رواية فتيات القصر الفصل السادس والعشرون 26 بقلم اسماعيل موسى
رواية فتيات القصر الفصل السادس والعشرون 26 بقلم اسماعيل موسى
رواية فتيات القصر البارت السادس والعشرون
رواية فتيات القصر الجزء السادس والعشرون

رواية فتيات القصر الحلقة السادسة والعشرون
في مساء بارد بعد وصول ا العاصفة الثلجية أرض القصر ، والهدوء الثقيل الذي خيّم على القصر، قررت راما أن تغامر بالدخول إلى المكتبة الملكيه
لطالما كانت تلك القاعة العتيقة مكانًا لا يدخله الخدم إلا بإذن، لكن غياب السيد وقافله جعل راما سيدة القصر الوحيده
دفعت الباب الخشبي الثقيل، وانفتح على مصراعيه كأن القاعة نفسها كانت تنتظرها. رائحة الكتب القديمة، مزيج من الورق المعتّق والعنبر والغبار، ملأت أنفها.
كان ضوء المشاعل المعلقة على الجدران يتراقص فوق أرفف الكتب العالية التي تصل حتى السقف.
بدأت راما تتنقل بنظرها بين العناوين المحفورة على جلود الكتب. لم تكن تبحث عن شيء محدد في البداية… حتى لفت نظرها ركن صغير إلى جوار نافذة مغطاة بستائر سميكة، حيث تجمعت فيه كتب بعناوين زاهية عن صناعة العطور القديمة وأسرارها.
اقتربت، ومدّت يدها بحذر، وراحت تقرأ العناوين:
“سرّ الرائحة الخامسة” — تأليف: ألكسندر دي فيرنيه
كتاب فرنسي قديم يتناول تأثير العطور على اللاوعي والغرائز الأولية. يتحدث عن وجود رائحة خامسة غامضة قادرة على السيطرة على المزاج البشري والحيواني.
“المخطوطة الذهبية في تقطير الزهور والطيب” — من تأليف: الحكيم أزهر الدين الطوسي
مخطوط فارسي تعود للقرن السابع الهجري، يتناول أسرار استخراج الزيوت العطرية من الورد والزعفران والعنبر، وأسرار خلطها لغايات السحر والهوى.
“أسرار العنبر والعود” — تأليف: غريغوريوس الحائك
كتاب نادر يتحدث عن كيفية صنع عطور تبقى لأيام على الجلد وتؤثر على مزاج الكائنات الحية، بما فيها الحيوانات.
“كتاب زهر الأرواح” — مجهول المؤلف
مخطوط جلدي قديم مكتوب بخط نسخي دقيق، يتناول العطور ذات الأثر النفسي والطاقي، وتأثير الروائح على الأحلام والانجذاب اللاشعوري.
“نفحات الليل: العطور في طقوس الأسر الحاكمة” — تأليف: لورد كافانوس
كتاب مخصص لعطور القصور والأسر الأرستقراطية، وكيفية توظيف الروائح للتحكم في سلوك الضيوف والخدم والحيوانات داخل القلاع.
انهمكت راما في قراءة الصفحات، وجدت في بعضها وصفات دقيقة:
قطرتان من زيت النيرولي
لمسة من ورد دمشقي مجفف
كسرة من عنبر الحوت
نقطة من زيت جوزة الطيب
كلها تمزج مع قاعدة من ماء الورد المخمّر سبع ليالٍ.
في “سرّ الرائحة الخامسة” قرأت عن تأثير الرائحة على ذاكرة الحيوان الأولي، وكيف أن بعض التركيبات القديمة كانت تستعمل في القصور الشرقية لجعل الحيوانات الأليفة تحرس شخصًا واحدًا فقط أو تميّز رائحة سيدها من بين الجميع.
وما أثارها أكثر، فقرة كتبها ألكسندر دي فيرنيه:
> “إن ما لا يفهمه معظم صنّاع العطور هو أن العطر ليس فقط للأنف… بل للغريزة. الرائحة إذا خُلِطت بذكاء، يمكنها أن تصنع من المخلوق تابِعًا لا يفارق صاحبه.”
ابتسمت راما في تلك اللحظة. كانت تعرف أنها عثرت على ما أرادت.
بقيت حتى منتصف الليل تتنقّل بين الكتب:
دوّنت وصفات من “أسرار العنبر والعود”
حفظت ملاحظات من “نفحات الليل” حول تأثير بخور الصندل عند اختلاطه بالنيرولي
ونسخت سرّ الرائحة الخامسة من كتاب دي فيرنيه
قبل أن تغادر، وضعت الكتب في أماكنها بدقة، وأغلقت الباب خلفها، وراحت تهمس في سرها:
> “الآن… سيشمّ القصر ما أريده أنا.”
—
مع انبلاج الصباح، وقبل أن تنقشع خيوط الضباب من فوق سهول القصر، تناهى إلى مسامع الخدم وقع أقدام الخيول الثقيلة، وصرير عجلات العربات، ووقع نباح الكلاب الطليقة أمام القافلة.
أطلّت قافلة السيد من خلف أشجار السرو الضبابية، يتقدّمها حصان أسود ضخم يمتطيه السيد نفسه، بثوبه الداكن، وكتفيه العريضين، ووجهه الجامد كصخر السهوب.
خلفه عشرة من الفرسان، تتبعهم ثلاث عربات كبيرة محمّلة بالصناديق المغلقة، وصندوق آخر صغير مغطى بالقماش الأخضر الداكن.
كان المشهد مهيبًا.
تدافع الخدم عند الساحة الخارجية، بعضهم انحنى احترامًا، وبعضهم ركض نحو المخازن ليعدّ قهوة التمر هندي الساخنة، والبعض هرع لجلب الماء للخيول.
فرحة خفيّة عمّت المكان.
ماجي، الخادمة الأنيقة، أسرعت نحو راما
> — “لقد عاد… السيد في الساحة.”
كهلان الحارس ضحك بصوتٍ عالٍ وهو يروي لزملائه:
> — “أخبرتكم أن العاصفة لا توقفه… رأيته مرة يعبر النهر الأسود والخيل ترتعد تحته.”
وفي ركن المطبخ، بدأت الخادمات يتهامسن عن الرحلة:
“يقولون إنه جلب معه عنبرًا هنديًا… أغلى من الذهب.”
“وجلب قفصًا فيه طائر لا يصيح إلا لملِك.”
“وقيل… أن هناك تابوتًا صغيرًا من الصندل…”
كلّ واحد يروي حكاية سمع نصفها.
**
دخل السيد القصر بخطواته الثقيلة، نزع قفازيه الجلديين، وأعطاهما لماجي بصمت.
مرّ بعينيه على المكان كأنه يتفحّص القصر حجرا حجرًا… قبل أن ينعطف نحو جناحه الخاص.
في تلك اللحظة، أرسل الحارس أحد الصبية إلى راما.
وقف أمامها لاهثًا:
> — “السيد يطلبك في غرفته.”
**
أعدّت راما طرف ثوبها، رتّبت ضفائرها سريعًا، ثم صعدت الطابق العلوي.
الباب نصف موارب. دفعت بيدها… كان السيد واقفًا أمام النافذة، ظهره إليها، يتأمّل الساحة التي غطاها الضباب.
بصوتٍ هادئ مجلجل قال دون أن يلتفت:
> — “ادخلي يا راما.”
سارت حتى وقفت خلفه بخطوتين، وانحنت:
> — “حمداً على سلامتك يا سيدي.”
استدار، عينيه تتفحّصانها كمن يقرأ أثر الأيام على الوجوه:
> — “كيف كان القصر في غيابي؟”
قالها بنبرة مزيج بين الاستفهام والاختبار.
تقدّمت راما خطوة:
> — “هادئ يا سيدي… لم تقع حوادث تُذكر. العاصفة أبقت الجميع في أماكنهم. والكل التزم بأوامرك. المخازن بخير. الحراس على أسوارهم. لا غرباء عبروا بوابة السرو.”
ظلّ يتأملها، قبل أن يقول ببطء:
> — “وهل زارك أحد… لم يكن له أن يزور؟”
تلبّثت راما لحظة، لكنها أجابت:
> — “لا يا سيدي.”
هل كنت تتوقع زائر ما ؟
استدار السيد بغضب، اتجرائين على سؤالى ؟
همست راما بخوف، اعتذر سيدى ان تعديت حدودى ارجو مغفرتك
رفع السيد بكل غرور، اخرجى ولا ترينى وجهك مره اخرى حتى استدعيك
كونى شاكره لرحمتى وعطفى ،مد السيد يده لراما التى قبلتها
ثم خرجت منحنيه مغادره الغرفه.
—
بعد أن دخلت القافلة ساحة القصر، وتبعها الخدم المرافقون للسيد وقد أنهكهم السفر الطويل، ساروا نحو غرفهم الخاصة في الجناح الجنوبي. ما إن فتح أحدهم الباب حتى انبعثت في الهواء رائحة غريبة لا تشبه شيئًا مما عهدوه.
كان العطر الذي رشّته راما قبل ساعة — قبل وصول القافلة — قد تشبّع في الأنسجة، اختبأ بين طيّات الستائر وفُرُش الأسرّة، وتمسك بالجدران كذكرى دافئة.
في اللحظة الأولى، انتبه الخدم لتبدل طفيف.
شعر سيرون، الخادم الوسيم صاحب الطباع الحادة، بأن صدره انشرح على نحو لا تفسير له. توقفت حدة أفكاره المتراكمة من عناء الطريق، واستبدلها إحساس غامض براحة دافئة.
أما ديرين، الذي كان يعاني من صداع مستمر في آخر أيام الرحلة، فقد جلس على حافة فراشه، وأغمض عينيه لحظة، وأحس كأن خيوطًا ناعمة من السكينة تنسحب به نحو النوم دون مقاومة.
مارين، تلك الخادمة الشابة التي كثيرًا ما تشكو من تعب القدمين، وجدت نفسها تبتسم دون سبب، تشعر بأن الغرفة التي بدت ضيقة طوال الطريق، صارت أوسع وألطف، كأن الجدران تنفّست معها.
الأحاديث التي عادة ما تملأ أجواء وصول القوافل — شكاوى، ضحكات مرهقة، حكايات طريق — تراجعت قليلًا.
الجميع تحدثوا بنبرات أهدأ، تحررت من التوتر.
ضحك سيرون بصوت منخفض وهو يروي موقفًا من الطريق، وبدل أن ينفجر الغرفة بالضحك كما جرت العادة، ترددت ضحكات ناعمة قصيرة، كأن العطر ألزم أصواتهم بالبقاء عند مستوى معين من السكينة.
بل حتى الخادم العجوز غريمالد، الذي نادرًا ما يخلع عبوسه، جلس على وسادته، وعلّق:
> “الغرفة… أكاد أشعىر انها تحلق بى فى الهواء
وتعجّب آخرون. لم يعرفوا ماذا تغير. لكنهم شعروا وكأن العناء الذي حملوه من الطريق الطويل لم يلحق بهم للداخل.
لم يشك أحد في راما. ولم يدرك أحد أن بضع قطرات من خليط سري في الزوايا، كفيلة بتهدئة أجساد متعبة وعقول محتقنة.
أما هي، فكانت خلف الباب، تسمع هدوء ضحكاتهم، وتراقب انطفاء التوتر من خلف الجدار، مطمئنة إلى أن التجربة الأولى نجحت.
كان العطر قد فعل فعله.
كتم النزق، وأبقى التعب بعيدًا عن طبقات الجلد، وحوّل غرف الخدم المرهقين إلى مساحة راحة صامتة… لا تفسَّر.
انزوت راما كما أمرها السيد، اختفت عن الانظار لكنها وإصلت نشر عطرها فى غرف الخدم حتى احكمت سيطرتها عليهم
ثم أوقفت ألعطر مره واحده واكتفت باغراق ملابسها بعطرها السرى وخرجت صباحآ قبل أستيقاظ الخدم إلى الرواق ثم جلست تحتسى فنجان قهوه
كانت لارينا اول المستيقظات وتوجهت نحو راما مباشرتآ فى طاعه عمياء تتحسس يدها
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية فتيات القصر)