روايات

رواية أترصد عشقك الفصل السادس عشر 16 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل السادس عشر 16 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك البارت السادس عشر

رواية أترصد عشقك الجزء السادس عشر

رواية أترصد عشقك الحلقة السادسة عشر

-وانا مش موافقة

ثلاثة كلمات ، كالرصاص تماما أصابت هدفها تحديدا

العيون جاحظة ، وتعابير الوجوه تختلف من شخصية لأخرى

لكن ما زال رأسها مرتفع بشموخ يليق بذقنها الذي لم ينحني لأحد قط

عيونها مبتسمة بسعادة ، طنين قلبها يحتضر بموت شديد

يناقض ابتسامتها الواسعة ،،

تجيد الابتسام والمزاح في أشد لحظات ضعفها وهشاشتها ، عيناها تقابلت عيناه المندلعة بنيران أحست بلسعة تلك النيران .. لتبقى على تواصل بصري بينه وأصوات الجميع التي تراوحت من ساخطة ومندهشة ، أولهم من سيطر على دهشته غالب الذي استقام من مقعده قائلا بنبرة بها بعض الغيظ نحو معتصم

– ايه التهريج اللي بيحصل ده يا معتصم باشا

معتصم كانت عيناه تلمع بشقاوة شديدة وهو ينظر الي صغيرته ، كم تشبهه في جموحه .. ألقي نظرة نحو شادية التي تنظر إلى المهزلة التي تحدث بعيون جاحظة ، اتبع صوت غالب جميلة التي قالت بسخط

– جايبنا لحد هنا عشان تهزقنا

لم تمر جميلة بموقف يجرح من كبريائها كما الآن ، تشعر بالاهانة وهي تنظر إلى العروس التي تشن حرب عيون مع وسيم ، كأنهما يعيشان في فقاعة خاصة .. حربا خاصة .. يعلمون قواعدها وكل منهما يترصد الآخر بتحفز

– امتي غيرنا كلامنا يا بابا

قالها معتصم وهو ينظر بعبوس طفيف نحو جيهان بعتب ، انهت جيهان حربها مع غمزة أدى إلى زعزعة جيوشه لتلتفت نحو الجميع الساخطين لتقول بنبرة متلاعبة

– بابا ، أعتقد هو مش جاي ومعاه المأذون ، يدوب زيارة ويا نزغرط يا اما نقوله شرفتنا وفي الحالة دي بنقوله شرفتنا يا وسيم ، طلبك مرفوض

انتفض الأسد الهائج من سباته ، ليزأر بصوت مرتفع وهو يدمدم بسخط لجيهان

– انتي اتجننتي

النيران في عينه تكاد تأكلها حية ، يحاول العودة لطور البرود ليتغلف به … لكن أين البرود الذي يتحلى به وهو يراها تخبره بوقاحة

انها ترفضه

الكاذبة الحمقاء ، كيف تجرأ لسانها علي قول الرفض وعينيها

تستجديانه بعذاب شديد

كأنها تدفعه للغرق في أعماق المحيط لكنها تتشبث بقميصه!!!

دمدمت جميلة بنبرة منفعلة وهي تسحب حقيبتها قائلة

– انا لا يمكن اقعد هنا ثانية واحدة

يشملها بنظرة خاصة ، متفحصة .. ليست متفحصة لأنوثتها .. بل يبحث عن مفتاح للإيلاج لروحها التي أصبحت غير مقروءة

ضم قبضة يده بعنف حتي ابيضت سلمياته وما بداخله

حريق هائل متشعب في أنحاء جسده

ضربته في كبريائه ، ورجولته .. ثم اوجعته بألم في … صمت وهو يقول بنبرة باردة

– عايز اتكلم معاها

صاحت باندفاع ووقاحة

– لأ طبعا

تلك المرة صدر صوت الاب الحاد ، يلجم اندفاع ابنته لكي لا يتأزم الوضع أكثر

– جيهان

التفت الي والدها لتغمض جفنيها تأخذ نفسا عميقا وتزفره علي مهل

تعلم أنها بفعلتها تلك أغلقت جميع أبواب قد يجمعها به

لكنها ترغبه يأتي مدلها في حبها ، عاشق حتى النخاع

يكون هو من يتذلل عشقا لمبادلته اياه وليست هي

تريد أن تكون الطرف الجاحد ، الأقوي ، ليست بضعيفة خانعة تكاد ترتعب من مجرد نظرة تعلم أنه يرغب في كسر عنقها

اختنقت انفاسها والدموع تتجمع في مآقيها ، تحاول ان تسحب انفاسا عميقة قبل أن تسقط باكية أمام الجميع

– بابا انا مكسرتش كلامك لما قولتلي اقعد ، لكن قراري محدش يدخل فيه

لم تتحمل جميلة قلة تهذيب بل ووقاحة جيهان لتقول بنبرة امرة

– وسيم ، يلا

ابتسمت ببرود شديد وهي توجه حديثا له قائلة بنبرة تحمل عذاب خالص لقلبها الذي طعنته دون رأفة

– شرفتنا

ثم غادرت الملكة بعد دمار مملكتها تكاد تجلس على تل الرماد تنظر ببرود الي الجنة الي استحالت صحراء قاحلة بسببه

بسبب عدم اهتمامه ، ورعونته

لا بكاء الآن بعد أن أحرقت الجنة التي زرعتها له وتركتها خاوية على عروشها !!

صعدت سلالم الدرج دون أن يهتز بها طرفا حتى توجهت الى غرفتها ، نزعت فستانها بكل حدة وألقته بعنف علي الارضية ووقفت تنظر الى حالها في المرآة

هي غير نادمة …. سوي علي ايام التي انتظرتها كمراهقة غبية ليعرب عن حبه

ابتسمت ساخرة من نفسها وهي تزيل مساحيق التجميل من وجهها ، الجمود المسيطر علي وجهها ينافي صوت نياط القلب

دمعة واحدة هبطت إلى وجنتها ، لتمسح تلك الدمعة بكل عنف ، لترفع وجهها تنظر الي تقاسيم وجهها في المرآة

ما العيب الذي بها حتى لا يعشقها رجل ، حتي وإن صدته أو عنفته لعدم اللحاق بها ، لما لا يكون هو أكثر عنادا .. بل أكثر إصرارا .. يكون حبه صادق ليجذب قلبها بعنف

انتفضت الي صوت شادية الهادر وهي تقتحم غرفتها الا ان عينيها اتسعت حينما انها بثيابها الداخلية ، جزت علي اسنانها ساخطة وهي تلتقط منامة ملقاة علي الفراش لتلقيه عليها بعنف

– انتي عملتي ايه يا غبية

التقطت جيهان منامتها وارتدت النصف العلوي بهدوء شديد وعينيها تتفحص شادية التي تراها تلتقط ملابسها الملقاة أرضا وتضعها في سلة خاصة للغسيل ، قلبت عينيها بملل وهي ترتدي البنطال لتقول بنبرة باردة

– عايزاني اعمل ايه ، واحد مجبر انه يتجوزني .. مش في جواه ذرة مشاعر ليا .. هستمر معاه مثلا !!!

اغتاظت شادية من غبائها ، كيف حتى الآن لم ترى تلك النظرات الخاصة بها لوحدها

وكأنه يراها أنثاه

منذ سنوات وهو يتخذ رابطة الاخوة كحجة للالتصاق بها ، انفجرت صارخة في وجهها بحنق

– ومين قال انه مش بيحبك

شمخت جيهان رأسها وقالت بنبرتها الباردة

– وانا بقي اقعد جنبه واستناه لحد لما يقولها ، شادية انا مش عايزة اللي يمرمطني عشان شوية مشاعر … انا عايزة حب يتملك قلبي .. انسان يكون اهتماماتي ومحور حياتي

نفس تفكيرها الساذج قديما قبل أن ياتي معاذ ويقضي عليها كليا

هما عاطفتين بشكل يثير الشفقة ، خجلها ما سمح لحقير كأمثال لمعاذ لتشويهها .. لكن جيهان كانت ذات لسان سليط يفزع من يقترب منها ، قالت لأختها بابتسامة ميتة

– حاسبي لتتلسعي زيي

رفعت جيهان حاجبها وعاد يرتسم وجهها العداء الشديد لتقول بنبرة متوحشة

– معاذ ده قذر متفكرنيش بيه ، ده كان فال وحش عليكي

كم ترغب في تهشيم وجه ذلك القذر ، المرة السابقة لم تقدر سوي علي اصابته بعض الإصابات الطفيفة ، جعلت سيارته الفارهة عبارة عن كتلة خردة ، وسرقت حسابه البنكي الخاص ووزعته على مؤسسات خيرية ، ووجهه تتذكر أنه من كثرة إصاباته البالغة لم يخرج من منزل عائلته إلا بعد شهر ، كل ذلك لم يشفي غليلها التام منه ، إذا بكل بجاحة قبل أشهر تزوج من امرأة ذات سمعة سيئة وقرر أن يجعل شادية منظمة زفافه ، لم تكتفي وقتها بتخريب زفافه بجلب زفة شعبية من أدنى حارات شعبية وسربت بعض النشالين الي زفافه لسرقة المدعويين ، وبالطبع لم تهتم إن كان سيشوه الي اسم أختها أم لا ، لكن ما اهتمت به هو الدفاع عن أختها فقط ، ثم أشعلت فتيل فضحه في وسائل الإعلام ….

كان معتصم يصعد درجات السلم بتمهل واصوات ابنتيه يكاد يصم اذنيه ، رغم مفاجأته من ابنته التي اعترضت زواجا بتلك الطريقة ، إلا أنه لا يملك طريقة لإجبارها

هو لم يجبره أحد وهم صغار ، كيف يفعلها الآن ؟!!

تقدم من غرفة بلوته وهم بالدخول إلا عينيه اتسعت حينما استمع إلى جيهان تقول بحدة

– هتقولي لبابا انك فسختي خطوبتك من لؤي امتي

ضيق معتصم حاجبيه وهو يسمع الي شادية التي سارعت تقول بنبرة خفيضة بعد الشئ

– اششش صوتك يا غبية انتي ، كنت ساكتة عشان موضوع جوازتك تمشي ، يا هبلة حد يفرط حب عمره

هز معتصم رأسه يائسا ، ما تزال غبية حتى الآن ، رغم سعادته الجلية التي حفرت طريقها في وجهه وقلبه ،، قرر العودة الي غرفته منتظرا تلك الغبية لتخبره بفسخ خطبتها .

ضاقت عينا جيهان لثواني ، قبل ان ترفع عيناها قائلة بنبرة غريبة

– اشك ان حب ، مش ممكن يكون متعلقة بيه يا شادية

– متعلقة ؟!!

كررتها شادية بعدم تصديق ، لتسترسل جيهان قائلة بعذاب

– صدقيني مجرد تفكيري للنقطة دي بترعبني ، بغير اه وبحس انه بغلي لما بشوفه مع واحدة بس مش بيكون في ايدي حاجه

عقدت شادية ذراعيها على صدرها لتقول بنبرة جامدة

– رفضتيه ليه يا جيهان ، ايه اللي جد عشان تغيري رأيك

انفلت من شفتي جيهان شهقة عذاب ، غيرة حبيبة من رجلها البارد لتمسك هاتفها وهي تعبث في هاتفها لثواني قبل ان ترفع الهاتف في وجه شادية التي عبست ملامحها ثم تجمدت ملامحها من رؤية الصورة ليتحشرج صوت جيهان هامسة

– جاتلي صور قذرة مع واحدة اوربية

ضاقت عينا شادية وهي ترى صورة أقل ما يقال عنها خليعة ، فتاة لا ترتدي شيئا يسترها جالسة بكل فجور علي فخذيه مقبلة شفتيه ، قلبت جيهان صورة أخرى لترى نفس الوضع لكن وجهها واضحا لبطل الصورة وهو من جذبها للجلوس عليه

صورة ثالثة وبعدها الرابعة حتى انتهت الصورة بأنها جذبته للذهاب الى مكان أكثر خصوصية، وترك الشيطان يلاعبك في منطقته الخاصة

قالت شادية بجملة تعتبرها اغبي جملة سمعتها جيهان اليوم

– مش ممكن تكون فوتوشوب

نظرت الى اختها شرزا ، هل هي غبية كي لاتعلم الصور التي امامها حقيقة أم معدلة ، ثم ما أمامها مقطع مصور لمشهد هابط رخيص ، قالت بحدة

– عيب اووي تسألي السؤال ده ، من نظرة بعرف اذا كان اصلي ولا لأ

عادت تنظر إلى الصورة الأخيرة لتغمض جفنيها وهي تتذكر انها استلمت الصور من حساب وهمي ، قبل دقائق لهبوطها نحو عريسها المنتظر علي أحر من جمر لنزولها هو وعائلته ، رمت بهاتفها أرضا لتهمس بقهر

– كأني استلمت دليل خيانته يا شادية ، بجد تعبت من العلاقة دي

ثم رفعت عيناها تقول لشقيقتها بنبرة متألمة

– كأن مكتوب علينا منجربش الحب زي ماما وبابا

نكست شادية رأسها ، تقلب الكلمات في رأسها .. لتهمس بنبرة مختنقة

– احيانا اللي بنطلبه صعب يتحقق

ضاقت عينا جيهان بخبث وتبدل مزاجها في ثواني وهي تقول بنبرة شقية

– قوليلي اخبار الايطالي ايه

رفعت شادية رأسها بتعب لتهبط عينيها وهي تنظر الي شقيقتها بحنق قائلة

– مفيش خلصنا شغلنا واعتقد انه سافر

تمتمت جيهان بحنق

– بس .. الحكاية ، خلصت

رفعت شادية حاجبها دهشة من خيال شقيقتها الجامح لتسحب وسادة من الأريكة وقذفتها في وجهها قائلة بتوبيخ

– حكاية ايه انتي كمان ، انا معرفهوش هو مين اصلا ولا ايه اصله وحكايته

تألمت جيهان بوجع من الوسادة التي صدمت انفها تحديدا لتقول بحاجبين متلاعبين

– متعرفيش ان الراجل الغامض بيسحر البنات

هزت شادية رأسها يائسة وهي تتوجه خارج حجرتها قائلة

– طيب انا مضطرة امشي ، عشان ورايا شغل مش زيك يا هانم

شيعتها جيهان بنظراتها حتى أغلقت الباب خلفها وتبدل حالها المازح لجمود مخيف ، نظرت الي هاتفها الملقى أرضا لتنحني بجذعها ملتقطة إياه تنظر إلى الشاشة التي تهشمت ، لوت شفتيها بعدم مبالاة وهي تضعه على الكومود ثم توجهت إلى فراشها تضطجع عليه بتكاسل لتغلق جفنيها بنعاس غلبها فجأة لتسقط نائمة بعد دقائق مستسلمة إلى سلطان النوم .

……

مراجل مشتعلة في داخله لم يقدر على اخمادها ، أفكار شريرة تعبث في عقله بشيطانية لأيذائها بأبشع الطرق توقف عن الحركة حول غرفته وهو يشد خصلات شعره بقوة يكاد يقتلعها من جذورها وهو يشعر أنه لثواني قاتل محترف

ارتسمت ابتسامة ساخطة على شفتيه ليعود الغضب يكتنفه

والضيق يستحوذ من كل جانب

والألم يتغلل روحه ببطء

لقد وبخته جميلة وجده غالب ، ولؤي لم يفعل شيئا سوى أنه غادر دون كلمة واضطر ان يعيدهم الى المنزل وعاد هو إلى الفيلا بمفرده ، الوحدة لم يختبرها قط سوي وهو يتوجه نحو فراشه ، فقط يشعر بسكون يحيطه من كل حدب وصوب ، صمت قاتل مخيف تقضي عليه جيهان برسائلها المستفزة حتى في مرات كانت تتذمر منه ساخطة انه يسقط نائما وهي تبعث برسائل تهديدة وساخطة كونه نام وهي ما زالت مستيقظة

ابتسامة حنين لاحت علي شفتيه سرعان ما انقبضت معالم وجهه وهو يتذكرها بهيئة ناعمة لحد الوجع

كانت قاتلة دون شفقة

فاتنة لدرجة أصابت هدفها في مقتل

رفع عينيه نحو السماء ، متى سيستمر في الإنكار ؟!!

بحياته التي تخطت الثلاثين وبضع أعوام لم يري امرأة مثلها

جامعة للطفولة المحببة إليه وفتنة امرأة

حمقاء متهورة لكن يعلم باندفاعتها هو يعتبر من رباها حرفيا وتولدت علي يديه الشخصية التي أصبحت عليه

ما زال يتقلب علي جمر متقد ، لن يغمض له جفن حتى يرى سر تراجعها عن تلك الخطبة .. التقط هاتفه وهو يدق على هاتفها غير مكترث ان الساعة تخطت الثانية صباحا ، لعن بسخط حينما انتهت المكالمة دون رد منها ليعيد الاتصال بإلحاح حتى أجبت في نهاية الثالثة بصوت أجش يحمل أثر النوم

– خير

سحب مفاتيح منزله وهو يخرج من غرفته هابطا الدرج بخفة قائلا بنبرة حازمة

– انزليلي

نظرت جيهان بعيون ناعسة نحو الساعة لتقول بنبرة جادة

– مش نازلة يا وسيم ، واتمسا وقول يا مسا

هدر في الهاتف بنبرة صارخة جعلت جسدها يتخشب للحظات

– جيهان قسما بالله لو منزلتيش هطلعلك

تهدج صوتها لثانية وهي تبلل شفتيها الجافة ، لتقول بنبرة ساخرة تحاول مدارة مشاعرها

– لا لا متقولش هتتشعلق في ماسورة زي الحرامية ، يا تري عيلتك تعرف انك بعد الليل بتشتغل حرامي

وهل في ذلك الوضع تقدر علي المزاح ، صاح بخشونة ونبرة قاسية

– انزلي

طار النوم من عينيها وهي تنتفض من فراشها تسحب مئزرا قائلة بهمس لعوب وهي ترتدي خف بيتي

– ولو منزلتش

ابتسم وسيم بمكر شديد وهو يقف عند البوابة المغلقة امامه ليقول بنبرة لعوب

– هطلعلك وسيادة الوالد يشرفنا وساعتها يطلب مني اني اتجوزك عشان السمعة

زمجرت بحدة وهي تصرخ في وجهه

– قذر طول عمرك

لم يلن صوته وهو يأمر بصوت قاسي

– خمس دقايق متتأخريش

وضعت هاتفها في دخل جيب المئزر وهي تزفر بحرارة طالبة من الله الصبر وقوة التحمل وهي تتوجه بقدميها اليه ، خرجت من المنزل بقدمين جاهدت الا يصدر صوتا و توجهت نحو الباب الحديدي وفتحته على مهل حتى لا يصدر صوتا مزعجا واغلقته بحرص وحينما ادارت بجسدها وجدته واقفا بطوله الشامخ واضعا يديه في جيب بنطاله

أضواء الانارة الخافتة القت بضوئها عليه ليظهر بضعا من ملامحه ومعظم ملامحه مبهمة والظلام أضاف سحرا غامضا يلفه ، تقدمت بكسل وهي تقطع الشارع لتعقد ذراعيها على صدرها قائلة بنبرة لا مبالية

– خير جيت .. نعم اتفضل

جذب ذراعها بعنف لتشهق مجفلة وهي تشعر في محيطه ، ارتفعت عيناها وهي ترى من خلال الضوء الشاحب نظرة عينيه المظلمة .. كبئر سحيق لا قرار له .. يجذبك للسقوط فيه

انفجر في وجهها هادرا بسخط

– ايه كان معني اللي عملتيه بليل ده

تخشى أن يستمع إلى دقات نبضات قلبها الخائنة ، وهي مقتربة منه بحميمية ، تشم رائحته الخاصة به مختلطة بعطر خفيف ، زجرت نفسها وعلى أفكارها المنحرفة لتقول بنبرة ساخطة من نفسها اولا

– وهو انت فاكر مثلا اني هوافق ، صدقني انت اخر شخص ممكن افكر انى اتجوزه ، لأ .. لو اخر راجل في العالم استحالة نتجوز

قست أنامله على ذراعها لتتأوه مخرجة صوت انثوي ناعم جعل وسيم تتقافز في عينيه شياطين ، قال بحدة ولم يختفي الغضب من وجهه

– والسبب

حاولت جذب ذراعها واطلاق سراحها الا انه واضح أعجب بذراعها ، لو أرادها لتلك الدرجة فستقطع ذراعها لكن أولا تجعله وسادة تنفس عن غضبها ، تلك الصور لا تقدر علي محوها من ذاكرة عقلها ، شياطينها ماجت وهي تقول بصوت لعوب

– اممم تفتكري ليه يا جيجي ، مثلا لأنك نسوانجي ، وحقير وايه كمان اااه … احقر انسان شوفته في حياتي

ثم بذراعها الحر اخرجت هاتفها وفتحته لترفع الصورة اليه قائلة بغيرة لم تسيطر عليها

– وممكن اعرف مين الهانم دي ، ياتري بقي قضيتوا شهر العسل فين ، في تايلاند ولا في جزيرة بعيد عن الناس

تجمدت ملامح وسيم وبقي يطالع الي الصورة التي أمامه ، كيف وصلتها ؟!

عقد حاجبيه بعبوس طفيف وهو يراقب هذرها ، جنونها وغضبها الجم .. حتى شعر بقبضتيها تضغطان على صدره بعنف

– البيه ساكت ليه .. طبعا مش لاقي كلام تداري بيه قذارتك

عادت بكل قوة تلكمه بقبضتيها على صدره الصلب ، وهو كتمثال صلب لم يتزحزح انشا ، اغمضت جيهان جفنيها بأسي شديد وهي تهمس بحشرجة

– مش ده اللي كنت عاوز توصله يا وسيم ، ابعد عنك لانك استاذ كازانوفا مش بيحب يتقيد ، توقعت انك هتبقي طاير من السعادة لما ارفض

اغمض جفنيه وهو ينفجر صارخا في وجهها معنفا

– اسكتي ايه .. مش سايبة فرصة اني اتكلم

ارتعد جسدها من صوته الأجش ، لتضغط على شفتها السفلى بألم والدموع على وشك فضحها

خرجت شهقة من شفتيها ، لترفع عينيها المجهدتين هامسة بتعب

– تعبت ، تعبت يا وسيم ، حررني بقي

حاول أن يملك في قلبه شفقة لمنظرها المؤلم لقلبه ، لكنه لم يقدر ، لقد طعنته بقوة .. يشعر بالغدر منها ، لم يتوقع منها تلك الحرة ، جذب معصمها للمرة الثانية هامسا بنبرة غامضة

– وانا اللي جاي اطالب انك تحرريني

رفع رأسها لتصبح في مستوى عينيه ، عينيه ما زالت ملبدة بسحب سوادء وعينيها كشتاء قارص وخواء هو ما في داخلهما

اخرج نفسا عميقا ليرتطم في وجهها ، اغلقت جفنيها تزامنا مع زفرة انفاسه الحارة ، تشعر بلسعة في وجنتيها ..أول قطرة دمعة رآها

لقد سقطت الملكة

وانتصر هو

مرر وسيم إبهامه على وجنتها الناعمة ، والنعومة تغريه لاشياء محظورة أكثر

العقل يتلاعب بخبث

والشيطان يخبره يتخذ ذلك الوضع لتلك الأنثى الضعيفة أمامه ، مغلقة الجفنين .. منفرجة الشفتين

سيطر على أعصابه المتلفة وهو يقول بنبرة مختنقة

– جيهان ، من وانتي وصغيرة كنت معتبرك اختي رغم اني عارف انك مش اختي ، غصب عني حاسس انك مصيبة لحياتي ومكدبتش .. بلوة ملونة في كل مرة ومحاولاتك وانتي تبيني انك انسه مش لسه بنت بضفيرة عشان اشوفك

فتحت عينيها علي اتساعهما جاحظة وهي تسمعه يقول بتصريح وقح منه

– تفتكري مكنتش عارف ، تفتكري شوية كلام اهبل زي اللي سامعته هيخليني معرفش ايه اللي بتداريه بلسانك وعنيكي فضحاكي

كشفت الأوراق

وصار اللعب على المكشوف

تظاهر هو بعدم الملاحظة

وهي الغبية التي كانت تلمح له

أي غباء اخر اوقعها وقد شعرت انه مرغ بأنوثتها ارضا كما فعلت برجولته ، شمخت انفها بكذب وقالت بمواجهة

– علي الاقل صريحة ، وانت

ضاقت عيناه ومازال مقتربا بحميمة منها

السحب تنقشع تدريجيا من عينيه ليظهر بريق من زرقة عينيه الباردتين

لكن لم تكن بادرتين

بل مشتعلتين كجمر

ارتجف جسدها وعينيها اسيرة عينيه وهو يقول بنبرة خاصة

– أوقات الصراحة مش بتكون مناسبة ، بنضطر نلمح

تلملمت في وقفتها وهي تحاول الفكاك من اسر عينيه المتواصل قائلة

– اتأخرت

ابتسم بمكر وهو يمرر أنامله على وجنتها ، ليقول بهمس خاص

– خليكي شجاعة وكملي مواجهتك

دفعت أنامله بعيدة عنها لتقول بحدة ورسالته وصلتها كالشمس المتوسطة في كبد السماء

– أكمل ؟!! … اكمل ايه يا وسيم ، ورسالتك باينة ، ايه عايز توصل ايه تاني

انفلت ابتسامة من شفتيه وقال

– غبية ، مندفعة ومتهورة

ندمت على محادثاتهما ، تشعر بالغباء والتهور .. بل والاندفاع لمقابلته كما لو انهما لصين أو عاشقين يتقابلان بعيدا عن أعين الجميع ، وصلها صوته الشبة مرتفع وهي تعبر الشارع نحو باب الفيلا الخاصة بها

– لسه شايفاني مثل اعلي ليكي ، حجبتك من عيون الناس وكنت ناسي ان عيونك هتكون ليا ، لسه شايفاني في مكانة كبيرة ولا زي ما بتقولي نزلت من نظرك

نظرت اليه وهي تستدير على عقبيها لتقول بانزعاج

– عايز ايه يا وسيم

صمت

وثواني الصمت

اشعرها بدغدغة في جسدها لتسمعه يقول بنبرة خشنة

-حرريني يا جيهان

تسيبت ساقها وهو يلتفت عائدا نحو مدخل فيلته ثم دار وهو يجدها ما زالت واقفة بتخشب ، أشار بيده للدخول الا أنها لثواني انفصلت عن العالم

أي تحرر يرغبه هو ؟!

أرغب أن يتخلص من واجبه ، ارتعد جسدها من نبرته الخشنة

– ادخلي جواا

اطاعته في صمت وهي تدخل عبر البوابة واغلقته خلفها لتستند بظهرها على الباب ، والنوم لا سبيل ليزورها الآن

الوغد اللعين

سبته في داخلها وهي تشعر بالحنق من نفسها ومن ومن تهور قلبها تكاد تشعر انه سيلقيها في التهلكة حتما !!

*****

في حي عاصي ،،

تحركت توحة في ذلك الصباح الباكر متوجهه نحو المقهي متجهه نحو شخص بعينه ، لولا وعدها لتلك الحمقاء لما تحدثت مع عادل الان ، صاحت بصوت مرتفع وهي تدخل المقهى باحثة بعينيها عنه

– هيما

تقدم هيما مسرعا ملبيا طلبها

– نعم يا ست الكل

ضيقت عينيها برعب جعل الفتى ينتفض قلبه هلعا وهي تقول بحزم

– كوباية شاي وبسرعة

هز الفتى رأسه عدة مرات قبل أن يندفع نحو الرجل لصنع شاي خاص لسيدة الحي الاولي

– عنيا يا ست الكل

تقدمت نحو عادل الذي وجدته منكب علي أوراق لم تكترث لماهيتها ، صاحت بصوت رائق لا يخرج سوى للأحباب

– صباح الخير يا ابني

رفع عادل عيناه واتسعت عيناه بجحوظ ، غير مصدقا ان توحة جاءت في الصباح الباكر هنا مقتصدة إياه ، نظر الى ساعة يده ليتأكد أن الوقت لم يسرقه … وقف من مقعده وهو يقول بنبرة بشوشة

– ايه ده ، ايه النشاط ده يا ست توحة ، مكنتش متوقعة انك تنزلي بدري القهوة ، اقعدي يا ست الكل

جلست توحة و شعورها بالثقة يملؤها ، ثم استبشرت خيرا من مزاجه الرائق ، همت بالتحدث إلا أن الصبي وضع كوب الشاي على الطاولة الخشبية قائلا

– اتفضلي الشاي يا ست الكل

قالت توحة بمزاج رائق وهي ترتشف الشاي

-بتتعلم يا واد السرعة

فغر الصبي فاهه ، غير مصدقا أن المرأة لم تزجره كعادتها ، كان سيبقي تمثالا متخشبا امامها الا ان صوت احد رواد المقهى ينادي بأسمه جعله يتحرك ملبيا نداء العمل …

ضيق عادل عينيه ، وهو يعلم ان توحة لم تأتي هنا لتتسامر معه ، قالت بنبرة هادئة

– عامل ايه في الشغل

امتلئ قلبه بالامتنان الشديد لها ، وهو يقول بنبرة ممتنة

– الحمدلله مش عارف اشكرك ازاي يا توحة ، بس بجد انتي تاني سبب بعد ربنا ان الجيم ياخد سمعة بين الناس

ابتسمت توحة من بين شفتيها وهي تقول بهدوء

– يا واد انا عملت ايه

صاح عادل قائلا

– كفايا ان المكان في مكان راقي وانتي بنفسك خلتيني أأجر الدور اللي تحت من العمارة منك

العقار كان ملك والدها وورثته هي بعد موته ، وقتها كانت تسكن في تلك المنطقة الشعبية ولم تقدر وقتها ان تغادرها وقد جعلها حبيبها الراحل تعشق تربته ، قالت بهدوء

– انت عارف انه مش ليا ، ده بتاع عاصي ، وعشان انت صاحب جدع هو وقف في ضهرك

امتلئ عينيه بالامتنان الشديد وقال

– جميلك مغرقني يا ست توحة والله

ابتسمت توحة بلطف شديد ثم قالت بنبرة خاصة

– مش ناوى بقى تفرحنا يا ابني

اتسعت عيناه لثواني ثم تحول وجهه للوجوم ليقول بنبرة مقتضبة

– هي اشتكت ولا ايه

زمجرت توحة من بين اسنانها لتضع كوب الشاي بحدة قائلة

– مش عاجباني نبرتك يا ابن سالمة

ضم عادل شفتيه بحرج ثم قال وهو يحاول المحافظة على طور هدوءه

– يرضيكي اللي بتعمله ، هي أجلت الخطوبة عشان مسابقة تافهة كانت ممكن تخلي مشرفة تروح بدلها اليوم ده وهي تحصل البنات اليوم التاني ومكنتش هتتأخر

اتخذت اللين وهي تقول بنبرة خبيثة

– وهو لما الست تتدلع تلوي بوزك يا ولا ولا ايه ، ده انتوا كدا وعلي البر ناوي تعمل ايه بقي لما تتجوزوا

لوت شفتيها يمينا ويسارا بعدم رضا علي حال ذلك الجيل ، انفجر عادل ضاحكا وهو يقول بنبرة جامدة

– نتجوز .. وده في مخططها اصلا ، اشك كدا

تبرمت شفتي توحة قائلة بهمس

– منك لله يا أسماء يا بنت مني ، الواد طفش منك

وضعت يدها على الطاولة وقالت بحدة و مزاج سوداوي

– لخص كلامك يا عادل ، عايزها وتريحوني منكم ولا اشوفلها واحد غيرك ميبقاش زي العيل الصغير اللكاك

اتسعت عينا عادل ولوهلة نظر حوله يتأكد من كون لا أحد سمع جملتها المهينة لوضعه كـ كابتن بين الحي ، ليقول مرددا بدهشة

– شيفاني عيل صغير

رفعت توحة كلتا يديها إلى السماء تشكو إلى الله ثم ضربت عدة مرات على فخديها قائلة بحنق

– يعني انت مش معترض علي لكاك ، طيب انا خلصت ذمتى ، اولعوا في بعض

انتفضت قائمة من مقعدها وهي تتجه نحو الخارج ووقتها رأت حفيدها قرة عينها ، ابتسم عاصي بنعومة شديدة وهو يحاول ان يفك ذلك الخصام المستمر بينهما

– صباح الخير

أدارت بوجهها للجهة الأخرى لتشيح يديها قائلة بتبرم

– لا صباح ولا زفت

ضاقت عينا عاصي بتعجب وهو يراها تتجه نحو عقار منزلهما ، عاد بانظاره نحو عادل المكفهر الوجه ليقول بحدة

– عملت ايه في توحة

رفع عادل وجهه نحوه وقال بنبرة لا مبالية

– الموضوع نفسه

هز عاصي رأسه لا مباليا ليقول بتعجل

– انا محتاج الحق الشغل ، هكلمك لما ارجع

استقام عادل من مقعده وهو يغمغم بسخط

– فين كلامك انك هتقسم الوقت بيني وبينك في الجيم

صاح عاصي بتعجل وهو بكل شوق متلهف لرؤية اميرته

– مش فاضي يا عادل ، هكلمك

ضرب عادل كلا كفيه ، غير مصدقا صديقه الذي لا يستمر العمل في المؤسسة يذهبا يوميا !!

……..

في ملعب التنس الخاص بالمؤسسة ،،

تقف وجد بكل ثبات ببنطالها الأسود الرياضي الضيق مبرزا رشاقة ساقيها وفوقه تي شيرت قطني من اللون الأبيض يضم جذعها العلوي الرشيق بكل حب ، عينيها تتابع الفتيات وهما يتحركون بكل تعثر وبعض الجهل ليسددوا الكرات التي يطلقها مضرب الكرات ، إلا واحدة فقط كانت تنظر بكل تأني نحو الكرة التي تخرج من مضرب الكرات لتتحرك تسدد واحدة والثانية والثالثة لا تقدر على تسديدها ، ابتسمت وجد بحنين شديد وهي ترى تلك الفتاة الرائعة تسبيح ، أحبتها حبا جما

بل جميع الفتيات هنا أحبتهم ، تشعر انها علي سجيتها وحريتها ، غير مقيدة حيث كل حركات أفعالها وابتسامتها تحت مجهر المتربصين ،، وكل هذا يعود لفضل

ذلك المقتحم لحياتها دون سابق إنذار

صاحب العينين الخضراوين ، ورسائل عينيه تبوح بالكثير رغم صمت الشفاة

توردت وجنتيها وهي تتذكر بحماقة حينما طلب رقم هاتفها ، وقتها شعرت بالحماقة حينما سألته لماذا …

هي بحياتها لم تشعر بتلك التصرفات المخجلة في حياتها سوي أمامه ، وهو كان متفهم ومراعي جدا لتخبطها وتعثرها ، كان يمزح قائلا حتى يهدأ تلك المزعجة تسبيح لسؤالها عنها ، وافقت على خجل … عضت شفتها السفلى بخجل من نفسها

كيف يربكها دون مجهود يذكر ، بل ويجعل وجنتيها تتوردان والحماقة تتفوه بلسانها كأنها مراهقة غرة تقابل أول معجب في حياتها

مررت يدها علي خصلات شعرها وهي تهمس ، هو أول معجب حقيقي لها

ليس شاب غر من وسط مجتمعها ، بل رجلا بكل ما للكلمة من معنى .. توقعت ان اهتمامه نابعا فقط كونه طبيب ، لكن استغلاله للوقت ليحادثها لأكثر وقت ممكن ، حتى أنها لم تسلم من كلمات مدام روفيدا التي تخبره انه بات يأتي للمؤسسة لمقابلتها ، وما جعل وجهها ينكس خجلا انه اعترف انه يأتي ليمتع عينيه بوجهها الصبوح

كانت أول جلمة غزل تخرج عفوية منه ، لدرجة جعل قلبها يخرج عن طور هدوءه .

استفاقت من شرودها لتشعر بأنها كانت شردت كثيرا عن المعتاد وصوت تسبيح يناديها بيأس لتجلي حلقها وهي تميل بجذعها قائلة بتشجيع

– برافو يا تسبيح ، صدقيني عند يقين انك هتبقي لاعبة تنس عالمية لما تكبري

تلالا عينا تسبيح بعدم تصديق لتقول

– بجد

أومأت برأسها وهي تربت على خصلات شعرها قائلة

– بجد لو هنذاكر كويس واسمع اخبار حلوة من الميس روفيدا ، مش كدا ولا ايه

عبست ملامحها لتقف متخصرة قائلة بحنق

– بكره المذاكرة ، مملة .. بحب العب

قالت وجد بنبرة جادة وهي تحاول ان تستميل رأس تلك العنيدة

– عايزة تبقي لاعبة عالمية ازاي وانتي معندكيش لغة لا انجليزي ولا فرينش حتى

لوت تسبيح شفتيها وصمتت لثواني تقلب الكلمات في رأسها قبل أن تقول باعتراض

– مش دايما ، بشوف لاعبات مش بيعرفوا يتكلموا انجليزي وبيكون في مترجم بدالهم

تعترف ان الفتاة التي امامها ذكية ، لكنها قالت بهدوء

– صح ، المترجم هيترجم كلامك بس مش هيقدر يوصل لمشاعرك ويفسرها للناس ، بعدين المترجم هيكون واخد شهرة اكتر منك وتحت الأضواء

هزت رأسها ببعض الرضي لكلامها ، رفعت عينيها لتقول بجدية

– ممكن ، انا هروح بقى استحمي واكل عشان ورايا مسلسل اتابعه

اتسعت عينا وجد وهي تري الصغيرة انهت وقتها للعب لتقف مذهولة من ما تجده من ردود الأفعال التي تصدر عفوية بعض الشئ ، نظرت نحو باقي الفتيات اللاتي سارعن باللحاق بها متححجات ببعض الفروض المفترض القيام بها ، هزت رأسها يائسة وهي تري الملعب أصبح هادئا لتقوم بجمع الكرات الملقاة في أنحاء الملعب ..

عيناه راقبت انحناءات جسدها الانثوي في كل حركة ، وذلك البنطال الضيق يكاد يطلق وحوشه الصغيرة للفتك بعنق تلك المرأة ، لكن يعود مصبرا نفسه ، أنها لم تعد ترتدي تلك الجيبة القصيرة ، لكن هذا لا يمنع انها ترتديها في ناديها الخاص

تراقصت شياطينه بجنون وهو يتخيل كل رجل وقعت عيناه علي ما يخصه هو ، ضم قبضة يده بعنف وخياله يسبح بجموح مما جعل غضبه يتراقص على حافة الجنون ، حاول تهذيب ملامحه لكن صوتا خرج غاضبا بعض الشئ

– تعبتك اكيد

شهقت مجفلة من صوت أجش رجولي بات يغزو انوثتها في أوقات شرودها .. لوهلة شعرت بفقدان الذاكرة وهي تحاول ان تستوعب جملته .. هل كان مستمعا لحديثها مع الصغيرة ؟!! ، اعتدلت بجذعها من نظرته النارية حينما شعرت بنظراته الساخطة على انحنائها ، مررت يدها علي خصلات شعرها بارتباك وردت بصوت ناعم

– في مرحلة كنت زيها ، علي العموم اتمني فعلا تنتبه لمذاكرتها

كل ما بها ناعم يدعوه بشدة ليتذوق شهد جنتها الخاصة

حارصا علي عدم جعل غيره يراها ، لأنها صارت جزءا يخصه

أنثى خلقت من ضلعه الأعوج

ابتسم ببشاشة ومزاجه يتحسن تحت مراقبته للتورد الطفيف المزين لوجنتيها

– اتمني كدا

عينيها متحاشية النظر لعينيه

تحرمه من الوصول لروحها

– بفكر نعمل لبس تنس للبنات وكورة للولاد

قالتها مقترحة اياه وعينيها ما زالت تمنعه من الولوج إلى معرفة كينونتها

هز رأسه وهو كان على وشك اقتراح تلك الفكرة لروفيدا ، هم بالرد عليها لكن وجد روفيدا اقتحمت عليهما دائرة الحديث وقالت بسعادة

– والله مش وحش ، نعمل طقم جديد بشكل مختلف عكس السنين اللي فاتت للولاد ، وبالمرة نكلم المصنع يعمل خط جديد للتنس

شعرت وجد بالفخر للحظة نتيجة القاء فكرة عارضة ، راقبها عاصي بعينين متفحصتين ثم قال بنبرة هادئة

– ونكلم المصنع ليه وفي ايدينا مصممة

رفعت روفيدا عيناها وكررت كلمته بعدم فهم

– مصممة

هز عاصي رأسه وهو ينظر بعينيه نحو وجد التي طالعتهما في بادئ الأمر ببلاهة ثم سرعان قالت نافية

– انا .. لا اكيد لا ، بقالي فترة ممسكتش قماش

ابتسم عاصي من بين شفتيه وقال بنبرة ماكرة

– ومنستغلش الفرصة ليه

هز رأسه موافقا ونظر إلى روفيدا نظرة ذات مغزى جعلت الأخرى تهز رأسها موافقة ، انشرحت أساريره وقال بنبرة هادئة

– تعالي

هزت رأسها نافية عدة مرات لتهمس بخفوت

– عاصي ، لا ارجوك

نظر اليها بعبوس وحاجبين منعقدين بشر ، جعلها تنكمش اكثر وهي تري جسده العضلي يبدو أنه زاد ضعفا ليظهره بمظهر ضخم ، تحركت على مضض وهي تسحب حقيبتها التي القتها ارضا سابقا ، ثم سارت وحنق يعتري وجهها وهي تتجاوزه الا انها شعرت به يلحقها ، ارتجف قلبها لوهلة وكاد ان يسقط بين قدميها وهي تسمع صوته

– مش قولت انا هتكفل اني ارجعلك شغفك

توقفت قدميها عن التحرك ، لتقف عابسة تنظر اليه بحنق ، لقد وضعها في مأزق ، رفعت عينيها اليه وقالت وهي تحاول ان تستميله للعدول عن رأيه

– عاصي العدد كبير ده غير هيكون في وقت صغير وانا

قاطعها بثبات شديد وعينيه تراقبان بشغف لعينيها الخجولتين

– مش عندك مشغل

هزت رأسها موافقة

– ايوا بس

قاطعها للمرة الثانية وهو يبتسم بهدوء ليضع يديه في جيب سرواله الجينز

– يلا ، بس الاول غيري لبسك هستناكي برا

نبرته الآمرة وعبوس حاجبيه جعلها تسرع ذاهبة الى غرفة تبديل ثيابها

وقلبها الأحمق يطرب بانتعاش

تشعر انها تسبح في غيوم وردية ، انقبض قلبها على خاطر ان كل ما يفعله مجرد مساعدة طبيب .. ذلك الهاجس لم يستمر للحظات لتهز رأسها نافية

ليست عمياء لعدم رؤيتها لذلك الاهتمام المطل في حدقتيه ، اهتمام رجل لأنثى

غطت بكفيها حول وجهها وقلبها يتراقص بسعادة لأول مرة في حياتها الكئيبة .

******

في موقع التصوير ،،

زفرت فرح وهي تفرك كلا يديها بتوتر ، تلك المرة هي الأخيرة قبل انطلاق الاعلان على مواقع التواصل الاجتماعي ثم على شاشات التلفاز ، أغمضت جفنيها وجسدها يرتجف بتوتر … ما كانت تفعله في السابق شئ وما ستفعله شئ اخر .. انتبهت علي صوت المخرج وهو يأمر الجميع لاتخاذ مواقعهم ، تشجعت وهي تزفر بعمق قبل ان تأخذ موقعها وعينيها تنظر بتوتر نحو ناجي الذي كان يحدث المصور هامسا ببعض العبارات ثم انتبه الي نظراتها القلقة

شجعها بابتسامة مطمئنة لتهز فرح رأسها وهي ترمق بين الجميع نضال الذي اختفي من بين الجميع ، ألم يخبرها انه سيلحقها بعد انتهاء مكالمته ؟!!!

نفضت أفكارها التي ستشوشها وانتبهت الى عدسة الكاميرا والي الاضاءة الساطعة ، لتبتسم بثقة وابتسامة ناعمة تزين شفتيها

وهي تكرر الخطوات للمرة الأولي والاخيرة

تستعيد بعض النقاط التي راجعت عليها جيهان كي لا تؤثر علي تركيزها أمام الكاميرا ، الابتسامة زادت اتساعا

وبدأت تكتسب ثقة مفرطة

ليتحول الإعلان من إبراز جمال منتج الاعلان أصبح يبرز جمالها هي الخاص ،

كان ناجي يتابع بعينيه دون أن يأمر بتوقيف التصوير وعينيه تتابعها بشغف حتى وصلت الى المقطع الأخير من الإعلان لترتسم ابتسامة علي شفتيه حتي علي صوته قائلا

– كات

دوي ضجيج في أذنيها وقلبها يقرع كطبول الحرب ، رفعت عينيها لتلمح ناجي الذي صفق بكلا يديه قائلا

– تجنني يا فرح

اكتسى وجهها بالحمرة لتقول بانفاس لاهثة

– شكرا يا مستر ناجي

ثم نظر إلى طاقم التصوير والاعداد ليقول بصوت صاخب

– مبروك يا شباب على الاعلان

التفتت الى مساعده قائلا بجدية

– الاسبوع الجاي هنزل الاعلان في السوق بدل الحالي ، عايزينه بسرعة ينتشر ويرضي العميل

تمتم مساعده وهو يهز رأسه موافقا

– اكيد

استأذن مساعده ليعقد ناجي حاجبيه قائلا لفرح الشاردة بتيه

– مالك

أجابت فرح بشرود شديد

– مستغربة

– من ايه ؟

تتعجب من الفتيات اللاتي يكاد يقاتلن ليصلن للشهرة ، تري ما هو شعورهن حينما يحققن غايتهن ، لان ما تشعره هو اللاشئ ، قطبت حاجبيها متسائلة

– لما موديل بتصور اعلان لأول مرة ايه شعورها

ارتسم على شفتي ناجي ابتسامة ساخرة

– اعتقد بيكون مغمي عليها

لكن ما تشعر به هو القلق والتحفز لا أكثر ، تمتمت بتيه شديد

– طب انا ليه مش حاسة بدا

أجاب ناجي بصراحة

– يمكن لانه مش طريقك

انفجرت فرح ضاحكة باختناق لتهمس

– طريقي ، حاسة اني تايهة مش لاقية طريقي

مرر ناجي يده على ذقنه وقال بهدوء

– في مرحلة بنحس اننا فعلا تايهين او أحنا اتصورنا الطريق هيكون بشكل وطلع الواقع مختلف ، العقل في الوقت ده مش عايز يستوعب

أومأت برأسها صامتة ، لتعقد حاجبيها قائلة ببعض المكر

– فلسفة جديدة يا مستر ناجي

تمتم بجدية وهو ينظر الي عينيها المشاغبتين

– حفل اطلاق الاعلان لازم تكوني حاضره فيه، عشان تقابلي اصحاب المنتج ويمكن تكون فرصة كويسة تبقى في القسم ده من الاعلانات

توجس في قلبها خيفة لتهمس

– هو انا هتغير في قسم تاني

هز رأسه وقال بصوت هامس

– عايز اقولك عندنا قسم اللبس وبيكون من أكبر قطعة لاصغرها وصدقيني بتكوني مجبرة

اتسعت فرح عيناها بجحوظ ، ليقول ناجي بصلابة شديدة

– العقد ، اكيد قريتيه قبل ما تمضي

سيقتلها نضال ، تقسم انه سيفعلها … وعلى ذكر اسمه تقدم بكل غرور قائلا بصوت ممتعض

– اعتقد خلصنا

اقتربت منه وهي تمرر أناملها ذراعه قائلة

– اول اعلان ليا يا نضال هينزل

تمتم ناجي ببرود وهو يلاحظ نظرات العداء في عيني زوجها

– عن اذنكم

زفر نضال بسخط ليقول حانقا

– كأنه مش طايقني

رفعت فرح حاجبها بشك ، ألم يقوم بافتعال العديد من المشاكل حينما يأتي إلى هنا ، ابتسمت بنعومة لتقول بتهكم

– هو فعلا مش طايقك ، ايه سبب تشريفك العظيم لهنا بعد ما خلص التصوير

جذبها من ذراعها قائلا بهدوء

– قولنا نروح ناكل ، ولا ايه رأيك

اتسعت عيناها لتضع كفها على جبهته قائلة بتهكم

– انت سخن ، هنتغدي برا

تجهمت ملامح نضال وضاقت عيناه للعبوس ليقول

– غيري اللبس ده مستنيكي برا

هزت رأسها بتفهم وهي تنطلق نحو غرفة تبديل الملابس ، ليزفر نضال حانقا لقد انتهي من ذلك الاعلان السخيف ومن مجيئها لتلك الشركة المملة .. بالله ماذا ستجني أموال سوى الفتات .. سيفسخ عقد عملها ثم تلتفت هي الي دراستها ، هو لم يمنعها من الدراسة لكن ذلك العمل المقرف ابدا … يكفي انه يكاد يحافظ طور هدوءه كي لا يفتك بذلك الناعم الملتصق بها ،،،

لفت انتباهه صوت امراه تصيح بدهشة

– نضال ، مش مصدقة انك شوفتك

جذبت انظاره فرح التي تقترب منهما لترى امرأة أقل ما يقال عنها فاتنة تلقي بجسدها بين ذراعيه ، زادت عيناها اتساعا وهي تميل رأسها باستنكار وهي ترمقه شرزا لتسمع صوت تلك المائعة

– فينك ، من ايام الكلية والرحلات وسمعنا انك بقيت رجل اعمال واتغيرت حياتك

تنحنح نضال بحرج وهو يبتعد عن أحضانها ، جذب تلك المشتعلة بغيظ وغيرة ليقول بابتسامة لبقة

– اعرفك المدام

شهقت الفاتنة ذات الخصلات الشقراء لتقول

– اتجوزت

لتضيف فرح قائلة بتهكم

– وعايزة اقولك انه عنده بنت

انفرجت شفتي الفاتنة ببلاهة ، لتمتم بعدم تصديق

– وخلفت ، بتهزر .. كل ده دي الشلة مش هتصدق

جزت فرح على أسنانها بغيظ شديد ، هل جميع نسائه شقراوات ؟!! . . قالت بحدة

– وانتي كنتي في غيبوبة ولا ايه ، مش بتابعي أخبار المجتمع

قرصها نضال من خاصرتها لتحدجه فرح بنظرات مميتة ونضال يهدئ من الاوضاع المشحونة قائلا بمرح

– انتي عارفة اوقات الست لما بتبقي روحها في مناخيرها ، ايام وبتعدي

اتسعت عينا المرأة بفهم لما يقصده لتهدر فرح بحدة وهي تشعر بالغباء لوهلة بينهما

– انت قصدك ايه بكلامك ده

قرر نضال أخذ تلك المجنونة بعيدا ، لتهمس الفاتنة بالوداع مع لقاء قريب كان هو يهز رأسه ويسحب فرح المشتعلة بغضب لتهمس بحدة

– مين دي

راقب غيرتها بعيون ماكرة ليقول بنبرة هادئة

– كانت من شلة الجامعة ، تقدري تعتبريها عايشة برا عشان كدا متعرفش حاجه

زفرت حانقة لتجز على أسنانها ساخطة

– طب ما حياتك حلوة اهي ليه كنت مصدر وش الخشب

أم هم الشقراوات من يحظين بمعاملة متفردة ، غمغم نضال باقتضاب

– كان فيه مصالح بين والدها والعيلة ، زي ما بتضحكي في وش الناس تقدري تضحكي في وش اي حد

لم تكن فرح في حالة تسمح لها للاستيعاب أنه كان يبرر موقفه ، بل ويعطي معلومات لأمراة كانت منذ قليل تعامله بحميمية، يكفي رؤيتها لمشهد العناق ليطير أي ذرة تعقل في داخلها

هل ما زالت تغار

تغار علي ذلك المختل المريض

تعشقه بجنون ، حتى ما قسوته وجلفته

دبت على قدميها تصيح بحنق

– انا عايزة ارجع البيت

يشعر انه سيمر في نوبة جنونها مثل كل شهر ، أغلق فمه دون أن يصدر تعليق وهو يشير بيده نحو السيارة ليسمعها تمتم بحنق

– متقربش مني لمدة اسبوع يا نضال عايزة الحق اذاكر عشان الامتحانات

جذب جسدها نحوه لتشهق فرح وهي تري المكر المتلألأ حدقتيه

– اسيبك تذاكري اه ، لكن تمنعيني عنك يا فرح مش هيحصل الا لعذرك بس

زمت شفتيها قائلة بعبوس

– قليل الادب

– مش جديد عليا

أقرنها بغمزة وهو يجذبها نحو سيارته ، مقررا اليوم سيكون هادئ ولطيف دون أي منغصات أو جنونها الذي يتلبسها في أوقات مريبة ..

سلام داخلي لكلاهما … قبل أن تحل عاصفة تقلب بسفينته رأسها على عقب .

*******

أناملها الرشيقة تنساب علي أقمشة الحرير ، ابتسامتها متسعة بفتنة ، وعينيها البندقتين متسعة بانبهار حقيقي ، راقب عاصي من على بعد مسافة تلك الأميرة التي تلتمس كل قماش مختبرة جودته ثم تعود إلى أقمشة الحرير تستمع بنعومتها علي بشرة جلدها

ارتسمت ابتسامة علي شفتيه ، وعينيه لا تغفل عن مراقبتها والاستمتاع لاخر قطرة للتشبع بتصرفاتها العفوية ، زفر عاصي متنهدا بحرارة .. كيف ستتوقف عن التصرف بتلك العفوية التي ستقتله

بل ستتوقف عن اصدار ابتسامة هوليوود تلك لأي رجل ، تعكر مزاجه وهو يري شابا يتودد اليها وهو يعرض عليها انصافا من القماش وعينيه نهمتين تكاد تلتهما التهاما ، قدميه اصدرت امرا بالتحرك دون الرجوع لعقله وهو يتقدم بضخامة جسده كالطود يحيط بتلك الرقيقة التي تلتمس قماشا حريرا أحمر اللون ، بعينين داكنتين ألقي نظرة مميتة الي الشاب التي تكسرت أحلامه عند أول سلم ، وبحمائية شديدة لف بجسده حولها

حماية تلك الزهرة الرقيقة من أن تصل لعيون أي حشرات مفترسة لايذائها ، مال برأسه وعبير عطرها الناعم ازكمت انفاسه ليهمس بصوت اجش

– سرحانة في ايه

ارتجفت وجد من سماعها لصوته الأجش

كيف لم تشعر به لتلك الدرجة ؟!! ، حرارة جسده تكاد تلسعها وزفراته الحارة أحرقت عنقها ، فغرت شفتيها ودارت برأسها لتنظر الي عينيه

الوعد يتكرر دون أن تطالبه به

ذلك الوعد المقروء جعل خوفها وترددها تتركه جانبا ، لتتهور وهي ترفع رأسها لتسمح لعينيها النظر إلى تفاصيل لم تراها سابقا

أجلت حلقها وقلبها يقرع بجنون يشابه جنون افكارها به ، خشت أن يسمعه لتهمس بخفوت

– افتكرت وقت لما روحت لوحدي اجيب قماش لأول فستان اعمله

رقت عينيه وهو ينظر الي اناملها التي تداعب القماش باستحياء ، وسؤال يراوده

هل جلدها أشد نعومة من الحرير ، أم الحرير يطالبها لتلف جسدها به ؟!

استرسلت بنعومة شديدة وهي تخفض عينيها بخجل لتقول

– كان احمر ، عملته لما كان عندي 18 سنة

انفلت عقله عن عقاله وصاح متهورا

– وهو فين دلوقتي

ارتفعت عيناها وسؤاله أخذها علي حين غرة ، بقت تنظر اليه منفرجة الشفتين قبل أن تهمس بارتباك خجول بات ملاصقا له وهي بجواره

– في الدولاب ، ومن بعدها معملتش فستان بعده .. حسيت اني مش هعرف اعمل واحد زيه

اختلجت عضلة في قلبه ، لتغيم عينيه وهو يترك عنان مخيلته للجموح لأول مرة

تتهادى إليه بفستان أحمر من حرير يكاد ينافس نعومة جلدها ، تابع بنفس الهمس الخشن

– عشان الشغف

دغدغة ناعمة سرت على طول عمودها الفقري لتقول

– لأنه كان فستان حلمي يا عاصي بس

شهقت مجفلة من صوت نشاز جعل تفيق من غمامتها الوردية

– تمام يا استاذة ، نقص

نظرت حولها لتري نظرات العمال من بين ممتعضة وأخرى متسلية ، أجلت حلقها وهي تأخذ خطوة مبتعدة عن مدار ذلك الرجل المهلك لتهمس بحشرجة

– قصه

ضم يديه في جيب بنطاله وعينيه تقتحمها شخصيا دون هوادة ، يراها مرتبكة امامه لكن لم يرحمها ولو لثانية

لو فقط تعلم ما يموج في داخله

يكاد يضم قبضة يده كي لا يؤذيها ، سألها قائلا

– بتعرفي تعملي بدله رجالي ولا اخرك بس فساتين

استشفت من صوته بعض التهكم ، لتعبس وجد متمتمة ببلاهة

– بدله

اقترب منها قائلا بنبرة مرحة

– اجرب قصتك يا تزري باشا ، مش يمكن تكون احسن من اللي بشتريها

ارتفعت عيناها تنظر إليه ، بعض الامتنان يتلألأ عيناها لتقول ببلاهة

– عاصي .. انا

سحب نفسا عميقا وزفره علي مهل ، يحاول أن يتعامل بهدوء .. واسمه ينساب بكل سلاسة من شفتيها دون حرج أو خجل مثل المرات الاولي ، قال بهدوء

– متتوتريش ، بس عايز ايدك تشتغل بس عليه متعمليش تصميم وتخلي حد يشتغل عليه زي لبس العيال

لاح الخشية من عينيها ، لتغيم عيناها وهي تنظر اليه ولسانها لا يجد ما يجيش بداخلها

كيف تخبره انه الوحيد من طلب أن تصمم له شيئا خاصا ، جدها وابني اعمامها لم يطلبوا منها شيئا قبلا حتي جميلة كانت تجاملها ، جدها قرر دعمها ماديا فقط ، اغرورقت عيناها بالدموع لتهمس بخشية

– عاصي ، انا مش هقدر

دعمها بحنو شديد والنظرات المشجعة في عينيه ، صادقتين لدرجة مرعبة لنفسها ، غمغم بحنو

– هتقدري ، وبعدين مستعجل عليه عشان ورايا خطوبة صاحبي عايز الحقها

يفهم كل ما يدور في عقلها ، يتفهم ترددها وتوترها وهو ينظر اليها بصبر وتشجيع صامت من عينيه ، لتحاول ان تلم شتات نفسها قائلة

– مش هوعدك ، انا مجربتش اعمل حاجه رجالى قبل كدا بس ههحاول

لكن سرعان ما قالت بنبرة جادة

– بس هيكلفك خامة ومتزعلش لو مطلعش زي ما انت متصور

خرجت بسمة من شفتيه لم يقدر علي كبحها ليقول بتلك النبرة التي تطيح بالمتبقي من ثباتها

– فداكي القماش وصاحب البدلة

هل هو هكذا مغازل من الدرجة الأولى ؟!!

سؤال ازعجها رن بصوت مدوي في عقلها ، لتعقد حاجبيها قائلة

– مبقدرش اجاريك في كلامك

ضيق عيناه وهو يرى التجهم المرتسم على وجهها ليقول بهدوء

– اتعاملي بحرية ، القواعد بتكبت الواحد وتخليه عاجز وفاقد الشغف

اشار لها دون العودة إلى البائع لترى اسعار القماش قائلا بصرامة

– يلا بينا هنتأخر

تأففت بغيظ شديد وهي تستدير خارجة من محل الاقمشة ، وقفت امام باب المحل تنظر بغيظ شديد له وهي تراه يتحدث مع الرجل ، لما يفعل ذلك دائما .. تريد هي المشاركة في عمل الخير .. لما يحرمها ؟!!

شعرت به يخرج من المحل لينظر اليها بتساؤل لتقول هي مصطنعة الإعياء

-هو فيه كافيه قريب من هنا ، حاسة انى مهبطة

يقر أنها ممثلة فاشلة من الدرجة الأولي ، نظر إليها بتركيز شديد قائلا

– بتحاولي توصلي لايه يا بنت المالكي

شمخت انفها بغيظ شديد

– ابدا .. برد عزومتك

عبس عاصي وهو يري تفكيرها الساذج ، هل تريده بالمرة أن يعقد ايشارب على رأسه ؟!!! صاح بلهجة خطيرة

– مفيش ست عندنا بتدفع لراجل

دبت على الأرض بقدمها لتقول بغيظ

– يا عاصي كفاية انك مخلتنيش ادفع فلوس القماش

أجاب بجمود وهو يزجرها بعينيه عن التمادي بالتمايع أمامه وأمام الناظرين

– مدام روفيدا هي اللي هتدفع انتي مالك بيه

اعتدلت بجسدها تحت نظراته الغاضبة ، لتزفر بيأس قائلة

– انا عايزة أساهم في عمل خيري يا عاصي

أشار لها بيده لتتوجه نحو السيارة ، سارت بامتعاض وهي تسمعه يقول بنبرة هادئة

– اهتمي انتي بس ببدلتي وتصاميم العيال وملكيش دعوة

فتح باب سيارة المؤسسة واتخذ مقعد السائق وأغلق بابه ليتلفتت الي وجد قائلا بنبرة يشوبها بعض الغموض

– وبالنسبة انك تردي العزومة ، هطالبك بيها .. بس عايزك تكوني مستعدة

ضاقت عينيها بعدم فهم لتقول

– هتفلسني ولا ايه

انفرجت من شفتيه ابتسامة وهو يدير مفتاح السيارة ليغمز لها قائلا

– هفلسك بس مش فلوسك ، بس خليكي مستعدة هطالبك في أي وقت

عقدت وجد حاجبيها والغموض هذا لا يعجبها ، شعرت بالفضول الذي يكاد يفتك بها .. لكن لجمت لسانها وهي تتخذ الصمت ، منتظرة وقت مطالبته بما يرغبه !!!

****

حفلة عقد قران نزار ورهف ،،،

الايام مرت كالبرق ، منذ الصباح وهي تقف متوترة أمام المحكمة تستند بجسدها علي ذراع اخيها وقاص الذي يربت علي ظهرها ، ثم في غمضة عين لم تشعر سوى أنها أمضت عقد الزواج لينطلق زغرودة عالية من شفتي جيهان وهي تعبس لعدم وجود من يدعمها ، كل ذلك الوقت كانت تتحاشى النظر لعيني من أصبح زوجها ،،

تغمض جفنيها في كل ثانية وتفتحها غير مصدقة نفسها أنها عروس ، ذلك الحلم الذي ظنته منذ أكثر من عامان سرابا ، بات حقيقي بشكل مثالي لدرجة جعلتها تبكي وهي في أحضان شقيقها الذي يمرر يده علي ظهرها يهمس بكلمات تبث بها عزيمة وكل ذلك ونزار يراقب بعينين لامعتين بشغف إليها ، الي عروسة الناعمة ..والي ثوبها البسيط الغير مبهرج باللون الزيتوني قضت علي المتبقي منه من ذرات تعقل

كانت قريبة بجسدها وبعيدة عن قبضة يديه

كحلم جميل يتسلل اليه في نومه ، شاعرا انه مكبل الاطراق غير قادرا علي لمسها كما تمني

تتهرب منه في كل مرة ، وتلتصق بأخيها حتي وصلوا الي القاعة التي اقامها احتفالا بتلك المناسبة ، لم يقدر علي الصبر أكثر وهو يسحبها بقلة تهذيب من شقيقها وقاص لينظر إليها بعتاب جعل وجنتها تتوردان من الخجل

زفر نزار متنهدا بحرارة ، ما زال عليه الصبر كي تتعلم تلك الكنافة الهشة ، رفع كف يدها ولثمه برقة ليشعر بارتعاشة يدها ، رفع عينيه إلى خاصتها قائلا ببحة مميزة

– الف الف الف مبروووك ياعمري وروحي ونبض فؤادي واخيييرا كتبنا كتابنا

تشاغلت بعدم الاستماع إلى لهجته الشامية والتغزل بها في عقلها لتقول

– الوقت عدى بسرعة يا نزار لدرجة اني مش مصدقة اللى حصل الصبح ودلوقتي

لف يده على خصرها لترتجف رهف مجفلة من لمسته لترفع عينيها اليه وهو يهمس بدفء الي عينيها

– رووقي ياروحي هيني حدك

استكانت بهدوء وهي تشعر بذراعه مثابة دعم لها ، غمغمت قائلة بهمس

– عارفة انك جنبي يا نزار ، انا مطمنة وانا جنبك

هذا كثير عليه ، يقسم انه كثير … هم بالرد عليها ليتفاجئ بصوت ساخر .. آخر صوت ود أن يسمعه

-لك ولا جحش ماعرفت انك رومنسي هالقد لك شوف عيونك عم تطلع قلوب

قالها غسان ساخرا وهو يقف بكل جمود ودون نية للمغادرة ، جز نزار على أسنانه بغيظ

– لك حل عن سماي يا غسان

نظر اليه غسان بشقاوة شديدة واقترب منه قائلا وهو يدير ذراعه حول عنق اخيه

– مستحيل يازلمة ماصدقت انو طبيت عوشك وخطبت،بس بيني وبينك انت تركت بنااات كيف بتقولوها بالمصري أي تركت بنات ايطاليا المزز

لكزه نزار في خاصرته ليفلت غسان ذراعه حول عنقه متأوها بتوجع ، التفت نزار نحو رهف ليعود تقبيل كفها قائلا بنبرة عاشقة

– رهف عندي ياها بكل بنات الدنيا

ثم مال برأسه يقول بهمس خافت

– هي كنافتي إلى وبس

كسي وجهها بالخجل واحتقن وجهها بالخجل لتهمس بتأنيب

– نزار

مرر بعينه على قدها الممشوق، يحاول رؤية الكيلوجرامات الزائدة ليقول عابسا

– شو انا عم اكذب يعني ،بعدين تعي لهون وين الوزن الزايد حاسسن انو راحو

شهقت رهف بخجل لتضربه بخفه على ذراعه قائلة ببعض الحدة

– بتبص علي ايه

اشتعلت عيناه بتوق شديد وهو يقول بعبثية لم تعتدها

– برايك عشو بدي اطلع عالكنافة ياااكنافتي

شهقت متفاجئة من وقاحته لتضم شفتيها قائلة بتوبيخ

– قليل الادب يا ابن الحاجة عايشة

كان غسان يتابع المشهد الهزلي أمامه بملل حقيقي ، اصدر صوتا ساخرا وهو يقول

– ليك ليك هي فهمانة قلة الادب غلط لك اخي ،لك هي عم تقلك عالحكي قلة ادب كيييف لووو….” تعمد الصمت ليعود مسترسلا قائلا بعبثية ” ياخوفي تقلك متحرش

راقبت رهف شقيق نزار ، وهي تجد فرق بين السماء والأرض بينهما رغم أن المدعو بغسان أكبر منه في العمر ، وتشك في صحة تلك المعلومة ، راته يعتذر نحوها للحظات وهو يسحب شقيقه يقول اليه بحدة جازا على اسنانه ساخطا

– لك اخرررس وامشي من وشي احسن ما اعمل شي مابعجبك

هز غسان وهو يرى خطيبة شقيقه ثم إليه ليقول بامتعاض

-ماشي ماشي …اشبعو ببعض ،بس بتعرف انو الحلو كتير بيزهق

تنهد نزار متنهدا بحرارة وهو يتخلص منه شقيقه لفترة من الوقت لا بأس بها لينفرد بعروسه ، تكاد رهف تخرج زفرة حارة .. رجلها وسيم لدرجة مثالية

يحبها بل يعشقها كما تفعل هي ، رغم انها لم تصرح بحبها لكن عينيها تصرح بها ، بذلته السوداء واسفله قميصه ابيض دون ربطة عنق تاركا اول زرين محلولين ، اقترب منها وهو يمشط شعره بأنامله ليقول

– لاتركزي مع اخي لانه اهبل

ثم عاد يتطلع الي فستانها الزيتوني ليقول زافرا بحرارة

– لك يؤبشني الحلا كله طالعة بتشلي بالفستان ولونه لابقلك ياروحي

رفعت عينيها اليه لتقول

– بجد عجبك ، فريال رفضت وقالت ان الاخضر مش منتشر لمناسبات الخطوبة ، بس مقدرتش عجبني اللون وفكرني بيك

عاد يلف ذراعه حول خصرها ليميل برأسه نحو أذنها هامسا بخشونة

– رهف ياروحي ياعمري انت لا تخلي يلي ضل من عقلي يطير واسحبك على مكان بعيد وطلع جنونتي عليكي

لم تستطيع الرد عليه ، نكست رأسها ارضا تداري تورد وجنتيها عن الجميع وهي تسبه بداخلها على وقاحته .

…..

كان عينا وقاص تراقب صغيرته باهتمام بالغ ، كيف كبرت صغيرته بتلك السرعة وهو يشعر بالامس انها في فترة مراهقتنا تصنع له كعك الكب كيك وترغمه على تناوله جميعا ، ترقرقت عيناه ليشعر بيد ساحرته تربت علي كفه لتقول بابتسامة ناعمة

– طالعة زي القمر يا وقاص

ثم استرسلت متابعة بهدوء

– نزار راجل ويعتمد عليه وهيحافظ عليها وقت ما خذلتها

هو ما كان ليسلم صغيرته الي رجلا غير اهلا لها ، لكن رغما عنه يشعر بالنقص . .أنه لم يكن حامي لها كافي ، كان بعيدا عنها ، كانت تتعذب وهو منشغل في أعماله ، غامت عيناه بحزن ليستمع إلى صوت فريال المعذب

– وقاص ارجوك بلاش تعذب نفسك بالطريقة دي ، انت مكنتش موجود وربنا نجدها ، ارجوك حاول تتخلص من تأنيب ضميرك ده

اختنقت انفاسه ، وهو يرفع عينيه لينظر الي ساحرته ، تزداد كل يوم سحرا وهي تحمل له طفلا في أحشائها ، غمغم بنبرة اجشة

– بحاول يا فريال مش قادر ، كل ما اشوفها قلبي يتقبض وانا بتخيل انها قعدت لسنتين في مصحة نفسية بتعالج من الادمان واثار النجس ده

ابتأست ملامح فريال لترفع كف وقاص تقبله برقة لتهمس

– رهف كانت محتاجة صدمة عشان تفوق من الوهم اللي كانت عايشة فيه ، كانت موجعة بس صدقني كانت صفعة فوقتها وخليتها تنتبه لنفسها ومتنساش انها من عيلة الغانم يعني بنت بمية راجل

ابتسم وقاص وهو يضم كفها ليميل مقبلا اياه ، يشكرها على كونها في حياته .. ثم نظر نحو بروز بطنها ليقول

– مشتاق اشوف بنت تبقي زيك يا فريال

رفعت حاجبها وقالت بحدة

– وميكنش ولد ليه

رفع عيناه متنهدا بيأس قائلا

– يا الله يعني اقولك ولد تقولي بنت ، اعكس برضو بتناكفي

انفجرت ضاحكة وهي تقترب منه باغواء شديد تعلمه ، لتهمس في اذنه

– بحب اناكفك يا قرصاني

نظر اليها بجدية كي تعتدل في جلستها ، لكنها لم ترضخ بل لفت ذراعها حول عنقه ، صدر صوت متأفف من جيهان

– ايه المياعة دي يا بنت الشواف انشفي كدا

رفعت فريال عيناها تنظر بشرز نحو جيهان التي تحاشت عن مقابلتها منذ رفضها لجارها الوسيم ليقول وقاص بنبرة بها بعض المرح

– مجنونة السويسري شرفت

انفجرت جيهان ضاحكة وهي تعلم أنها جعلته يجن في وقت سابق بسبب صبغ شعرها لعدة الوان ، لكنها الآن في ثوبها الجديد بشعر مجعد وثوب ليلكي قاتم ذو شق جانبي لتجلس على الطاولة قائلة وهي تتلاعب بخصلة من شعرها

– بشحمها ولحمها يا وقاص باشا ، بس بألف راجل خلي بالك

دارت فريال عينيها تبحث عن شادية التي كانت تتابع تنظيم القاعة لتقول

– فين شادية

أصدرت جيهان صوت متهكم لتقول

– سلامة نظرك يا فريال ، ما هي بتسلم على العرسان ، ولا عشان حبيب القلب موجود نسيتي يا مدام انك وسط الناس

عبست فريال وهي تجد وقاص يعتذر حينما رن هاتفه ليستقيم من مجلسه

– هعمل مكالمة وهجيلك

هزت فريال رأسها بتفهم لتلتفت نحو تلك اللامبالية لتقول بغيظ

– رفضتيه ليه يا جيهان

ما زالت تتلاعب بخصلة من شعرها لتقول ببعض الحنق

– زي ما قولتلك ، بكل بجاحة بيقولي عارف اني بلفت انتباهه وكان … الحيوان ، ازاي كنت غبية ومتهورة

نظرت اليها فريال بتعابير خاوية لتقول بجمود

– انتي لسه غبية ومتهورة

اسرعت تبعدها عن أمرها لتقترب منها هامسة بخبث

– بس سيبك مني ، فيه حته لهطة قشطة تقفيل ايطالى العبيطة بتصده

ردت فريال ببرود وهي تعلم ما تحاول جيهان فعله

– بتصده ولا عشان مش شايفة اي علامة رجولة منه ويتقدم زي الناس الطبيعية

هزت جيهان رأسها نافية لتقول باثارة

– انتي مجنونة ، لازم اكشن واثارة يخطفها يوم الفرح أو دلوقتى ويجبرها انها تتجوزه وتوافق طبعا بعد ما يهددها بيا أو ببابا ، وتفضل تقاومه لحد لما تقع على بوزها وتعترف

انفجرت فريال ضاحكة وهي تمتم

– عنيفة اووي

هزت جيهان رأسها وقالت باقرار

– مليش فى شغل الرومانسية وقلوب و دباديب حمرا ، بفكر اعرض نفسي علي مافيا روسية ونشرب فودكا

قلبت فريال عينيها لتضربها على مؤخرة رأسها قائلة

– مجنونة والله

اسرعت جيهان بإخراج هاتفها لتعبث فيه قليلا باحثة عن أشهر عائلة مافيا روسية عزباء ، اخرجت شهقة من شفتيها وهي تري رجالا أقل ما يقال عنهما وسيمين بخطر .. قالت جيهان وهي ترفع هاتفها تقلب في الصور للرجال

– استني بس انتي ، انتي سمعتي عن عيلة يوركوف .. العيلة كلها مزز طحن رغم انهم يبانوا انهم مكشرين وجامدين ، ها اخد اي عازب فيهم منهم فيه اليكس وفيه ايفان دول جامدين اخر حاجة

القت فريال نظرة فضولية نحو الرجلين لتعترف انهما وسيمين لكن ليس بوسامة قرصانها وجاذبيته لتقول بنبرة جادة

– جيهان بطلي جنان ، مافيا وروسيا ايه اللي بتفكري فيه

عقدت جيهان حاجبيها بتفكير

– ادخل اي نادي ليلي واغوي حد فيهم ، ايه رأيك أخطف رجلي هناك ابقي اكتب رواية عن رحلتي

هزت فريال رأسها يائسة من عقلها المتهور ،وودت ان تجد شيئا تهشم به رأسها لكن لم تجد شيئا ، دعت ان تنتهي الامسية علي خير .

……..

نظر سراج بطرف عينيه نحو أسرار التي تعدل احمر الشفاه الخاص بها بعدما مسحه بطريقته الخشنة البدائية كما تسميها دائما ، لعق بلسانه المتبقي من اثر الشفاة علي شفتيه ، وعينيه علي الطريق يقود سيارته متجها الى حفلة عقد قران ابنة عم زوجته … زفر بحنق ، سيري ذلك البارد نضال ، يالله كم يكرهه ، بل لا يطيقه ، أوصي لها للمرة العاشرة

– زي ما اتفقنا ، مفيش سلام أيد ما بينكم يا أسرار ، هقتلك انتى وهو ومش هيهمني حد

ضاقت اسرار عينيها لتقول وهي تميل اليه بجسدها تهمس باغواء

– غيرتك بقت غريبة يا سراجي المنير ، بس عشان في مزاج كويس مش هرد عليك

بطرف عينيه شاهدها تميل إليه باغواء أنثى تعلم كيف تطيح صوابه ، ليضم يده علي المقود قائلا بنبرة خشنة

– اتغيرتي يا مدام ، فين ايام اللسان اللي بيسبق عقلك

ردت بهدوء شديد ولا مبالاة

– عشان في مناسبة سعيدة فهو حاليا مش متاح بس صدقني علي اتم الاستعداد لما نرجع اني اطلعه

مرر عينيه علي بطنها ، لا يصدق بل غير مستوعب ان اختبار الحمل الذي اجرته قبل نزولهما ايجابي ، ود للحظة ان يذهب بها للطبيب لكن أسرار كانت اسرع منه ، اذ انها خشت أن يكون حملا كاذبا كما جري اخري مرة ، لكنه يشعر تلك المرة انها تحمل في أحشائها ذلك الطفل من صلبه ، غمز بعينه قائلا

– وانا ببساطة هعرف اعمل هدنة

ارتسمت على شفتيها ابتسامة مشاكسة لتقول

– لازم نتفاوض يا سراج ، ومش هقبل بأي تنازل

صاح سراج بخشونة

– ومين قالك اني هتنازل ، المرة اللي فاتت استسلمت اني ماكلش الفول علي الصبح لمدة اسبوعين

نظرت اليه بحنق شديد ، لتقول باندفاع

– وانت خلتني مشربش القهوة لمدة اسبوع وانت عارف اني بحب اشربه كل يوم، بعدين انت عارف القهوة بتعدل مزاجي

وصل سراج نحو وجهته ليصطف بسيارته في ركن السيارات ، ليقول بنبرة محذرة

– مفيش قهوة يا مدام ، نتلم بقي ومش عايز ابتسامة تتوزع للسمج

زفرت اسرار بيأس لتقول بنبرة مهادنة

– خليه اليوم يعدي يا سراج ، تقبله ارجوك ملهوش حد غير لينا يا سراج ، كان يتيم محروم من الام والاب تنساه وكأنه ضيف وعالة علي بيته حتي انا كنت بحس اني ضيفة .. الليلة بس

لم يرد بل ترجل من السيارة لتتبعه اسرار وهي تترجل من سيارته بكعب حذائها الارجواني الذي ارتدته رغما عن انفه ، عدلت سترته علي كتفيها التي يصر دائما على وضعها فوق فساتينها في أي مناسبة خاصة وحينما تذهب للعمل ، لف سراج ذراعه حول خصرها باحكام شديد وهما يتوجهان نحو الحفل ، راقبت اسرار بعينيها باحثة عن نضال الذي وجدته بسهولة حاملا شمس علي ذراعه والأخرى تلف حول فرح زوجته التي تبتسم بتكلف شديد وحذر … نظرت نحو سراج نظرة ذات مغزى ، ليتأفف وهما يقتربان من الثلاثي لتقول مرحبة به

– مساء الخير

لا سلام بالأيدي ، اكتفت بترحيب شفهي ، رفع نضال عيناه من شمس ليقول بمشاكسة وهو يرى ملامح زوجها المتحفزة للانقضاض عليه

– دايما فاتنة يا بنت الغانم

قلبت فرح عينيها بملل هي الأخرى واندلع حريق في عيني سراج ليقرص خصرها من اسفل سترتها ، حافظت اسرار علي ابتسامتها الهادئة لتقول بغرور

– طول عمري يا نضال

ثم نظرت نحو فرح ، بعد مواجهتهما الاخيرة ، تحاشت من رؤيتها .. قالت بلطف

– مساء الخير يا فرح

لف نضال ذراعه حول خصر المتجهمة الوجه ، ليقول نضال بمشاكسة أراد أن يطيح بثبات ذلك البوهيمي بجوارها

– لسه بتغير من علاقتنا يا اسرار رغم ان احنا اخوات

صحح كلا من فرح وسراج في آن واحد

– ولاد عم

التمعت عينا نضال واسرار ، ليقول نضال متابعا مشاكسته

– والراجل الوحيد اللي كان في حياتها قبل ما تاخدها مني

صاحت فرح قائلة وهي تنظر الى عيني نضال المشاغبتين

– اوعي تفتكر انك هتهز ثقتي اطلاقا يا نضال

لمعت عينا نضال باعجاب دائما يعجبه تلك الثقة بها ، ابتسمت اسرار وهي تقترب تداعب شمس التي تبتسم بحلاوة شديدة خطف قلبها

– كبرت شمس ، يا قلبي ايه الحلاوة دي .. جايبة الجمال ده كله لمين

بسخرية قالت فرح

– لمامتها اكيد

عقد نضال حاجبيه قائلا بنبرة محذرة

– فرح

لم يعجبها ان يوبخها امام احد ، رفعت حاجبا خطرا وقالت

– مالها فرح يا نضال ، ايه حاسس انى بقل من قيمتك مثلا … واللي بتعمله في شغلي اسمه ايه

زفر نضال بحدة ليقول وهو يجز علي اسنانه ساخطا

– مدخليش ده في ده

عقدت ذراعيها على صدرها وهي تقف في مواجهته قائلة

– وليه مندخلش ، حتى اللي قدامنا ناس مش غريبة مش كده يا اسرار ولا ايه

ثم القت نظرة نحو اسرار والي زوجها وهي تلتفت مبتعدة عنهم قائلة

– عن اذنكم

تنهد نضال ساخطا ، أصبحت متذمرة لدرجة مزعجة .. استمع الى نبرة التأنيب في صوت اسرار

– برضو لسه معترفتش

صاح نضال ساخطا

– انتو يا ستات ، حاجة مقرفة جدا زن زن زن ايه ده

همت بالرد عليه إلا أنها لا تعلم لما ارتفعت عيناها نحو نظرات سراج التي وجدتها متسلية وابتسامة ماكرة تزين شفتيه ، عبست قائلة

– ايه الكلمة عجبتك

هز رأسه نافيا وهو يسحبها متوجها نحو طاولة التي يجلس عليها وقاص وفريال

– اطلاقا يا مدام ، نروح لترابيزة عيلتك

عارضته بهدوء وعينيها وقعت علي رهف الواقفة بجوار خطيبها لتقول

– هسلم علي رهف وبعدين نقعد

هز سراج رأسه وهو يفلت ذراعه من خصرها ، لتتوجه أسرار نحو رهف وهي ترى ابتسامتها من الاذن للاذن وعينيها لامعة بعشق تعلمه .. ما أن رأتها رهف حتى استأذنت نزار وهي تقترب منها ، ضمتها اسرار بقوة في عناق لم يحدث ابدا
همست اسرار بنعومة في أذنيها
– مبروك ، تستحقي سعادتك
دمعت عينا رهف وهي ترفع عينيها إلى عيني ابنة عمها التي قالت بتوصية شديدة لنزار
– حافظ عليها
اومأ نزار وهو يقترب من رهف يلف ذراعه حول ظهرها يعدها أمام اسرار بمحافظته عليها داخل عيونه ،، تنهدت اسرار وهي تتوجه نحو طاولة وقاص لتجد امرأة ذات خصلات مجعدة تتجاذب الحديث مع زوجها
– طب هايل جدا ، انا فعلا كنت بدور علي ورشة تقبل العربيات للتصليح
ضاقت عينيها وهي تشعر ان الفتاة رأتها سابقا ، الفتاة تبدو صغيرة بل وتضج بالحياة الشبابية وهي تتحدث مع زوجها الذي قال
– مفيش مشكلة ، ده الكارت بتاع الورشة تنوري في اي وقت
رفعت حاجبها غير مصدقة ما يحدث امام ناظريها ثم وقاحة تلك الصغيرة
– من النجمة هتلاقيني في الورشة ، نتقابل تسعة بكرا ؟
ابتسم سراج بجاذبية وهو يقول بنبرة مهذبة
– اكيد ، تنورين… تنوري المكان
عدل جملته حينما شعر بنظرات زوجته الغيورة المشتعلة ، جذب اسرار ليلف ذراعه حول خصرها ليغمغم في اذنها بهمسات لم تسمعها جيهان ، زفرت جيهان ساخطة .. متى ارتبط الجميع ؟!! قالت بمرح وهي تنظر نحو فريال
– انا ليه حاسة ان البقلاوات السوريين زادو ، هروح ادور على شادية
جزت اسرار علي اسنانها لتقول بحدة
– تنور الورشة
اقترب منها قائلا بجدية
– شغل يا اسرار
ثم تابع قائلا بنبرة ماكرة
– اهدي ، مين اللي قرر يعمل هدنة وخلي بالك لو حصل حركة كدا او كدا همنعك من القهوة لمدة شهر
اشتعل الغضب في زرقة عينيها لتجز علي اسنانها هامسة بصوت خفيض
– اعملها يا سراج ومش هخليك تعتب باب اوضتنا
اقترب سراج هامسا في اذنها
– اديكي قولتيها يا مدام ، اوضتنا .. يعني مش حتة قفل يمنعني عنك
زفرت اسرار بيأس ، من رجل كهفها وانامله الخبيثة ستبترها يوما ما كي تكف عن عبثها الخاص !!
ظلت جيهان ترغي وتزبد وهي لا تصدق انها الفتاة الوحيدة العازبة طبعا شقيقتها غير معدودة لانها تمتلك معجب ذو تصدير خارجي ، ظلت تبحث عن عايشة لتجدها بجوار ابنها الآخر الذي سمعته يقول
– الحق يقال ياعيوشتي خليتيني اغير رايي بالبنات المصريات ،شو ما ناوية تخطبيلي
الحزن يغمر قلب عايشة كون شقيقتها وابنة شقيقتها اعتذرا عن الحضور ، شقيقتها لم تقدر على ترك ابنتها بمفردها واكتفت بتهنئة على الهاتف ثم زيارتها في صباح اليوم التالي ، نظرت إلى ابنها غسان الذي يحاول التخفيف عنها لتبتسم قائلة بهدوء
– لما تلاقي بنت تخطفلك قلبك تعا لعندي وبروح بخطبلك ياها دغري
انفجر غسان ضاحكا وهو يلف ذراعه حول ظهر عايشة قائلا
– ييي لو عليي انا باخدن كلن وبتزوجن
اتسعت عينا جيهان وهي لا تصدق الجلف الذي امامها ، لم تمنع نفسها من الاقتراب منهما وهي ترد عليه ساخرة
– حيلك حيلك يا شهريار ، ايه عايش فين انت
ثم بابتسامة ناعمة قبلت كلا وجنتي عايشة وهي تقول بلطف
– مبروك يا طنط عايشة ، عملها ابنك ابن اللذينا ووقع بنتنا
عينا غسان رمقت تلك الفتاة صاحبة الخصلات المجعدة باعجاب شديد ، ليقول بفخر ذكوري
– ياعيني اعرفي انو الرجال السوري بنظرة منه بيخلي البنت تدوب فيو
ادارت جيهان رأسها لتقول بصلابة
– والمصرية ست بمية راجل ، شغل عيون ونظرات مبيأكلش عيش هنا
ارتسمت ابتسامة علي شفتيه بتكاسل شديد ، لا ينكر انها اعجبته .. رنين هاتفه جذب انتباهه لينظر الي اسم المتصل ليقول الي والدته بتعجل
– خليكي هون ياروحي تكة وبرجعلك
تقدم عدة خطوات من صاحبة الخصلات المجعدة وهو يغمز بعينه لها قائلا
– وانتي يا حلوة خليكي لنشوف نهاية هالمسلسل السوري والمصري
ودت جيهان أن تنفجر ضاحكة في التو واللحظة لتعلو بصوتها وهي تراه يتجه خارج القاعة
– طب حاسب لتقع
أدار بعنقه وعينيه متسلتين لتتابع جيهان قائلة بغمزة ماكرة منها
– من نظرة واحدة بتدبح عندنا
وعلى ذكر تلك الكلمة ، تذكر صاحبه العيون الدابحتين ، هز رأسه منفضا عنه ما ورد في عقله وهو يتجه نحو الخارج ، التفتت جيهان نحو عايشة التي كانت تضحك لتقول بيأس
– والله يا جيهان انتي مصيبة ماني عرفانة تمن يلي رح يتزوجك
غمغمت جيهان ببؤس شديد
– كان نفسي اتجوز واحد من عندكم ، بس للاسف بميل للجانب العنيف مش الرومانسي اطلاقا
عند باب القاعة ،،،
تقدم غسان خارجا من القاعة وعينيه تبحثان عن صديقه الذي وجده يتجرع من كوبه الحراري ، اقترب منه وهو يقول بتوبيخ بلغة صديقه
– لماذا تأخرت يا حقير
تجعد جبين سرمد بحنق وهو لا يصدق ما آل إليه أمرة ، لم يكن ليتحرك خطوة ويأتي إلى هنا دون ان يعلم انها هنا .. لقد مر ثلاثة اسابيع أم أكثر وهو ما زال يعمل علي مشروعه الخاص ولم يقدر علي تجاهل رؤيتها ، رغم انها مخطوبة …اللعنة هل يجب أن ترتبط بغول ؟!!
يقسم فقط سيريها ما هو بقادر على فعله وتترك ذلك الاحمق المتشبثة به ، رفع عيناه نحو غسان ليقول بملل شديد وهو يطوي كمي قميصه الاسود مررا انامله على خصلات شعره الندية
– يا غبي الا اتعلم انني اعمل هنا ، بالكاد انهيت عملي وعدت للفندق ثم تحممت وجئت
مرر غسان عينيه علي قميص سرمد الاسود وبنطاله الأسود ، لن ينكر انه الأسود يليق بصديقه خصوصا انه يضيف اليه تلك الهالة لجذب النساء ، سبه بعنف قائلا
– تبدو وغد في ثيابا منمقة
كشر سرمد عن أنيابه وهو يرى غسان مرتديا حلة رمادية اللون ، بدي عريس أقرب من شقيق العريس ليقول بحنق
– وتبدو كمتشرد تماما امامي
انفجر غسان ضاحكا وهو يلف ذراعه حول عنق سرمد وهما متوجهان نحو الداخل ليتمتم
– فظ غليظ ، لا اعلم لما تقع النساء في حبك
ضيق سرمد عينيه ، النساء تنفض من حوله حينما يكون ذلك الوغد حاضر في أي جلسة ناعمة .. صاح بفظاظة شديدة
– كن وغدا كما تتصرف معي ولا تكن مراعيا حنونا
هز غسان رأسه قائلا بمزاح
– نعم لكي تقع في حبي مختلة هاربة من مشفي المجانين
عينا سرمد دون هوداة تبحثان عن أي طرف خيط ليصل لبرتقاليته ، كان على علم بأنها تنسق قاعة للعروسين .. جذبه غسان قائلا بجدية
– عينيك يا صديق ، طريقك مسدود
تنهد سرمد زافرا بحنق ، هل جاء لسواد عينيه هو .. بل جاء لرؤيتها ، صاح بفظاظة
– لا دخل لك ، أتذكر نمتع أعيننا إن لم نطله بيدينا
لم يصدق غسان حرفا مما قاله ، يتمني الأمر لا يتخطى فقط الغزل دون التجاوز الخطوط .. المرأة مرتبطة ، كيف سولت نفسه للتورط في علاقة معقدة لتلك الدرجة ؟!!
غمغم غسان بغموض
– هذا إن لم يكن هناك صديق تورط ودخل المعادلة
ضربه سرمد على مؤخرة عنقه قائلا
– مفسد للمتعة
اجلي غسان حلقه وتوقف عن العبثية ليقول بجدية
– هذه امي ، تصرف بتهذيب يا وغد كما افعل مع امك
هز سرمد رأسه يائسا وهو يتقدم الي والدته وعلى شفتيه ابتسامة مهذبة لا تليق ابدا بعبثيته ، خرج صوتا مصدوما من المرأة التي لم يلاحظها حتى الآن
– سرمد
اتسعت غسان عينيه قائلا بصدمة
-لك يي وانت كمان بتعرفي لصديقي
اتساع طفيف في حدقتي عيني جيهان لتمتم بعدها قائلة
– انتوا الاتنين صحاب ، الدنيا صغيرة اووي
توجه غسان نحو والدته محتضنا اياها وقال
-حبيبة ألبي ،هاد رفيئي يلي حكيتلك عنه سرمد
تمتمت جيهان بعذر وهي تبتعد عنهما ، يجب أن تعلم شادية انه هنا .. لتمتم بخبث شديد
– كنت متوقعة انه مش هيمشي بسهولة من حياة شادية ومش مجرد ضيف
عيناها تتابع الحفل بتدقيق، عملها هو جعل كل شيء يبدو مثاليا وحالما للعروس ، وبما ان رهف هي العروس وتركتها تزين القاعة علي ذوقها ، قررت مزج اللون الوردي الحالم مع الأبيض ، واختارت الورد الجوري … ورد كل حالمة … انتبهت على وجود أحد عمالها يحمل باقة من الورد لتستلمه بتعجب من صاحب الباقة ، عيناها بحثت البطاقة لتضيق عيناها وهي تقرأ بعض تعبيرات الشكر ثم مدون بأسفله توقيع اسم رجل كانت من نظمت زفافه ، هزت رأسها يائسة وهي تطوي البطاقة لتضعها في الباقة مرة أخرى ، بحثت بعينها عن نجوي لتحمل الباقة الا انها التفتت على صوت شقيقتها الساخر
– ده تاني بوكيه ورد يجي النهاردة
قلبت شادية عينيها بملل لتسمع حنق جيهان الطفولي
– معجبينك كتير ، انا حتي عندي معجبين بالملايين ومحدش جابلي حتى شوكلاته
ارتسمت ابتسامة على شفتي شادية لتقول يائسة
– بتطلعي امتي
نظرت جيهان بفضول الى صاحب الباقة ، تتمنى أن يكون ذلك الإيطالي من بعثها ، قالت بفضول
– مين ده ؟
قلبت شادية عينيها بملل حاملة علي ذراعها باقة الورد لتقول ببرود
– عميل عملت فرحه وبيبعت شكر
احتدت عينا جيهان وهي تنظر الى الباقة الفخمة التي تحملها ذراع شقيقتها ، كم تمقت تلك المجاملات من ذلك المجتمع ، تمتمت بشراسة
-لو كنت في مكان مراته كنت قتلته ، يبعت ورد لست غريبة
زفرت شادية لتمتم بملل
– مش ورود حب دي يا جيهان هانم ، ده شغل ورسميات لازم تتعمل
مرت جيهان عينيها علي بنصر شادية المزين بحلقة ذهبية ، امتعضت ملامحها .. الغبية حتى الآن لم تتحدث لوالدها وتفسخ الخطبة رسميا ، قالت بتهكم
– مش ناوية تقلعي خاتم لؤي .. ايه بيدفيكي مثلا
نظرت شادية إلى خاتم الخطبة ، هي لا تقدر على نزعه .. يمثل لها حماية خفية من صد الرجال ، ارتسمت ابتسامة مرتجفة علي شفتيها ومر علي ذاكرتها رجل أصبح يحتل اهتمامها بشكل مخيف
جسد رجولي ضخم ، وعيون سوداء ماكرة ، يحمل دائما كاميرته الخاصة وكوبه الاسود الحراري ، مررت أناملها على خصلات شعرها المعقدوة بحزم لتهمس بتوتر
– مش ناوية اصدم بابا ، مستنية وقت مناسب
لمحته جيهان ذلك الإيطالي يراقبهما من على بعد مسافة لتتراقص في عينيها المكر وهي تقول
– براحتك ، انا رايحة اشوف حلويات شرقية هنا
زفرت شادية بيأس وهي تتوجه خارج القاعة لتضع الباقة في سيارة الشركة ، بدأ الليل يسدل ستائره والمصابيح في الخارج ليست مضاءة ، جذب انتباهها بعض الشبان الذين كانوا واقفين على بعد من السيارة ، وطريقة ضحكتهم الهسترية جعل قلبها ينقبض ، مرت عينيها بتوتر .. تتمنى وجود أحدا تعلمه الآن وبدأت ضحكاتهم المرتفعة تتحول لبعض أحاديث قذرة .. تخشب قدميها حينما انتبه شابا منهم نحوها ، لتشعر بسقوط قلبها تحت قدميها وهو يقول بنبرة نهمة
– ايه المزه دى
التفتت الرؤوس نحوها ، ليصفر احداهما قائلا بنبرة خشنة
– شكل ليلتنا فلة يا ****
شهقت شادية فزعة وهي تستدير عائدة داخل الحفل، تبحث عن موظفين الامن الذين من المفترض ان يكونوا هنا ، ارهفت أذناها السمع إلى صوت وقع اقدام تأتي من خلفها .. زادت من هرولتها بكعب حذائها ليتبع صوت حذاء مفترسها من الخلف ، هزت رأسها نافية والدموع تتجمع من مآقيها ، دقيقتين وستصل الي الباب الخلفي ، اطلقت صرخة مفزوعة حينما شعرت بيد غليظة تلف حول ذراعها
انفجرت تبكي بهستيرية والباقة سقطت على الارض ، لتسمع صوتا يهمس بصوت منخفض يبث الأمان لروحها المرتعدة
– انه انا
رفعت رأسها مجفلة ، هل هو صوته أم أنها تحلم ، افترقت شفتيها وهي تشعره يقترب منها .. رائحة القرفة وصلت إلى أنفها قبل أن تصلها رائحة عطره ، امسك كلا كفيها وقبضها داخل كفه بدفء قائلا
– هل ازعجوك
سقطت الدموع من عينيها ، والدفء يصل إلى أطرافها وهي تنظر اليه .. ملامحه وجهه غير ظاهرة لعينيها بسبب الضوء .. لكنها تشعر ان عينيه تعصف بقلق ، نبرته كيف تكون بذلك الدفء والاهتمام ، همست بعذاب
– س .. سرمد
ابتسم سرمد وهو يضم كفيها بقوة ، لثواني كان علي حافة الجنون للفتك بالشباب اربا ، لا يعلم ماذا تفعل تلك الغبية بالخارج وهي تحمل باقة فخمة رجح أنه من خطيبها
وعلى ذكر خطيبها زاد ضغطته عنفا لعظامها الهشة ، وسؤال يتردد داخله
كيف يترك تلك الفاتنة وحدها دون أن يحميها من العيون ، يحميها منه هو شخصيا ، ود أن يجذبها إلى أحضانه ويهشم ضلوعها اللينة كلين عظامها الا انه زفر بحرارة كابحا تهوره ليهمس بصوت أجش
– انت لا تحلمين يا برتقالية
دفعها لتتوجه نحو الباب الداخلي ، كانت تتشبث بكفيه وهي ترفع عينيها بتوتر تنظر خلفها ثم الي الامام ، فتح الباب الداخلي وهو يجذب كرسي لتجلس عليه ، واخرج كوبه الحراري من حقيبته الملازمة له ، قربه منها لتتناوله بصمت وهي تفتح الغطاء ترتشف من مشروبه عدة رشفات ، ثم نكست رأسها تحاول أن تهدئ توترها واضطراب انفاسها .. من بين الجميع الذين فكرت ان ينجدوها لم تتوقع ان يخرج هو ، ظنته بعيد .. في بلدته يمارس حياته والتفتت الى امرأة اخرى ، همست تساله بضعف
– ألم تسافر ؟
هبط سرمد بجذعه لتتسع عينا شادية بذهول لتسمع همسته الاجشة
-يبدو أن قدرنا أن نلتقي ، وطرقنا باتت أقصر
عيناه
عيناه مظلمتين كـ ليل بهيم لدرجة كادت ان تسقط في ظلمتها ، ارتعشت شفتيها وهي تهمس بتوتر
– لم اتوقع ان تأتي
مرر عيناه علي ملامحها الناعمة ، خالية من تلك المساحيق التجميل التي يكرهها ، ابتسم بجاذبية وهو يقول بنبرة خاصة
– وهل تصدقين انني سأفلت من يدي فرصة لرؤيتك
مرت شادية عينيها على قميص سرمد الاسود تاركا بداية ازراه محلولة حتي بداية صدره ، كسي وجهها الاحمرار وهي تنظر الي بداية صدره العاري وسلسلة من جلد انتبهت للمرة الاولي ، لترفع عينيها اليه وهي تري لمعة متسلية تزين حدقتيه
هل لاحظ نظراتها المتفحصة لجسده ؟!! خبئت وجهها بعيدا عنه وهي تمر باناملها علي خاتم خطبتها ، تحاول أن تستمد منها قوة لتواجهه ، شهقت منتفضة لنبرته الهادرة
– اري ذلك الخاتم البارد المزين اصبعك اللعين ، كفي عن العبث به .. لم يأتي لنجدتك ولم يكن بجوارك
رفعت عينيها باستحياء للنظر إليه عينيه وارتعبت مما رأته
سواد عينيه مشتعلتين بجحيم ، ينظر إليها منقبض الملامح ، وكأنها هي من تخونه هو بتفكيرها لرجل آخر
شهقت من مجري تفكيرها الغير منطقي وهي تشعر به يمسك كفها الايمن و انامله تنوي نزع الخاتم بكل وقاحة ، افلتت يدها منه سريعا وهي تقف مبتعدة عنه قائلة بارتجاف
– لا يحق ان تقول شئ غير لائق لأمرأة مرتبطة ، اعلم انك غربي رغم ان لك جذور كما أخمن عربية من اسمك … لكن تخيل ان تكون خطبت لأمرأة ووجدت رجلا يحوم حولها ويغويها .. ماذا ستفعل ، أليس الإيطاليون حارو الدماء بعكس الرجال الأوروبيين
زمجر سرمد بغضب وتخيله لوجود رجل غيره تستبيح عيناه للتمتع بها والاشتهاء بها من نظرة جننه ، كأنه من لم ينظر إلى امرأة تخص غيره
ضم حاجبيه بشرر يتلألأ عينيه ليجيب بعنف
– كنت قتلته بيدي ، وسأجعله عبرة لمن غيره
ارتعدت شفتيها وهي تشعر بنظراته تلك تخصها هي فقط ، هي الوحيدة المعنية بحديثه
يلفها بعاطفة اجشة ، متملكة ، مجنونة لتهمس بتوتر وهي تشعر بليونة ساقيها
– أرأيت ، وصلنا لمربط الفرس ، إذا اعتقد أنه لا يوجد مجال للتظاهر
لوي سرمد شفتيه مغمغما
– انسيتي
عقدت حاجبيها بعدم فهم
– نسيت ماذا
اجابها بتهكم وهو يمرر يده على شاربه الكثيف قائلا
– تربطنا صداقة
اندفعت شادية قائلة بحنق
– لا توجد صداقة بيننا
لمعت عيناه ببعض التسلية ليقول بغموض
– يعجبني انك تعلمين أنه لا تربطنا صداقة ، ما زال عملي لم ينتهي بعد .. سأطالبك لأخذي لبعض أماكن ساحرة لم تراها عيون قط
هل ستعود لذلك الضغط العصبي مرة أخرى ؟!! ، هزت رأسها نافية قبل أن ترد بارتجاف
– اعتقد جيجي الأنسب لتلك المهمة
ترتجف أمامه
لسانها يعلن الرفض
وعينيها تستميله بضعف انثوي يروقه للاقتراب ليهمس ببعض اللامبالاة
– لا يهم من منكما ، لكن الا تخشي علي شقيقتي مني ، فانا رجل ساحر واوقع النساء
تحكمت شادية المتبقي من ذرات تعقلها لتختار الهروب منه قائلة
– عن اذنك
مرر عيناه على فستانها الأسود المحتشم دون وجود علامة للبهرجة ، يلف حول جسدها باحتشام خادع مبرزا بعض من مفاتنها ليزفر بحرارة مررا أنامله على خصلات شعره يبعثره ليرتفع بصوته قائلا
– لنا لقاء يا شاديااه
دارت بعنقها تنظر اليه بعبوس شديد قبل أن تتابع سيرها وتختفي بين الحشد ، غمغم بيأس
– لقد تورطت يا غسان .. لن أقدر على تركها .. سأنزع خاتمها ولتتجرأ وتمنعه للمرة الثانية لأخمد ثورتها بقبلة
******
انامل شخص غريب تمرر برقة شديدة علي ساقيها المكشوفتين لترتفع بتوق شديد وعينيه نهمتين ، ينظر إلى ما هو مكشوف من جسدها دون أن يرفع منامتها القطنية من على جسدها المغري ، رآها تجعد حاجبيها وتدير رأسها للجهة الأخرى لتقع عيناه على مفاتن صدرها التي تدعوه للاقتراب
دعوة مفتوحة له
وهو ليس قديسا
فليحرقها هو في جحيمه قبل أن يحترق بمفرده و يتلظى بنيران الشوق ، زادت أنامله عبثية وتجاوزت الخطوط ، وهو يقترب منها ينظر إلى وجهها الفاتن واضاءة ضوء المصباح بجوار الفراش أضافها فتنة ، مشحون بغضب .. وانتقام ليذيقها بعض من ويل ما عاشه ، عادت أنامله العبث بفجور لتستيقظ الاميرة النائمة ومقلتيها الناعستين تنظر اليه بتيه شديد … ظلت تنظر اليه لثواني قبل ان تجفل شاهقة بعنف وهو يجذبها من ذراعها الاسمر الناعم ليقول بخشونة
– ايتها الكاذبة المخادعة
نظرت اليه بتيه شديد ، تدور مقلتيها حول غرفتها .. هل تجرأ واقتحم غرفتها بكل سفور ، ارتجفت بتوجس من نظراته النهمة التي تأكل جسدها اكلا لتهمس بخوف
– انننن .. انت .. بتعمل ايه هنا
سحبت غطاء الشرشف لتداري به جسدها عن نظراته القاتمة ليضحك قائلا بجنون متسعر
– هل تكذبين علي ايتها الكاذبة ، هل تظنيني غر أمامك
افترقت شفتيها تهمس بتناجي وهي تلتصق علي الفراش التصاقا ، لا تقوي علي الحراك خطوة وهو يجثم عليها بضخامة جسده ، تري قميصه الأسود من حفلة أمس مجعد و ازرار قميصه محلولة حتى منتصف صدره .. لقد كان وحشا مفترسا يوشك على التهامها
-باباااااا
جذب ذراعها الأيمن بعنف لتتلوي شادية تحاول متنزعة يدها منه دون أدنى فائدة ، نظر سرمد بجنون إلى الخاتم ، هل حسبته انه لن يعلم … إن كذبتها لن يكشفها ، نزع الخاتم بكل عنف من بنصرها لتشهق شادية مرتعبة و ذراعها الأخرى تستتر بغطاء خفيف يحميها عنه
– وما هذا الخاتم اللعين ، ها انا نزعته أريني كيف سيأتي الغول لحمايتك مني
ارتعد جسدها وهو يميل بوجهه مستنشقا عبير عطرها ، ازدادت انكماشا وهي تهمس بضعف
– اطلع براااا
رجائها الضعيف لا يناسب عبث الموقف اطلاقا ، علي صوتها بصراخ مفزع حينما جذب ساقيها لتستوي علي ظهرها نائمة وهو يجثم فوقها كنمر مستعد تماما للانقضاض علي فريسته ، افسح لجسده مجالا ليشارك جسدها المذعور اسفله ليرفع كلا ذراعيها فوق رأسها وصراخها بدأ يعلو جنون
ابتسم برضى شديد ، والنشوة تتضخم في داخله ، يعلم ما بعد الصراخ الهائج .. سيصدر منها مواء قطة متمسحة علي صدره ، اقترب منها وهو يمرر انامله بشغف مثير ليروي ظمأ كاد أن يقتله ، ليهسهس بنبرة خفيضة
– اصرخي ، اصرخي يا برتقالية كما تشائين .. أقسم أنني سأستمتع بتروضيك
ازدادت تحركا وتملل اسفل جسده وهي تدافع بكل جنون عن ما متبقي منها ، انبثقت الدموع من عينيها وهي تستدرجه ليرحمها ، ليس هو من ظنته حامي لها يصبح ذئب ماكر كما السابق، تحشرج صوتها وهي تعلو بصوتها تنظر الي الباب بأمل عل شقيقتها تنقذها منه
– نادي علي من شئت ، وصدقيني لن يخلصك شخص مني ، انهم في سبات عميق ولن يسمعنا احد سوي اصواتنا التي ستصدر بعد قليل
مال يقول مزمجرا بشراسة
– كيف خدعتيني بخطبة مزيفة
زمجرت بخشونة وهي تحاول ان تفلت يديها من قبضة يده
– ليس من شأنك ، وما همك انت
مرر أنامله على بداية وجهها حتى عنقها لترتجف شادية برعب وهي تستميل عينيها بضعف ليتوقف ، ما الذي غيره لتلك الدرجة ليصبح عنيفا .. متحرشا ، بل ومجنونا وكان شبة من انقذها من الشباب الثمليين
– ما همي ، صدقيني كل ما بك يهمني لدرجة مؤلمة
صاح بها بعنف وهو يميل بشفتيه نحو أذنها هامسا
– وأما عن شأني .. ستعلمينه خلال لحظات يا كاذبة
نظر الى عينيها المذعورتين بنشوة ليقترب منها باتجاه صريح ومباشر نحو شفتيها …

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *