روايات

رواية عطر سارة الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم شيماء سعيد

رواية عطر سارة الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم شيماء سعيد

رواية عطر سارة البارت الثاني والعشرون

رواية عطر سارة الجزء الثاني والعشرون

عطر سارة
عطر سارة

رواية عطر سارة الحلقة الثانية والعشرون

بغرفة الكشف..
ظلت يدها تضم يده والطبيب يقوم بالكشف عليه، عينيها تراقب ما يحدث بمشاعر بدأت تفهمها، عضت على شفتيها المرتجفة وهي تبكي، خائفة من فقدانه رأته يقع أمامها ويقع معه جبروته وصورته القاسية المرسومة بداخلها، وجدت نفسها تنزل إلي كفه تضع عليه عدة قبلات..
عاد إليها مشاعر اليتم، للحظة ضمته لصدرها وتخيل حياتها بدونه لتري ضياع، خوف، وجع، فقدان للأمان، ما هذه المشاعر وكيف تعيشها مع محمود ؟!.. أنتهي الطبيب ليفتح الباب لعلي المنتظر بالخارج وقال بهدوء:
_ اللي بيحصل ده غلط يا علي بيه انا حذرت حضرتك المره اللي فاتت وقولت لك ان اي ضغط هيدخلنا في مشاكل احنا مش عايزين نوصل لها محمود بيه بالشكل ده بينتحر..
قالت بنبرة خائفة:
_ هو كويس مش كدة ؟!..
نفي الطبيب وقال:
_ لأ مش كويس يا فندم الضغط بيترفع بشكل فظيع وده ممكن يسبب في اي وقت لا قدر الله جلطة دماغية، انا قولت الكلام ده لعلي بيه المره اللي فاتت وطلعنا علاج الضغط وقولنا هنمشي عليه لكن بالشكل اللي بيحصل ده مش هنعرف كل مره نسيطر على الموقف خصوصا ان ما بين المرتين أيام..
أرتجف جسدها وحركت رأسها برفض لتلك الفكرة، نظرت لعلي برجاء وقالت:
_ ضغط وهو عنده الضغط، قولي أي حاجة الله يخليك..
أغمض علي عينيه لعدة لحظات ثم قال بتعب:
_ هي دي الحقيقه يا مدام سارة محمود اغمى عليه يوم ما طلقك ولما جبته هنا اكتشفنا ان عنده الضغط، انا ما اعرفش ايه اللي وصله للحاله دي تاني لكن اللي متاكد منه ان أنتِ السبب، من البداية كنت واقف في صفك لأني متأكد أنك مظلومة لكن لو صاحبي هيفضل بالشكل ده يبقى احسن لك تختفي من حياته طالما وجودك بيوجعه ..
بخطوات سريعة عادت لتجلس على أرضية الغرفة بجواره تأخذ يده على صدرها، أرتفعت شهقاتها بخوف وهمست إليه:
_ محمود فتح عينك أنا خايفة..
تحدث الطبيب بجدية:
_ هو حاليا هيفضل نايم لحد الصبح وده أحسن له اتمنى اللي حصل ده ما يتكررش تاني هخرج دلوقتي وكل ساعه هرجع اشوفه…
خرج فنظر إليها على وشعر بالشفقة عليها، فتاة صغيرة وحيدة متعلقة بيد طوق نجاها الوحيد، مسح على خصلاته بقلة حيلة من تلك العلاقة السامة للطرفين، أقترب منها لتضع رأسها على كف محمود كأنها تحتمي به فأخذ نفس عميق ثم أخرجه مردفاً:
_ ما تخافيش أنتِ أمانة محمود يعني لو روحك قصاد روحي هختارك عشان لما يرجع يلاقيكي، اللي بيحصل ده غلط يا سارة أنا عارف أنك صغيرة وشوفتي في الدنيا حاجات وحشه كتير مخلياكي مشوشة ومش عارفة أنتِ عايزة إيه بالظبط، ناس كتير في حياتك كانوا قريبين منك غدروا بيكي عشان كده إنتِ مستنية الغدر من أي حد ومش قادره تحسي بالامان..
صمت لثواني ليري تأثير حديثه عليها، وجدها تحدق به بضياع تنتظر منه أي كلمة يصف بها ما هي عليه، فأكمل بقوة:
_ كل ده انا ممكن أتقبله بس ده ما يمنعش انك ذكيه وواعية، كنتي عارفة بتعملي إيه كويس لما قربتي من محمود، قربتي من راجل متجوز وقبلتي تتجوزيه في السر رغم وجود مراته وابنه وشكله الاجتماع قدام الناس، محمود لو كان اعلن جوازه منك قدام الناس في سنك ده تبقى فضيحه كنتي هتسمعي كل نفسك فيه من السوشيال ميديا، طلقك عشان ترتاحي وتحسي انك حره وتقدري تختاري صح، دلوقتي هو نايم لا حول له ولا قوه والقرار في ايدك إنتِ يا يصحى من النوم يلاقيكي قدامه يا تمشي قبل ما يصحى حالة محمود مش ناقصة أي كلمة زيادة منك..
انهى حديثه وتركها معه بمفردها تركها تنظر اليه بضياع، تتمنى لو تقدر على اخذ اي قرار يريح قلبها، نعم هو محق هي من دلفت بقدميها للنار وبكل صراحة تعترف أنها من اخترتها واقتربت منها، الان فقط تشعر بعدم قدرتها على الخروج من بين اسوار قلب محمود علام، أبتلعت ريقها ورفع وجهها تتأمل ملامحه الشاحبة ويسير أمام عينيها شريط يذكرها بكل لحظه مره بينهما لتقول بتعب:
_ طيب أعمل إيه دلوقتي ما انت اللي طلقتني تاني؟!.. ارجع لك تاني في السر واحس قد ايه في كل لحظه بتمر بينا إني رخيصة ولا أبعد عنك؟!.. بس انا مش قادرة أبعد عنك لما وقعت في ايدي حسيت إني يتيمة يا محمود، فتح عينك وقرر وأنا هقبل بأي حاجة أنت تختارها، انت مش هتظلمني صح هتختار لي الصح؟!.. قول صح مش انت بتحبني يا محمود واللي بيحب حد مش بياذيه، خلاص انا مش هعمل حاجه من هنا ورايح وهعمل كل اللي انت تقول عليه…
أومأت لنفسها بتلك الكلمات ثم رفعت جسدها لتضع رأسها على صدره وتهرب معه بالنوم مثلما هو قرر الهروب ستفعل مثله لعلها ترتاح..
_____ شيما سعيد _____
بصباح يوم جديد..
_ ايه الجنان اللي بيحصل ده يا ساره من امتى واحده بتبات مع طليقها؟!..
قالتها الفت بغضب عبر الهاتف فنظرت سارة لمحمود النائم وخرجت من الغرفه حتى لا تزعجه ثم قالت:
_ ممكن تهدي شويه يا تيتا محمود كان تعبان وانا بنت عمه معقوله هسيبه بالشكل ده وامشي دي حتى مش اصول..
_ وهو من الاصول انك تباتي بره بيتك حتى من غير ما تستاذني؟؟.. وبعدين لما هو تعبان ما جبتيهوش هنا ليه ما هو حفيدي وانا اولى بيه..
عضت على شفتيها بخجل وقالت:
_ حضرتك فاهمه غلط يا تيتا إحنا في المستشفى مش في البيت..
أنتفضت ألفت من محلها برعب على حفيدها الغالي وقالت:
_ مستشفى؟!.. مستشفى إيه اديني العنوان بسرعه؟!..
أعطتها العنوان واغلقت الهاتف دلفت للغرفة وقالت بغيظ:
_ ما تصحى بقى أنت كمان، وإلا لازم توجع قلبي وأنت صاحي وأنت نايم..
_ محدش في الدنيا دي كلها قدر يوجع قلبي غيرك…
قالها بنبره ثقيله وهو مازال يغلق عينه، اقتربت منه بلهفه وجلست على الفراش امامه مردفة:
_ محمود فتح عينك وريح قلبي بقى..
نفذ طلبها بصدر رحب وفتح عينيه، ما هذا الجمال يا الله تشعر وكأنها ملكت العالم مع رؤيتها لضوء عينيه الرجولية، لذة غريبة دلفت لقلبه وهو يري لهفتها عليه متعة ما بعدها متعة وهي تضم يده بين يدها بكامل إرادتها همس بتعب:
_ بتعملي إيه هنا ؟!..
_ والمفروض أكون فين ؟!..
تنهد بتعب وقال:
_ تبقي مكان ما انتِ عايزة بعيد عني، بعيد عن الشرير اللي بتكرهيه وبسببه بقيتي بتكرهي نفسك..
خرجت من بين شفتيها شهقة باكية ورفضت بحركة سريعة من رأسها مردفة:
_ لأ يا محمود أنا كدابة..
رفع حاجبه بسخرية وقال:
_ والله..
أومات عدة مرات ببراءة طفلة صغيرة وقالت:
_ امممم كدابة وقليلة الذوق ومش بفهم ومعنديش عقل..
بذهول سألها:
_ كل ده ؟!..
_ مين عاقلة يحبها واحدة زيك وتقوله بكرهك ؟!. يا أما عبيطة أو مش وش نعمة، تفتكر أنا مين فيهم يا حودة ؟!..
إين حودة ؟!.. فقط يحدق بها وكأنها حلم بعيد المنال، شعر للحظة أنه مازال نائم وما يسمعه عبارة عن حلم جميل يهرب به من واقعه معها..
ضحك بسخرية وقال:
_ الأتنين يا سارة؟!.. لما شوفتيني واقع في الأرض حسيتي بالشفقه عليا فقولتي تعملي الفيلم الهندي الجديد ده…
نفت بحركة سريعة وقالت:
_ تؤ الموضوع بالنسبه ليا مش شفقة لو جيت للحقيقة المفروض كنت اشمت فيك بعد كل اللي حصل بينا، بس حصل العكس حسيت ان يتيمة يا محمود وأنا بكره الاحساس ده أوي..
دائماً كانت تساله سؤال واضح وصريح ماذا يريد منها، ورغم بساطه السؤال الا انه كان عاجز عن الاجابه وها هو يسألها نفس السؤال ويتمنى سماع اجابه تريحه:
_ انتِ عايزة مني إيه بالظبط يا سارة ؟!..
_ عايزة أحبك يا محمود، تعرف تخليني أحبك واحس ان بكره كله بتاعنا من غير ما أخاف ؟!.. حسسني اني مهمه عندك واني مش على الهامش، خليني واثقة في نفسي وواثقة ان لو جه يوم واتحطيت في اختيار هكون اول اختياراتك مش بره حياتك عايزه احبك وبس..
هو الآخر يريد هذا الحب، يريد تلك الحياة الناعمة بين يديها، أعتدل بجلسته وقام بجذبها ليبقي بينه وبينها أنفاسهم فقط، أغلقت عينيها تستمتع برائحته تستمتع بقربه ودفي أنفاسه، دقيقة كاملة مرت به وهو يشعر بالنعيم وبعدها قال بقوة:
_ مش هردك ليا تاني يا سارة..
صدمت من رده عليها وأبتعدت عنه قائلة بحزن:
_ يعني إيه يعني كدة خلاص ؟!..
قربها منه من جديد ومرر ظهر أصابعه على بشرتها الناعمة هامسا بنبرة خشنة:
_ لأ مش خلاص، أنتِ عايزة تحبيني يبقي لأزم أخليكي تحبيني قبل ما أرجعك دي فرصتنا الأخيرة…
ابتسمت إليه بنعومة وقالت:
_ امممم ويا ترا بقي محمود باشا علام هيعمل إيه عشان أحبه ؟!..
أخذ خصلة من شعرها وقربها من أنفه ثم سحب نفس عميق منها وقال:
_ كل إللي بعمله مش بيعجب سارة هانم، ممكن مثلا تتعطفي عليا وتقوليلي ايه اللي بيعجبك وأنا اعمله لك؟!
حدقت به بذهول، هل بالفعل يسألها ؟!.. جزت على أسنانها بغيظ ثم سحبت خلصتها من بين أصابعه مردفة بغضب:
_ أنت بتهزر يا محمود عايزني اقول لك تعمل ايه عشان تخليني أحبك؟!.. لا والله امال محمود باشا راح محمود باشا جه وعامل فيها الواد اللي ما فيش منه اتنين وفي الاخر ما عندكش ب 2 جنيه رومانسية..
ضحك من أعماق قلبه، طوال حياته يعلم ان الله يخلق أشخاص ليكونوا مصدر للجراح وأشخاص أخرى عليهم الدواء ولكنه لاول مره يرى شخصية واحدة قادرة على فعل الأثنين، نسي ما عاشه معها أمس أو ليكون صادق قرر النسيان والاستمتاع بحلاوة قربها، حرك عينيه بالمكان مفكراً ثم قال بجدية:
_ والله انا عندي افكار كتير جدا رومانسية بالنسبه ليا لكن ما اعرفش بالنسبه لك هتبقى عامله ازاي، تسيبيني اتصرف بدماغي ولا عندك حاجه معينه في دماغك..
أومات إليه بحماس شديد قائلة:
_ اتصرف بدماغك وانا عليا اتفرج وبس..
أومأ إليها ثم قام من فوق الفراش ودار حول الفراش حتى وصل محل جلوسها وجذبها لتقف أمامه مردفاً:
_ عايز اخطفك ينفع ؟!..
نفت بحركة من رأسها وقالت بقوة:
_ لأ عمرك شوفت حد بيخطف بنت عمه ماينفعش طبعاً..
_ ينفع بس أنتِ اللي وش فقر يا بت وافقي ومش هتندمي..
حركت كتفها بدلال اذاب قلبه أذاب قلبه همست بنعومة:
_ أتجوزي الأول وأنا هبقي من أيدك دي لايدك دي لكن من غير جواز مستحيل بنات الناس مش لعبة يا باشا…
غمز إليها بوقاحة وبلحظة جنونية كان سيأخذ منها قبلة حتي لو رغماً عنها، كفي عليه هذا القدر من العذاب من حقه قبل صغيرة تصبره على ما مضى وعلى ما هو آت، سقطت أحلام أرضاً مع دخول ألفت..
أتت إليه تسابق الرياح محمود حفيدها الأول ، منذ أول لحظة له بالدنيا كان مصدر سعادتها ومع كل يوم يكبر به كان أمانها ظهرها الذي لم ينحني أبدا ، رأته أمامها يقف مبتسم لتقدر على التنفس أخيرا، سقطت دموعها والقت بنفسها داخل أحضانه مردفة:
_ بتعمل ايه هنا يا محمود ؟!.. المكان ده مش ليك يا سندي بتوجع قلبي عليك ليه وأنت عارف إني ماليش غيرك ؟!..
أغلق ذراعيه حولها لتزيد من ضمه وبكائها فوضع عدة قبلات معتذرة على رأسها مردفاً بحنان:
_ اهدي يا ست الكل واعرفي ان ما فيش حاجه في الدنيا دي كلها تستحق دموعك..
_ أنت تستحقها يا محمود وتستحق كل حاجه حلوه في الدنيا، أنا كنت قاسيه عليك الايام اللي فاتت حقك عليا بس ده من زعلي منك وخوفي على سارة، كنت شايفاك دايما ما بتغلطش فاول ما غلطت غلطت غلطه كبيره أوي بس خلاص كل حاجه تصلحها وانا مسامحاك…
مرر يده على ظهرها بحنان وقال:
_ أنا مش زعلان منك يا تيتا بالعكس فرحت انك وقفتي جنب سارة هي ما لهاش حد الا احنا وخصوصا أنتِ وبعدين انا زي الفل مش عايزك تقلقي..
ابتعدت عنه قليلا وقالت بحزن:
_ ولما انت زي الفل بتعمل ايه هنا؟!…
هنا انتبهت لما راته بأول دخولها الغرفة، تقريبا كانت ساره بين احضان لفت وجهها سريعا وقالت بغضب لسارة:
_ هي العيانين اللي من دول بيقعدوا يفعصوا في بعض يا بنت ؟!..
حركت سارة رأسها بخوف مردفة:
_ لأ والله يا تيتا مش انا ده هو، حضرتك عارفاني مش بقدر أقوله لأ دايما بيفرض سيطرته عليا وبيعمل كل حاجه عايزها غصب عني…
اتسعت عينيه بذهول وقال:
_ أنتِ بتقولي ايه انتِ لسه فيكي حيل تكذبي؟!…
أبتلعت ريقها بتوتر من نظراته ثم قالت برجاء واضح بنبرة صوتها:
_ يا أخي حرام عليك وكفايه ظلم فيا بقى لحد امتى تعمل العمله وتقول ان انا اللي غرغرت بيك؟!.. خد بالك احنا في ايام مفترجه وانا ممكن ادعي عليك عادي…
بسخرية قال:
_ هيحصل فيا ايه اكتر من اللي بيحصل ليا بسببك.. بس اقول لك على حاجه انا مستعد أصلح غلطتي..
نظرت إليه ألفت وقالت بغيظ:
_ كفايه هزار أنت وهي لحد كده، احنا مش كنا قفلنا الموضوع ده يا محمود بتقرب منها تاني ليه؟!.. ساره صغيره ومش عارفه مشاعرها واللي انت بتعمله ده بيضغط عليها…
بدأ يفقد أعصابه وقال بغضب:
_ هو في ايه كل ما اكلم بني ادم يقولي سارة صغيرة حد قال لكم ان هي بترضع دي عدت سن الرشد يعني عارفه هي بتعمل ايه كويس، ده أنا إللي مش فاهم حاجة جانبها دي حرباية..
شهقت بقوة، لا فائدة بالفعل لأ فائدة بمحمود علام، صرخت به بغضب:
_ بتقول إيه أنت بتقول إيه ؟!..
_ اقول اللي اقوله بقى انا جبت اخري بقول لك ايه يا بنت انتِ اللي هيفكر يقرب منك ولا هياخدك مني هطلع بروحه مين ما كان هو مين اظن الكلام وصل لك يا الفت..
أشارت ألفت لنفسها بذهول مردفة:
_ انت بتهددني يا محمود؟!..
_ اه وبهدد أي بني ادم يفكر يعدي من جنبها هو في ايه كلكم بصين ليا فيها ليه؟!..
______ شيما سعيد _____
بالمساء بفيلا سارة..
جلست بجوار جدتها قائلة ببراءة:
_ ما خلاص بقى يا تيتا أنا مش بحبك تكوني زعلانه مني وحضرتك شوفتي بنفسك قد ايه هو كان تعبان..
نظرت إليها ألفت بغضب ثم قالت بسخرية:
_ لأ يا شيخة بيتحرش بيكي وتقوليلي كان تعبان امال وهو بصحته بيعمل ايه وانا مش موجودة..
_ مش بيعمل حاجه صدقيني يا تيتا بس بقى يعني أنتِ هتزعلي مني والدنيا كلها تزعل مني هو ما فيش حد بيحبني خالص..
تنهدت ألفت بتعب ثم جذبت كف سارة وقالت بخوف:
_ انا فاهمه كويس اللي بيحصل يا سارة وعارفه انك عايزه ترجعي لمحمود بس ده انا مش هسمح ان هو يحصل، لا أنتِ ولا محمود تنفعوا تعيشوا مع بعض، يا بنتي فرق السن بينكم كبير ده غير معتز شايفك بطريقه مش صح لو فضلتي موجودة مع محمود علاقته بمعتز هتدمر وأنتِ كمان مع الوقت هتبقي مش مبسوطه وعايزه حد من سنك الاحسن لك تبعدي من دلوقتي بدل ما محمود يتعلق بيكي اكتر من كدة ويتعب، انتِ هتقدري تبداي من جديد لكن هو مش هيقدر..
محقة ألفت بحديثها، بينها وبين محمود الف سور واليوم لم تفعل حساب لهم كل ما كان يهمها قربه دون التفكير في العواقب، تنهدت بضيق وقالت:
_ كل الحاجات دي مع الوقت ممكن تتحل معتز هيعرف ان هو مش بيحبني ولا حاجه وانا هفضل عايشه بعيد عنه، صدقيني اللي حسيته النهارده وهو تعبان أكدلي إني مستحيل أبقى عايزة ابعد عنه في يوم، أنا مش صغيرة يا تيتا لدرجه اني ما بقاش عارفه مشاعري..
صمتت ألفت ودق باب المنزل فقامت سارة لفتح الباب، أتسعت عينيها وهي تراه يقف أمامها بكامل وسامته ومعه باقة من الورود الحمراء، لفت وجهها لتجد ألفت تحدق بها لنظرت إليه مردفة بخوف:
_ محمود انت ايه اللي جابك هنا وانت لسه تعبان؟!..
_ جاي أطلب أيدك..
_ هاااا..
_ ها إيه يا حياتي بقولك جاي أطلب أيدك، وسعي يلا عشان أدخل..
سعيدة لا تنكر وهذا ظاهر على معالم وجهها بوضوح ولكنها خائفة وهذا أيضا ظاهر على وجهها، عضت على شفتيها بتوتر وقالت:
_ تيتا قالت لك في المستشفي تبعد عني وكمان دلوقتي قالت ليا كدة، أمشي دلوقتي أحسن ما يحصل مشاكل وأنت تعبان..
كل ما قالته لا يهمه بشئ، قلبه وعقله لم يصل إليهما إلا جملة واحدة ” أنت تعبان” تقلق عليه ؟!.. اه والله تقلق عليه ، رسمت على شفتيه إبتسامة واسعة وقال:
_ خايفة عليا أتعب ؟!..
نظرت للأرض بخجل فرفع وجهها بوضع أحد أصابعه على ذقنها وقال:
_ خايفة عليا يا سارة ؟!.
_ هتصدقني لو قولتلك ماليش في الدنيا غيرك أخاف عليه ؟!..
نعم سيصدقها بكل صدر رحب، أومأ إليها وقال:
_ هصدقك..
ابتسمت بدلال وقالت:
_ يبقي بلاش توجع قلبي عليك تاني..
_ سلامة قلبك يا روح قلبي.
انتفض جسدها على صوت ألفت:
_ مين إللي على الباب يا سارة..
أبتلعت ريقها بتوتر فالقي لها قبلة بالهواء وقال:
_ أطلعي البسي فستان يليق بمناسبة زي دي وتعالي..
_ بس تيتا..
_ متخافيش أنا موجود..
شعرت بالامان وذهبت فدلف خلفها وقال بهدوء:
_ هو ايه اللي مين على الباب يا الفت حد يعرف مكانكم ولا هيعبركم غيري..
_ وأنت بقي جاي تعمل إيه ؟!.. لحقنا نوحشك في الكام ساعة دول..
نفي بحركة سريعة من رأسه وقال بكل إحترام وهو يجلس على أحد المقاعد ووضع باقة الورد على الطاولة أمامه:
_ جاي أطلب حفيدة حضرتك مدام سارة وإلا أقولك خليها أنسة إلا موضوع مدام ده بيزعلها وأنا ما يهونش عليا زعلها…
_____ شيما سعيد _____
بقصر علام..
دلف معتز لغرفة والدته قائلا بحزن:
_ لسه برضو حزينة يا ماما صدقيني هو ما يستحقش الحزن ده لو كان بيحبك ما كانش ضحى بيكي بالسهولة دي عشان حته عيله صغيرة، ده حتى ما طلعش بيحب ابنه وفضلها علينا كلنا…
ابتسمت عايدة بسعادة وقالت:
_ ما تقولش كده على بابا يا معتز، محمود البنت دي كانت مسيطرة عليه مظلوم يا حبيبي سنين بعيد عن الستات وبنت حلوه لحمها رخيص عرضت نفسها عليه ففرح له يومين لكن دلوقتي طلقها ورجع لمراته وقريب قوي هيرجع البيت، بس انا عايزك تفضل زعلان منه يا معتز عشان يعمل حساب لزعلك بعد كده ويعرف من اللي عمله حاجه كبيره مش قليله يتسامح عليها فاهم يا حبيبي..
جلس معتز بجوارها وقال بلهفة:
_ هو بابا رجعك يا ماما؟!..
أومات إليه بإبتسامة سعيدة وقالت:
_ اتصل بيا من شويه وقالي ان هو رجعني وكان غلطان لما طلقني بس مش هيقدر يرجع البيت اليومين دول مش قادر يبص في وشك يا معتز..
نظر معتز أمامه بحزن شديد وقال:
_ أنا بحبه أوي يا ماما كان طول عمره بالنسبه ليا كل حاجه بس كسرني حسسني اني ولا حاجه بالنسبه له، مشكلتي الاكبر ان جوايا مشاعر ليها مش فاهمها عايز ادمر حياتها زي ما هي دمرت حياتي واخدت ابويا وقلبي مني…
حركت كفها على ظهره وهي تعلم ما يشعر به ، كلما تحدث معها يحرقها ضميرها لكنها لا تفعل شيء من أجلها فقط وهو الآخر سيربح ، قالت بقوة:
_ أكتر حاجة هدمرها إن محمود يرميها برة حياته، كلبة بتدور على الفلوس ولما الفلوس تروح منها هتموت مقهورة زي ما قهرتني وقهرتك ولعبت بيك..
والدته محقة هي تستحق كل شئ بشع بالحياة ، كيف كان يراها بريئة لا يعلم ربما كانت مرايا الحب عمياء مثلما يقول الجميع، تنهد بتعب وقال:
_ بابا وحشني..
_ أوعي تروح له يا معتز لو صالحك هيرجع لها ووقتها والله هموت فيها..
_ خلاص يا ماما مش رايح أهدي..
_____ شيما سعيد ______
بفيلا سارة..
نزلت تركض على الدرج وهي تسمع أرتفع صوته وصوت ألفت، أقتربت لتقف بالمنتصف مردفة بخوف:
_ هو في إيه بس يا جماعة اهدوا مش كدة ؟…
جذبها لتقف خلفه وقال ألفت بعينين يتطاير منهما الغضب:
_ الحاجة بتقول معندهاش بنات للجواز فاكرة اني جايه اخد رأيها انا اللي جاي هنا بس عشان افرحك واعيشك حلاوه البدايات غير كده ما حدش له حاجه عندي..
ردت عليه ألفت بنفس الغضب:
_ وانا هرجع تاني واقول لك يا محمود ما عنديش بنات للجواز بنت ابني مش لعبه عشان تلعب بيها كل شويه روح شوف لك واحده من سنك تنفعك..
رفع حاجبه بسخرية وسحب سارة ليضعها تحت ذراعه وقال بجبروت:
_ بنت إبنك مفيش راجل قرب ولا هيقرب منها غيري بتاعتي مكتوب على كل حته فيها محمود علام، فأهدي على نفسك كده وعدي يومك يا الفت وخلينا نفرح كلنا مع بعض بدل ما اخدها وافرح لوحدي..
جذبت سارة منه بقوة وقالت بنفس الجبروت:
_ الكلام ده تهدد بيه الهبلة اللي واقفه جنبتي دي، لكن انا ألفت علام يا محمود ولا عشره زيك يقدروا يعملوا حاجه غصب عني..
جن جنونه وبلحظة كان يخطفها من بين يد جدته ويحملها على ظهره قائلاً بوقاحة قبل أن يغادر بها من المكان:
_ ماشي يبقى انتِ اللي اخترتي واعملي حسابك مش هنرجع غير وهي في بطنها عيل يقولي يابا الحاج..

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عطر سارة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *