روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الرابع والثلاثون
رواية أترصد عشقك الجزء الرابع والثلاثون

رواية أترصد عشقك الحلقة الرابعة والثلاثون

من السهل سرقة عقول
ومن الصعب سرقة القلوب
كل ما يتطلب اما قلبا حقا يحب
أو تكون محطم القلوب…!!
زفرت شادية بتوتر شديد، وهى تستعد لمقابلة سرمد
لقد نفذ شقيقها وعده لها، رغم انها يفعله على مضض وغيرته لم يحاول اخفائها
لولا أن سرمد كبل والدها وشقيقها بدين رد الجميل ما جعلها تتحرك خطوة واحدة من الغرفة …
اليوم هو اليوم الاول تستيقظ بعد انتهاء كابوس معاذ نهائيا، لا تهتم بما سيفعله
لا تهتم .. كل ما يهمها الآن ذلك الرجل الذي ضحي بحياته من أجلها
انتفاضات سريعة فى قلبها وتعرق يديها جعلها تحاول جمع متعلقاتها سريعا، ستذهب اليه سريعا مع باقة ورد كبيرة، اخبرها ان عائلته الان بجواره وهذا لم تكن مستعدة له اطلاقا
تخشى تسمع بعض التعليقات اللاذعة منهم أن يخبروها انها السبب فى ما حدث له، نفضت جميع أفكارها المتشائمة سريعا وحاولت التفكير فى عدة عبارات ستقولها له وهي أمام شقيقها لا تثير غضبه… شهقت مجفلة علي صوت جيهان الماكر
-هتقابلي حبيب القلب مش كدا
استدارت شادية على عقبيها واضعة يدها على صدرها، ناظرة نحو شقيقتها بعتاب شديد جعل جيهان تهز رأسها بملل شديد لتجلس على الفراش ناظرة نحو ثياب شقيقتها …!!!
استذهب له ببنطال وكنزة وردية !!!
استذهب إلى عملها أم ستزور حبيب القلب، فين الفساتين المبهرة، بل أين الفساتين الناعمة الممتلئة فى خزانة شقيقتها، سمعت صوت شقيقتها المعاتب
– جيجي
وضعت يدها على ثغرها كعلامة للصمت، لكنها لم تستطيع ان تصمت مطولا وهي تري قسمات وجه شادية المتوترة لتستقيم من مجلسها وهي تقترب منها وقد أثار غيظها  عقد خصلات شعرها ، امسكت بربطة الشعر وإزالتها تحت نظرات شادية المندهشة لتقول جيهان بجفاء
-جيجي سكتت خلاص، بس اديله ريق حلو
هذا إن أرادت جيهان ان تصلها اليوم جثة، غمغمت بنبرة حاولت فيها تهدئة توترها
– انا رايحة ازوره وهرجع مش هطول
ألقت جيهان غمزة ماكرة واتبعتها بهمس خافت
-عليا برضو الحبتين دول، المهم متبقيش غبية وتقفلي أي حوار يفتحه
لا تعلم اصرار جيهان على أنها ستتحدث معه سرا بعيدا عن عيني شقيقها، لتزفر بإحباط شديد لم يمنع من أن تفكر بصوت عالي تلك المرة ما يكاد يتلف اعصابها
-ده لو لسه حابب يشوف وشي بعد اللي حصل
تأوهت بصوت مرتفع على ضرب جيهان لها من ذراعها، نظرت نحو شقيقتها باستنكار التى قالت بحدة معنفة إياها على افكارها السلبية
-ضرب الحبيب زي أكل الزبيب، انتي بس خليكي مصحصحة معاه
هزت شادية رأسها بيأس، لتنظر الى ساعة يدها لتنتفض بذعر مغمغة انها تأخرت على ماهر .. وياليتها ذكرت مالا فى الوقت الذى علا صوت ماهر يدق على باب غرفتها قائلا بضجر
-شادية
كادت شادية تلحقه الا انها انتبهت على ملامح جيهان الشاحبة وهي تحدق نحو أثر الرصاص فى الحائط، اقتربت من شقيتها تحتضنها بمؤازرة وهى تتذكر حينما أصرت امام شقيقها بعدم اعادة دهان غرفتها، بل أصرت تحديدا أن يتركوا أثر الرصاص لتتذكر يوم مجدها
صاحت بصوت مرتفع نحو ماهر الذي يزفر بحنق
-ثواني يا ماهر
رفعت جيهان عيناها نحو شادية،، تتعجب من تلك القوة التي تظهرها شقيقتها
فى حين هى التى من المفترض أن تكون الاقوي والداعم لها … الا انها اكتشفت انها ضعيفة جدا تجاه من تحبهم
تضع قناع فتاة متمردة، طائشة، تتظاهر بالقوة وهى بالحقيقة تخشى إيذاء نملة، العودة للماضي يصيبها بالضعف وقلة الحيلة، وتلك الخصلتين تصيبها بالاشمئزاز من حالها وهي أكثر من تتخذ قرارات متهورة، وسريعة، بل تكاد تسبب فى مقتلها وتسبب ازمة قلبية لأبيها !!!
الا ان جميع تفكيرها السلبي لم يمنع من تنظر نحو شادية وبريق الحب الذي يفضحها لم تعد تستطيع إخفاءه
هنيئا بالايطالي، وهنيئا هي به … فمن الذى فى هذا الزمن يقدم روحه فدائا الى محبوبته!!
رفعت عيناها وهى تمسح العبرات التى خانتها لترسم ابتسامة شاحبة محاولة نفض القلق والرعب
-تفتكري عملوا ايه فيه
عقدت شادية جبينها بعدم فهم، مغمغمة
-مين قصدك ؟
حدجتها جيهان بنظرة مميتة وهي تشير بعينها نحو اثر طلقة الرصاص على الحائط لتهز شادية رأسها بلا مبالاة تامة قائلة
-مش مهتمة اعرف، اهم حاجة انه بعد عن حياتي للأبد
علا صوت ماهر للمرة الثانية بحنق جعلا الشقيقتان تنفجران بالضحك وهما يسمعان الى وعيد ماهر الطفولي بعض الشئ، مالت شادية تطبع قبلة على خد جيهان التى ابتسمت بدفء ناظرة نحو عيني شادية تتأكد من أن ما تراه حقيقي
منذ متى لم تري عينا شقيقتها تلمعان بكل هذا الشغف ؟
منذ وفاة والدتها تحديدا، ازدرد ريق جيهان مبتلعة غصة كادت تودى بحياتها وهى تبتسم بارتجاف، اخفضت رأسها أرضا على مواء لولو لتهبط بجذعها حاملة إياها تلمس فرائها الابيض الناعم لتصدر القطة صوت راضي تماما
تعترف انها دللتها كثيرا قطة شقيقتها، لكنها لم تكن تظن أن القطة ستعتاد عليها، رغم إنها تتعبها كثيرا فى تنظيفها إلا أنها هادئة وليست مشاغبة مثل صاحبتها !!
غمزت جيهان بمكر وهى تميل مقبلة رأس القطة قائلة
-واضح مش بس انتي اللي نفسها تزوره
اقتربت شادية نحو القطة التي أدارت وجهها للجهة الاخري مما جعل جيهان تتسع عيناها دهشة من رفض القطة لصاحبتها، حاولت شادية استمالتها ودغدغتها الا ان القطة لم تستطيع الصمود طويلا إلا أنها قفزت على صدر شادية التى التقطتها بين ذراعيها وهى تحتضنها بقوة لترفعها على ذراعيها قائلة
– لولو بقت شقية جدا، اوعدك انك هتيجي تقعدي معايا بس ارجع وافضيلك
مواء قطتها الضعيف جعلها تميل تعانقها مرة اخرى قبل ان تسلمها الى جيهان التى تلقتها بترحاب شديد مقبلة إياها العديد من القبلات مما جعل القطة تحرك جسدها كثيرا، مالت شادية تنظر بهدوء الى العلاقة التى تكونت بين قطتها الخاصة منه والى شقيقتها التى بدأت تحب القطط لتسألها بهدوء
-وصلتي لايه فى القضية بتاعتك
لوت جيهان شفتيها بملل حينما علمت من ماهر من قام باقتحام جميع حساباتها على التواصل الاجتماعي، لتزفر بحدة مغمغمة
-طلع هاكر بيحاول يشوه سمعات بنات غيرى مش انا بس
الموضوع عند الشرطة باعتقاله ونشر اعتذار أمام الصحافة وبدأ وسيم يضغط عليها كثيرا بظهورها للساحة أمام جماهيرها
لكنها حقت كرهت الجميع
كرهت ذلك المجتمع الزائف بكل ما فيه، من ظنتهم داعمين لها ويستطيعون مساندتها هم أول من قذفوها بالحجارة، لقد اكتفت من الجميع
لكن يجب عليها الظهور، ليس الآن .. ليست مستعدة لذلك الأمر بعد
هى بحاجة الى هدوء … واعادة تخطيط حياتها التى تضمنت بنزولها الى العمل مع والدها، ومساندة شقيقتها فى عملها الذى يبدو انها نسته تماما، مما جعلها تهاتف مساعدتها المخلصة نجوي لجعل الاعمال تسير كما لو كان القبطان فى سفينته!!!
تعلم ان هناك منافس شرس لشقيقتها وهى ليست حمقاء كى تجعل سفينة شقيقتها تغرق، استعانت بوسيم لتوسيع نطاق عمل شادية ونفى أى شائعات تصدر بحقها.
انتبهت على صوت شادية المتسائل بريبة
-يعني مطلعش نضال زي ما قولتيلي ؟
هزت جيهان كتفيها وقالت بشك
– وميكنش ليه تغطية عليه
عبس وجه شادية مما جعل جيهان تقول بزمجرة خافتة
-روحي انتي عشان متتأخريش، انا هقعد مع لولو وهأكلها
ابتسمت شادية بحنين نحو قطتها لتهمس بتوسل
-خلى بالك منها متغبش عن عينك لحظة
هزت جيهان رأسها موافقة وهى تعانق القطة قائلة
– متقلقيش
استدرات شادية على عقبيها تخطو خطوة خارج غرفتها الا ان عينيها اتسعت بدهشة نحو زائر لم تراه منذ أيام رافعا خصام غير ملعن متى ينتهي
غامت عينا شادية بألم شديد، تتحدى معاناتها التى مرت بها فى غيابه مما جعل معتصم يضغط بقوة على كف يده كي لا يجذبها معانقا اياها ضاربا بكل شئ فى عرض الحائط، إلا أنه تراجع في اللحظة الاخيرة
ما نفع ضمها فى صدره وهي ستخذله مرة بعد مرة !!
ما نفع اطمئنانها وهى ستخبئ عنه فى كل مرة، بل ستتجرأ على رفع عيناها نحوه دون الإفصاح بشئ عن داخلها
تهشم كل قوته المتظاهرة أثر همسها بأسمه
– بابا
اربعة أحرف فقط، قادرة على هز قلب رجل مغرم بأبوته حتى النخاع
أفق معتصم، ستتوسلك بعينيها الشبيه بثريا، ستمارس بعض المكر الانثوي وبعض الغنج الفطري، ستحاول معانقتك وتقبيل رأسك وكلتا وجنتيك ولن تضعف
لن تضعف أبدا… راها تهم بالاقتراب منه الا انه منعها بنظرة زاجرة جعلها تكاد تختل ساقطة ارضا الا انها فى اللحظة الاخيرة منعت نفسها من السقوط لينظف حلقه قائلا بصوت اجش
– ماهر مش فاضي اعتذر انه ياخدك، فقلت اوصلك في طريقي
ظلت شادية تنظر الى عيني الأب المتحاشية النظر إليها، توتره افضحه لتقترب تلك المرة تلف ذراعيها حول عنقه بشدة مقبلة كلتا وجنتيه هامسة بصوت خفيض
– وحشتني اووي، ارجوك متبعدنيش عنك
أفق معتصم
لن تضعف
لن تضعف
يده ربتت على ظهرها فى اشارة اولية ايجابية جعل شادية تنفجر باكية بين ذراعيه، ليتنهد معتصم بقلة حيلة وهو يشدد من ازرها ناظرا نحو أثر الطلقة لينقبض قلبه كلما تذكرها، لم يسامح ابنه الأحمق
ولن يسامحه على ما قام به، لا يصدق انه اخفى عنه ما خطط له
الا ان الابن أوضح بكل برودة اعصاب انه كان سيعرقل خطته، وقتها سارع متوجها نحو غرفتها ليجدها تغط فى نوم عميق مع جيهان متعانقتان بقوة جعل قلبه يرق ليتقدم طابعا قبلة على جبين كلتاهما ثم غادر بهدوء شديد يكاد يحسد عليه …. غمغم بصوت اجش معاتب
– موجوع منك يا شادية، موجوع اووي
حاولت شادية ازالة الدموع الا انها تزداد غزارة مسببة التشوش في الرؤية لتحاول السيطرة على هدوئها وهي تجيبه بألم
-حقك يا بابا، انا غلطت فيك وكسرت الثقة اللي بينا، بس متسبنيش لوحدي انا من غيرك ولا حاجة
عاد يربت مرات اخرى على ظهرها وهى تزداد التصاقا به مما جعله يرفع رأسها محتضنا كلتا وجنتيها ناظرا الى عمق عينيها والى ثيابها الانيقة … كالمعتاد، لم ترتدي ما يثير ريبته أو شئ يلفت الانتباه إلى أنه يشعر انها انتقته خصيصا له !!
اضيفوا شئ اخر
ابنه العظيم لم يخبره انه سيصطحب ابنته الى زيارة ذلك الايطالى، تجهمت ملامحه للعبوس الشديد دافعا إياه للسؤال
– للدرجة دي هو مهم عندك
عيناها اللتين تنظر اليه بتوسل شديد ومسامحة تحاشت عنه تماما
والحمرة فى وجنتيها تزداد ظهورا، ولم يخفى عنه تلك النظرة فى عينيها ليسقط كلتا يديه
لقد سقطت
سقطت وما من طريق للنجاة تلك المرة
لما فعلت هذا به؟ لما هو تحديدا !!!
ماذا فعل غير أنه دافع عنها بحياته وانقذها من خطر قد تكون وقتها ميتة أو يهيم كتائه باحثا عنها فى الطرقات، ابتلع غصة مريرة وهو يسمعها تهمس بخجل
-بابا
تذكر يوم مقابلة ذلك الإيطالي ليختفي علامات الشفقة ناحية الرجل ليقول بحنق
– حتى بعد ما جالى وقالى عايزك ياخدك صحبته بدون أي صفة رسمية ما بينكم
عضت شادية على باطن خدها وهى تنظر الى عيني والدها الغاضبة، لتبرر موقفه قائلة بخشية
-سرمد عايز فترة تعارف ما بينا عشان ندرس بعض، هو طبعا عمره ما هيقصد حاجة وحشة بس دراسة قبل ما يدخل خطوة جد
وتدافع عنه يا معتصم
أين ثريا لترى ابنته التى تقف أمامه بارتباك تدافع عن حبيب رغبها أن تكون خليلته فقط !!!
ابتسامة ساخرة زينت ثغره وهو يسألها بجدية
– ولو دخل الخطوة دي يا شادية
اختفى البريق من عيناها وتصلبت ملامحها لتهمس بجدية
– مش هيدخل يا بابا، انا عايزة ابقي لوحدي الفترة دي
لم يعجبه اجابتها مطلقا، ماذا تظن الصغيرة أنه سيحبسها في منزله رغم هذا ما يحبه ان يحتفظ بكلتا ابنتيه ويرفض كل الراغبين بهما، الا انه لن يكون انانيا ابدا ليحصل على سعادته، ضم كلتا كفيه وهو يسألها
-وبعد كدا؟
هزت شادية كتفيها بلا مبالاة مغمغة بسخرية
-محدش هيقبل بيا يا بابا، ناس كتير هتبعد عن الشبهات
رفع معتصم عينيه نحو جيهان التى تداعب لولو وعينيها تتابعان حديثهم مع لمسة حزن فى وجهها، تنهد معتصم بضيق حتى زلزال البيت الخاص به انطفأت بعد ما حدث لها، عاد بعينيه نحو شادية وهو يسألها
-ولؤي لما اجبرتيني اوافق عليه ؟
اجابته ببساطة شديدة
-انت عارف اننا مكناش هنستمر مع بعض
هز رأسه بيأس شديد وهو يشير برأسه ليتقدمها إلا أنها التصقت بذراعه تسير بجواره مما جلب بسمة خفية فى قلبه، رفع رأسه وهو يراها تتشبث به بقوة وعيناها تنظر اليه بحب أشد وطلب السماح جعله يقسو قلبه… لن تحصل عليها ببساطة
ربما سيبادلان بعض الأحاديث .. لكن ابدا لن تكون معاملته كالسابق، غمغم بفظاظة شديدة
– يدوب تسلمي عليه، وتمشي ورايا مواعيد
شددت شادية من امساكها لذراعه وهي تجيبه بهدوء وطاعة شديدين
– حاضر
رفع حاجبه مستنكرا طاعتها الهادئة ليقول بحدة طفيفة
– مش هسيبك لوحدك معاه
مالت تطبع قبلة على خده وهى تجيبه
– بابا متقلقش انا بس هشكره وهمشي مش هقعد
لم يصدقها، هو ليس احمق حتى وان علم ان ابنته لن تقوم بفعل ما قد يسبب له الحرج
لكن المشكلة تقع للراقد في فراشه ليغمغم
– هنشوف
………
فى الوقت الحاضر،،
عينا سرمد تنتقل بين نظرات شقيقه الشامتة ونظرات غسان المؤازرة ليراها ترحل منساقة خلف والدها ليلعن القيود الشرقية والأحكام البالية ليناديها بصوت أجش
-شادياااه
رأي ارتعاشة جسدها وقد بقيت ساكنة دون حراك ليهدأ من جنون ضربات قلبه وهو ينظر الى غسان الذى حذره من التمادي والى شقيقه الذي غمز اليها بمكر شديد طالبا اليه الظفر بحبيبته من أسنان حماه المستقبلى، ليعيد توسله منها قائلا
-ابقي ارجوكِ، لم أتحدث معك
وتلك المرة مواجهته نحو الرجل العجوز الذى نظر بعبوس شديد ورفض جلي مما جعله يقول بجرأة شديدة لم تذهل الرجل العجوز امامه
– من حقي ان اطمئن عليها
ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتي العجوز وهو يراها حتى الان تعطيها ظهره، يعلمها حائرة ومشتتة بين ناريين، لكن ليس بعد الآن
سيضع كل شئ فى موضع الصحيح، لن يغادر ذلك المكان ابدا الا وهى معه وبجواره
سأله العجوز بسخرية شديدة
– بأي صفة؟
القى نظرة مطمئنة نحو غسان الذى هم بالتدخل لينظر نحو عينا الرجل قائلا بلهجة هادئة
-سأصبح زوجها
شهقة خفيضة خرجت من شفتي شادية التى نظرت الى والدها بحيرة شديدة، هل ما استمعت إليه صحيح
يريد الزواج منها بعد ما حدث بسببها؟
رمشت اهدابها عدة مرات وهى تنظر الى والدها، تريد أن تسأله إن كان حقا هذا ما قاله أم مجرد ما يصور له عقلها، رفعت عيناها نحو رجل طويل القامة خلف والدها ملامحه تقارب ملامح سرمد لكن بنسخة أكبر منه بحوالي عشرون عاما، لتتسع عيناها بجحوظ وهى تسمع صوت سرمد المتوسل
– أبي
تلون وجنتي شادية بالحرج الشديد تحت فحص الرجل الكبير بعينيه السوداء الشبيهة بسرمد، لتجلي حلقها وهى تسمع الى صوت الرجل البشوش المخالف لنظرات عينيه الصارمة
– يبدو ان سرمد تسرع قليلا، على كلا يشرفني ان أخطب كريمتكم لابني البكري سرمد
ازداد تورد وجنتي شادية وكادت تختفي بين الجميع لتنظر الى ابيها الناظر نحو سرمد بغضب جلي ليغمغم بحدة
– وأنا غير موافق
فغر سرمد شفتيه صادما لينظر نحو سامر الذى حلت الصدمة على تقاسيم وجهه، صاح باستنكار شديد
– ماذا
التفت الى والده الذي زجره بنظرة من عينيه الا انه لم يرضخ له، حاول قراءة جسد شادية التى تدير بظهرها اليه لكنه لم يتحمل رفض الرجل، ليصيح بتهور
– لكن العروس لها رأي آخر
شهقة أخرى صدرت منها وهي تدير رأسها اليه بعينيها الكهرمانية تنظر إليه باستنكار شديد وبعض التوسل من عينيها المعذبتين مما جعله يتمرد أكثر
شياطينه تتراقص أمام عينيه
اتصمته هو الآخر
بالله هو يتحكم بنفسه بصعوبة ولا يستطيع التحكم فى رفض الرجل له، تأوه بصوت خفيض حينما لكزه سامر من ذراعه قائلا
-اصمت يا احمق
ضم معتصم يديه فى جيب بنطاله وهو يسأل ابنته المشتتة بينهما، يشعر بها عاجزة وحائرة فى تلبية التراضي بينهما
بالله كيف سرق قلب ابنته، وهو لا يوجد به حسنة واحدة يجعله يستطيع القبول به
– ماذا يا شادية؟ هل توافقين على شخص مثله؟
شعرت شادية بان جميع العيون تقع عليها، حاولت تجاهلهم خصيصا تلك العينان اللتان تنفثان نارا لـ ترفع عيناها بحيرة لتغمغم
– انا مضطرة امشي
خطوة واحدة خطتها هاربة من الجميع الا ان جسدها تخشب على صوت جهوري خشن سبب بقشعريرة قوية من منابت رأسها حتى أسفل قدميها
-اللعنة، لا تهربي مني
فغرت شادية شفتيها بصدمة محاولة اخذ كمية وفيرة من الهواء لتزفره على مهل، تحاشت النظر الى والدها، تعلم أن والدها يتوعد لها ولذلك المجنون لتنظر اليه وهو يأسرها بنظرة كادت تفقد اتزانها
بللت طرف شفتها السفلى لتهمس اسمه
– سرمد
طالبته بالصمت والتوقف عن إلحاحه، ودفعها الى الخيار بينهما، توسلته حرفيا وهى تحاول منعه من الاختيار ليزفر سرمد بحدة ليرفع عينيه نحو الرجل العجوز الذي يستشيط غضبا مما جعله يغمغم بتوسل
– ابي ارجوك، سيد معتصم ارجوك دعني اتحدث معها، انا حتما جدىّ معها لا امزح فى طلب زواجي لها
رأي سرمد نظرات الرجل العجوز المتهكمة وهو يرمقه بغضب وحنق يكتنفه لينظر إليه بعلو قائلا
– ولما سأعطيك إياها؟
اتسعت عينا شادية وهى لا تصدق انها بضاعة تعرض أمام المشترين ينازع عنها المشتري والبائع، لم تشاهد موقف سخيفا كهذا، وبحياتها لم تحط فى هذا الموقف، رفعت عيناها تنظر الى والد سرمد الذي ينظر بيأس إلى ابنه… لسانها عجز عن طلب مساعدته.. لكن الرجل ذو العينين السوداوين قرأها وهو ينظر اليها بحنان جعلها تستكين ودموعها تنهمر دون ارادة منها وهى ترفع رأسها لتسمع إلى صوت سرمد الأجش وعينيه حكاية أخرى …!!!
– لأنني لن أتواني أبدا عن الدفاع عنها حتى مماتى، سأقترب من الموت كل مرة ولا يصيبها خدش .. سأتحمل أي شئ وكل شئ من أجلها .. لانها تستحق .. تستحق ان تبذل قصاري جهدك لرسم بسمة على شفتيها
اسرها بعينيه ، و استطاع ببراعة أن يغلفها فى مصيدته بكلامه المبهر وما تعطشت هي كأنثي لسماعه من رجل، كاد وزنها يختل ساقطة على الارض تلك المرة وعينيه لم تتزحزح عن عينيها
يتوعدها في حين، يرمقها بشغف شديد وجرأة أشد كعادته
لكن تلك المرة تقرأ شئ آخر لم تستطيع فهمه سابقا، انه يراها وكأنها الوحيدة على هذه الخليقة !!!
انتبه سرمد على اقتراب سامر هامسا بصوت خفيض
– توقف قليلا يا وقح عن النظر اليها هكذا
صاح سرمد بفظاظة شديدة وهو يرى أقرب شخصين له لم يساندانه في محنته
-اغربا أنتما عن وجهي
عاد ينظر الى والده تلك المرة ورغم نية والده بعدم مساعدته، إلا أنه عاد ينظر الى شادية باطمئنان شديد … ثم يرفع نظرته إلى والده ليشير إليه ناحيتها، مما جعل الأب يزفر بحدة ليقترب من معتصم قائلا بصوت هادئ
-نحتاج للتحدث سيد معتصم، واعدك ان شادية لن يصيبها شئ .. لنترك لهما فترة يتحدثا وإن وافقا سآتي أنا والعائلة وزوجتي لنخطبها رسميا من حضراتكم
استنكر معتصم ما اقترحه الرجل تماما، رفع عيناه نحو سرمد الذي أعطاه وعد شرف بحمايتها، رفع معتصم حاجبيه ساخرا الا ما قابله سرمد جدي تماما … لم يتزحزح مكانه قيد انملة وقلقه من افتراس ذلك الرجل لابنته ممكن، ما يمنعه فقط وجوده
لا لا لا ، مرضه فقط … وغير ذلك ما فهمه أحد أمامه
لكنه تراجع فقط وهو ينظر نحو ابنته المشتاقة هى الاخرى للحديث معه، اللعنة … سب معتصم وهو متورط فى مأزق لا يستطيع الخروج منه
من ناحية طلب الرجل ووعد المريض رغم عدم ثقته تماما، لكن تلك المرة سيضع ثقته فى ابنته
ان كان هو جامح سيري كيف ستروضه ابنته إن كان هو خيارها … فلتتحمل !!
غمغم بصوت خفيض ناحية ابنته
– عشر دقايق وبس
فغرت شادية شفتيها بصدمة وهى تري مغادرة والدها مع الرجل، لتقف ساكنة بلا حراك وبعض الاحاديث الجانبية بالايطالية بالطبع لم تفهمها يخرجها رجل يجلس بجواره، تعلم أن الحديث عائد إليها بالنهاية الا ان هذا لم يمنع تورد وجنتيها وهى تفرك يديها بتوتر لينفجر صوت سرمد الحانق بالانجليزية تلك المرة
– اغربا عن وجهي
القي سامر شتيمة وقحة بالايطالية جعل سرمد ينظر إليه شزرا دفع سامر يشد بقامته مقتربا من السمراء الحسناء قائلا
– دعني اسلم على زوجة أخي، دعيني اعرفك انا سامر شقيق ذلك الاحمق
رفعت شادية رأسها وابتسامة خجول تزين ثغرها وهى تسلم عليه قائلة بابتسامة هادئة
– اعلم، أخبرني سرمد عنك كثيرا
لاحت الصدمة على وجه سامر ينظر إلى غسان بنظرة ذات مغزى جعل غسان يهز رأسه ليسيطر سامر على صدمته وهو يقول بعبث شديد
– حقا !!! يبدو أن أخي ليس سيئا كما توقعت، توقعت أن يتبرأ منا
اتسعت ابتسامة شادية وهى تهز رأسها نافية مغمغة
– كلا انه يحبكم جدا، يهتم بعائلته وحريص على إسعادهم
راقبها سرمد بجرأة متفحصا خصلات شعرها الناعمة التى تزين وجهها، لم يراها تترك خصلات شعرها محلولة الا نادرا … تذكر يوم الفستان الاحمر النارى الذى رأها به ليزفر بحدة محاولا دحض أى جنون يستحوذ عليه.. لكنها لا تساعده وهو يراها تتخذ جانب الدافع عنه
وكأنها تخصه كحاله ايضًا
هذا حقا كثير عليه الآن، تأملها وهي تدافع عنه بعفوية منها بوجنتيها اللتين يشتهي قطفهم منها سريعا، ليري نظرة سامر وغمزته الوقحة ليعيد برأسه نحو شادية قائلا
– حسنا، سنلتقي مرة اخرى يا شادياااه
زادت حمرة وجنتيها واكتفت بالصمت وهي تراه ينادي اسمها كالآخر، حقا هذا كثير عليها ألا يكفيها هو … ناطقا اياها بنبرة مثيرة جدا تجعلها لا تستطيع رفض ندائه ابدا
-ايها ال****
سبه سرمد بغيظ بالايطالية مما جعل سامر يقهقه باستمتاع وهو يرى أخيه الغيور، تأكد الآن أن شقيقه واقع فى حب السمراء، لم يراه من قبل يغار على صديقاته السابقين رغم عرقه الايطالي الغيور… لكن لا شئ
والان بمجرد نقطه اسمها كما قاله، جعل المارد يخرج من مخدعه ليهمس بأسف شديد بايطالية علم أنها تجهلها
– اصمت يا رجل، هل تلك الفاظ يصح نطقها أمام زوجتك
ثم التفت نحو شادية مغيرا محطة الاذاعة الايطالية للانجليزية بتعب شديد ليقول بتسلية
– سأعلمك الايطالية لأن هذا الاحمق لن يعلمك شيئا
زمجر سرمد بوحشية جعل غسان يجذبه بحدة قائلا
-يكفي هذا القدر لقد ضاعت خمس دقائق
اعتذر غسان بلباقة من شادية التى هزت رأسها لتنظر اليهما وهما يخرجان من الغرفة مغلقين الباب من خلفهم
الساحة أصبحت فارغة إلا منهما فقط
وبالطبع الشيطان بينهما … تلعب شياطين سرمد وهو يراها حلوة مغرية بوجنتيها النضرتين ليحاول السيطرة على تأثير قلبه الذي يكاد يصيبه بذبحة صدرية ليهمس بصوت خشن
– اقتربي
رفعت شادية رأسها وهى تنظر اليه بتيه شديد، تبدو فى عالم خاص بها
بعيدا جدا عنه … مما جعله ينظر إليها بوعيد وهى تسأله
– ماذا؟
كرر رجاءه مرة اخرى
-اقتربي مني
نظرت شادية يمينا ويسارا وكأنها تستشير الحوائط من حولها، قلب سرمد عيناه بملل غير مصدقا إياها، حقا لا يصدق ما تقوم به ليكرر ندائه تلك مرة بصوت أجش
– عيناك يا شادياااه يجب ان اراهما
تحركت شادية بتوتر تسحب كرسيا لتجلس بالقرب من فراشه، عيناها تتأمله بقلق .. تمسحه بعينيها وهى تراه يلف ضمادة فى رأسه وشعره محلوق…. يبدو متغيرا بعض الشئ لكن يبدو بخير وهذا الاهم ، لا تحاول اطالة حديث عينيه بل تمر بمسح سريع وهي تتمنى لو تخرج من الغرفة مع والدها ولا تضع فى هذا الموقف العصيب
انتبهت على صوت سرمد المتسائل
– هل تقبلين بي؟ هل تقبلين ان اكون رجلك ؟
مفرقعات عيد … هذا ما رآه فى عينيها، رعشة جسدها قرأها وهو يرى تصلب جسدها ليبتسم بهدوء شديد ليمسحها مسحا بعينيه التى تحاول معرفة سر ملامحها الشاحبة رغم مهارتها فى اخفاء الشحوب من وجهها، لكنه ليس مصور من فراغ كي لا يعلم أنها تضع عدة طبقات على وجهها خافية شحوبها، عينيها الغائرتين جعله يزفر بقلة حيلة ليتفاجئ من ردها الهادئ
– سرمد .. لا اعلم انا لا اظن انى مناسبة لأي علاقة
اندفع الغضب يسري في عروقه لتتوحش ملامح وجهه وهى تنظر اليه بقلق وبعض الريبة ليراها تهم بالتوضيح الا انه صرخ فى وجهها
– اصمتي
اتسعت عينا شادية بصدمة وهى ترى الجانب العنيف من سرمد لأول مرة، لتحاول التحدث وتبرير موقفها الا انه تلك المرة تعمد مقاطعة حديثها
– لا داعي لجلب ثورى الهائج، اريدك زوجة لي وكفي
رفعت يدها محتجة باعتراض تام
– لكن
حاول سرمد التغلب على الألم الذي يؤلم رأسه ويلتفت مواجها اياها قائلا بحدة
-لكن ماذا
زمت شادية شفتيها بعبوس وهى لا تصدق اسفل ثياب المتحرر الايطالي، استقامت من مقعدها لتهم بالاعتذار والمغادرة الا انها تفاجأت بيده التى امسكت معصمها بحدة جاذبا إياها إليه، شهقت بتفاجئ وكادت تسقط على فراشه الا انها امسكت بيدها على آخر لحظة على حاجز الفراش، تنظر إليه من علو وعينيه السوداء تنفجر كقنابل مميتة فى حرب هزمتها بعد حروب باردة طويلة … نظرت اليه بعتاب شديد محاولة نزع يدها منه
-سرمد
رائحتها الناعمة تزكم أنفه، وانفاسها الدافئة تداعب رأسه الأصلع تقريبا لينظر إليها بتجهم شديد قبل أن يصيح بحدة
– يحق لي لمسك
صاحت شادية بيأس شديد
-ليس بعد
الا ان سرمد ما زال يعد قائمته الخاصة
-ويحق لي عناقك
زجرته بحدة شديدة وهى تنزع يدها منه قائلة بيأس
– سرمد
صرخت بفزع حينما غمغم ببرود شديد لتنتفض كالملسوعة مبتعدة عنه بذعر
– ويحق لى تقبيلك
كاد قلبها ينفجر من كثرة خفقانه، صدرها يصعد ويهبط بجنون محدقة الى سرمد الناظر اليها ببرود شديد
إلا أنها تعلم كل ذلك مجرد طبقة خاملة لثورانه… صاحت بحدة وخجلها سيطر عليها
– سرمد توقف، ابي يخشى علىّ من تهورك لهذا يرفضك .. وانت لا تتدخر وقتا ولا تستغله فى لمسي
هز رأسه بلا مبالاة محاولا شغل نفسه فى شئ بعيدا عنها، لن يفكر الآن في شئ وقح وهو أعطي وعد لوالدها بعدم الاقتراب منها
إلا أن هذا لا يمنع اعطاء دروس لزوجتها القادمة بما بكيفية سير حياتهم القادمة
-لأنه يحق لي
شهقت شادية باستنكار شديد قائلة بنفي
– لا .. لا يحق لك
التفت اليها سرمد بحدة مما جعله يتأوه بتوجع وهو يتمسك بمكان جراحته، اقتربت شادية بذعر شديد هامسة بتوتر
– هل تؤلمك؟
جز على اسنانه بسيطرة محاولا التلاهي فى أي شئ بعيدا عن المه ليرفع رأسه وهو يرى نظرات عينيها المذعورتين
لم يكن يحلم إذا
لقد كانت تناجيه وتصرخ اسمه حينما تعرض لضربة غادرة من إحدى الرجلين، ليزفر بقلة صبر قائلا
-تكاد تنفجر يا برتقالية
تنهدت شادية الصعداء وهى لا تصدق انه فى وقت مرضه يناديها بهذا اللقب لتصيح بصرامة
-توقف عن ترديد هذه الكلمة
عقد سرمد جبينه بشر وهو يرمقها بشراسة شديدة جعلها تحاول رسم ابتسامة على شفتيها ليخرج صوته الآمر
– لا يحق لك صمتي شاديااه، سأتزوجك برضاك بعدمه سأتزوجك، سأعلمك فنوني الخاصة وستكونين تلميذتي النجيبة، برضاك او بعدمه سأتزوجك، احترق يا امرأة وانا اراك قريبة ولا استطيع لمسك كما اريد
رفرفت بأهدابها عدة مرات وهي لا تصدق هذا الرجل، أي زواج هو الذى متأكد منه
هى رافضة ووالدها رافض، كيف سينتزع موافقتها رغما عنها وابيها تعلم لن يزعزعه شيئا أن رفض، لتقول بمعاتبة
– سرمد
ربت سرمد على نبضات قلبه الهادرة والجو يزداد سخونة وهى لوحدها بركان نشط يكاد يقضي عليه ليغمغم بنبرة فقدت سيطرته
– اشتهي عناقا يفلت جميع تعقلنا وليذهب الآخرون للجحيم، لا أهتم سوي ان اشعر بك معي وبجانبي
وضعت شادية يدها على شفتيها وعينيها متسعتان بجحوظ لترتد عدة خطوات للخلف قائلة
– انت وقح
ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه وهو يرمقها بحرارة شديدة جعل شادية تجلي حلقها وهو يهمس بصوت كاد يطيح بصوابها
– بل افكر بصوت عالي بما ارغبه وبما سأحققه
عضت باطن خدها بيأس شديد لتخمد أى فرحة غبية تنتشر فى أوردتها قائلة
– لكنني لا ارغب، سرمد ارجوك اسمعني انا لست كما …
قاطعها بحدة شديدة
-اصمتي .. اصمتي حبا بالله وغادري
رمشت بأهدابها عدة مرات وهى تغمغم بعدم فهم
-ماذا ؟
ضرب بكف يده على سطح الفراش بحدة اجفلت شادية لترفع عينيها إليه وهو يقول بصعوبة شديدة
-غادري كي لا تخرج وحوشي وستكونين انتى الوحيدة الملامة
توقع سرمد أن تقفز فزعا هاربة منه الا ان هدوئها المريب وعدم إتيانها برد فعل مناسب جعله ينظر إليها باستنكار شديد ليراها تسأله بهدوء
– هل ستفعلها؟
كاد ان ينفجر ضاحكا واخيرا البرتقالية فهمته وبدأت تجاريه .. ظن بعد تلك الأيام لا تفهمه كما يفهمها هو، هو وعد الرجل .. لن يقترب منها بأي سوء قد يمسها .. عاد يرفع عينيه وهو يتأملها مليا
هل بكت كثيرا من أجله؟ هل حقا تأثرت بمرضه؟ … عينيها المنتفختين من الدموع هل يعود لسببه أم هو سبب ثانوي؟
اسئلة حمقاء تجول فى رأسه ولا يعلم ذلك التملك الذى بداخله ينمو بطريقة بشعة بداخله بسببها، زفر بحدة وهو يسألها بخشونة
– هل آذاك؟
تحت نظرتها الصادمة فى البداية ثم ترددها بالاجابة عليه، جعله يزفر ساخطا وبدأ غضبه يزداد ناحية قتل ذلك القذر بيديه… سيفعلها .. ولكن لن يطيل الموت بسهولة
سيجعله يترجاه
سيجعله يفكر كل مرة قبل الاقتراب منها، عاد يكرر سؤاله بإلحاح شديد
– هل لمسك؟ تحرش بك؟، ضايقك بلمساته القذرة
رمشت شادية أهدابها عدة مرات محاولة التهرب منه قائلة بصوت متحشرج
– سرمد لا داعي انا….
قاطعها بعنف شديد وقد انتفخت اوادجه سخطا وبدأت حممه اللاهبة تقذف فى وجه المسكينة
– أجيبي واللعنة
ارتعد جسدها نتيجة ظهور مارده لتحاول طمئنته قائلة بارتجاف
– لقد .. لقد انقذني غسان وصديقك سيد، لولاك ربما ما استطعت النجاة منه
الى متى لن تحاول التملص منه والكذب، أدار بوجهه للجهة الأخرى ليصيح بأمر قاطع
– غادري
رمشت شادية أهدابها عدة مرات، لا تصدق انه يطردها من غرفته بطريقته الفظة ليكرر الحاحه لها مرة اخرى
-الان شاديااه، لا اضمن نفسي لدقيقة أكثر
ازدردت ريقها بتوتر لتسحب حقيبتها وهي تلقي إليه نظرة أخيرة هامسة بصوت خفيض
– كن بخير
ارتسمت ابتسامة باردة على شفتيه رغم اشتعال حدقتيه لينظر إليها بتفحص قائلا
-سأكون بخير ان وافقتِ، سأحاول أن آتي الى منزلك مع عائلتي لتتعرفي عليهم
لم تملك سوى أن تبتسم وتحاول الخروج من الغرفة بأقصي سرعة، فتحت الباب لتتفاجئ بحركة غير طبيعية أمامها وشخص يفر بسرعة يلاحقه سامر وعلى وجهه ارتسمت تعابير الغضب، لتنظر بريبة محاولة فهم ما يحدث، ظلت تبحث بعينيها عن ابيها او شخص تعلمه لتجدغسان وهو يحاول يلحق الآخر لتستوقفه قائلة
– فيه ايه
سارع غسان متحدثا بسرعة عن ضرورة ذهابه قبل ان يموت الرجل، حاولت أن تستفسر عن أي رجل يتحدث إلا أنه اختفى ببساطة من أمامها، لتهز رأسها بيأس لتتقدم خطوتين للأمام إلا أن صوت ساخر صدح بصوت مرتفع
– بيقولوا مسكوا صحفي اجنبي عشان صور سرمد معاكي
ارتدت خطوة للخلف ورفعت برأسها تنظر الى ابيها الذى ينظر اليها بحدة وغضب تتفهمه، لتجلى حلقها بتوتر شديد لتفرك يديها قائلة
– اناا !!!، ليه ؟
اغمض معتصم جفنيه لثواني قبل ان يفتحه وهو ينظر الى الاتجاه الذى ذهب منه الشابين لاحقين الصحفي الذى لا يعلم اين كان يختبئ ليغمغم
– واضح مفيش فايدة
اشار لها بالتحرك لتسير بقلق وهي تخشى سؤال والدها عن ماذا سيحدث مستقبلا!!
ماذا ستقول له.. إن الايطالي يجبرها جبرا على زواج سيكون فاشلا بالنهاية!!
أو لعلاقة مؤقتة لن تدوم مطولا !!!
ماذا ستفعل وتلك المرة علق قلبها ولن تستطيع الفكاك منه إلا أن طالب هو !!
****
في مشفى آخر،،،
قلبت اسيا عينيها بملل شديد وهي تدقق النظر الى ساعة رسغها، غير مصدقة تماما انها تلقت مكالمة من خادمة تخبرها ان وجد فقدت وعيها ولا يوجد احد فى القصر وحينما هاتفت وحينما اتصلت بمن يرأس اعمال العائلة اخبرها عن ضرورة وجود زوجة لؤي بالقرب منها حتى يأتي للمشفى، والخادمة اخبرتها ببساطة أنها لم تخبره عن عدم وجودها فى المنزل فى ذلك الوقت تحديدا
كم هي حنونة تلك الشيطانة الخبيثة، ستريها تلك الحقيرة التى تجرأت بكل صفاقة قائلة إنها لا تريد إفساد علاقتهما الشائكة، والله لا تصدق انها حتى الان تتلقى نصيحة من خادمة !!!
بل لا تعلم من اين حصلت على رقمها، كلا ليست الخادمة
بل وجد … اللعنة … لقد اعطتها رقمها، تبا بدأت تشعر أنها تصيب بالخرف في هذا العمر، ضيقت عينيها الزرقاوين وهى تنظر الى الطبيب الذى انهى عمله بمهنية ولم يستطيع الصمود امامها وهو يرفع عينيه بين كل ثانية والاخرى إليها معجبا بما يراه
هزت رأسها بضجر، لتجلس على أقرب مقعد تنظر بجفاء شديد نحو الطبيب لتشتعل عيناها حينما تجرأ ان تتحول نظراته المستحسنة الى جريئة سافرة مما جعل الطبيب يجلي حلقه بتوتر، مغمغما ببعض الأشياء التي لم تفهمها … لتصرخ في وجهه أن يخبرها ان كانت بخير ام لا
والطبيب لم يستطيع سوي ان يفك ربطة عنقه مجيبا اياها انها بخير، لتصرفه بفظاظة شديدة، ولم تنسي أن تلعنه بنظرات عينيها
الوقح ماذا يظنها … انها ستدعه يتغزل بمفاتنها وهى لها هركليز خاصتها يستحق ان يتغزل بها وهى كلها له… خيم الحزن فى مقلتيها الزرقاوين وهى تتذكر رفضه المستمر لأي علاقة زوجية دافئة، لافظا اياها فى كل مرة وهى تهم بالاقتراب منه، بل تغويه وتغريه
بالله لا تعلم كيف يحافظ على رباطة جأشه ليجعلها تتزوج برجل ذو مشاعر متحجرة، اين ذهب ذلك الرجل الذى تزوجته سابقا
ملئ بالمشاعر الدافئة العميقة، مثيرا عواطفها الانثوية، قادرا على اصابة مشاعرها بالتخمة لتنفض أي ذكرى لذلك الرجل الصخرة خاصتها لتنظر نحو وجد بملامح وجهها الشاحبة
لتقترب منها متسائلة اياها
-انتي كويسة
اومأت وجد برأسها مغمغمة بصوت أجش
-مش الدكتور قال هبوط، يبقي كويسة
ثم سقطت عيناها نحو ثيابها السوداء المكونة من تنورة سوداء جلدية وفوقه بلوزة سوداء من خامة الحرير، لا تعلم كيف استطاعت ارتداء نوع ذلك الثياب فى هذا الوقت ولتكتمل هيئتها الصارخة بأحمر شفاه نبيذى لتميل برأسها تتفحصها بدقة لتسألها
-كنتي برا مش كدا
هزت آسيا رأسها مجيبة اياها
– ايوا بس محستش بالوقت
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي وجد لتنظر الى يدها المعلقة بمحلول لتنظر اليها بنظرة جعلت اسيا تخشي منها
تعلم تلك النظرة منها
نظرة تعري وتجرد كل اسلحتها واقنعتها التى تحتمي بها عن أعين الجميع، أجلت آسيا حلقها حينما غمغمت وجد بهدوء
– تسبيح بنوته ظريفة وذكية جدا، ربنا يحميها
ألم تخبركم قبلا ان تلك الفتاة لا يجب الاستهانة بها مطلقا، لا تعلم من أين تعلمت ان تخلط البراءة والمكر الشديد الذي تراه ولا يراه شخص آخر غيرها، ليتعالا رنين هاتفها مما جعل وجد تنظر بضعف نحو صاحب الاتصال، وكيف لا تعلمه وهى قد خصصت له رنة مميزة لتنفجر آسيا تضحك بسخرية
– مش مستاهلة انك مترديش عليه
هزت وجد وهي تتنهد بألم، لا ترغب أبدا باثارة قلقه ولا جنونه وهى أكثر من تعلم مراحل جنون عاصي ليحاول تهذيبها كي لا ترعبها مطلقا، لتهمس بصوت خفيض
-لما ابقي كويسة هبقى ارد
صمتت اسيا ولم تحاول حتى مبادلة الحديث معها، ووجد لاذت بالصمت هى الاخرى لتغلق جفنيها محاولة السيطرة على عدم البكاء
منذ مغادرة عمتها وهى تشعر ان البيت ينقصه وجودها، تعلم انها لا تكف عن التذمر وتصحيح اخطائها والتعليق على اشياء تافهة جدا، بل وحرصها الدائم على ظهورها في أي حدث يخص الجمعية الخاصة بها التي تترأسها، إلا أنها تفتقد وجودها
هى من  ربتها، ولن تستطيع اغضابها ولا الزواج حتى من دون موافقتها
رغم كل شئ، ورغم ما قالته مهينة عاصي وجدته ورغم انها حقا كرهت تفكير عمتها الضيق، لكن … كيف .. كيف تقابل المعاملة الحسنة بجفاء شديد
كيف سيبارك الله بعلاقتها مع زوجها ومن ربتها وتعتبر والدتها ناقمة بشدة وليست راضية، بل غادرت غاضبة، لكنها لن تحاول الاتصال بها
لا لا … لن تبادر بأي شئ حتى تعلم أنها لم تعد صغيرة، وتفكيرها ليس هوائي
تستطيع التفكير كأي شخص ناضج صاحب بصيرة، لكن لو تتوقف عن النظر إليها كصغيرة ودمية تخشي عليها … لربما تفهمت عاصي وقبلت به !!!
أفاقت وجد من شرودها على صوت جدها المذعور بأسمها
– وجد
نظرت الى جدها بضعف لترفع ذراعها طالبة حضنه الدافئ قائلة
-جدو
سارع الجد نحو فراش حفيدته ساحبا اياها فى عناق ابوي طلبته الصغيرة ولم يستطيع رفض طلبها، انفجرت فى البكاء وهو يتنهد بقلة حيلة، انتبه على وجود آسيا ليعقد جبينه إلى ثيابها التي لا تتماشى مع طقس اليوم بل ولا حتى ثياب صباحي، ليهز رأسه بيأس شديد مربتا على ظهر وجد قائلا بقلق
-كدا تخضيني عليكي يا وجد، صحة جدو مش زي زمان
غمغمت وجد بصوت خفيض وهى تميل مقبلة خد جدها قائلة
– ربنا يخليك ليا يا جدو
راقبتهما آسيا من على بعد دون المشاركة في حديث، كشبح صامت ينظر إليهما، اغرورقت عيناها بالدموع وهي ترى لهفة العجوز نحو الحفيدة التى تبدو بصحة جيدة دون أن يصيبها شك دبوس
واين كان هو حينما كانت تهيم فى شوارع وازقة بلدتها !!! تحاول محاربة الظروف القاسية لحماية عائلتها التى للأسف انهارت مقاومته، لتغمض جفنيها وهى تزيل تلك الدمعة التي انزلقت رغما عنها لتنتبه على صوت العجوز مناديا اسمها
– آسيا
رفعت رأسها وهى تنظر اليه بجرأة وغضب جاهدت فى اظهاره الا انها فشلت
اللعنة .. لما تضعف
لما تضعف، وهى يجب ان توجه كرهها وحنقها وثأرها ناحية ذلك العجوز لتراه يتحدث بدفء إليها
-جوزك هتلاقيه برا يا بنتي
ابتسمت بجفاء شديد لتقترب منهما تهز رأسها لتنظر الى هاتف وجد الموضوع باهمال على المقعد لتميل ملتقطة اياه بخفة شديدة مغادرة الغرفة، حاولت الابتعاد أقصى درجة عن الغرفة لتتفاجئ باتصال ملح من الرجل الذى يبدو أنه لم ينفذ صبره بعد لتلتقط الهاتف مجيبة اياه ببرود تكاد تحسد عليه
– الو .. لا وجد تعبانة للأسف ومش هتقدر تكلمك
ألقتها ببساطة فى وجه الرجل الذي استشعرت أنه يحاول المحافظة على هدوئه وهو يسألها عن بعض التفاصيل ان كان يستطيع زيارتها، لترد عليه ببرود أشد
– لا للأسف احنا  فى مستشفى ****، انا مين !!!.. انا ابقي آسيا
لم تحاول اضافة اي تفصيل او تعريف اكثر توضيحا عن علاقتها بها لتغلق المكالمة بهدوء واضعة هاتفها فى حقيبتها، ستشكرها لاحقا الفتاة وستكون مدينة لها
التفتت يمينا ويسارا قبل ان تنظر الى ساعة يدها، وقد اطمأنت انه لا اثر للهركليز خاصتها  لتنطلق نحو ميعادها المتأخر بعض الشئ الا انها ذعرت حينما وجدت من يوقفها قائلا بصوت اجش صادرا من خلفها
– بتكلمي مين
اغمضت آسيا جفنيها تحاول السيطرة على هدوئها ومتابعة طريقها متجاهلة اياه، وتحركت خطوة واحدة والخطوة الثانية أمسك رسغها بقوة المتها ليسحبها بقوة ليرتطم ظهرها اللين بجسده الصلب مما جعلها تكتم تأوه خافت وصوت لؤي يخرج عن طور هدوءه
– آسيا
التفتت اليه برأسها تنظر الي عينيه العميقتين المشتعلتين  لتهمس ببرودة اعصاب
– اعتقد انت اكتر واحد ملكش أي احقية تسأل عليا عن اذنك ورايا مشوار
رفع لؤي حاجبيه ونبرة صوتها لم تعجبه مطلقا ليهسهس بنبرة محذرة
– اسياااا اتقي شري
انفجرت ضاحكة بسخرية وهى تنظر اليه بجفاء وعينيها تقسو لتهمس بحدة
– محتاجة اروح مشوار يا لؤي، سبني شوية .. فيه ايه دلوقتي عايز تطلع عقدك عليا
كما توقع، الهانم توقعت انها تقيم فى فندق من خمس نجوم لتخرج وتعود على راحتها دون علمه ولا استئذانه حتي، العيب على وجد التى شجعتها على التمرد فى البداية، لكن ليست مشكلة
سيصلح كل هذا
ضغط أنامله بقوة على رسغها لترفع هى حاجبها الانيق بمكر لتهبط عيناه ناظرا الى ثيابها السخيفة فى هذا الوقت من النهار ليقول بصوت حانق
– رايحة فين
اجابته ببساطة شديدة وهى تنظر الى ساعة يدها
-اشوف شمس، بقالي فترة مشوفتهاش
ضيق عينيه محاولا تذكر الاسم الذى يظن أنه يعرفه سابقا، لكنه لا يتذكرها لتغمغم بحدة
– بنت مارية يا لؤي
اتسعت عيناه بإدراك وهو يحاول التفكير
أليست شقيقتها تزوجت بابن السويسري.. ووالد شمس يكون صاحب فنادق الغانم
جحظت عيناه وهو يتذكر سمعة ذلك زير النساء، ليهبط ببصره سريعا الى ثيابها، هل هو غبي ليتركها تذهب ببساطة إليه عرين الاسد بمفردها
إلا أن اسيا كانت بعيدة كل البعد عن حالة لؤي الغاضبة، تبدو فى حالة من الحنين الشديد والاشتياق لتلك الصغيرة التى ربتها واعتنت بها جيدا كي تصبح بصحة جيدة
لن تنكر أن الأمر لم يكن بتلك السهولة، من بكاء الصغيرة الليلي ومارية التى فى ليلة تتقبلها وليالي آخرها ترفضها لتلجأ الى حليب صناعي الا ان الطبيب حينما نصحها عن ضرورة حليب الام، عنفت مارية بشدة بل واجبرتها على رضع الصغيرة من حليبها لتوافق مارية على مضض، ورغم حنق مارية وهى تشعر انها تبدو كنسخة صغيرة من والدتها التي اندفعت في حالة حب هوجاء لتخلف بعدها بذرة علاقة محرمة تشبه حالة والدتهما التى رفضت عائلته ضمها إليهم… دموعها سالت رغما عنها مما جعل لؤي ينتبه الى دموعها الحقيقة وقشرتها الصلبة تتفكك بسهولة شديدة وهى تهمس بتحشرج
– ربيتها وشيلتها على ايديا لما مامتها ولدتها، انا ربتها وسميتها باسمي بس واضح ان الحاجات الحلوة مبتكملش للاخر
لا تعلم ان كان لؤي يعلم عن ما عاشته سابقا وقت اختفائها تحديدا ، مدت يدها الى خديها لتزيل دموعها وهى تهمس بقهر شديد
– للاسف ابوها اخدها
لكن المنطق والعقل لم يكن حاضرا فى لؤي الذى هزها من ذراعيها قائلا بخشونة
– عايزة تروحي لشقة راجل غريب عنك، انتي اتجننتي
تملصت منه آسيا بصعوبة صارخة في وجهه قائلة
– بقولك ايه متزعقش في وشي
تفاجئ لؤي من عنف اسيا الغير المبرر، لينظر يمينا ويسارا محاولا البحث عن مكان هادئ بدلا شجارهم امام العلن، دفعها الى غرفة مفتوحة واسيا تحاول الفكاك منه الا انه امسكها من عضديها فى نهاية الأمر دافعا بجسدها نحو الغرفة واغلق الباب خلفه ليصرخ فى وجهها
– ازعق في وشك، انتي تحمدي ربنا انك سليمة قدامي وبتتكلمي معايا، لا وبتجادليني
صمتت آسيا لبرهة من الوقت ولكن عينيها تحكي عن جحيم اخر، تحاول السيطرة عن لسانها كي لا تندفع قائلة بشئ لا يحمد به لتجز على أسنانها قائلة
– حتى دى هتمنعني عنها يا لؤي ، ما تقتلني يا لؤي وتريح العالم مني
كاد ينفجر فى وجهها هادرا الا ان بدأ يتدارك شيئا لم يكن يلاحظه قبلا، عقد حاجبيه بضيق محاولا قراءتها … ليغمغم بغموض
– عشان كدا بتقربي مني
اتسعت عينا اسيا بصدمة وقد تفاجأت بعض الشئ من كلمة التقارب لتزمجر بحدة قائلة بتحذير
– لؤي
تحذره من التمادي وهو ينظر اليها بمكر شديد لم تعتاد عليه مطلقا متابعا بسخرية
– عايزة تحملي بطفل مني
احتقن وجهها غضبا وزمت شفتيها بضيق تام لتحاول الخروج من حصاره الذي بدأ يسقطها بداخله لتنطق بتهور شديد
– لو انت رافض اقدر اخده من ….
صرخت بفزع حينما وجدت يد لؤي ارتفعت ليهم بصفعها لتتراجع عدة خطوات وهى تنظر اليه بقلق بدأ يتملك منها
ملامحه الصارمة وجسده الضخم تقسم أنها رأته ازداد ثلاثة اضعافا مما جعل مساحة الغرفة تزداد ضيقا، والاوكسجين يتناقص تدريجيا من الغرفة لتحاول السيطرة على نبضات قلبها الخافقة وهي تري يده حتى الآن عالقة فى الهواء ليسقط يده وهو يقترب منها وعينيه تنوي شرا لم تستطيع ان تستأمنه أكثر على نفسها وهو فى حالة فقدان سيطرته
صرخت بفزع حينما قبض بيده على مقدمة ثيابها ساحبا اياها لتلتصق بصدره العضلي، عينيها الزرقاء تموج بأمواج جارفة .. تبتلع كل ما تقابلها إلا أن ما لم تقدر على ابتلاعه هو العاصفة المنذرة بعينيه ليزداد من حالة الجو سوءا ولؤي يغمض جفنيه محاولا السيطرة على مشاعره ليهدر بصوت اجش لينقر بإصبعه على رأسها بخشونة
– اتكتمي خالص، ده ايه مبيفكرش
عاد ينقر على رأسها بقوة جعلها تتأوه بألم وهو يكظم غيظه، يعلم أن ما تقوله مجرد كلام أحمق
لكن عقله اللعين يتخيل، يتخيل أن ما يحل له سيصبح لغيره، وهذا فى حد ذاته يكاد يفقده عن طور هدوئه
ان كانت تفعل هذا لتستفزه .. فهى نجحت بالفعل، صاح محذرا وعيناه تخرس تمرد طفيف منها وهو يمسك شفتيها المكنتزتين بقسوة
– خلي ده يفلتر الكلام لان قسما عظما هتلاقيني في يوم كسرت صف اسنانك اللي فوق عشان تخافي تفتحى بقك بعد كدا
تأوهت اسيا بألم شديد تجاه شفتيها الحساستين وهو يضغط عليهما بعنف، لتزيح يده عن شفتيها متأوهة بتوجع وهي تقول بحدة
– اقدر اركب طقم سنان مش مشكلة
تأمل وجهها الذى اجرت به بعض الجراحات التجميلية ليزفر بسخط وهو يغمغم بابتسامة ساخرة
– هعملك عاهة مستديمة تحرم اي جراح يلعب فى وشك
حدجته بنظرات مميتة لترفع رأسها لامسة شفتيها متوجعة من قوة سحقه لشفتيها الحساستين بأنامله لتجده يجذبها بقوة استنكرتها وملامح وجهه المتجهمة جعلتها تنظر إليه بصدمة
– ردي علياااا، بتقربي مني عشان عايزة تحملي منى ولا لأ
الوقح هل سيتهمها الان بالأنانية لانها فكرت للمرة الأولى بحياتها، وما يسعدها…. فضلت عدم الاجابة لتراه يشدد بقسوة على ذراعيها صارخا فى وجهها لتصرخ هى الاخرى فى وجهه هادرة
– ايوا .. عايزة بيبي يا لؤي استريحت .. مش من حقي دايما اخد شمس وخصوصا ان ابوها كائن غبي ومعقد، فيها ايه لما يكون عندي بيبي اهتم بيه
اختنقت انفاسها وتحشرج صوتها وبدأت تشعر بالتنميل يسرى مجرى أوردتها، زاغت عيناها متذكرة اخر مشاجرة مع شقيقتها، لقد سحب منها البساط ببساطة ولم تعد مسؤولة عن شمس، ترقرقت الدموع من عينيها وهى تحاول السيطرة على مشاعرها
وخصوصا أمام عينيه المتفحصة لتسمعه يسألها
– عايزة بيبي يا آسيا
اندفع الغضب يزأر بقوة داخلها ووحوشها الداخلية التى تحاول ان تسيطر عليها على وشك فقدان سيطرتها أمامه لتشيح برأسها قائلة بتهكم
– برضو بيسأل
زفر لؤي بسخط وهو لا يصدق انها غبية لتلك الدرجة، ليست حمقاء لكن يبدو ان مشاعرها جعل عقلها يتوقف عن عمله، ليهزها بحدة وهو يقول بحدة
– انتي فاهمة اقصد ايه
رفعت عيناها تنظر إليه محاولة أن تفهم الى ما وصل إليه عقله، اتسعت عيناها بجحوظ لتهز رأسها بنفي قاطع
لا لا … لا يعني أنها ترغب بطفل منه أنها ستظل فى ذلك القصر الأشبه بالسجن تقابل يوميا قاتل أبيها لتهمس بنفي قاطع
– لو قصدك اني هفضل فى القصر مش هقدر يا لؤي
هم بالصراخ فى وجهها والدخول لثاني شجار معه مما جعلها تهمس بألم
– صعب اعيش في نفس مكان بابا مات فيه بحسرته وكان بعيد عننا
انقبضت معالم وجه لؤي  وهو يشعر أنه عاجزا عن مساندتها، بل واسعادها
رغم أنه يرغب فى أحيان لقتلها بيده العاريتين، إلا أنه يتفهم تخبطها.. خلع سترته ووضعها على كتفيها ورغم ان تنورتها قصيرة بطريقة تشتعل بها غضبه، إلا أن جواربها السوداء السميكة حددت فتنة ساقيها ليتغاضي ذلك اليوم على تلك التنورة، وغدا .. غدا سيحرق جميع ثيابها.. فتح باب الغرفة واندفع مغادرا معها ليقول بصوت هادئ أثار حفيظة آسيا
– مش هقدر اوديكِ عندها دلوقتي، بس وعد هتصرف فى الموضوع حاليا عندي شغل
حدق نحو سترته التي تحاول خلعها ليزجرها بعنف وهى تقف بتأفف شديد، ارتفع رنين هاتفه لينظر الى صاحب الاتصال قائلا فى وجهها
– اوعك تتحركي من مكانك، فيه حاجات محتاجين نوضحها لبعض
عقدت آسيا جبينها بريبة، هل تلك امرأة تهاتفه … لذلك ابتعد عنها !!!
ماجت زرقة عينيها بجنون شديد والغيرة القاتلة تكاد تفتك بها حية، همت بالتحرك ومراقبته لتتراجع في آخر لحظة حينما قدمت نسخة عضلية مصغرة عن هركليز خاصتها متوجها ناحية غرفة وجد والقلق يحفر معالم وجهه، لترسم بسمة شقية وهى تربت على حقيبتها
ستشكرها تلك الماكرة يومًا حتى وإن أنكرت !!
……
يهيم في الطرقات بحثا عنها بعدما تلقى خبرا بالفاجعة
الاميرة مريضة ، الاميرة تعاني بعيدا عنه وهو يواجه وسواسه اليومي بشق الأنفس حتى كاد أن يستسلم لوساوسه يوما!!!
ظل عاصي يبحث في أروقة المشفى الذى يزداد توسعا كلما دخل رواق لينبثق منها عدة أروقة مختلفة، كأنه فى متاهة لا نهاية له منها !!!
زفر براحة واجبر قدميه على التوقف قليلا لينظر الى الغرفة التي تقبع فيها اميرته، ليزداد ضربات قلبه خفقانا وتلك المرة لم يتحكم بعقله سوي ان يركض نحو غرفتها ولسانه ينطق بأسمها
-وجد
شهقة خفيضة خرجت من شفتي وجد التى تمسح دموعها العالقة على وجنتيها لتتسع عيناها ذهولا هامسة
– عاصي
تغلبت عليه عواطفه واندفع مقتربا منها ليجلس بالقرب منها الا ان استمع الى صوت نحنحة خشنة جعلت عاصي يلتفت برأسه ليرى جدها جالسا على المقعد المجاور للنافذة مما جعل أذنيه تحقتنان خجلا ليجلي حلقه قائلا
– اهلا بحضرتك يا غالب باشا
توردت وجنتي وجد وهي ترى نظرات جدها التى تحولت للمكر، مما جعلها تنكس رأسها محاولة تفادى نظراته الثاقبة، استشعر غالب بالاثنين الذين يتصرفان بخجل لا يبدو أنه من شيمهم .. مما جعل شفتيه ترتسم ابتسامة دافئة وهو يرى حفيدته التى يبدو ان شحوب وجهها اختفي كليا بوجود الرجل، اقترب من عاصي قائلا
– غالب باشا ايه يا ولد.. انا فى مقام جدك وانتي هتبقي جوز حفيدتي قريب، ولا غيرت رأيك
حاول عاصي التحكم فى لهفته، ليقع عيناه مطولا عن وجد التى تنكس برأسها كالنعام الذي يدفن رأسه في الرمل، راحة تغلغلت صدره وهو يجيبه
-غيرت ايه بس، ده انا مش مصدق اليوم اللي هتتنازل الاميرة وتتجوزني
عضت وجد على باطن خدها وهى ترفع كفها مهدئة جنون قلبها اثر كلماته، الدموع بدأت تشق طريقها دون رادع او توقف لتسمع جدها الذى يهتف بمزاح
-حيلك حيلك يا حفيد تحية، العروسة مش قد كلامك
التفت عاصي نحو وجد الذى لم يرى منها شيئا سوى كومة من الشعر، لينفرج عن شفتيه ابتسامة هادئة مما جعل غالب يقول بجدية
– هنستناك انت وتحية هانم يوم الخميس عشان تتفق علي التفاصيل
اتسعت عينا عاصي بدهشة وتوقف متخشبا في مكانه مما جعل غالب يتفهم الصدمة التي أثرت عليه قائلا بهدوء
– هشوف الدكتور اذا نقدر ناخدها البيت ولا لأ
تفهم عاصي الرجل وهو يطلب منه مغادرة الغرفة، القى نظرة اخيرة وهو يغمغم نحو غالب ولم يخفي الاحباط فى صوته
– اتفضل اجي مع حضرتك
كاد غالب أن ينفجر ضاحكا، لمعت عيناه بفخر شديد للرجل الذى سيسلم له حفيدته الغالية، والتي سيطمئن عليها أخيرا مع رجل يستحق مراعاتها كما تستحق، القى نظرة نحو ساعة يده … حسنا لن يضر الآمر لو اعطاهم خمس دقائق بمفردهم وترك الباب مفتوحا وبقي هو بالقرب !!
لن يضر الأمر، والرجل من البداية لم يرغب ان يختلي بها، هز رأسه بتفهم قائلا نحو عاصي
– لا اقعد هنا يا ابني، انا واثق فيك
تنهد عاصي ولا يعلم كيف يشكر الرجل امامه، ربما لن يستطيع تهدئة الشياطين فى داخله وهى حتى الان تبتعد عنه بل وتنأى بنفسها واضعة الكثير من العراقيل امامه، وهل تظنه احمق ليبتعد عنها
بل سيظل يحاربها، ويحارب الشئ الذى ظهر فجأة أمام حياتهم، نظر بامتنان نحو غالب الذى اضطر يغادر الغرفة لفترة قليلة، زفر عاصي وهو يسحب مقعدا بجوار فراشها ليقول بصوت معاتب
– ينفع تتجاهليني الايام اللى فاتت دي ، لا وتخليني اقلق عليكي
نظر عاصي بقلق الى تشبثها الرافض بعدم رؤيته لينادى اسمها بقلب وجل ، لتتسع عيناه برهبة وهو يراها تنفجر فى البكاء وجسدها يختض بعنف هامسة بتحشرج
– انا اسفه
جلس بالقرب منها محاولا لمس ذراعيها وتهدئة ذعرها ليقول بنبرة حاول أن يبث بها برودا
– مالك
لما دائما يكون حنونا معها، بل ومراعي جدا لها، هذا الامر زاد من حالتها سوءا لتحاول ان تبتعد عنه كي لا تنفجر باكية بين ذراعيه، ابتلعت غصة كالحنظل وهى تهمس
– عاصي انا اسفه
نظر اليها بقلق ولا يعلم لما يشعر أن القادم سئ، سئ للغاية ليهمس
– فيه ايه
قوليها مرة واحدة امامه يا وجد
لا تجبني
هيا .. واحد .. اثنان .. ثلاثة، وأطلقت الرصاصة لتستقر في قلبه
– مش هقدر اتجوزك يا عاصي
****
فى قصر السويسري،،
انفجرت جيهان فى وجه لولو بحدة قائلة وهى تربطها فى البانيو الذى اشترته منذ عدة ايام من موقع خاص لمستلزمات القطط، مع بعض الأودية للعناية بصحتها بالطبع لم تنسي الطبيب البيطرى ليعاين صحتها كل فترة …هذا كله ما كانت جيهان لتفعله لولا فقط كسر الملل فى هذا المنزل الذي ظلت ترابطه لأكثر من عدة أشهر توقفت عن سفرياتها التي أعلن وقتها معتصم باشا قلقه منها
ثم دراجتها النارية القابعة في المرآب، واعلان الأب عن رفضه لأي مشاركة مجنونة في السباق
ولا ينتهي الأمر لهذا الحد … بل عملها الذي قضت فيه سنوات عديدة تعطي حياتها لحفنة مشاهدين أثبتوا لها أن معظمهم حفنة من القذارة فقط، خسارة أنها وهبت حياتها لهم
ولن تنسي زملائها … لا بل منافسيها فى العمل !!!
اللعنة … تطبيقات التواصل الاجتماعي حولت الجميع لوحوِِِش، شهقت بذهول حينما تحركت لولو بعنف فى حمام البانيو الصغير الخاص بها مسببا بها الانزلاق لتجز جيهان على اسنانها صارخة بيأس
-يا لولو اهدي
استقامت من جلوسها المسبب للاحراج وتقدمت لتركض خلف الشقية التى جعلتها تبدأ بالاهتمام بالجميع، بداية من فريال الواشكة على الولادة … لولا جنون والدها لقضت الأيام الأخيرة في قرية الغانم، بالطبع سيوجد نشاطات مختلفة عكس هذا المنزل الذي بدأت تعلم اعداد اضاءات الإنارة في جميع الغرف !!
هبطت اسفل فراشها لتنظر الى لولو التى تبتعد لاقصي درجة كي لا تمسكها جيهان مما جعل جيهان تصيح بتحذير
-مش كل مرة نفضل نعمل الموال، يالا تعالي هنا نكمل استحمام ونحط الدوا
امام اصرار امتناع القطة من التحرك ولو انش واحد جعل جيهان تنظر اليها بشرز قبل ان تجلب علبة تونة صغيرة الموضوع على طاولة زينتها … نعلم لا حاجة الآن للتعجب، نص طاولة زينتها تحولت لأدوية وكتب خاصة للقطة بل ومنتجاتها للعناية بها وطقم عدة خاص للعناية بفرائها….. والخ، تعلم مدي عشق الصغيرة لها ، ابتعدت عن الفراش وجلست أرضا تخبط بعلبة التونة على الأرضية لعدة مرات .. تعلمت تلك الحيلة من عدة جروبات خاصة العناية بالقطط … ولم يستغرق الأمر سوى عدة دقائق إلا والقطة تهجم علي التونة تمسك بالعلبة محاولة بفتحها مما جعل جيهان تبتسم بظفر وهي تمسكها بأحكام جارة إياها نحو الحمام قائلة بيأس
– يادي النيلة، دماغك ناشفة زي صاحبتك
تعالى رنين هاتفها مما جعلها تنظر الى لولو التى تموء بضعف شديد جعلها تنظر اليها بحزم شديد وهى تلتقط هاتفها الموضوع على الفراش لترد على الاتصال بقلة تهذيب اعتاده الطرف الآخر
– خير
انفجر وسيم ضاحكا وهو يلاحظ انه قاطعها لعمل هام، نظر إلى المخرج الذي يستعجله لانهاء مكالمته الا انه اشار اليه بخمس دقائق اضافية حتى يعود من الفاصل الإذاعي الخاص به، سألها بمشاكسة
-بتعملي ايه
كادت القطة تهرب منها الا انها احكمت بالقبض عليها وهي تتوجه بها ناحية الحمام لتجففها لتقول بحدة
-بحمى قطة شادية
انفجر وسيم ضاحكا وزرقة عيناه تلمع ببريق خاص لا يراه احد سواها، والغبية تخبره ان عينيه باردتين، واللمعة بزرقة عينيه تخبرها انه اشبه بمصاص دماء وجد طريدة سهلة يوشك على التهامها
رغم انها اخبرته الأمر على سبيل المزاح، لكنه حقا كان على وشك التهامها في أوقات يفقد بها سيطرته معها، رغم أن التشبيه مبالغ بعض الشئ
لكن لا بأس أن يصبح مصاص الدماء خاصتها، لطالما كادت تفقد عقله في وقت مراهقتها بمسلسل احمق يتحدث عن مصاص وقع فى حب انسانية واشياء  حمقاء من هذا القبيل !!
لكنه تنحى عن كل شئ وهو يرى أن الوقت سينقضي وهو يفكر في الماضي ليقول بتسلية
-بتخاف زي صاحبتها من الماية
استمع الى صيحتها المحتقنة صارخة فى وجهه
– مش نقصاك يا وسيم دلوقتي، عايز ايه
زفر وسيم بيأس وهو يغمغم ببعض الضيق
– عمي معتصم مش بيرد عليا .. بكلمه كتير مش بيرد
تنهدت جيهان وهي تطلق سراح القطة لولو التى قفزت خارجة من الحمام لتسارع القفز نحو علبة التونة مما جعل جيهان تخرج من غرفتها وقد تملكها القلق تجاه والدها
– يمكن نايم .. ثواني هشوفه
توجهت نحو غرفته منادية اياه بصوتها العالي، تعلم أنه يستفز والدها
لكن اي شئ تشق صمت بيت الاشباح الذى تسكن بداخله
– بابااااا
وجدت غرفته فارغة، لتتوجه نحو غرفة مكتبه لتسمع صوته متحدثا بصوت خفيض ورغم فضولها لمعرفة ما يحدث داخل تلك الغرفة، خصيصا انها استمعت الى صوت شادية إلا أنها تراجعت عدة خطوات قائلة
– بابا مشغول، ثم انت عايز منه ايه
تنهد وسيم وهو لا يصدق فظاظتها وخصالها التى لم تستطيع تهذيبها حتى الآن، لتلمع عيناه بخبث وهو يعلم سر اصمات لسانها الطويل الذى بحاجة لقص
– عايزك يا جيجي
شهقت جيهان باستنكار شديد لتصرخ في وجهه
– عايزك يا جيجي!! وانت فاكر جيجي هتوافق علي حيالله مذيع في راديو
حقا هذا كثير عليه، هل عمله الآن لم يعجب جارته !! لكنه تغاضى عن أي شجار سيفعله وقال بتسلية
– وماله المذيع يا جيجي، ده حتى قلبه طيب وعيونه زرقا وغرقان فيكي
كانت ستنفجر جيهان منفجرة فى وجهه لكن تهدج انفاس الاخر، وثقل صوته جعلها تزدرد ريقها بتوتر والرعشة تسيطر على كافة أنحاء جسدها لتفتح شفتيها محاولة السيطرة على الاوضاع كي لا يظنها غبية لم تسمع من قبل رجلا يفصح بمشاعره لها
لقد قرأت كثير من تلك التعليقات السخيفة حينما كانت حلم بعيد المنال لبعض الشباب، وكانت هى ترغب بواحد فقط دونا عن الجميع
لكن ان يسخر منها الواقع وهو يتحدث ببعض الابتذال الغير لائق به، جعلها تبتسم بتوتر قائلة
– انت عارف الكلام ده مش هيأثر فيا
نعم لم تتأثر، وصوتها فضح كيف أن الكلام لن يؤثر عليها!! غمغم وسيم بنبرة حادة
– جيهان عايزك تفهمي انك اول واحدة فى حياتى اعبرلها عن مشاعري واخر واحدة
ضمت قبضة يدها وهي تضربها على خفقات قلبها المتقافزة برعب، لتخرس أي نبضة مبتهجة لتقول بحدة
– تقوم تقول كلام مستهلك، بدل ما تتعب وتتعمق فى مشاعرك تقول كلام زي دا
واشتعل غضبها حينما استفزها قائلا
-خليني اسمعك انتي
صاحت اسمه بتحذير مميت
– وسيم
صمت مستمعا إلى همسها الحانق
– ورايا حملة نضافة تانية اقفل
حاول ان يلطف الاجواء قائلا بجدية شديدة قلما يستعملها معها
– هجيلكم اخر الاسبوع مع عيلتي، اعرفي اني عايزك فى حياتي يا جيهان وأنك الست الوحيدة اللي هتفضل في حياتي لحد لما اموت
احمق، يعلم تماما كيف يسحب البساط منها، أنهت المكالمة دون وداع لتتنهد وهى تحاول التخلص من مشاعرها الغبية
الحبيب جاء معترفا تلك المرة، متوسلا قبولها
ألم يكن هذا رهانا كي يستطيع تصحيح أخطائه، ماذا تريده بعد وهو يرغبها بل يطلب منها مرارا وتكرارا ، اتعبته واتعبت نفسها
لكن هو لم يرى ما فعله خلال السنوات الماضية المنصرمة
ستجعله يظن أنه جلس على عرش مملكته
ليحظى ببعض الراحة يحتاج اليها، قبل ان يستعد لجولاته القادمة التى حتما ستجعله يرى النجوم فى منتصف النهار
ابتسمت بمكر وهى تحاول نفض مشاعر الحب التى تزيدها ضعفا لتنتبه نحو مواء القطة لتلتفت اليها قائلة باستنكار
– لولو
وضعت القطة علبة التونة على الأرض بعد علمها أن محاولاتها باءت بالفشل لفتحها، لتحملها بهدوء شديد على ذراعيها تاركة علبة التونة وتتوجه الى المطبخ حيث هناك الكثير من الطعام الصحي يجب عليها تناوله بدلا من تلك الاطعمة المعلبة، لكنها لن تكون قاسية ستجعلها تتناول فقط نصف علبة تونة صغيرة بعد ان تتناول طعام غدائها الصحي، ربتت على فرائها الناعم قائلة
– دلوقتي اخدتي بالك من اللي بتراعيكي طول الايام اللي فاتت
زاد مواء القطة حدة وهى تنظر الى علبة التونة ثم إلى جيهان بنظرة مستعطفة جعلت جيهان تهز رأسها نافية وهي تضع طعامها أمامها … وفي حين رفض القطة جعل جيهان تفتح علبة تونة أخرى محتفظة بها على رخام المطبخ وفتحتها وبدأت تقدمه للقطة التى هجمت عليه تتناوله بنهم، تبا لقلبها الطيب الذى يجعلها تستلم لنظرة القطة المتوسلة !!
****
من المفترض اليوم أن يكون هو يوم فتح باب قفصها الحديدي والخروج للعالم الخارجي
ورغم حماستها للأمر لاستكشاف نطاق جديد لم تراه بعد، لكن يبقى السؤال هنا
هل هى جريئة لتلك الدرجة التي تدفعها أن تكون امرأة وحيدة تصارع العالم بمفردها
ام تعود لسجنها المقيد والمهين لكرامتها والمؤلم لمشاعرها كامرأة رفضها حبيبها مرارا
هو يكذب نعم
ان لم يتأثر لم يكن ليغار
أن غار هذا يعني أنه يهتم
ولكن ما نفع الاهتمام إن كان يعاملها كقمامة، يهين ويستهزأ من مشاعرها
أين نعيش الآن … زمن صمت المرأة ولى … نحن في القرن الحادي والعشرين
حيث يوجد للمرأة صوت ومكان، حق ورأى
تفرض شروطها وأوامرها تطاع
حق يحفظ كرامة المرأة، ويحميها من بطش أى ذكر متعصب لبني جنسه !!
تنفست فرح وحاولت نفض التوتر من كل خلية في جسدها و هى واقفة داخل المحكمة، اخر مكان توقعت الوقوف فيه
لكن منذ وهى مع نضال الأمور تسير بطبيعة، حاولت أن تسيطر على زمام أمورها وهي تري اسرار بجوارها
رغم انها اخر شخص توقعت أن تكون بجانبها، والحاحها بعودتها للمنزل وان تكون هى بجوار المحامي، الا ان اصرار وتنعت اسرار اقوي منها مما جعلها تزفر بحدة
الأمر سينتهي بسهولة ويسر، هذا ما أوضحه محاميها الخاص الذى قال إنها في نهاية الجلسة سيصدر القاضي حكم بالطلاق دون حاجة الى اى مماطلات وصلح!!
حاولت البحث عنه فى الارجاء، اى علامة تدل على أنه سيحضر المحكمة اليوم، لكن لا شئ يدل على وجوده او اي اشارة تعلمها انه سيأتي اليوم
سقط قلبها بين قدميها حرفيا وجلوس اسرار ببرودة اعصاب هذه لم تتحملها، بالله لما أتت معها وهى بجودها يزيد الأمور سوءا لتنفجر صائحة بعصبية
-انا خايفة
تنهدت اسرار بهدوء وهي تغلق هاتفها بعد ان ارسلت عدة رسائل قصيرة تطمئن زوجها عن حالتها وحالة الجنين، وهو يخبرها بعد فترة من فحصه الدقيق أنه سيأتي للمحكمة ولعلمها لعناده لم تحاول ان تثنيه نهائيا، بالنهاية هى تعلم اتى فقط بهدف إبعادها عن مجال نضال الذي سيحتاج إلى دعم نفسي قوي وهى الوحيدة تستطيع تقديمه له
رفعت عيناها تنظر الى عيني فرح ….مهلا!! هل تقرأ من عينيها تراجعا ام خيل لها ذلك!!! قالت بهدوء محاولة تفحص مشاعرها
– متقلقيش، المتر قالى الحكم هتاخديه من اول جلسة
زفرت فرح بيأس

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *