رواية شمس ربحها القيصر الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم بيلا
رواية شمس ربحها القيصر الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم بيلا
رواية شمس ربحها القيصر البارت الحادي والعشرون
رواية شمس ربحها القيصر الجزء الحادي والعشرون
رواية شمس ربحها القيصر الحلقة الحادية والعشرون
الصدمة ألجمت الجميع للحظة بينما خالد مستغربا مما يحدث وقد أدرك خلال هذه اللحظات القليلة مدى التوتر الذي ساد في الأجواء رغم عدم فهمه اسباب ذلك ورغم إستغرابه من عودة فادي المفاجئة بعد غياب عامين ..
عامان لم تطأ قدمه فيها البلاد متحججا بأشياء مختلفة في كل مرة ..
تقدم قيصر نحو فادي يقف في وجهه كسد منيع متناسيا وجود خالد في تلك اللحظة والذي لا يعرف أي شيء فجل ما يهمه هو شمس و إحاطتها بسور يمنع إقتراب فادي منها ..
” شمس ..”
هتف بها فادي بعدم تصديق بينما هزت هي رأسها نفيا عدة مرات قبل أن تخرج بسرعة من المكتب تحت أنظار خالد المندهشة من هروبها الصريح أولا ومن وقوف قيصر في وجه فادي كسد منيع ثانيا ..
” مالذي تفعله شمس هنا يا قيصر ..؟!”
سأله فادي بتحفز ليهتف قيصر بصوت قوي حاسم لا يقبل جدال :
” إذهب الى مكتبي حالا وأنا سأتبعك .. ”
ثم دفعه بقوة خارج مكتب خالد وهو يتبعه تاركين خالد يتابعهما بإستغراب قبل أن يزفر أنفاسه بضيق من عودة فادي فهو يعلم إبن عمه ومشاكله التي لا تنتهي ويبدو إن إحدى مشاكله طالت خطيبة قيصر السابقة فالأمر لا يحتاج الى تفكير ليدرك إن الفتاة مذعورة من وجوده ..
أما في الخارج هتف فادي متساؤلا :
” مالذي تفعله شمس هنا يا قيصر ..؟! مالذي جلبها هنا ..؟!”
وصوت قيصر الصارم يرد بهدوء وحزم:
” اذهب الى مكتبي وسأشرح لك كل شيء .. هيا اذهب حالا ..”
ثم أكمل وهو يلاحظ ذلك الإصرار لمعرفة ما يحدث يظهر على وجهه بوضوح :
” اذهب يا فادي .. استمع مرة واحدة إلي .. مرة واحدة فقط ..”
اندفع فادي متجها نحو مكتب أخيه بينما سار قيصر نحو المصعد بعدما أشار الى سكرتيرته :
” أخبري الأمن أن يمنعوا خروج أي موظف من الشركة حتى أسمح أنا بذلك ..”
ركب المصعد وضغط على زر الطابق الأول حيث خرج منه بعد لحظات واتجه نحو الحرس ليسألهم عنها إذا ما خرجت لكنه وجدها تخرج من المصعد الأخر تسير بسرعة وكأنها لا ترى أحدا أمامه قبل أن تنتبه لوقوفه فتظهر نظراتها المرتعبة بوضوح ..
تقدم نحوها بخطواته الرزينة ثم وقف أمامها وقال بملامح حاول جعلها عادية كي لا يلاحظ أحدا من الموظفين شيئا غريبا :
” إسبقيني الى الكراج وسألحق بك بعد ثواني ..”
همت بالرفض لكنه أكمل بقوة :
” اذهبي حالا يا شمس ولا تعاندي .. هناك ما يجب أن نتحدث عنه وأنتِ تعلمين ذلك ..”
أخفضت رأسها وهي تسير مبتعدة عنه ليرفع هو رأسه بشموخ فيرى احدى الموظفات ترمقه بنظراتها الحذرة ليمنحها نظرة صارمة جعلتها تعاود النظر الى عملها مرة أخرى بسرعة ..
توجه هو عائدا نحو مكتبه كي يتحدث مع أخيه من جهة وكي لا يخرج فورا من الشركة بعدها فربما يشك أحدا بأمره ورغم إنه يعلم جيدا إن لا أحد يستطيع أن يتفوه بكلمة واحدة عنه لكنه لا يود أي شيء يثير الشكوك نحوها ..
صعد الى الطابق المقصود حيث مكتبه ..
مر بجانب السكرتيرة وأخبرها أن تخبر الأمن بسماح خروج الموظفين لتنفذ ما قاله وسط تعجبها مما يحدث ..
دلف الى مكتبه ليجد فادي جالسا على الكرسي يهز قدمه بسرعة وعيناه تشتعلان غصبا ..
نهض ما إن رأه ليهتف بسرعة :
” هل لك أن تشرح لي ماذا يحدث بالضبط وكيف وصلت شمس الى هنا ..؟!”
وقف قيصر أمامه رادا بهدوء :
” هي متدربة لدينا مع مجموعة من الطلبة الاوائل في الجامعات هنا ..”
” ما هذه الصدفة الرائعة ..؟!”
قالها وهو يضحك بسخرية ليكمل بنفس الهدوء :
” وكانت خطيبتي مسبقا ..”
” ماذا ..؟!!!”
صاح بها مصدوما قبل أن يهتف :
” أنت تمزح .. بالتأكيد تمزح .. ”
رد قيصر بجدية :
” كلا انا لا أمزح .. أنت تعلم إنني قمت بخطبة أحداهن بل وعقدت قراني عليها ثم طلقتها .. ”
” الواحدة هذه شمس ..؟!”
سأله فادي بتلعثم ليصمت قيصر دون رد فجلس الأخير على كرسيه بوهن غير مستوعبا كل ما حدث ..
كيف حدث هذا ولمَ تزوجها ..؟!
لقد علم من والدته في إتصالاته المختصرة معها إن قيصر خطب فتاة لم تحبها وإنها سعيدة كونه فسخ خطبتها بها لكنها لم تذكر أية تفاصيل عنها وهو بدوره لم يهتم بالسؤال ..
” لماذا خطبتها ..؟!”
سأله أخيرا بصوت جاف ليرد قيصر بهدوء وثبات :
” لإنني أردت ذلك .. ”
” أنت فعلت هذا بسببي .. انتقاما مني .. تثأر لنفسك بعدما فعلته من خلالها .. سرقتها مني كي تثبت من جديد إنك تملك ما لا أملكه وإنك تستطيع السيطرة على كل شيء كما يحدث دائما .. فادي تحداني وقرر عدم الخضوع لي ونفذ ما يريده إذا دعني أنتقم منه وأثبت له إنني ما زلت اقوى منه وبالطبع لا يوجد طريقة للإنتقام افضل من سرقة الفتاة التي أريدها مني ..”
ضحك قيصر رغما عنه وقال بصوت بارد :
” أنت كنت مريض وغير واعي لما تفعله .. تصرفت بجنون كاد أن يودي بك وبها الى الجحيم .. ”
” هل تنكر كلامي ..؟!”
سأله فادي بتحدي ليرد قيصر بقوة :
” كلا لا أنكره .. نعم فعلت كل هذا كي تعرف مقامك جيدا وتدرك إنك مهما حاولت ان ترفع من شأنك لن تستطيع أن تتخطاني .. كذبك علي بشأن مرضك شيء وحقيقة إنك تجاوزتني وخطفت فتاة بريئة فقط كي تثبت لنفسك إنك تحديتني وانتصرت علي ولم تخضع لمساومتي التي كانت لأجلك من الأساس شيء آخر وعقوبة لك وكي أثبت إنني ما زلت المتحكم الاول بكل شيء ها أنا تزوجت بمن أردتها يوما واستغليتها في حربك القذرة .. هل عرفت الآن إنني اعرف جيدا كيف أؤدبك أنت وأمثالك من المنحطين ..؟! وليكن بعلمك زواجي من شمس كان جزء من انتقامي منك الذي يحمل الكثير لك ..”
” أنت لم تغفر اذا ..؟!”
سأله فادي بتوجس ليضحك قيصر رغما عنه ثم يقول بعدما توقف عن ضحكاته :
” أغفر ماذا يا فادي..؟! خداعك لي وإدعائك إصابتك بمرض السرطان لأسباب لا أعلمها حتى الآن ..؟! أم خطفك لشمس ومحاولة إعتدائك عليها ..؟! وأشياء أخرى لا تذكر ولا تعد .. أخبرني ماذا أغفر بالضبط كي أغفر ..؟!”
رد فادي متجاهلا ذلك الضيق الذي يعتمل داخل صدره :
” ادعائي المرض كان خطئا جسيما وقد اعتذرت منك عنه أكثر من مرة .. أما بشأن شمس فأنا سأعتذر منها و ..”
قاطعه قيصر بعصبية :
” لا تجلب سيرتها على لسانك اولا ولا تتحدث معها أبدا .. هل فهمت ..؟!”
صاح فادي بعناد :
” بل سأفعل .. سألتقي بها وأتحدث معها .. يجب أن أفعل ذلك .. ”
جذبه قيصر من ياقة قميصه هاتفا بلهجة حادة محذرة :
” جرب أن تقترب منها وأقسم لك حينها لن أترك منك قطعة واحدة سليمة .. هل فهمت ..؟!”
دفعه فادي بقوة ثم قال وهو يلهث :
” أنا لا أفهم لمَ تفعل هذا ..؟! لمَ تتدخل فيما لا يعنيك ..؟! والأهم من هذا ما شأنك بي ..؟!”
هتف قيصر بجدية :
” لا شأن لي بك .. فأنا فعلت ما يجب علي فعله وتوليت مسؤوليتك كاملة حتى اطمئنيت نوعا ما على وضعك الصحي والنفسي … لكن عندما يتعلق الأمر بها فلا وألف لا .. لن تقترب منها سوى على جثتي .. هل فهمت ..؟!”
” هل تحبها ..؟!”
سأله فادي فجأة ليتغضن جبين قيصر ويهم بالإنكار لكنه سبق وهو يبتسم بسخرية :
” لا داعي لأن تتحدث .. لست محتاجا الى جواب ..”
قال قيصر بصوت صلب :
” كلمة واحدة لن أقول غيرها .. شمس أمامها ألاف الخطوط الحمراء .. لن تتجاوزها طالما أنا حي ..”
ثم تحرك خارج المكان تاركا أخيه يتابعه بذهول غير مستوعبا لما يحدث ..
…………………………………………………………….
أمام احدى السيارات الموجودة في كراج الشركة وقفت شمس تعقد ذراعيها أمام صدرها وملامحها يسيطر عليها التجهم الشديد ..
وجدته يقترب نحوها أخيرا لتفك ذراعيها وهي تقابله بملامح اكفهرت كليا لتجده يأمرها بعدما ضغط على الزر الألكتروني فاتحا أبواب السيارة :
” اركبي ..”
ردت وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها :
” لا أركب مع الغرباء أم نسيت هذا ..؟!”
توقف في مكانه وهو يتنفس بقوة فمواجهته مع فادي بعد هذه المدة وخوفه عليها من تبعات هذا أخذت منه شوطا كبيرا ..
نظر إليها ليجد الإصرار مرسوم على ملامحها فيهتف بجدية :
” لن آكلك يا شمس .. انا مديرك .. لا تنسي هذا .. لا توجد مشكلة إذا ما ركبت معي بسبب ظرف طارئ ..”
أكمل بعدها :
” ثانيا يجب أن نتحدث بما حدث اليوم ..”
قاطعته بقوة :
” لن نتحدث بشيء .. انا سأرحل حالا ولن أعود .. وأنت ستمنع أخيك من الإقتراب مني .. ”
تقدم نحوها فأرادت التراجع لكنها أثرت ذلك لتجده يقف في مواجهتها يهتف بهدوء :
” لا تفعلي هذا .. دعينا نتحدث ..”
أرادت أن تصرخ به أن يتركها وشأنها لكنها لن تفعل ذلك هنا فربما يسمعها أحد ..
قالت بصوت جاهدت ليخرج متوسط العلو :
” لا أريد الحديث معك .. كل ما أريده منك أن تتركني وشأني وألا تحوم حولي من جديد .. وإياك ثم إياك أن تنكر أن وجودي هنا في شركتك كان تخطيطا منك .. ”
” وإذا كان هذا صحيحا .. ما المشكلة في ذلك ..؟!”
سألها بجدية لترد وهي تكاد تشتعل غيظا منه :
” المشكلة إنني لا أريد .. لا أريد أن تقترب مني ولا أريد أن تكون حولي .. لا أريد أي شيء يربطني بك ولا يقربني منك ..”
كانت يشعر بكلماتها تطعنه بقوة لكنه تغاضى عن ذلك وقال بهدوء يحسد عليه :
” اسمعيني جيدا .. ”
أخذ نفسا عميقا ثم قال :
” ضعي في بالك شيئا محددا واستوعبيه .. انا لم أجلبك الى هنا وأنا أنوي لكِ سوءا .. نعم فعلت الكثير من الاشياء معك وربما منها أشياء مؤذية .. نعم هددتك مرارا وأجبرتك على الزواج وأردت امتلاكك بحق و أنا ما زلت أريد ذلك لكن عملك هنا ليس لغاية تكرار الماضي كما تظنين .. لا تخلطي الأوراق سويا .. متى ما أردت إمتلاكك سأفعل ذلك حتى لو بقيت تختبئين في منزلك ولن تخرجي منه دقيقة واحدة .. ”
لاحظ الصدمة المرتسمة على وجهها بوضوح فأكمل بثبات :
” اما بشأن فادي فكوني واثقة إنه لن يجرؤ على إيذائك بكلمة او نظرة حتى .. لا تخافي منه ولا تقلقي من وجوده وإذا ما رأيته صدفة تجاهليه تماما وكأنه غير موجود .. تذكري دوما إنك في حمايتي يا شمس وأنا لا أسمح لأي مخلوق أن يمس إمرأة تخصني وأنتِ تخصيني بالكامل .. ”
نظرت اليه بصمت وعينين دامعتين ليمسح على وجهه بإرهاق صادق ..
لم تره مسبقا بهذا الشكل حيث يسيطر عليه التعب بوضوح ..
حركت أناملها بخفة على عينيها تمحي تلك الدموع العالقة بهما ثم قالت بصوت باهت :
” هل سأراه دائما ..؟!”
رد بجدية :
” ليس دائما بالطبع .. لكن من الممكن أن ترينه بالطبع ..”
أردف بهدوء :
” أستطيع منعه من التواجد في أي مكان تتواجدين فيه لكنني لا أريد ذلك .. أريدك أن تكوني قوية وتواجهيه كما ينبغي .. أنت لم تفعلِ شيئا خاطئا ولستِ مذنبة في حقه كي تخشي المواجهة .. واجهي بثقة بينما هو من عليه أن يخفض بصره كلما رأكِ ..”
أخفضت بصرها نحو الأسفل وهي تمسح وجهها بكفها بينما كان يتأملها هو يفكر إن عليها ان تواجه لا ان تهرب ..
يريد ذلك لإجلها أولا كي تتخلص من مخاوفها بالكامل ولإجل أن تتعود على وجود فادي ثانيا فهو في نهاية المطاف أخيه وهي ستصبح زوجته وحتى لو لم يكن بينهما تعامل مستقبلا لكنهما سيضطران للإلتقاء أحيانا وعليها أن تعتاد وجوده حولها وتتقبله ..
هتف أخيرا بصوت هادئ :
” ما رأيك أن تذهبي الى المنزل وتسترخي قليلا ..؟!”
أجابت بصوتها المبحوح :
” سأفعل .. فأنا أحتاج لذلك بشدة الآن ..”
أكمل :
” بما إنك سترفضين أن أوصلك فدعيني أن أطلب لك تاكسي ..”
قاطعته بجدية :
” سأطلب بنفسي .. شكرا لا داعي لذلك ..”
ثم فتحت هاتفها وقررت ان تطلب تاكسي لتهتف بجدية :
” سيصل بعد دقائق ..”
قال بجدية :
” فكري جيدا بما قلته يا شمس .. أنت عليك أن تتخطي هذه المخاوف بشكل نهائي .. واجهي كل من تخافينه .. واجهي فادي بل واجهيني انا شخصيا إذا أردت .. واجهي ولا تهربي وتذكري دائما إنك في موقع قوة لا ضعف ..”
منحها نظرة أخيرة لم تفهمها لكنها شعرت إنها داعمة مساندة ثم تركها ورحل عائدا الى الشركة ..
في غرفتها تجلس شمس وهي ترفع قدميها نحو ذقنها وتحيطهما بذراعيها بينما عقلها شارد بعيدا يفكر في كل شيء يجري حولها ..
لقد ظنت إن كل شيء انتهى منذ عامين وإنها تخلصت من كافة الكوابيس التي أحاطت بها قبل هذا التوقيت ..
لكن يبدو إن كل شيء كان لعبة او مجرد تمويه لا أكثر ..
قيصر لم يطلقها كي يحررها كما ظنت لوهلة .. هو أراد شيئا معينا بتطليقها وحققه والأهم إنه كان ينوي العودة الى محيطها بعد مدة وهي تجزم بذلك ..
ماذا كان يريد من تطليقها ..؟! لماذا لم يجبرها على الزواج منذ عامين كما كان سيفعل ..؟! لماذا إنتظر عامين كاملين قبل أن يظهر في حياتها من جديد ..؟!
هي حقا لا تفهم لكنها تود ان تفهم ..
هذا الرجل لغز محير من الصعب أن يفهمه أحد ..
أغمضت عينيها لوهلة وكلماته الأخيرة تتسرب داخل عقلها ببطأ :
” واجهي كل من تخافينه .. واجهي فادي بل واجهيني انا شخصيا إذا أردت ..”
بالرغم من عدم تصديقها له فهي واثقة إنه يقول ما لا يقصده او ينويه فقط كي يلعب بعقلها ويجعلها تميل نحوه لكنها تدرك في داخلها إن هذا الكلام هو الصح ..
الهروب ليس حلا .. هروبها من محيطهما لن يمنع أيا منهما من الإقتراب منها .. فادي يستطيع أن يخطفها كما فعل مسبقا فهو ليس بقليل نفوذ وشر أما قيصر ..
ابتسمت بتهكم وهي تفكر إنه يستطيع أن ينالها من بين أنياب الأسد ..
قيصر إن أراد ينفذ وإن كانت تظن إنها برفضها التدريب عنده سوف يتركها وشأنها فستكون غبية جدا ..
لكن ما الحل ..؟! وأين المفر ..؟!
هل تواجة ..؟! هي مهما حاربت وواجهت لن تستطيع الفرار منهما ..؟!
ومهما ابتعدت وهربت واختبئت سيجدها وينالها ..
إذا ما الحل ..؟!
كيف ستتخلص منه ومن أخيه ..؟!
فتحت عينيها ثم فكت طوق ذراعيها حول ساقيها وتمددت على السرير تنظر الى السقف بشرود وهي تحاول أن تجد حلا .. حلا ينقذها من هذه الدوامة ..
سمعت صوت طرقات على باب غرفتها يتبعها دخول والدتها التي هتفت بجدية :
” عمك سيأتي اليوم لزيارتنا .. ”
انتفضت من مكانها تصيح بعدم تصديق :
” ماذا ..؟! متى سيأتي وماذا يريد ..؟!”
جلست والدتها على السرير تهتف بإرهاق :
” سيأتي بعد قليل ولا أعلم لماذا ..؟!”
صاحت شمس معترضة :
” لن يدخل هذا المنزل .. لن أسمح له بهذا ..”
جذبتها والدتها من ذراعها تحذرها .
” اخفضي صوتك .. لا أريد لأخيكِ أن يسمع شيئا .. طلبت منه أن يذهب الى منزل خالك كي يرفه عن نفسه قليلا مع ابن خالك .. لا أريده أن يعلم بحضور عمك كي لا يسبب لنا مشكلة ..”
” سلبيتنا هذه من تجعله يتصرف هكذا .. ”
قالتها شمس بنزق لترد والدتها بتحذير :
” انتبهي على كلامك .. هذه ليست سلبية .. هذا حرص على أخيكِ الذي ما زال في فورة شبابه ويتصرف برعونة وطيش ..”
ضغطت على فمها بقوة ثم قالت بعناد:
” انا لن أخرج من غرفتي ولن أرى ذلك المجرم .. تحدثي انتِ معه إذا أردتِ ..”
أومأت مها برأسها وقالت بجدية :
” حسنا ابقي هنا .. لا انتِ ولا ربى ستخرجان .. فأنا لا أضمن ردود أفعالكما أبدا ..”
أومأت برأسها متفهمة بينما خرجت والدتها لتجلس شمس على سريرها وهي تشعر بالإختناق من كل ما يجري وكأنه لا يكفيها هم قيصر ليأتي عمها الحقير ويكمل سلسلة مشاكلها التي لا يبدو إنها ستنتهي ..
…………………………………………………………..
كانت كوثر تحيط فادي الذي يجلس جانبها بذراعيها وهي تشعر بفرحة عارمة فقد عاد ابنها أخيرا بعد عامين من الغياب المفاجئ والذي برره إنه يحتاج الى هدنة للإنفراد بنفسه قليلا ..
ورغم حزنها لفراقه لكنها كانت تعلم إن ابنها يحتاج للإبتعاد عن كافة الأجواء المحيطة به وإعادة النظر في امور حياته لذا إضطرت للقبول واكتفت بتلك المكالمات المقتضبة تدعو داخلها أن يعود لها أفضل حالا مطمئنة إن قيصر يتابعه من بعيد ..
واليوم بعدما رأته تشعر إنه أفضل بكثير ومختلف عن الماضي فهي ما زالت تتذكر آخر أشهر قبل سفره وكيف تدهورت حالته مما جعل قيصر يحبسه في جناحه متعللا بإستهتاره وتصرفاته الطائشة وثمالته معظم الوقت مما يجعله يتصرف بشكل غبي ومجنون يتسبب لهم بالفضائح ..
ورغم إنها حاولت كثيرا أن تقنع قيصر بإخراجه من الجناح الذي أصبح سجنا له لكنه رفض بتعنت وعاد متجاهلا محاولاتها بل عصبيتها وتوعدها بالعديد من الأشياء إذا لم يخرجه فهو يعلم جيدا إنها لا تستطيع الوقوف في وجهه مهما أرادت ..
تأملت حوراء أخيها حيث كانت تجلس أمامه لتجده يبتسم بملامح باهتة ويجيب على اسألة والدتها بفتور ..
هتفت أخيرا متسائلة :
” لماذا لم تخبرنا بأمر عودتك كي نستقبلك في المطار ..؟!”
رد بجدية :
” لقد قررت العودة بشكل مفاجئ فحجزت اول طائرة الى البلاد ولم أتواصل مع أيا منكم لإنني لست بحاجة لشخص يدلني على طريق القصر ..”
” ولماذا قررت فجأة أن تعود بعد كل هذا الغياب ..؟!”
سألته مرة أخرى لتهتف والدتها بضيق :
” هل لديك مشكلة في عودته يا حوراء ..؟! حمدا لله إنه عاد أخيرا بعد هذا الغياب ..”
قالت حوراء بسرعة :
” على مهلك ماما .. مجرد سؤال فضولي لا اكثر .. لم أقصد شيئا سيئا منه ..”
هتف فادي بصوت هادئ :
” لإنني إكتفيت من البقاء هناك وشعرت برغبتي في رؤيتكم والإطمئنان عليكم .. ”
أردف متسائلا :
” أين البقية ..؟! لماذا لا يوجد سواكما في القصر ..؟!”
ردت والدته :
” أختك خرجت للتنزه مع صديقاتها .. أخوك وابن عمك في الشركة .. لميس هي الأخرى بدأت في العمل ..”
قالت حوراء بدورها :
” ستصل زوجة عمك مع غيث ورانسي بعد قليل فموعد هبوط طائرتهم مر عليه حوالي ساعة ..”
انهت حديثها لتسمع صوت لميس تهتف بهم :
” مساء الخير ..”
ثم هتفت مندهشة :
” فادي .. حمد لله على سلامتك .. متى عدت ..؟!”
نهض فادي من مكانه مرحبا بها حيث إحتضنها بخفة ثم ابتعد وقال :
” سلمك الله يا لميس .. وصلت منذ ربع ساعة تقريبا ..”
ابتسمت لميس وهي تتجه وتجلس بجانب حوراء تهتف بفرحة صادقة :
” رائع .. يبدو إن الجميع سيصل اليوم ..”
سألتها كوثر بإهتمام :
” لماذا لم تذهبي مع أخيك لإستقبال أمك وإخوانك ..؟!”
ردت لميس بجدية :
” لم أجد وقتا كافيا للذهب مع خالد فأنا لم أنهِ عملي إلا قبل نصف ساعة ..”
” أين تعملين يا لميس ..؟!”
سألها فادي بإهتمام لترد بصوت هادئ :
” في قناة تلفزيونية مالكها أياد صفوان .. ”
رفع حاجبه مرددا بإستغراب :
” قناة تلفزيونية ..؟! لماذا لم تعملي في إحدى شركاتنا ..؟! غريب أن تختاري العمل في هذا المجال ..؟!”
” إخترت هذا المجال لإنه مختلف وممتع .. انا خريجة علاقات عامة ويمكنني العمل في أكثر من مجال لكنني فضلت هذا المجال تحديدا لإنني شعرت بقدرتي على التميز به .. ”
” هو مجال مختلف حقا .. بالتوفيق لك ..”
قالها بصدق لتبتسم بخفة وهي تجيب برقة :
” شكرا لك ..”
لحظات و دلف خالد يتبعه صبي في الرابعة عشر من عمره ..
ألقى خالد التحية يتبعه أخيه الأصغر غيث والذي ألقى التحيه بهدوء قبل أن يسلم على فادي الذي نظر اليه مندهشا وقال :
” متى كبرت يا ولد ..؟!”
رد غيث بقوة :
” كبرت يا ابن العم منذ زمن لكنك بعيد دائما لهذا تفاجئت بي ..”
نظر فادي إليه مندهشا من هذه اللهجة الواثقة والصوت الذي بدأت نبرته تخشن بوضوح بينما حيا غيث كوثر برسمية شديدة فهو لا يميل إليها أبدا ..
اتجه نحو اخته الذي احتضنته بفرحة شديدة وهي تردد :
” حبيبي .. اشتقت إليك ..”
رد وهو يبتسم بخفة :
” وأنا أكثر ..”
ثم اتجه نحو حوراء وحياها برسمية قابلتها هي بنفس الرسمية ..
اما خالد فنظر الى فادي الذي غمغم بنبرة لا تخلو من التهكم :
” ألن تحييني يا خالد ..”
تجاهل خالد تهكمه وهو يرد ببرود :
” اهلا فادي .. حمد لله على سعادتك ..”
ثم ابتعد عنه وسار نحو الكرسي المقابل له مكتفيا بهذه الكلمات تحت أنظار فادي وحوراء الغاضبة من هذا التجاهل المستفز ..
سألت لميس وهي ما زالت تحتضن أخيها :
” أين ماما ورانسي ..”
” أنا هنا ..”
صدح صوت فتاة في الرابعة عشر من عمرها تتقدم نحوهم بفستان أبيض قصير قليلا ذو أكمام قصيرة بينما شعرها المموج الطويل ينسدل خلف ظهرها بنعومة وقد بدت أكبر من سنها قليلا بملامحها الجذابة ..
حملق فادي بها بعدم تصديق وهو يسأل :
” من هذه ..؟! من أنتِ يا فتاة ..؟!”
رفعت رانسي حاجبيها وردت :
” انا رانسي عمران يا فادي بك .. ابنة عمك ..”
تأملها من رأسها حتى أخمص قدميها وهو يهتف بذهول :
” متى كبرت يا فتاة ..؟! آخر مرة رأيتك فيها كنت تركضين خلف الكرة في حديقة القصر وتتشاجرين مع أخيكِ الصغير لأجلها .. ”
” لا أحد يبقى صغيرا يا ابن عمي ..”
حدق بها وهتف بإعجاب :
” أتفق معك يا بنت عمي ..”
نظر خالد له بغضب لا إرادي بالرغم من فرق السن بينهما بينما لكن نظراته وتغزله الصريح أزعجاه بشدة بينما توجهت رانسي نحو كوثر وحيتها بإقتضاب شديد فهي لا تحبها بتاتا ثم حيت حوراء بنفس الطريقة قبل أن تتجه نحو لميس وتحتضنها بشوق شديد لتدلف والدتهما في نفس الوقت وهي تلقي التحية بينما نهض فادي وكان اول المرحبين بها يتبعه البقية ..
……………………………………………………………..
في منزل شمس ..
خرجت شمس من غرفتها لتجد ربى تتجه نحو الطابق السفلي حيث قررت أن تهبط وتسمع ما سيقوله عمها خلف الباب لتلتفت نحو أختها وتهتف :
” هل ستنزلين أنتِ الأخرى ..؟!”
همت شمس بالرفض فهي لا تطيق سماع صوت ذلك الرجل لكن فضولها غلبها لمعرفة سبب زيارته فتبعت أختها بخفة وهبطت نحو الطابق السفلي لتقف الاثنتان خلف الباب تستمعان لذلك الحديث بينهما ..
كانت والدتها تجلس امام عمها الذي ينظر إليها بهدوء بينما هو يتأملها قليلا قبل أن يهتف متسائلا برسمية :
” كيف حالك يا أم شمس ..؟!”
إبتسمت مها بسخرية وردت :
” بأفضل حال يا علام ..”
صمت علام قليلا ثم قال بجدية :
” بالتأكيد تستغربين زيارتي في هذا الوقت .. ”
أومأت برأسها وهي ترد :
” نعم أستغرب كثيرا ..”
تنهد علام وقال بجدية :
” حسنا دعينا ندخل في الموضوع إذا ..”
نظرت إليه بترقب رغم قلقها مما سيقوله ليهتف بعد لحظات بصوت هادئ :
” انا أطلب يد ربى لإبني الوحيد فارس ..”
اندفعت ربى لا اراديا تتبعها شمس لتصرخ الأولى :
” ماذا تقول انت ..؟! هل جننت ..؟!”
انتفض علام من مكانه صائحا بها :
” الزمي حدودك يا فتاة .. كيف تتحدثين مع عمك هكذا ..؟!”
صاحت بسخرية :
” عمي الذي سرق ميراث أبي وجعله يموت حسرة وقهرا بسبب ذلك ..”
رد علام بقوة :
” لا تخلطي الأمور ببعضها .. ما حدث لوالدك كان قضاء وقدر .. ”
قاطعته شمس والتي إستفاقت أخيرا من صدمتها :
” بل أنت السبب فقلبه لم يتحمل صدمته في أخيه الوحيد ..”
قاطعها علام :
” اخرسي يا فتاة ولا تتحدثي أنتٍ ..”
ثم إلتفت نحو مها يردد بسخرية :
” ماشاءالله على بناتك يا مها .. ونعم التربية ..”
صاحت ربى بسلاطة :
” لا تتحدث معها هكذا وإذا كنت تتوقع إننا سنتقبل وجودك ونتعامل معك كعم بحق بعدما سرقت ميراثنا وتسببت بموت والدي فأنت مخطأ يا سيد علام ..”
” ربى يكفي ..”
قالها مها بعصبية بينما أكملت ربى غير آبهة بتحذيرها :
” أما بشأن طلبك فهو مرفوض .. انا لن أتزوج بإبن رجل مثلك .. ظالم ويأكل مالا ليس من حقه .. ”
رمقها علام بنظرات ساخرة ورد :
” ترفضين إبني انا يا ابنة مها .. إحمدي ربك إنه قبل بك .. ألا تدركين مقدار الفرق بينك وبينه ..؟! ألا يكفي إنني تنازلت وقبلت بك زوجة له ..؟!”
صاحت مها بغضب :
” ومالذي أجبرك على ذلك يا علام ..؟! طالما ابنتي ليست من مستوى ابنك ..”
ردد علام بسخرية :
” واجبي نحوكم يا أرملة أخي .. قلت لأخطب احدى الفتاتين لإبني فهي أولى به من الغريبة وعلى الأقل لا تذهب أموالي وأملاكي لأبناء واحدة لا تقربني بشيء .. ”
أكمل ببرود :
” ومن جهة أنفع إبنة أخي وأجعلها تتنعم بحياة مختلفة تماما لكن يبدو إنها لا تريد ذلك .. ”
” نعم لا أريد .. ”
قالتها ربى بقوة ليهتف بإستهزاء :
” كما تشائين يا ابنة أخي .. أنتِ الخسرانة بكل تأكيد ..”
خرج من صالة الضيوف ومن المنزل بأكمله لتذهب ربى بغضب الى غرفتها ..
تطلعت شمس الى والدتها التي جلست على الكنبة بتعب فهتفت بها بسرعة :
” لا تتضايقي ولا تزعجي نفسك ماما .. لقد خرج ولن يعود أبدا .. ”
أومأت مها برأسها دون رد لتجلس شمس بجانبها وتواسيها قليلا ثم تبدأ في الحديث معها بمختلف الأمور ..
ظلًا يتحدثان وقد بدأت مها تتناسى ما حدث حتى مرت حوالي ساعة لتنهضان سويا وتتجهان نحو المطبخ كي تجهزان العشاء ..
بدئتا في العمل حينما فوجئتا بربى تقتحم المطبخ وهي تهتف بقوة واستعداد :
“لقد قررت .. سأتزوج فارس ابن عمي كما أراد عمي العزيز ومن خلال ولده الغالي سوف أستعيد ميراثنا ..”
ثم أكملت مع نفسها :
” لن أكون ربى إذا لم أجعلك تدفع ثمن أفعالك يا علام .. أولا وفاة والدي بسببك ثم سرقة ميراثنا ثانيا و إهانتي والتقليل من شأني أخيرا ..”
انتهى الفصل ..
طبعا قصير لاني حبيت انزله بدري اولا ولانوا المشاهد القادمة فيها ظهور ناس جدد فحبيت ما تختلط الامور..
معلش هذا الفصل ما كان فيه ظهور لقيصر ولا احداث تخصه مع شمس لإنوا فصل تمهيدي لأشخاص جدد ..
يتبع..
- لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية شمس ربحها القيصر)