روايات

رواية ليس لها ذنب الفصل السادس 6 بقلم ميلي ميس

رواية ليس لها ذنب الفصل السادس 6 بقلم ميلي ميس

رواية ليس لها ذنب البارت السادس

رواية ليس لها ذنب الجزء السادس

ليس لها ذنب
ليس لها ذنب

رواية ليس لها ذنب الحلقة السادسة

صوت الباب وهو بيتفتح بعنف قطع اللحظة زي سكينة فـ ضلمة.
سليم دخل زي الإعصار، عنيه مشتعلة، وصوته عالي:
ـ “مين سمحلك تخرجي من البيت؟!”
نور وقفت مفزوعة، بس حاولت تتماسك:
ـ “دا بابا… تعبان… جِيت أطمن عليه بس.”
سليم ضحك ضحكة كلها سخرية، وعيونه بتلمع بشرّ:
سليم (بتهكم):
ـ جيتي تطمني؟ ولا جايين تحطوا خطط ورا ضهري عشان توقعوني؟
حازم، رغم ضعفه، حاول يرفع نفسه وبيقول بصوت مخنوق وتعبان:
حازم (بغضب ووجع):
ـ كفاية يا سليم… عيلتي مالهاش ذنب… إرجع عن اللي ناوي تعمله… حرام!
سليم عينه لمعت، ووشه اتقلب حقد:
سليم (بغل):
ـ عيلتك؟… وانا؟ عيلتي؟!
فاكر زمان؟ لما كنت فوق الكل؟ لما سرقتوا كل حاجة من أبوي؟
شوف بقى… سبحان الله، الأيام بتلف…
ابن الراجل اللي خدعتوه، النهاردة هو اللي واقف فوق راسك…
وشايفك بتنهار زي ما بويا انهار زمان.
وقبل ما يكمل جملته، فجأة… الأجهزة بدأت تصفر، والنبض اختفى!
نور (بصرخة قلبها بيتقطع):
ـ بـــابــــــااااااااا!!!
الأطباء دخلوا بسرعة، والدنيا اتقلبت، وسليم حاول يسحب نور من دراعها:
سليم (بحدة):
ـ يلا، اطلعي برا!
نور (وهي بتحاول تفلت):
ـ لأ! مش هتحرك من هنا لحد ما أطمن عليه!
سليم (بصوت عالي):
ـ قلت يــلاااا!!!
نور (بصراخ أقوى، وعنيها مليانة نار):
ـ قلت مش هاتحرّك!
مش هاتحرّك!!!
فاهم؟! مش هسيبه! حتى لو آخر يوم في عمري!
سليم كان الغضب باين في عينه، قرب من نور بسرعة، مسكها من دراعها بعنف وابتدى يجرّها وراه وهو بيزعق:
سليم (بعصبية): قلتلك ما تخرجيش من البيت! إنتي نسيتي إنك تحت أمري؟!
نور حاولت تفلت منه، صوتها عالي ودموعها بتنزل من غير ما تحس:
نور (بصريخ): سِيبني! مش همشي معاك! مش همشي وقلبي سايب بابا كده!
سليم زاد في شدّته:
سليم (بغضب): ما تعلييش صوتك عليّا يا بنت حازم! انتي نسيتي انك مراتي؟!
وفي اللحظة دي… الباب اتفتح بسرعة، وطلع الدكتور بعجلة، صوته عالي ووشه عليه علامات ارتباك:
الدكتور: النبض رجع للمريض!… عايز يشوفك حالاً يا أستاذة نور!
نور سحبت إيدها من سليم بكل قوتها، كأنها بتفك قيود من نار، وجريت على أوضة أبوها، قلبها بيدق بسرعة وخوفها سابقها.
دخلت الأوضة، لقت حازم على السرير، جسمه ضعيف جدًا، بس عنيه مفتوحة وشايلة حزن الدنيا كلها، أول ما شافها دمعة نزلت من عينه.
دخلت نور الأوضة، قلبها بيدق بعنف، لقته لسه عايش، بالكاد عيونه مفتوحة، وجهه شاحب، بس نظرته لسه فيها نفس العجرفة القديمة… نفس السيطرة اللي عمرها ما راحت.
بصّ لها بنظرة فيها أمر، مش حنان، ولا شوق… وقال بصوت متكسر، بس واضح:
حازم (بصعوبة):
ـ نور… لازم تنقذي إخواتك… من سليم…
إنتي الوحيدة اللي تقدري تتصدي له…
نور وقفت لحظة، عينها بتترجم كلماته، مشاعرها كلها متشابكة… بس فجأة، فهمت.
نور (بحدة وصدمة):
ـ حتى وإنت بتموت… شايفني أداة؟
مش بنتك؟ مش بني آدمة؟
حازم حاول يفتح بقه، يمكن يرد، يمكن يبرر، بس ماقدرش… كأنه فجأة حس إن اللعبة خلصت.
نور (بغصة):
ـ عمرك ما فكرت فيا، لا كأب، ولا حتى كحامي
اتنهد حازم نفس طويل… عنيه لفّت ببطء، كأنه بيهرب من الحقيقة اللي قدامه…
مفيش كلمة اعتذار، مفيش ندم… بس سكون بارد.
وبهدوء مفاجئ…
جسمه تراخى، نفسه اتقطع، وعيونه اتقفلت…
نور (بصوت مرتعش):
ـ بابا… لأ، استنى، …
بابااااا!!!
صوتها طلع صرخة مكسورة، فيها خوف وكسرة وحزن سنين…
لكن ماكانش فيه فايدة.
رأسه مالت على جنب، عنيه اتقفلت، ونفسه سكت…
وغاب عن الدنيا.
دخل الطبيب في اللحظة دي، بص عليهم، وبنظرة كلها أسى وحزن، قال :
الطبيب (بهدوء):
ـ البقية في حياتك يا آنسة نور…
نور ما ردّتش… كانت واقفة مكانها، عنيها مغرقين دموع، بس عقلها مش قادر يصدّق…
الصمت اللي بقى حوالين جثته كان أصدق من أي كلمة
كانت واقفة قدام جثة أبوها، الدموع نازلة من غير صوت، صدمة، ألم، وجواها حاجة بتتكسر ومش عارفة تتصلّح.
وفجأة…
الباب اتفتح بعنف، وسليم دخل.
خطواته تقيلة، وصوته عالي:
سليم (ببرود مستفز):
ـ خلاص؟ خلص مات؟
نرجع بقى على بيتنا.
نور بصّت له، عنيها حمرا، مش من البكاء بس، من الغضب… من القهر… من كل لحظة وجع عدّت.
نور (بصوت مكسور لكن فيه نار):
ـ أبويا مات…
مات وإنت السبب…
وأنا مش هرجع معاك!
سليم اتفاجئ من لهجتها، قرب منها بخطوتين:
سليم (بعين ضيقة وصوت حاد):
ـ بتتكلمي كده لمين يا نور؟
نسيتي إنك مراتي؟
نسيتي إنك عايشة تحت سقفي وتحت أمري؟
نور رفعت راسها، وقالت وهي بتمسح دموعها:
نور (بصوت هادي لكن مرعب):
ـ آه… أنا مراتك…
بس مش طول العمر هفضل عبدة عندك…
أنا خسرت كل حاجة…
فمافيش حاجة أخاف أخسرها تاني.
سليم (بصوته العالي ونبرته المتغطرسة، وهو بيقرب منها ووشه مليان سخرية):
ـ شكلك نسيتي نفسك…
بقيتي بتخربشي ؟
اسمعيني كويس يا نور…
دلوقتي هتمشي معايا على البيت زي البنت الشاطرة…
أصلا مافيش حاجة تاني تعمليها هنا…
هياخدوه يدفنوه…
وانسي العزا، لإن بيت الجبار بقى بتاعي…
يعني مش هيحصل عزا في الشارع، مشهد مهين ليّ وللي شافك.
خمس دقايق… تكوني تحت.
وإلا… ماتلوميش غير نفسك.
(نور وقفت مكانها، عينيها ثابتة عليه، بس قلبها بيغلي من جوه… قبل ما ترد، دخل صوت مبحوح، بيقطع الصمت زي سكينة):
نرمين (وعينيها كلها دموع):
ـ هيـاخدوا بابا… يدفنوه دلوقتي…
(سكتت لحظة، وبصّت لنور بعين مكسورة)
ـ نور… إزاي قدرتي تعيشي في البيت ده طول المدة دي؟
ده مكان يخنق… يوجع الروح.
(نور رفعت عينيها بصمت، بتدور على إجابة، بس نظرة نرمين كانت حزينة ومليانة وجع، وكأنها بتحاول تفهم اللي حصل لأول مرة):
نرمين (بتكمل بصوت متهدج):
ـ لما أخدوا مننا البيت رحنا لبيت أمك ، بابا ماكانش عنده مكان يروحله غيره…
رحنا هناك لأننا ماكانش لينا حتة ننام فيها…
ولا كان معانا فلوس حتى نأكل بيها…
وياسين… ياسين اتسجن، قالوا إنه سرق من الشركة!
بابا حاول يطلعه بس… الدنيا كلها قفلت في وشه.
وأمي…
(بصّت بعيد، ودموعها نزلت بهدوء)
ماعرفش راحت فين… شكلها عقلهـا تعب، ماقدرتش تتحمل.
ولينا… من ساعة ما سمعت بموت بابا، وهي هنا في المستشفى…
الدكتور قال إن قلبها تعبان… الرطوبة في ذلك البيت زودت حالتها…
وقال لازم تغير صمام القلب قريب…
نور… أنا آسفة، والله آسفة…
عارفة إني ماكنتش أخت كويسة ليكي…
كنت بغير، كنت فاكرة إنك حتاخدي بابا مني…
(نور سابت نفسها وبكت، وبكل وجع الدنيا حضنت نرمين، وكأنها بتحاول تشيل عنها كل السنين اللي فاتت):
نور (بصوت مخنوق بالبكاء):
ـ ما تفكريش فده دلوقتي…
أنا هنا…
وهحل كل حاجة، والله ماهسيبكم .
لتنزل من المستشفى بعد ما ودّعت أبوها نظرة أخيرة، عينيها كانت ناشفة من كتر البُكا، وشها باهت وروحها كأنها اتسرقت. نزلت بخطوات هادية وميتة، لقت سليم واقف ساند ضهره على عربيته، سايب الدنيا كلها ووشه فيه برود قاتل. بدون ما تبص له حتى، فتحت باب العربية وركبت.
سليم (في نفسه، مستغرب):
“إيه اللي حصل للبنت دي؟… كانت نار… دلوقتي بقت رماد!”
(ركب جنبها، وساق من غير كلمة… الطريق كله كان ساكت، إلا من صوت الموت اللي كان مالي العربية. أول ما وصلوا القصر، الليل كان نازل زي الكفن.)
نور (بصوت هادي، مفيهوش أي إحساس):
ـ ممكن… نحكي؟
سليم (بص لها من طرف عينه):
ـ تمام.
(دخلوا القصر، أول ما شافتها الدادة، جريت عليها ودموعها في عينيها، حضنتها بقوة):
الدادة:
ـ البقية في حياتك يا بنتي… يا حبيبتي.
نور (ببرود موجوع):
ـ تسلمي يا دادة.
(عدّت نور ماشية ورا سليم، وكأنها ماشية ورا مصيرها… دخلوا أوضته، سليم قاعد على الكنبة، حاطط رجل على رجل، وبينفخ نفس طويل، كأنه مستعد لسماع حاجة مش هتعجبه.)
سليم (بصوت هادي، بس فيه سخرية):
ـ سامعاكي…
نور (وقفت قدامه، عنيها ثابتة فيه، وصوتها بدأ يخرج أقوى):
ـ عايزاك ترجع البيت لأخواتي…
عايزاهم يلاقوا مكان يناموا فيه…
ويعرفوا يكلوا زي الناس.
سليم (ضحك ضحكة قصيرة فيها استهزاء):
ـ وليه أعمل كده؟
إيه المقابل يعني؟
الناس ما بتديش ببلاش.
نور (باندفاع حارق، صوتها كان بيترجف):
ـ عشان يكون عندك ضمير!
فيه بنت صغيرة…في أول عمرها… محتاجة عملية قلب!
لو اتأخرت هتموت!
سليم (نبرته اتغيرت، بقت غامقة وسامة، والشر بينط من كل كلمة):
ـ ضمير؟
أبوكي كان عنده ضمير لما سرقنا؟
لما خلانا نبيع كل حاجة؟
لما أختي ماتت قدامي… ومكانش عندي تمن عمليتها؟
أبوكي دفن ضميرنا وهو عايش…
بس أنا…
أنا هكون أكرم منه.
(سكت لحظة، وقرب منها وهو بيكتم غضبه):
ـ هرجع البيت لأخواتك…
و هطلّع أخوكي من السجن…
و يشغل هو و أختك فالشركة…
و أختك الصغيرة… هخليها تعمل العملية…
بس بشرط.
نور (عنّيها اتسعت، وصوتها كان فيه خوف وتوتر):
ـ شرط إيه؟
سليم (قام واقف فجأة، ووشه كله جديّة وصرامة):
ـ تبقي ملكي الليلة
تصيرء مرتي شرعي
تبقي ليّا
جسدًا… وروحًا…

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ليس لها ذنب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *