرف الفراش تراقب ملامحه بصمت ز تستجمع شجاعتها لتسأله عما يشغلها منذ الأمس مردفه:
هو آدم… عامل إي دلوجتي؟ اتكلمت معاه؟
زفر صخر ببطء ومرر يده فوق جبينه المتعب ثم أجاب بنبرة منخفضة:
لع… متكلمتش معاه لسه… بس كلمت الحجه كانت خايفه عليه جوي وجالتلي إن أعصابه بايظة ومش بيرد على حد… بس هحاول أتكلم معاه تاني
صمتت قدر قليلا ثم اقتربت منه أكثر تنظر إليه بعينين مشوشتين:
هو في إي بينكم؟… انتو كنتوا أكتر من إخوات يا صخر… إي ال حوصل يخليكم تبجوا اكده؟
سكت صخر وحدّق في الأرض لثواني ثم رفع عينيه إليها وقال:
مش مهم دلوجتي…ال حوصل حوصل بجا هلينا في المهم كريم… لسه عايش
اتسعت عيناها من الذهول وتجمدت ملامحها قبل أن تتفجر دموعها فجأة مردده؛
عـــايش؟! إزاي.. هو هيجي صوح.. انا متاكده انه مش هيسيبني… لو عرف اني حامل هتبجي مصيبه.. هعمل اي دلوجتي..هيجول لكل الناس ال حوصل..وجدي هيجتلني…هو اصلا هيجتلني من غير حاجه
مد صخر يده بهدوء ومسح دموعها بأنامله، وهو يهمس:
متخافيش… خدي بالك من نفسك ومتخرجيش لوحدك أبدًا… أنا مش هسيبه يقربلك، بس انتي كمان خليكي قويه.. واصلا الحج لازم يعرف كل ال حوصل علشان هو مش هيسبلك.. هيجتلك وانا متاكد.. لازم نعرفه كل ال حوصل وان كل دا غصب عنك ولا انتي عايزه يبجي شكلم جدام الناس انك بنت مش كويسه وانك اتنازلتي عن شرفك وجيبتي للعيله العار… لازم الكل يعرف في ال حوصل بالظبط
نظرت قدر إليه بعينين ممتلئتين بالندم ورددت :
أنا آسفة… آسفة على كل حاجة حوصلت واسفة إني خبيت و إني سكت… بس كنت خايفة والله.. سامحنؤ باللع عليك.. انا دمرتلك حياتك كلها
صمت صخر لكن عيناه كانتا تنطقان بالكثير فـ رفعت قدر يدها لتلمس يده ورأت الجرح الغائر في كتفه حتي لامست الجرح برفق وهي تمرر أصابعها عليه بلطف، وكأنها تحاول أن تزيح عنه الألم ثم نظرت إليه واقتربت أكثر، واحتضنته دون كلمة وفي اللحظة التي خيل لهما أن العالم اختفى انفتح باب الغرفة بعنف ووقف الزمن لثانية حين ظهرت ميار عند العتبة كانت واقفة في صمت وثوبها المنزلي يتمايل وعيناها مليئتان بالغضب والصدمة مردده:
أنا جيت في وجت مش مناسب… ولا إي؟
ابتعدت قدر بتوتر وهي تحاول الهروب من نظراتها فاقتربت ميار من صخر وهتفت بدموع:
انا كنت جايه اجولك ان جدك عايزك.. بعد اذنك
القت ميار كلماتها وذهبت فلحقها صخر بخطوات سريعة وفتح باب الغرفه ثم أغلقه خلفه بهدوء مضطرب واقترب منها ومد يده يمسك بيدها المرتجفة، مرددا بصوت خافت:
ـاستني بس… اسمعيني أنا مكنتش أجصد ال شوفتيه الموضوع مش زي ما باين والله
نظرت إليه ميار بدموعٍ متجمعة في عينيها وهمست بدموع:
جولي الصراحة يا صخر… أنا تعبت… جولي إنك بتحبها… إنك مش جادر تعيش من غيرها… وإنك مكمل معايا بس علشان أنا بنت خالتك ومليش حد… أنا عارفة من زمان … بس كنت ساكتة… كنت بحاول أضحك وأصبر علشانك… علشانك بس.. انا عارفه انك مش بتحبني اصلا
اقترب صخر منها أكثر ورفع يده يلامس وجهها برقة و يمسح دموعها بإبهامه وهمس بحزن:
بلاش تجولي اكده يا ميار .. انتي متعرفيش انتي غالية عندي قد إي والله…. والله لو تعرفي مكنتيش جولتي الكلام ده أبدا…
هزت ميار رأسها بيأس، ودموعها تزداد انهمارا ورددت:
أنا بحبك… بحبك بجنون… ومستعدة أعمل أي حاجه علشانك… حتى لو بتحب قدر… حتى لو جلبك مش معايا… أنا ممكن أنسحب… أبعد بس أشوفك مبسوط، ده كل ال يهمني يا صخر والله هو سعادتك وبس
لم يتحمّل صخر أكثر من ذلك فاحتضنها بقوة وكأنه يخشى أن تضيع منه، وهمس فوق رأسها:
ـ متجوليش اكده… بالله عليكي متجوليش كده… أنا مجدرش أعيش من غيرك يا ميار… انتي روحي، ومهما حوصل… مفيش حاجه هتبعدني عنك.. انتي هتفضلي مرتي لاخر نفس في عمري.. طلعي بجا الكلام دا من دماغك خالص وبلاش تفكري فيه
احتضنته ميار أكثر وكأنها تتشبث بالحياة وقد انكسر كل ما كانت تخفيه من كبرياء وصبر وفي المساء اجتمع الجميع في القاعة الواسعة يجلسون أمام الجد الذي اتكأ على عصاه الخشبية يحيط به صمت ثقيل كالغبار وصخر وقف بجانبه، بينما جلست قدر في ركن بعيد، تتجنب نظرات الجميع وداخل صدرها قلق لا تهدأ له أنفاس ورفع الجد صوته الجهوري قاطعا الصمت:
أنا قررت من دلوجتي… كل الورث والأرض والفلوس هتبجي باسم صخر… هو بس ال ليه عندي وال مش عاجبه يشرب من البحر
انكمش وجه العمه ثم انتفضت واقفة تصرخ بعينين تقدحان شررًا:
ورثك؟! وصخر؟! طيب وورث قدر يا ابوي ؟! دي حفيدتك ليها حق زيها زي صخر
التفت الجد إليها ببطء وردد بحده:
قدر؟ مين قدر دي؟ أنا معرفهاش… وجريب أوي هنعمل عزاها
سرت رجفة في جسد قدر وابتلع المكان كل الأصوات دفعة واحدة ثم بدأت تهم بالوقوف وخطواتها مضطربة تحاول الوصول إلى غرفتها قبل أن تنهار دموعها أمامهم. لكن يدا قوية أمسكت بمعصمها كان صخر. الذي حدّق في جده بعينين مشتعلتين واردف بصوت غليظ:
لو في دماغك لسه تأذيها، يبجى أنا ال هاخدها وأمشي من اهنيه يا جدي و
لم ينهي صخر كلامه حتي صاحت أمه وقد نهضت من مكانها غاضبة:
تاخد مين يا صخر؟! مين جالك إني أصلا موافطة عليها؟! دي بنت سلمت نفسها لواحد مايتأمنش وعايزها تبجي مرتي…. لع أنا مش موافجة ودي مش مننا ولا لينا
ضرب صخر بقبضته على الطاولة فاهتزت الأكواب وصرخ بغضب:
هي مسلمتش نفسها حد … كريم هو ال عمل اكده غصب عنها بالعافية يا حجه.. بالعافيه.. كفايه بجا.. كفايه اتهامات علي الفاضي.. الكلب دا هرب من الفرح بعد ال عمله علشان عارف ان مكنش حد هيصدجها
ساد صمت مهول وكأن الهواء اختفى من القاعة و نظرات الذهول اتجهت إلى قدر التي كانت ترتجف في مكانها. حتى ميار فتحت فمها دون أن تنبس بكلمة اما الجد ظل صامتا يراقب بعينين جامدتين حتي ردد اخيرا بنبرة جافة:
لو مكنتش موافجة، مكنش جدر يعمل ال عمله.. انا فاكر اكده انك هتطلعها بريئه
لم تحتمل قدر أكثر وافلتت يدها من صخر وركضت نحو السلم والدموع تتساقط على وجهها وهي تصعد إلى غرفتها حتي جاءها اتصال هاتفي فأجابت بصدمه:
نعم.. انت فين… انا جايه.. نص ساعه وهكون عندك اوعي تروح في اي مكان
القت قدر كلماتها بغضب وبعد فتره قد تجاوز الوقت منتصف الليل والهدوء الثقيل يخيّم على المكان شبه الصحراوي فـ وقفت قدر وحدها وسط العراء والريح تعبث بطرف فستانها بينما كانت عيناها تراقبان الطريق الخالي في قلق لم تكن متأكدة مما تفعله وفي لحظة خاطفة قطع الصمت بصوت مألوف كان صوت خطوات سريعة تقترب مردده :
إنتي إي ال جابك اهنيه
استدارت قدر بسرعة، لتجد ميار تقف خلفها و أنفاسها متلاحقة وعينيها مليئتين بالغضب والقلق
انتي عرفتي أنا فين إزاي؟!
سألت قدر وهي تتراجع خطوة إلى الوراء فرددت ميار بعضبيه
عرفت منك.. مشيت وراكي … جيتي لوحدك علشان تشوفي كريمصوخ ! مش صخر جالك متخرجيش لوحدك؟ إزاي تيجي اهنيه.. ليه معرفنيش صخر
رفعت ميار صوتها بغضب بينما كانت عيناها تجولان المكان بحثًا عن أي خطر محتمل لكن قبل أن تتفوه إحداهن بكلمة أخرى، لاح في الأفق نور قوي لعربة مسرعة فـ شهقت ميار، ثم صرخت:
قدررر!! ابعدي
اندفعت ميار بجسدها نحو قدر و دفعتها بعيدا بكل ما أوتيت من قوة وفي اللحظة التالية ارتطم جسد ميار بمقدمة العربة المسرعة وسقطت أرضا والدماء تنزف منها بغزارة، تغمر الرمال تحتها بلون الألم فـ وقفت قدر مذهولة تحدق بجسد ميار المسجى أمامها، والهواء من حولها صار أثقل من أن يُتنفس وفجاه
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ابن الصعيدي)