روايات

رواية وقبل أن تبصر عيناك الفصل الخامس 5 بقلم مريم محمد غريب

 رواية وقبل أن تبصر عيناك الفصل الخامس 5 بقلم مريم محمد غريب

رواية وقبل أن تبصر عيناك البارت الخامس

رواية وقبل أن تبصر عيناك الجزء الخامس

رواية وقبل أن تبصر عيناك الحلقة الخامسة

~¤  كانت الشرارة ! ¤~
كان عليها أن تسرع في ردة فعلها… بالرغم من أنها كانت خائفة جدًا.. صحيح أن الوضع كان مثيرًا للرعب… لكن لم يعجبها هذا.. أن تكون خائفة بعد أن قطعت وعدًا لنفسها بأنه مهما صار لها لن تسمح للخوف بالتمكن منها مطلقًا
وبخت نفسها داخليًا لأنها وضعت كافة الاحتمالات لمحاولة فرارها الجنونية، و افترضت رؤية أيّ شخص بطريقها حتى لو كان عمها أو الزعيم كما يلقبونه
لكن رؤيته هو كانت مفاجأة لها.. ذاك الأشقر ذي العينين الزرقاوين… كان جميلًا و ربما جمال بقادرٍ على تشويش عقل أيّ فتاة.. لكنها لم و لن تكن أبدًا تلك الفتاة
وضعها كان شديد الحرج أمامه، إذ كان يطوّق خصرها بذراع، و الآخر كان يلفه حول عنقها و يكمم بكفه الغليظ بطريقة كادت تزهق أنفاسها …
بينما كان يحدق في وجهها المذعور مشدوهًا، تلوّت بين ذراعيه بعصبيةٍ، و تمكنت من إطباق أسنان فكيها الأمامية على شحمة كفه بقوةٍ وحشية تريد أن يفلتها رغمًا عنه
ظنّت أنه سوف يتأثر يذلك التصرف كما تأثر غيره من قبله… لكنه لدهشتها لم يشعر بها إلا كوخزةٍ بسيطة.. و إذ أدرك بأنها تحاول الفكاك منه أرخى وثاقه من حولها قليلًا و هو يقول هامسًا بصوتٍ خفيض :
-إهدي.. إهدي خالص و ماتخافيش مني. أنا هاشيل إيدي. بس لو صرختي إنتي الجانية على نفسك.. مش هاعملك حاجة بس هاسلّمك بإيديا لسالم الجزار !
هزت رأسها موافقة و كان وجهها لا يزال شبه ملتصقًا في خبايا صدره حيث يمسّ جلده الخشن بشرتها الناعمة مسًا خفيفًا …
يبر “رزق” بوعده لها، و بحذر يزيل كفه الضخم عن فمها و جزءً من أنفها.. لتشهق “ليلة” و هي تملأ رئتيها بالهواء كما لو أنها طفت على سطح البحر
بقى يراقبها بدقة و تركيزٍ شديدين و كأنها ستختفي فجأة مثلًا، بينما لم تنتبه إلى أنها كانت تمسك بتلابيب قمصيه بكلتا قبضتيها.. حتى هدأت أنفاسها و إنتظمت
فرفعت عينيها إلى عينيه من جديد، و فور أن تلاقت نظراتيهما دفعته دفعة ركيكة في صدره ليبتعد عنها صائحة بعدائية شديدة :
-ده إنتوا مش بس حابسني.. كمان معينين عليا مراقبة. و سيادتك بقى الموكل ليك بالمهمة دي.. كان لازم أتوقع حاجة زي كده طبعًا !!!
حذرها “رزق” بصوتٍ حاد :
-صوتك. وطي صوتك و إنتي بتكلميني. ده أولًا ! .. و أكمل قاطبًا جبينه باستغرابٍ :
-ثانيًا حبس إيه ده بقى إللي بتتكلمي عنه و إيه علاقتي أنا بيكي أصلًا.. أنا لسا شايفك من كام ساعة و لولا لمحت حركة غريبة هنا ماكنتش هاشوفك و إنتي بتعدي و عاوزة تمشي من تحت السور …
و أضاف بذهولٍ : صحيح إنتي عرفتي المكان ده إزاي ؟ أنا ذات نفسي إللي مقضي عمري كله هنا لسا مكتشفه من سنتين !!!
ضمت “ليلة” حاجبيها و هي تمعن النظر بتعابير وجهه.. إستطاعت أن تتبيّن بنظرتها الثاقبة بأنه لا يكذب… إلا إن ذلك لم يثنيها عن قرارها قيد شعرة و هي تعاود القول بصلابةٍ :
-بقولك إيه.. أيًّا كان إللي بيحصل دلوقتي. إنت هاتسيبني أمشي. بص. كأنك ماشوفتنيش
رزق باستنكار : كأني ماشوفتكيش إزاي يعني.. هو في إيه ؟!!
تأففت “ليلة” بضيقٍ مغمغمة :
-إففففف أنا بجد مش ناقصاك. إوعى كده !!
و جاءت لتدفعه مرةً أخرى في صدره ليرتد و لو خطوة عنها كي تتمكن من تجاوزه، لكنه يلتقط يدها قبل أن تلمسه و يثبتها مكانها… تسمَّرت “ليلة” تحت تأثير قوته الجبارة، فقد خيّل إليها لوهلة بأنه ليس مجرد إنسان.. إنه… وحش !
-إنتي شايفة مين قدامك يا شاطرة ؟! .. قالها “رزق” باستخفافٍ لا يخلو من التهديد
تبجّحت “ليلة” عليه فورًا :
-هاتكون مين يعني يا حيلة. ده إنت شكلك أخره يجيب نيكول كدمان حاجة نايتي كده و فـ آ اااااااه !!!
إقطعت عبارتها بذلك الصراخ الخافت المتألم حين شدد على أصابعها بقبضته الحديدية، لدرجة سمع طقطقة مفاصلها و عظامها الرقيقة …
-قولتي إيه بقى ؟ .. تساءل “رزق” و هو يدنو برأسه تجاه رأسها
أحس بأنفاسها الساخنة تندفع من صدرها متقطعة بسبب الألم، بينما تقول بلهجة مرتعشة غضبًا و وجعًا :
-سيب إيدي.. سيبني يا حيوان. هاتكسرلي إيدي يا جبان !!!
شدد قبضته أكثر عليها فاطبقت فمها بقوة مطلقة أنينًا صارخًا و قد طفرت الدموع من عينيها، ليقول “رزق” بقساوة :
-يعني فوق نايتي خلتيني حيوان و جبان.. بس سيبك من كل ده. أنا نايتي فعلًا ؟ إنتي شايفاني نايتي.. هااااه ؟!!
و شدد أكثر …
-آه آه آه ! .. سالت دموعها بغزارة الآن، و قالت تستجديه أخيرًا :
-خلاص سيبني طيب.. سيب إيدي بقى حرام عليك !!!
في النهاية حازت على عطفه و حركت الشفقة بداخله، فأفلتها بلحظة دون يتراجع.. بينما تستند إلى الجدار بظهرها مطلقة زفرة مطوّلة و هي تدلك يدها و أصابعها التي هرسها هرسًا للتو …
تطلعت إليه و رمقته بنظرة محتقرة، ثم قالت بحقد كبير :
-بتستعرض عضلاتك على بنت.. و زعلان لما بقول جبان !
رزق بجدية : إنتي تستاهلي أكتر من كده. فوق قلة أدبك دلوقتي نسيتي عملتي فيا إيه لما وصلتي قصاد أهل الحتة.. plus أنا مش محتاج أستعرض عضلاتي عليكي. شايفة إللي في وشي ده !
و أشار لها إلى الكدمات المتفرقة بوجهه أعلى الحاجب و أسفل الفك …
ابتسمت قائلة بتهكمٍ :
-قصدك إنك بتتروق يعني و متعود تبقى ملطشة.. عشان كده بتعمل عنتر على الستات. لأ برافو.. خلاص فهمتك
و قهقهت بخفةٍ …
ابتسم “رزق” مجاريًا إياها بمرحها، ثم قال بهدوءٍ :
-طيب طالما ده شيء يفرحك كده. ممكن كمان لو شوفتيني بتروق على الطبيعة تحسي إنك خدتي بتارك.. إيه رأيك تشوفي على الطبيعة ؟
-تقصد ماتش يعني ؟! .. سألته رافعة حاجبها
أومأ لها مرةً واحدة …
-آسفة.. مش هكون موجودة أصلًا لأني هامشي دلوقتي حالًا !
رزق بخشونة : مافيش الكلام ده. قولتلك إنتي شايفة مين قدامك ؟ أنا رزق الجزار. إنتي فكراني ممكن أسيبك تمشي بالبساطة دي.. على الأقل أعرف السبب
ليلة بعصبية : يعني لو قولتلك السبب هاتسيبني أمشي ؟؟؟
رزق بثقة : أكيد.. لو في حاجة أو حد بيئذيكي هنا أنا بنفسي هاطلعك من هنا فورًا و أقول و لا شوفتك
رمته بنظرة مشككة، لكنها أضطرت أن تبوح له الآن :
-طيب يا معلم رزق.. أبوك. و يبقى عمي. خدني من الدار للنار. على اعتبار إني كنت عايشة في نار بردو.. بس النار إللي أبوك عاوز يرميني فيها أشد بالنسبة لي و أنا عندي أموت و لا إنه يتحكم فيا بالطريقة دي
رزق بوجومٍ : أنا مش فاهم حاجة.. وضحي كلامك لو سمحتي !
-أبوك عاوزني أتجوزك !!!
بُهت “رزق” في هذه اللحظة تمامًا.. و كأن صعقة نزلت فوق رأسه …
-قولتي إيه ؟!!! .. تمتم مصدومًا.
لوت فمها هازئة :
-إقنعني إنك ماكنتش تعرف حاجة زي دي.. أكيد كنت عارف قبل ما أجي هنا. أنا لو كنت أعرف كده ماكنتش وريت وشي لحد فيكوا أصلًا. و قال إيه كنت فاكرة إني جاية أتحامى في أهلي و ناس بيحبوني و يخافوا عليا.. طلعت غبية و آ ا …
-إسكتي شوية !! .. قاطعها موبخًا بقسوة، ثم نظر لها بجدية مطلقة و هو يقول :
-بصي.. إنتي هاترجعي معايا البيت !
فتحت فمها لتنفجر فيه مجددًا، ليرفع سبابته أمام وجهها ناطقًا بصرامة :
-إسمعيني و ماتقطعنيش.. أنا مش هاتجوزك. مش قولتي أبويا عاوز يجوزك ليا ؟ أنا بقى هارفض.. هو مايقدرش يغصب عليا في حاجة. سبيها تيجي مني أنا. أنا ممكن بسهولة أطلعك من هنا و اهربك. بس إيه إللي هايحصل.. هاتفضلي طول عمرك هربانة من أبويا و مش هايبطل يدور عليكي. و لو لاقاكي في يوم هايبقى يا ويلك.. إسمعي كلامي. أنا مش عاوزلك الأذى
عقدت حاجبيها قائلة بعدم ثقة :
-أنا إيه إللي يخليني أصدقك.. بمعنى أصح. إيه الضمان إنك صادق في كلامك ؟
رزق بحزمٍ : الضمان الوحيد إن أنا أصلًا مش عاوز أتجوز.. أنا مش بتاع جواز و لا إرتباطات. أنا عايش لنفسي !
لمحت الصدق بعينيه، لكنها لم تتكلم بعد ذلك… ليضيف هو :
-معاكي كلمتي.. مافيش أي علاقة هاتربط بيني و بينك غير صلة القرابة بس
ليلة بقلق : طيب ما إنت ليك إخوات !!
طمأنها بلهجةٍ فاترة :
-مصطفى و عينه على فاطمة بنت عمي من زمان. حمزة أخويا الصغير لسا طالع من الاعدادية …
و شملها بنظرة فاحصة مرددًا :
-مش شايفك لابسة مريلة يعني !
رمقته عابسة… لتقول فجأة :
-إنت متعلم ؟!
نظر لها بغرابة و كأنه تفاجأ بسؤالها، لكنه أجاب :
-أيوة.. أبويا سمحلي أكمل تعليمي. أنا الوحيد في إخواتي إللي إتخرجت و معايا شهادة من الجامعة !
و لمح نيتها في التساؤل مرةً أخرى، لكنه أحبط محاولتها قائلًا :
-يلا أدان الفجر لو أدن الحتة كلها هاتصحى و هانتفضح.. يلا لازم نرجع البيت دلوقتي …
و ركع بلحظةٍ و هو يقول أمرًا :
-إطلعي على كتفي !
أجفلت بشيء من التوتر، فكرر بحدة :
-إنجزي مافيش وقت !!!
و كأن كلماته دفعتها دفعًا، و لا تعرف كيف وضعت قدمها فوق ركبته، ثم تسلقت كتفيه متشبثة بحجارة الجدار البارزة.. بينما ينهض بحذر، ساهمت قامته الطويلة بامكانية وصول “ليلة” إلى السور العلوي
لحظات و كانت بالجانب الآخر، ليصعد “رزق” خلفها.. و تحت ستار الليل مشيا كاللصوص في الظلال حتى وصلا إلى بوابة المنزل الخلفية
فتح “رزق” بمفتاحه، ثم أدخلها أولًا و دخل خلفها.. وقفت متسمّرة أمام باب شقة جدتها …
-إيه واقفة كده ليه ؟! .. سألها “رزق” بخفوتٍ هو يلحق بها
نظر لها حائرًا و قال :
-إنتي قاعدة عند مين ؟ عند نينة دلال و لا حد من عمامي ؟!
ردت بلهجة متوترة :
-قاعدة عند نينة.. بس لما خرجت قفلت الباب. مش عارفة هادخل إظاي دلوقتي !!
-وسعي ! .. و أزاحها من طريقه فورًا
رفعت حاجبيه و نظرت بفضول من وراء ظهره، لتكتشف عبر الظلام بأنه يملك أيضًا نسخة من مفتاح شقة جدته.. فتح لها و دعاها للدخول مسرعًا :
-يلا خشي.. يلا بسرعة !
أذعنت له في الحال و دخلت، ليغلق ورائها بهدوءٍ… صم يعيد سلسلة المفاتيج إلى جيبه و ينسل نحو الدرج إلى الطابق الأخير.. حيث له غرفة بمثابة جناحٍ مستقل فوق سطح المنزل
لولا أنه متعب و مرهق بالفعل لكان مر بوالده أولًا و تحدث إليه.. لكنه لم يشأ أن يسمع أحد صوتهما في هدوة الأجواء و ينكشف كل شيء يخصه هكذا
الصغير “رزق”… الصبي “رزق” .. و الرجل “رزق”… لا يزال يفضل ألا يدري أحد بشؤونه الخاصة، حتى المقربين بالدم
لأنه يعرف أنهم مقربين… و لكن بالدم فقط !
________
ليلة كاملة لم تذق للنوم طعم …
منذ أن سمعت بالصدفة أثناء عبورها أمس أمام شقة جدتها حوار عمها و إينة عمها الراحل.. لا تزال كلماته ترن بأذنيها كناقوسٍ يعذبها و ينذر بحلول لحظة إعدامها ما لو تحقق ما يخطط له !
“إعتبري نفسك من الساعة دي مقري فاتحتك على رزق إبني الكبير.. من زمان و الموضوع ده في دماغي. غير كده سلونا نجوز الكبير الأول إذا كان ولد و لا بنت. و أنا مش عارف أجوز بقية عيالي بسبب النقطة دي.. إنتي و رزق تتجوزوا. بعدين مصطفى يخطب فاطمة و يتجوزها.. خلص الكلام” !!!
لا… لا لا.. لا يمكن أن يصير الأمر بهذا الشكل.. حتى لو لم يكن “رزق” من نصيبها… مساحيل أن تقبل بأخيه
إنه لعذاب شديد، سيكون أهون لو تزوجت برجلٌ لا يمت للعائلة بصلة، يأتي و يأخذها من هنا.. يأخذها بعيدًا عن “رزق” فتتعذب قليلًا
لكن لو هي تزوجت من “مصطفى”… لو صارت زوجته و سكنت معه تحت سقفٍ واحد و حبيبها تراه أمام عينيها يغدو و يذهب كل يوم.. سيكون موتًا بالبطيئ… لا سيما إن رأته يتزوج بأخرى أيضًا
تفضل أن تلبس كفنًا بدلًا من ثوب زفاف ترتديه لغير “رزق”… ترتديه لـ”مصطفى” على وجه الخصوص !!!!
كانت السماء تميل للظهيرة، عندما نهضت من فراشها بعد ليلة مؤرقة لم يتخللها حلمًا واحدًا و لا كابوسًا.. كانت الأفكار.. و فقط الأفكار و الهواجس السوداء المعذبة
كانت تنتظر في الشرفة …
تعلم مواقيت خروج بعض أفراد عائلتها، و كان “مصطفى” من ضمنهم… كان معتاد على الخروج باكرًا في هذا النهار من كل الأسبوع، يقضي عملًا داخل الحي لا يعرفه سوى هو و والده، ثم يعود نحو الظهيرة ليأكل و يبدل ثيابه ليخرج ثانيةً
قفزت “فاطمة” مكانها فورًا و إنطلفت خارج غرفتها …
تذرعت برغبتها في رؤية جدتها أمام والديها، أقفلت باب الشقة بعنفٍ غير مقصود و طارت تجاه الدرج.. لتصطدم فورًا بـ”مصطفى” الذي كان يرتقي الدرج كالريشة …
-الله الله حاسبي يا بطة !!! .. هتف “مصطفى” بدهشةٍ
لكنها أسكتته بسرعة :
-هششششششش.. تعالى معايا يا مصطفى !
-على فين ؟! .. قالها و هو يلتفت ناحيتها إذ رآها تستأنف هبوطها للأسفل
أدارت وجهها و هي تواصل الهبوط مغمغمة :
-تعالى بس.. تعالى عاوزاك في كلمتين !!
تبعها دون ترددٍ
فإذا بها تصطحبه أسفل الدرج في نقطة متوارية عن الأنظار …
-إحنا بنعمل إيه هنا يا فاطمة ؟! .. تساءل “مصطفى” ببلاهةٍ
تنفست بعمقٍ و قالت من دون مقدمات :
-إنت عارف إن عمي سالم قرر يخطبنا لبعض ؟
تلقائيًا ارتسمت الابتسامة على ثغره، و رد عليها بغبطةٍ :
-أيوة عارف طبعًا.. أنا بقالي سنة بزن عليه. و هو وعدني أخر السنة دي مش هاتعدي إلا و إحنا متجوزين. الكلام ده هايقوله بنفسه إنهاردة في لعزومة العشا إللي عاملها في شقته احتفال برجوع ليلة بنت عمنا ناصر الله يرحمه
-ماينفعش يا مصطفى ! .. قالتها برفضٍ تام
لتختفي ابتسامته و هو يستوضحها :
-هو إيه إللي ماينفعش ؟!!
و لأول مرة يرى الدموع تغشى عينيها البريئتان كما أنها المرة الأولى أيضًا التي تمسك بيده و تلمسه مباشرةً بهذا الشكل …
-مصطفى ! .. تمتمت “فاطمة” بلهجةٍ كسيرة و هي ترنو إليه بتضرعٍ
-أرجوك يا مصطفى.. وحياة أغلى حاجة عندك. لازم تفركش الجوازة دي.. أنا مش هقدر أتجوزك …
إندهش “مصطفى” كثيرًا من مآل حالتها السيئة لأسوأ هكذا، فقال بهدوءٍ و هو يضع يده الأخرى فوق يدها :
-أنا مش فاهم إيه كل ده و عشان إيه بطة.. إيه إللي مخاوفك من الجواز أوي كده. و لا تكونيش خايفة مني أنا ؟!!
هزت رأسها أن لا و هي تطبق فمها بشدة تكتم نحيبًا مقهورًا… بينما يستطرد “مصطفى” محاولًا السيطرة على أعصابه الثائرة بالفطرة :
-طيب لما مش خايفة مني إيه المشكلة بقى.. إنتي تميتي 20 سنة. يعني خلاص كبرتي و مابقتيش صغيرة تقدري تتجوزي و تفتحي بيت.. إنتي عارفة أنا إستنيتك أد إيه ؟ إنتي مكتوبة على إسمي من و إنتي عيلة صغيرة. كل الخلق عارفين كده. إنتي ذات نفسك عارفة كده صح ؟ .. رددددي صح ؟؟؟
نطقت منفعلة من بين شهقاتها الباكية :
-صح.. عارفة كل ده. بس أنا مش عاوزة.. مش عاوزة أتجوزك يا مصطفى.. إفهم بقى مش عاوزة !!!
-ليـه ؟؟!!! .. صاح فيها بضراوةٍ مخيفة
لتلقيها بوجهه مرةً واحدة صارخة :
-عشان أنا بحب رزق !!!
يتبع…..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية وقبل أن تبصر عيناك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *