روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الثامن عشر 18 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الثامن عشر 18 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك البارت الثامن عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الثامن عشر

رواية أترصد عشقك الحلقة الثامنة عشر

“والغيرةُ دُخَانُ الحُبِّ، فإذا انطفأتْ نارُهُ انقطَعَ دُخَانُه. “

المنفلوطي

– الزمي في مكانك ، لا تخرجي من السيارة ابدا

صوته وحزمه حتي غضبه مستفحل لدرجة ألزم لسانها الصمت

وجسدها بالتيبس وهي تراه بعينين جاحظتين يسحب جسد محمود ويلقيه أرضا

– أما أنا سآخذ هذا الجرذ ، شعرة منك يا برتقالية تخرج من النافذة احذري ما سأفعله بك

اتسعت عيناها هلعا وهي تلتقط نظرته المهددة لها بالقتل ، كيف ؟!! بالله كيف يفعلها وهو منذ قليل كان ينظر … ؟!! خجلت من افكارها لتعبس حاجبيها وهي تنظر من خلال النافذة يضرب السائق بقوة موجعة لقلبها .. اندفعت لا تلقائيا تمسك بعتلة الباب تفتحها لترى ذلك الثور المندفع يناطح بقرنيه لذلك المسكين ..

بساقين رخوتين ، عقل دأب على رفض إعلان ملكية ليست من أحقيته

كيف يأمرها ، يعلو بصوته صارخا في وجهها ، كأنها مسته علي طرف

ارتعدت فرائصها والطنين في رأسها عاد يطن كأصوات النحل في رأسها وهي تراه يتخذ من محمود كيس ملاكمة للتنفس بها عن غضبه ، همست ببعض الحدة وهي تقترب بخشية أن تمس شيئا من بطشه

– سرمد

نيران ، تشعبت و انتشرت كالهشيم وهو يشفي غليله

حنقه ، و سخطه

غضبه ورغبته الدفينة بها

بالتوغل لأنوثتها

والشبع من ارتوائها

كلما حاول اخماد ركن يشتعل ركن آخر في جسده ، الأمر بمثابة تلقي صفعة

صفعة افاقته من شروده وأوهامه الخاصة

القي لكمة واخري الي جسد محمود ، وهو يتعامل بكل غضب وكأن الحقير لمس امرأته هو …

لا يريد أن يفكر احدا بها

أو يشتهيها كما يفعل هو

رغم عبثية الأمر الا انها امرأته وافقت أم أبت !!

هدر بعنف وجنون ليرفع عينيه لينظر إليها … اسودت عيناه قتامة لترتعد التي تقف أمامه وهو يصيح بنبرة هادرة

– ماذا تفعلين هنا ألم أحذرك

أجلت شادية حلقها ، لأول مرة تراه خارجا عن السيطرة

غير واعيا لما هو فاعله

كيف يتخفي ذلك المارد الغاضب اسفل قناع عابث

نظرت اليه بعينيها وهي تزم شفتيها بقوة ، لتشد من قامتها وهي تصيح بحزم في وجهه

– لن اسمح لك بالتمادي ، ماذا فعل هو حتي تضربه بكل غل هكذا .. انا رئيسته ولست أنت ، ثم هل جننت هل تضرب رجلا غريبا في بلدة غريبة .. اتركه

ابتسم ، ابتسم بشر شديد وبدي كأنه واحدا من قطاع الطرق الذي يجب أن تأمن من شرهم ، بلعت ريقها و ازداد الأمر صعوبا … وهي تسمع صوته الأمر

– عودي في سيارتك الان

زفرت ساخطة من عنفه وامرة، وكأنها دمية يحركها كيفما رغب وشاء ، من هو حتي يعلن سلطته وامرة عليها

هي التي كرهت القيود والتعليمات وتمردت عليها ، كيف تستسلم لأمر رجل غريب عليها … بل الشخص المتسبب في سهادها

صاحت بتمرد ودأب عقلها في الخوض الى التهلكة !!

– سرمد

بدي ساخطا ، متذمر ، علي وشك فقدان رشده في حضرتها ليركل بقدمه الجسد الملقى أرضا بلا حول ولا قوة ليصيح بصوت مرعب ، مخيف كما لو أن الغربان انتفضت من سباتها ناعقة بصوتها !!

– انصرفي فوراااا

التمع الإصرار في عينيها

والخطر المحدق أصبح أقرب إليها من أنفاسها

زمجرت بغضب والقسوة التمعت في عينيها لتصرخ في وجهه

– لن اتحرك ، ولا تهدر في وجههي ليس من حقك ابدا الصراخ في وجهي لست … ااااه

تأوهت متألمة حينما شعرت يد كالكماشة قبضت على زندها وجرتها بعنف نحو السيارة ، رفعت رأسها تنظر إلى الكتلة الصاخبة الملفوفة بالغضب … حاولت سحب يدها أو تقف معترضة عن طريقته تلك البدائية لجرها بتلك الطريقة ..

إلا أن بنيته الضخمة مقارنة بها كان الأقوي ليدفعها بكل خشونة وعدم رقي إلى السيارة

صرخت متألمة حينما دفعها بخشونة للجلوس المقعد الخلفي ، إلا أنها اعتدلت بجلستها سريعا حينما لاحظت نظرة الخطر المظللة في عينيه ، همت بالصراخ في وجهه ، إلا أنه اكتم صراخها داخل جوفها حينما وضع كفه الضخم على فمها ويده الأخرى قبض علي مؤخرة عنقها ليهدر في وجهها وانفلت عقال سيطرته في وجهها

– إن تحركتي سأقبلك وبجنون شاديااه بجنون حتي تصمتي ، ترجلي من السيارة وساقوم بتجاوز جميع الخطوط الحمراء معك هنا وفي السيارة وقاوميني ان قدرت … لا تعبثي معي ابدا

رأي اتساع كهرمانية عينيها وهو يري بيدها اليمني تحاول الفكاك من آسرة لينظر إلى تلك الحلقة اللعينة

الكابحة لجنون شياطينه

الا ان الان بدي الخاتم باهت ، باهت جدا مقارنة بغضبه المستفحل في كل شعبة في جسده ليهسهس بجنون

– وذلك الخاتم لن يقف حائلا بيني وبينك بعد الآن

ارتعشت أثر كلماته ، لتضربها الصاعقة

لقد أخذها علي حين غرة ، وفجر قنبلة موقوتة في وجهها

الدموع لم تقدر على سيطرتها لتنزلق سريعا على خديها لتقف عند جسر يده على شفتيها ، استشعر سرمد حرارة دموعها ثم بدي يدرك انه يخيم عليها بجسده وضيق السيارة بدأت تعبث خيالات جامحة يجب أن يئدها على الفور !!!

حينما اطلق سراح شفتيها اندفعت تصرخ في وجهه ويديها تحاول الوصول اليه وضربه ولكمه ورؤيته جثة هامدة في التو والحال …

كيف تتأثر عاطفيا و انوثتها تشتاق ليزهر ربيعا في صحراءها القاحلة

– قذر .. قذر .. لا تفكر سوي في جسدي يا حقير.. غادر السيارة

عاد الجنون يتلبسه ليصيح في وجهها مخرسا إياها وهو يطوق كلا يديها بيده

– لن أغادر ، تدعين رجالا تتغزل في مفاتنك وانا تظهري لي وجهك المتجهم وتستمرين في الصراخ

افترقت شفتيها وهي تستوعب للان مدى قربه الخطير لها وشعورها وكأنها جالسة علي جمر متقد

ارتعد جسدها حينما احست بزفيره الحار ثم ازدادت تألما وهو يقسو على معصميها دون أدني رحمة لها أو شفقة !!

ران الصمت بينهما إلا من وجيب انفاسهما المرتفعة ، وظلت العيون تتحدث بما يثقل اللسان قوله ..

يخبرها انه سيظل يكسر أي قيد أو حاجز وهي تصده أن حاول حتى محاولة للأقتراب من قلعتها المحصنة ضد أي غازي !!

الاصرار في عينيه جعلها تزفر ساخطة وهي تهمس بضعف

– غادر

تلك القشرة الخارجية الضعيفة ، تفعل به الأفاعيل له ومشاعره المتطلبة لها ..

تستفزه وتشعل به مراجل من الحنق والغضب ، الخطوط الحمراء التي وضعتها لأي غريب .. ازالها وهو يقترب منها قائلا بحدة

– واللعنة قلت لن أتحرك ، لم انهي حديثي بعد

ثم استفزها بسخرية شديدة وهو يرى شفتيها المستفزين لأفعال خبيثة

– أين خطيبك المزعوم ، هل يعلم ان زوجته المستقبلية جالسة في السيارة مع سائق كان في وشك الانقضاض عليك

شهقت بضعف لتنظر اليه بعدم تصديق

لا تصدق أن ذلك الملقى أرضا ان كان حيا او ميتا كان يلتهمها كما يفعل ذلك الآن

كأنه مسموح له اختراق منطقتها ولا يسمح لغيره أو التجرأ للاقتراب

همست اسمه بحدة ، وكل ما بداخلها يأن وجعا وحنقا منه

– سرمد

زمجر بخشونة وهو يقسو من قبضته على كفيها الناعمين أسفل بشرته الخشنة ، زفر لاعنا بسخط وهو يسمعها تنطق برقة .. تذيبه

تشعله

بل تحرقه

وتتركه رمادا

– توقف ارجوك

صاح فجأة بنبرة فاقدة للسيطرة وهو يصرخ في وجهها

– لماذا ، لماذا تمنعيني عنك ، لماذا أنا

بدي نزقا

بل عصبيا

وغير صبور كما عاهدته ، لتشيح بوجهها الناحية الأخرى هامسة بحنق

– أريد الرحيل

فك اسر ذراعها ليبتعد سرمد تاركا لها مجالا للتنفس .. اغمضت شادية جفنيها براحة … لقد كانت علي وشك ان تلفظ انفاسها ان استمر في عذاب قربه منها لتلك الدرجة ،، استمعت إلى صوته الأجش الآمر

– اجلسي في الامام

لم تجادله .. هي غير قادرة علي مقارعته والا سيفتك بها كما افتك بالملقي أرضا .. تمسكت يديها عند الباب وهي تنظر الى جسد محمد المضرج بدمائه ، وتمنت في لحظة شريرة ان تنكسر عظام سرمد

لما هو من حقه النظر والتشبع بما يعجبه ولا يعاقب كالآخر ؟!!!

رفعت عينيها اليه لتجده واقفا عاقدا ذراعيه على صدره يحدجها بنظرات أقل ما يقال عنها مميتة ، لتزدرد ريقها بتوتر وهي تهمس

– ماذا عن

قاطعها بعنف وقست عيناه على عينيها المذعورتين

– انطقي اسمه و سأنتزع لسانك ، ولا أمزح في هذا

صعدت المقعد الامامي علي الفور دون أن تهمس ببنت شفة ، لتجده يجلس علي مقعد محمود السابق .. عينيها من بين الفينة والأخرى تنظر الي محمود عبر مرآة السيارة الجانبي ، أتتركه في العراء دون أن تساعده

زجرها عقلها … لقد اخبرك انه تحرش بك ولولا وجود ذلك كتلة الاستفزاز لما خرجت سالمة ، لكن ماذا عنه ؟!!

انطلق سرمد بسيارتها نحو العاصمة بعدما استعان بموقع الملاحة لوجهته ، ألقي نظرة بطرف عينيه نحوها ليراها واضعة رأسها علي النافذة تنظر نحو نقطة وهمية .. قبض على المقود .. وكلما فكر انه كان جالسا معها دون أن يشعر بنظرات ذلك القذر تشتعل براكينه الخامدة ، لعن بالايطالية ثم عاد يلقي نظرة نحوها ليجدها شاردة دون الإتيان بحركة …

زم شفتيه بسخط ليجلي حلقه قائلا بوجوم

– ألن تهاتفي خطيبك ، تطمئنيه عنك

صمت … صمت منها هو كل ما قابله ، لترتسم ابتسامة ساخرة على شفتيه قائلا

– تتجاهليني يا برتقالية

عضت شادية باطن خدها ، لقد استفزها .. بينجو .. وأصاب هدفه

غمغمت ببرود وهي تكاد تلتصق بالنافذة كي لا تستفز الأسد الهائج

– كف عن نطق هذا الاسم

صاح بلهجة متملكة

كانت علي وقع اذنيها غريبا … بل سماعها منه تحديدا لا ترغبه

– برتقاليتي انت يا شاديااه

آنت بضعف .. وهي على شفا جرف من السقوط في شباكه ، كيف يغازلها ..بل ويعلن بوقاحة في وجهها دون أن تعترض بحرف علي آمره

تقوقعت حول نفسها ومشهد حلمها يتجسد بواقعية مميتة ، ها هو يعلنها

دون أن تملك حرفا للرد عليه ، همست بحدة وهي تهز رأسها نافية

– توقف .. توقف

أعاد سؤاله الذي يسأله لحاله ألف مرة … ليضم حاجبيه بحدة قائلا

– لماذا تمنعيني انا ؟ لماذا

انتفضت البرتقالية صارخة في وجهه

– هل تريد سبب منعي ، انت … انت عابث .. فاسد .. صبي مدلل ، أفسدتك عائلتك بدلالك .. لا تتوقع حينما تجد لعبة غير متاحة لك أنك ستنجح بابتزازك المقزز

تراقص الغضب في عينيه وهو يسمعها تقلل منه .. من رجولته وكبريائه .. قبض كفه بعنف على المقود مهدئا شياطينه الماجنة للانطلاق وفعل أكثر ما يطوق فعله لتقليم اظافر النمرة عليه ، كرر كلمتها بسخرية واضحة

– ابتزاز مقزز ؟!!

عقدت حاجبيها بحدة وهي تري عضلات ذراعيه المفتولة تنقبض بقوة علي مقود سيارتها ، تشعر انه سيقوم بنزع المقود في أي لحظة تهور .. أو ينزع رقبتها هي تحديدا !!

حدقت في العروق البارزة في ذراعه وهي تراه يحاول كبح غضبه الذي امتد ولسعها من نظرة عينيه ليقول بنبرة هادئة .. ذا وقع مخيف على نفسها

– اسمعي يا صعبة المراس .. سرمد النجم أبدا لم يفشل في الحصول أي شئ رغب في امتلاكه من لكن حينما يصدر أمر من مكان آخر .. تقبلي مني غزو قلعتك المشيدة لأنني حتما سأخرج منها منتصرا

ابتسمت بخفة لترفع حاجبها بسخرية قائلة

– أحب رؤيتك تفشل

القي نظرة خاصة ثم غمزة اسقط قلبها بين قدميها

وهو يهمس بنبرة خاصة

كأنها لغة حبيبين .. وهي حتما لن تسقط في شركه !!

– انا في قلعتك يا جميلة ، لكن تبقى فقط بضع غرف تفصلني عنك

رغم خوفها بل ورعبها منه ، وهو يعريها ببساطة أمامه قالت بسخرية

– حينما تضل لا تناديني وقتها

ارضته اجابتها ، ليقول بنبرة ماكرة

– لقد أعطيتني الاشارة الخضراء ، لا تتراجعي كجبانة كما عهدتك

اتسعت عيناها وهي تراه حاصرها

لقد سقطت كالغبية في فخه الذي نصبه لها ، دون أن تنتبه له .. حدجته بغيظ قبل ان تلتفت برأسها ناحية النافذة ترغي وتزبد في سرها علي غبائها معه وقلة حيلتها !!

******

في المؤسسة ،،،

كان قلب عاصي مندفعا بشوق لرؤيتها بعد غياب يوم عنه

رؤية تلك الاميرة التي قلبت موازين عقله واندفع القلب يعلن عن أحقيته في القرار لأول مرة …

رقتها الفطرية كان أول شئ التفت اليه

مازال متذكرا حتي الان الليلة التي سقطت في احضانه وبكت بين ذراعيه

المرأة لا تندفع ولا تبكي ابدا امام أحدا لم تستأنسه … وكون انها جعلته يشهد ضعفها واضطرابها والضياع الساكن في عينيها الداكنتين

اندفع كفارس .. يحمي أرضه وعرضه…

ثم عفويتها في الحديث .. يا ويل قلبه من نطقها لاسمه بعفوية شديدة منها حينما تتدفق الحمرة من وجنتيها ، او تتلعثم للحظات وهي تقف امامه كطفلة صغيرة علي اعتاب باب حبه …

توقف عن الحركة حينما أبصر وجودها مع شخص غريب مقتربا منها بحميمة ، اشتعلت جذوة الغيرة في أوداجه لتقتحن عينيه شررا غير منتبها لمن حوله والصخب … كل ما يسمعه فقط هي اصوات ابواق حادة .. وجرس إنذار يدوي في اذنيه

نظر بعينيه نحو الرجل المبتسم امامها وهي واقفة منكمشة وفي يديه حاملا مضرب كخاصتها ، حاول أن يحلل مدى قرب الرجل منها من خلال لغة جسدها .. لكن كل شئ اسود في عينيه .. الغيرة أعمت عينيه ، انتبه على قرب روفيدا المبتسمة بهدوء ليقول حانقا وهو يجز على أسنانه

– هو ايه اللي بيحصل هنا

ابتسمت روفيدا وهي تري غيرة عاصي الظاهرة للعيان لتقول ببرود

– فيه واحد انضم للساحة

التفت يمينا و يسارا ليجد الأطفال متجمعين حول ملعب التنس ، ضاقت عينيه بشرر وهو يرمقهما بحدة ليقول

– مين اللي انضم للساحة ؟

هزت روفيدا رأسها ، كانت تعلم منذ دخول ذلك الزائر للمكان أنه سيزيد من الأجواء شعلة ، خشت ان تخبره انهما سيعقدان مباراة وبدأ الاطفال يستعدون لمباراة حامية الوطيس .. لكنها قالت بهدوء

– شوف بنفسك

كانت وجد تقف مرتبكة ، لقد اخذها المدعو سمير علي حين غرة للمرة الثانية ، ابتسمت بارتباك جلي حينما رأته حاملا مضربا لتقول

– مكنتش متوقعة اني الاقيك هنا

هز سمير رأسه يمرر أنامله على خصلات شعره الطويلة قائلا بنبرة جذابة

– مريت عند صاحب ولقيت نفسي قريب من هنا ، حسيت بالفضول وقولت ليه مدخلش واشوف ايه النظام مش يمكن اتشد

تفحصته وجد ودعت عينيها تري تفاصيل وجهه الجذابة ، لن تنكر انه وسيم .. حتى ملامحه تشي انه فنان ، قطبت جبينها بعبوس متمتمة

– تتشد ؟

هز رأسه موافقا وهو يراقب أحوال الملجأ التي أبهرته وتوقع ان مستواها دون المطلوب ، ليقول

– ايوا ، عندي علاقات واسعة وشبكة معارف كويسة نقدر نوسع النطاق ونعمل حفلة عش…

قاطعه صوت غاضب وهو يقترب من عزلتهما لترفع وجد رأسها لترى صاحب العينين الخضرا…. متى تحولت لسوداويين ؟!!

– حفلة عشان كل واحد منكم يطلع شيك محترم قدام الميديا و الناس تقول قد ايه الانسان ده محب للخير ولا فاكرينها مقامرة كل واحد يراهن بمبلغ أكبر من التاني يضيف من اسم عيلتك وسمعتك

فغرت ثغرها حينما القي عاصي ما بجعبته لتقف تنظر نحو سمير بارتباك ، بدي سمير مرتبكا وهو يرى ذلك الضخم عابس ، قاطبا حاجبيه ليقول بهدوء محاولا امتصاص غضبه الغير مبرر

-كل غرضي المساعدة

صاح عاصي بحدة وهو يحدجها بنظرات مميتة جعلت وجد تشعر بالتخبط والتشتت غير واعية لما أصاب ذلك الرجل ؟!! ، زفر عاصي وهو يلعن سرعة غضبه التي حاول أن يهذبها ، لم يختبر قط أن يفقد سيطرته وخصوصا مجال عمله .. ما الذي دهاه ؟!!

مرر يده على خصلات شعره القصيرة ليقول بصوت اجش

– المؤسسة مش محتاجة غير بس قلوب تخلي الاطفال تحس بأمان بعد ما فقدوا سندهم في الحياة

مرر سمير يديه في خصلات شعره الطويلة قائلا بصوت معتذر

– انا اسف لكن كان غرضي المساعدة مش أكتر

وقفت وجد تقارن بين جسد طويل نحيف ذو ملامح وسيمة ناعمة ثم إلى جسد عضلي ضخم صاحب عينين حانتين لكن يبدو أن مزاجه العكر سيؤثر سلبا عليها اليوم وهي كانت مندفعة اليوم لأخذ مقاسه للبدء في عمل قميص له … لاح الحزن في عينيها لتقول بصوت خافت

– سمير كان بيقترح فكرة يا عاصي ، لا اكتر ولا أقل

ضحك ساخرا وملامحه تنقبض ليقول بصوت حاد

– افتكرتك غيرهم

كان سمير واقفا شاعرا أنه لا يفهم شيئا لتندفع وجد قائلة

– تقصد بـ ايه غيرهم

قطب حاجبيه ليقول بشراسة وهو يرغب في تمزيق وجهها الجميل اربا وتمزيق وجه ذلك الناعم

– انك من النوع اللي بيساعد من غير ما يوضح للي قدامه ويقول انا بعمل وبسوي

شهقت وجد ليسقط المضرب من يديها لتندفع مقتربة منه قائلة بعدم فهم لما يحاول قوله

– بعمل وبسوي ؟! عاصي انا فين

بكل وقاحة قاطع حديثها لـ يرتد على عقبيه قائلا

– عن اذنكم

فغرت وجد شفتيها صادمة من وقاحته ، ما الذي دهاه .. اندفعت خلفه متناسية وجود سمير لتنادي عليه قائلة

– عاصي

زفر عاصي بحدة لوقع نداء اسمه ، كيف تناديه بتلك الرقة الجاحدة .. كيف تلتفت إلى رجل ناعم غر وتتركه ، تابع سيره دون أن يلتفت بظهره لتهرول وجد بخطواتها وهي تقف أمامه تعوق طريقه قائلة بنبرة لاهثة

– عاصي اسمعني

كاد أن يندفع متجاهلا اياها لكن لمسة اناملها لساعده أوقفته ، رفع رأسه لينظر الى عينيها المغروقتين بالدموع ليكتم شتيمة كادت تخرج من شفتيه ، وهو يسمع الي صوتها المتحشرج

– عاصي ارجوك فهمني فيه ايه

دون وعي منه قبض على معصمها الرقيق ، لتشهق وجد وهي تنظر الي معصمها الذي أصبح تحت قبضته .. رفعت عينيها بتيه لتري عينيه المندلعة بغضب اهوج

– مين الباشا اللي جيباه معاكي واللي من اول ما جيه فاكر نفسه صاحب مكان

لا تعلم لما الحدة وهو يسألها ، لتنظر اليه محاولة تكهن تصرفاته لتهمس قائلة بعفوية

– ده سمير الالمعي عيلته ليها في المجوهرات والدهب ، امبارح كنا في حفلة وسألني بشتغل فين قولتله هنا

ابتسم عاصي بشر ليصيح بحدة قائلا

– مش قولتلك كنت فاكرك غيرهم

عبست وجد لتنظر اليه وهي فهمت رسالته ، هل حقا يظنها منهم ؟!! .. عاتبته بعينيها وهي تقول

– عاصي ، انا جاوبت بعفوية مني لان فعلا المكان اللي حاسة اني بشتغل فيه هنا ، اتفاجئت انه جيه هنا

تقتله

المرأة ستقتله لا محالة

بعينيها المغويتين

وتلك البراء الملائكية في ملامح وجهها

سألها بحدة وغيرة ولسانه لا يفكر مرتين في سابقة تشهد للتاريخ لأول مرة

– وانتي بقي متعرفيش جيه ليه

هزت رأسها وقالت بهدوء

– يمكن حابب يساعد

انفجر في وجهها ولم يتحمل حقا ..تلك الاجابة منها ، اتظنه صبي أحمق ليصدقها

– يساعد !! انتي بتستغفلي عيل صغير يا وجد

عبست وجد من صوته الغاضب لتقول بنبرة جادة

– عاصي ، لو سمحت مبحبش لما تتكلم بالطريقة دي

لوى شفتيه وقال بنبرة ساخرة

– وتحبي يا هانم يا بنت الباشوات اكلمك ازاي

هذا ليس عاصي الذي تعرفه ، نظرت اليه بعينيها قائلة باهتمام

– عاصي ، انت كويس

ترك معصمها وهو يمرر يده على مؤخرة عنقه ، كيف تفعل ذلك به ؟ تثير به اشياء وتحفزه على إخراج أسوأ ما به

زفر حانقا وهو يقول بحدة

– لأ ، مش كويس خالص

بان الاهتمام في عينيها الداكنتين لتقترب منه لامسة ساعده بعفوية غير عالمة بالحريق الذي تشعب بجسده وصوتها الناعم يهمس بقلق

– مالك ، تعبان طيب .. نروح الدكتور

اخشن صوته وهو ينظر اليه قائلا بنبرة معذبة

– يابنت المالكي عايزة مني ايه

لم تكن هي على دراية بحديث العيون ، جل همها ذلك الرجل الضخم امامها يتوجع من شئ جعله في مزاج شئ ، تفحصته بعينيها علها تجد العلة بها لترفع رأسها تنظر الي عينيه قائلة

– قولي بس ايه اللي واجعك يا عاصي ، انت واقف ليه .. اقعد لحد لما اتصل بالدكتور ويطمني عليك

زفر عاصي ساخطا ، ليهمس بحدة

– متتغابيش يا وجد

نظرت إليه فاغرة فاها لتقول بعبوس وعدم فهم

– اتغابى

زم شفتيه بحدة ، هل لتلك الدرجة معمية الاشارات ؟!! لم ينتهي من دراستها شخصيا وهو المتأني في كل تفصيلة بعمله .. تأتي تلك الأميرة تطيح بعقله مستخفة به !!

زمجر قائلا بجمود

– اكيد عارفة ليه اللي اسمه نبيل هنا ليه

صححت اسمه بعفوية منها

– سمير يا عاصي

صاح ساخطا وهو يضع كفه بجواره كي لا يحطم رأسها

– نبيل ، زفت مليش فيه ، الإشارات بتاعتك عطلانة تحبي اصلحهالك

لم يعجبها ان يسخر منها بتلك الدرجة ، فقط هو يكون صريحا في سؤاله دون الاستخفاف بها لتجيبه ، زمت شفتيها وصاحت بصوت مرتفع نسبيا

– مبحبش تكلمني بالطريقة دي يا عاصي

حتي صوتها المرتفع لم يكن مرتفعا ، بل كان صوت زقزقة عصفور جائع ، يجب أن تأخذ زيارة سريعة لجدته وتراها .. انتبه على صوت الناعم وهو يقول بتذمر

– وجد مش هنلعب جيم مع بعض ولا ايه

رفع حاجبه متعجبا من ذلك الدخيل الذي اقتحم دائرتهما الخاصة لينظر إليها قائلا

– تلعبوا مع بعض

ازدردت وجد ريقها بتوتر ، وهي تشعر أنها خبأت شيئا عليه .. لا تعلم ما الذي يجعلها تشعر بذلك .. ربما نظراته الحانقة المسلطة عليها لتهمس بصوت خافت

– هو عرض عليا

مال عاصي رأسه ، هل كل ذلك حدث في ليلة فقط حينما لم تزر المؤسسة ، تجلب احمق ناعم معها .. لم يمنع نفسه من أن يهمس بصوت غاضب

– ويا تري عرض عليكي ايه كمان وانتي مندفعة وقولتيله ايوا

رفعت رأسها قائلة بعفوية شديدة

– ابدا يا عاصي هو حب يخلي الولاد تتدرب في التنس زي الكورة وقرر ننافس بعض

صاح تذمر سمير وهو ينظر الي ساعة يديه

– يلا يا وجد

رفعت وجد عينيها اليه مبتسمة قائلة

– تعالي اتفرج وشجعني يا عاصي

رغم رقتها ، وأول تصرف بادر منها للأهتمام بها بطريقته الخاصة إلا أنه قال معاندا قلبه

– لأ

نظرت اليه عابسة لتقترب منه هامسة .. بعينيها المغويتين تضعف من عناده

– عاصي ، ارجوك

قلب عاصي عينيه زافرا بحنق ، ليحلق النفي في الأفق وهو ينظر اليها بوجوم ليعود النظر إلى عينيها ولسانه يردد بالنفي ..!!

*******

في شركة شادية ،،

رفعت جيهان هاتفها تنظر إلى الساعة لتنقر باصبعها على المقود وهي تخرج من السيارة متوجهه نحو المبنى المكون من طابقين مع حديقة امامية ، كان المبنى فيلا لكن والدها اشتراه من صاحبه واعطاه لشادية حينما رأي نجاح عملها يوما عن يوم .. ابتسمت جيهان بنعومة متذكرة هوس شادية بالنظام والاهتمام بتنظيم المناسبات وخصوصا حفلة اعياد الميلاد والأعياد … هزت برأسها تحية للحارس في الخارج لتخطو داخل الشركة وهي تري من كل حدب وصوب رجال تدخل وتخرج ونجوى تتابع مع أحد في الهاتف ، اتخذت مقعدا مكانا لمشاهدة الجميع دون الاتيان بشئ محاولة التناسي

وكيف تنسى ، مالك قلبها منذ طفولتها ومراهقتها معترفا بحبه ، لكنه جاء متأخرا

كانت مجهزة العديد من السيناريوهات داخل عقلها حينما يعرب بحبه لكنه صدمها حينما قالها مكرهها

بل حانقا من التلفظ بها

حاملا بالغضب والعنف لها ، وياليتها لم تتخيل حينما يعترف بها

بل يا ليت ذلك الحب ينتزع بقسوة علي ألا يحدث ما حدث ، وليت للتمني

ومحله الماضي ، فلا فائدة من ترجي شئ حدث وتمنت عدم حدوثه ..

كانت تمسك يديها كي لا تصفعه ثم تنفجر في بكاء حار انتهى بها بين جدارن غرفتها ، لن تظهر ضعفا أو تأثرا .. بل ستعذبه وتقتله ببطئ شديد

تريه قلة حيلتها حينما كانت تصلها صوره مع أقل ما يقال عنهم نساء فاتنات ، وتحرقه في الغيرة ليتمني وقتها ان لا يعشق ..

انتبهت من افكارها الشريرة علي رنين هاتفها ، وحينما أبصرت اسم المتصل كان خافقها يدق بعنف لتجلي حلقها وهي ترد بصوت بارد مخالف لدقات قلبها الهادرة

– يا نعم

جاءها صوته النازق والحاد

– فينك

قلبت عينيها بملل لتسترخي في كرسيها قائلة باستفزاز

– ايه ده ، هو انت ما صدقت نفسك ولا ايه .. وسيم اطلع بر حياتي لاني نسيتك اصلا

لفهما الصوت ليأتيها زفرة وسيم الحارة عبر الأثير فعل الأفاعيل بها لتغمض جفنيها يائسة ، ستضعف ان استمر قلبها يتأثر به ، انتفضت منتبه إلى صوته الماكر

– هتفضلي تكدبي لحد امتي يا جيهان

لوت شفتيها بنزق قائلة

– كل واحد بيلتفت لشغله يا وسيم ، اظن وراك بقي شغل ومش فاضي .. مش معقول السنين اللي مكنتش لاقيلي وقت فاضي .. دلوقتي فضتلي

لم يكلف نفسه عناء الرد عليها ، عاد بسؤاله يصيح حانقا

– فينك

تأففت منه ومن بروده ذلك الثلجي ، صاحت بسخط

– في شركة شادية يا وسيم ، تحب اجبلك عروسة معايا

انفجر وسيم ضاحكا لتضع جيجي يدها علي قلبها تهدئ ذلك الغبي الذي ابتهج من سماع ضحكته وهمسه الخاص

– اظن انك كفاية انك تجيلي يا جيجي عشان اقنعك

قلبت عينيها مدعية الملل لتقول ببرود

– تقنعني بأيه

– بجوازنا

انفجرت جيهان ضاحكة بسخرية واتبعها بصوت قاسي

– كدبة أبريل دي ، ولا نكتة بايخة جاي تقولهالي

ارهفت السمع إلى صوت غلق باب ، هل سيأتي ؟!! تداركته قائلة بجمود

– اااه متجيش عشان انا هتحرك من الشركة ، وفر بنزين عربيتك عشان ورايا مشوار مع عميل

استمعت الي صوته الساخط

– عميل ؟!! انتي بتشتغلي ايه

التمعت الشقاوة في عينيها لتسحب خصلة من شعرها المجعد وقالت بصوت ماكر

– ببسط الزباين يا عمري

اندفعت تسمع صوته الغاضب وهو يتوعد لها

– تبسطي الزباين !! قسما بالله يا جيهان لو ..

قاطعته ببرودة أعصاب وهي تضع قدما فوق الأخرى

– اقعد بقي تحلفلي كل مرة وانا اقاطعك واقولك ملكش دعوة بحياتي ، مش لعبة في ايدك وقت ما تعوزني هتلاقيني

استمعت الى صوت شقيقتها الهادر وهي تدخل نحو الشركة صائحة بعنف لمن يتبعها في الخلف

– ابدا .. ابدا لن ادعك تتدخل في عملي يا هذا

بكل وقاحة أغلقت جيهان المكالمة دون وداع ، لتنتبه إلى وجود سرمد الذي ظهر خلفها قائلا بصوت غاضب

– أوتجرأين وتقولين يا هذا … هذا الرجل يطرد من العمل

لاحت التسلية في عيني جيهان وهي تتابعهما بكل صمت كما حال بعض العاملين في الشركة …

اتلفتت شادية اعصابها لتقف امامه عاقدة ساعديها على صدرها وهي تقول بنبرة ساخطة

– اسمع يا هذا ..

زمجر سرمد بحدة وود لو يجذبها ويصعد بها إلى غرفتها منفردا بها لأعادة تقويمها

– واللعنة لي اسم

جاءه صوتها الحانق وهي تنظر اليه بغضب وغيظ ، كيف يأمرها بكل بساطة أن تطرد الرجل .. هي كانت ستطرده ، ولكن استفزها لهجته الآمرة ، استفزتها لدرجة لم تقدر علي كبح لسانها من الرد عليه وان تعلمه مقامه

– انا الرئيسة هنا ويكفي ما فعلته في الرجل ، كان من الممكن أن احل المشكلة دون ان اكسر عظمه منه

ابتسم سرمد بخطر ليمرر أنامله على لحيته الكثيفة قائلا ببرود مدعي

– ليس مشكلتي انك لست مهتمة بالدفاع عن نفسك ، فكلا الاحوال انا هنا

– هل يمكن ان نخفض اصواتنا يا شباب ، الجميع يحدقون بنا

التفت رأسيهما نحو صوت جيهان الهادئ و المقتحم لزوبعتهما

زفرت شادية بسخط قائلة بحنق وهي تشعر بغباء ما فعلته حينما دارت بعينيها لترى العاملين ينظرون بفضول وكأنهم يشاهدون دراما ، زجرتهم بعينيها لتراهم يديروا برؤوسهم للجهة الأخرى

– خدي البتاع ده وامشوا من وشي

التفتت جيهان ببراءة تنظر إلى سرمد الذي كان ينظر الي شادية بشغف شديد وهو يتعرف على صرامتها ، تذكره تلك المرأة حقا بمديرة مدرسة كان يكرهها .. حادة ، وصارمة .. لكن بالطبع ليست شابة ناعمة مثقلة بالاغراء كالتي امامه

همست جيهان وعينيها تنظر ببراءة اليه

– تشتمك هي

رفع سرمد حاجبه وقال بنبرة ماكرة وهو يرفع بعينيه ينظر للتي تنظر اليهما بعبوس ، وهي علي وشك ان تطرده من مقر عملها

– حقا

هزت جيهان رأسها متابعة ببراءة جعلت شادية تميل برأسها فاغرة شفتيها بصدمة

– نعم لقد شتمتك شتيمة وقحة ، لدرجة خدشت حيائي

انفجرت شادية تصيح بسخط من كلاهما ، وبالاخص شقيقتها التي تستفزها اكثر وهي تحذرها من خطورة ما تصل إليه

– ايتها الكاذبة المدعية

نقرت شادية بكعب قدميها علي الارضية عدة مرات وهي تنظر الي سرمد بحدة ، تصرخ في وجهه قائلة

– اتعلم يا مدعي الشهامة .. ما الذي أود قتله وتحطيمه بل وتكسيره انت نعم ، هو انت

كاذبة ، نطقها عقلها

ان كانت تخشى منه لتلك الدرجة لكانت منعته من قيادة السيارة لفترة من الوقت قبل ان يخبرها أن تقود هي لأنه لا يحمل رخصة إذا اوقفهما شرطي عبر نقطة التفتيش ، أن كانت تخشاه لما غابت في سبات عميق في السيارة لأول مرة

ان كانت تخشاه لكانت صفعته على وقاحته

لكنها تعلم انها اضعف بكثير مما يظن الجميع

هشة ، بل قابلة للعطب … رفعت حاجبها بسخرية وهي تراه يحدجها بنظرة قاتلة

يعض على اسنانه رافعا ذراعه العضلي يريها ما سيفعله بها ، ارتجف جسدها محاولة ادعاء القوة ليصدح صوت جيهان الهادئ

– شباب ، هل نهدأ من فضلكم

وضع سرمد حقيبته على كتفه والتفت صاعدا نحو غرفة مكتبها ، اتسعت عينا شادية حينما رأته يتجاوزها صاعدا لغرفة مكتبها ، تتبعته قائلة بحنق

– انت يا انت .. رايح فين

صعدت جيهان خلفهما وهي لا تعلم ما الذي جمعهما معا ، وما سبب شجارهما

اندفعت وراء شقيقتها التي دخلت حجرة غرفتها ووجدته واقفا في منتصف الغرفة ينظر الي شادية بهدوء

– انت ازاي تتهجم على مكتبي ، انت فاكرها وكالة من غير بواب

صاحت بها شادية مزمجرة بغضب ، لتقترب منها جيهان بهدوء قائلة

– غيري التردد الاشارة عنده مش بتلقط عربي

حدجتها شادية بنظرة مميتة لتصيح

– متستفزنيش يا جيجي

علمت جيهان أن لا فائدة من معرفة ما حدث ، لترفع عينيها تنظر إلى سرمد الذي قال بجمود

– شقيقتك يا جيجي لا تريد طرد جرذ تواقح عليها بنظرات تشتهيها

عقدت جيهان جبينها وهي تري نظراته المثبتة علي شقيقتها لتهمس لنفسها ساخرة

– يا روح امك ، وانت ايه شيخ مثلا

أجلت حلقها وهي تنظر الي شاديه بأسف قائلة

– تؤتؤ ، عيب عليك يا شوشو .. الرجل شهم وقرر أن يساعدك بدلا من أن تشكريه تعنيفه هكذا

صاحت شادية بجمود ، و بوقاحة متعمدة تتحدث بلغتها الأم امامه

– خلاص خلصتوا تهريج انتي وهو

شهقت من صوته الخشن لترفع عينيها اليه تنظر اليه بعدم تصديق ، من أين وقع ذلك الرجل وأي داهية أتى منها ؟!!

– طرد لن أخرج

ثم تابع بملامح قاتمة وهو يعاقبها بقسو بنظرات عينيه

– الا يكفي انني تركتك تتصلي بالإسعاف لإنقاذ ذلك الجرذ

ابتسمت شادية ببرود قائلة

– وان تدخلت الشرطة صدقني لن اتوانى عن الشهادة لزج رجل مختل مثلك داخل الزنزانة

بدأت قطع البازل تحل شيئا فشئ لتتجلى الصورة في عينيها ، لتهمس جيهان نحو شادية بصلابة

– شادية

حدجتها شادية بنظرات حانقة ، لتميل جيهان برأسها طالبة منها الصمت … الا ان شادية دون تفكير لم ترضخ ، انتبهت جيهان علي طلب سرمد

– هل تسمحين لي يا جيجي بالانفراد بها

علي جثتها ، ابتسمت جيهان ببرود وطار العبث من وجهها لتجيبه بصلابة

– لن اتحرك

أعاد طلبه للمرة الثانية ، وهو ينظر الي الشقيقتين وبالاخص الصغيرة التي تقف امامه مانعة إياه من التشبع برؤية ملامح برتقاليته الحانقة

– دقيقتين ، ثقي بي

هزت جيهان رأسها نافية مغمغة بصلابة

– اسفة ، لن اتحرك

قلب سرمد عينيه يبدو أن الصغيرة قررت ان تحمي شقيقتها منه ، غمغم بهدوء شديد وهو يندفع للخروج من مكتبها قائلا

– حسنا هيا بنا نذهب للعمل

نظرت جيهان الي شقيقتها مؤازرة ، لتهز شادية رأسها موافقة وهي تدير بجسدها لهم تزفر براحة ، تحاول ان تريح اعصابها من ذلك المستفز الايطالي …

كان سرمد واقفا على الباب ينظر بهدوء شديد أثار ريبة جيهان التي تنظر اليه بعدم تصديق وحينما اخرجت قدمها خارج غرفة شقيقتها اندفع هو كالثور داخلا غرفة شادية مغلقا الباب خلفه في وجهها ….

اتسعت عيناها هلعا حينما اوصد الباب خلفه ، صاحت حانقة

– يا ابن اللذينا

التفتت شادية وهي تزفر بتعب الا انها تفاجئت بقطار مندفع يهجم عليها لتتسع عينيها هلعا هامسة

– انت بتعمل ايه

امسك بكلا ذراعيها بقوة وهو يميل برأسه نحو رأسها هامسا بخطورة

– هل تستفزيني حقا لمعانقتك

ضج قلبها صخبا ، وهي تحاول أن تنفذ من شباكه الا ان أنامله كانت قاسية لتأن بألم وهي تهمس ببهوت

– ماذا

ابتسم سرمد بوحشية ليهمس في اذنها قائلا

– لا تحاولي إخراج أسوأ ما بي يا شاديااه ، انتي الخاسرة هنا

مرت رعشة كهربائية سرت في جميع أنحاء جسدها وهي تحاول مقاومة ذلك الاغواء في صوته

اسمها له وقع خاص منه هو ، تلك الكتلة المتفجرة ستصيبها بانهيار عصبي .. كادت أن تميد بها الأرض حينما احست بزفرته الحارة التي ضربت عنقها ليقشعر جسدها كليا وهي تحاول النجدة بحياتها لتدفع بجسدها بعيدة عن اسرة قائلة بفظاظة

– اخرج انت واسوأ ما بك خارج مكتبي بل وشركتي

امسك ذقنها ليرفع رأسه و تحط عينيه علي عينيها ، مختبرا تلك الممانعة التي تتواقح بقولها أمامه ، همس بلهجة خشنة

– ما تلك القوة التي تملكينها لتأمريني أنا ، بحياتي لم أجعل امرأة مهما بلغت من جمال أن تتحكم بي

استغلت انه ارخي بقبضة يده الأخرى لتنزع نفسها انتزاعا بعيدة عنه لتشير بباب غرفتها قائلة بحدة

– غادر الآن

هز سرمد رأسه ليمرر انامله علي شاربه قائلا بلهجة ساخرة

– اتصلي برجلك واخبريه ان هناك متحرش داخل غرفة مكتبك ، واريني ماذا هو بفاعل

انغلقت معالم وجهها لتنظر إليه شزرا ، مرر يده على مؤخرة عنقه قائلا

– يعجبك جدا الشعور ان هناك رجلا يلاحقك أينما ذهبت

ويتهمها الان انها تغويه ، بل تتمنع عنه … رفعت رأسها إلى سقف الحجرة تشعر أن صبرها نفذ .. ثم عادت تنظر اليه قائلة

– لما لا تفهم ، انا اخبرتك اخرج خارج حياتي ، ما الذي لا تفهمه

اجفلت حينما صاح بلهجة صارمة

– لما اذا عينيك لا تريدين ان لا ابرح من جوارك

نظرت اليه بتيه شديد قائلة

– عيناي ؟

اومأ برأسه قائلا

– عينيك هي بوابة قلبك يا برتقالية ، اتركي خطيبك واعدك انك لن تندمي

لكم مرة يدعوها للاقتراب منه ، وهي لن تسلم مقاليدها لرجل عابث مثله ، بالنهاية سيمل ويرحل .. أشاحت برأسها للجهة الأخرى حينما سمعت صوت الباب يفتح وهو يقول بجمود لجيهان

– هيا بنا ، لا تنسي أن تطردي ذلك الجرذ من العمل

اجفلت علي لمسة جيهان وهي تنظر اليها بقلق تتأملها مليا ، تقسم لو رأت خدش ستقتله

– عمل حاجه فيكي

هزت شادية رأسها نافية وهي تجلس على اقرب مقعد رأته

– لا

عقدت جيهان حاجبيها قائلة بحنق

– متأكدة والله ممكن اضربه بالجزمة

ابتسمت شادية من بين دوامتها لتهمس

– امشي يا مجنونة

وضعت جيهان يدها على راحة قلبها لتغمز لها بمكر

– وحياتك لو فيه نسخة منه ليا عمري ما هرفضه

نكست شادية رأسها ، لا امل ابدا لخروجه من حياتها

لن يمل حتى تستسلم له

تأوهت بوجع وهي تحاول التحكم في عدم البكاء ، لا لن تدعه يتسلل بخبث اليها

من مثله محظور عليه بالاقتراب !!!

*******

هل جرب أحد أن يسير حافي القدمين على جمرات متقدة

كنوع من التجربة !!!

يلعن غبائه ولحظة استسلامه لداكنة العينين تلك المغوية واستمالة قلبه لها ، يراها تتحرك تقطع الملعب يمينا ويسارا تضرب الكرة بعزيمة شديدة .. ويبدو علي وجهها الاستمتاع مع رفيقها الناعم ..

تجهمت ملامح وجهه وهو يرى من حوله الفتيات اللاتي تشجعن وجد بكل قوة ثم الاولاد الذين يشجعون ذلك الناعم ، زفر بسخط وقلب عينيه بملل

ليته غادر ورحل ولا رأي تلك المهزلة التي تحدث أمامه

بل لو غادر كان سيفقد اعصابه ، ويترك لخياله الجموح في التخيل ما يحدث ..

انتبه على صوت روفيدا الهادئ

– مالك يا عاصي

لا يعلم كيف تعلمت ضبط النفس هذا ، وهو ثانية علي وشك ان يحطم ذلك الناعم بذراع واحدة منه … تأفف ساخطا وهو يرمقهما شرزا

– مش شايفه انه قليل الذوق

حاولت روفيدا أن تمنع ضحكة علي وشك الخروج لتقول بهدوء

– عاصي هو عرض فكرة ، سواء اتعملت ولا لأ كدا كدا مجرد فكرة مش قرار .. اهدي شوية

غمغم عاصي بحدة وهو يضم قبضه يده بعنف حتي ابيضت سلمياته على وشك ضربه في أي وقت

– انتي مش شايفاه بجح ازاي

رفعت روفيدا تنظر اليه قائلة بنبرة ذات مغزى

– بدل ما انت عمال تسوي البنت علي نار هادية ، الحقها قبل ما يخطفها منك

اتسعت عينا عاصي لثواني قبل أن تنقبض ملامح وجهه ليتطاير الشرر من عينيه وهو ينظر الي ضحيته المستقبلية بنهم قاتل يتلذذ بتعذيب ضحيته قبل الموت .. غمغمت روفيدا ببرود مضيفة الزيت في النار

– قابلته امبارح في حفلة ، اعرف انها بداية تعارف للجواز ، صدقني حتي جواز الصالونات في مجتمع زي وجد بيمشي بنفس الطريقة في مجتمعنا العادي

حينما صدر صياح الفتيات معربين عن فوز وجد ألقي نظرة أخيرة نحو وجد والتفت إلى روفيدا قائلا

– انا ماشي

عقدت روفيدا ساعديها وهي تقول اليه بصراحة

– طول عمرك صريح وواضح يا عاصي ، اظن كفاية اختبارات للبنت

رن هاتفه لينظر الي المتصل ، خبط بيده علي رأسه وصاح متذكرا سبب مجيئه اليوم

– اهل الحتة بتناديني

هزت روفيدا رأسها يائسة وقالت

– برضو مصمم تروح وتتشعلق علي السلم

هز عاصي رأسه قائلا بتهكم

– ده علي اساس مكنتش بدهن حيطان المكان من كام يوم

صاحت روفيدا قائلة

– قولتلك نجيب صنايعي

قلب عاصي عينيه بملل قائلا

– عشان يقعد علي الحيطان اسبوع وفي الاخر يعك ، لا شكرا

غمغمت روفيدا بهدوء

– ما انت هتقف عليهم يا عاصي

صاح بهدوء وهو عازما علي الرحيل دون ان يمنع عيناه فرصة للنظر اليها ليجدها محاطة بين الفتيات

– الواحد يعمل الحاجه بايده ، بدل ما يحرق اعصابه

كانت وجد تنظر اثناء مباراتها الودية مع سمير الي عاصي بين الفينة والأخرى ، تطمئن بوجوده ، كانت تبذل كل ما بوسعها لتفوز لتحظي على تعليق مشجع منه .. كانت في أمس الحاجة لأي كلمة منه وحينما انهت حاولت التوجه اليه ، الا ان الفتيات كان لهما رأيا آخر .. كانت تبتسم بهدوء وهي تسمع اللي تعليق الفتيات نحو إحدى الولادي تستفزه أن الرجل خسر في تلك اللعبة ، وبدأت المحاربة الكلامية بينهم .. اعتذرت للفتيات بلطف وهي تنظر الي اثر عاصي الذي لا وجود له ، تقدمت من روفيدا قائلة باندفاع

– عاصي راح فين

شعرت بالخجل من اندفاعها لتتورد وجنتيها تحت نظرات روفيدا الماكرة لتقول

– مشي

رفعت وجد رأسها لتظهر الخيبة مظللة عينيها الجميلتين لتقول ببؤس

– مشي ليه

هزت روفيدا رأسها قائلة

– قال انه هيحضر خطوبة لصاحبه

كانت ملامحها تعيسة بالمعني الحرفي امام عيني روفيدا ، التي تعاطفت معها وهمت بالتحدث إلا أنها وجدت سمير اقترب منهما في وقاحة منه قائلا

– وجد انتي فاضيه

عاصي محق ، بجح امتعضت ملامح روفيدا وهي تنظر الي وجد التي انغلقت ملامحها قائلة

– عن اذنك يا سمير ، مضطرة امشي

ثم رفعت عينيها نحو روفيدا قائلة بصوت متحشرج

– عن اذنك يا مدام روفيدا بلغي للبنات اني مش هقدر اكمل التدريب

اومأت روفيدا رأسها بتفهم لتبقي هي مع سمير الذي يعبث بخصلات شعره الطويلة بحرج ، نظرت اليه لثواني بامتعاض قبل أن تشيح وجهها وتتحرك مبتعدة عنه

وسمير واقف ينظر الي كلتاهما اللتان ذهبتا في طريق مختلف ، يشعر انه مريض يخشون منه .. بل سحره ووسامته هنا لا أثر لها على الاطلاق !!

***

في إحدى الأحياء الشعبية في القاهرة ،،

عقد سرمد حاجبيه وهو ينظر الي شقيقة البرتقالية ، عاقدا المقارنة بين الشقيقتين

والفارق بينهما كالمسافة بين السماء والأرض .. الأولى متذمرة ، جامدة الملامح ، سيدة أعمال من الدرجة الأولى بجديتها وملابسها الواسعة إلا أنها تبرز انوثتها .. لم تفقد أنوثتها أثناء عملها .. والثانية جريئة ، صاخبة ، تضج بالحياة

مرر إبهامه على ذقنه وهو ينظر إلى خصلات جيهان المجعدة معطية اياها صفة الجموح … نظرات عيني تلك الفاتنة تسبر أغواره

حتما تلك الفتاة ليست بالسهلة أبدا … وكل خطوة تخطوها يكون مخطط له

لن ينكر انه يستفاد منها .. الأول وهو عمله حيث ينفذ مشروع لجذب العيون الغرب للسياحة في الشرق الاوسط بدأ من المغرب ثم الأردن والسعودية واليمن ثم عاد إلى تونس والآن هو في مصر .. عرض لجيهان أن تكون العارضة الاساسية لتمثل مصر الشابة وهي وافقت علي الفور دون تردد ، فهذا شئ سيضيف منها ومن عمله ،،

نظر بعينيه نحو القهوة الشعبية الجالس بها وهو يستمع إلى صوت التلفاز العالي ثم بعض المشجعين الجالسون امام التلفاز ، ليدير بعينيه نحو عجوزين يلعبان الطاولة كما شرحت له جيهان حينما قررا اخذ استراحة لفترة من الوقت قبل متابعة عملهما ….

انتبه الي سؤال جيهان الصريح وهي ترتشف الشاي من كوب زجاج

– ماذا تريد من شادية ؟

كانت صريحة ، واضحة ، لم تلمح حتى ، رفع عينيه إليها قائلا بنبرة معجبة

– هل تعلمين ما الذي يعجبني بك ، صراحتك

وضعت يدها على ذقنها ونبرة صوته الاجشة في الانجليزية تعجبها ، حتما ذلك الإيطالي لن تدعه يفلت منها … بعد بحث طويل عنه ، علمت بعض الاشياء عنه

كون والده إيطالي ووالدته مصرية ، لا تعلم ما الذي جمع بين الجنسين لكن حينما بحثت علمت ان قصتهما اسطورية بل خرافية حسب قراءتها لمقال في جريدة قديمة اضطرت ان تبعثها لمترجم ايطالي ودفعت مبلغ ليس بقليل حينما أعطته ساعتين من الزمن لترجمتها ، لا يهم المال إذا كان العائد الأكبر هو ذلك الوسيم الخشن أمامها ليكون من نصيب شادية …

ترى نظراته المعجبة بل الشغوفة بشقيقتها ، لكن هل هو جاد لعلاقة أم مجرد متعة لتمضية وقته حتى يعود الى ادراجه ؟!!

– لا ترواغ بالحديث ، كن صريحا كما كنت صريحة معك

قالتها ببرود شديد وهي تنظر اليه بثقة عالية ، لتسمع همسته الساخرة

– ليت شقيقتك تكون بتلك الصراحة مع نفسها

مالت بجسدها وهي تهمس بنبرة ماكرة

– ماذا تريد من امرأة مرتبطة برجل يا سرمد وعلى وشك الزواج منه

كانت تريد شعلة الغضب في عينيه السوداويين ، لتنبهر من تصلب وجهه وكفيه ونظرة الخطر كانت أكثر من كافية لمعرفة ان مشاعره صريحة واضحة متجلية كالشمس المتوسطة في كبد السماء …

اختلجت عضلة في فكه وعرقه النابض ينبض بقوة تحت نظرات جيهان المتفحصة ، ليقول سرمد بهدوء شديد وهو يعلم أن تلك الصغيرة … داهية كبيرة

– ليست زوجة له ، مجرد خطبة وتعارف .. لمعرفة اذا كان هذا هو الرجل الذي تود الاستمرار معه في حياتها أم لا

بنفس الهمس الخافت وقربها منه الخطير همست وعينيها الناعسة تختبر رجولته

– وانت وجدت انه غير مناسب لها

ابتسم سرمد وهو مرحبا لاختبارها ، ليقترب منها مجيبا عليها بهمس أجش

– بل غير اهلا لها

لمعت التسلية في عينيها وهي تعود بجذعها لتستند على المقعد لتقول بنبرة ماكرة

– وما تلك الثقة التي تتحدث بها عن شقيقتي

عقد سرمد ساعديه مجيبا بصراحة واضحة اعجبت بها جيهان

– لن اكون فظا معك ، لكن اخبري شقيقتك لو استمرت بالغباء والتجاهل سأغزوها بكل طريقة ممكنة

حتما ذلك الرجل سيثير غضب والدها وسخطه ، لكن سيكون ندا له .. الأيام القادمة ستكون ممتعة بشدة .. غمغمت بنبرة غير مبالية وهي تنظر الي اظافرها المطلية باللون الوردي

-ثم

عقد سرمد حاجبيه ليقول

– لم افهم

ابتسمت جيهان بسخرية لتتحول معالم وجهها الساخرة لتقول بنبرة مستهزئة وهي تقيمه بعينيه بتقزز

– ثم ماذا تريد منها ، بعد أن تحطم حياتها وتفسخ خطبتها برجل يناسبها

الشقيقتان بدأن يثيران سخطه وغضبه ، تعلم تلك الداهية جيدا كيف تطعن في الظهر .. لكن ملامحه كانت باردة .. قد من الحجر ليقول بهدوء مثيرا غضبها

– لا يناسبها

زفرت جيهان بسخط ، ذلك الرجل ماكر .. يعلم جيدا كيف يغطى جيدا برداء الغموض ، لتقول بتأفف

– حسنا اخبرني عنك

ابتسم سرمد وقال بنبرة هادئة

– اجعلي شقيقتك تعطي لي الاشارة الخضراء وسأخبرك بما تريدين معرفته

انفجرت جيهان ضاحكة ، لتميل برأسها قائلة بنبرة ذات مغزى

– لن تعطيك شقيقتي الاشارة الخضراء ، تستطيع أن ترشيني كي اسهل لك عملية المرور لكن بشرط

ابتسم سرمد بخفة ، يشعر انه يسقط في شرك تلك الشقيقتان تماما ، الاولي تتمنع عنه بميوعة منها وأساليبها الانثوية والأخرى تساعده لإغواء شقيقتها ، استمع إلى شرطها الجاد

– اري انك حقا أهلا لها ، بل انت جدي معها يا سرمد النجم .. هذا اسم عائلتك صحيح ؟

قالت جملتها الاخيرة ببعض المكر ، ليرفع سرمد عينيه ينظر إليها وهي تثرثر قائلة

– علمت أنك تمتلك كلبا اسود ضخم ، صحيح .. انا احب الكلاب لكن شادية تخاف بل ترتعب منهم .. لقد كانت تملك في مرحلة مراهقتها قطة تدعى لولو لكن للأسف ماتت القطة اثر حادث سيارة ثم بعدها دخلت شادية في حالة حزن شديد لان القطة اشترتها لها والدتي قبل أن تتوفى .. فكانت القطة الشئ الوحيد الحي بعد وفاة ماما

غامت عينا جيهان بحزن وشعرت بغصة في حلقها نتيجة عودتها لذكريات قديمة وفراق والدتهما عن الحياة ، كانت شادية اكثرهما انهيارا منها ومن شقيقها ماهر .. حاولت ان تتخلص من اشباح ذكريات الماضي ، لكن مستمرا في الانقضاض عليها …

انقبضت معالم وجه سرمد ، لثاني مرة يسمع عن فراق والدتهما بعد ليلتهما في الفندق واندفعت بانطلاق تتحدث عن اشتياقها ولهفتها لها ، هو يملك والدة تعني العالم له .. ويتمنى ان لا يمر يوما بفقدانها كحالهما ، لم تفت عليه ذكر القطة التي تمتلكها تلك البرتقالية ليهمس بأسف

– آسف لسماع هذا

ألقت جيهان الطعم بنجاح شديد وهي تعطي له المفتاح الأول للوصول اليها ، كم تشعر بالفخر نتيجة ما تفعله ، يجب أن تؤسس موقع توفق بها راسين في الحلال ، حاولت ان تعود لمرحها ، لكن ذكريات الماضي كان وقعها سئ عليها ، تمتمت بنبرة هادئة

– لا مشكلة ، لا اعلم لما ثرثرت معك كثيرا ، أين كنا نحن … نعم تمتلك كلب ولديك علي حد علمي شقيق آخر لك

هز سرمد رأسه وتمتم بنبرة تحمل الإعجاب لعقل تلك الصغيرة الداهية

– لست بالهينة اطلاقا

كانت فخورة بنفسها وودت أن تخبره ان افضل مخترقين الحواسيب واسمها يجب أن يسجل من أفضل المخترقين في العالم ، لكن للاسف تضطر فعل ذلك علي باب المساعدة لمن تهتم لأمرهم ، ولأن سرمد ما زال محب لرداء اضطرت اسفه ان تبحث خلفه لمعرفة التفاصيل الهامة …

تمتمت جيهان بفضول شديد

– أخبرني امرا .. كيف عثرت والدتك على والدك وتزوجا ثم رحلا إلى إيطاليا

اتسعت عينا سرمد ، كيف علمت أمرا كهذا عنه !! هل أجرت محقق للبحث خلفه .. تساءل متفاجئا

– كيف تعرفين بكل هذا

تمتمت بصراحة شديدة وهي تقول بزهو ونبرة خاصة

– بحث مكثف عنك ، لا تستهين بي ابدا ، لانني اهتم بمن حولي

وصلته رسالتها تحديدا ، وهي تحذره بعينيها ان اقدم على إيذاء شقيقتها

لا تعلم كيف يود حقا سحق عظام البرتقالية

سيفعلها اجلا ام عاجلا ، هو متريث جدا في خطواته لها

أجاب بنبرة غامضة

– القصة طويلة حقا ، يجب ان تسمعيها من صاحب القصة بنفسه

هزت جيهان رأسها بعدم اكتراث لتبدأ تمارس دور الحماة المتسلطة عليه

– هل تمتلك شقة هنا؟

ارتشف الشاي من كوبه الحراري ، تذكر نظرات فتي القهوة الحانقة حينما طلب من جيهان أن يضع الشاي في كوبه بدلا من كوب زجاجي ارتشفوا منه المئات من الاشخاص ، ضيق سرمد حاجبيه وهو يرد علي اسئلة اختبارها بهدوء شديد

– ابحث حاليا عن واحدة

هزت جيهان رأسها قائلة

– اذا انت ستقيم هنا لفترة

اومأ براسه لتهمس بغيظ

– لما لا تتحدث بالعربية وانت عربي إذا

رفع حاجبه بتسلية قائلا بنبرة ماكرة

– ماذا ، هل هذا ينقص من علامتي لأختبارك؟

تأففت جيهان وهي تقلب عينيها بملل ، هل هي مكشوفة لذلك الحد امامه !!!!

قالت بنزق شديد وهي تري هاتفها يرن ، لا تحتاج لمعرفة المتصل فقد خصصت له نغمة مخصصة

– تحتاج لدروس مكثفة بالعربية ، لا اصدقك انك حتي الان لم تلتقط كلمة عربية

راقب سرمد هاتفها الذي يرن دون أن تكترث لثانية لمعرفة المتصل ، لا يعلم لما تذكر الشاب الاشقر الغاضب حينما كانا معا .. انتبه على سؤالها الفضولي

– اين الكلب إذا ؟

أجاب بهدوء شديد ، غير متضايقا انها تقتحم بعض من خصوصيته

– مع صديق لي

لمعت عيناها بمكر لتقول بنبرة شقية

– ان كنت متعجل للبحث عن شقة سأتصل بمن يساعدك لتجد شقتك في أي مكان تريده في القاهرة

ابتسم بهدوء قائلا

– شكرا لعرضك للمساعدة، لقد كلفت حقا صديق بهذا

أصرت جيهان قائلة بمكر

– جربني انا ، لن تندم أعلم شخصا يقدر علي تلبية طلبك

راقب زوبعة ترابية قادمة من الخارج لتظهر التسلية علي ملامحه وهو يري عاشق غيور مندفعا باتجاههما ليقول بنبرة جذابة

– لن أرفض عرضك ، ان احتجتك سأهاتفك

ابتسمت جيهان بملء فيها لترتجف حينما شعرت بيد تصفع الطاولة ليهتز كوب شايها وينكسب بضع القطرات علي الطاولة ، بعينين مندلعة بالغضب اقترب منها وسيم هامسا بحدة

– الهانم مبسوطة هنا مش كده ولا ايه

حاولت ان تبدي جيهان أنها متفاجئة من وجوده لتقول

– وسيم انت جيت هنا ازاي

رفع حاجبه بشرر ليرفع هاتفه وهو يريها الحالة التي انزلتها علي صفحتها الرسمية مع ذلك اللزج الأجنبي ، ألقي نظرة نارية نحو سرمد ليقول

– وده بيعمل ايه هنا

قرأ سرمد رسالته المهددة له ” لا تقترب منها ، انها لي ” ، هز سرمد رأسه يبدو اليوم هو اليوم العالم للغيرة .. صاحت جيهان بمجادلة

– هتقلب الشريط ولا ايه ، مش قولتلك عندي زبون

انفجر وسيم هادرا بصوت حانق

– زبوون ، ومفيش غيرك اللي تبسطيه

ابتسمت في وجهه ببلاهه قائلة وهي تمسك خصلة من شعرها لتلفه حول اصبعها

– اصله جرب يتبسط مع غيري وللأسف معرفش يتبسط

هسهس وسيم بحدة وهو يحدج الجميع في المقهى بنظرات غاضبة ، ليقول

– اتعدلي في كلامك

رفرفت جيهان عينيها ببرود غير مكترثة بالبركان الذي أمامها

– وإلا

راقب سرمد بتسلية المشاجرة بين تلك الداهية والغاضب ، ابتسم وهو يرتشف الشاي مقررا أن يتخذ وضع المشاهد دون نية للمساعدة …

– مش هيعجبك الوش التاني

قالها بحده جعل جيهان تقلب عينيها بعدم اكتراث لتهديداته الجوفاء

– تصدق بالله .. نفسي اشوف وشك التاني اللي شغال طول الليل والنهار بتهددني بيه

امسك ذراعها بحدة وهو يرفعها من مقعدها لتتسع عينا جيهان بحدة قائلة

– ايه ده يا وسيم انت اتجننت

اندفع بعض الشباب وقد اثارتهم الحمية الرجولية للدفاع عن تلك المرأة ليصيح صوت رجل غليظ أجش

– شيل ايدك يا شاطر من البنت ، ولو راجل وريني عضلاتك

زفر وسيم بحدة وهو ينظر الي جيهان بجنون ثم صاح بخشونة مماثلة

– البنت دي تبقي مراتي

ارتسمت النظرات العدائية على وجه الرجل ليستقيم بعض الرجال من مجالسهم مقتربين خلف الرجال … ازدردت جيهان ريقها بتوتر وهي تعلم المعادلة ليست في صالح وسيم اطلاقا !!

– هه ، قول كلام يدخل العقل يا حلو انت

كان سرمد يصور بكاميرته مستعدا للشجار الذي سينشب ، القي غمزة ماكرة نحو جيهان التي كانت تحاول الخروج من المأزق بأقل الخسائر .. اندفعت تضع ذراعها على خصر وسيم قائلة بتوتر

– كتبنا الكتاب من يومين ، مستنيكم بقي تشرفونا يوم الفرح

كان الرجل يرمقهما بنظرات متشككة ، الا ان لن يقدر على أن يمد يده للرجل .. الفتاة لم تنكر علاقاتها به .. ربما غار خطيبها من جلوسها مع رجل غريب .. هز رأسه دون معنى وهو يلقي بنظرة خاصة إلى رجاله ثم عاد جالسا على مقعده بهدوء ..

ألقت جيهان نظرة متسلية ، تخبره أنها أنقذته من موت كان واقعا لا محالة ، ليندفع هامسا بحدة

– مش عايزة الوش التاني ، اشربي

صاحت بنزق شديد وهي تحاول ان تفلت ذراعها من براثنه

– بطل بقي ، بدل ما تشكرني اني انقذتك منهم ، بردو بتتبجح في وشي

ابتسم بشر قائلا وهو يتوجه نحو سيارته

– اصل ناوي اعلقك واكسر دماغك

انفجرت ضاحكة بسخرية ، تثير سخطه وجنونه

– قول بقي كلام علي قد كلامك ، شكلك كان وحش اووي قدامي النهاردة

فتح باب السيارة ليقف امامها عاقدا حاجبيه قائلا

– انا بقول كلام مش قدي

هزت جيهان رأسها ، ليدفعها وسيم بحدة داخل السيارة لتصرخ جيهان متوجعة حينما اصطدم رأسها بمقود السيارة

– اااااه

ابتسم وسيم بجنون قائلا

– حلوة مش كده

صاحت حانقه في وجهه وهي تمسد موضع اصابتها بتأوه متألم

– متخلف وربنا

انزلق بجسده داخل السيارة ، ليدير مفتاح سيارته قائلا بنبرة جنونية

– ولسه يا بيبي ، هتشوفي النجوم في عز الضهر

******

زفرت فرح بحدة وهي ترمق الذي بجانبها بسخط ، دائما يمارس سلطته الذكورية عليها

ويهدم اساسها الجديد ، تتذكر قبيل ساعة كانت مرتدية فستان استعدادا للذهاب الى حفلة اطلاق إعلانها .. لكن ببرود قال

– اقلعي الفستان ده ، ورانا مشوار أهم من اعلانك

لا تصدق وقاحته ، ذلك المتسلط المزعج … رفضت وثارت الا ان النهاية رضخت ولم ترفض ان تنزع فستانها قائلة ، ان كان يزعجه فليذهب بمفرده …

ورده كانت مجرد ابتسامة مستفزة كالتي ملتصقة بشفتيه حتى الآن ، لتخرج من حقيبتها أحمر شفاة ومرآة لتنظر الي تبرجها الهادئ ، زادت من ثقل لون أحمر الشفاه الخوخي لترفع عينيها وترى نظرات نضال المسترقة لها وهو متابعا النظر نحو الطريق …

برمت شفتيها بحنق وهي تنظر إلى المرآة لترى شمس تلعب مع دميتها ، ابتسمت بحنان شديد لها لتمد بجذعها تعدل من ثياب الصغيرة ثم طبعت قبلة علي رأسها ، لتخرج اجمل ابتسامة من شمس وهي تطبع قبلة على خد فرح .. عادت مرة أخرى إلى مقعدها لتلتفت الي نضال ملقية تأفف واضح منه .. ليغمغم بعبوس

– قالبة وشك ليه

صاحت بحنق وهي تود أن تمزق وجهه الوسيم هذا

– انت عايزني افرد وشي كمان بعد ما منعتني اني اروح الحفلة .. لا وبكل بساطة تقولي ورانا مشوار أهم

حتي الان لم يخبرها الي اين هم ذاهبون ، لوي نضال شفتيه ساخرا

– وهي هتفرق ايه عن الاعلان اللي عملتيه

صاحت باعتراض وهي تعدل من تصفيفة شعرها باناملها

– انت بتدمر شغلي يا نضال

جنت تماما منذ دخولها لعالم الاضواء ، لا تبقي جالسة هادئة لدقيقة دون أن تهتم بتصفيفة شعرها او زينة وجهها ، هز رأسها قائلا بتهكم

– بدمر شغلك ، هو انتي فاكرة توزيع الابتسامات ده ولبس قصير وضيق ده شغل

استشفت الغيرة من صوته المنزعج لتلمع عينا فرح بمكر قائلة

– ااه شغل ، ومش من حق اي حد انه يتدخل

صاح صارخا في وجهها

– من حقي ادخل لاني يا هانم جوزك

كان نبرته تملكيه ، عنيفة كما عهدته .. اشاحت بوجهها قائلة ببرود

– لا ملكش الحق يا نضال ، قولتلك كل واحد ملهوش علاقة بالتاني وجوازنا كان هدفه الاول اني اربي بنتك مش كدا ولا ايه

رفع نظراته نحو شمسه ليبتسم بحنان شديد ثم اعاد نظره الساخطة لفرح قائلا

– عندها دادة بتهتم بيها ، يعني مكنتش فاكرك غبية للدرجة دي

انساب صوت ساخر من شفتيها لتهمس بقسوة

– اه قولتلي ، حسيت مثلا بتأنيب ضمير لانك كنت مجوزني عرفي ويا حرام بقي فرح الغلبانة تتبهدل مش كدا قولت اتعطف عليها وعلى عيلتها اللي مش بتعبر فيها واسترها وارمي فلوس في جيوبهم عشان يبلعوا لسانهم ، وبنتهم ايه تولع مش كدا

صمت نضال ، لن تتوقف عن إعادة ذلك الشريط مرة أخرى … رغم انه يشعر ببعض الشفقة لما آلت اليه الامور بسبب عائلتها التي لفظتهم من حياتها .. يعلم تلك المرارة في حلقها .. وهو اليتيم المنبوذ في العائلة … لاحت ابتسامة ساخرة على شفتيه ليقول بأسف مصطنع

– حقدك كبير اووي لعيلتك يا فرح

كتمت فرح شهقتها لتدير بوجهها للنافذة وهي تهمس بتحشرج

– محدش بيختار عيلته يا نضال

قبض بأنامله على المقود لتغيم عينيه بقسوة هامسا

– عندك حق ، محدش بيختار عيلته

إلى أي حد هما متشابهان

كلاهما من عالم وبيئة مختلفة

لكن ذاقا نفس الوجع ، والفقد ، لم تذق طعم الدفء سوي قدوم تلك الصغيرة لعالمهما

تشعر أنها مسؤولة منها رغم أنها ليست والدتها البيولوجية ، استمعت إلى نبرته المتهكمة

– لا لا مكنتش متوقع حقيقي انك حقودة على عيلتك يا فرح ، ايه فوقتي من الغيبوبة واكتشفتي الواقع

أخفت شعورها بالنقص ووارته تحت قناع الجمود لتقول

– مش كلنا شايلين ذكريات سعيدة لحياتنا يا نضال ، كل واحد شايل همه ومش حمل يشيل هم تاني

هز نضال رأسه مستفزا بها جميع مشاعرها

– يا حرام ، تصدقي بدأت اشفق عليكي

ثواني وانفجرت فرح صائحة بحدة

– انت بتهرز يا نضال

يجرب ما تفعله معه ، ذلك الاستفزاز واللعب بالاعصاب بكل دناءة ، رفع حاجبه والتفت برأسه لثواني لها قائلا

– ومهزرش ليه ، ما برضو لازم الواحد مياخدش الحاجة كدا قفش

فغرت فرح شفتيها ببلاهة وهي تري مزاحه ، واسلوبه الساخر … تمتمت بحدة

– نضال انت شارب حاجه

هز نضال رأسه قائلا بأسف

– قولت انتو يا ستات عالم النكد رقم واحد في حياتي ، لا الهزار نافع ولا القفش نافع

زمجرت فرح بحدة لتصرخ في وجهه بعصبية

– متلعبش باعصابي يا نضال

هرة مشاكسة ، تمتم بها نضال … تنبش بأظافرها على باب غضبه وجحيمه .. التفت نحوها بحدة حينما قالت بملل

– ناوي تطلقني امتي

اصطنع التفكير لثواني وقال وهو يصطف بسيارته امام مبنى سكني

– بفكر دلوقتي لانك بتغريني فعلا اني اقتلك

سحب مفاتحه وترجل من سيارته قائلا بصوت آمر

– انزلي

تأففت فرح وهي تترجل من مقعدها لتجده يسحب الصغيرة ويضعها على كتفه ، نظرت إلى صورته مع ابنته وهي تتنهد بتحسر .. متى ستكون قريبة منه الى تلك الدرجة !!!!

ابتلعت غصة مؤلمة في حلقها وهي تسير خلفه والدنيا اسودت من حول وجهها .. لم تكن تعلم أين هي ، ولم تسأله حتى ، كل شئ لم يكن مهما حتى افاقت من لمسة يده لخصرها ، رفعت رأسها لتنظر اليه عاقدة الحاجبين الا أنه لم يكلف نفسه عناء النظر اليها .. نظرت نحو الباب الذي فتح لتتسع عينيها بجحوظ حينما رأت ..ابنة عمه أسرار بكل بهائها وطلتها الانثوية تقول بنبرة عابسة

– دايما بتتأخر يا نضال عن مواعيدك

قرص نضال جانب خصرها لتنتفض فرح بحدة ، وهي ترفع رأسها تحدجه بنظرات قاتلة .. ما الذي أتى بها هنا ؟!! .. أجاب نضال بجمود

– بالعكس جيت في الميعاد المناسب

التفتت اسرار حينما شعرت بذراع زوجها البوهيمي يسحبها لتقع اسيره بين ذراعيه ، نظرت نحوه بعتاب .. لطالما كان رافض لوجود ابن عمها لكنها بالنهاية علمت ان تراضيه ، لذلك يقف امامها عابس الوجه متحفز للانقضاض عليه .. ابتسمت بترحيب شديد وعينيها تلمع بالحنين

– نورتوا بيتنا ونورت صغيرة عيلتنا بيتي

تقدم نضال نحو الصالة ليجد وقاص جالسا بجوار زوجته .. ابتسم نضال قائلا بتفكه

– كبير العيلة موجود

ابتسم وقاص ببرود مجيبا

– وانت فاكر اني هتأخر عن اي حدث مهم لعيلتنا

لاحت السخرية في عيني نضال ليقول

– ياريت تقول الكلام ده للوالد والوالدة

خيم الصمت للجميع والعيون أصبحت مسلطة على وقاص … اندفعت فريال تمسك بكفه ليضمها كفها بقوة وهو يجيب ببرود

– هما اللي خرجوا من قرارات أو اجتماع العيلة

اقتربت اسرار منه تحديدا لتحمل الصغيرة علي ذراعها وهي تداعبها برقة ثم ترفع رأسها لتنظر إلى سراج بانبهار .. ليندفع صوت فريال المتلاعب

– وقاص مش مالي عينك يا نضال

تمسك بخصر فرح المتجمدة امامه ليقول بهدوء وهو يتخذ اريكة لهما للجلوس عليها

– ومين قال ، بس لازم الراس الكبيرة تكون موجودة يا مدام فريال

كانت عيني نضال تبحثان عن صغيرته الأولي رهف ، ليراها واقفة في الشرفة تتحدث بهمس خافت من المتصل الذي رجح انه خطيبها ، بدأ ذلك الرجل يزعجه حقا .. انقلبت ملامح وجه وهم بالتوجه نحوها وازعاجه الا أنه انتبه إلى صوت اسرار الناعم

– بنتك عايز تتاكل ، مش كدا يا سراج

مالت اسرار تقبل وجنتي الصغيرة ، رغم قلة زيارتها لنضال إلا أن يكفي الاجتماع الشهري للعائلة ، رغم كونه اسوأ يوم والجميع ينتظر مشاجرة للثورة إلا أن اليوم كانت حريصة على عدم جعله يوم سيئ … استمعت إلى نبرة سراج الخشنة

– اتلمي وخلي الليلة تعدي على خير

كان ينظر سراج إليها ثم للطفلة التي تنفجر ضاحكة بنعومة أسرت قلبه ، يليق بملكته الجليدية ان تصبح اما لطفل منه .. رفعت اسرار حاجبها بشرر

– مش عجباك ان عيلتي موجودة يا سراج

ابتسم قائلا ببرود

– وانا اقدر اقول لأ ، جيبي اللي عايزاه يا اسرار ده بيتك

عادت اسرار تنظر باهتمام شديد نحو الصغيرة ، ترغب في فتاة مثلها حتما .. تريدها فتاة لتدللها كثيرا .. مالت تقبل وجنتيها ليصدر صوت مرح من شفتي الصغيرة لتغمغم اسرار بأمومة

– طب مش عايزة تتاكل حتة النوتيلا دي

مال سراج هامسا في أذنها بوقاحة وانامله امتدت للعب في خصرها

– بقولك ايه ما نزحلق الناس دي ونروح اوضتنا

انتفضت اسرار بحدة وهي تزجره بعينيها قائلة بتحذير

– سراج

نظر اليها ببراءة وتابع قائلا وهو يمد يده للمس خد شمس التي لم تنكمش بل رفعت ذهبية عينيها لتنظر بانبهار للرجل الذي امامها ، غمغم سراج بفظاظة

– متوقعتش ان بنته حلوة

لوت اسرار شفتيها قائلة بنزق

– ده اللي ربنا قدرك عليه

زفرت فرح يائسة وهي تري من جميع الاتجاهات كل رجل يدلل انثاه الا زوجها العاق يجلس ناظرا أمام الشرفة بغيظ ، اقتربت منه هامسة

– مقولتليش ان احنا هنروح عندهم ، ده بقي الاهم من حفلتي

امال نحو اذنها بهمس خافت رافعا ذراعه ليحيط به من الخلف قائلا

– فرح ، متخلنيش أخرج عن شعوري وازعلك

تأثرت للمسة أنامله على بشرة ساعدها ، ازدردت ريقها بتوتر وارتفعت تنظر الي عينيه الماكرتين قائلة

– عايز تضربني يا نضال ، ولا عايزني

تركت جملتها معلقة لترى العاصفة التي أضرمت في عينيه ، ابتسم نضال وقال بصوت خشن

– صدقيني في يوم مش هيطلع عليكي نهار لو فضلتي تستفزيني

رفعت حاجبها بتسلية قائلة

– اعملها يا نضال ، وقبل ما يطلع عليا نهار ساعتها هترحم عليك

ضيق بين حاجبيه وهو يراها جريئة ، بل مندفعة بتهور لتحديه

لا أثر لفرح القديمة البائسة ، غمغم قائلا بنبرة ذات مغزى

– جايبة الثقة من فين يا فرح

رفرفت بعينيها هامسة

– منك ، فاكرني هفضل مغلوبة على أمري طول الوقت

لف خصلة شاردة من شعرها حول اصبعه ليقول بتهديد

– حاسبي بقي يا قطة لما تلعبي من النار عشان متلسعكيش

ابتسمت فرح بثقة وهي تبسط يدها علي صدره قائلة

– ما انا ناوية احرقك زي ما اتلسعت

لمعت عيناه باعجاب شديد ، ليقول

– كلام كبير طالع منك يا فرح الغانم

هزت فرح رأسها دون أن ترد عليه ، وقلبها يضج فرحا وهي تسمعه يلصق اسمها بجوار اسم عائلته …

كان وقاص يمسد ذلك البروز في بطن ساحرته لتنظر فريال الي فرح ثم نضال لتعود النظر نحو وقاص … تشعر بـ تأنيب ضميرها إلى ما آلت اليه الامور سابقا .. لم تكن تريد افساد علاقة فرح بزوجها … همست بقلق لوقاص

– تفتكر هيفضل كدا يا وقاص

توقف وقاص عن مسد بطن زوجته ليرفع زرقاوه عينيه قائلا

– قصدك ايه

همست بقلق وبدأت نوبات الاضطراب والهلع تنتابها منذ حملها

– نضال وفرح ، خايفة ان علاقتهم تموت

ألقي نظرة خاصة للثنائي في الاريكة المجاورة لهما .. ليعود النظر إليها قائلا

– فرح اكتر حد فينا تعرفه واتمني متغلطش زي المرة اللي فاتت

دمعت عينا فريال لتهمس بهلع

– حاسة بالذنب اني بدل ما اصلح علاقتهم اني عقدتها

مسح دموعها بانامله بدفء قائلا بانزعاج من أخيه

– هو اللي معقد وعايز يعقد غيره ، خليه علي عماه لغاية لما يخسر اللي يحبهم

عبست فريال ونظرت اليه قائلة بتيه

– وقاص

لوي وقاص شفتيه ساخرا قائلا بغموض

– فاكر نفسه ان اللي تحت سيطرته مش هيتمردوا عليه

نظرت فريال إلى وجه زوجها وقالت بعدم فهم

– وقاص انت تقصد ايه

اجابها بجمود وهو يطبع قبلة على جبهتها

– الزمن يا فريال .. الزمن غدار ، يارب ميكنش غبي عشان يخسر حياته والناس اللي حواليه

تساءلت فريال باندفاع

– انت بتكرهه

هو لا يكرهه ، بل يكره تصرفاته

ويكره أن يظهر أنه لا مبالي ، لا يحتاج لمساعدة من أحد … يكره طريقته المستفزة في الحديث .. غمغم وقاص بجمود

– علاقة الاخوة اللي بينا معقدة ، وصعب اشرحلك واقولك اذا كنت بكرهه او متعاطف معاه ، بس في الاول والاخر من دمي و صعب اتخلى عنه

اقتربت اسرار منهما قائلة بهمس وهي تنظر اليهما بعد ان سمعت جزءا من حديثهما

– العيلة فوق كل حاجه يا وقاص

ابتسم وقاص إلى ابنه عمه بدفء ليقول بنبرة هادئة

– يا تري اسرار الغانم مجمعانا مع بعض ليه

نظرت الي زوجها بامتنان شديد ليقترب منها مقبلا جبينها بدفء وذراعه تتوسط خصرها ، همت بأن تحكي سبب جلبها لهم الا أنها ترى وجود فرد ناقص في الاجتماع .. قالت بتساؤل

– فين رهف

تقدمت رهف نحوهم بعد أن أنهت مكالمتها ووجهها عبارة عن قطعة فراولة جعل وجههي وقاص ونضال المتحفزة بالانقضاض على ذلك الوقح خطيبها ، ارتفعت معدل الغيرة الاخوية لكلاهما وهما يسمعا همس رهف الخافت

– اتأخرت عليكم

هزت اسرار رأسها نافية لتهمس

– لا متأخرتيش ، سعيدة جدا ان الكل اللي بحبهم متجمعين ، ومش هيكون لا اول ولا اخر تجمع لعيلتنا

نظرت الى زوجها وهو يدعمها جسديا ومعنويا ، لتنظر الي بعشق جارف وهي تنظر الي عائلتها قائلة

– فيه قرر سعيد واخيرا قررت انكم تشاركوا فرحتي

لم تنتظر بل اندفعت تقول ودموعها تنساب من عينيها

– انا حامل

ضمها سراج بقوة مقبلا رأسها لتندفع رهف مصفقة بكلتا يديها قائلة

– ده انا هبقى عمتو لتالت مرة

ارتسمت السعادة على وجوه الجميع حتى فرح ظلت تنظر الي اسرار وهي تلتصق بزوجها وتنظر اليه كما لو انه الرجل الوحيد في العالم ، استقامت فريال وهي تقول بسعادة بالغة

– الف مبروك ، ان شاء الله ربنا يتمم حملك علي خير

هبطت اسرار عينيها للبروز في بطن فريال لتقول بفضول

– عرفتي لو بنت ولا ولد

هزت رأسها قائلة بشقاوة

– قررت اتفاجئ واسيبها لحد ما اولد

شعرت بوجود فرح التي قالت باقتضاب

– مبروك

ابتسمت اسرار بسعادة وهي تنظر إلى زوجها الذي يدعمها بنظراته ثم التفتت تقول لفرح

– عقبالك يا فرح

ارتسمت السخرية على شفتي فرح لتقول باستهزاء

– اه فعلا

اقتربت منها وهي تقول لها بنبرة ذات مغزى

– الست الناصحة بتعرف امتي تشد وترخي مش كدا

اندفعت تقول بهمس خافت وهي تنظر اليه لترى رهف محتضنة إياه بقوة ليربت على رأسها بأخوة وحنية تكون منعدمة حينما يأتي اليها

– ده عايز حبل يخنقه

ابتسمت اسرار قائلة بتعقل

– خلي عقلك هو اللي يبقى دليلك ، الست الشاطرة اللي بتعرف تحل مشاكلها من غير ما تطلب مساعدة من برا

عقدت فرح حاجبيها وهي تشعر انها تتحدث عن فريال لتسترسل اسرار بهدوء

– مش اقصد اني اقولك فريال دمرت حياتك ، بس هي قدمت مساعدة بحسن نية .. نضال بس اللي كان نقدر اقول قافش شوية

هل تلك الكلمة دارجة جدا في العائلة !! لتسمعها منه ومنها … بعض بوادر الغيرة لاحت على وجهها لتتجهم وجه أسرار وهي تقول بجدية

– انا ونضال اخوات ، بس الغبي مش عايز يقولك انه بيحبك .. لانه خايف يفقد اللي بيحبهم

ثم رقت ملامحها وزرقة عينيها المتوارثة في تلك العائلة كانت حانية لتقول

– مشوفتش نضال مرتاح مع واحدة زيك ، نضال مليان عقد وكلاكيع بس نقول ايه .. نصيبكم انك تبقي مراته ، بس ابدا ما تفقديش كرامتك خليه هو اللي يركع علي رجليه عشان تحبيه

مالت اسرار تهمس في اذن فرح قائلة بمكر

– الراجل عايز كل فترة وفترة يتقرص من ودانه ، عشان يفوق لو فكر يبص كدا ولا كدا

ارتسمت ابتسامة على فرح لتقول

– لا من الناحية دي متقلقيش ، بالنسبالة نوع جديد عن الشقر اللي جربهم

مالت اسرار برأسها لتقول

– خلي عندك امل وصبر

اختنقت فرح من سماع تلك الجملة ، الى متى تصبر وهي منذ أن وعت لم تجد من ينتشلها من دركها

– انتي متعرفيش انا مدمرة ازاي

صاحت بها باختناق لتقترب أسرار منها مربتة على ظهرها ، هي تشعر بوجعها .. همست بألم

– اللي يشوف بلاوي الناس بتهون عليه بلوته ، دايما بسمع المثل ده .. وعايز اقولك مفيش حد من العيلة دي الا لو جرب عذاب والم اصعب من التاني ، كل واحد مليان ومشوهه من جوا .. مفيش حد عاش حياة طبيعية من طفولته يا فرح

نكست فرح رأسها … لا تريد أن تكون في موضع شفقة من أحد ..أبدا لا ترغب أن ترى الشفقة في عيونهم ، رفعت رأسها بثبات وملامح جامدة لتنتبه على صوت نضال الحاد

– خلصتوا

لمع الإعجاب في عيني اسرار وهي ترى اختلاف شخصية فرح عن السابقة ، قالت بنبرة ماكرة

– كل مرة كنت بقول لفرح خلي بالك من نضال لانه صعب ، بس المرة دي اقولك يا نضال خاف المرة دي

ابتسم نضال باقتضاب وهو يضع يده على خصر فرح

– والله عايز اقولك كتر خيرك على النصيحة دي

شعرت بوجود مدخنة حارقة تلسع مؤخرة عنقها ، لتلتفت الي زوجها البوهيمي بابتسامة واسعة ونظرة مهددة إلا أنه لم يعبأ بتهديدها ليلصقها بجواره .. لم ذلك عن عيني نضال العابثتين ليرفع عينيه نحو رهف ..

تلك الصغيرة التي تعاني من بعد والدها ووالدتها ، كلاهما في عالم بعيد عنها … رآها كيف تدلل صغيرته شمس وتلعب معها لتهمس اسرار وقد قرأت ما يدور في خاطره

– سعادتها ناقصة

رفع نضال عينيه نحو اسرار ليداري حزنه لتلك الصغيرة قائلا

– اومال اخوها وجوزها السوري بيعمل ايه

صاحت اسرار بثبات شديد

– وانت اخوها برضو يا نضال

هز نضال رأسه ، أخ غير شقيق .. ومكانة شقيقها أعلي منه .. لن ينكر ذلك الواقع ، رفعت فرح رأسها وهي تنظر نحو رهف ليخيم الحزن في قلبها ….

أستجد من يهتم بها في حياتها كتلك العائلة المعقدة !!! رغم ازماتهم إلا أن كل فرد منهم يهتم بالآخر ، غمغمت اسرار بحزن شديد

– حتي لو كانت فرحانة بس هتكون فرحتها ناقصة ، مامتها وبباها كل واحد في أشغاله

قاطعهم صوت وقاص الجاد

– مش بايدينا للأسف اننا نلاقي اب وام مثاليين ، بس نقدر نغير ده بايدينا احنا للجيل الجديد

ألقي نظرة خاصة نحو نضال ليقول بنبرة ساخرة

– بيقنعني بكلامه دايما حامي العيلة

التمع الغضب في حدقتي وقاص ليصيح بحدة

– غصب عنك يا نضال

انفجر نضال ضاحكا ، وهو يقول بمكر قائلا

– منقدرش نقول لأ يا باشا

ابتسمت اسرار متنهدة براحة ، تحمد الله أن تلك الليلة مرت علي خير ، رفعت انامل قدميها لتطبع قبلة على خد سراج دون خجل أمام الجميع

-شكرا لانك حققت امنيتي

ابتسم سراج وهو يدفن وجهه في اذنها هامسا

– معنديش حاجه ببلاش يا مراتي

ابتسمت اسرار وهي تعلم مقصده ، نظرت اليه بشقاوة شديدة وهي تنفي ما سيحدث في خياله الجامح .. إلا أنها على يقين تام ، أن البوهيمي لا يوجد عنده “لا” في قاموسه .

******

في قصر المالكي ،،،

ظلت وجد تفرك يديها بتوتر شديد ، لثلاث يوم على التوالي بعد ذلك اليوم لم يأتي .. تخشى في اليوم الرابع ان تذهب ولا تجده ، ابتأست ملامحها الناعمة .. لما يهرب منها ؟!

هل هذه طريقته لتوديعها ؟! هل كانت مجرد حالة يتعطف عليها ؟!

عند الفكرة الاخيرة هزت رأسها نافية ، ليست غبية لعدم رؤيتها الاهتمام من عينيه ، كانت تعلم أن ما بداخل العينين الخضراوين شئ لا يكذب ، لكن هل هي مستعدة له ؟!!

تشعر انها متذبذبة … لا تريد الاندفاع بعاطفتها

بل تتريث ،، حتى تعلم رأسها من أسفل قدميها ، هبطت درجات السلم بخفة وهي تستعد للذهاب الى المؤسسة ، وان لم تجده ستهاتفه

ستسأله بكل بساطة عن حاله وبعدها ستترك البقية حينما تقابل ردة فعله ، احتقنت وجنتيها بخجل وهي تشعر بالخجل من مهاتفته

ظلت تماطل لثلاثة أيام ، دون معرفة ما مبررها حينما يسألها لما تهاتفه .. يالله ستتمنى وقتها ان تنشق الارض وتبتلعها ، انتبهت حينما تفتح باب سيارتها سماع زمور سيارة وسيم ، عقدت حاجبيها بريبة حينما ترجل من سيارته مقتربا منها ، تسائلت بشك

– انت بتعمل ايه هنا

نظر وسيم نحوها بسخط ، هذا ما ينقصه أن يذهب لمنزل عائلته تسأله ما الذي أتى به ، صاح بحنق

– حاسس اني مخنوق

مرر انامله علي خصلات شعره الكستنائية يشعثها بضيق ، لا يعادل ضيقه من تلك الفأرة الشقية وعذابها واستفزازها له في كل اتصال بينهما .. الوقحة ليلة أمس اخبرته انها ستعود عارضة لتظهر في فيديوهات المغنين ، علي جثته ان فعلت ذلك

انتبه على سؤال وجد المهتم

– هي جيجي لغاية دلوقتي رافضة

رفع زرقاوة عينيه لينظر إليها بصمت جعل وجد تشعر بالشفقة من أجله ، صاح وسيم حانقا

– غاوية تعصبني وتقرف عيشتي

هزت وجد رأسها … لما كلاهما يندفعان للانتقام من بعضهما البعض

لما يضيعان عمرها في انتقامات جوفاء وطفولية ، هزت رأسها لتهمس بهدوء

– بتحبها

ظن وسيم انها تسأله إلا أن كلمتها اقرار وليس سؤالا لتتابع قائلة بهدوء

– وبتحبك

لترفع وجد عينيها تنظر الي وسيم بتيه شديد تتخبط به منذ ثلاثة ليالي

– انا بقي معرفش هو انا حبيت فعلا ولا اتعلقت

عبس وسيم واختفي الإرهاق من عينيه ، ليقترب منها سائلا بتخوف

– انتي لسه مع موضوع لؤي

كان علي وشك أن يصاب بذبحة صدرية ان قالت نعم ، لؤي هذا مستحيل أن يتوافق مع وجد .. وجد رقيقة ، نسمة هادئة تحتاج لتدلل الشديد من رجل ، حليم في غضبه … وهذا لا يتوافق مع لؤي بتاتا … هزت وجد رأسها مجيبة بتشتت

– مبقتش فاهمة يا وسيم ، طب كل اللي عشته السنين ده وهم وتعلق لـ لؤي

ضيق بين حاجبيه ينظر اليها بتفحص شديد ، ليقول ساخرا

– وانتي فجأة صحيتي من النوم واكتشفتي وهم حبك لـ لؤي

امتعضت ملامحها الناعمة لتقول بسخط

– وسيم متخلنيش اندم اني بفضفض معاك ، مش لاقية حد اكلم معاه وخصوصا اني مش عايزة أحكي مع مماة

نظر اليها بامتعاض شديد وهي ما زالت ملتصقة بتلك الكلمة المائعة ليقول بحنق طفولي

– وغالب باشا

رفعت وجد تنظر اليه قائلة بجمود

– جدو عايش في عالم تاني كأنه بيناجي حد بعيد عنه ، انا حاسة اني ضيعت سنين عمري على الفاضي

ود وسيم ان يصفق بكلتا يديه ، يبدو ان الانسة أفاقت من غيبوبتها ، ابتسم قائلا بتهكم

– ومين العظيم اللي وضحلك بقي النقطة اللي كنتي مش واخدة بالك منها

عاصي ، أجاب قلبها فورا وبدأ يتبع قلبها سلسلة من نبضات هاربة لتتغضن ملامح وجد حانقة

– وسيم كلمة كمان و همشي واسيبك

أجاب وسيم بجدية ليتملل في وقفته

– لازم نتبهدل يا وجد ، تحسي الحب لازم يبهدلنا ويطلع عنينا عشان النص التاني يرضي

لاح الاهتمام من عينيها لتقول بتلهف

– هتعمل ايه

تثاءب وسيم ممررا أنامله على خصلات شعره قائلا بنعاس

– ولا حاجه هطلع انام وابقي يحلها الف حلال

اتسعت عينا وجد وشعرت انها سقطت من سابع سماء ، لتصيح وجد حانقة وهي تراه يتوجه نحو الباب الداخلي

– دلوقتي احنا في الضهر

لم يرد عليها ، بل لم يكلف نفسه عناء للرد ، تلك غلطتها انها حاولت ان تجد شخصا يفهمها ، ركبت سيارتها وانطلقت بوجهتها نحو المؤسسة .. عاقدة العزم أن تعلم سبب تغيبه سواء من روفيدا التي تخجل من سؤالها او منه هو شخصيا …!!!!!

بعد فترة من الوقت ،،

ترجلت من سيارتها بعزم شديد وهي تدخل المبنى تبحث عنه بعينيها ، كانت على أمل أن تراه ، إلا أن أملها خاب بغيابه ، جرت اذيال خيبتها وهي تخرج من الحديقة إلا أن جسد كالصاروخ اندفع نحوها مناديا اياها

– ميس وجد ، ميس وجد

هلع قلب وجد وهي تري بكاء تلك الصغيرة الحار لتهبط وجد بجذعها تمسح دموعها باناملها قائلة بلهفة

– ايه يا تسبيح ، بتعيطي ليه

زادت الطفلة بكاء لتدخل في نوبة بكاء حاد ، ضمتها وجد لا اراديا لتعانقها تسبيح فوريا وهي تتشبث بها قائلة من بين شهقاتها

– دكتور عاصي

سقط قلب وجد بين قدميها وهي تبتعد لتنظر الي ملامح تسبيح الباكية لتهتف بتوجس

– ماله

انفجرت تسبيح في بكاء حار قائلة من بين شهقاتها

– سمعت من ماما روفيدا بتقول لميس انه راح المستشفى ، هو كمان راح عند ربنا

الجمتها وجد الصدمة مستوعبة ما تقوله الصغيرة ، لتخرج صرخة من شفتيها قائلا

– ايييه ؟!

منذ الصباح واقفة على قدميها وهي تتأكد من كل شحنة قدمت الى شركتها ، حركت شادية رأسها يمينا ويسارا تحاول أن تفك ذلك التشنج دون فائدة ، انتبهت علي رنين هاتفها في جيب بنطالها الواسع .. نظرت الى اسم المتصل بريبة

عاقدة الحاجيبن ، ما سبب اتصال لؤي بها ؟!!!

اجابت على مكالمته وهي تشير لنجوي أن تتابع العمل مع العاملين لتتوجه نحو المبنى وهي تهمس بتعجب

– لؤي !!

زفرة حادة هي ما وصلتها إياها عبر الأثير لتعقد حاجبيها وهي تسمع اللي نبرته الحانقة

– ممكن افهم ايه الداعي للفضايح دي واحنا حلينا الموضوع بشكل ودي

فتحت فمها ببلاهة محاولة فهم سبب غضب الغير مبرر لتصعد درجات السلم قائلة بعدم فهم

– لؤي انا مش فاهمة انت تقصد ايه ، فضايح ايه

ضحكة ساخرة جاءتها ثم اتبعها زمجرة غاضبة منه

– فضايح ايه !!، ياريت يا استاذة تفتحي وتشوفي السوشال ميديا عن علاقتنا

تشعر انها مغلقة أمامه ، تمتمت بغباء شديد

– سوشال ميديا !!

زفرت بحدة وهي تدفع باب مكتبها لتدخله وهي تقول

– لؤي انا مش فاهمة

جاءتها إجابته المقتضبة قبل أن ينهي المكالمة

– هفهمك

اتسعت عيناها بجحوظ حينما أغلق الهاتف في وجهها بوقاحة ، لترتجف يدها حينما وصلتها رسالة منه … فتحت رسالته بفضول لتتفاجأ بوجود صورة مكتوب بلغة انجليزية ” لقد انفصلت ” عقدت جبينها بريبة وهي تري ان احدا انتحل شخصيتها على صفحة الانستجرام …. صفحة الانستجرام!!!!

زمت شفتيها بحدة ، شقيقتها الحمقاء .. ألم تخبرها أن تحذف حسابها ، زمجرت بوعيد

– جيهان

خفضت عينيها سريعا إلى خاتم خطبتها ، زمت شفتيها بحدة وهي تنظر الى الصورة

ما الذي فعلته شقيقتها الغبية !! .. المقربين منها يعلمون أنها لا تملك سوي حساب على الفيس بوك ونظرا لوقتها الضيق فلم تعد تستخدمه … عزمت نفسها للرحيل والذهاب الي شقيقتها لكن قدميها تيبست حينما فتحت الباب لتجد اخر شخص ودت ان تراه اليوم

كانت عينيه مظلمتين ، لدرجة أصابت مرت سرت رعدة على جميع أطراف جسدها وهو ينظر اليها تارة وإلى يديها خصوصا بنصرها الأيمن تارة أخرى ، همست بتوتر وهي ترطب شفتها السفلي

– سرمد

ابتسم سرمد بشر ليحك طرف ذقنه بأنامله ، وعينيه كانت تعلم تحديدا وجهتها ..

لقد وصل لغرفتها المنشودة .. بعد بحث طويل مفتشا قلعتها …!!

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *