Uncategorized

رواية شعيب الفصل الثامن والعشرون 28 والأخير بقلم شيماء عصمت

             رواية شعيب الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم شيماء عصمت

رواية شعيب الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم شيماء عصمت

رواية شعيب الفصل الثامن والعشرون 28 والأخير بقلم شيماء عصمت

وها هي أزهار العمر تطرح ثمارها ولتجني كل يد ما زرعت ، فمن زرع القسوة طرح الجفاء ومن غرس الطيبة نال المحبة والرضا2
بعد مرور ستة أشهـــر:_
استيقظت في السادسة صباحاً تعمل على قدمٍ وساق
لم تترك مكان في البيت إلا وأعادت ترتيبه من جديد حتى طعام اليوم قامت بطهيه ، تركت غرفتها و غرفة الأطفال دون ترتيب فـشعيب مازال يغطّ في سبات عميق فلقد عاد ليلة أمس بعد منتصف الليل بسبب بعض المشكلات التي تواجهه في العمل
مسحت وجهها المتعرق بكّم جلبابها البيتي ذو اللون الزهري مشغول بوردات بيضاء صغيرة وجلست على مقعد السفرة تلتقط أنفاسها ثم تحسست معدتها المنتفخة بإنبهار فلقد أصبحت في أول الشهر التاسع من الحمل2
ارتسمت إبتسامة حنونة على شفتيها رغم الألم وهي تشعر بإحدى ضربات طفلها الصغير صحيح أنها للآن لم تعرف نوع الجنين فقد رفضت هي وشعيب إجراء الفحص اللازم لمعرفة نوع الجنين إلا أنها تشعر بأنه صبي ، صبي قوي مثل والده
انتبهت على وقوف “مالك” العابس بجوارها فهتفت بحبور: صباح الخير على حبيب قلب ماما3
لم يبتسم لها الصغير كعادته كل صباح ولم يجبها بل رمقها بمقلتين مقلوبتين فهتفت لتين بصوت متسائل مسموع: تؤتؤتؤ مالك زعلان من ماما ليه؟ ياترى ماما عملت إيه زعلت بيه مالك؟ ياترى عملتي إيه يا لتيـن؟
أسرع الصغير يقول بعبوس و إندفاع: صحيتي قبري (قبلي) وإحنا اتفقنا أنتِ وأنا نفتح عنينا مع بعض1
تحكّمت في إبتسامة لحوحة وهتفت: يا نهار أبيض إزاي أغلط الغلطة دي وأصحى قبلك؟ بس أنت عارف إن ماما عندها حاجات كتير لازم تعملها قبل ما مالك يصحى؟ وبعدين مش أنا عملتلك الكيك اللي بتحبه2
هتف بسعادة: بجد؟
أومأت بالموافقة وعيناها تلتمع بالدموع فكلما استمعت لصوت “مالك” ترقرقت الدموع بعينيها من شدة سعادتها فلقد عاشت أيام طوال قلقة وحزينة لعدم إستجابة الصغير لأي من محاولاتهم لحثّه على الكلام ولكن شعـيب إقترح عرض “مالك”على طبيب تخاطب وقد كان ، فبعد علاج استمر لـستة أشهر تخطى الصغير أزمته التي كانت نفسيّة أكثر منها صحية!…
أفاقت من شرودها على خروج الفتاتين من غرفتهما فوقفت ببطء قائلة: أميرات ماما صحيوا يالا يا حبايبي أقعدوا على السفرة لحد ما أجيب الفطار وأنتِ يا إيشـو خلي بالك منهم على ما آجي
هتف عائشة بطاعة: حاضر يا ماما5
ربتت لتيـن على كتفها بحنان واتجهت للمطبخ تحضر الإفطار التي أعدته صباح اليوم
××××××××
هتفت حنـان بعصبية: يا تقى لا تقفلي الزفت اللي عمال يرن دة لأما تيجي تردّي صدّعت على الصبح1
قالت تقى بخجل: دة مـازن يا ماما
_لا والله! ومالك مكسوفة كدة ليه! قال مـازن ياماما؟ ماتردي يا آخرة صبري شوفي سي مـازن عايز إيه خلينا نخلص اللي ورانا
أومأت تقى موافقة وردت غير منتبهة لمكبر الصوت الذي ضغطت عليه دون قصد: نعم يا مـازن! نعـــم عمال تتصل كتير كدة ليه!1
_أنعم الله عليكِ ياروح قلب مـازن وعيون مـازن ونن عين مـازن و
_وإيه كمان ياموكوس؟!4
إحمّر وجه مـازن شاعراً بالحرج قائلاً: احمممم صباح الخير يا حماتي إن شاء الله تكوني بخير
أجابته حنـان بعد أن انتشلت الهاتف من يد تقى ترمقها بغيظ: الحمدلله في نعمة لولا واحد كدة ناوي يجبلي الضغط
_بعيد الشر عنك يا حنـان يا قمر
_مـازن أنا مرات عمك يا حبيبي وحماتك واخد بالك من حماتك دي؟ ماهو مش عشان كتبت الكتاب فتفكر إنك كدة ضمنت البنت و الجوازة لااا دة بكلمة مني هـ
قاطعها بمسكنة: هـ إيه يا ماما حنـان2
_محتال (قالتها تقى بداخلها وهي ترى التأثر واضح على وجه والدتها)
أما الأخيرة فقالت بصوت ثابت مُحاولة إخفاء تأثرها: ها اجي أشدّك من ودانك زي زمان يا مـازن وهعذبك أقفل يلا ومش عايزة أسمع صوتك لأسبوع قدام
_بس ياحماتي الفرح بعد أسبوع وأنا
قاطعه صوت إنتهاء المكالمة فـضحك بمرح قائلاً: بتموت فيا سبحان الله!!5
هتف توفيق من الخارج: يـا مـازن
_أيوة يا حج جايلك
قالها مـازن واتجه لغرفة أبيه ليجده على نفس وضعه يعلو الفراش وبيده صورتين إحداهما لـوالدته والأخرى لـنـورا!
إبتلع غصة مسننة كادت أن تخنقه وجلس بجواره قائلاً بحنان: أؤمرني يا حاج
هتف توفيق بحنين: عايز أزور أمك وأختك النهاردة بقالنا أسبوعين قاطعين زيارتهم وحشوني
لثم مـازن يد والده قائلاً: عينيا يا حج نروح بعد العصر تكون الشمس هديت شوية
ربّت توفيق على كتفه قائلاً: ربنا يديك على قد نيتك الطيبة يا ابني ويبارك فيك
همس مـازن بتأثّر: ويخليك لينا إحنا من غيرك ولا نسوى
_أخوك عامل إيه؟ أخبار الجلسات اللي بياخدها إيه؟ في نتيجة؟ رجله اتحسنت؟
_الحمدلله أحسن من الأول بس لسة شوية على ما يرجع زي الأول
هز توفيق رأسه موافقاً وشرد في يوم مر عليه ستة أشهر ولكنه يشعر وكأنه بالأمس!
يوم أن أتت الشرطة تبحث عن عائلة نورا توفيق مهران وأبلغتهم الخبر المفجع بوفاة نورا!! ربما لو ماتت بصورة طبيعية لكان وجعه أقل! ولكن معرفته بما حدث لها بإعتداء البعض عليها جسدياً وبتعاطيها لأحد أنواع المخدرات!! أن يعلم أن ابنته قُتلت وتُركت جثتها لمدة زادت عن أسبوعين دون أن تدفن لهو أمرٌ قاسٍ لم يتحمله قلبه فسقط واقعاً غير شاعر بمن حوله ، سقط ولن يَعود للوقوف مجدداً! فلقد شُلّت قدماه بسبب الجلطة التي تعرض لها بعد سماعه بوفاة ابنته الوحيدة!!..5
حتى وإن رأى البعض أنها لا تستحق أن يحزن عليها فقد باعتهم دون مقابل! حتى وإن كانت قد سممت علاقات الكثير ودمرت حياتهم ومنهم حياة ابنه البكري ولكنها تظل ابنته قطعة من روحه فلذة كبده كيف لا يحزن عليها؟ كيف يتخطى خبر موتها وكأنها لم تكن تعنيه؟ كيف بحق الله!!2
زفر توفيق نفس متألم وأغمض عيناه يناجي النوم أن يأتيه فالنوم راحة هو بأشد الحاجة إليها..!
همس مـازن بتضرع: اللهُم يا واسع العطاء ويامُنزل الشفاء ويا رافع البلاء ويا مجيب الدعاء اشفِ أُبي يارب ، واجعل مرضه وكل ألم يشعر به تكفيراً عن سيئاته ورفعاً لدرجاته يارب
×××××××
بعد إطعام الصغار دلفت لتيـن إلى غرفتها بملامح متألمة ثم توقفت فجأة غير قادرة على المشي والوصول إلى الفراش فصاحت بصوت حاولت جعله ثابتاً ولكنه خرج مرتجفاً متألم: شعـيب .. شعـيب1
تمطّع شعـيب ثم فتح عيناه قليلاً قائلاً بنعاس: صباح الخير يا حبيبتي1
شهقت بألم قائلة: شعـيب إلحقني
إنتفض من فراشه ثم إقترب منها قائلاً بقلق: مالك يا لتيـن فيكِ إيه؟
أجابته بتعب: شعـيب أنا بولد
صاح برعب: هتولدي؟ إزاي أنتِ لسة في أول التاسع والدكتورة قالت1
_شعـيب إهدى واسمعني ساعدني أغير هدومي وهات شنطة البيبي اللي محضراها بسرعة مش هاقدر أستحمل أكتر من كدة!
همس بتشويش: أنتِ حاسة بوجع من الصبح؟1
صرخت وقد اشتد الألم بشكل مهوّل: شعـيب إخلص همووووووت
_حاضر .. حاضر
دار حول نفسه برعب قبل أن يفتح الخزانة ينتشل ملابسها والحقيبة المخصصة لها وللطفل ثم ساعدها على تغيير ملابسها وبعد أن انتهى قالت لتيـن وهي تكبت صرخاتها: إتصل بماما تيجي تاخد الولاد وخلي بابا يجيلي على المستشفى
إقترب منها ينوى حملها ولكنها إعترضت بقوة: العيال برة يا شعـيب مش هينفع يشوفوني كدة إتصل بماما الأول تيجي تاخدهم
قبض على يديها يحاول بث الأمان بين طيات قلبها قائلاً: حاضر ياحبيبتي إهدي خدي نفس عميق أنا معاكِ
إبتسمت بإرتجاف وأغمضت جفنيها بألم غير قادرة على الحديث
دقائق وكانت فوزية بشقة شعـيب بقلب ينبض بجنون شاعرة بالرعب والقلق ووقفت مشتتة بين اللحاق بابنتها أو مكوثها بالبيت و الإعتناء بالصغار!! وبالأخير رضخت لرجاء لتيـن بأن تمكث مع صغارها
أما شعـيب فبمجرد خروج عمته ومعها صغاره حمل لتيـن بين ذراعيه وأسرع بها إلى سيارته .. وضعها بحرص وجلس بجانبها وأمر السائق بالإنطلاق
ما يشعر به شعـيب عجز عن تفسيره كان غارق بمشاعر عدة مابين الخوف والقلق ، الترقب والإرتباك ، والرعب الشديد .. رعب من أن يفقدها!!!
رمقها بنظرات زائغة فقبضت على يديه بقوة فهتف بعذاب: لو عايزة تصرخي أصرخي ، لو حابة تعضيني زي ما بيحصل في الأفلام عضيني عادي مش هعترض بس متكتميش وجعك أرجوكِ عبري عن اللي حساه!4
بكت بنشيج عالٍ وهي تشعر بـتصلّب في جدار بطنها يعقبه إرتخاء وآلام شديدة أسفل الظّهر وتمتدّ إلى الجانبين الأيمن والأيسر ومع مرور الوقت أصبحت أكثر ألماً وتسارعاً وتستمرّ لمدّةٍ أطول
عانقها بعجز غير قادر على مساعدتها على نزع الألم منها، عناق إحتاجه هو أكثر منها في تلك اللحظة!
صرخ شعـيب في السائق وقد إنفلتت مشاعره: سوق أسرع شوية يا بني آدم
هز السائق رأسه بإرتباك وزاد من سرعة السيارة فصرخت لتيـن بقوّة وقد إشتد طَلق الولادة!!
دقائق مرت عليهم كالساعات قبل أن يصلوا للمشفى
إستقبلتهم طبيبة لتيـن التي هاتفها شعـيب أثناء وصولهم كما هاتف والد لتيـن “حسـان”
×××××××
جلست لتيـن على سرير المشفى .. ترتدي الرداء الخاص بالولادة .. وبجوارها شعـيب بملامح شاحبة وكأنه يتألم!
تنفست لتيـن بعمق ثم همست: أنا بحبك2
لثم يديها بعمق قائلاً بتحشرج: وأنا كمان بحبك خليكِ قويّة زي ما طول عمرك قوية
إزداد الألم فهمست بخوف: لو حصلّي حاجة لا قدّر الله خلي بالك من ولادنا .. ولادنا أمانة في رقبتك يا شعـيب حافظ عليهم و
قاطعها بشراسة: إخرسي يا مجنونة أنتِ هتكوني كويسة هتخرجي لينا بالسلامة (وأكمل بلوعة) إحنا من غيرك ولا حاجة أنا من غيرك هموت
_بعيد الشر قول لبابا إني
قاطعها دخول حسـان الذي أزاح شعـيب بعنف وإقترب منها قائلاً بقلق: هتقومي بالسلامة يا حبيبتي أنا مصدقتش إنك طلبتي تشوفيني أنا آسف يابنتي حقك عليا أنا خذلتك كتير بس أنا إتغيرت وهكون ليكِ الأب اللي تستحقيه صدقيني!2
همست لتيـن بألم: أنا مسمحاك يا بابا ومش زعلانة منك والله ما زعلانة إدعيلي أنت بس إن شاء الله هكون كويسة
قاطعتهم الممرضة قائلة: يلا يامدام حضرتك لازم تكوني في غرفة الولادة دلوقتي
هزت لتيـن رأسها ورمقت شعـيب بإبتسامة واهية فطبع قُبلة عميقة أعلى رأسها أودع بها جميع مشاعره
×××××××
الإنتظار .. شعور سيء لا يدرك جحيمه سوى من ينتظر فالوقت خلال إنتظارك لحدث ما .. يمر ببطء مُهلكٍ مؤذٍ لمشاعرك يرهق أعصابك ويَدمي قلبك1
وهكذا كان وضع شعـيب وهو يقف مستنداً إلى الجدار ينتظر خروجها يستمع إلى صرخاتها التي أدمت قلبه
_يارب .. يارب
أخذ يدعو بإبتهال وهو يغمض عينيه يمنع دموع عاصية هددت بالإنسياب فإقتربت والدته تربّت على ذراعه قائلة بخفوت: إن شاء الله هتخرج بالسلامة ما تقلقش ياحبيبي
هتف بلوعة: يارب يا أمي يارب .. أتأخروا أوي جوة
أجابته حنـان برفق: متقلقش هي عشان أول ولادة فبتاخد وقت
×××××××
_فوزية أقعدي قلقتيني
صاحت الجدة بغضب وقد إزداد توترها بسبب ابنتها التي تقطع الممر ذهاباً وعودة1
هتفت فوزية بخفوت قلقانة يا حاجة إتأخروا قوي ومحدش إتصل يطمني مع إني موصية حنان أول ما لتيـن تولد تكلمني بس شكلها لسة
_إن شاء الله خير ما تقلقيش أومال لو ماكنتيش مخلفة مرتين كان حالك هيبقى عامل إزاي!
هتفت فوزية برجاء: إدعيلها يا أمي ربنا يقومها بالسلامة
_داعيالها لتيـن بنت فوزية ربنا يجعل ساعتها سهلة قومي بقى أكّلي العيال وكفاية عصبية وقلق خوفتيهم
××××××××
هتفت الطبيبة بإبتسامة عملية: حمدلله على سلامة مدام لتيـن جابت ولد زي القمر2
هدر شعـيب بلهفة: هي كويسة؟ لتيـن بخير؟
_بخير الحمدلله وهتتنقل لأوضتها أما الطفل فـخلال دقايق هيتنقل في الحضانة وتقدر تشوفه
همس شعـيب بإمتنان: الحمدلله الحمدلله
إحتضنته حنـان بسعادة جمّة قائلة: مُبارك ياحبيبي عقبال يارب ما تخاويه
_الله يبارك فيكِ يا أمي عن إذنك لازم أشوف لتيـن حالاً
_إبتسمت حنان بتفهم قائلة: وأنا هروح أشوف المولود يتربى في عزك يا حبيبي
×××××××××
كانت نصف مستلقية على السرير تحتضن صغيرها بمشاعر متضاربة وقلبها يضرب بجنون غير قادر على تحمل تلك السعادة التي تشعر بها
إنسابت دموعها وهمست بخفوت لشعيب الجالس جوارها: شايف يا شعيب ابننا حلو أزاي! أنا سعيدة قووي من كتر السعادة اللي حاسة بيها خايفة قلبي مايستحملش ويقف
همس بلوعة: بعيد الشر عنك يا مالكة القلب والوجدان مُبارك عليكِ ابننا ياروح الفؤاد ، اللهم إجعله من الهداة المهتدين غير الضالين ولا المضلّين، اللهم حبب إليه الإيمان وزيّنه في قلبه، وكرّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، واجعله من الراشدين، ربّنا هب لنا من أزواجنا وذريّاتنا قرّة أعين واجعلنا للمتقين إماماً»
هتفت بتضرع: اللهم آمين يارب العالمين (صمتت قليلاً ثم قالت بجزل) أنت عارف أنا بحب ولادنا كلهم والله يا شعـيب عائشة وملك ومالك كلهم ولادي بس غصب عني إحساسي بـ “سيف” مختلف مش عارفة مختلف عشان أنا شلته في رحمي تسع شهور! ولا عشان هو الحلم اللي تمنيته كتير لدرجة فكرته مستحيل بس رب العالمين أكرمني وعطاني أكتر مما أتمنى أنت وبناتنا ومالك ودلوقتي سيف! أنا مهما أقول مش هاقدر أوصف إمتناني لرب العالمين لو عشت طول عمري أشكر فضله عليا مش هيكفي أنا ياشعيب بحب أولادنا كلهم والله العظيم بحبهم قووي لدرجة أنا ساعات بستغربها! بس أوعى تقلق مهما يكون أحساسي بـ “سيف” مختلف بس أنا لا يمكن أفرق بينه وبين إخواته في المعاملة كلهم نفس الشيء ولادي وحتة مني ومنك حتى مالك فأنا هشيله جوة قلبي قبل عيوني3
تأوه بإفتتان قبل أن يضع شفتاه أعلى رأسها يقبلها لوقت طويل قبل أن يبتعد قائلاً بمرح: بعيداً عن الكلام اللي خطف قلبي زي ما صاحبته خطفاه بس تعالي هنا! أنتِ قررتي منك لوحدك كدة تسميه “سيف” فيـن رأيي! فين حقي في تسمية ابني؟2
هتفت ببراءة: والله أنا أمه واللي شلته تسع أشهر وإتحملت وجع مفيش عشر رجال يستحملوه عشان يشرف للدنيا تفتكر بقى يا بابا شعـيب مين الأحق إنه يسميه
_اممممم هي وجهة نظر تحترم وكل حاجة بس أنتِ بتثبتيني مش كدة؟
أومأت موافقة ببساطة فقال بتذمر: إعترفتي بالسهولة دي؟ من قبل أول قلم حتى!
_الإعتراف بالحق فضيلة
هتف بشقاوة: ما شاء الله على الحلو أبو فضيلة ما تجيبي1
قاطعته بتحذير: شعـيب!
أجابها ببراءة: الله! هو أنا قولت حاجة؟ على طول ظلماني
هتفت بسخرية: معلش يا مسكين عايش مع ست مفترية
_مفترية بس شقية1
_شعـيب!!!!!
_خــلاص سكت .. شعـيب سكت
_طب خد شيل سيف لأحسن أنا هموت وأنام أصل أنا صاحية من ستة الصبح
إقترب منها يرمقها بنظرات شرسة: اااه قولتيلي من الساعة ستة! ياترى الهانم كانت صاحية من الساعة ستة ليه وبتعمل إيه!
تطلعت في كل الإتجاهات سوى عينيه وقالت ببساطة: أبداً أصلي صحيت بدري حسيت وكأني والله أعلم هاولد فأخدت بعضي وطلعت من الاوضة وإنطلقت في الشقة أنضفها أصل تيتة صباح قالتلي إن الحركة الكتير بتسهل الولادة وكان عندها حق فعلاً
هتف بغيظ: أعمل فيكِ إيه؟ ها أعمل فيكِ إيه
أجابته بنعاس: خد ابنك بس الأول وسيبني أنام الله يباركلك أنا دلوقتي مش شيفاك أساساً
تناول صغيره من لتيـن بحذر قبل أن يضمه إلى صدره بحنان ثم لثم وجنته الصغيرة قائلاً: حتة مني ومنك بين إيدايا يا ملكة القلب والوجدان
إبتسمت بإنبهار لتلك اللوحة البشرية الأكثر من رائعة تحاول طباعتها داخل ذاكرتها حتى لا تنساها مهما مرت السنون شعـيب عشقها المستحيل يحمل ابنها وهي من كانت تظن أن الإنجاب لم يكتب لها وقد عاشت سنوات متيقنة أنها “أرض بور”!….
×××××
في مساء نفس اليوم في شقة شعـيب
إستقلت فوق فراشهم تراقبه بحنان وهو يضع طفلهم برفق في مهده الملحق بغرفتهم قبل أن يتجه إليها ويستلقي بجانبها يرمقها بنظرات عاصفة بمشاعرة فألتهبت وجنيتها بحمرة الخجل
لثم عينيها عدة مرات قبل أن يسحبها برفق ويلصقها بصدره يحيطها بقوة يدفن وجهه داخل عنقها لترتفع أناملها بشكل تلقائي تمسد خصلاته بحنان
بعد صمت مشحون بمشاعرهم المتوهجة دام لدقائق هتف شعـيب بتحشرج: النهاردة كنت مرعوب عليكِ ، رعب عمري ما حسيت بيه في حياتي! كنت خايف أخسرك و
قاطعته بلُطف: أنا بخير وفي حضنك وسط بيتنا مع أولادنا إطمن يا حبيبي
همس بمُلاطفة: أنا مطمن طول ما أنا في حضنك
هتفت بوله: وأنا معشتش في أمان وحسيت بالطمأنينة إلا وأنا معاك
قال بمداعبة: ربنا يخليكِ ليا يا أم سيف
ضحكت بإبتهاج قائلة: ويخليك ليا يا أبو العيال
عانقها بتَوْق فبادلته العناق بمحبة قبل أن تسقط نائمة بين ذراعية
××××××××
بعد مرور ثلاث أيام ~ في شقة الجد مهران
هتف مـازن بسخط: يعني إيه ياجدي فرحي يتأجل تلات أيام عشان خاطر شعيب وابنه! يرضي مين دة يا ناااس! هو لازم يعني يتعمله “عقيقة”! ما تجوزوني الأول ياجماعة!
أجابه شعـيب بغطرسة: إيه ابنه دي؟ اسمه سيف باشا شعـيب بيه يادكتور نص كم أنت!4
هدر مـازن بتحذير: ياجدي أنا عامل إحترام لوجودك لولا كدة كنت
قاطعه شعـيب بحاجب مرفوع: كنت إيه يا زوج أختي!(وتابع بتسلية) بصراحة عندي فضول أعرف هتعمل إيه لو جدي ماكنش موجود
أجابه مـازن بغضب: كنت .. كنت .. كنت
قال شعـيب بتسلية: إيه الشريط سف يا حبيبي؟ طلّعه وإخبطه مرتين وهيشتغل ويبقى زي الفل ولا تحب أخبطهولك أنا!2
رمقه مـازن بغيظ شديد ولم يجبه فقهقه الجد بمرح ثم قال: حظك كدة يا مـازن إحنا ماتوقعناش إن لتيـن تولد في أول التاسع ويبقى سبوع حبيب قلب جده يوم فرحك فبما إنك الكبير وخال وعم سيف فتعالى على نفسك وأجل فرحك تلات أيام عشان خاطر جدك
هتف شعـيب بإستنكار: حضرتك هتتحايل عليه ياجدي ولا إيه هو لو مش عاجبه يشرب من البحر وماعندناش بنات للجواز
هتف مازن بحنق: شايف ياجدي بيتكلم إزاي! بدل ما يشكرني إني وافقت أاجل فرحي تلات أيام بحالهم! ويديني تعويض محترم على كرم أخلاقي!
قال شعـيب بلا مبالاة: بلا كرم أخلاقك بلا بطيخ
رمقه الجد بعتاب فغمز وأشار له شعـيب بأنه يمازحه لا أكثر قبل أن يقول بجدية: عامةً يا أخ مـازن أنا محضر لك مفاجأة إنما إيه أورجانك بس بما إنك لاوي بوزك زي العيال الصغيرة فهاعتبر المفاجأة مش مقبولة منك .. ما أنت مخاصمني بقا ولا إيه؟!
رمقه مـازن بإبتسامة واسعة قبل أن يقترب منه ويحتضنه بمشاكسة قائلاً: حبيبي يا أبو نسب هو أنا أقدر أزعل منك! دة أنت الغالي! (وتابع بفضول) إيه هي بقا المفاجأة!
إستقام شعـيب واقفاً يستأذن جده للإنصراف ثم رمق مـازن بتعالي: بعينك يوم الفرح هتبقى تعرف!!
وإندفع إلى شقته تلاحقه نظرات مازن الحانقة!1
××××××
كانت لتيـن تحمل “سيف” بين ذراعيها تجلس على الأريكة والصغار حولها ينصتون لما تقوله بخفوت: “نام نام نام، وأهدي لك جوزين حمام، وأعمل لك طاجن وبرام، وأقعد لك سهران ما بنام”
صاحت ملك بغيرة: مامـي سيليني (شيليني) أنا كمان
قلّدها مالك قائلاً: وأنا كمان وأنا كمان1
أما عائشة فضحكت على سخافتهما!
هتفت لتيـن بمرح: حاضر “سيف” بس ينام ونشوف حد يشيلنا كلنا1
إقترب مالك من الرضيع يلمس يده بإصبعه فتفاجئ بسيف يمسك به فصاح بذهول منبهر: إلحقي يا ماما سيف مسك إيدي .. مسك إيدي!!!1
هتفت لتيـن برقة: عشان بيحبك يا مالك
سألها بشك: بجد! بيحبني!
اومأت بتأكيد: طبعاً بيحبك مش أخوه الكبير! مش أنت بتحبه!
أومأ بحماس فهتفت بحنو: وهو كمان بيحبك
_أنا جيييت
صاح شعـيب بمرح ففزع الصغير وصرخ باكياً رمقته لتيـن بعتاب قائلة: حرام عليك يا شعـيب والله فزعت سيف هخليه ينام إزاي دلوقتي1
_لا إجمدي كدة التقيل جاي وراء
_لا والله!!
_ والله والله
أشاحت بعينيها بعيداً عنه فتطلّع لمالك وملك قائلاً: أنتوا قاعدين كدة ليه؟ ماتعموا حاجة مفيدة!
هتفت ملك ببراءة: نعمل إيه يا بابي
هتف بإستنكار: بابي!!! إيه بابي دة؟ انتِ متدلعة قووي يابت أنتِ!!
أجابته بدلال طفولي: أنا بت يا شوشو!!3
شهق شعـيب دون صوت ورمق لتيـن التي تكتم ضحكاتها بصعوبة بالغة بنظرات نارية قبل أن يسلّط أنظاره على صغيرته قائلاً من بين أسنانه: ملـك!! إيه شوشو دة! عيب كدة ياحبيبتي
_عيب ليه يا بابي وعشان إيه
حملها على كتفه قائلاً: عشان برستيج بابي ياروح بابي لو سمعتك بتقولي شوشو دي تاني عارفة هعمل فيكِ إيه؟
_إيه؟
_هعمل كده (قالها وهو يلقيها على الأريكة الأخرى وإنهال عليها يدغدغها فصرخت الصغيرة ضاحكة وتبعها موجة ضحك من الباقيين)
××××××××
أتى يوم العقيقة أو كما يقولون “سبوع المولود”
كان شعيب قد إستعان بإحدى خبيرات تنظيم الحفلات وترك للتين مهمة إختيار الأشكال والديكورات التي تريدها فتحوّلت شقته إلى مصنع بالونات بـاللون الأزرق! فلقد خَلت منطقة إستقبال الضيوف من أيّ قطعة أثاث وإمتلأت بأعمدة من البالونات الزرقاء و ورود كثيرة بذات اللون
همس بإستنكار: لا حول ولا قوّة إلا بالله! أنا دخلت شقّة غلط ولا إيه؟1
هز رأسه بقلة حيلة ودلف إلى غرفته فقد إقترب موعد الإحتفال
تيبست قدميه وهو يرى قطعة ياقوت نادرة الوجود! كانت لتيـن ترتدي ثوب لم يرَ له مثيل! ثوب طويل من الحرير بأكمام طويلة به تطريز بديع!! تنفّس بعمق قبل أن يقترب منها كالمسحور
كانت لتيـن تقف أمام المرآة تهندم ملابسها لتفاجئ بوقوف شعـيب خلفها يرمقها بنظرات خاصة كانت على وشك الحديث لكنه هتف بأمر: شششش ولا كلمة
أخرج من جيب سترته علبة مخملية وأخرح ما بها لتشهق بإنبهار وهي ترى ما يحمله! كان عقد ماسي بتصميم مميز مزين بالياقوت الأزرق!1
هتفت بإنبهار: شعـيب!
ألبسها العقد قائلاً: تصميم واحد مالوش مثيل في العالم كله عشان يليق بمالكة القلب والوجدان صحيح مفيش حاجة في الدنيا بحالها ممكن أجيبهالك وتعبر عن مكانتك بالنسبالي بس حاولت أستغل موهبتي وأصمملك العقد دة تصميم حصري “لأم سيف” تصميم صممته بقلبي قبل إيدي .. أنا بحبك1
إلتفتت ترمقه بعينين لامعتين قائلة: وأنا بعشقك
إحتضنها بعمق يستنشق عطرها الخلاب غارقاً في شوقه لها الذي لن ينتهي يوماً!
بعد مرور بعض الوقت خرج الثنائي المُحب “شعـيب و لتيـن ” يشاركان الأهل والأحباء بسعادتهم بمولودهم “سيف” ثمرة عشقهما ورباط جديد يجمع بين قلبيهما أكثر من ذي قبل!
تلك ليست النهاية بل البداية .. بداية عاشقان فرقتهما عادات عقيمة ولكن الله أراد أن يجمع بينهما في حلاله فعاشا في سعادة يتبادلان الموّدة والرحمة فزاد الحب حتى فاض ورممّ جروحهما!
تمت…

اترك رد

error: Content is protected !!