رواية أسرار عائلتي الفصل التاسع عشر 19 بقلم أروى مراد
رواية أسرار عائلتي الفصل التاسع عشر 19 بقلم أروى مراد
رواية أسرار عائلتي البارت التاسع عشر
رواية أسرار عائلتي الجزء التاسع عشر
رواية أسرار عائلتي الحلقة التاسعة عشر
دخلت القصر بعد عودتها من منزل دينا وهي شاردة الذهن تفكر فيما قصته عليها قبل قليل ، وصلت إلى قاعة الجلوس فوجدت الجميع هناك تقريبا عدا والدها ورسلان وخالد .. ألقت عليهم التحية ثم جلست بجانب أمجد بهدوء ولم تمنع نفسها من إختطاف نظرة نحو يامن فوجدته ينظر إلى الفراغ بشرود .
قوست شفتيها بحزن وبعض الشفقة وهمست :
– أقوله ازاي أنا دلوقتي انها بتحب حد تاني ؟
إنتبه أمجد إليها فعقد حاجبيه بإستغراب وتساءل :
– كنتِ بتقولي حاجة ؟
نفت برأسها بصمت لكن تعابير وجهها الحزينة لم تفته ، وضع كفه على وجنتها متسائلا بإصرار :
– مالك يا بدور ؟ لو في حاجة مضايقاكِ ممكن تحكيلي !
أخفضت رأسها بضيق ثم رفعته وقالت بنبرة قريبة للبكاء :
– هو احنا ليه بنتجنب الي بيحبونا والي بنحبهم بيتجنبونا ؟ ليه ميبقاش الحب متبادل بين كل اتنين وميبقاش في طرف تالت بيفضل يتوجع من الحب ده ؟
إتسعت عيناه بدهشة من كلامها المفاجئ ودموعها التي أطلت لتتجمع في عينيها ، رمش بعينيه بعدم فهم ولم يعرف بما يجيب ، لكن دموعها التي أصبحت تنذر بالهبوط جعلته يجيب بمرح :
– ممكن لاننا ناس بتحب تهزق وتتهزق ؟
طالعته بتفكير وهي تزم شفتيها ثم أومأت موافقة :
– منطقي !
أتبعت كلمتها بتنهيدة ضيق فإستفسر أمجد بقلق :
– مقولتيليش مالك ؟ وايه الي خلى الكلام ده يجي لبالك أصلا ؟
– أنا كويسة متقلقش ، بس يامن ..
قطعت كلامها وهي تلقي نظرة سريعة عليه ثم تابعت :
– انت عارف طبعا هو بيحب دينا جارتنا ازاي .. مع اني مش عارفة عرفها منين ولا حبها امتى بس كلنا عارفين انه هيموت ويتجوزها .. بس النهاردة لما اتكلمت معاها وسألتها هي رفضته مرتين ليه قالتلي انها بتحب حد تاني ..
رفع أمجد حاجبيه بدهشة ثم نظر إلى يامن سريعا قبل أن يعود ببصره إلى بدور التي أردفت :
– وطلبت مني اعرف يامن بكده عشان يستسلم وميحاولش معاها تاني .. بس لما سألتها عن الشخص الي بتحبه قالتلي انه سابها من زمان ومسألش عنها خالص !
رفعت عينيها إلى أمجد عندما لم تجد منه ردة فعل فوجدته يتطلع إلى يامن بحزن .. عاد ينظر إليها لثوان حتى تمتم بتساؤل :
– لو كنتِ مكانها هتعملي ايه ؟
أجابت سريعا :
– كنت هختار الي بيحبني طبعا !
لكنها أخفضت رأسها مردفة :
– بس هي بتقول انها خايفة تظلمه معاها .
لوى شفتيه بتفكير ثم همس بقلة حيلة :
– معرفش المفروض نعمل ايه لاني مش خبير في المواضيع دي ، بس اعتقد ان الاحسن انك تتكلمي مع يامن وهو لو بجد متمسك بيها وبيحبها هيتصرف .
أومأت برأسها بصمت ثم شردت قليلا قبل أن تلاحظ دخول والدها بوجه يعتليه الضيق .. وقفت بنية الحديث إليه لكنها وجدته يتجاهل الجميع ويقترب من عبد الرحمان ويهمس له بشيء ما قبل أن يقف هذا الأخير ويتبعه نحو غرفة المكتب .
عقدت حاجبيها بإستغراب وترددت في الذهاب خلفه لكنها تراجعت أخيرا وجلست مكانها محاولة كتم فضولها لمعرفة ما يشغل بال والدها .
دخل الإثنان غرفة المكتب بهدوء لكنهما تفاجآ بخالد مستلقيا على الأريكة ويضع سماعات أذن ويبدو منشغلا في عالم آخر .. إنتبه إليهما فإعتدل في جلسته ونزع السماعات قائلا وهو يرى الضيق على وجه عمه :
– انت كويس يا عمي ؟
جلس عبد الرحمان خلف المكتب وجلس أكرم بمقابلته دون أن يجيب .. رفع خالد أحد حاجبيه بإستغراب وهم بتكرار سؤاله لكنه سكت وهو يستمع إلى عمه الذي تحدث فجأة :
– رسلان ..
نطق بذلك ثم سكت ثانية فتساءل عبد الرحمان بقلق :
– ماله ؟
– عايز يتجوز بدور !
رفع بصره إليهما بعد إلقائه الخبر باحثا عن أي أثر للصدمة لكنه تفاجأ بخالد يعود للإستلقاء على الأريكة وهو يزفر براحة :
– أخيرا !
حملق أكرم به بتعجب ثم صاح بنفاذ صبر :
– أخيرا ايه ؟ بقولك رسلان عايز يتجوز بدور ! لا وكمان بيقولي انه عايزها هي ومش هيتجوز غيرها !
رفع عبد الرحمان كتفيه ببرود مستفز وقال :
– وايه الجديد ؟
حول أكرم بصره إلى والده وهتف بغيظ :
– بابا ! انت متأكد انك سامعني كويس ؟
– ايوة .. قلت ان رسلان عايز بدور ومش عايز يتجوز غيرها ، واحنا كلنا عارفين ده !
رمش أكرم بعينيه بسرعة بعدم إستيعاب ثم ضيق عينيه متسائلا بشك :
– عارفين ؟ ومن امتى ؟
أجابه خالد بدلا عنه :
– ايوة عارفين وكلنا لاحظنا تقريبا النظرات الي بينهم حتى انت ، بس انت مكنتش عايز تقتنع انها كانت نظرات إعجاب ..
قوس أكرم شفتيه بإعتراض بينما أردف خالد بإستغراب :
– بس أنا مش فاهم ، انت معترض على الفكرة دي ليه ؟
– لأنهم أخوات !
صرخ بها وهو يكاد يجن من برودهم ، لكن عبد الرحمان أجابه بنفس هدوئه السابق :
– انت بتكدب علينا والا على نفسك يا أكرم ؟ كلنا عارفين انهم مش أخوات وممكن يتجوزوا عادي !
أخفض أكرم رأسه بضيق ثم رفعه ثانية وتمتم :
– بس …
إعتدل خالد في جلسته وتحدث بهدوء مقاطعا إياه :
– بس ايه يا عمي ؟ أنا مش فاهم برضه انت معترض على جوازهم ليه وأنا وانت متأكدين ان بدور هتوافق عليه ؟ والا انت مش عايزهم يفرحوا ؟
نفى الآخر برأسه سريعا وقال :
– لا طبعا بس .. مش عارف ليه الفكرة مش عايزة تدخل دماغي ! وبعدين الناس هتقول ايه وهما فاكرين ان رسلان ابني و …
قاطعه خالد ثانية :
– واحنا مالنا ومال الناس ؟ وانت من امتى بيهمك كلامهم أصلا ؟
إلتزم أكرم الصمت ولم يجب فتنهد الثاني وتابع :
– فكر كويس يا عمي ! انت أكيد متفاجئ ان رسلان خد خطوة زي دي وانت فاكر انه مش هيحب خالص !
ظل الضيق يغلف وجه أكرم فإبتسم عبد الرحمان ووقف من مكانه متجها إلى إبنه ووضع يده على كتفه قائلا :
– انت بتغير على بدور من رسلان صح ؟
إتسعت عينا خالد بدهشة وقد فهم أخيرا سبب إعتراض عمه على طلب رسلان خاصة وأنه لم ينكر ذلك .. جلس عبد الرحمان على الكرسي المقابل لإبنه وأردف بإبتسامة باطنها ساخر :
– دي سنة الحياة يابني ولو متجوزتش رسلان هتتجوز حد تاني وانت مش هتفضل ترفض العرسان طول عمرها !
أخفض أكرم رأسه وتمتم بإنزعاج :
– بس أنا لسه شايفها يا بابا وعايزها تفضل معايا مدة أطول !
– وهي هتروح فين يعني ؟ ماهي هتفضل هنا جنبك ومش هيفرق اتجوزت او لا !
أومأ خالد مؤكدا وأردف :
– بس لو اتجوزت حد تاني ممكن ياخدها بعيد عنك ومتشوفهاش إلا كل شهر مثلا ، ده غير ان رسلان ابنك والمفروض تفكر فيه برضه وتوافق انه يتجوز البنت الي بيحبها .
زفر أكرم بقلة حيلة وهمس بإستسلام وإبتسامة متكلفة :
– طيب .. بس الأهم بدور توافق !
أومأ عبد الرحمان بتفهم ثم إستند بمرفقيه على ركبتيه وشبك كفيه تحت ذقنه متمتما :
– دلوقتي ياسين اتجوز ، ورسلان كمان هيتجوز .. وانت ناوي تاخد الخطوة دي امتى ؟
ختم كلامه ملتفتا إلى خالد فرفع الأخير حاجبه وتساءل مدعيا الغباء :
– انهي خطوة ؟
– الجواز .
زفر خالد بملل وتمتم :
– مش عايز اتجوز دلوقتي ، انا مرتاح كده !
لوى عبد الرحمان شفتيه بعدم رضا وقال :
– امال هتتجوز امتى ؟ انت عارف ابوك اتجوز وهو عنده كام سنة ؟
قلب خالد عينيه مجيبا :
– اتجوز وهو عنده اتنين وعشرين سنة ، عارف وقولتلي كده أكتر من ألف مرة وأنا قولتلك ألف مرة اني ملقيتش البنت الي تناسبني زي بابا ولحد ما الاقيها هفضل عازب !
تمتم عبد الرحمان بعدم إهتمام وهو يشيح بوجهه بعيدا عنه :
– على كده انت مش هتتجوز خالص !
قال ذلك قبل أن يشرد قليلا ثم يهمس بنبرة منخفضة وإبتسامة ماكرة :
– بس أنا هجيبلك البنت دي قدامك وهخليك تجي تقولي انك عايزها في شهر واحد ، بس هي انهي وحدة من البنات ؟
شرد في أفكاره ثانية دون أن ينتبه إلى خالد الذي غادر غرفة المكتب أو إلى أكرم الذي كان يحدق به بإستغراب .. هم هذا الأخير بالحديث لكنه تفاجأ بوالده يصرخ فجأة وكأنه عثر على شيء مهم :
– رحمة !
…
كانت لا تزال تجلس بقاعة الجلوس مستندة بخدها على كتف أمجد تحاول قمع فضولها وعدم الذهاب وإستراق السمع إلى الحديث الذي يدور بين والدها وجدها .. رفعت رأسها إلى أمجد الذي كان شاردا في شيء ما فتساءلت دون أن تبعد رأسها عن كتفه :
– مالك يا أمجد ؟
إنتظرت منه ردا لكنه لم يجبها ولم ينتبه إليها من الأساس فإعتدلت في جلستها ووكزته من جنبه بخفة .. أفاق من شروده حين إنتبه إليها أخيرا وقبل أن ينطق بحرف كانت بدور تغمز له قائلة ببسمة خبيثة :
– بتفكر فيها صح ؟
تساءل بعدم فهم :
– هي مين ؟
– ملاك ! هتكون مين يعني ؟
إبتسم بقلة حيلة وقال وهو يدفع وجهها بعيدا عنه بمزاح :
– انتِ مش هتفكيني بقى ! والا فاكرة اني مش بفكر في اي حاجة غير ملاك ؟
أومأت بتأكيد وتساءلت :
– ايوة ، مش انت بتحبها ؟
رفع كتفيه متمتما بحيرة :
– لسه مش عارف بصراحة !
– طب ماتفكر في كلامي وتروح تخطبها ؟ أنا متأكدة انك معجب بيها على الأقل !
أخفض أمجد رأسه وهمس بقلق :
– ولو رفضتني ؟
رفعت بدور كتفيها بلا مبالاة قائلة :
– مش هستبعد انها ممكن ترفضك بس لو محاولتش ممكن تخسرها وياخدها منك حد تاني .
لوى شفتيه بضيق وإعتراض واضح على تلك الفكرة لكنه لم يعلق .. تنهدت بدور بتعب ويأس منه فإلتزمت الصمت هي الأخرى وعادت تسند رأسها على كتفه ثانية .
جالت بنظرها على إخوتها وعميها وأبنائهم الجالسين بصمت وهدوء أفسده همسات ياسين لعائشة القابعة جواره والتي كانت تخفض نظرها إلى الأرض بخجل واضح .
إبتسمت بدور بإستمتاع وهي تراقب محاولات ياسين الفاشلة في مداعبة شعرها ، فهو وعلى الرغم من الجرأة التي يظهرها أمام عائشة وأمام الجميع ، إلا أنه يخفي في باطنه خجلا يجاهد على عدم إظهاره .
ضحكت بدور بخفة وتابعت مراقبة حركاته لبعض الوقت حتى إستمعت إلى صوت خطوات تقترب منهم فرفعت رأسها ليقع نظرها عليه وهو يسير نحوها بملامحه الباردة .
إعتدلت في جلستها فورا وإبتسمت له كعادتها كلما رأته لكنه أخفض رأسه وتظاهر بأنه يفرك شعره بينما كان يحاول أن يمنع إبتسامته من الظهور .. رفع رأسه عندما وصل إليها لكنه لم يستطع الحفاظ على البرود الذي كان يغلف ملامحه فور مجيئه وبدا من الواضح أنه يجاهد على عدم الإبتسام .
حدقت به بدور بإستغراب وإنتظرت منه أن يخاطبها بسبب وقوفه قربها لكنها وجدته يجلس بالمساحة الشاغرة بجوارها بصمت .. إبتلعت ريقها وهي تشعر بحرارة تسري في داخلها جراء قربه منها ، هذا غير دقات قلبها التي تسارعت وبدا وكأن صوتها مسموع للجميع .
مرت بضع دقائق بطيئة وهي تجلس بمكانها وتنظر إلى حجرها بتوتر لاحظه أمجد فتساءل بقلق :
– بدور ؟ انتِ كويسة ؟
أومأت له محاولة العودة إلى هدوئها ، لكن رسلان لم يسمح لها بذلك عندما قرب وجهه من أذنها وهمس لها بعد تأكده من إنشغال أمجد بالحديث مع إخوته :
– عايزة مني ايه ؟
عقدت حاجبيها بعدم فهم وأنفاسها بدأت تتسارع بسبب حرارة أنفاسه على أذنها ، لكنها فهمت مقصده عندما رفع يده أمامها وبها القصاصة التي وضعتها تحت باب غرفته ليلة الأمس .. إبتسمت بغباء ونظرت إليه فأردف بنظرة غريبة :
– ليه مصرة تخليني اضحك ؟ ضحكتي تهمك في ايه ؟
دارت علامات الإستفهام حول رأسها محاولة التفكير في إجابة مقنعة لسؤاله لكنها لم تجد .. لأنها وببساطة هي نفسها لا تعلم لم تجاهد لرؤيته يبتسم !
هزت كتفيها بجهل فتنهد وهو يبتعد عنها قليلا ونظر إلى الأمام بصمت لثوان معدودة قبل أن يكمل بهدوء :
– ضحكتي هتشوفيها في حالة وحدة !
لمعت عيناها بلهفة فأردف وهو يلتفت إليها بنظرة بدت لها .. نظرة حب :
– لو وافقتِ !
دق قلبها لنظرته تلك ولكنها عقدت حاجبيها بإستغراب من جملته وتساءلت بسرعة :
– على ايه ؟
أجاب وهو ينظر إلى مكان ما :
– هتعرفي دلوقتي .
إلتفتت إلى المكان الذي ينظر إليه فوجدت والدها يقترب منها وملامح الضيق لم تمحى من وجهه بعد .. وقف أمامها وألقى نظرة سريعة على رسلان قبل أن يعود ببصره إليها ويقول :
– تعالي معايا !
وقفت بإستغراب لكنها أومأت بطاعة :
– حاضر .
هم بالتوجه إلى الأعلى وتحديدا نحو غرفتها لكنه توقف كما توقفت هي عندما إستمع الجميع إلى صوت مألوف لهم يقول :
– مساء الخير !
زفرت بدور بغيظ وإلتفتت لتقابل عيناها تلك المزعجة التي رمقتها بدورها ببرود .. إبتسم لها أكرم عند رؤيتها وهتف :
– ازيك يا مريم ، بقالك فترة مجيتيش !
تقدمت مريم لتقف قرب رسلان وهي تجيب :
– معلش بقى يا عمي انشغلت شوية .
همست بدور بصوت منخفض وهي تلوي شفتيها بقرف :
– يا ريت تبقي دايما مشغولة ومتجيش هنا خالص !
إستمع أكرم إلى همسها فوكز ذراعها بخفة وهتف بلوم :
– بدور ! مينفعش تقولي كده !
رفعت بدور كتفيها بلا مبالاة وأمسكت بكفه قائلة :
– يلا نروح .
لكنها توقفت مكانها وهي ترى مريم تتجاهلها وتجلس بجوار رسلان وتحديدا في المكان الذي كانت تجلس به هي .. أخرجت زفيرا مغتاظا ثم تركت يد والدها وإقتربت من مريم هاتفة بحدة :
– ده مكاني على فكرة !
رمقتها مريم ببرود ثم ألقت نظرة سريعة على الأريكة قبل أن تعود ببصرها إليها وقالت بنبرة ساخرة :
– بس أنا مش شايفة إسمك هنا .
إغتاظت بدور أكثر وصاحت بإصرار :
– بس أنا كنت قاعدة هنا وانتِ أكيد شفتيني وقعدتِ هنا بالذات عشان تغيظيني !
– بدور !
صرخ بها أكرم بنفاذ صبر فلوت بدور شفتيها بتذمر وهي ترى مريم تستند بظهرها على ظهر الأريكة وترمقها ببرود مستفز .. زفرت بضيق وقد قررت تجاهلها مؤقتا وعادت تمسك بيد والدها قائلة :
– طب يلا نروح بسرعة ، حاسة اني هتخنق لو فضلت هنا أكتر !
زفر أكرم بقلة حيلة وأخذها ليصعد بها إلى الأعلى متجها نحو غرفتها .. أقفل الباب عند دخولهم ثم جلس على سريرها فجلست بجانبه وتساءلت :
– كنت عايزني في ايه يا بابا ؟
نظر إليها قليلا بتفكير ثم تنهد قبل أن يتساءل هو متجاهلا سؤالها :
– ممكن اعرف انتِ مش طايقة مريم ليه ؟
قوست شفتيها بضيق لذكر سيرتها وتمتمت :
– لأنها مستفزة اوي ، وانت شوفت كانت بتتكلم معايا ازاي أول مرة جت فيها هنا !
– بصراحة ، انتِ الي استفزيتيها الأول مش هي !
عقدت حاجبيها بغيظ وصاحت :
– انت معايا والا معاها يا بابا ؟
رفع كتفيه قائلا :
– ولا وحدة ، بس كنت عايز اتأكد من حاجة .
– هي ايه ؟
لم يجبها وظل يرمقها بغموض لثوان قبل أن يلقي عليها ذلك الخبر :
– في عريس متقدملك .
رمشت بعينيها للحظات وتمتمت بعدم إستيعاب :
– عريس ؟
أومأ بتأكيد فإتسعت عيناها بفرحة وقفزت وهي تصرخ بصوت عال :
– احلف كده ؟ أنا متقدملي عريس ؟؟
طالعها بتعجب وأومأ متسائلا :
– آه .. مالك مبسوطة اوي كده حتى من قبل ما تعرفي هو مين ؟
إنتبهت لنفسها أخيرا فجلست مكانها ثانية وأخفضت رأسها بخجل متمتمة :
– آسفة ، أنا بس اتحمست شوية ..
رفع أحد حاجبيه بإستغراب فأردفت بإبتسامة شبه حزينة :
– مفيش حد اتقدملي قبل كده لدرجة ان ثقتي في نفسي بدات تقل عشان كده اتحمست دلوقتي !
رمش بعينيه بدهشة وتمتم :
– محدش اتقدملك ازاي ؟ ده انا لو كنت مكانهم كنت اتقدمت من غير ما افكر كتير لانك حلوة بشخصيتك وأخلاقك وقلبك وكل حاجة ..
إبتسمت بفرحة لمديح والدها لها بينما أردف بشك :
– حاسس ان في حاجة غلط .. مش عايز افكر كده بس انا متأكد ان خالك هو السبب .. مش مكفيه الي كان بيعمله فيكِ وعايز كمان يحرمك من الجواز ويخليكِ تعنسي جنبه !!
قال جملته الأخيرة بتفكير وغضب فإتسعت عيناها بصدمة وهمست :
– معقول يعمل فيا كده ؟!
إنتبه إلى دموعها التي بدأت تترقرق على وجنتيها فسحبها إلى أحضانه وأخذ يربت على ظهرها ويقول مهدئا إياها :
– خلاص يا حبيبتي ! انتِ دلوقتي جنبي ومعايا ومحدش هيقدر يعملك حاجة وحشة .
سكت قليلا ثم إبتسم وأردف :
– مش عايزة تعرفي مين العريس ؟
رفعت رأسها إليه بإنتباه ثم أومأت بفضول فقال بترقب :
– رسلان !
…
– نعمممم ؟!! عايز تتجوز المستفزة دي ؟
صرخت بها مريم فور معرفتها برغبة رسلان ، والذي رمقها بنظرة تحذيرية جعلتها تتحكم في أعصابها وتجلس متمتمة بغيظ :
– عايزة افهم انت مصر تتجوزها هي بالذات ليه ؟ من قلة البنات يعني ؟
زفر بملل وأجاب ببرود :
– لأنها دخلت دماغي .. ومش عايز غيرها !
رفعت أحد حاجبيها وتساءلت بشك :
– مش عايز غيرها ؟ يعني بتحبها ؟
رمقها بنظرة سريعة ثم أخفض بصره للأرض وتمتم :
– عايزها ..
– يعني بتحبها ؟
رددت بإصرار لكنه تجاهلها ولم يجب فتأكدت من شكوكها وتمتمت بتذمر :
– مش فاهمة برضه بتحبها على ايه ؟
واصل تجاهله لها فقوست شفتيها بغيظ وإلتزمت الصمت مرغمة .. ولم يمض وقت كثير قبل ملاحظتها لدخول خالد شقيق صديقتها وإقترابه من رسلان متجاهلا إياها هو الآخر وهو يقول بإبتسامة مستمتعة :
– بقى عايز تتجوز بدور ومقولتليش ؟
أشار له رسلان للجلوس على يساره بينما كانت مريم تجلس على يمينه وهو يقول :
– أنا برضه مكنتش عارف تصدق ؟
رفع خالد حاجبيه ورمقه بنظرة تجمع بين السخرية والإستغراب ، فأردف رسلان مفسرا :
– كنت متردد ، لأني متوقعتش اني ممكن افكر في الجواز خالص .. بس في حاجة خلتني اروح اكلم بابا بسرعة ومن غير تفكير لأول مرة ، ومش عارف عملت كده ليه .
إبتسم خالد بسعادة باطنية ثم غمز له بإستمتاع :
– حاجة إسمها الحب صح ؟
رمقه رسلان ببرود وتجاهله هو الآخر ، بينما زفرت مريم بغيظ وبطريقة جذبت إنتباه خالد فتساءل :
– مالك بتنفخي كده ليه ؟ انت معترضة على حبه ليها والا ايه ؟
رمقته بطرف عينها بضيق وقالت :
– ملكش دعوة !
أمسك رسلان بيدها وضغط عليها محذرا إياها من التمادي فأشاحت بوجهها بضيق وإلتزمت الصمت .. أما خالد ، فقد إستغرب ضيقها المبالغ فيه من الأمر لكنه لم يشغل باله بها كثيرا وأخرج هاتفه يلعب به قليلا لتمضية الوقت .
إنتبه بعد قليل إلى أكرم الذي دخل غرفة الجلوس لوحده بملامح لا يظهر عليها أي شيء .. وقف رسلان فور رؤيته وإقترب منه قائلا بلهفة حاول إخفاءها :
– قالت ايه ؟
لم يجب أكرم على سؤاله بل أشار إلى الخارج بيده وقال :
– تعالى نتكلم برا .
عقد رسلان حاجبيه بإستغراب لكنه أومأ موافقا وتبعه إلى الخارج .. جلس أكرم على أحد المقاعد ثم تنهد بتفكير قبل أن يرفع رأسه إلى الآخر وتساءل :
– ممكن اعرف ليه اخترت بدور بالذات من بين كل البنات ؟
سكت رسلان وهو يشيح بوجهه ويفرك شعره بحيرة ، ثم عاد ببصره إلى أكرم وقال :
– مش عارف !
رفع الآخر أحد حاجبيه بإستنكار ثم تساءل :
– يعني مش بتحبها ؟
أخفض رسلان رأسه إلى الأرض ولم يجب ، فتنهد أكرم متمتما :
– فهمت .. يعني مش هتتأثر لو قولتلك انها رفضت صح ؟
يتبع …
- لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أسرار عائلتي)