رواية زهرة الهاشمي الفصل العاشر 10 بقلم سمية رشاد
رواية زهرة الهاشمي البارت العاشر
رواية زهرة الهاشمي الجزء العاشر

رواية زهرة الهاشمي الحلقة العاشرة
“عودة ولكن”
استقلت المقعد المجاور له بالسيارة وهي تشعر بأنه اليوم الأجمل بحياتها على الإطلاق، فهي قد رأت هاشم على طبيعته وكم أعجبها هذا الهاشم الذي ظل يقص لها عن الكثير من أموره الخاصة، حتى أنه روى لها قصة المنشور الذي كُتب عنه فشعرت بالضيق من تلك المرأة التي لا تعلم لماذا فعلت كل هذا.
– حمدالله على السلامة
فاقت من شرودها على صوته الهاديء وهو يهتف إليها بمرح، فنظرت حولها لتجد السيارة تصطف أمام منزلها.
سألته برجاء
– مش هتنزل معايا
– مينفعش والله عندي شغل… أنا سيبت محمد كام ساعة في السنتر ومينفعش أسيبه أكتر من كدا
تبدلت ملامحها إلى الإحباط وهي تقول بضيق
– مبتحبش تقعد معايا
برقت عينيه بصدمة ليسألها
– أنا يا مفترية؟! دا أنا معاكِ بقالي تقريبًا أربع ساعات.
– لأ بس أنا اللي جيت لك، بس عادي عمومًا الاهتمام مبينطلبش
اتسعت عيناه أكثر من ذي قبل، لا يعلم كيف تبدل حالها بهذه السرعة، فمنذ عدة ثواني كان يشعر بابتسامتها تتسع كل دقيقة فلماذا الآن تكشر عن أنيابها هكذا
– زهرة أنتِ هرمونات النكد كانت نائمة وصحيت عندك ولا إيه
دون أن يشعر وحد لسانه يسألها باستعجاب لتجيبه بشجن
– ودلوقتي بتقولي زهرة، من شوية مكنتش زهرة خالص، مش كفاية كنت بترد عليا بطريقة مش كويسة، هي دي الوصية اللي وصاك بيها الرسول.
– أنا يا بنتي مش اعتذرت لك وقلتِ مش زعلانة!
إلى هنا لم تستطع أن تكمل في دلالها الذي تمارسه عليه فارتفعت ضحكاتها لتقول بصوت متقطع من أثر الضحك
– أنا بس بوريك النكد بتاع البنات بيكون عامل إزاي
اتسعت ابتسامته بقوة حينما أدرك ما فعلته ثم قال بمرح
– يا شيخة أنا قلت اتحولت إزاي دي ولا أنا اتخميت ولا إيه
ارتفعت ضحكاتها بقوة حتى كادت أن تصل للمارة فانقلبت تعابير وجهه إلى الجدية ليهتف بتحذير
– زهرة صوتك والناس
خف صوتها شيئًا فشيء حتى اختفى تمامًا فقال بحدة
– خدي بالك بعد كدا
هزت رأسها عدة مرات باضطراب من تحوله المفاجيء فأدرك هو ما باتت عليه ليقول بهدوء
– إن شاء الله بكرة هاجي عندكوا بس النهاردة مينفعش عشان الشغل لكن كدا كدا هاجي أصلي الجمعة هنا بكرة
-ما أنا متطمنة إني هسمع صوتك بكرا عشان كدا جيت لك النهاردة عشان أشوفك كل يوم
اتسعت ابتسامته بسعادة من تعلقها به الذي تبديه له بكل كلمة تتحدث بها، أحيانا ما يشعر بالذنب تجاهها لكونه لا يبادلها نفس درجة حبها، هو بات يحب وجودها والتحدث إليها، بل يشتاق إليها كلما غابت عنه ولكن يعلم أنه لم يصل بعد إلى درجتها فما ذنبه هو إن كانت هي قد عرفته أولًا، هي تعرفه منذ شهور وتهيم به عشقًا أما هو فلم تتعدى معرفته بها عدة أسابيع فمن الطبيعي أن تكون مشاعرها هي أقوى منه، هكذا طمئن نفسه قبل أن يجيبها بمرح
– دا أنتِ بتعاكسيني بقا.
ابتسمت بخجل فهمس بخفوت مغازلًا
– تبسمي وتدللي فالدلال سيموت حسرة إذا خاصمته روحك والابتسام سيفقد فائدته إن لم يكن على ثغرك أنتِ.
اتسعت ابتسامتها تسأله بخجل
– إزاي اتعلمت تقول الكلام دا بالفصحى
– أنتِ مش عارفة إن الشيخ منتصر بيمنع الكلام العامي في دروسه ولا إيه، دا أنا أحيانا بتكلم بالفصحى متأثر بيه.
– أيوة خدت بالي يوم الخطوبة فعلًا
ابتسم بإيجاب قبل أن يقول
– يوم العقد لو سمحتِ في فرق، وبعدين اطلعي فوق يلا عشان أنا واقف بالعربية بقالي كتير والناس هتاخد بالها مش عايزين نلفت نظر حد لينا
أومأت إليه بإيجاب قبل أن تقول وهي تفتح باب السيارة
– السلام عليكم
– بابتسامة أجابها
-عليك وعلى قلبك السلام ورحمة الله وبركاته.
انتظر لعدة ثواني حتى اطمئن لدخولها من باب البيت فانطلق بسيارته بحال غير الذي كان عليه قبل زيارتها له.
***********
دلف من باب المنزل وأفسح الطريق لها كي تتبعه ولكنها وقفت مترددة ولم تفعل كما أراد، عقد حاجبيه باندهاش حينما وجد المنزل خاليا منها فعاد إليها مرة ثانية ليجدها واقفة كما كانت دون حراك، لأول مرة وجه حديثه إليها منذ أن اصطحبها معه ليقول بخفوت
– ادخلي مستنية أقولك
نظرت إليه قليلًا نظرة أودعت فيها كل الألم الذي تشعر به قبل أن تقول
– مش هدخل معاك إلا ما توعدني إن موضوع الأطفال دا ميأثرش علينا تاني
تنهد بقوة قبل أن يقول
– مش هفتح الموضوع دا معاكِ تاني
بانفعال قالت
– أنا بقول ميأثرش يا يونس متلعبش بالكلام.. لو مفتحتش الموضوع بس فضل مأثر فيك يبقى كدا الموضوع زاد سوء
– أوعدك
تنهدت براحة قبل أن تسأله بتردد وهي مازالت واقفة بالخارج
– هو إحنا كدا رجعنا؟ مفيش أي إجراءات بتتعمل عند المأذون؟
أخافه سؤالها الذي أوصل إليه أن فترة العدة قد انتهت ليسألها بصوت مضطرب
– هو كدا عدى تلت قروء؟
عقدت حاجبيها بعدم فهم فأتبع
– القرء دا يعني الطهر ما بين الحيضتين يعني الفترة اللي المرأة بتكون طاهرة فيها من بعد الحيض لحد ما ييجي الحيض في الشهر اللي بعده دي اسمها قرء والمفروض المطلقة عدتها ثلت قروء.
– هي مش تلت شهور؟
نظر إليها وهي مازالت واقفة في الخارج ليتجاهل سؤالها بسؤاله
– عدى تلت قروء ولا لسة
هزت رأسها بالنفي وهي تقول
– لسة ولا عدى تلت قروء ولا تلت شهور
تنهد براحة وكأن جبلًا من الهموم قد انزاح من فوق قلبه قبل أن يقول وهو يجذبها من ذراعها برفق
– طيب تعالي ادخلي نكمل كلامنا جوة
دلفت إلى الداخل وهي مازالت على ترددها ليقول مجيبًا عن سؤالها السابق
– عدة المطلقة المدخول بها لو مش حامل نوعين النوع الأول لو كانت آيسة يعني ست كبيرة جابت سن اليأس معادش بييجي لها حيض أو مثلا بنت صغيرة مبيجيش ليها حيض دول اللي عدتهم تلت شهور بدليل إن ربنا قال (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ) لكن اللي بييجي لها حيض عدتها تلت قروء ربنا سبحانه وتعالى قال ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) يبقى عدتك بالقروء
هزت رأسها بالإيجاب لتقول
– طيب كدا خلاص يعني إحنا رجعنا
– أنا رديتك لعصمتي يا خديجة.
لا تدري لما انسابت دموعها حين سماعها لجملته فاقترب منها ليمحي دموعها بأنامله قبل أن يحتضن وجهها بكفيه يقول بحنان
– بتبكِ ليه
رفعت عينيها إليه قبل أن تقسو نظراتها وهي تزيح كفه عنها لتقول بعنف أظهر كل عنائها
– اوعى تفتكر إننا كدا خلاص رجعنا زي الأول، رجوعنا حاجة واني أسامحك دا حاجة تانية، أنت أفعالك أثبتت إني ولا حاجة عندك وإنك ممكن تبيع في أي وقت، أنت دوست على كرامتي ومش بالسهولة دي هدوس عليها مرة تانية وأسامحك يا يونس، انسى
هرولت إلى الغرفة التي كانت تنفرد بها بعدما ألقت كلماتها بوجهه ليزفر بضيق نادمًا بعدما حدث ما كان يخشاه.
**********
– أول مرة أحس إني قصرت في حق حد من أولادي يا أم يونس، الندم مش عايز يفارقني إني سكت كل دا، تخيلي لو كنت استنيت كانت عدتهم ممكن تخلص وينتهي كل شيء
باح بكلماته الشيخ منتصر وهو يرتكن برأسه يريحها على قدميها كما يفعل كلما ضاقت به الدنيا لتمرر أناملها بين شعره الذي اشتعل شيبا وهي تقول بحنان وقلب ضائق لأجل ولدها وصاحبته
– وإنك تروح في الوقت دا دي حاجة تزعلك؟ بالعكس دي حاجة تقوي ثقتك في ربنا إنه سبحانه مبيعملش حاجة وحشة وخلاك تتدخل قبل فوات الأوان، يمكن لو كنت أدمت مثلًا مكانش حصل حاجة يعني مكانش هيحصل الموقف دا مع والدتها وكانت هتفضل تتدخل في حياتهم لكن ربنا خلاك تروح وقدر إن يونس يوصل في الوقت دا لحكمة وبردوا لو كنت اتأخرت كان ممكن فترة العدة تنتهي من غير أي حاجة لكن ربنا سبحانه وتعالى تخطيطه أقوى بيخلينا نعتمد عليه واحنا مغمضين عنينا، شوف الرجعة دي جت في الوقت المناسب بس يارب ابنك يعقل وميدمرش حياته هو ومراته.
– يارب ربنا يهديه ليها ويهديها ليه ويرزقهم بالذرية الصالحة.
ابتسمت تؤمِّن على دعائه فابتسم هو الآخر ليجذب يدها من على رأسه ليقبل راحتها برضا قبل أن يتمتم
– دايمًا كلامك بيكون زي النور اللي بينور قلبي وببخرج أي عتمة موجودة فيه، ربنا يبارك لي فيكِ ويجعلك زوجتي في الجنة.
ابتسمت بسعادة تتمتم بكلمات غير مفهومة وكأنها ملكت الدنيا بين يديها بما قال؛ فابتسم إليها لتعم قلبوهم سكينة وراحة يخص الله بها قلوب الصالحين.
************
كان “يونس” جالسًا ببهو المنزل يتابع أحد البرامج الدينية على التلفاز وصوت أنينها الذي يتصاعد من غرفتها يجعل قلبه يرتج بين الثانية والأخرى، يشعر ببكائها ليس على ما حدث اليوم فحسب، بس صوتها هذا يخبره بأنها تبكي جميع ما حدث منذ تلك الليلة الذي تعهد بها قلبه أن يجافيها حتى تمل منه وتهجره، نهض متجًا إلى غرفتها غير قادرًا على تحمل بكائها وتركها تبكي هكذا، فإن كان قد فعل في السابق وأضنى قلبه بمجاوزة بكائها دون أن يربت على قلبها، فقلبه قد انشق من كثرة ما فعل به وبات ضعيفًا لا يحتمل أكثر من ذلك، فتح باب الغرفة دون أن يطرقه ليجدها بنفس الحالة التي وجدها عليها بتلك الليلة التي طلقها، اقترب منها سريعًا ليجلس بالقرب منها قبل أن يعود لسابق عهده ويحتضنها كما كان يفعل إلى أنها ظلت تلفظه خارج أحضانها وهي تتمتم
– حتى دي مبقتش ذكرى حلوة بينا زي ما كانت، كل ما أبكي مبفتكرش الموقف دا، بفتكر إزاي كنت بتسبني أبكي ومتعبرنيش، أنت ضيعت كل حاجة حلوة، سرقت مني ذكرياتي، مش مسمحاك يا يونس مش مسامحاك
حاول تجاهل ما تقول ليحاول جذبها إليه مرة أخرى إلا أن محاولة عناقها باتت أصعب من عناق أعتى الجبال وهي تدفعه بكامل جسدها هكذا وكأن شيطانًا تلبسها فجذب رأسها تحت أحد ذراعيه ليقول بندم
– مكنتش بفكر غير فيكِ، إنك تعيشي سعيدة بعيد عني، أهون عندي من إنك تقتليني بنظراتك كل ما تشوفي طفل صغير، أنا آسف
استكانت قليلًا بعدمًا استمعت الجزء الأخير من كلماته وقلبها العاصي رغمًا عنه يئن وجعًا شفقة عليه، هي تعلم ما يعاني منه، وتعرف أن حزنه الشديد هو ما يجعله متخبطًا هكذا فلا يدري ماذا يفعل وكأن شيطان حزنه هو الذي يحركه، ولكنه قد تمادى في جرح كرامتها فأكثر ما يؤلم قلبها أنه فرق بينها وبينه وهما الذان قد اتفقا سابقًا أن لا فرق بينهما.
ابتعدت عنه حينما شعرت به أرخى قبضته ثم نظرت بصمت إلى الجانب المعاكس له وعقلها يتذكر ما حدث قبل أن يصطحبها إلى هنا، تذكرت كيف صعد هو ووالده برفقة والدتها ونظرات أمها التي كانت تختبيء من يونس كلما تقابلت معه، شعرت بالاستعجاب حينما وقف يونس على باب البيت ورفض الدخول برفقتهم فزجره والده إلا أنه طلب منه باحترام أن يدع خديجة تجمع أشيائها، ضاقت بها نفسها حينما طلبت منه والدتها الدخول وهي تقول بنظرات هاربة منه
– ادخل يا ابني ومتفتكرش أي حاجة حصلت لازم نتكلم جوة عشان الناس
– آسف بس مفيش كلام بيني وبين حضرتك.. لو سمحتِ يا خديجة شوفي هتاخدي إيه ويلا.
شعرت بالنفور منه لرفضه طلب والدتها وإحراجها برفض طلبها فقالت بتذمر
– عمومًا أنت حر هي مش هتتحايل عليك.
رمقها بعتاب قبل أن يلتفت بنظراته إلى والدتها التي تحدثت بندم وخجل
– عنده حق يا بنتي أنا بنفسي طلبت منه بقلة ذوق إني مشوفش وشه هنا تاني وأهنته كتير اللي بيعمله دا أقل حاجة بعد اللي عملته معاه
عقدت خديجة حاجبيها بجهل واندهاش قبل أن تسألها
– إزاي دا يا ماما.. وامتى
كادت والدتها أن تجيبها إلا أن يونس أوقفها وهو يقول
– ملوش لزوم الكلام دا دلوقتي، يلا لو سمحتِ مينفعش نقف كدا كتير
دلفت لجمع أشياءها فتبعتها والدتها لتسأ لها عما كانوا يتحدثون بالخارج.
باضطراب قصت والدتها عليها جميع ما فعلته مع يونس لتخر خديجة باكية وهي تسقط على فراشها مرددة بلوم
– ليه كدا يا ماما حرام عليكِ.. حرام عليكِ.. أنا كنت بجاهد عشان أصلح من ناحية وأنت كنت بتخربي بيتي من ناحية تانية، ليه كدا؟ أنا اشتكيت لك؟ مش كفاية المعاملة اللي كنتِ بتعامليه بيها كمان تعملي كدا.. أنت ِ نسيتي أنا كان بيتقال عليا إيه وهو اللي سترني.. نسيتي كل دا لمجرد حاجة واحدة بس هو ملوش ذنب فيها، ربنا يسامحك يا أمي على وجع القلب اللي سببتيه لينا دا، أنا ماشية مع جوزي وأتمنى متتدخليش بينا تاني.
نفضت عن عقلها ما حدث بينها وبين والدتها لتتذكر كيف وجدوا رجال الحي ينتظروهم بالأسفل وخاصة زوج المرأة التي تعرضت لخديجة كي يعتذرون لهم فأبى يونس المسامحة إلا باعتذار المرأة لخديجة بل وأجبرها أن تمضي على إحدى الأوراق لتتعهد بعدم التعرض لها ولو بالنظرة مرة ثانية.
فاقت مش شرودها على يده تربت على ظهرها بعدما ارتفع أنينها رغمًا عنها فانتقضت تقول
– لو سمحت سيبني دلوقتي عشان عايزة أنام
نظر إليها برفض فقالت بقوة
– لو سمحت عايزة أنام مش قادرة أتكلم دلوقتي
– نامي وأنا هقعد هنا مش هضايقك
قالها برجاء لتجيبه برفض
– فات الأوان على جملتك دي يا يونس أنا استنيتها منك كتير، اخرج لو سمحت
نظر إليها بتردد فنهضت هي واتجهت إلى الغرفة الأخرى لتقول
– ياريت تفضل هنا لأني عايزة أنام
هز رأسه بقلة حيلة بعد خروجها لتشرد عيناه بأثرها يتمنى لو تعود الأيام ليصحح أخطائه التي يبدو أن عقابه عليها سيكون غير هين بالمرة.
***********
بسعادة وخجل مازال يلازمها ببداية كل لقاء بينهما دلفت زهرة إلى الغرفة التي يستقبلون هاشم بها، ألقت السلام عليه وعلى أبيها ووالدتها التي كانت تجلس برفقتهم متخلية عن نقابها كما فعلت بيوم العقد، جلست بالمقعد المجاور له تعدل من وضعية فستانها الأبيض الذي تناثرت عليه الوردات الأرجوانية الهادئة، عدلت من حجابها الأرجواني وكأنها تتيقن من كمال هيئتها فاستمعت إلى صوت والدها يصيح بمرح
– معدولة معدولة
ابتسمت بخجل لالتفاته لهذا الأمر فارتفعت ضحكات الجميع عليها، جلس والدها برفقتهم لعدة دقائق حتى استأذن من هاشم فوافق الأخير الذي قال لها عقب خروجهم
– تعرفي إن شكلك بالنقاب مختلف خالص عن شكلك من غيره
– كل الناس بيقولوا لي كدا عينك مش شبه شكلك
– أول مرة شوفتك فيها كان عادي لأني مكنتش شوفتك بنقاب لكن إما شوفتك استغربت بس اتعودت بقا
ظلوا يتحدثون معًا لبعض الوقت حتى قالت زهرة
-تعرف إننا متصورناش مع بعض ولا صورة لحد دلوقتي حتى يوم العقد متصورناش
أتبعت كلماتها بأن نهضت من مكانها واستقلت المقعد المجاور له فقال بهدوء
– الصراحة مبحبش الصور أوي عشان في كلام فيها فبقول نبتعد عن الشبهات أحسن يعني الأفضل إننا منتصورش إلا لضرورة.
رأي انزعاجها الذي بدى على وجهها فقال باقتراح
– طيب ممكن نتبادل الصور وخلاص أكيد كل واحد معاه صور لنفسه
رأي الإحباط على وجهها لتهتف بعدها
– بس أنا شوفت شيخ بيقول إنه ممكن نتصور عادي
– ما أنا بقولك فيها خلاف في رأي قال إنها ممكنة وشايفين إنه كدا مش مضاهاه لخلق الله ولا حاجة
– طيب ناخد بالرأي التاني ونتصور
ابتسم لتصميمها على ما تريد وكأنها طفلًا تعلق بشيء فقال
– أنا دايمًا ببعد عن الشبهات ودا أفضل بس عشان الخلاف دا هوافق على صورة واحدة عشان خاطرك بس متستنيش مني أوافق تاني على حاجة متعلقة بالدين عشان مش هتتكرر
أومأت إليه بإيجاب لتقول بحماس
– طيب هات تليفونك عشان نوعه أفضل أكيد الكاميرا بتاعته أحلى.
أعطاها هاتفه الذي كان يضعه على الطاولة أمامه بعدما رسم على شاشته أحد النقوش العشوائية فصارت تلتقط لهما معًا عدة صور دون أن تمسه خجلًا منه إلى أن فعل والتقط كفها بأحد الصور فباتت هي أجملهم.
طلب منها أن تمحيهم وتنتقي واحدة منهم فترجته إلى أن ترك اثنتين فقط وطلب منها أن تضعها بالمفضلة حتى لا يراها أحدهم إن أخذ هاتفه منه.
امتثلت لما قال لتعبث قليلًا بالهاتف حتى عقدت حاجبيها أمام إحدى الصور التي تظهر أمامها لتسأله
– صورة مين دي اللي متصور معاها؟ دي مش أختك!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية زهرة الهاشمي)