رواية زهرة العاصي الفصل الرابع 4 بقلم صفاء حسني
رواية زهرة العاصي الفصل الرابع 4 بقلم صفاء حسني
رواية زهرة العاصي البارت الرابع
رواية زهرة العاصي الجزء الرابع

رواية زهرة العاصي الحلقة الرابعة
في وسط الأحداث المُحزنة، تلقت زهرة رسالةً صادمةً، فانهمرت دموعها حزناً على الظلم الذي لحق بها، وتألمت لما واجهته من اتهامات باطلة. شعرت بالوحدة والعجز أمام قسوة قلوبٍ لم ترحمها. في تلك اللحظة العصيبة، ظهرت يد العون من شخصٍ لم تتوقعه، مُبشّرةً ببدايةٍ جديدةٍ تبعث الأمل في قلبها. كانت الرساله
“بكرة استناك، متتأخرش.”
انصدمت زهرة، وكانت منهارة. كتبت، وهي مخنوقة: “استحي على دمك! منك له! حرام عليكم، أقسم بالله بريئة! ليه كلكم صدّقتوها ومحدش صدّقني؟ وهعملك بلوك.”
كتب عاصي: “استني يا زهرة، أنا عاصي.”
استغربت زهرة: “عاصي؟ هبّب أزرق! ملكش دعوة بيا!”
سجّل عاصي ريكورد، وأرسله بسرعة قبل ما تحظره. وصل الريكورد، وهي حظرته. كانت زينة تتابع الحوار، فسألتها: “مين ده؟”
نزلت دموع زهرة: “واحد من اللي صدّقوا إني فريسة وقعت، وينهشوا فيها.”
(حصريًا على صفحة الكاتبة صفاء حسني: زهرة العاصي)
شغّلت زينة الريكورد عشان تسمع. كان عاصي مسجّلًا يقول: “أنا دكتور عاصي، اللي قابلتك يا مهندسة زهرة. متخافيش، أنا معاكي، وبلغت واحد أعرفه في مباحث الإنترنت، وكنت بعتلك عشان أودّيكي تقدّمي فيهم شكوى.”
سمعت الريكورد معها زينة، وسألتها: “مين الشخص ده؟ وهو ممكن فعلاً يساعدك؟”
كانت زهرة متسائلة، ومش عارفة ترد بإيه. طلبت منها زينة: “فكي الحظر، اسمعي منه يا زهرة، ممكن يساعدك.”
وفعلاً، فكت الحظر. كان هو منتظر، ومصدّق إنها رفعت الحظر، وكمل ريكورد: “صوري أي حد بيبتزّك، وأي شاب استغلّ الفرصة وبعتلك. أوعي تمسحي حاجة، عشان ده اللي هيجيب حقّك، وصدقيني حقّك هيرجع، وهناك هيعرفوا يكشفوا الصور المُفبركة.”
وبعد شوية، ردّت عليه وسألته: “وأنت عايز تساعدني ليه؟ وإيه المقابل؟”
انصدم من كلامها عاصي، لكنّه فهم إنها عندها حق، متثقش في حد، فحبّ يطمئنها: “حضرتك أنا مش شاب تافه وعايز أتسلى، أنا دكتور في الجامعة، وشُفت كل حاجة حصلت من البداية، ثقي فيّ بعد إذنك.”
قرأت زينة الرسالة: “دكتور في الجامعة عندنا؟ ده بجد! هاتي كده أشوف البروفايل، ممكن أكون أعرفه.”
أخذت التلفون، وفتحت الصورة، وانصدمت: “ده الدكتور عاصي القاسم، الجديد في الجامعة!”
انصدمت زهرة، وسألتها: “بجد؟ عرفتي إزاي؟”
شعرت زينة بالارتياح: “نزلوا صورته في جروب الجامعة. أنتِ عارفة الشباب، أي دكتور جديد لازم يحتفلوا بيه بطريقتهم! المهم كده أنتِ في أمان، وربنا بيحبّك. ردّي عليه، وأجي معاكي، متخافيش.”
ردّت زهرة وقالت: “حاضر يا دكتور، بكرة قبل الجامعة أنا وصاحبتي زينة هنقابلك.”
اطمأنّ عاصي إنها ثقت فيه. بعد شوية، اتصل بيه صديقه، الدكتور حاتم، وهو بيضحك: “أنت وقعت في الفخ، واتعمل فيك المقلب!”
مكنش فاهم، فسأله: “مقلب إيه يا دكتور حاتم؟”
في تلك الأثناء، انعزلت زهرة في وحدتها، تُدوّن آلامها وكلماتها المُعبّرة عن معاناتها النفسية. تُعبّر عن شعورها بالضعف والسذاجة، وتُلقي اللوم على نفسها وعلى قسوة البشر. تُطلق العنان لدموعها، تُناجي ربها، وتستغيث به. ثمّ تتلقّى زهرة دعمًا من صديقتها زينة وبعض الطالبات اللاتي آمنّ ببراءتها.
حصريًا على صفحة الكاتبة صفاء حسني: زهرة العاصي)
عند زهرة، قعدت وهي بتعيط على السرير، ومسكت دفترها، وبدأت تكتب:
“أنا الإنسانة الضعيفة، الساذجة، اللي محدش رحمه من كلمات التنمر والنظرات المتدنية اللي كنت بشوفها من البشر في كل مكان. وبالفعل، كنت بتألم منها، وأكتمها في قلبي كأنها حاجة عادية. لحد ما ظهر فى حياتى اقنعنا انى زهرة فى بستان مختلفة عن كل الزهور وفجاءة يجي يكسر قلبي لهذه الدرجة؟ أنا كنت اللعبة اللي بيتسلى بيها! ياربي، هل حبي وهوسي بيه يستحق العقاب عليه؟ هل في زمننا ده الحب بقى زي رماد الميت اللي لما يموت بيتدفن، ويبكوا عليه أيام، وبعدين يتنسى العمر كله؟ يا ريت كنت الأميرة الميتة في اللحظة دي، ولا سمعت منه الكلمات القاسية دي اللي شفتها في عينيه. أنا اللي كنت بالنسبة له أميرة قلبه، كل أحلامه! لكن طلع كلها أوهام خلقتها فى عقلي و أيقظتني على واقع مرير، خلتني زي شبح الأميرة الميتة اللي مفيش لها مكان في الدنيا دي. كنت بتمنى تكون أنت العمر كله، والحياة، والسند اللي يحميني من غل البشر. يا الله، أنا مش ضعيفة! أنا بتكلم معاك عن آلامي. يارب، قولي لي: هل سذاجة قلبي هي اللي خلتني أنكسر منه لهذه الدرجة، ولا بشاعة البشر وخداعهم هو الوحش الشرير اللي كانوا بيتكلموا عنه في القصص، وبعدين تحوّل لحقيقة مرة في دنيتنا المظلمة دي؟ يارب، مشى هبكي، مشى هبكي، بس قلبي بيبكي. وبكل قلبي بقولها: أنا بكره، بكره، مشي قادرة،! يارب، كل ما افتكر خدعته ورهانه عليا استحقره ، ساعدني يا خالقي.”
حصريًا على صفحة الكاتبة صفاء حسني: زهرة العاصي)
دخلت بنات عند زهرة، وفضلوا يتنمّروا ويستهزئوا بيها: “طلعت مش سهلة يا زهرة! عاملة علاقة مع زياد مرة واحدة! زياد اللي كنتِ بتنصحِي كل البنات يبعدوا عنه! إتريكي عينك عليه!”
ردّت زينة بدل صديقتها: “زياد مين اللي زهرة صالح تبصّ عليه؟ أنتم مصدّقين الكلام، ده؟ ما بالكم لو ما كنتوش عارفين! سمعت ياسمين، واللي مكبّرها إنّه بنت اخت صاحبة الجامعة، وعشان كده متفرّعنا على الكل! فوقي أنتِ وهي، دي زهرة اللي مشي بتفوّض فرض، ومحتشمة! محدش يصدق عنها كده! ده حتى في الابتلاء بتدعي لربنا يكون معاها، يبقى إزاي تعصي ربنا؟”
ضحكت فتاة أخرى: “وممكن بتدعي ربنا عشان تكفّر عن ذنوبها، والخبر الا بفلوس، بكرة يبقى ببلاش!”
تدخّلت أخرى، وظهرت إنها بتحمّي زهرة: “أنا مصدّقة زينة على فكرة، وزهرة محدش شاف منها حاجة وحشة! دي البنت صايمة طول النهار، وعلى لحم بطانها! وردت أنا هعملها أكل.”
تغيّرت ملامح الفتاة، وبارتباك: “لأ، أنا اللي هعملها الأكل، ارتاحي أنتِ.”
ودخلت الفتاة لتحضر الأكل. كانت زهرة تستمع لهم وهي جالسة على الأرض، وتشكُو لربها: “أنا عارفة إني مش قادرة أصلي لك النهاردة، أو أسجد، أو حتى أقرأ قرآن، لكن أنت مجيب الدعاء! اغفر ذنوبي يا رب العالمين، استرني معايا يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم! برحمتك أتوب إليك، كن معي، وألهمّني الثواب، واغفر لي.”
حصريًا على صفحة الكاتبة صفاء حسني: زهرة العاصي)
جلست زينة جانبها: “هو أنتِ بتعملي إيه؟ مش أنتِ عندك عذر؟ إزاي بتصلي؟”
هزّت زهرة رأسها بالنفي: “أنا بدعي لربنا، مش بصلي يا زينة.”
سألتها زينة: “طبعاً سمعت الكلام اللي البنات عاملينه عليكِ.”
هزّت زهرة رأسها برضا: “قضاء الله، وأنا بطلب منه رحمته.”
قربت منها الفتاة وهي جايبة أكل، وقالت: “خدي كلي يا زهرة، وسيبك من كلامهم.”
في الوقت نفسه، تلقّى عاصي مكالمةً من صديقه حاتم، مُخبِراً إيّاه بما حدث، مُثيرًا غضبه واستيائه. ثمّ يُناقش عاصي جدّه في أمرٍ هامّ يُتعلّق بمُساعدة زهرة وحماية سمعة الجامعة.
ضحك حاتم: “أنا معرفش إزاي القرود اللي عندنا عرفوا إن في دكتور جديد جه الجامعة، وبالتالي صورك وأنت عند العربية، ونزلوا لك صور في جروبهم! لكن وصل الخبر.”
فهم عاصي إنها ثقتها فيه، وصدقته من خلال الجروب ده، وتحدث بغضب: “هو مفيش حد يوقف العيال دي ويعلمهم الأدب؟ يعني إيه مفيش احترام وتقدير للدكتور؟”
تنهد حاتم: “الإدارة غلبت معهم، أنت عارف إن إحنا جامعة خاصة مش حكومة، والعيال دي هي اللي بتدفع مرتّبنا الضخم ده، وطبعاً مهما يعملوا الإدارة في حد ما يتخطّش غير تحذير! أنت ناسي إن العيال دي منهم قريب المدير!”
اتعصب عاصي أكثر: “يعني قريب المدير يتمدّد في الغلط؟ تمام، اقفل، وأنا هتصرف، وخليهم يلعبوا ويهرجوا براحتهم. سلام.”
أغلق الهاتف، وظهر شخص كبير في السن جالس على المكتب: “المهمة صعبة عليك يا عاصي، لو تحب انسحب.”
هزّ عاصي رأسه رافضًا الانسحاب: “مهمة إيه اللي صعبة يا جدّي؟ ده اسمك، وتعب السنين اللي بيضيع! أنا رجعت مخصوص من أوروبا عشانك يا جدّي، بعد ما أنت طلبت أرجع أنقذ الجامعة وسمعتها، ومش هتنازل! وأول ناس هيتعقّبوا بكرة، متقلقش، الجامعة هترجع سمعتها الحلوة، واللي يدخل فيها أحسن الناس مش مستجدين نعمة.”
تنهد الجدّ وقال: “ربنا يعينك يا ابني. أحسن حاجة إن محدش يعرف إنك حفيدي، عشان أبوك سافر مع بنتي وأنت صغير، وأنا اللي كنت باجي أزوركم، ورجعوك يفرق كتير، خصوصاً بعد موت خالك ابني الوحيد، ومراته اتحكّمت في كل حاجة هي وأخواتها، وأنا زي العاجز مش عارف أعمل حاجة.”
نظر عاصي بغضب وحزن: “أنت مش عاجز يا جدّي، وأي غلطة حصلت زمان هصلّحها. لكن أنا عايز أسأل في حاجة.”
تنهد الجدّ وهزّ رأسه بالموافقة: “اتفضل يا ابني.”
سأل عاصي: “هو أنا لاحظت إن في طالبة في الجامعة مستواها بسيط.”
هزّ الجدّ رأسه: “في منحة دراسية مجانية لأوائل الثانوية العامة.”
هزّ عاصي رأسه بتفهم: “فهمت، عشان كده في حقد ما بين الطالبة، وخصوصاً الناس اللي بتدخل بفلوس، مستقوين عليهم. طيب، تعرف طالبة اسمها زهرة؟ وإيه نظامها في الجامعة؟”
أحضر الجدّ كشفًا بأسماء المنحة، وأعطاه لعاصي: “ده كشف بكل أوائل الدفعات في كل الأقسام، وليهم منحة مجانية، لكن أنت بتسأل عن زهرة إيه؟”
ردّ عاصي وهو محتار، لكنّه شرح ما حدث: “أنا كنت حاسس إنهم بيضيقوها عشان يخوّفوا أهل البلد إنهم يبعثوا أي حد من بناتهم على الجامعة. أنا مش عارف مرات خالك عايزة إيه.”
سأله عاصي: “هي اسمها إيه بالكامل؟”
ردّ الجدّ: “زهرة صالح، دي بنت واحد من البلد، جدّها صديق لي، وهي حفيدته الوحيدة. أنت عارف أنا مبحبش أنسى أصولي، وبخلي كل سنة منحة دراسية لأوائل الثانوية العامة هناك، وكانت هي ومعاها بنت تانية وولدين تقريباً. أبوها وصّي عليها. هي البنت دي ملتزمة، لكن اللي بيحصل ده مدبّر عشان يصغروني.”
الكاتبة صفاء حسنى
زهرة العاصي
فتح عاصي الكشف، وبحث عن الأسماء، وقال: “أعتقد هي يا جدّي فعلاً، لكن متقلقش، أنا هوقف المهزلة دي كلها.”
شعر الجدّ بالحزن: “أنا عاجز يا ابني، وكل حاجة بتضيع ما بين إيدي، ومش عارف إن لو رحت معاك لمباحث الإنترنت زي ما بتقول كده، سمعة الجامعة هتكون على كل لسان.”
أوضح عاصي: “يا جدّي، اسمع لي وصدقني، أنا لازم أبدأ بالخطوة دي أولاً عشان أحمي حفيدتك، وصاحبك ثانياً، عشان العيال دي تتربي، ومتكرّرش. لكن سكوت السنين ده خلى العيال دي تتمدّد في الأذى، وأنا شايف لو القضية أخدت محورها الطبيعي، وقتها الباقي يخاف، ومرات خالي هتفهم إنّي رجعت، وليّ نصيب في الجامعة زيهم. ولو ضاقت الدنيا، هشتري نصيبها، لكن سمعة الجامعة ترجع زي الأول، فاهمني يا جدّي؟ أنتَ وثّق فيّ، أهم حاجة.”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية زهرة العاصي)