روايات

رواية زهرة العاصي الفصل الثاني عشر 12 بقلم صفاء حسني

رواية زهرة العاصي الفصل الثاني عشر 12 بقلم صفاء حسني

رواية زهرة العاصي البارت الثاني عشر

رواية زهرة العاصي الجزء الثاني عشر

زهرة العاصي
زهرة العاصي

رواية زهرة العاصي الحلقة الثانية عشر

(عاصي، بصوته المرتفع، وكأنه لا يدرك أنه يفتح جرحًا قديمًا):
ـ كان عايزك تدخلي في الدوامة دي ليه؟ وبعدين تختفي؟ زي ما زياد عمل!
(زهرة، منصدمة، بصوتٍ مُتكسّر، وعينيها واسعتان من الذهول):
ـ إنت بتقول إيه؟! إنت شايفني كده؟ شايفني برمي نفسي من واحد للتاني؟ أنا مكنتش بدوّر على حد أصلاً! كل اللي قرب… بعد، وأنا كنت دايمًا لوحدي… كريم مكنش بيساعدني أنا… وزياد؟ أنا كنت غرقانة في مصيبة وهو مدّ لي إيده… بس خان، زي كل اللي في حياتي! ما ترجعش تحاسبني على جروح أنا متسببتش فيها.
(وقفت، تحاول تلملم نفسها، دموعها تلمع، لكنها عنيدة):
ـ أنا مش برمي نفسي… وإن كان على مساعدتك لي، لأ، مش عايزاها. آسفة إني دخلتكم في اللعبة دي، وعطّلت سيادتك. ممكن تسيبني وأنا هتصرف.
(زينة، كانت قد تركتِهم وخرجت لتغيّر ملابسها، ثم غسلت ملابسها وملابس زهرة. وهي نازلة تبحث عن مكان لتُنشّر فيه الملابس، سمعت الكلام، فتركت طبق الغسيل و دخلت بسرعة تدافع.)
(زينة، بحزم):
يا دكتور عاصي، زهرة مالهاش علاقة بأي حاجة أصلاً. أنا آسفة يا زهرة، أنا اللي استغليتك وجبتك معايا هنا عشان أجيب حقي من أمي وأبويا من الناس دي، لكن للأسف أنتِ اللي أُطلّتي.
(وجهت كلامها لعاصي):
ـ كريم… ساعدني أنا، لأنه ابن صاحبة أمي. كان عارف كل حاجة من زمان، مامته كانت بتحاول تساعد ماما قبل ما أمي تموت في الحادث… ولما كبرت رجعت أفتّش في الموضوع من جديد.
(زهرة، بعد لحظة سكون):
متعتذريش يا أختي، أنا ممكن كنت زعلانة الأول إنك خبيتي عليا، لكن دلوقتي محتاجة أعرف كل كبيرة وصغيرة عشان مابقاش تاركة لواحد. أنا دخلت اللعبة برضه أو غصب عني.
(زينة، تنهدت بصوتٍ واطئ، تأخذ نفسًا عميقًا):
ـ أمي، سعاد، كانت طالبة في الجامعة، قسم صحافة، هي وعمو عبد الله وعمّته نادين… ماما كانت شجاعة، بتحب الصح وبتدور على الحقيقة. وعرفت إن منصور قابلتها لما سمعها وهي بتواجه الجامعة في مؤتمر وبتطلب منهم يفتحوا عيونهم، وقتها هو استغرب، افتكرها مجنونة عشان تشوّه سمعة الجامعة اللي جدّي عزيز تعب فيها. ودخل في وسطهم، وبعد ما بحث معهم، انصدم بكل الكوارث دي: استغلال بعض المراكز الطبية في أنشطة غير قانونية… ومخدرات، لكن للأسف نشاطهم وسّع على الآخر.
(عاصي، مصدوم، يشعر بالندم، وينظر لزهرة التي تتجاهله):
يعني خالي منصور كان عارف بكل حاجة؟
(زينة، مؤكدة):
ـ أيوه… ومع بحثهم لكشف الحقيقة، نتج ما بينهم حب، واتجوزوا من بعض… ولما قربوا من الحقيقة، لقوا مصيبة أكبر…
(عاصي):
ـ مصيبة إيه؟
(زينة، بحزن):
ـ شبكة مخدرات بتشتغل جوه الجامعات والمدارس، وكان وراها ناس تقيلة… وجدي… عزيز، كان على رأسهم!
(زهرة العاصي – الكاتبة صفاء حسني – الفصل 12)
(فتحت زينة تسجيلًا بصوت منصور، أبوها، يعترف بكل شيء):
“أنا منصور عزيز الدخيلة، وده تسجيلي الأخير، عشان أنا حاسس بالغدر… اللي عرفته بيحرك جبال.
بدأت حكايتي سنة ١٩٩٥، في يوم كان الجو مشمس، شفت سعاد، وهي طالبة سنة تالتة، واقفة قدام مبنى الكلية، ماسكة ملفات، ومكتوب على وشها الإصرار. وأنا كنت، الشاب الوسيم، كنت وقتها في أوائل الثلاثينات، كنت دكتور مساعد في الكلية، بيعدي من جنبها وبيلاحظ إنها بتجادل موظف الأمن عشان تدخل قسم مغلق.
(سعاد، بحدة):
ـ القسم ده فيه أوراق بحث مهمة… إزاي تقولي مش من حقي أدخل؟!
(منصور، يتدخل بابتسامة هادية):
ـ لو محتاجة مساعدة… أنا دكتور منصور، ممكن نروح سوا؟
بصت له سعاد بنظرة متحفزة، لكنها وافقت، عشان محتاجة تدخل. ومن هنا، بدأ أول خيط بينهم.
(مرات الأيام، وقربهما من بعض. في يوم كانوا قاعدين في مكتبة الجامعة، بيطبعوا أوراق بحث عن علاقة بعض المراكز الطبية بعمليات تهريب مخدرات.)
(لقطات سرية تجمعهم وهما بيصوروا أوراق مشبوهة. وقتها انهارت لما اكتشفت إن فيه أسماء كبيرة ورا الموضوع… من ضمنهم عزيز، والدها، اللي عمرها ما كانت تتخيل يكون متورط.)
(منصور، بصوتٍ يرتعش، بعد ما قرأ تقريرًا):
ـ ده… ده توقيع بابا؟! لأ… مستحيل!
(سعاد، منصدمة، وعينيها فيها ألم):
أنا مقدّرة صدمتك… بس الأدلة قدامنا. لازم نواجه الحقيقة.
(لقطة ثانية: سعاد تبكي بعد ما أخذوا منها ملف البحث، ومنصور يحضنها ويوعدها إنه مش هيسيبها.)
(مع الوقت، ابتدى منصور يراقب شبكة المافيا بنفسه، وعرف إن فيه توزيع منظم للمخدرات جوه الجامعات والمدارس الخاصة التابعة لشركات مساهمة مع عزيز. الأنواع كانت مرعبة):
– حبوب الهلوسة تحت ستار منشطات.
– ترامادول في علب فيتامينات.
(مرات الأحداث، وانكشافهم.)
(عبد الله انتقل هو ونادين.)
(وسعاد عملت حادث، كانت مع وردة وقتها، وقبل ما تموت، وصية وردة):
قولي لمنصور، بنتي ماتت، وربيها أنتِ. عايزة بنتي تبعد عن الناس دي.
وبالفعل، وردة أخدت الطفلة، بدلتها بطفلة ميتة. لما عرفت بموت وردة والجنين اللي كانت هتولد… كنت منهار.
أنا وسعاد اكتشفنا الموضوع، وأنا كملت بعد رحيلها. كانوا ورا الحادث بتاعها. سافرت، بس ما سكتّش. اتقبض عليا، واتعذبت… بس خرجت على إيد محامية… اسمها ناديه. ده شرطها إني أتجوز منها مقابل ترجعني على مصر، عشان كان صعب وقتها. لكن لما رجعت عرفت إني عندي بنت، وعرفت إن ناديه جزء من لعبتهم عشان أكون تحت عيونهم زي ما عملوا مع بابا. وقعت أنا كمان في فخهم، لكن قررت أسيب كل حاجة لبنتي… زينة.”
(وكتب وصية، وسجّل صوتًا، وبعته لأكثر اثنين بيثق فيهم: عمّه محمد اللي راعي بنته في بيته، وعبد الله صديق عمره.)
(بيكتب وصية بإيده، وكاميرا بتقرب من كلماته):
“يا زينة… إوعي تمشي ورا اللي يلمع. دوري دايمًا ورا اللي مستخبي… الحقيقة.”
(عاصي، بصوتٍ مبحوح):
ـ عارفين ليه كل ده حصل؟ عشان منصور حاول يقاوم… بس تمن الحقيقة كان كبير.
الفصل الثاني عشر:
زهرة العاصي – الكاتبة صفاء حسني
حصري قيد الكاتبة
(زينة، بعد سماعها لكل ذلك، تنهدت، وطلبت من جدها محمد أن يتوسط لها لدخول الجامعة تحديدًا، هي وزهرة، ووصّت بأن تبقى زهرة على علمٍ ضئيلٍ حتى تركز على مستقبلها. وعرفت مع الوقت أن الإدارة مسؤولة عن فريق كبير يوزع المخدرات، وهذا ما اكتشفَته أمها وأصدقائها: إن هناك شبكة توزع…)
(زهرة، منصدمة، ووجهها يتغير تمامًا):
ـ يعني… ياسمين؟ وزياد؟ ليادر لبيع المخدرات؟ ولما أنقذني من الشباب اللي كانوا بيضيقوني، وقتها كان عايز يوقع مدمنة جديدة؟
(زينة، تهز رأسها بوجعٍ وندم):
ـ أيوه… عشان كده كنت دايمًا أطلب منك تبعدي عنهم، لكن لطيبِتك صدّقتي قصّتهم الهبلة اللي حكوها لك، إن أهلهم سبب ضياعهم، وإنهم نفسهم يتغيروا. و ياسمين كانت بتدير جزء من التوزيع في الجامعة، وزياد كان منسق التوصيل. أنواع المخدرات اللي كانت بتتباع:
– ترامادول
– كبتاجون
– LSD
– منشطات مزيفة
– استروكس مغشوش بيقتل في أول سحبة
(عاصي، منصدم، يسألها):
ـ معنى كده المافيا دي شغالة من زمان، وخالك منصور ووالدتك سعاد اتعرفوا على نفس السبب؟ وبدأوا يقاوموا إزاي؟
(نظرت زينة لعاصي، كلما ذكرت زياد، ظهرت الغيرة في عيونه. حاول عاصي الهروب من هذا الشعور، وسأل):
طيب، واضح إن القصة كبيرة جدًا، احكي من الأول، إمتى اتعرف منصور وسعاد ببعض؟
(زينة، تنهدت بحزن):
ـ اتجوزوا في سرّ، وكانوا ناويين يعلنوا كل حاجة لما يخلصوا شغلهم. بس حصلت مصيبة… أمي اتعرضت لحادث… قالوا إن سعاد ماتت، وإن الجنين مات معاها. بس الحقيقة… أنا كنت الجنين. وكنت بين الحياة والموت في حضانة المستشفى.
(عاصي، مصدوم):
ـ يعني اللي اتقال كان كله كدب؟
(زينة، بإصرار):
ـ أمي و وردة… الست اللي ربتني كانت مع ماما قبل الحادث، هي اللي اكتشفت إني عايشة، وخبّتني عن الكل، حتى عن منصور نفسه. جدّي محمد – جدّك زهرة – هو اللي وافق يربيني معاهم… ما سألنيش يوم، ولا حسّسني إني مش منهم.
(زهرة، بدموع في عينيها):
ـ وأنتِ عارفة ده من إمتى؟
(زينة):
ـ من سنتين… لما منصور رجع من السفر، جدّي محمد قرّر يحكي له، ويبلغني مين أبويا ومين أهلي. لكن وقتها كان معاه واحدة ست… كانت باينة عليها ملاك، بس هي كانت شيطان. اكتشفت إنها من نفس العصابة اللي أمي حذرت منها زمان… وقتها، عرفت كل حاجة… وقررت أدور، وأكمّل مشوار أمي وأبويا.
(عاصي، بتركيز):
ـ وأنا وزهرة في السكة…
(زينة، بنظرة امتنان):
ـ يمكن أكون بدأت لوحدي، بس ربنا بعتليكم علشان أكمل. أنا محتاجة لكم… ومش بس علشان نكشف الحقيقة… علشان نكمل الحكاية اللي اتبدأت بحب… وانتهت بظلم.
(زهرة، قامت، غاضبة):
لكن أنتِ نسيتي إنك في مقام أختي! أو أنا كنت فاكرة كده ليه؟ استغليتيني سنتين، ودخلتيني في ٣ سنين بتجمعي فيها معلومات، تستغلي وقوفي مع دكتور فلان عشان الشرح، وأنتِ بتجمعي معلومات، طالب أو طالبة تقرب مني عشان أشرح لها حاجة، تفرح وتسيبني على عمايا يا مومنة! أنتِ أصلاً ما قولتيليش إنك حفيدة عزيز إلا من شهرين بس، لما سمعتك بالصدفة بتتكلمي أنتِ وجدّك.
(زهرة تضحك على نفسها):
كنت لما أدخل عليكم أسكت، وكنت أستغرب، ولما أسألكم تقولي بأخد رأي جدّي في حاجة، وأنتِ كنتِ بتوريه كل جديد في تحقيقاتك العظيمة.
(زينة، تحاول الدفاع عن نفسها):
أنا كده يا زهرة، كل الحكاية كنت خايفة عليكِ، خايفة حد يضركِ، ولما قرب منك زياد حذرتك ألف مرة.
(زهرة، تضحك بسخرية ووجع):
فعلاً حذرتيني، بأمارة كنتِ واقفة تتكلمي معاه في أي موضوع، والسلام عشان توقيعه ياها! أنا كل ما أفتكر حاجة أحس إني هبلة أوي.
(عاصي، يوقف العتاب):
حتى لو خبيتي عليكِ، مش وقته أي عتاب أو نقاش. ممكن غلطت إنها دخلتكِ في حرب ملكيش فيها، لكن دلوقتي لازم نخوضها… يبقى هنخوضها سوا.
(زهرة، ترفض وتنسحب):
لأ، شكرًا لكم، حربِي غير حربكم، أنتم بتحاربوا على ورث وأملاك، لكن أنا حربِي سمعتي، متهمة بقتل بنت وأنا مليش علاقة.
(عاصي، بحدة غير واضحة):
اهدى كده، وعايز أفهم دلوقتي، أنتِ عايزة تقولي إيه بالظبط؟ إزاي ملكيش علاقة، ومين دخل الدكتور كريم في الموضوع.
(زهرة، ترفع حاجبيها بدهشة):
اسألها السؤال ده مش ليا، أنا كنت بعتبر الدكتور كريم مجرد معيد في الجامعة، وكان بيساعدنا في أمور دراسية، أو ده اللي كنت فاهماه. لكن في الخفاء، حجّتهم إنه واقف مع زهرة أولي الجامعة، وفي الخفاء بيخططوا لكشف الفساد.
(عاصي، يحاول إخفاء غيرته، ويدافع عن نفسه):
أنا مقصدش حاجة… مجرد سؤال. حسيت إن أكيد ليه دور مهم، وحبيت أعرف مكانه في اللي بيحصل.
(زينة، تقترب من زهرة، وتضمها من ظهرها):
حقك عليا، أنا آسفة إني دخلتكِ في الدوامة دي.
(زهرة، ترفض التكلم معها):
أنا طالعة، وأنتم مع نفسكم اعملوا تحرياتكم.
(زهرة تتركهم وتخرج للحديقة لترتيب أفكارها. زينة تحاول التبرير):
أنا مكنتش عايزة أدخلها، أقسم بالله العظيم، وكنت دايمًا ببعدها، بس أنتَ ليه مصمم تجريح في زهرة؟ ده اللي قولتلك عليه.
(عاصي، يتنهد):
تجاهلي لي مجنّني خَلّاني أخرج عن شعوري.
(زينة، تبتسم):
ـ كريم… من ناحيتك ولا من ناحية زهرة، يا دكتور، مافيش غير اللي في دماغك.
(عاصي، يبدو عليه الارتباك):
ـ قصدك إيه؟
(زينة، بهدوء وهي تنظر له):
ـ كريم بيحبني أنا… مش زهرة. إحنا مرتبطين من زمان، بس كنا مخبيين ده لظروف خاصة.
(عاصي، بصوت هادي بعد لحظة صمت):
ـ فهمت… ربنا يوفقكم.
(زينة، بضحكة خفيفة):
ـ يا دكتور، غيرتك كانت باينة… بس متقلقش، زهرة قلبها أبيض ومشغول بحاجة تانية… يمكن حتى ما خدتش بالها!
(الكل يتجه لمكان عاصي، يدخل غرفته يأخذ دشًا يهرب من المشاعر والغيرة. وما بين نفسه):
زينة عندها حق، مستعجل على إيه؟
**(يأخذ دشًا ويغيّر ملابسه، ويقف على البلكونة، يرى زهرة جالسة وحدها، من دون تفكير يقرر قطع أفكارها…)
(الإضاءة خافتة، زينة نائمة في ركن بعيد، وهدوء الليل مغطّي المكان، لكن القلق في العيون.)
(عاصي يقترب ويجلس على كرسي أمام المنضدة، من دون أن ينظر):
ـ هو كان بيحبك… صح؟
(زهرة، تتجمد مكانها):
ـ مين؟
(عاصي، ينظر لها، عينيه فيها نيران مكتومة):
ـ زياد. كان واضح… من كلامه، من نظراته… كان شايفك حاجة تخصه.
(زهرة، تنهدت):
ـ دكتور عاصي… إحنا دلوقتي في نص مصيبة، و…
(عاصي، يقطعها):
ـ جاوبيني، أنا مش بلعب. أنا محتاج أعرف… كنتِ بتحبيه؟ كنتِ شايفاه أكتر من مجرد صديق؟
(زهرة، بصوتٍ واطئ وهي تنظر للفارغ):
ـ كنت راجعة لبيت الطالبة، في يوم كنت اتأخرت في الجامعة، والجو كان بيمطر، الدنيا كانت ليل، والشارع فاضي… فجأة لقيت شوية شباب واقفين، ضحكهم مش مريح… وكلامهم كان بيكسر القلب…
(عاصي، بهدوء، من غير ما يقاطعها):
ـ حصل إيه وقتها؟
(زهرة، تكمل وهي تتنهد):
ـ كنت مرعوبة… وقلبي بيخبط في صدري، لحد ما جه زياد بالعربية، وقف، ونزل بسرعة. شدني من وسطهم، وزعق لهم بصوت يخوف… ومشي بيا لحد أول الشارع… ساعتها حسيت إني نجيت من مصيبة كانت ممكن تغيّر حياتي.
(عاصي، بصوت فيه اهتمام حقيقي):
ـ ومن ساعتها بدأ يقرب؟
(زهرة، بابتسامة حزينة):
ـ آه… أولها كان بييجي يطمن، يجيب لي حاجات، يسألني محتاجة حاجة؟ بس أنا… كنت خايفة. مكنتش مرتاحة، حاسة إنه عايز حاجة مش قادرة أحددها، فكنت دايمًا بهرب، ولا برد، ولا بفتح له مجال. سنة كاملة… وهو يحاول، وأنا… لا!
(عاصي، بصوت ساكن):
ـ ولما زهقتِ من تجاهلكِ؟
(زهرة، تضحك بمرارة):
ـ بدأ يدخلني إنه نفسه ينجح، نفسه يتغير، وإني عكس كل اللي بيقولوا عليا، إني بتكبّر عليه… وطلب مني أنقذه من ضياع مستقبله زي ما أنقذته، كنت كل مرة بقرب شوية… ألاقيه شخصيته مُنتقصة، غير سمعته المُسابقها، لكن كان عندي تحدي أغيّره، مش عارفة ليه، ممكن كنت بجرب، لو قدرت أغيّر زياد ممكن أقدر أغيّر سليم.
(عاصي، بغيرة مدفونة):
هو أنتِ حبيتي سليم؟
(زهرة، تسكت لحظة، وبعدين تبص له في عينه):
ـ لا… عمري ما حبيته. أنا بعتبره أخويا، لكن أبويا مُفروض عليا. أما زياد، كنت بساعده يتغير، لحد اليوم اللي أنت شُفتني فيه، وقتها شُفتُه مع ياسمين وفهمت إنه عمره ما يتغير. مش بس ما حبيتهوش بمعنى الحب، مجرد تحدي.
(عاصي، يقترب منها خطوة):
ـ لكن يوم ما شفتك كنتِ مكسورة وحزينة؟
(زهرة، بهدوء مكسور):
ـ عشان كنت ندامة على كل لحظة اتكلمت معاه فيها، أو سمحت يبعت رسالة وأرد عليها، عشان كنت وعدت نفسي سنين الكلية أخلصها بسلام من غير أي مشاعر، ولو كنت أعرف إن زينة أقنعتني آجي الكلية دي بالتحديد عشان انتقام كنت رفضت. أنا وفقت فقط عشان الكلية مقدمة منحة للسفر للخارج لأوائل الدفعة…
(عاصي، ينظر في عينيها شوية، وبعدين يبص بعيد):
ـ زهرة… أنا مش سهل أثق، لكن لما وثقت… وثقت فيكي. ويمكن كنت خايف إنك يبقى ليكي ماضي أنا مش جزء منه. بس دلوقتي… أنا عايز أبقى مستقبلك.
(زهرة، تتسع عينيها):
ـ بتقول إيه…؟
(عاصي، يقترب منها أكثر):
ـ بقول… إني عايز أحميكي. مش بس من اللي حواليكي… من نفسك كمان. من خوفك… ومن دموعك… ومن وجعك.

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية زهرة العاصي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *