روايات

رواية أسرت قلبه الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم سولييه نصار

رواية أسرت قلبه الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم سولييه نصار

رواية أسرت قلبه البارت الثامن والأربعون

رواية أسرت قلبه الجزء الثامن والأربعون

أسرت قلبه
أسرت قلبه

رواية أسرت قلبه الحلقة الثامنة والأربعون

(الماضي بيننا)
أحاول النسيان….الغفران ربما ولكن الماضي يعود بقوة بيننا !
جاسم لنوران
……..
توسعت عينيها بدهشة وهي تنظر إليه ….الصدمة جمدتها تماماً فلم تستطع حتى أن تتكلم …..كان يقف ينتظر أن ترد ..لا يفهم غباؤه …أنه يدمر كل شئ بإدخال طرف ثالث …طرف هو لا يحبه…ولن يحبه …
حك جبينه وهو يرى الصدمة مرتسمة على وجهها ولكنه لم يكرر طلبه بل قال وكأنه انتظر فرصة أن يتراجع …
-أنا اسف يا آنسة …
ثم تركها وغادر من أمامها وهو يشعر بالضيق من نفسه أن مشكلة مع نوران جعلته يفقد عقله بتلك الطريقة…..
..
بعد أن ذهب وضعت هي كفها على قلبها وهي تلهث بقوة بينما دقات قلبها تجاوزت الجنون …ماذا قال …هل أخبرها أنه يريد الزواج بها …هل أعطاها للتو امل لها …لم تظن حتى في أحلامها هذا …ما الذي تغير لقد اهانها اخر مرة …حطم قلبها …ظلت ليومين تبكي دون توقف …والدتها قلبها أوجعها بسببها وهي تحاول أن تفهم منها ما حدث ولكنها لم تخبر أحد….كانت تشعر بالعار لأنها اعترفت له وقللت من نفسها والنتيجة كانت كلماته التي مزقت قلبها …ولكن الآن هو من طلب منها هذا ..هو من يريد أن يتقرب منها !! ..
……
ولج لغرفة تبديل الملابس وجلس على الأريكة بوجه متجهم …لا يعرف كيف فعل هذا ….كيف سيواجهها بعد اليوم …كيف سينظر إليها …يتمنى أن تنسى السخافات التي قالها والا تتطرق لهذا الموضوع مرة ثانية
-آه !!
قالها بتعب وهو يضع كفيه على وجهه…كيف يكون بهذا الغباء ….
ولج مروان للغرفة وهو ينظر إليه بحيرة ويقول ؛
-مالك شايل طاجن ستك كده يا بني …فيه حاجة حصلت …
هز جاسم رأسه ونهض وهو يتجه نحو عمله بينما يحاول نسيان الحماقة التي ارتكبها !
……
كانت جالسة على الأرضية ترتجف بقوة …. الدموع تنهمر من عينيها…بينما تضم جسدها إليها …منذ ما حدث بالأمس وهو أحال حياتها جحيم ….وضعت رأسها على ساقيها ودموعها تنهمر بقوة ما عاشته بالأمس كان الجحيم رغم جمال بداياته وكأن كُتب عليها الأ تكتمل اي سعادة لها ….
مسحت دموعها وهي تتذكر ما حدث بالأمس …
.. ……
وضعت طعام العشاء على الطاولة ثم كادت أن تهرب لغرفتها كالمعتاد إلا أنه قال:
-نوران لو سمحتي استني….
توقفت متجمدة مكانها بينما قلبها ينبض بعنف شديد …هل سيحدثها عما حدث بينهما تلك الليلة..هل تذكر …هل سوف يلومها يجرحها مرة الآخرى …كان الخوف والرعب يتصاعدان داخلها …أطرقت برأسها وهي تستدير نحوه …رفعت عينيها وولم تستطع النظر إليه لثلاث ثواني بل اشاحت بوجهها عنه واللون الأحمر يزحف على بشرتها …فركت كفيها بتوتر وهي تهمس :
-نعم …
عبس وهو لا يفهم نفسه …لماذا أوقفها …كل ما يعرفه أنه أراد رؤيتها فهي بعد تلك الليلة تتجنبه بإصرار …هي تظن أنه لا يتذكر ولكن المعضلة أن ما حدث لا يفارق عقله يوماً …. وكأن غضبه …اشمئزازه منها اختفى وظلت تلك الذكريات تعذبه …ذلك الإشتياق يغزوه أكثر فأكثر …
ارتبكت نوران وهي ترى نظراته المثبتة عليها وقالت بصوت مرتجف:
-فيه حاجة يا جاسم ….
-ايه رايك تشتري هدوم ….
كان أول ما قاله لينقذ ماء وجهه …
رفعت حاجبيها بدهشة ليقول مبرراً…
-أنا شايف انك مشترتيش ليكي اي حاجة ….يعني لا هدوم ولا مستلزمات شخصية …أنا حقيقي معرفش في الحاجات دي كتير …لو حابة نطلع سوا ونجيبلك اللي عايزاه …
كانت دهشتها تزداد وهي تنظر إليه …لا تصدق ..ولكن عرض كهذا كان اكثر اغراءاً من أن ترفضه لذلك وجدت نفسها تهز رأسها بهدوء وتقول :
-رايحة اغير هدومي …
….. .
في احد متاجر الملابس الراقية ….
كانت نوران تقف أمام احد الفساتين الجميلة للغاية …كان فستان محتشم واسع باللون الرمادي ليس مبالغ في زينته ولكن سره اناقته كان بساطته …كان جاسم يقف وهو يراقبها بينما تتأمل هذا الفستان بهيام…
اقترب منها وهمس:
-عجبك….
هزت رأسها دون وعي…ثم نظرت إليه وقد احمر وجهها قليلا وهمست :
+-لو مش عاجبك مش هنجيبه ….
-وانا مالي أنا اللي هلبسه….لو عاجبك نجيبه مش مشكلة. …
ابتسم له ثم نظرت مرة آخرى للفستان …امسكت الورقة الملحقة به والتي مدون عليها سعره لتنصدم وهي ترى السعر ….
-ده غالي اوووي ….
همست بصدمة ليرد ببساطة :
-متقلقيش أنا اللي هدفع مش انتِ
نظرت إليه وهي تشعر بثقل على صدرها …هي لا تستحق تلك المعاملة منه….لا تستحق ابداً…
-نوران انتِ هنا ؟!
قالتها مايسة وهي تعطيها ابتسامة باردة ….
ارتجفت نوران وهي ترى مايسة أمامها …احدى الفتيات التي كانت تحاول جذب انتباه عادل وقد تشاجرت معها مرة بسببه…احتشد العرق على جبينها رغم وجودها في المتجر المكيف وشعرت ان العالم يضيق بها …..
-مايسة بتعملي ايه هنا ؟!
-بصيف في الغردقة …
قالتها وهي تبتسم بخبث وقالت ؛
-سمعت أنك اتجوزتي….
نظرت الى جاسم ولم تخفى نظرات إعجابها وقالت :
-هو ده جوزك.بقا….
اضافت بخبث وبنبرة انتقامية :
-احلى من عادل اللي كنتِ ماسكة فيه في الكلية ده وهتموتي عليه…
ارتجف جسدها بقوة وتوسعت عينيها وهي تنظر إلى جاسم الذي تجهم وجهه وهو يرمقها بنظرات تارية…قبض على ذراعها فجأة وهو يقول :
-يالا هنمشي…..
ثم سحبها خلفه الى السيارة بينما هي تبكي ومن السيارة الى المنزل. .
…..
بعد ان وصلا الى المنزل دفعها بقوة نحو غرفتها ثم أغلق الباب عليها …كان في تلك اللحظة مختلف …ليس بعقله …يخاف ان يؤذيها ….كانت نوران تقف على الباب وهي تسمعه يصرخ بقهر …كان يحطم أشياء بالخارج بينما هي تنتفض بالداخل وتضع كفها على فمها وتبكي ….
فجأة انتفضت بقوة اخبر عندما اقترب من الباب وضرب الباب بعنف وهو يقول :
-أنا هحرق قلبك زي ما حرقتي قلبي يا نوران.!!
….
عادت من شرودها وهي تبكي بعنف …لقد انتهت ….جاسم لن ينسى أبداً..عليها فقط ان تدعو ان تمر تلك الأيام على خير حتي يطلقها !!
……..
كالعادة جلس على المقعد بمقهى المشفى بتناول قهوته وهو يفكر بما فعله…كانت حماقة ان يطلب منها الزواج ليعاقب نوران …كيف يتصرف بتلك الطريقة ..ولكنه مقهور…داخله نيران لا تهدأ …لقد فكر…فكر بغباء ان يسامحها بعد ما الندم الذي اظهرته ولكن الماضي يقف بينهما كشبح …هو عاجز عن الغفران لها …حتى لو أراد هذا !!!
رفع عينيه فجأة وهو يرى حورية …من كان يتجنبها بإصرار طوال اليوم ….كانت تنظر إليه بنظرات غريبة لم يفهمها او يستوعبها ….
-أنت عايز تتجوزني ؟!
قالتها بصدمة …منذ أخبرها بهذا وهو بدت انها بعالم آخر وكأن احد احلامها يتحقق الآن ….
قبض على كفه وكاد ان يصرخ بها ولكن الإنتقام سلاح الشيطان فقد بدا مغري للغاية أن يحطم قلب من حطمت قلبه لذلك هز رأسه بهدوء وقال :
-أيوة …
-طيب…طيب مراتك موافقة ؟!
نظر إليها بهدوء وقال:
-أنا هطلقها !!!
……..
-لا لا أنتِ بتعملي ايه ؟!
قالها أمير وهو يرى سما تنحني لتزيل السجاد …..
رمشت وهي تنظر إليه بضيق …لقد ظنت انه ذهب لعمله …منذ ان علم انها حامل وهو لا يدعها تفعل أي شئ ….حتى الطعام اصبح يجلبه من الخارج من احد المطاعم المضمونة والتي تصنع طعام منزلي …حتى عمر لا يجعله يجهدها بل يجلس معها طوال الوقت حتى اتصل به شريكه ليأتي للعمل …و اليوم كان سيذهب لعمله فشكرت ربها انها سوف تنهي عمل المنزل دون تدخل منه ولكنه ها هو موجود امامها ….
ربعت ذراعيها وقالت:
-هكون بعمل ايه يعني …بشيل السجاد عشان انظف البيت …..
-لا متعمليش كده!
قالها بضيق فردت :
-يعني عايزنا نعفن يا أمير …بطل افورة أنا كويسة ….بس لازم انضف مينفعش كده…
اقترب منها وحملها بسهولة الى غرفتهما …
-امير نزلني بقولك …
قالتها وهي تحاول التملص منه الا انه لم يتركها حتى يصل للفراش ووضعها عليه ثم جعلها.تتسطح براحة وقال :
-سيبي شغل البيت عليا
قرص وجنتها وقال :
-انا بنفسي هنضف ….
ضحكت وقالت:
-وشغلك …
-هكلم حسان متقلقيش المهم انتِ ترتاحي مش عايزك تبذلي أي مجهود…النهاردة هودي عمر لبيت اهلي عشان نروح للدكتورة عشان تتابعي معاها ….
ابتسمت له وقالت بمشاغبة :،
-يعني انت اللي هترتب البيت النهاردة ؟!
هز رأسه دون خجل وقال :
-ايوة وانا كمان اللي هعمل الأكل واهتم بعمر …المهم انتِ ارتاحي ومتتعييش نفسك خالص …..
-أمير انت مأفور اووي أنا والله مش حاسة بتعب ….
-يا ستي حد يلاقي راحة وميرتاحش …انتِ بجد بنت بومة ….
توسعت عينيها بدهشة وهي تردد بينما تشير لنفسها :
-أنا بومة يا أمير؟
ابتسم وهو يغازلها ويقول :
-أجمل بومة في حياتي كلها …
ثم قبل عينيها وأكمل :
-أنا بحبك يا سما …
ظهر عدم التأكد بعينيها للحظات …لقد اخبرها بهذا عدة مرات ورغم انه بدا صادقاً للغاية فوساوس الشيطان لا تتركها وشأنها ….يهمس لها الشيطان بخبث انه لا يحبها وان كل هذا تمثيل منه …يعكر صفو سعادتها فتجد نفسها تختنق بفعل التفكير ..
كان أمير ينظر إليها بصبر وهو يقول بينما ينقر على أنفها ويقول :
-بتفكري ايه يا اخرة صبري …والله بخاف لما تسكتي وتفكري بالشكل ده …بعرف أنك ناوية تنكدي عليا .. بقيتي عاملالي رعب يا سما …عملتيلي تروما !
لم تبتسم على مزحته بل قالت بلهفة بينما الدموع على أعتاب عينيها :
_أنت بجد بتحبني يا أمير …يعني مبتقولش كده عشان أنا حامل ومش عايز تزعلني…
رفع حاجبيه وهو ينظر إليها وقال:
-انا قولتها ألف مرة قبل ما اعرف أنك حامل وقبل ما تحملي أصلا فليه بتقولي كده …انتِ لسه شاكة في حبي ليكي يا سما معقولة …
أطرقت برأسها وهي تقول :
-صعب اصدق بالسهولة دي بعد كل اللي حصل أنا …
وضع كفه على فمها وهو ينظر إليها بضيق شديد …ماذا يفعل لكي تقتنع….حبيبته الغبية التي تختار بنفسها أن تعكر صفو سعادتها…لا تريد التصديق انه أخيرا وقع بحبها ….
-قولتلك بحبك…بحبك يا ستي …اطلع واصرخ في الشارع اني بحبك ..والله لو عايزة كده هعملها…حبيتك امتى مش عارف …الحب غريب بيجي فجأة ….لقيت نفسي بفكر فيكي دايماً…مهما أعمل مش بتطلعي من بالي…لقيت نفسي بغير من ا أي حد يقرب منك ….وانا متعاودتش اقاوم حرب أنا خسران فيها فاستسلمت ..وحبك هو اللي انتصر وكانت أجمل هزيمة أنا عشتها
ابتسمت أخيرا له والدموع تنهمر من عينيها ليبتسم لها وهو يمسح دموعها ثم انحنى وقبلها على عينيها وقال :
-ايه رأيك بعد ما ارتب البيت اعملك النجرسكو اللي بتحبيها …
-انت بتعرف تعمل نجرسكو؟!
قالتها وهي ترفع حاجبيها ليرد:
-عادي هاخد طريقتها من اليوتيوب.
.وكله عشان خاطر الهانم بتاعتنا …ارتاحي دلوقتي وانا هخلص وأعملك النجرسكو ماشي …
ابتسمت وهي ترد عليه بينما تلمس خده ..أمسك كفها وقبله ثم تركها وخرج من الغرفة لتبتسم بسعادة وهي تربت على بطنها المسطح …
…………..
-يا يوسف لاحظ ان احنا الاتنين مصابين في رجلينا بسبب لطيف المجنون لما ضربنا بالنار يعني الجري والتنطيط ده غلط …بعدين الحاجات دي متنفعش لواحد في سني…
قالها منير وهو يلعب بالكرة مع يوسف ومحمد ابن ماجدة ….كانا الاثنين يسيران ببطء بسبب قدميهما …صحيح انهما تعافا قليلا ولكن ما زالا يتألمان ….
-يالا يا راجل يا عجوز..العب عدل مش عيل صغير هيهزمنا….
قالها يوسف وهو يضحك بينما يرى محمد يركض بالكرة وهو يضحك …كانت ماجدة تجلس بعيد قليلاً أسفل الشجرة وهي تضحك عليهما ….كان الآن يبدو كل شئ بخير …لقد عرفت من الشرطة أن لطيف قد تم قتله هو وجميع أفراد العصابة …موتهم لغز حتى اليوم …البعض يشك أن هناك رجل اكبر وراء تلك الجريمة البشعة …بشعة هي كلمة قليلة تصف طريقة موت لطيف وباقي أفراد المافيا ….لقد تم إحراقهم أحياء ؟!من فعل هذا بالتأكيد هو أكثر شخص مختل في الحياة …مراد خاف على حياتهم لهذا قام بتعيين حراسة لهما يرافقانهما في كل مكان ….نظرت ماجدة إلى الاثنين الذين يفقان بعيداً عنهما قليلاً…يبدوان متأهبان لأي حركة قد تصدر ….

………
-رجلي مش قادر منها ..
قالها منير وهو يجلس على العشب الاخضر كان يتنفس بقوة ….بينما دقات قلبه سريعة بفعل المجهود الذي بذله …ابتسم يوسف وهو يراه وقال:
-فعلا راجل عجوز …يا خسارة فلوس الجيم اللي بندفعها …
أشاح منير بكفه وهو يتسطح على العشب بينما يلهث بقوة
ابتسم يوسف وهز رأسه ثم اقترب من محمد وأمسكه ..رفعه للأعلى وهو يقول :
-أنت يا عفريت تهزمنا…
ثم أخذ يرفع لأعلى ويتلقفه بينما الصغير يضحك بقوة …كان يوسف أيضا يضحك بعمق وهو يشعر بسعادة نادرة ..
….
بعد قليل ….
ترك يوسف محمد يلعب مع منير قليلا واقترب من زوجته وعلى وجهه ابتسامة رائعة …أمسكت ماجدة الشطيرة وهي تقدمها له وتقول :
-هعمل واحد لمنير كمان …
تناول الشطيرة شاكرا وهو يقول :
-تسلمي يا حبيبي ….
ثم بدأ يأكلها بهدوء وهو ينظر لمحمد ويبتسم ….
-مش مصدقة أن كل حاجة اتحلت يا يوسف …حاسة اني بحلم …
قالتها ماجدة وهي تنظر لطفلها الذي يلعب مع منير ليبتسم يوسف ويقول:
-لا صدقي يا ماجدة …كل حاجة الحمدلله بقت بخير …أنتِ كويسة وانا كمان ابننا معانا وانقذنا. منير …كل حاجة كويسة متقلقيش ….
ابتسمت هي بقلق فقال وهو يلمس وجنتها :
-مالك يا حبيبي قلقانة ليه ؟!
-الناس اللي قتلت لطيف قلقاني يا يوسف …سمعت من مراد أنه شخص واحد وخطير بس محدش لا عارف اسمه ولا شكله …الشخص ده ممكن يأذينا ….
-لو كان عايز كان عمل كده كان عمل من زمان لكن هو معملش حاجة لحد دلوقتي فمفيش.داعي تخافي …وحتى لو فكر يقرب مننا أنا مش هحله …مستحيل اخلي اي حد يلمسكم طول ما انا عايش….
توسعت ابتسامتها وهي تلمس وجنته وتقول بهيام ؛
-أنا متأكدة من ده…انت حافظت على وعودك يا يوسف …حميتني أنا وابني …خاطرت بحياتك عشان خاطر صاحبك…انت مفيش منك يا يوسف ….
ابتسم لها وقال:
-أنتوا حياتي …ايه فايدة اني اعيش حياة انتوا مش فيها وهعمل كده دايما مش هسمح لأي حد يقرب منكم اتأكدي من ده …ومتقلقيش …عايزك دايما الابتسامة على وشك ماشي …
-بحاول مقلقش والله …بس زي ما تقول كده من اعتاد القلق بقا ….
هز رأسه وقال ؛
-لا متخافيش طول ما أنا معاكي تمام….
ابتسمت له وهي تفكر ان عوض الله مُذهل …

من بعيد كان يقف رجل متشح باللون الأسود …يحمل هرة باللون الأسود …عينيها رمادي…تشبه هرته الأولى تماماً…عينيه الرمادية تبرق وعلى شفتيه ابتسامة واسعة ابرزت الندبة التي بوجنته وقال :
-خسارة يا جو…واحد بذكاءك مش مكانه مع ست وطفل…مكانه كان مفروض جنبي…أنا بحب جدا الرجالة الأذكياء …بس انت بغباء اختارت الحب ودي الحاجة السلبية الوحيدة اللي فيك…كان مفروض اقتلك بس هسيب ده للحب عشان اللي ميقتلوش الرصاص هيقتله الحب أكيد ….
ثم رفع هرته وهو يقول بلطف :
-صحيح يا ميا مش كده….
اصدرت القطة صوتاً ليقربها منه وهو يقبلها بلطف ويقول :
-أنا دايما صح …
ثم اخذ ينظر للعائلة السعيدة بشرود …
…….
اقترب عمر وهو ينظر إليها …لقد تخلت عن غطاء وجهها وأصبحت تتعامل مع تشوهها بأريحية …لا يعرف كيف لا تخجل من وجهها وهي تسير هكذا …ولكن لا بأس …كل هذا سوف يتغير …عليه أن ينظر بوجهها ويقول ما يقوله….لن ينكر أن حتى زوجته لم تستطع بكل هذا الجمال الذي تمتلكه أن تسيطر على تفكيره مثل مياس …ما يميز مياس ليس جمالها المبهر الذي لم يرى له مثيل من قبل. ..بل شخصيتها …رقتها والجاذبية التي تمتلكها فحتى التشوه لم يمكنه محو تلك الجاذبية. …رغم نفوره من شكلها الآن إلا أنه يجب أن ينظر لعينيها ويقول ما أراد قوله …
+خير هتفضل باصصلي كتير …
قالتها مياس بنبرة عادية وهي تفكر بحيرة ماذا يفعل هنا …يكفيها مُعاذ وجنونه
نظر إليها مطولاً…لقد عرف انها تطلقت من زوجها …خير قدومها جعل الجميع يتساءل ماذا حدث ….وصديقة مقربة منها أخبرت زوجته أنها تطلقت أثناء وجوده…ابتسم بسخرية وهو يتذكر وجه زوجته وهي تسمع الخير …شحبت كالأموات …فهو منذ زواج مياس من شخص آخر فقد عقله تماماً لفترة …ظل غاضب لشهرين …ولكن في النهاية تقبل الأمر…ولكن طلاقها أعاد له الأمل بقوة ….
-شكلك معندكش حاجة تقولها وانا مش فاضية عن اذنك ..
ثم كادت أن تذهب الا انه قال:
-استني لو سمحتي. …
نظرت إليه بحيرة
-أنا عايز ارجعلك ..
قالها بثقة وهو ينظر إليه …رفعت حاجبيها بدهشة ولم تاتي بأي رد فعل ليكمل :
-بس طبعا مش هرجعلك وأنتِ كده …أنا هسيب مراتي عشان خاطرك …بس عشان خاطري كمان أنتِ تعملي عملية تجميل عشان التشوه اللي وشك يختفي. ..أنا عارف جراح تجميلي كويس جدا هنا أسمه جورج الحكيم ليه في العمليات المعقدة دي …بس تعملي العملية ووتعافي ووقتها هتكون عدتك خلصت وبعدها نتجوز بعد ما اسيب مراتي …
كيف عرف انها تطلقت فكرت بحيرة …كان من المفترض أن يشعرها حديثه بالغضب ولكن على العكس تماماً….شعرت بالبرود… وكأنها لم تحب هذا الشخص يوماً. .
-ها يا مياس قولتي ايه ؟!
قالها بلهفة لترد بجفاء ؛
-عمر صدقني Iam not interested ….عن اذنك ….
ثم كادت أن تذهب الا أنه أعترض طريقها وهو يقول :
-ايه اللي حصلك بقولك هنرجع ..مش ده اللي كنتي عايزاه ….
هزت كتفيها ببرود وقالت:
-ودلوقتي مبقتش عايزة أولويات الأنسان بتتغير …
-وايه اللي غير أولوياتك …
قالها وهو يضيق عينيه بينما صبره ينفذ منه …لقد ظن أنها سترتمي بين ذراعيه عندما يخبرها أنه يريدها ولكن هي حقاً صدمته …
-اللي غيرني اني حبيت راجل حقيقي المرة دي …سيف الحسيني …
-اللي طلقك …
قالها بسخرية فردت :
-بالنسبة للدنيا كلها أنا أطلقت منه لكن بالنسبالي أنا هفضل مِلك سيف الحسيني لحد ما أموت !
ثم كادت أن تذهب مرة أخرى إلا أنه امسك ذراعها بوقاحة وكاد أن يتكلم إلا أنها بكل قوتها صفعته حتى كادت أن تؤذي عينيه بفعل قوة الصفعة !!!
قالت وهي ترفع إصبعها ؛
-المرة الجاية اللي تحاول تلمسني فيها هقتلك …بجد هقتلك …اتقي الله في مراتك بلاش قرف الله يكون في عونها عشان لبست في واحد زيك ….
كان ينظر اليها بذهول وهو لا يصدق ان تلك هي مياس …متى تخطته …وكيف أحبت شخص آخر…كان يشعر بالإهانة لانه من اتى إليها بينما هي رفضته …كيف تجرؤ ..تلك المشوهة!!!.
….
في المساء…..
ا
-هي كويسة؟
قالها سيف وهو يكلم كرم بينما ينظر إلى صورتها معه ويبتسم ..صورة قد طبعها من الهاتف واحتفظ بها في حافظة أمواله …صورة توسل كثيراً من أجلها …لم يكن هناك أي صورة تجمعهما سوياً واراد ان يجعل الأمر رومانسياً بينهما ويحتفظ بصورتها معه ….ورضخت في النهاية لرغبته …اتسعت ابتسامته وهو يتذكر ما حدث بينهما ….
…..
-صورة واحدة يا مياس عشان خاطري …مفيش اي صورة تجمعنا …
قالها برجاء وهو يمسك هاتفه بينما كانت يجلسان بأحد الحدائق العامة ….
تركت مياس العصير الذي كانت تتناوله وقالت بخجل:
-مبحبش التصوير يا سيف…عشان خاطري بلاش …شكلي من قبل الحادثة كان وحش في الصور ما بالك بعد الحادثة ….
-أنتِ قمر في كل احوالك ….
ضحكت بمرح وقالت :
-أنت كداب على فكرة …
ابتسم بشغف يعكس ما يحتل قلبه من نحوها وقال:
-والله انتِ قمر …انا عمري ما أكدب عليكي يا مياس ….
تنفست بتوتر وقالت :
-صورة واحدة بس …
-أمرك يا هانم
قالها مبتسماً ثم قربها منه وهو يفتح كاميرا الهاتف ويأخذ صورة وهي معه ..وقبل أن يضغط على زر تصوير طبع قبلة سريعة على وجنتها لتتسع عينيها وينفتح فمها قليلاً بصدمة …ثم ألتقط الصورة ….
نظرت إليه بغضب وقالت:
-سيف عيب احنا مش في البيت …الصورة لو مش عجبتني همسحها انت فاهم …
-فاهم يا رياسة …
فتح الهاتف لينظران إلى الصورة لتبتسم مياس وتقول :
-الصورة شكلها حلو اوووي ….
قبل رأسها بسرعة وقال:
-عشان انتِ فيها بس ….
ضربته على كفه وهي تهمس بغضب :
-قولتلك احنا مش البيت …عيب كده …لما نبقى في البيت اعمل اللي انت عايزه …
حرك حاجبيه وبحركة مغيظة وقال:
-تمام اووي افتكري بقا انك ادتيني الأذن …
ابتسمت واحمر وجهها وهي تنظر إلى الصورة مجدداً….كيف يمكنها أن تقاوم حب شخص كهذا !!
عاد مش شروده وهو يبتسم بينما اخرجه من شروده صوت كرم وهو يقول :
-سيف بيه حضرتك معايا ؟!!
هز سيف رأسه وقال:
-ايوة يا كرم معاك اتفضل قولي الاخبار ….
-هي كويسة يا سيف بيه …مفيش حاجة غريبة ..
بس …
رفع سيف حاجبيه وقال:
-بس ايه؟!
-فيه واحد في بالنهار جه ووقف معاها وكان باين انهم بيتجادلوا …
-واحد مين …
قالها بقلق ثم أكمل :
-قدرت تعرف هو مين ؟!
-اكيد يا سيف بيه …يبقى عمر ..خطيبها السابق ….
ضغط بعنف على الهاتف وقال وغيرته وغضبه يتصاعدان داخله :
-عملها حاجة ؟!
-هي كانت عصبية وكانت بتتخانق معاه وجات تمشي مسك ايديها …
-مسك ايديها؟!!!هو اتجرأ ومسك ايديها ؟!!طيب ..طيب هي عملت ايه ؟!ايه كان رد فعلها قولي
قالها بغضب وإنفعال ليرد كرم :
-ايوة يا فندم بس متقلقش خالص …رد فعلها كان قوي هي ضربته بالقلم لدرجة حسيت انها صفت عينيه…
توسعت ابتسامته حتى شملت وجهه كله وهو يقول بفخر :
-برافو عليها والله …
ثم تنهد وهو يقول :
-تمام شكرا يا كرم …المهم خلي عينيك عليها ولو اللي اسمه عمر ده قرب منها تاني ربيه ماشي …
-حاضر يا سيف بيه …
أغلق سيف الهاتف وهو يبتسم بسعادة كم اشتاق لها ..كانت قاسية للغاية لانها ابعدته عنها ولكنه يعرف ان هناك سبب ما وسوف يعرفه بكل تأكيد !
………
يقف أمام نافذة عيادته وهو يمسك كوب القهوة الخاص به …ينظر الى الفراغ…لقد عاد ليهتم بعمله من جديد ….بينما ماريانا بدأت الابتسامة تعود إليها …لن ينكر رغم ضيقه أن ابرام قام يعمل رائع في وقت قصير للغاية …ولكن بالفعل اكثر ما يضايقه ويقهره انه يعيش الآن كل ما عاشته ماريانا …يموت ببطء على يديها .كما قتلها ببطء على يديه ..فإبتسامتها …اهتمامها ..حديثه ليس من نصيبه …فنصيبه فقط هو البرود …لقد توقفت عن حبه …شعر بهذا منذ فترة ولكنه حاول ان ينكر الأمر…لان جورج لن يكون له قيمة بدون حب ماريانا …لقد كان محظوظ انها احبته…لان ماريانا عندما عشقته احبته لذاته…احبته اكثر من أي شئ آخر …من حياته ..هو يريد هذا الحب …يفتقده بقوة ….
اغمض عينيه وهو يتذكر ما حدث منذ يومين. ….
…..
اقترب من الباب ودق عليه برفق وهو يهمس ؛
-افتحي الباب يا ماريانا …مش هعمل حاجة صدقيني ….افتحي لو سمحتي ….
صوت دوران المفتاح ثم مقبض الباب ثم فتحت الباب وهي تنظر إليه بخوف نوعا ما ….شعرها الأسود يغطي جانب وجهها بينما فمها مفتوح قليلاً وهي تلهث بتوتر …اقترب هو منها لتتراجع عنه وهي تبتلع ريقها بتوتر …اخذ يقترب منها وهي تتراجع حتى اصطدمت بحافة الفراش لتجلس عليه …
جلس هو على الأرض بجوارها …أمسك كفها وبريق الدموع يلمع بعينيه وقال :
-ماريانا متسامحنيش دلوقتي …بس متقوليش أنك بطلتي تحبيني انتِ كده بتقتلي كل أمل جوايا ….
حاولت ابعاد كفها عنه ولكنه شد عليه وهو يقول :
-انا بقاوم كل حاجة عشان بحبك يا ماريانا …بقاوم غيرتي وقهرتي …بشوفك بعيدة عني …الكل قريب منك الا أنا اللي منبوذ …ماريانا اديني فرصة تانية …حبيني وأنا والله ما هخذلك المرة دي !!!
سحبت كفها وهي تقول بإختناق:
-انا اسفة …اسفة !!!
عاد من شروده وهو يتنهد بألم …من كان يتخيل أنه يتوسل الحب من ماريانا بعد ما كانت هي تتوسل اهتمامه وحبه…كيف أنقلبت الادوار !!

بعد مدة من الزمن ….
ذهبت المساعدة الخاصة به واستعد لإغلاق العيادة ….
خرج من غرفته واغلقها ثم كاد ان يتجه لباب العيادة لكنه تجمد فجأة وهو يراها ….كانت مختلفة عن آخر مرة رأها بها …قد قصت شعرها….وجهها باهت وقد فقدت كثير من الوزن …أصبحت كشبح بالفعل ….
ضم كفيه وهو ينظر إليها لتنظر إليه وتتحدث بصعوبة :
-انا عارف أنك بتكرهني يا جورج …وحقك على فكرة …أنا بس عايزة اقابل ماريانا عشان اطلب منها تسامحني .و…
لم يدعها تكمل حديثها وهو يقترب منها ثم يصفعها بقوة حتى تراجعت للخلف ..ولكنها لم تحاول حماية نفسها وهو يضربها صفعة اخرى ..ثم اخرى واخرى حتى سقطت أرضاً….انسابت الدماء من فمها ولم تهتم حتى بمسحها وقالت:
-عندك حق تعمل اكتر من كده …بس أنا عايزة اقابل ماريانا عشان تسامحني …
-بس أخرسي …أخرسي متجبيش سيرة ماريانا !!!اياكي تتكلمي عنها ..ابعدي عني وعنها لاحسن أزعلك !!!
-جورج صدقني أنا خلاص بموت فعليا …عايزاها تسامحني قبل ما تموت !
قالتها وهي تنظر إليه لينحني بجوارها ويمسك شعرها ثم يجعلها تنهض ساحباً اياها نحو الباب وهو يقول من بين أسنانه :
-أطلعي من حياتنا …أطلعي بقا …
ثم دفعها خارجاً وأغلق الباب بعنف وهو يلهث بقوة !!!
…..
بعد قليل كان قد تأكد انها ذهبت لذلك عدل من وضع ثيابه وخرج من العيادة وأغلقها …ثم أتجه لمنزله ….لم يهتم بالتفكير بمعنى كلامها…لم تكن سيلا آخر اهتماماته بل لم تكن من الاساس في دائرة اهتماماته!!
……..
وقف بسيارته امام منزله وتجمد وهو يرى زوجته ووالدتها يقفان بجوار إبرام ويبدو انهم يضحكون سوياً..ماريانا تضحك ؟!خرج من السيارة واتجه نحوهما وهو يحاول السيطرة على أعصابه وقال بسخرية ؛
+-ممكن تضحكوني معاكم !!!
نظر إليه إبرام بتوجس…بينما كانت نظرات ماريانا باردة كلياً ..ووالدته نفس الشئ!
….
بعد قليل….
كان يدور حول نفسه وهو يشعر بالجنون بعد.ذهاب والدة ماريانا وإبرام …
كانت ماريانا جالسة وهي تشعر بالتوتر يتصاعد داخلها ولكنها حاولت الحفاظ على برود ملامحها …
اقترب منها فجأة وجعلها تنهض بينما يضغط على ذراعها وهو يطحن أسنانه بعنف …
-جورج انت بتوجعني !!
قالتها ماريانا وهي تشهق بألم بينما تحاول التحرر منه ولكن هو يضغط على ذراعها وعينيه عاصفة بالغضب ..كانت الغيرة تعمي عينيه وهو يتذكر ضحكها معه …أنها تضحك مع الجميع …تتعامل مع الجميع بود الا هو ….وما أشعله اكبر تعاملها العفوى مع إبرام …هي لا تفهم ..هذا يقتله …يخيفه أن تميل مشاعرها لإبرام خاصة بعد اعترافها الصاعق بإنها لم تعد تحبه …
-أنا صبرت عليكي كتير ….
قالها بعنف وهو يشدها نحوه بجنون …رأسها يصطدم بصدره …تتنفس برعب وهي تقول :
-أنت بتخوفني يا جورج ..
-وأنتِ بتقتليني باللي بتعمليه …أنا حذرتك متتعامليش تاني مع إبرام…قولتلك هنشوف دكتورة تاني ….
ابتلعت ريقها وقالت:
-انا مرتاحة مع إبرام يا جورج …مش عايزة ….
-مرتاحة معاه ازاي يعني ؟!بتحبيه !!!
ارتعبت وهي تنظر إليه …كان يبدو أنه فاقد السيطرة …لم ترغب بالصراخ به كي لا تسوء الأمور …
-أنت بتقول ايه ؟!انت فاكرني ست من غير شرف تكون متجوزة وتحب واحد تاني ….
هدأ غضبه قليلا ثم عانق وجهها وقال بلهفة:
-طيب بتحبيني يا ماريانا …قولي انك بتحبيني !!
-جورج .اهدأ …
-ششش ..متتكلميش ..بس قولي انك بتحبيني وانا ههدأ …بتحبيني صح ….أنا نفسي اشوف في عينيك اي نظرات حب ليا …أنا عارف ان اللي عملته ميتغفرش ….بس مش مهم أنا هستني لحد ما تسامحيني بس عايزة اطمن انك بتحبيني …
أغمضت عينيها بعذاب وهي تقول بيأس :
-اسفة يا جورج!!
تراجع قليلا عنها …كان يشعر أنها تتسرب من بين يديه …
-أنا عايزة اروح واعيش مع ماما يا جورج …
قالتها ودموعها تنهمر …ها هي تُعلن أنها تريد الإنفصال عنه …شعر بالعالم يضيق به …فجأة لمعت عينيه واقترب منها ثم أمسك كفها وقال:
-انا هخليكي تحبيني …أنا عارف ازاي اخليكي تحبيني تاني …
ثم جذبها نحو غرفتهما …
-جورج
قالتها ومعدتها تتلوي من التوتر ….ولكنه دفعها برفق حتى سقطت على الفراش الناعم …حاولت النهوض ولكنه كان اسرع منها إذ أنه قفز عليها ممسكا كفيها الاثنين ليكبل حركتها ….
-انا هخليكي تحبيني مرة تاني…
قالها بنظرات مصممة بينما كانت تبكي وهي تتوسل له أن يتوقف
-جورج صدقني هكرهك لو عملت كده …
ولكنه بدأ كأنه فقد عقله تماما وهو يجتاح شفتيها مانعاً إياه من الاعتراض أو التنفس
.. …….
ابتسمت واحمر وجهها بينما يلمس وجنتها بشغف ثم اقترب بوجهه منها حتى ضربت انفاسه وجهها …فجأة انتفض عندما طُرق الباب …
-اووف ….
قالها بضيق وهو يبتعد عنها …كان وجهه متجهم وهو يرغب في قتل من قطع لحظتهما الثمينة تلك !
احمر وجه رحيق وهي تخفي ابتسامتها المتسلية ليتجه عاصي نحو الباب ويفتح بوجه غاضب الباب …وجد نهلة أمامه وقال بنبرة جافة :
-نعم ..
ابتلعت ريقها وهي تنظر إليه بتوتر وتقول:
-اسفة يا عاصي بيه بس أملاك جالها كابوس تاني وشغالة تعيط ……
مسح على وجهه بإنفعال …أملاك طوال هذا الشهر سوف تعاني من الكوابيس …كلما ظن ان الامور أصبحت طيبة وبخير كلما تدهور الوضع مرة ثانية…ماذا يفعل ليجعلها تنسى …لقد كانت طفلة وقت الحادث ولكن قد تسجل بعقلها معظم ما حدث …
-جاي دلوقتي يا نهلة ….روحي انتِ اقعدي جمبها ..
هزت رأسها سريعاً بطاعة ثم ذهبت ليغلق الباب وهو يتنهد بتعب …انتفض قليلا عندما شعر بكفها يحط على كتفه برقة …ضغطت برفق على كتفه وهي تهمس:
-عاصي …
نظر اليه بوجه يغطي تعابيره الإحباط …لم تتكلم فقط اقتربت واحتضنته برفق عانقها بالمثل وهو يضغط عليها بقوة …كطفل مرتعب وجد حضن والدته بعد ان ضاع عنها لفترة طويلة …هذا كان شعور عاصي حالياً…شعر انه طفل ضائع …لا يعرف ماذا يفعل …انه لأمر مؤلم ان تبني شئ ثم ينهدم هكذا بكل بساطة…كلما حاول ان يشفي جروحها تنفتح مجددا..كأن جروح ابنته كُتب عليها عدم الشفاء….
-عاصي …
قالتها رحيق بتردد وهي تربت على ظهره…حاولت ابعاده عنها ولكنه ظل متمسك بها لا يتركها …..
حاولت حتى ابعدته بلطف عنها ومن بين الحزن بوجهها ظهرت حمرة الخجل على وجنتيها …نظرت إليه وقد استجمعت شجاعتها وقالت:
-عاصي …أملاك محتاجة مساعدة …أنا معنديش تفاصيل عن اللي اتعرضتله بس أنت لازم تساعدها عشان الكوابيس دي ….
-اساعدها ازاي ؟!
قالها بقلة حيلة لترد :
-وديها دكتور نفسي ….
-انا بنتي مش مجنونة يا رحيق !!
عبست بشدة وهي لا تصدق انه يفكر بتلك الطريقة وقالت:
-مين جاب سيرة انها مجنونة يا عاصي …هو ده اللي فهمته من كلامي …الدكتور هيساعدها عشان تتخطى الصدمة اللي من الواضح انها اتعرضتلها …
هز رأسه بعنف وقال:
-لا ..لا
-يا عاصي اسمعني لو سمحت …مترفضش كده وخلاص …بنتك محتاجة …
الا انه قاطعها وقد فقط صبره وهو يهدر بها ؛
-خلاص يا رحيق …قولت لا …متحاوليش …دي بنتي مش بنتك انتِ …
أطرقت برأسها وقد احتشدت الدموع بعينيها ليشتم نفسه في السر ثم شدها نحوه وعانقها وهو يقول:
-أنا آسف ..آسف يا رحيق …أنا غبي …علطول لساني فالت مني حقك عليا …متزعليش مني …انت مش هقدر افتح جروح قديمة …مش عايزها تفتكر اني السبب في اللي حصلها !!
……. . .
انتهت من عملها واغلقت الحاسوب وهي تفرك رقبتها بإرهاق …بالأمس تخلى عن وعده في ان يجعلها تخرج معه …ولكن الآن هي لن تتنازل…هو وعدها ويجب أن ينفذ وعده لها ….نهضت وهي تتجه الى خزانتها فتحتها واخرجت فستان من اللون الوردي أنيق واخرجت الخمار الخاص بها ثم اتجهت الى الحمام لتستحم ….
بعد قليل خرجت وهي ترتدي رداء الحمام الطويل ….
-حموم الهنا يا حبيبتي …
قالتها دلال مبتسمة فردت جيلان :
-تسلمي يا طنط تخرجي معانا.؟!
عبست دلال وقالت :
-اخرج فين ؟!وأنتوا رايحين فين كده ؟!أمجد مقاليش انكم خارجين …
-هو ذات نفسه لحد دلوقتي ميعرفش…
عبست دلال اكثر لتضحك جيلان وتقول :
-انا هلبس واروح له عشان يخرجني …هو وعدني انه كل يوم هيخرجني…امبارح منفذش وعدها اتمنى النهاردة ينفذ وعده….
نظرت إليه بتوجس وهي ترى التصميم بعينيها…صحيح ان أمجد مستفز ولكن جيلان عنيدة الفتاة لا تتنازل ابدا…من ناحية هذا يعجبها ولكن من ناحية آخرى تعرف ان بطريقتها تلك لن تتفق مع أمجد…هي تعرف ابنها جيداً تحفظه عن ظهر قلب ..هو لا يريد امرأة عنيدة ….انها يؤمن تماماً ان المرأة عليها ان تطيع زوجها ما لم يكن هذا الشئ يضرها أو مخالف لشرع الله كما قال الدين …تنهدت وهي تتمنى ان تكون الأمور طيبة بينهما….
ابتسمت بوجهها وقالت:
-وماله يا حبيبتي ربما يهنيكم…روحوا اطلعوا انتوا أنا مرهقة شوية النهاردة …
-خير يا ماما دلال فيه حاجة …
قالتها بقلق لتربت دلال على كفها وتقول :
-لا يا حبيبتي مفيش حاجة …شوية إرهاق بسيط روحوا واتبسطوا …
-لو تعبانة بجد مش هنطلع ..خلاص هقعد معاكي ..ايه رايك نسمع المسلسل الهندي بتاعك …
ضحكت دلال وقالت:
-يا بت قولتلك كويسة …روحوا يا حبيبتي اخرجوا واتفسحوا …
…..
بعد قليل .
أنتهى من قراءة ورده وقرر ان يستحم ثم ينزل ليجلس مع زوجته ووالدته ثم يصعد وينام …صحيح ان جيلان أصبحت الآن زوجته ولا ضرر أن يمكث بالأسفل معهما …ولكنه يعرف انه قد لا يستطيع مقاومة وجودهما أسفل سقف واحد …وبالتالي هذا الوضع مناسب اكثر حتى قدوم موعد زفافهما …..خرج من شروده على صوت طرقات الباب لينهض ويفتحه بحيرة …تعجب وهو يرى جيلان ترتدي فستانها وخمارها وعلى وجهها ابتسامة بريئة ….
-جيلان …
قالها بدهشة لتبتسم وترد :
-أيوة جيلان ..اومال عفريتها …
-ما بلاش ايفيهاتك الواقعة دي وقوليلي ايه اللي جابك هنا ؟!
-عشان نخرج!
-نخرج ؟
قالها بدهشة واكمل :
-انا امتى قولتلك أننا هنخرج النهاردة؟!
وضعت كفيها على خصرها وقالت:
-أنت بلسانك قولت أنك هتخرجني كل يوم وانا على الأساس ده قعدت واشتغلت من البيت …
-لا غلط انتِ عملتي كده عشان لازم تطعيني أنا جوزك وطاعة الزوج فرض…ده من الدين يا حبيبي ..
ربعت ذراعيها وقالت بجفاف:
-وكمان من الدين لما توعد توفي بوعدك ..صح ولا أيه يا شيخ أمجد .؟!
-أنا لسه مخرجك من كام يوم يا جيلان وروحنا لرحيق …خلاص …
قالها بضيق لترد :
-لا مش خلاص يا أمجد …انت وعدتني تخرجني كل يوم يعني تخرجني كل يوم …لإما كده لإما أنا بنفسي هدور على شغل برة وهشتغل …انت مش هتحبسني في البيت …
-اللهم طولك يا روح.
قالها بحنق وهو يدخل لصالة المنزل فتدخل خلفه وتقول:
-رد عليا وقول هتخرجني النهاردة ولا والله اطلع لوحدي دلوقتي
-جيلان كفاية كده …أنا سكتلك.كتير …اكبري شوية ….
-انت اللي أكبر يا أمجد ومبتقاش عيل …لما توعد وعد تلتزم به و….آه …
صرخت فجأة عندما شعرت بصفعة قوية على وجهها…من شدتها سقطت أرضاً وهي تنظر إليه بذهول !!!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أسرت قلبه)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock