روايات

 رواية تناديه سيدي الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم شيماء الجريدي

 رواية تناديه سيدي الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم شيماء الجريدي

 رواية تناديه سيدي البارت الرابع والعشرون

 رواية تناديه سيدي الجزء الرابع والعشرون

تناديه سيدي
تناديه سيدي

 رواية تناديه سيدي الحلقة الرابعة والعشرون

(النادي)
جلس حسام شارد الذهن يبدو عليه الضيق والحزن، فزيدان صديقه الوحيد لا يستحق كل مايحدث له في هذه الأثناء كانت ليلى تراقبه عن كثب وهي تشعر بالأسف لأجله حاولت لفت انتباهه أكثر من مرة ولكنه كان صافنا تماما وكأنه غائب بعالم أخر وأخيرا قالت بصوت مرتفع قليلا :
– حسااام !!
– نعم
– آدم زعلان منك على فكرة بيقولي إنك مابقيتش مهتم بيه وانك بتحب زياد وزينة أكتر منه
– معقول ، ايه الي خلاه يقول كدة بس ده انا روحي فيه
– أنا وانت عارفين الكلام ده كويس ، لكن هو طفل عايز اهتمام ودلع انا عارفة انه غصب عنك بس هو مش هيستوعب ده دلوقتي
– طب اعمل ايه بس انا في عز ازمة زيدان بسيبه لوحده وبخرجه لكن مع اول رنة تليفون بتسيبه وتجري
– يعني اتخلى عن صاحبي
– لا طبعا ، بس احترم وجود آدم ، آ دم طفل حساس وذكي جدا لو اتكلمت معاه ونزلت لمستوى تفكيره هيفهمك وهيقدرك وهيحس انه له أهمية حقيقية عندك مش فجأة يبص حواليه يلاقيك اختفيت مرة واحدة ، انت أمانه هو بيتطمن بوجودك ماتخوفهوش وتخليه يحس انه ممكن يفقدك في لحظة
– معاكي حق ياليلى ، بجد مش عارف اقولك ايه
– ماتقولش حاجة احنا اصدقاء وده واجب الصديق ناحية صديقه
– لا أصدقاء إيه الله يباركلك ، أنا عايز الليفل الي بعد كدة
– ازاي يعني
– انا هقولها بسرعة قبل ما الفون يرن عشان متأكدة ان زيدان هيتصل حالا الجملة دي منحوسة اقسم بالله
– جملة ايه انا مش فاهمة منك حاجة
هنا ارتفع صوت رنين هاتف حسام ليجد اسم زيدان يتوسط الشاشة فنظر له في اصرار قائلا :
– ولو بردو هقول ، ليلى باختصار انا معجب بيكي جداا وعايز اتجوزك ومضطر اسيبك حالا وكالعادة خدي آدم وديه لجدته بس بعد ما استأذن منه اني مضطر امشي
لم يمهلها لتنطق بكلمة واحدة وهب على قدميه سريعا وركض حيث يلعب آدم وميسون ، راقبته واثار الدهشة على ملامحها وهو يجلس على ركبتيه ليكون في مستوى آدم وحديثه القصير وذلك الحضن الذي اختطفه سريعا منه ورحل ، وجه آدم المبتسم ينبئ بأن حسام قرر تنفيذ نصيحتها وابتسمت ابتسامة عميقة تحمل كل معاني الحياة

 

 

 

 

 

 

(المستشفى )
وقف زيدان في منتصف حجرة الطبيب المتابع لحالة شمس والذي كان جالسا على مكتبه وامامه ياسر يبدو عليه القلق والترقب قطع صوته المتوتر الصمت وقال باصرار :
– انا مش فاهم انت بتقاوح في ايه الدكتور قدامك اهو قالك ان الامكانيات الي عندي في المستشفى مش هتلاقيها في مكان تاني وانت بنفسك اتأكدت من كدة يبقى ليه كل التفكير ده
– عشان معنديش استعداد اخسر شمس لازم احسب الف حساب وافكر الف مرة قبل اي خطوة تخصها لان اي غلطة صغيرة تمنها حياتها الي هي عندي اغلى من كنوز الأرض
– زيدان أرجوك شمس بنت عمي قبل ما تكون مراتك يعني لو في اي خطورة عليها من النقل من مكان لمكان ما كنتش هقترح ده انا مش هجازف بحياة بنت عمي الي معنديش غيرها
– انت رايك ايه يا دكتور
– شوف يا زيدان بيه انا شايف انك لازم تعمل الي الدكتور ياسر قالك عليه كل دقيقة بتمر بتقلل فرصة مدام شمس في الشفاء ثم ان الدكتور ياسر هيوفر طيارة خاصة مجهزة على أعلى مستوى عشان تنقل مدام شمس لحد المستشفى بتاعته ياريت تقتنع برأي دكتور ياسر مفيش وقت نضيعه
اسقط في يد زيدان وأطرق صامتا ينظر للأرض فقد كان عاجزا تماما وجد نفسه لا اراديا يتوجه لحجرة زوجته والتي ترقد بلا حراك اللهم صوت جهاز القلب هو الشئ الوحيد الدال على أن عرق الحياة مازال نابضا بها
(قصر زيدان )
جلس حسام ويوسف يستمعان لما يقصه عليهما من الحديث الذي دار بينه وبين ياسر وطبيب شمس قاطعه حسام في عصبية ليقول :
– انا مش متخيل انك لسة بتفكر لو علاج شمس عند الشيطان نفسه لازم توافق يا زيدان انا مش فاهم انت متردد ليه
– عشان في حاجة غايبة عنكم كلكم
– ايه هي
– انتو ناسيين اني ممنوع من السفر برة مصر لاني لسة على ذمة قضية سما القضية لسة ما اتقفلتش اسيب شمس تسافر لوحدها ازاي وهي في الحالة دي ومع مين مع ياسر طب ازاي مش هستحمل صدقوني يعني تفوق ومتلاقنيش جنبها ازاي ، ازاي اصلا اتطمن عليها وهي بعيد عني افرضو حد فكر يأذيها افرضو ياسر نفسه كان عايز يأذيها انا مافصلتش تفكير لحظة واحدة انا بتقطع مابين اني نفسي اعالج شمس وتخف وترجعلي ومابين اني خايف عليها من ياسر او من غيره ازاي اسيب مراتي وهي غايبة عن الدنيا لوحدها كدة
– ومين قال انها هتكون لوحدها يابني وانا رزحت فين ، اسمع اما اقولك انا هسافر بشمس ماتخافش عليها هتكون في عينيا مش هغيب عنها لحظة

 

 

 

 

 

 

– ايوة يا بابا بس ..
– الكلام انتهى انا هسافر بشمس وان شاء الله ارجعلك بيها وهي زي الفل
– ابسط يعم اهي هيسافر معاها السويفي الكبير بنفسه
– ايوة يا بابا بس حضرتك تعبان مش هتستحمل السفر
– مين ده يا واد الي تعبان انا صحتي قد عشرة زيك ، بس بس بلاش كلام فاضي انا باسبوري واوراقي جاهزين رتب مع الدكتور ده وانا هسافر معاها فورا ، قولتلك طول ما ابوك موجود ماتحملش هم ابدا
جذبه بين أحضانه وعانقه طويلا رغم كل سنوات عمره التي شارفت على الأربعون الا انه مازال ابنا في حاجة إلى عطف ودفء أحضان والده .
(المستشفى)
بعد مرور يومان تجمعت الأسرة كاملة في المطار لوداع شمس الغائبة عن الحياة ويصحبها والد زوجها للعلاج ، نظر الأطفال بأسى لأمهم التي لم يشبعوا قط من كلمة (مامي) التي كان ينادينها بها لكم افتقدوها وافتقدوا عطفها وحنانها ، نجاة تذرف الدموع وقلبها يتمزق على تلك المسكينة التي تصارع شبح الموت الذي يحوم طوال الوقت ، زيدان وقلبه الذي يحترق لأجل غيابها عن العالم والخطر المحدق بحياتها ومرة لفراقها وعجزه عن الوجود بجانبها في هذا الوقت العصيب ، لم يعد هناك وقت للخجل انحنى فوقها وامسك بيدها الهزيلة وقبلها برقة قبلة مبللة بدمعة قاوم كثيرا لاخفائها فسقطت في صمت خفي ، نظر لوالده وقال بصوت متهدج وكأنه على وشك البكاء :
– خلي بالك منها يا بابا وخلي بالك من نفسك وانا اول ما اقدر اسافر هجيلكم فورا
– ماتقلقش يابني خلي بالك انت من نفسك وخد بالك من العيال
– حاضر يا بابا

 

 

 

 

 

 

– حسام يابني ، خلي بالك منهم انت ابني التاني وانت عارف كدة كويس
– طبعا ياعمي مش محتاج توصية
ده- اشوفكم على خير يا ولاد
– مع السلامة يا جدو خلي بالك من مامي
– حاضر يا حبايبي ان شاء الله هتخف وترجعلكم بالسلامة
اخذ الاطفال يلوحوا لجدهم وهم يشعرون بالحزن لفراقه وفراق شمس ، ظل زيدان مثبتا عيناه على الطائرة حتى غابت بين السحب شعور بالحسرة يسيطر عليه و يقتله ببطء
(منزل جدة آدم )
في حديقة المنزل جلست الجدة وبجانبها ليلى تحتسيان القهوة فمنذ أوصلت ليلى آدم لمنزل جدته وقد أصبحتا صديقتين فجدة آدم سيدة طيبة حلوة المعشر لا تمل من حديثها الهادئ الوقور أبدا باغتتها الجدة قائلة :
– ايه رأيك في حسام يا ليلى
– انسان محترم وطيب واخلاقه لا غبار عليها
– عارفة حسام ده بحبه زي ما يكون ابني بالظبط من يوم وفاة المرحومة بنتي وهو دايما يسأل عليا ويشوف كل طلباتي من كام سنة جاتلي جلطة وابني الوحيد الي مبقاش ليا غيره بعد موت اخته مسافر برة والي لما حسام بلغه كل الي عمله انه اتصل بيا واتحجج بالشغل والمسئولية
لكن حسام ما سابنيش لحظة واحدة ، عارفة الي هتتجوز حسام هتتجوز راجل جدع هيكون لها ضهر وسند حقيقي
– الحقيقة يا طنط هو عرض عليا الجواز ، بس انا مترددة
– عشان حكاية الخلفة ربنا يباركلك في ميسون ولا انتي نفسك يبقى ليها اخوات
– لا خالص مش كدة بس انا مريت بتجربة سيئة جدا انا حكيت لحضرتك عنها وبجد مش حابة اعيدها تاني
– بس حسام حاجة تانية وانت عارفة كدة بس خايفة ، صدقيني يابنتي لو لفيتي الدنيا مش هتلاقي زي حسام اوعي تضيعيه من ايدك ، انتو الاتنين محتاجين بعض على فكرة
– ربنا يقدم الي فيه الخير يا طنط دعواتك
– ربنا يسعدك يابنتي ويقدملك الي فيه الخير
– يارب يا طنط يارب

 

 

 

 

 

(قصر زيدان )
مرت عدة أسابيع على سفر شمس للعلاج وزيدان يحاول فعل المستحيل ليتمكن من السفر والذهاب إليها ولكن دون فائدة ترجى فمازال هو حبيس الحدود وزوجته في قارة أخرى تتلقى العلاج جلس زيدان في حجرة مكتبه يحاول أن ينجز ولو القدر القليل من الأعمال المتراكمة عليه ولكن لا فائدة لا يمكنه التركيز على أي شيئ نظر للاطار الذهبي الموضوع على مكتبه والذي يحيط بصورة تضم أحب الناس لقلبه زوجته وأطفاله وبينما هو غارقا في تأمل ملامح شمس ويفكر كم افتقدها وافتقد صوتها وحيويتها انتبه على رنين الهاتف ليجد اسم والده ينير شاشة الهاتف فأجاب بلهفة ليجد صوت والده على الجانب الأخر يبدو عليه الفرح وهو يهتف قائلا :
– شمس فاقت من الغيبوبة يا زيدان فاقت يابني
لم يتمالك زيدان نفسه وخر على الأرض ساجدا شكرا لله من فضله فها هي بارقة أمل تلوح في الأفق بعد طول انتظار .

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية تناديه سيدي)

‫10 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *