روايات

رواية روح بلا مأوى الفصل التاسع 9 بقلم سارة فتحي

رواية روح بلا مأوى الفصل التاسع 9 بقلم سارة فتحي
رواية روح بلا مأوى البارت التاسع
رواية روح بلا مأوى الجزء التاسع

رواية روح بلا مأوى الحلقة التاسعة

أن تحاول أن تُدخل السعادة إلى قلب فلا تحتاج للمستحيلات بل بأبسط الاشياء الصغيرة، الكلمات القليلة
قادرة على أن تهز اعتى القلوب
****
تجمدت ملامحها فور رؤيتها الضابط لتصيبها مشاعر
الرعب والفزع ومازال جسدها ينتفض ودموعها تنساب
على وجنتيها فاقترب منها الضابط يسحبها من ذراعها
فانتفضت برعب جلى، اما هو وقف امام الضابط قائلًا :
– انت ماسكها كده ليه ؟!
حدجه الضابط بنظرات غاضبة ثم اجابه مستهزأ :
– وانت بقى ضارب ايه وقلبك ميت كده
سحبها كنان من يدها خلف ظهره قائلًا :
– ما تلمسهاش دية مراتى احنا هنيجى معاك من غير ما تقرب
رمقه الضابط بنظرات متشدقة ثم اردف بانفعال وهو يلكزه بكتفه نحو الصندوق الخلفى لسيارة الشرطة قائلًا :
– اركب اركب كلهم بيقولوا كده
انفلتت شهقة منها فالتفت لها يضغط على كفها وسحبها
خلفه ليساعدها على الصعود جلست بجواره ومازالت
ترتجف ربت بكفه على كفها فسحبت يديها سريعًا
منه تنكمش على نفسها، تنهد بضيق ثم سأل المجند
الذى يجلس امامه على وجهتهم لأى قسم، فاخرج هاتفه
يرسل رسالة لضياء وهو يطالعها وقفت السيارة
ترجلت منها ورفضت قدمها الحركة وظلت
تحدق فى المبنى وهى تهز رأسها ثم رفعت نظرها
إليه فحثها بنظراته على السير دخلت وهى تتجول
بانظارها فى المكان، وكل ذكريات المحاكم تقفز
امامها، نعم كانت صغيرة لكن هناك بعض المواقف
محفورة فى ذاكرتها، وروحها …لرجل يصرخ بها وبوالدتها انها ليست ابنته، كان يطالعها وهو يعى ما يدور فى خلجات نفسها من صراع، هو لا يعلم كيف ضمها لكن ما يعلمه أن كل خلية داخله نخت امام ضعفها
وما عاشته، ماآلمه اكثر أن والده مساهمًا فى
حزنها حتى لو دون قصد، ثوانٍ وكان يقف أمام
الضابط فى مركز الشرطة الذى هتف بتهكم وهو يطالع
دموعها قائلًا :
– بتعيطى دلوقتى لكن تتحضنى فى الشارع عادى
اجفلت نظرها ارضًا لا تقوى على النظر إليه لم تجد الكلمات التى من الممكن أن تبرر بها، اما هو استفزه
الموقف كله فتحدث قائلًا :
– انا دكتور كنان وهى مراتى لسه متجوزين جديد
عشان كده مش معايا ما يثبت لكن صديق ليا
هيجيب القسيمة حالًا
ثانيًا ماكنش فى عمل فاضح ولا حاجة وده حتى يقولوه
الظابط كل الحكاية هى عندها مشكلة عائلية وكانت
منهارة زى دلوقتى وانا كنت بحاول اهديها
اثناء الحديث طرق الباب ودخل العسكرى وادى التحية
قائلًا :
– فى محامى بره تبع كنان يا افندم ومعاه واحد
صاحبه
أوما الضابط بالايجاب مردفًا :
– دخلهم خلينا نشوف اخرتها
تقدم المحامى بعملية وهو يقدم وثيقة زواجهم طالعها
الضابط باقتناع فطلب باخلاء سبيله بضامن حيث
لا يوجد معه ما يثبت شخصيتك وبدأت الاجراءات فطلب من ضياء التوجه باثبات شخصيته لضمانه فهز رأسه بالنفى :
– انا مش معايا البطاقة بس معايا الباسبور
جز كنان باسنانه على شفتيه السفلى وهو يهمس :
– يابن *** جاى تضمنى من غير البطاقة
رمقه ضياء بطرف عيناه وهو يتحاشا النظر إليه وهو
يعلم ان صديقه سيفتك به حاول المحامى انهاء
الاجراءات سريعًا والحصول على إذن اطلاق سراحهم
ثم انصرف المحامى وتركهم ثلاثتهم
*****
وقفوا ثلاثتهم بالقرب من سيارة ضياء، فكان كنان
يتأفف ويمسح على وجهه بزفير حار قائلًا :
– اقولك فى القسم جاى بالباسور انت فاكر نفسك
رايح بورتو السخنة
اجابه بتذمر مصطنع وهو يغمز له :
– وانا اعرف منين انك ممسوك اداب قولت هات محامى
والقسيمة واتصرف ايش عرفنى بقى،
بعدين يا جدع مش عارف تستنى لما تروح البيت
رفعت عيناها وطالعتهم بدموع سابحة من مغزى كلامه
اشار لها كنان بركوب السيارة وتابعها بنظره حتى وصلت كانت ساكنة كالأموات ثم التفت له كالبركان الثائر :
– تصدق بالله انا لو قتلتك قدام القسم هاخد مكافأة
انى خلصت البشرية منك
ابتسم وهو يتحدث بخبث :
– هما اللى نيتهم وحشة ايه وضع مخل اللى كتبوها فى
المحضر دية النية فى ذمة لله
زمجر كنان ثم قال بحدة :
– ضياء ولا كلمة تانى وقدامى على العربية
*****
امتثلت لأوامره واستقلت السيارة من الخلف بعد مرور عدة دقائق كان ضياء يجلس خلف عجلة القيادة وبجواره كنان اما هى تثبت نظرها على الطريق
وبداخلها يرتجف بشدة تشعر بدقات قلبها تكاد تصم
اذنيها من فرط الخوف، التوتر قاطع صمتهم ضياء
قائلًا وهو ينظر فى المرآة :
– اسف بقى يا كيان لو انا عازول بينكم
صرخ به كنان بحدة جعل الدماء تفر منه قائلًا :
– ضياء على جنب وقف العربية
قطب ضياء حاجبيه باستغراب قائلًا :
– فى أيه خضتنى كنا هنعمل حادثة يا جدع
اجابه بحزم :
– انزلى من العربية مش هتكمل معانا
رفع حاجبيه بصدمة قائلًا :
– على فكرة دية عربيتى
– انزل ياضياء وانجز
ترجل ضياء من سيارته وهو يتمتم بحنق ونزل
ايضًا وقف معه امام السيارة فتحدث كنان :
– انتى مافيش دم عازول ايه وزفت ايه
– اومال ايه طاااه ده فى عز النهار
صر كنان اسنانه :
– هات المفاتيح وهبعتلك العنوان تجيب العربية بتاعتى
التو ثغره بتهكم قائلًا :
– نعم انت عايز تسيبنى هنا انت بتتلكك عشان تستفرد
بيها لا انت حالتك صعبة
تجاهل حديثه حتى لا يفتك به وركب السيارة
واندفع بها يسابق الرياح بينما وقف ضياء وفغر فاه وعيناه
من الصدمة ثم صاح به :
– كنان يالمتحرش .. يالمقفوش ..
انت هتسيبنى على الطريق يالمقفوش
*****
اخيرًا ترجل كنان من سيارته وهى ايضًا وسبقته بخطواتها إلى الداخل وقفت امام المصعد تضغط بإيديها
المرتعشة على لوحة الارقام، فرفع عيناه هو للشاشة
المضاءة اعلى وجده يهبط ثوانٍ وولجت وهو خلفها
ومازالت الدموع تغرق عيناها، تنهد بثقل انفتح
باب المصعد فاندفعت صوب الباب تحاول الفتح
بمفاتيحها لكنها سقطت منها أرضًا، فانحنى يلتقطهم
من على الأرض وفتح هو، تعثرت بخطواتها نحو
غرفتها فتنهد بضيق وهو يغلق الباب ثم نزع عنه
سترته يُلقيها على الأريكة
*****
ولج طاهر إلى غرفته فوجد شقيقه الأكبر يجلس فوق الفراش ويفتح الحاسوب
الخاص به فجلس على حافة الفراش وبدأ فى خلع
حذائة متمتمًا بضجر :
– حمدلله على السلامة ياسيدى، ممكن افهم حضرتك قاعد فى اوضتى ليه ؟!
وفاتح اللاب بتاعى ليه ؟!
كرم بكل برود دون ان يلتفت إليه اجابه :
– اول ما رجعت من السفر امك لقتها داخلة عليا
وملامحها تخض ولما سألتها
مالك ؟! قالتلى انها شاكة فيك تكون بتعمل حاجة
كده ولا كده وعايزانى اطمن عليك قبل ما تبلغ ابوك
اصلى البت هاجر رعبتها
اخذ نفسًا عميقًا يحاول تهدئة نفسه قائلًا :
– هاجر هاجر هاجر سيب يا كرم اللاب واطلع بره
وخلى امك تبلغ ابوك وانا هتصرف والله هجيب
اجل الزفتة دية
رفع كرم احدى حاجبيه قائلًا :
– خد بالك صوتك العالى ده هيضعف موقفك
بعدين انا مش عايز اصدمك ماما قررت انى هنام
جنبك هنا على السرير فخليك لطيف
انفعل وسحب منه الحاسوب بعنف وهو يتمتم بغضب
بينما ابتسم كرم ببرود قائلًا :
– شكل كلام هاجر صح ؟!
لا انا قاعدلك هنا نربيك من الأول بقى ونشوف وراك ايه ؟!
– كررررم متهزرش اطلع بره انا مش بحب حد معايا
تمدد كرم على الفراش ثم انقلب على جانبه وهو يسحب
الغطاء مردفًا :
– ولا أنا يابنى بس لازم نطمن قلب ماما دية ناقص
كانت تقول انك بتجيب نسوان فى الشقة
فرك وجهه بأرهاق ويلعن هاجر فى سره فهى منذ
أن سكنت معاهم فى البيت هى والدها بعد وفاة
والدتها وهى اوشكت أن تفقده عقله
*****
هناك احداث بحياتنا تقلبها رأسًا على عقب لم نكن
نتخيلها يومًا، يمر الوقت وترى امامك الحقيقة كاملة
فلا يستطيع غصن ضعيف الصمود امام الرياح العاتية
لينهزم امام كل محاولات الصمود خائر القوى
يزرع الغرفة ذهابًا وايابًا بتوتر وغضب بالغ،
ماذا يحدث له لا يفهم هو قلق بشأنها، لكن
كلما لاحت امام عقله كلامها طفلة بريئة تتعرض
للعنف والقسوة والتحرش ايضًا، اصبح كالبركان
فأى انسان تجرد من انسانيته يرفض ابوة طفلة
هو يعلم جيدًا انها ابنته، ليتركها تعانى نتيجة رغبة رغبته
ونزوته، صدره يعلو ويهبط بعنف كأنه للتو خرج من سباق ماراثون، حاول أن يغمض عيناه لبرهة ويتوجه
نحو غرفتها ليطمئن عليها قطع الردهة ووقف أمام
باب غرفتها :
– امممم كيان ممكن تفتحى
لم يجد اى استجابة منها فاعاد الطرق ثانيةٍ :
– لو سمحتى افتحى
مرت دقائق قليلة وسمع صوت مقبض يفتح فتراجع
خطوة للخلف وهو يثبت نظره على الباب فطالعها
واعينها منتفخة اثر البكاء فتحدثوا معا فى وقت
واحد :
– أنا اسف
– أنا اسفة
تريث لبرهة ثم عقب على جملتها بنفى :
– انتى معملتيش حاجه عشان تعتذرى اصلًا
التوت شفتيها بابتسامة منكسرة ثم همست :
– كنت عايز حاجة بتخبط ليه ؟!
عايزة انام
نظر لها فى شفقة وحزن ثم حاول تغيير مجرى الحديث :
– عايزه تنامى ؟!
انتِ مش جعانة ؟! انا مكالتش حاجة من الصبح
رفعت عيناها إليه ثم قالت بمزيد من الإنكسار :
– ماليش نفس
تنهد بثقل وهو يشعر بالإخفاق والفشل التام برغم
من محاولته البائسة لكنه لم ييأس فقال وهو يضع
يده على معدته :
– أنا قولت نتعشا مع بعض
اطرقت رأسها وهى تجيبه :
– ماليش فى الخضار أوووى
قاطعها بابتسامة وهو يمازحها :
– مش شرط خضار اى حاجة المهم نأكل
رفعت رأسها فى دهشة وتبدلت ملامح الحزن وهى ترمقه غير مصدقة :
– بجد!!
ابتسم نصف ابتسامة وهو يرمق تغير حالتها قائلًا بمكر :
– لو مش هتعرفى او مش هتقدرى اطلب من بره
اتسعت ابتسامتها وهى تتجاوزه نحو المطبخ قائلة :
– هوووا الأكل يكون جاهز هتبطل فيچترين دية
خالص، بص هتدوق وتحكم بنفسك
سار خلفها للمطبخ وجلس فى المقعد امامها وهو يرمقها
تعمل بابتسامة واسعة كان يعلم أن هذا هو الحل الوحيد
للخروج من حالتها فهذا ما استنتجه خلال الاسابيع
الماضية، بدأت روائح الطعام تداعب انفه فأغمض
عيناه بضيق لكن سرعان ما فرق جفنيه حتى لا
تلاحظ
بعد مرور ساعة وهى تعمل كانت تبتسم له ابتسامات
خافتة وكل تركيزها على الطعام وضعت امامه عدة
صحون وهى ترمقه بابتسامة قائلة :
– اتفضل يارب يعجبك وتغير رأيك
رمق الطعام ثم رمقها هى متسائلًا :
– هو أنا هأكل لوحدى
-انا ماليش نفس
قالت جملتها وتحولت حالتها ثانية، ابعد هو الطعام بيده
قائلًا :
– لو مش هتاكلى معايا بلاها
ارتسمت بسمة بسيطة على ثغرها قائلة :
– لا هاكل خلاص
احس بداخله بشعور جديد، غريب، قوى يغزو كل خلية
في جسده لمجرد انه نجح فى ابتسامتها وما ان شرع
فى الأكل احتلت الصدمة ملامحها ثم اكمل يتذوق
بقية الطعام وهو يتلذذ مصدرًا اصوات عالية واكمل
الطعام بنهم
أما هى كانت تطالع تعبيرات وجه والاصوات التى
يصدرها لا تنكر أن طريقته جعلتها تفرح من قلبها
انتهى من الطعام وهو يستند بمرفقيه على رخامة
المطبخ يتنفس بصعوبة ثم رفع رأسه مردفًا :
– ده انتى عالمية .. ايه ده انا عمرى ماتخيلت
اكل الكميات دية لا وفى نص الليل كدة
شابوووو ليكى
لاتعلم لما احمرت وجنتيها خجلًا من مدحه لطعامها وكأنه
يمدحها هى فنهضت تلملم الصحون ففاجأها قائلًا :
– خربوش قهوة بقى من ايديكى
توسعت عيناها بذهول وهى تتردد بابتسامة :
– انت بتقول خربوش
– الحقينى بيه بليز
هزت رأسها بسعادة وهى تتجه للموقد لصنع القهوة
****
فى صباح اليوم التالى
تأوه طاهر عاليًا فرق جفنيه بصعوبة محاولًا أن يرى
مايحدث وقبل أن يرفع رأسه كانت لكمة أخرى فى
طريقها إليه فانتفض من الوجع وهو يضرب كرم
النائم بجواره كأنه فى حلبة مصارعة، لكزه طاهر فى
كتفة :
– انت يا بنى ءادم انت نايم ولا بتصارع تيران
قوم من هنا
ركلة كرم بقدمه ادى إلى سقوطه ارضًا بينما كان مدعيًا النعاس فصاح طاهر وهو ينهض وينقض عليه قائلًا :
– وربنا انت صاحى وشغال شغل غلاسة قوم اطلع
بره اوضتى
اعتدل كرم من نومته قائلًا وهو يتلاعب بحاجبيه :
– بعينك عايزينى اروح اوضتى وتجيب نسوان وخمر
هنا وتعمل ليالى حمرا ابدااا البيت ده طاهر
ثم نهض يرقص على الفراش وهو يغنى ويشاركه فى
الرقص والغناء طاهر :
– يا ام المطاهر رش الملح خمس سبع مرات
توقف فجأة طاهر وهو يصيح بغضب :
– بااااااس .. عايزين تجننونى قال خمر ونسوان أيه بدخلهم
فى جيب البنطلون
رفع كرم كتفيه بعدم اكتراث وهو يعود مرة اخرى للنوم
قائلًا :
– انا عارف ابقى اسأل امك او اسأل هاجر هى ادرى
جز على اسنانه وهو يقول بغيظ :
– ده انا هرش الملح فى عين هاجر يكش تتعمى
****
وصل طاهر إلى الشركة وبداخله سعادة عارمة سيقابل
تلك المشاكسة، توجه نحو مكتب بيلا مباشرة طرق
الباب ودخل يجلس امامها فى المقعد، تركت الحاسوب
من يديها وابتسمت له :
– صباح الخير
اجابته بابتسامة صادقة :
– صباح النشاط
حك مؤخرة رأسه متسائلًا :
– هو كيان مضت العقد خلاص
تنغصت ملامحها بألم ثم هزت رأسها بنفى :
– لا لسه، اتصلت امبارح بليل عشان تعتذر عن النهاردة
تمتم فى سره بخفوت قائلًا :
– طبعًا كفاية سيرة هاجر على الصبح تقفل اليوم
قررت حزم الامر ففتحت الدرج والتقطت منه العقود
ومدت يدها :
– دية العقود يا طاهر خليها معاك وبكره ابعتها
توقعهم عندك
ابتسم بتوسع وهو يأخذهم منها طالع العقود وهو يقرأ
البنود حتى توسعت عيناه بذهول والصدمة حينما وقعت عيناه على اسمها وهو يردده:
– كيان عاصم عز الكومى الجهينى
****
يتبع..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية روح بلا مأوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *