رواية سمال الحب الفصل السابع 7 بقلم مريم محمد غريب
رواية سمال الحب الفصل السابع 7 بقلم مريم محمد غريب
رواية سمال الحب البارت السابع
رواية سمال الحب الجزء السابع

رواية سمال الحب الحلقة السابعة
#سمال_الحب
#وقبل_أن_تبصر_عيناكِ ج٢ _ الفصل ( ٥١ ) :
_ أقوى من الدم ! _
بمجرد أن هدأ الضجيج بالبيت و خمدت الكارثة العائلية، أطلق “رزق” أوامره بأن تُنقل شقيقته “نور” في الحال إلى شقته بمساعدة زوجته “ليلة”.. ثم أصرف أعمامه و دائرتهم، ليبقى الآن هو و أبيه و “هانم” و أخويه “حمزة” و “سلمى”
هنا بالصالة، جلس “سالم” فوق الأريكة الضخمة مسندًا رأسه إلى قبضتيه المكوّرين، مغمضًا عينيه متشنج العضلات بفعل حالته الذهنية السيئة، ربما يبدو الآن هادئًا، إلا إن براكين و حرائق تندلع بدواخله في هذه اللحظة، و منذ الساعة التي ألمّ بابنته فيها جرحًا لن تنساه طوال عمرها
ماذا يحدث له ؟ أيّ شيطان رجيم دخل إلى حياته و قلب كل شيء رأسًا على عقب ؟ حتى أولاده.. إنه يكاد يخسر الواحد تلو الآخر… كيف يحدث هذا !!!!
-أبويا !
صحا “سالم” من شروده على نداء ولده “حمزة” …
لم يرفع رأسه إليه، لكنه قال بصوتٍ متحشرج جرّاء عصبيته المكبوتة :
-عايز إيه يا حمزة ؟
تلجلج صوت الشاب و هو يعرض عليه :
-أنزل أجيب عم سباعي يجي يشوفك ؟
المدعو “سباعي” يكون هو الطبيب الصيدلي القاطن لدى تخوم الحي، و لديه أيضًا صيدلية تحمل لقب عائلة “الجزار” …
أبى “سالم” عرض إبنه بحزمٍ :
-لأ.. ماتنزلش في حتة. أنا كويس
-انا خايف أحسن يكون ضغطك عالي و لا يكون فيك أي حا آ ..
-قولتلك أنا كويس ! .. قاطعه “سالم” و هو يرفع وجهه فجأة
فألجم تعبيره الوحشي لسان “حمزة” و لم ينطق …
في نقطة أخرى تلاقت عينيّ “سالم” بنظرات “هانم” الجامدة، من حيث كانت تجلس في الجهة المقابلة له، وجّهت إليه نظرة تحتمل أيّ شيء إلا الغضب
لم تكن غاضبة منه، و لم يكن بامكانه سبر غورها، لم يهمه، ما يهمه يقبع الآن وراء باب هذه الغرفة الموصدة.. “سلمى” و “رزق” …
°°°°°°°°°°°°°°°°°°
لقرابة الساعة لم يفعل “رزق” أيّ شيء سوى أنه جلس بجوار أخته الصغيرة فوق سريرها يضمها بين ذراعيه، و يده الحرة تمسك بمنديلٍ ورقي، يكفكف لها دموعها المتساقطة و الدماء المنداحة من جروح شفتيها و اللثة
كان يغمره الأسى و الحزن عليها إلى حد لم يطيق النظر إلى وجهها كي لا يرى فعل أبيه المشين بها، كيف يفعل ذلك ؟ كيف طاوعته نفسه ؟
إنها مجرد طفلة صغيرة.. لا تستحق ما حلّ بها مهما فعلت… ليته وصل إليها من قبله لكان إنفض الخلاف و إنتهى إلى خير مآل
ليته …
-سلمى ! .. غرّد صوته الحنون في أذنها بلطفٍ حذر
أخذ يداعب فروة رأسها و هو يستطرد :
-حبيبتي لازم نتكلم.. أنا عارف إنك حزينة و مش قادرة تنطقي.. بس ماينفعش أسيبك تنامي و إنتي في الحالة دي. مستحيل.. ممكن عشان خاطري تستحمليني شوية و تجاوبي على اسئلتي ؟
لما رفعت بصرها، و من خلال شعرها المتشابك أمام عينيها لاحظ “رزق” أن مُقلتيها بلون العنبر الفاتح قد خيّمت عليهما سحابة وديعة طردت عواصف الغضب، أجفل مبتسمًا لها بتكلفٍ بسيط و قال :
-مش هاتقل عليكي.. عايز بس أعرف إيه إللي حصل بينك و بين نور ؟ ضايقتك في إيه خلاكي تنفعلي بالشكل ده ؟
-ماحصلش حاجة ! .. جاوبت بهذه البساطة
-ماضيقتنيش خالص
تمهل “رزق” لهنيهة، ثم سألها مرةً أخرى حائرًا :
-طيب.. ليه رميتي الهدوم في وشها ؟ و ليه كنتي عايزة تطرديها من الأوضة ؟!!
مطت فمها قليلًا و ردت بهدوء :
-ماعرفش.. أنا حسيت إني مخنوقة شوية. إتعصبت و جت فيها هي
-إيه إللي ممكن يعصبك كده يا سلمى ؟
بدا أنه لم يصدق ادعاءاتها، فتريثت لبرهةٍ و أخبرته بثباتٍ مقنع :
-من ساعة ما جت و بابا مشغول عني بيها. و إنهاردة لما كنا فوق كان مقعدها جمبه على السفرة. و بعد العشا قعدها على رجله و بيدلعها كتير قصادي.. شكلي غيرت منها. فجأة كده بقت ليا شريكة في بابا بعد ما كنت الوحيدة إللي بقعد على رجله و كان ليا لوحدي !
إدراكًا لهذه الحقيقة التي إستشفها سلفًا، صدقها هذه المرة، و رقت نظرته و هو يدنو منها مقبلًا جبهتها و خدها الذي لا يزال ملتهبًا بسبب الصفعات العنيفة التي تلقّتها.. ثم تمتم مبديًا تفهمه :
-يا حبيبتي. أنا فاهمك.. مقدر كل إللي بتقوليه. و عارف إن مش قصدك كل إللي عملتيه.. بس بردو عايزك إنتي كمان تعرفي إن نور أختك. و رغم دخولها المفاجئ للعيلة إلا إنها من لحمك و دمك.. هي بتحبك من قبل ما تشوفك. يا ترى ماتستاهلش منك تبادليها نفس المشاعر ؟ لو على الحب و الدلع إللي بتتكلمي عنه إفتكري يا سلمى إنك عشتي عمرك كله بين أب و أم و اخوات و عيلة كاملة.. في حين نور قضت عمرها منغير كل الحاجات دي. كانت مستنية تيجي و تعيش وسطنا …
و صمت للحظاتٍ، ثم قال محدقًا بعينيها :
-و الأهم من كل ده يا سلمى.. نور أختي الشقيقة. مش بقول كده و بقلل من قيمتك عندي. أبدًا.. بس بوصلك إنها الحاجة الوحيدة إللي باقيالي من أمي.. لو بتحبيني و بعز عليكي يا سلمى هاتحبي نور و تعامليها كويس !
إبتسمت له واعدة :
-حاضر يا رزق.. هاعمل إللي تقول عليه
بادلها الابتسامة رابتًا على رأسها :
-حبيبة قلبي. مش بس إللي أقول عليه.. المهم كمان يكون نابع من جواكي.. إوعديني تتصالحوا و تبقوا كويسين مع بعض
-أوعدك
تنهد راضيًا و أمسك بيدها متهيئًا للنهوض :
-طيب يلا.. تعالي معايا على فوق. أراضيكم على بعض و نقضي الليلة كلنا سوا. أنا و انتي و نور و ليلة …
جذبت يدها من يده و أبقته كما هو قائلة بتصميمٍ :
-لأ لأ.. أنا مش هاطلع من أوضتي
-ليه يا سلمى ؟
بعدد ترددٍ أفصحت منكسة الرأس بتخاذلٍ :
-مش عايزة أشوف بابا. مش عايزة أشوفه أبدًا.. عشان خاطري يا رزق ماتغصبش عليا !
أمسك بيديها و شد عليهما مهدئًا إيّاها :
-خلاص يا حبيبتي.. إهدي.. مش لازم الليلة دي. خلاص.. أنا هاسيبك تنامي. و إن شاء الله هاكون عندك الصبح …
و عانقها للمرة الأخيرة، تمنى لها أحلامًا سعيدة، ثم خرج و أغلق باب الغرفة خلفه
استغرق لحظة بقى فيها ساكنًا و يده على المقبض، قبل أن يلتفت صوب أبيه الذي إنتصب في جلسته حال خروجه صابًا عليه نظراته و جام إنتباهه، لم يكن “رزق” من الجنون أن يتطلع في وجهه مطوّلًا، إذ أيقن بأنه قد يفقد أعصابه بأيّ لحظة
فسرعان ما أشاح بوجهه عنه و هو يكوّر قبضتيه بشدة حتى نفرت عروق ساعديه، ثم إنبلج صوته من بين أسنانه المطبقة يشتعل غضبًا :
-الظاهر ماكفكش إبن واحد هرست قلبه تحت رجليك و موّت جواه أي مشاعر حلوة سواء ليك أو للناس.. إنهاردة عرّضت بناتك الاتنين لنفس المصير ده …
-رزق ! .. هتف “سالم” منفعلًا
ليوقفه “رزق” بإشارة من كفه صائحًا :
-ماتنطقش إسمي.. أنا مش طايق أبص لك أساسًا. و إنت عارف لولا نور ماكنتش رجعت.. أنا هنا واقف قصادك و في بيتك غصب عني لو بإيدي أمشي حالًا. بس كمان بعد إللي حصل مع سلمى.. مش قادر أتجاهل إنها كمان أختي. و مش هقدر أسيبها لك تدمرها زي ما دمرتني.. و لا حتى هاسمح بكده. إنت فاهم ؟؟؟
و أجبر عنقه المتشنج بالقوة ليلتفت و ينظر إلى أبيه، حملق بعينيه نافثًا الهواء من فتحتيّ أنفه كثورٍ هائج و جرت الكلمات الأخيرة على لسانه بخشونةٍ :
-اسمع آخر كلامي يا سالم يا جزار.. قدام أخويا و مراتك.. غلطة كمان في حقي أو في حق أي حد يخصني. و حط تحت يخصني دي مليون خط.. قسمًا بالله يكون آخر الخط بيني و بينك. و ماتبقاش أبويا. تبقى عدوي.. و إنت عارف عدوي ممكن أعمل فيه إيه. يا هاتموتني يا أموتك.. وصلت ؟ فهمت كويس ؟!!!
كسا الوجوم وجه “سالم” من بداية وعيد إبنه لآخره، لم يأتِ بحركة أو كلمة، و كأنه قد حُنط على هذا الوضع و الشكل
بينما ضاق صدر “رزق” سريعًا، فإندفع باللحظة التالية مغادرًا الشقة كلها للأعلى و هو يسب و يلعن حياته كلها، و حقيقة أنه إبنًا لهذا الرجل الفظيع، المجرم.. الجزار ككُنيته الحقيقية …
-اتأخرت ليه يا رزق ؟ .. إستقبلته “ليلة” بالهتاف الملتهف
فور بلوغه عتبة باب الشقة، كانت تنتظره بالقرب، و لا يدري كيف إلتقيا و قفزت على حضنه، ضمّا بعضهما بقوة و غمغمت “ليلة” لاصقة خدها بعنقه :
-قلقتني عليك !
-كنت بطمن على سلمى ..
جاوبها بفتورٍ يناقض مزاجيته السوداء، و ما لبث أن استطلع أمر شقيقته :
-نور فينها ؟ عاملة إيه دلوقتي ؟؟
تباعدا قليلًا و طمأنته :
-كويسة ماتخافش
-هي فين ؟
إبتسمت “ليلة” و هي تتذكر :
-نور دي زي الأطفال. بريئة و رقيقة أوي.. في الأول لما طلعنا قعدت تعيط. بس هديت لما حضنتها و فضلت أتكلم معاها شوية لحد ما نامت مني.. دخلتها الأوضة التانية
-يعني هي نايمة دلوقتي ؟
-أيوة يا حبيبي نايمة و زي الفل.. ماسبتهاش تنام زعلانة أطمن
زفر “رزق” بارتياحٍ و قال بامتنانٍ :
-شكرًا يا ليلة
-على إيه يا نن عين ليلة ؟ .. سألته و تمرر أصابعها في شعره الأشقر
-إنك اهتميتي بيها. كان لازم الأول أشوف سلمى قبل ما أجي لها
هزت رأسها مبتسمة :
-أنا ماعملتش حاجة يا رزق. نور أختك و تهمك.. يبقى طبيعي تهمني أنا كمان. أي حاجة تخصك تخصني. عيب تقول كده. إحنا مش بقينا واحد ؟
-طبعًا ! .. و همس و جذب رأسها ليقبلها على فمها بعمقٍ
و كأنها ترياق أحزانه و شفائه
-ربنا يخليكي ليا …
غمغم من بين قبلاته، لتفاجئه بقولها بعد لحظة بصوتها اللاهث :
-أنا عايزة أجيب منك ولد يا رزق !
جمد لجزء من الثانية، و رفع وجهه المحمّر إنفعالًا لينظر لها بذهولٍ …
-عايزة ولد. مني ؟ إشمعنا ولد يا ليلة ؟!
رفعت كتفيها قائلة :
-أهو كده.. نفسي أخلف منك ولد. ساعدني في ده من فضلك !
و عضت على شفتها السفلى في بادرة تنم عن شبقٍ مستعر
تكوّنت إبتسامة تلقائية على شفتيه، و قد نجحت في إلهائه و تحريف مسار أفكاره بثانية، ليقول و هو يضع يدًا خلف ركبتيها و أخرى أسفل خاصرتها :
-بس كده ؟ أنا تحت أمرك !
و من ثم مرجحها بحركة قوية صغيرة ليسقطها بين ذراعيه، و في طرفة عين كان يحملها بخفةٍ و يمضي بها تجاه غرفتهما و هما يتبادلان القبل برومانسية، كأنهما طيور الحب
على هذا المنوال استأنفا الليلة أحداث شهر العسل ! ……………………………………………………………………………………………………………….. !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يتبع ….
- لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية سمال الحب)