روايات

رواية أترصد عشقك الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت السادس والثلاثون
رواية أترصد عشقك الجزء السادس والثلاثون

رواية أترصد عشقك الحلقة السادسة والثلاثون

الانتقام والرغبة بالثأر يتطلب الصبر
الكثير من الصبر والدقة فى إختيار الوقت المناسب
الثأر يحتاج نفس طويل، طويل جدًا حتى هناك مقولة  انجليزية تقول الانتقام يقدم على طبق بارد.
لكن بحكم العادة وكوننا في بلد ذات عرق حار
يجب أن يطرق الحديد وهو ساخن، فما نفع الثأر والنفوس قد هدأت!!
ترجلت جيهان مسرعة من سيارة وسيم بعد أن وصل للفندق المنشود، لتسارع بالتوجه نحو المدخل الإ أن يد وسيم منعتها وهو يجذب ذراعها قائلا بخشونة
-رايحة فين انتي تعالي هنا
زفرت جيهان بقلة حيلة منها وهى ترفع عينيها المطعمة بالغضب والثأر لينتفخ وجهها كدما وسخطا وهي تقول بنفاذ صبر وتعجل محاولة التخلص من يده
-وسيم ارجوك، جوايا كمية طاقة غضب لازم اطلعها حالا
زفر وسيم بحدة وهو يراعي حالتها، لكنه ليس متهور مثلها ليقدم على قتل رجل فى عرينه وليس معه دليل ملموس على إثمه، لن يكذب ويقول أنه لم يكن يشك به
لكن ما نفع الشك ما لم يتخلله يقين تام بجرم ذلك كريه الوجه، منفر الأفعال، مشوه السمعة لعديد من الفتيات كان لقبه عربيد، لا يعلم كيف لقب الغانم ملتصق به وهو مخالف ومناقض لجميع أفراد العائلة التي رآهم قبلا فى التجمعات والمناسبات المختلفة، امسك عضدها بخشونة وقوة آلمتها ليقول بصوت منخفض
– اهدي يا جيهان
زمجرت جيهان بخشونة، هل الأحمق يطلب منها الصبر
أي صبر وهى تكاد تشعر أن روحها حبيسة، ونيران الثأر تلتقمها هي
اندفعت تدفعه بقوة لا تدري من أين جلبتها لتفر بسرعة داخل المدخل وقدميها تبثان نارا ستهدم بها المبنى بمن فيه، اتسعت عينا وسيم أثر الخطوتين التي تراجعهما من يدين ناعمتين بقوة رجل ضخم، صاح بهدر وتلونت حدقتاه بلون أسود
– جيهااان
استدارت اليه بحدة ترشقه بنظرات لائمة وهى تجيب بفظاظة وتهرول متوجهة نحو لعبة الباربي الجالسة على مكتبها تبتسم بسماجة أمام العملاء
– نعم
شهقت بذعر حينما شعرت بقبضته الجاشمة لزندها، الحيوان لما يمسكها ويخشى عليها، من المفترض هي من تهدأ ثورته وليس هو … إلا إذا كان لم يهتم بها ويراها مدللة فاسدة صغيرة، شهقة صغيرة بترتها حينما حاولت الهرب ليلتصق ظهرها بصدره لتغمض جفنيها محاولة إبعاد أي هوان يحتل ساقيها لتسمعه يقول بتحذير
– اعقلي، مش ناقصين مصيبة تاني وابوكي يلغي الجواز
اتسعت عيناها بجحوظ، هل هذا السبب سبب كبحه للغضب، وهى التى ظنت أن دماء والدته الأنجليزية تتحكم بعروقه، لتدفعه مرة أخرى بعنف قائلة
– يا مستفز .. يا بارد انا فين دلوقتي وانت فين
اعاد جذبها اليه مرة اخرى وسواد مقلة عينيه يرعبها، بل تجعل فرائصها ترتعب ليقول بصوت أجش كاد أن يفلت بباقي تعقلها
– ايه اللي انا فين … انتى معايا وجنبي وصدقيني هتخسري كتير لو موافقتيش انى اكتب كتابي آخر الأسبوع
شهقت جيهان بذهول لترتد خطوة للخلف ناظرة إليه بعدم تصديق
– كتب كتاب!!!
عبس وسيم وهو يرى دهشتها الشديدة يغمغم ساخرا
– متبقيش زي البنات وتقول عايزة فترة تتعرفي عليا
تلك المرة انفلتت غيرتها تتحدث لتلكزه في خاصرته بألم جعل بعض الزوار ينتبهون لهم
– وانت بقى يا وسيم بيه.. عرفت بنات من غيري كنت ناوي ترتبط بيهم
انفجر وسيم ضاحكا لتشرق زرقة عينيه مما جعل جيهان تنظر اليه ببلاهة الى تبدل حال سماء عينيه ليقول وسيم بنبرة ذات مغزي
– واحد بيعاكس معاكسة بداية الالفينات تفتكري كان يعرف ستات غيرك
لم تطمئن له جيهان، تعترف ان معاكساته المصرية قديمة منذ الأزل، لكن ماذا عن صديقاته القدامى ماذا يتحملن من رجل أشقر مصري بارد الأعصاب ومهلك لأعصابها هي لتقول بنبرة لائمة
– ما انت كنت مصاحب الامريكية والاوربية
يبدو ان جيهان لن تنسي محاولاته لجلب صديقات كانت مجرد محاولات وسعي لنسيانها، هي الفأرة الصغيرة الخاصة به، كان فقط ينكر مدى تمكنها من دخول قلبه و التحكم بمقاليده، ابتسم بمزاح وعينيه الرائقتين تلمعان بوهج خطف لبها
– انتي تقصدي دول، اوعدك انى هقولك كلامي اللي بقوله ليهم بس مش دلوقتي يا شاطرة لما تكبري
ختم عبارته مربتا على رأسها بخفة ليتقافز الجنون فى نفس جيهان، هل يراها حتى الآن صغيرة!!
ضربت صدره الصلب لتتوجع مطلقة تأوه صغير محاولة التذكر متى كان صدره صلب كالحجارة، هل ستتوسد صدره الحجر هذا بعد زواجهم ؟!!
ابدأ وسادتها الناعمة أنعم بكثير منه، ستلغي تلك الفكرة حتما، لن تتحمل أن تستيقظ كل يوم وعنقها يؤلمها، سارعت بنفض أي خيالات جامحة لتقول بوجه متورد أثار حفيظة وسيم
– مستفز … انت جايب البرود ده من فين
لا يعلم وسيم سر تورد وجنتيها ولمعة عينيها لينظر اليها متعجبا ليقول بصوت أجش
– من نصي الأجنبي، اومال انتى فاكرة الميكس ده جبته من فين
لم تحاول جيهان أن ترمقه بشرز وهي ترى خصلاته الشقراء التي يتباهي بها كطاووس مغتر بنفسه، لوت شفتيها بنزق قائلة
-الله يمسيها انطي جوليا كانت مخلياك زي المسطرة
هز وسيم رأسه دون رد لتتسع عيناه جحوظا حينما رآها تدعس قدم حذائه بقوة ليفلت ذراعها وهو يراها تهب الأرض بقدميها متوجهة نحو موظفة الأستقبال لتصرخ جيهان بهدر مخبطة يديها على الطاولة
– فين صاحب الزريبة دي
رفعت موظفة الأستقبال حاجبها الأنيق لتميل برأسها ترمقها بعبوس قائلة
– افندم !!
رمقتها جيهان بنظرات نارية كادت أن تقتلها، إلا أن الموظفة كانت تمتلك صبر طويل وبرود اعصاب مثل الذي ينادي اسمها حاليا بحذر
-جيجي
التفت اليه لتقول بيأس وهي ترمق الباربي التي أمامها
– الله .. كنت بقلد بطل رواية وهو بيقول نفس الكلام، حاولت اشوف رد الفعل في الحقيقة ازاي
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي لعبة الباربي لتقول بنبرة جافة
– لا انتى جاية بتهزري بقي، لو سمحتي المكان هنا ليه سيستم
هل يجعل موظفيه عديم التهذيب مثله، رمقت المكان الفخم من حولها جيدا قبل أن تقترب منها قائلة بتهديد
– اه ما انا عارفة، وناوية اطربق الاوتيل ده على دماغكم كلكم
عادت تلتقط أنفاسها تحت أنظار لعبة الباربي التي تنظر امامها باستخفاف ويديها تتجه ناحية الهاتف لتتصل بالأمن، لتخبط جيهان بيدها قائلة بصوت قوي
– فين صاحب الز…
كمم وسيم فمها بقوة وهو يحاول فرض سيطرة جسده لتخضوع له، إلا أنها أبت أن تستسلم له، لتحاول اللوذ بالفرار منه خاصة حينما قال بصوت هادئ تجاه عاملة الاستقبال
– انا بعتذر على تصرفاتها، بس للأسف الانسة بتمر بحالة سيئة، وعايزين نعرف لو نضال الغانم صاحب الاوتيل موجود ولا لأ
ارتسمت ابتسامة ناعمة على لعبة الباربي أثار جنون جيهان لتعض أصابعه بقوة جعل وسيم يكاد يحفظ الشتيمة النابية فى جوفه، رمقها بنظرات غاضبة وعيديه جعلت جيهان ترفع رأسها بشموخ ترمق لعبة الباربي بنظرات قاتلة
– لا يا فندم .. للأسف مستر نضال واخد إجازة من 15 يوم
انفجرت جيهان تصرخ في وجهها بحدة
– ياروح امك
تقضبت ابتسامة الموظفة لتقول بلهجة شديدة التحذير
– صدقيني كلمة تاني، وهبلغ السكيوريتي طالما مش محترمة المكان اللي انتي فيه
انفجرت جيهان ضاحكة بهسترية جعل وسيم يعقد جبينه بتعجب ليسمعها تقول بسخرية
– الروايات ضحكت علينا يا وي وي اووي
لم يعجبه ان تنطق ذلك اللفظ الأحمق منها، ليقول بلهجة تحذير
– اتلمي عشان مكسرش صف سنانك اللى فوق
ربتت على صدره الصلب قائلة باستخفاف
– عنيف يا بيبي
حدجت لعبة الباربي  بنظرات قاتلة جعلت الأخري تشيح بوجهها لتستقبل نزيل جديد بابتسامة ناعمة، جعل جيهان تكاد تفقد اعصابها وهي حتى الآن لن تري ذلك الوجه العفو
القذر
ستلقيه في جوف قرش لتتخلص البشرية منه، عادت تحدق في الارجاء لتجد عامل يهم بإدخال حقائب سفر داخل المصعد، سارعت بالركض لتسبقه مما جعل وسيم يتسع عيناه زهولا ليقول
– رايحة فين يا مجنونة
اعتذرت جيهان بكلمات سريعة ناحية الرجل لتكبس زر المصعد قائلة لوسيم الذي يحاول اللحاق بها قبل أن يغلق باب المصعد
– ابقي حصلني
ختمت آخر كلمتها ليغلق الباب مما جعل وسيم ينظر للرجل بحرج وهو يراقب إلى الطابق الذي ستصعد فيه، ما إن استقر مؤشر الطابق حتي سارع فورا بالبحث عن السلالم بدل الانتظار الطويل للمصاعد الأخرى المكتظة.
ما ان خرجت جيهان من المصعد حتى طالعت الطابق الخالي من أي بشري هنا، زادت تقطيبة جبينها وهي متأكدة من طابق عمله وموقع مكتبه، همت أن تخرج بعد أن صدقت كلام الموظفة إلا صوت خافت صادر من مكتب جعل النيران تشتعل في أوردتها وهي تزداد قربا من المكتب لتسمع الي صوته الكريم
الحقير.. الكريهة، لن يكفيها أن تتركه أن تأكله سمكة قرش بل ستحرقه حتى تلفظه جميع الأسماك ولا تقترب من لحمه النتن!!
اندفعت تفتح الباب بعنف شديد ونيران الثأر وقودها لقتله
– اه يا جبان يا خسيس
هجمت جيهان على نضال ورفعت يدها مستغلة دهشته ومحاولة العودة الى الواقع لتهبط بصفعة مدوية على وجهه لم تشفي غليلها لتبصق في وجهه قائلة بقرف
– هو انت فاكر عشان تخلي حد مكانك ينزل الصور القذرة على الميديا انى مش هعرف ان انت السبب
شهقت اسرار بذعر تجاه الفتاة التى شدت ذيل الليث الجريح من عرينه
ويا ويل من عبث بالليث الجريح، لتسارع بوضع جسدها كحائط سد منيع من انقضاض نضال للفتاة لتصرخ في وجه الفتاة التي لم تدخر وقتا للسباب فى وجهه ولعنه بأقذر الألفاظ
– صور ايه
رمقته جيهان من منابت رأسه حتى أخمص قدميه لتنظر الى ابنة عمه لتقول بقرف مشمئز
-البيه … الاب الفضيل مفبرك صوري وهكر اكونتاتي ومخليني ولا واحدة **** بشتغل في الدعارة
صيحة استنكار خرجت من شفتي أسرار التى سرعان ما نفت هذا الخبر وهى تلتفت الى نضال الذى حتى الان اثار اعصابها بصمته، همست باسمه
– نضال
رفع نضال عينيه وقد تلون الدماء بهما لتهتز الأرض ويدور العالم من حولها من نظرة عينيه
محال !!
نضال فعلها !!!!
غمغمت يسرا بنفي تام لأدعاء قريبة فريال قائلة
– اكيد فيه سوء تفاهم
كانت جيهان قد بلغ الصبر منتهاه لتبصق في وجه نضال الذي تحجرت عينيه وتصلب جسده، لتقترب من أسرار صارخة فى وجهها
-سوء تفاهم، البيه كان بيهددني وفاكرني مثلا عبيطة ولا غبية عشان مفهمش تهديده كويس
أجلت اسرار حلقها وهي تنظر تجاه نضال الذي كان يرفض أن يتواصل بصريا معها، لتختنق انفاسها محاولة التشبث بمقعد الذي امامها كي لا تسقط فاقدة وعيها من هول ما سمعته مما جعل نضال يقترب منها محاولا جعلها تجلس على المقعد إلا أن نظرات عينيها ذبحته من الوريد الوريد
وهو يراها لأول مرة تبكي
من أجل أو من عليه، لا يعلم لكن آخر ما يتحمله أن تبكي من أجله، حتى أنها همت برفضه يده المساندة إلا انه أصر وأجلسها على المقعد ليرفع برأسه قائلا بحدة
– خلصتي الازعاج بتاعك ولا لسه
استشاطت جيهان غضبا لتمسك بالدراسة تقذفها فى وجهه لتصرخ بحدة
– ده انت بجح بشكل
تفادي القذيفة بمهارة ولولا أسرار التي معه لقتل المزعجة المدللة الصغيرة، هم بالصراخ فى وجهها إلا أن صوت جهوري قوي جعله يحفظ لسانه لبعض الوقت
– جيهاااااااان
استدار للزائر الثاني الغير المرغوب فيها وما إن علم هوية للرجل حتى انفرجت شفتاه بابتسامة ساخرة ليقول
– سوبر مان كمان وصل
ما ان رأى وسيم ملامح نضال الساخرة حتى تقدم سريعا وقبضته مستعدة للفتك بوجهه، حاول تسديد لكمة في وجهه إلا أن نضال تداركها محميا وجهه، لكن إصرار وسيم كانت أقوى ليمحو ابتسامة المستفز ليلكم معدته مما جعل نضال يتأهب للدفاع بدل الهجوم، سدد وسيم لكمة قوية فى وجهه نضال والثانية والثالثة كانت لكمة نضال سددها لوسيم الذي هاج وتحول لثور ليصرخ فى وجهه
– ورحمة امى ما هسيبك تفلت من عملتك
صرخت جيهان بفزع مقتربة من وسيم وتحول النزال لساحة حرب حامية الوطيس، كلاهما يتخذا وسائل الهجوم لتحاول أسرار أن تمرر على ظهرها بهدوء لتصرخ بصوت حاد
– ممكن نهدي بقى وافهم ايه اللي حصل بالضبط
توقف الرجلين عن العراك ومن بدأ بترك يد الآخر نضال الذي رفع عينيه بقلق وهو يرى سؤالها المنتظر للإجابة ليجيبها
-مفيش حاجة يا اسرار
صرخت جيهان بحدة لتهم بالاقتراب منه تشوه وجهه ذلك الأحمق إلا أن وسيم منعها ممسكا خصرها لي بعدها عنه
– وحياة امك
انفرجت عن شفتي نضال ابتسامة مغيظة ليمسح الدماء المنبثق منه فمه وهو يرى لكماته التى زينت وجه الأشقر لينظر إليه بتشفي ونظراته ترتفع بخبث تجاه المدللة
– هما علموكي تتكلمي بالالفاظ دى فى مدارس الانترناشونال
صرخت جيهان بهدر محاولة التحرر من ذراعي وسيم الذي أبي أن يتركها لحظة واحدة
– بكلم بيها اللى زيك يا روح مامتك الغالية
اغمضت أسرار جفنيها بتعب شديد، لتحاول القيام من مجلسها متغلبة على ألم ظهرها لتصرخ بحدة فى وجه الجميع
– بس بقااااا
حدجته جيهان بنظرات قاتلة لتري أسرار تحاول أن تقف بصلابة على الأرض ليسارع ذلك الحقير بمساعدتها وملامح القلق تعصف بوجهه، اتسعت عيناها دهشة وهى تراه يهتم بقريبته
منذ متى الحقير يكترث لأمر أحد؟ زمجرت بغضب حينما سألته
– نضال، الكلام اللي بتقوله ده صح
زفر نضال بنفاذ صبر ليرفع عيناه محدقا تجاهها قائلا
– صدقيني انتى اخر واحدة ممكن اهتم بيها، واقفل صفحتها
لم تمنع نفسها تلك المرة أن تحاول أن تنقض عليه إلا أن ذراعي وسيم كبلتها، لتعض ساعده بقوة مما جعل وسيم يتأوه بألم من عضتها، همت بالانقضاض عليه صارخة بثورة
– يا كداااب
ثم خمدت ثائرتها لترسم ضحكة خبيثة لتهمس بصوت ماكر
– لو راجل ابقي قول، متبقاش نوسة وانت عاملى فيها سبع الرجالة
انقبضت ملامح وجهه للوجوم واندلعت شرارة الجنون في مقلتيه مما جعل جيهان تنظر اليه بشماتة لتسمع صوت وسيم الأجش
– جاوب على سؤالها
رمقه نضال بمكر ليسأله
-وانت بقي المحامى بتاعها
ارتسمت ابتسامة باردة على شفتي وسيم وعينيه تنظران نحو عضة جيهان على ساعده
– تقدر تقول كدا
أعجبه التحدي القائم في عيني الأشقر السوداويين ليسأله باستخفاف
– ولو قولت اه هتعمل فيها ايه
ارتسمت ابتسامة باردة على شفتي وسيم ليقترب منه ببطء شديد وعينيه تهبطان نحو أسرار التى طالبته بالتوقف عما ينتويه، لكن الأمر حينما يخص الفأرة الصغيرة يبقي الأمر خارج نطاق سيطرته
وجه له لكمة غادرة في وجهه الكريهه جعل أسرار تصرخ مفزعة أثر النزيف الذي انبثق من أنفه، اقتربت أسرار تنظر اليه بهلع
– نضاااال
رمقه وسيم بحدة ليقول بلهجة خشنة مسيطرة
– محدش يقدر يتجرأ يمس بنات السويسري
فغرت جيهان شفتيها بصدمة أثر اللكمة القوية التى سددها للحقير، متى تعلم وسيم المصارعة، عينيها انخفضت سريعا اتجاه قبضتي يده التي تلونت بالإحمرار لتقترب منه بقلق إلا أن الأخر حدجها بنظرة قاسية جعلت جيهان لم تستسلم لنظراته الغاضبة بل اقتربت منه أكثر تحاول تفحص يديه وامتناع الاخر جعلها تهز رأسها بيأس، أمرها أن تسبقه للخارج لتهز رأسها بطاعة إلا أن صراخ أسرار لفت انتباهها
– نضااااال
خرجت شهقة من شفتي أسرار لتقول بتعجل
– فريال بتولد ووقاص مش فى البلد حاليا
******
فى قصر المالكي،،،
الوضع فى المنزل بعد عودة جميلة على شفا جرف من الجنون
جميلة بدأت حبيسة داخل جدران غرفتها، وغالب يتناسي وجودها ولا يحاول حتى ذكر إسمها
أما الصدمة الكبري هي التوافق الكبير بين وجد وآسيا فى كل مرة تصطحب وجد اسيا للخارج فى الصباح ثم يعودان قرب حلول الليل
أين يذهبان؟ فقط لمؤسسة ترعي الأطفال
كز لؤي أسنانه ساخطًا من عقل شيطانته، لا يأمن هدوءها وثبات انفعالها، حتى توقفها عن ترديد عبارات وقحة فى طاولة العشاء
لن يصدق أبدا ولو أقسمت أنها نست ما حدث وقررت أن تغلق دفاتر الماضي وتهتم بالحاضر والمستقبل
والله لو قررت فقط أذية أي أحد من أطراف عائلته سيقتلها، ثم يعيد يبثها عشقه الذي لا ينضب أبدا
زفر لؤي ساخطًا وعينيه تراقبان بوابة المنزل من شرفته، الأيام تمر بينما ببطء قاتل، حينما يغادر صباحا يجدها خارج أسوار المنزل، القي نظرته اتجاه ساعة معصمه ليري أن ميعاد عودتها الآن
ارتفع راسه مع اصدار زمور سيارة وجد التي تتقدم تجاه المنزل، زفر لؤي متنهدا براحة وقد قرر الآن التحدث معها
يريدها تصرخ
تتذكر
تحدثه .. لكن تجاهلها التام وكأنه غريب تعامله ببرود شديد حينما تراه فى الصباح يحلق ذقنه وفي المساء يبدل ثيابه ثم تكتفي بالنوم مبتعدة عنه مولية إياه ظهرها
هذا كثير عليه، ولا يحتمل…
انتبه على دخولها الغرفة وهى تبتسم بسعادة وزرقة عينيها تلمع بوهج سعيد نحر قلقه، ليصيبه الذعر
منذ متي آسيا لم تضحك هكذا قبلا؟
اجفلت حينما رأته لتعبس وجهها واكتفت فقط بالدخول الى الحمام دون سلام وزرقة عينيها كان بهما برود وجفاء غير طبيعي بهما، لكم الحائط بجواره وبقي يعد الدقائق مرة اخري ينتظر خروج سيدة الحسن والجمال لتخرج من الحمام…!!
من دقيقة لربع ساعة حتي نصف ساعة وهو ما زال على وضعيته منتظرا ذات الحسن والجمال تحن وتخرج، زفر متنفسا بارتياح حينما وجدها تفتح باب الحمام ليعبس فجأة حينما وجدها بثياب منمقة جديدة عليها
متي دخلت بثياب جديدة غير التى كانت ترتديها، وجدها لم تعيره أي حديث بل اكتفت بأن تجلس على طاولة الزينة تضع مساحيق تجميل بعناية شديدة على بشرتها ليسأل بخشونة
– رايحة فين
طال الصمت
وطالت الإجابة
وبقي هو على خطوة من السقوط من حافة الجنون، تقابلت أعينهم عبر السطح العاكس لتجيبه
– وانت مالك
نفخ بقوة وهو يقترب منها وجسده الضخم لم يحرك فيها مقدار انش، هى لم تسامحه على تلك الصفعة ولن تسامحه ابدا
وان كان قرر ان يستغل جسده لغرض دنئ من أجل نفسه فهي ستكون للأسف محطمه لأماله، صاح بحدة
-اسياااا اتعدلي
تأملت وجهه الحانق، وبروز عروق عنقه لتهز رأسها بلا مبالاة وهي تضع احمر الشفاه الصارخ الذى اصبح شئ أساسي من شخصيتها، سألها بجفاء
-رايحة فين
يبدو أنه مصر على معرفة أين سيكون ذهابها، أجابته ببرود وجفاء شديدين
– هخرج
انقبضت معالم وجهه والنظرة في عينيه استطاعت سريعا أن تتجاهلها
منذ متى قرر أن يستعيد دوره كزوج ومتحكم في حياتها
هل ظن أيام الخوالي ستكون منتظرة اياه حين جلبها الى هنا عنوة
انفرجت شفتاها بابتسامة ساخرة لتسمعه يقول
– عايزك فى موضوع
استقامت من مجلسها بعد أن اطمئنت على تبرجها لتلتف اليه قائلة بجفاء
– وده ميتأجلش؟
هز رأسه بنفي تام وضم قبضة يده بعنف محاولا السيطرة على انفعاله كي لا يفتك بها
-لا يا آسيا ميتأجلش
زفرت بيأس شديد لتكتف ساعديها على صدرها وهي تسمعه يقول بنبرة جادة
– اسمعي، انا مقدر شعورك جدا وانتى فى المكان ده، بس صدقيني يا آسيا المكان ده الوحيد اللى فيه جذور عيلتك
رفعت حاجبها الأسود بشر لتنفجر منها ضحكة ساخرة، وقد التمعت زرقة عينيها بوحشية لتصرخ في وجهه
– جذور عيلتي!!! ده انتوا حتي مستنتوش أثبت جذوري وقلعتوها
برقت عيناه بجنون أثر صوتها المرتفع إلا إنها لم تكترث أبدا تحت تحذير اسمه لها
– آسيا
رمقته بغضب مستفحل فى عروقها لتخرج طلقاتها المسمومة
– طلقني يا لؤي
اتسعت عينا لؤي للحظات أثر سماعه للفظ الطلاق الصريح من شفتيها، لم يتصور أبدًا أن تنطق بتلك الكلمة
لا الآن ولا فى المستقبل
محت أي تعابير على وجهه ليقول بجفاء
– وايه اللي جد
لم تحاول آسيا أن تمنع شهقة تنفلت من شفتيها، كأنها كانت تكرر كلمة الطلاق على مسامعه طوال الوقت، زمجرت بغضب لتقترب منه قائلة باتهام صريح
– زهقت من سلبيتك وخضوعك اللى مش متعودة عليه
ضم قبضة يده بعنف محاولا السيطرة على أعصابه التى على وشك أن تنفجر فى وجهها ليقول وهو يجز على أسنانه
– عشان اراعي اهلي وبحاول اخليكي تقعدي هنا يبقى سلبي
اشاحت آسيا يدها بلا مبالاة لتقول بصوت خاوي من أي تعبير وهى ترفع نظرات عينيها اللائمة تخترق وتندك فى صدره
– للاسف مكنتش متصوراك الراجل ده، انت بتهتم بيهم وبس .. وانا … مش مهم آسيا تتحرق ولا تتجن، ما هي مجنونة اصلا، بتعاملني معاملة المجنونة يا لؤي
تنفست بهدر وأثر محاولاتها للبقاء باردة، وصامدة لم تستطيع، مقدار الألم الذي تشعر به قوي جدا
هو من يقطع أواصر علاقتهم بغبائه، ولن تظل هى حمقاء حتى تعيد ربط الأواصر فى كل مرة يجرحها
هزت رأسها بسخرية مريرة لتقول
– انا ست ملهاش اي حاجة تقدر تلوي بيها دراعي، معنديش مشكلة انى اخش داهية فى سبيل سعادتي
رفع حاجبه وهو يراها تؤكد استثناؤه من حياته، ضم قبضة يده بعنف ليقول بصوت أجش
– وانا
فرت الدموع من عينيها لتخرج شهقة مؤلمة من شفتيها وهي تجيبه
– انت بتخسرني يا لؤي ، تقدر تقولي فيه مرة فضلتني عن عيلتك، حسستني ان ليا اهمية
اقتربت منه بلؤم أكبر ليقول بصوت جاد
– يمكن انتي شايفة نفسك ضحية بس ومش قادرة تشوفي اللي حواليكي
مالت برأسها تحدق الى نظرات عينيه الغامضة، متى سيعترف باحتياجاتها، أم أنه تصور ان كلماتها العنيفة هي مجرد تعبير عن مدى قوتها وسيطرتها !!!
هزت رأسها بيأس لتجيبه
-يمكن صح، ويمكن ان انت اللى عايز تحط نفسك فى قالب الضحية، بس انا زهقت، يمكن الحاجة الوحيدة اللى مصبراني هنا انك وعدتني اشوف رسايل بابا .. هي فين
أجاب بجفاف شديد دون أن يتعب نفسه بأن ينزلق تجاه مشاعرها وضمها الى صدره
– متستحقهاش
الدموع المتحجرة فى عينيها
تستحقها كامل الاستحقاق
المرأة التى تذوب فى عشقه  قررت متمردة أن تنطلق كلمة الطلاق لا تستحق منه دعم عاطفي منه الآن
لعن عقله وتفكيره الأخرق، هي تخاف وهو لم يتوانى في يوم لنحر قلقها وذعرها
يريدها أن تتوقف عن المحاربة، لكنها لا تزخر لنفسها وقتًا للانجراف للتيار .. بل تقاومه بكل ما أوتيت من طاقة
وهو صبره يكاد ينفد
اتسعت عينا اسيا بجحوظ لتقترب منه واضعة اصبعها على صدره الصلب مطالبة بجرأة
– دي بتاعتي، ملكي
هز رأسه بلا اكتراث ليجيبها
– كانت ليا انا الاول، و ابوكي وصاني اني اهتم بيكي
لم تستطيع حتما الصمت لكل تلك الفترة وهو يزيد اشعال الحريق، دفعته بيديها إلا أنها كيف تستطيع تحريك صخرة قوية تقف حجر عثرة فى طريقها لتصرخ فى وجهه
– بلاش تقول اهتمام، فين الاهتمام ده يا لؤي، مجوزني وربطني ولا كأني بقرة خايف لتسرح عن المكان، ومش مهتم بمشاعري ولا احتياجاتي
تحشرجت أنفاسها تجاه اخر كلمة وتدفقت مشاعر لعينة تجري فى عروقها، لتلعن بلغة الأم مما جعل لؤي ينظر بسخط شديد ليقول مرددًا بمكر
– احتياجاتك؟!
اقترب منها خطوة واحدة فى بادرة لم تتكرر منذ ايام الخوالي، لتبتعد عنه مصدرة إعلان صريح بعدم الاقتراب
الا انه ضرب بجميع تحذيراتها بعرض الحائط، ما ان لمس ساعدها بيده حتى جذبها اليه، تقع بين جنبات صدره
يعيدها الى واحة أمانها، حيث تكون اسيا التي يعلمها على ظهر قلب
الدموع اغرورقت في عينيها، ليتكفل هو بإزالتها
حاولت آسيا الفرار الى ما يحاول الوصول اليه واضعافها، لكن ازدياد ضمه لها أرخي أى مقاومة منها
همساتها أصبحت معاتبة، وعينيها ترشقه بسهام  حارة
– ايوا، مش مهتم انك تجبلي طفل اهتم بيه واراعيه، انا مش عايزة منك غير طفل يا لؤي
انفرج عن شفتيها ابتسامة ناعمة وليونة جسدها وجد له مكانا بين جنبات صدره الصلبة، ميوعتها بالحديث وضرباتها الناعمة على صدره بدلال مائع تجيد اللعب على أوتاره ليميل هامسًا بصوت خشن
– وايه اللى مانعك؟
رفعت حاجبا شريرا لتلكزه في خاصرته بيأس قائلة بحنق لتقر بما سيزيد من اغتراره الرجولي
– متستفزنيش، انت عارف انى مش هعرف اخلي راجل بعدك يقرب منى وانت متأكد من ده
انفجر ضاحكًا لأول مرة وأكثر ما يحبه هو إعرابها عن حبه ومدى قوة تأثيره عليه، الشيء الذي لفت انتباهه لأول مرة هو صراحتها الطليقة فى مشاعرها والتعبير عن حبها، لكن يتذكر أنها لم تعترف بحبها له إلا حينما أصبحت تسود صدره!!
ليقر هو هامسًا باعتراف صادق لا يجد الحرج ابدا فى بوح مشاعره
– وانتى عارفة ان مفيش ست قدرت تملي عنيا غيرك
لمعت عيناها بوميض لتميل اليه تهم بتقبيل شفتيه، الا انها فى اللحظة الأخيرة طبعت قبلة على كده مما اثار امتعاض لؤي الذي قرص خيرها للتأوه بصوت أنثوي هامسة
– عشان مفيش مني اتنين
رفع لؤي حاجبا وهو ينتظر مبادرتها إلا أنها وقفت ساكنة تتشبث بقميصه لتميل برأسها هامسة بصوت أجش
– عايزة بيبي يا لؤي
زفر لؤي بحرارة ليجيش عن مخاوفه وهو يرمقها بتفحص
– وايه يضمني انك مش هتمشي
هزت آسيا رأسها بيأس واناملها حفرت طريقًا لإستمالته
ومداعبته
انتفض جسده ليحدجها بنظرات قاسية حينما وصلت لمركز ضعفه والذي اكتشفته بالصدفة، تأوهت بألم حينما لف ذراعه حول ظهرها مضيقا مجري تنفسها لتنفرج شفتيها بلهاث حار امام عينيه القاسيتين لتهمس
– أنت ناسي يا بيبي انك واخد الباسبورد الأمريكي بتاعي، يعني حتي لو عملت ايه مش هقدر اهرب منك
تأوهت بألم أشد حينما استطاع أن يلوي ذراعها بقوة لتتوقف أناملها عن الإغواء ليقول بحدة وخشونة
– الباسبورد المزور يا اسيا، انتى عارفة اكتر حاجة بكرها انى اشوفك كاتبة اسم اب وهمي في الباسبورد، ومتعرفيش عملت ايه عشان اقدر أغير الأوراق
هزت آسيا رأسها بنفي تام لتغمغم بلا مبالاة
– مش فارقة معايا، لو عايزة امشي مفيش قوة هتخليني يقعد هنا غصب عني
هذا ما يخشاه منها، تلك النعامة والتدلل كحية تلف فريستها ببطء شديد لتخنقها قبل أن تبتلعها، هم بإلقاء المزيد من الوعيد والتهم إلا أن صمت حينما دخل زائر غير مرغوب به
– آسيا
تلون وجنتي وجد بالإحراج نتيجة قرب ابن عمها للحد الشديد من آسيا، اشاحت وجهها للجهة الاخرى لتهم بالانصراف قائلة باعتذار
– اسفه مكنتش اعرف انك هنا
رفع لؤي حاجبه وهو يرى لأول مرة الجرأة التى البيت وجد لتقدم إلى غرفته، هل تحاول مساندة معاونتها؟!!
انفرج عن شفتيها ابتسامة مقتضبة ليزيل حصاره عن آسيا وهو يقول بنبرة ذات مغزى
– انا خلصت كلامي معاها، ولو اني بدات اشك انكم عملتوا حزب مع بعض
انفجرت آسيا ضاحكة وهى تنظر الى وجد بنظرة ذات مغزى، لتقترب منه وهي تري توتر وجد التى تحاول الخروج من عرفتهم لتهمس بنبرة خفيضة
– عشان معندكش بعد نظر
ثم علا صوتها لتسمعه وجد قائلة
– عن اذنك
اقتربت اسيا من وجد لتسارع الاخري بامساك يدها ولم يبدي من اسيا أي نفور أو بغض تحت نظرات لؤي المتفحصة، بل تتعامل معها بحميمة شديدة جعل لؤي يرفع حاجباه دهشة
ماذا تخفين خلف ذلك التقرب من ابنة العم يا آسيا؟
تنهدت آسيا لتزداد تقربا من وجد التى أصبحت أمامها ورقة مكشوفة، ولم تجد منها أى قلق أو خوف
هى اقتربت منها وكانت تهتم لأمرها، فما كان لها سوى أن ترضخ خصيصا بعد أن وجدت أنها الوحيدة القادرة على ملء فراغ حياتها بعد مغادرة أحبائها حتي اتصالات شقيقتها مارية كان يشوبها فى الفترات الأخيرة التوتر
والحرص على عدم إيذاءها، منتقية كلماتها، وهذا لا تفعله وجد
كانت صريحة ومحددة ولها نقطة مباشرة فى الحوار، اتسعت عيناها تحت تقريع وجد الساخط لتغلق باب غرفتها
– انتي ناوية تعملي مشاكل برضو
زوت اسيا بين حاجبيها وهي تسمع لذلك التقريع منها، ولن تكون وجد مهتمة بتلك الصداقة إلا أنها تخشي عليها لتجيب بصراحة
– قولتله عايزة اطلق
شهقت وجد بصدمة شديدة وقد توقفت يداها عن النظر لماكينة الخياطة لتتابع خياطة فستان خطبتها الذي أصرت أن يكون من صنعها، لتعبس جبينها قائلة
– وبعدين
هزت أسيا رأسها بلا مبالاة واتخذت فراشها مقعدا لها وجذبت أحدي المجلدات التى اكتشفت انه مجلد تصاميمها، لتقلب الصور بهدوء وإمعان شديدين قائلة
– افتكر انى بهزر
زفرت وجد بيأس، لا ينقصها أي مشاكل أخرى فى يوم خطبتها المقترب، هى أصرت على خطبة عائلية فقط دون الحاجة للبهرجة الكثيرة وجلب ضيوف متملقين لتسألها بشك
– وانتى عايزة تتطلقي يعني؟!
انفجرت عن شفتي اسيا ابتسامة ماكرة وقد جذبها تصميم لفستان أحمر صارخ رغم كون طوله يصل لأسفل القدمين لكنها تفقد سيطرتها أمام أي فستان أحمر، همست بمكر وهي تربت على بطنها
– مش قبل ما يخليني ابقي حامل منه
شهقت وجد بخجل شديد تحت كلمات اسيا الوقحة لتصيح بحدة
– آسيا
انفجرت آسيا ضاحكة باستمتاع وهي تري تلون وجنتي وجد بالاحمرار، تشفق على زوجها حتما سيعاني كثيرا حتى تتفتح زهرته لتقول بشغب
– سيبك منى وركزى انتى فى استعدادات حفلتك
ارتعشت يدا وجد وهي لا تصدق مساء أمس حينما أخبرها وجدها عن زيارة عاصي وجدته مرة أخري، وحينما سألته عن عمتها.. أخبرها أنها لم تعد تملك السيطرة للتحكم فى حياتها، لكن تحت اصرارها لسماع موافقة عمتها استدعاها للمرة الأولى وسمعت موافقة عمتها بهزة من رأسها ثم استأذنت مغادرة
همت باللحاق خلفها، لكن وجدها أمرها بصرامة ألا تطأ قدمتها قرب غرفة عمته، هي رضخت تحت واصرارها العنيد ولم تملك الرفض حتى ضميرها يوخزها بشدة
لكن ستراها فى حفلة الخطبة، ووقتها ستملك الوقت لمحادثتها، غامت عيناها وهى تجيش بما صدرها
– انا متوترة ومرعوبة جدا
تركت آسيا المجلد جانبا وهي تفكر بشراء الفستان في وقت قريب منها، وسترفع من دعايا شركتها الصغيرة لشركة الإعلانات والدعاية التى أبقت إدارتها تحت يد أمينة حتى عودتها..
– فكرتيني باليوم اللى كنت بقابل فيه لؤي وقت ما كنت بشتغل فى ستار باكس
التفت وجد إليها مشدوهة لتستمع وجد بإنصات شديد إلى ثاني قصة حب بعد قصة توحة والمعلم
استرسلت آسيا بلا ضرر من كشف التفاصيل لحياتها السابقة أمامها
– كل يوم كان بيجي الساعة 10 بالضبط الاقيه فى الطابور، بعيدا ان لؤي كان مختلف وصدقيني كنت فى الاول ارتعبت من  طوله الغريب بس عنيه كانت اول حاجة جذبتني ليه، اسرني ليه وفى اول مرة اتلخبطت فى مشروبه وافتكرت هيقدم شكوي بس لقيته كاتب فى منديل بعتهولي اني مكنتش حاطة سكر فى القهوة بتاعته
همت وجد بمطالبتها بالمزيد عن قصتهم التي تناقض شخصية آسيا للنقيض، لكن صمت آسيا وانجرافها نحو تيار الماضي ألجم لسانها وتركت عقلها يسبح بين غياهب الماضي لتقول وجد
– قصة حب لطيفة
كانت هادئة ورائعة بل مثالية بطريقة أثارت فزعها، لكنها استكانت تحت نظرات عينيه وكلماته الدافئة لتهمس آسيا بسخرية لاذعة
– فى الاول كدا، بس بعد كدا اديكي شايفة الحال
اقتربت وجد تمسك بيدها قائلة بجدية
– بأيدك ترجعي كل ده
رفعت اسيا عيناها نحو وجد التى تلمع عيناها بعشق مستوطن داخل قلبها لتهمس بحدة
– وهو ميعملش ليه
هزت وجد راسها محاولة الصبر على تلك المرأة، اقتربت منها تقول بنبرة ذات مغزى
– بيني انك بتقدري اللى بيعمله يا آسيا، حتى ولو معملش حاجة وااو، صدقيني هيبذل طاقة أكبر كل مرة انه يحاول يسعدك
شهقت آسيا استنكارا، وتلك الحركة تعلمتها تحديدا من مسلسل مصري قديم، لتكشر ملامحها للعبوس قائلة
– عايزة تقوليلي، افضل اشكر فيه حتى لو معملش حاجة
اقتربت وجد أكثر منها لتقول بنبرة ماكرة
– تشكريه عشان يعملك اللى انتِ عايزاه
هزت اسيا رأسها برفض تام، هل تريد أن تشكره وهو لن يحاول جاهدا لإسعادها، زفرت آسيا بحدة لتقول بنبرة ممتعضة
– سياسة جديدة مستخدمتهاش قبل كده
إلا أن الرفض الذي إستحوذ على تفكيرها انقشع سريعا لترسم ابتسامة ماكرة على شفتيها وهى تنظر الى وجد، الفتاة حتما ذكية .. كيف لم تفكر بالأمر هكذا قبلاً !!
مالت اسيا تقول بهمسة ماكرة
– طلعتي مش هينة  ابدا يا وجد المالكي، حقيقي جبتي كل ده من فين
لفت وجد خصلة من شعرها لتقول بنبرة هادئة
– كنت مستنية الوقت اللى الاقي فيه اللي يقدرني
ضاقت عينا آسيا بحذر، حالتها العاطفية تبدو كحالتها سابقًا، إلا أنها تخشى أن يكون المسمى عاصي يصبح نسخة أخرى من لؤي
فالرجال عندما يرغبون بإمرأة يستطيعون أن يتحلوا إلى مصباح جني يحقق المعجزات
ولكن ما إن تصبح المرأة داخل نطاق سيطرته حتى يتحول لنسخة ذئبية وضيعة
سألتها بشك
– الحب غيرك؟
ارتسمت ابتسامة حالمة على شفتي وجد لتهمس بنعومة
– الحب خلاني اطلع شخصيتي الحقيقية، وابعد عن الأوهام
هزت آسيا رأسها دون مبالاة لتقول
-محظوظ
غمغمت وجد بنفي تام قائلة
– انا اللي محظوظة انى شوفته
حسنا تتمني ألا يتحول الحمل الوديع لدب أخرق كسول
تمتمت قائلة
– حقيقي اتمنى يكون هو الشخص اللي يقدر يحميكى من العالم
اقتربت وجد من حدود أسيا لتميل مربتة على يديها قائلة
– ادي لؤي فرصة يعمل كدا وانا متأكدة انك هتنبهري منه
لمعت عينا اسيا بمكر شديد، قبل ان تحطيها الخيبة
بل هي من ستتفاجئ به، لكن لا ضير من محاولة تجربة ما تقوله وجد
فبالنهاية تريد أن يحدث الحمل وفى أقرب وقت.
*******
في المشفى،،
القلق ينخر فى عظام رهف التى استقبلت صراخ فريال صباح اليوم دون وجود وقاص بجانبها
الولادة تقدمت قبل ميعادها باسبوع حسب ميعاد الطبيب والذي بسببه سافر وقاص لرحلة عمل سريعة ليحضر الولادة، لكن يبدو هناك رأي آخر
مررت رهف اصابعها على خصلات شعرها بتوتر لتنهار باكية على صوت صراخ فريال، ليرتعد جسدها بخوف من الحمل
هل ستكون فى مكانة فريال ولن تستطيع حتى التقاط أنفاسها؟ هزت رأسها بنفي تطرد أي أفكار سلبية تراودها لتسمع الى صوت نزار وهو يقترب منها هامسًا بدفء
– حبيبتي اهدي اهدي روووقي لا تخافي لح تكون منيحة
طالعته رهف بامتنان لتقترب منه وذراعي نزار تستقبلانها بشوق شديد لتنهار باكية على صدره قائلة بصوت مختنق
-انا مرعوبة يا نزار.. انت مش شايف هما حطوني فى موقف صعب ازاي، نضال مش بيرد عليا حتى قافل تلفونه الخاص، كلمت اسرار بس كانت عندها ظروف مقدرتش تسمحلها تخرج من البيت ووقاص مسافر اسكندرية عايزني اعمل ايه
لامت نضال، الأحمق يبعث ورود كل يوم دون أن يأتي بها، بل ومنذ طلاقه اعتزل الجميع.. وحينما زارته استقبلتها جليسة اطفال نزقة لم تتحمل أن تجلس لمدة خمس دقائق فى المنزل لتستأذن مغادرة..
لأول مرة تشعر بالخوف الذي يسيطر على أنفاسها، بل تشعر بقلق من المستقبل
هي اعتادت على سفر وقاص، لكن لم تعتاد على غياب حامي العائلة الرئيسي
نضال نقطة قوتهم ومصدر أمانها رغم أفعاله المناقضة، لكنه يهتم ويكترث لأمرهم
وبحاجة لأهتمام مماثل، لكن لم يسمح لها للأهتمام به، بل سارع بالمغادرة لتسمع الى صوت نزار الدافئ
– انت قدها وقدود حبيبتي
تنهدت بقلة حيلة وصوت صراخ فريال جعل جسدها يرتجف بضعف جعل نزار يضمها بحماية شديدة، مربتا على خصلات شعرها، لتشهق رهف مذعورة وهي تقول بارتجاف
– انا … انا خايفة اكون نسيت شنطة البيبي
 ضم نزار وجنتي رهف فى كفيه ليتطلع اليها قائلا بهدوء، محاولا إرسال السكينة فى روحها
– هي هي هون لا تخافي
عادت تسكن وتهدأ ملامحها القلقة لتهمس
-انا مش عارفة من غيرك هعمل ايه
كظم نزار قلة حياته وضعفه، منذ اتصالها المفاجئ صباح اليوم حتى هرع إليها
هو لم يوضع تحت اختبار عصبي هذا قبلا من صراخ فريال وبكاء رهف وهما يذهبان فى عربة الإسعاف، تنفس نزار بحدة وهو يتذكر السنتين التي سينتظرهما حتى زواجه منها
لن يستطيع
لن يقدر
هو رجل وهي بالنهاية زوجته
صاح بلهجة خشنة مسترعيًا انتباهها
– رهوووفتي
جففت رهف دموعها بكف يدها لتهمس
– نعم
اطبق نزل شفتيه وهو لا يعلم ماذا ستظن به رهف فى هذا الوقت الحالي
لكن ما يدفعه الآن، شئ بعيد جدا عن التعقل صاح بخشونة
– حبيبتي خلينا نعجل العرس شوي
عبست رهف مبتعدة عنه نادرة اياه بشك جعل نزار يغمغم بحنق
– ما رح اقدر اتحمل سنتين والله بمووت
فغرت رهف شفتيها لتهمس
– يا نزار انت اللي قولت انك هتستني
مرر أصابعه فى خصلات شعره بيأس شديد ليجيبها
– لك كنت حمااااار حماااار ،بس بنفس الوئت مابدي لهيكي عن دراستك
رمشت رهف بأهدابها عدة مرات لتهمس اسمه بتيه
– نزار
عضت باطن خدها وهى تعلم ان نزار لا يمزح فى ما يطلبه، مسدت عنقها بتوتر لتقترب منه قائلة بتوسل
– ممكن تستني عشاني ارجوك، انا متأكدة مية فى المية انى مش هعرف اوفق بين الكلية والجواز، اديني فرصة عشان اقدر استوعب الموضوع ده.. الجواز مسؤولية كبيرة، افرض حملت وانا فى تالتة عايزيني اولد وانا فى لجنة امتحان
اتسعت عينا نزار بذهول قبل ان تنفرج عن شفتيها ابتسامة ناعمة ليقول بهمس أجش يعلم ما يفعل بها
-ياعمري ياقلبي مين قلك انو بدي ولاد هلا بس تخلصي بنفكر بهالموضوع
ارتعش جسد رهف لتسأله بصوت حاد
– ده انت مخطط بقي
غمز بعينيه الخضراوين قائلا
– طبعا ياروحي حاسبها على دوزبارا (على التكة)
هزت رهف رأسها بيأس واضعة راحة يدها على وجهها قائلة
– يا خوفي منك يا ابن الشامي
اقترب نزار منها يهمس بصوت أجش
-والله ابن الشامي  بدو موافقة كنافتو الطرية الناعمة
عضت رهف باطن خدها لتلكزه بخفة وهي تعلم تلك الجرة الناعمة منه
-بطل تقولى الاسم ده
ازداد نزار قربا منها ليهمس بصوت ماكر
– كنافتي
زمت رهف شفتيها بيأس شديد لتهمس بنفاذ صبر ووجنتيها المضرجة بالحمرة لا تساعدها ابدا على التحدث بجدية
– يا نزار بطل بقى قلة ادب
انفجر نزار ضاحكا ليتحدث بيأس، وهو يتمنى رؤية نظرات أخيه الشامتة الذي لا ينفك عن الغبطة لعلاقته مع خطيبته
– هلا هاي قلة ادب ياروحي لسا ماشفتي قلة الأدب على اصولها
هزت رهف رأسها بيأس لتتحدث بصعوبة وقد طغى الحمرة على وجهها من جراءة حديثه في العلن
– عارفة اخر قلة ادبك دي، وبعدين انسي النهاردة مفيش كنافة
اجفلت حينما لمس ساعدها لتهز رأسها نافية بضعف
– نزار
مرر أصابعه على طول ساعدها ليشعر بجسدها يرتجف تأثرا من لمسته
يلعن أخيها الأحمق
كيف سيصدق امرأة مثل رهف تكون يد طالت عليها مسبقًا
رغم ما عاشته لكن لا تثبت جرم لا تحمله، فما عاشته هي هو ما رأته لصديقتها وليست هي
صاح بصوت دافئ
– لك اشتئتلك اشتئتلك كنافتي
اغرورقت عينا رهف بالدموع لتهمس بفضول
– انت ازاي لسه عايزني بعد اللي حصل
لولا علمه أن سؤالها هو مجرد دحر الذعر من قلبها
وليس شك في إخلاصه لما جاوب عليها مطلقا
بل ازداد قربا وتمسكا بكلتا ذراعيها ليهمس
– ااخ لك اليوم يلي اجيتي فيه على المطبخ وكنتي لابسة فستان وفاردة شعراتك خطفتيني من أول لحظة
مسد يديها المتشنجة ليقر باعتراف صادق
– كنت بخاف عليكي من الهوا الطاير بخاف عليكي من عيون الرايح والجاي ،انا اخدت وعد عحالي احافظ عليكي …بس انت غرقتيني بحبببك
علق لسانها بسقف حلقها ولم تظن أن سيكون متهور فى تلك اللحظة ليعبر عن مشاعره وهي في المشفى
لحظة لما هي في المشفى ؟
غمغمت بتيه شديد
 -انا!!
هز نزار رأسه موافقا
– اي انت حبيبتي لا تستهوني بحالك
همت رهف بمعانقته إلا أن ذراعيها تخشبت تحت صوت صارخ قوي
-رهف
التفت رهف برأسها للجهة الأخرى لتتسع عيناها بذهول قبل أن تنطلق راكضة باتجاه نضال الذي اشتعلت عيناه بغضب نتيجة العرض الرخيص للرائح والغادي من المائع بجوارها
تيبست أطرافه حينما عانقته بقوة لتلف ذراعها حول عنقه وهي تهمس بعتاب
– تخليني زي المجنونة ادور عليك واجيلك البيت وفى الاخر مش راضي تخليني اطمن عليك
عقد نضال حاجبيه بتعجب ليسأله بنبرة متعجبة
– جيتي البيت
فغرت رهف شفتيها بصدمة لتري أسرار بجوار جيهان والمذيع الشهير الذي تسمع برنامجه كل خميس لتهمس بتأكيد
-ايوا جيتلك بعد يوم المحكمة، وجيتلك بعدها بيومين واللي مشغلها دي مكنتش طايقاني وبتقولي انك مسافر، كل ده تقدر تسبني وتبعتلي بوكية ورد بارد كل يوم صبح
عض نضال باطن خدها ليري دموعها الواشكة على الانهمار ليقول بصوت خافت
– انا اسف
التصقت رهف مرة أخرى بين ذراعيه ليربت نضال على ظهرها بامتنان مقبلا مقدمة رأسها، انسلت رهف بين ذراعيه لتقول بيأس
– بتبعد عني ليه يا نضاال، كنت محتاجالك بتبعد عني ليه
لمس نبرة الحاجة فى صوتها
وهو فى حالة حرجة وألم لا يحتاج لأن يضاف رصيد آخر من الآلآم الآخرين ليتحملهم ليعيد يهمس بصوت خافت لا يسمعه سواهم
– غصب عني
زمجرت رهف بيأس لتضرب صدره بحدة قائلة
– مفيش حاجة اسمها غصب عنك، اقتلك يا ابن الغانم لو فكرت تفرط فى مسؤولياتك
لف نضال نظرة نحو الجميع بمن فيهم المدللة التى تفرك يدها بتوتر وتحاول سؤال اي ممرضة فى الرواق، تيقظت كامل حواسه نحو بكاء الرضيع
بحياته لم يحضر موقف مجلل كهذا، شئ يضارب عواطفه ويزلزل عالمه ويجعلها أرض لينة
انفتح الباب لتخرج الطبيبة التى تنفست الصعداء قائلة بإبتسامة بشوشة
– الف مبروك المدام جابت بنت زي القمر
انحبس الهواء داخل رئتيه لتهتز حدقتيه وهو يرى  سعادة الجميع بالطفلة
لما طفلة؟
لما يقيدونه بهذا الشكل؟
يفرض عليهم حماية خانقة لا يتوقع من اي المبادرة والاستجابة لكن طبع غريزي متأصل به رغما عنه
اقتربت جيهان تسأل بقلق الى الطبيبة
– فريال كويسة
هزت الطبيبة رأسها والابتسامة لا تفارق وجهها
– المدام صحتها بخير متقلقوش والبيبي كمان
سارع نضال بالانزواء من هذا المكان قبل أن تنجر ساقيه إلى المقاصة
ارتفعت درجة الحرارة فى الأجواء ليسارع بفتح اول زرين من قميصه وهو يجلس على اقرب مقعد وجده، أرخى ظهره على المقعد ليتنفس بتوتر وحدة
جز نضال على اسنانه بفقدان سيطرة ليضم قبضة يده مستعدا للفتك باي شخص أمامه، انتبه على صوت اسرار القلق
– نضال
فتح جفنيه ليقرأ فى زرقة عينيها التساؤل الذى تهرب منه ليشيح برأسه للجهة الأخرى مما جعل أسرار تسأله
– عملتها ولا لأ طمني
اغلق نضال جفنيه ليجيبها بحدة
– عملتها يا اسرار، عملتها
انتظرها ان تغادر وتتركه في ظلمته، الا انها ببساطة جلست بجواره لتسأله بهدوء
– ليه
فتح جفنيه ليري ملامحها الساكنة، وفضول عينيها جعله يرضخ مستسلما لها
– الغبي هو اللى اتصرف بمعرفته، كنت بعاقبها ايوا.. قولت للمهندس يوقف حسابها لمدة من الوقت معرفش هو اتصرف من دماغه ولما عرفت باللي هببه حاولت اسيطر على اللي عمله بس للأسف متابعينها كانوا مستنين منها اقل غلطة عشان تتفضح
هز نضال رأسه بيأس شديد، ليلعن نسل العائلة التي لا تنجب سوى البنات
هل يظنونه اخطبوط ليحافظ و يحمي الفتيات من غفلة آبائهم، حتى شمس الصغيرة تجاهلها كل تلك المدة
ارخي جفنيه بإرهاق وهو يسمعها تمام بهدوء
– وعملت فيه ايه المهندس ده
انفرج عن نضال ابتسامة ساخرة ليقول
– وديته مصحة يقعد فيها فترة حلوة، ووصيت عليه
شهقت أسرار بذهول لتصيح بيأس
– انت.. انت ملكش حل
عاد اسمه يتكرر مرة أخرى لكن تلك المرة صوت رهف التي تجذبه من يده
– نضال
نظر اليها بعبوس لتقول له بحماس شديد
– تعالا شوف البيبي
تجهمت ملامح نضال لينزع يده عنها قائلا بصوت أجش
– مفيش داعي، انا كدا كدا همشي
ابتأست ملامح رهف للعبوس لتسارع بإمساك ساعده بقوة قائلة بحدة
– مش هتشيل بنت اخوك يعني؟
ثم لانت ملامحها تدريجيا لتقول بلين شديد
– فريال لما عرفت انك جيت أصرت انك تكون اول من تشيلها خصوصا ان وقاص مش هنا
ألقي نظرة نحو أسرار التي شجعته بعينيها، ليهز رأسه موافقا وهو يستقيم على مضض وفي قلبه رهبة وغصة
كونه الرجل الأول لحمل الصغيرة سيجعله رغما عنه حاميها ويكون مغلفها بحمايته
وهذا لا يرغبه
يريد الخلاص والانزواء وهم لا يكفون سوى دفعة دفعا
رهف تجذبه بانطلاق وملامح انثوية ناعمة ليهز رأسه بيأس حينما اقتحمت الغرفة بمن فيها، لتبقى العيون محدقة به
نضال الذي يمتلك من الجرأة ما يجعله يرفع رأسه ليطالع نحو المدللة جيهان ببرود ليقول بصوت أجش
– حمدلله على السلامة
رشقته جيهان بسهام نارية متوعدة لتهمس
– مش لايق عليك الاحترام
رخت جفون فريال لتتنهد براحة وهي تجعل رهف تحمل الصغيرة لتقدمها نحو نضال الذي ينازع كي لا يوافق على طلبهم
لكن صوت فريال المجهد شتت جميع دوافعه
– الله يسلمك يا نضال، سمي وانت بتشيل أسيل
اغمض نضال جفنيه بيأس ليمد يديه حاملا الرضيعة، لوهلة خشي من قطعة لحم حي صغير متحرك خصوصا انها بلا ملامح مميزة ليرتعش جسده بقوة وهو يميل مقتربا ناظرا للكائن الصغير النائم بعمق
انتفض جسده على صوت وقاص الذي اقتحم الباب قائلا بذعر
– فريااال
ارتسمت ابتسامة راضية على ثغر فريال جعل وقاص يميل مقبلا رأسها وهي تهمس اسمه بميوعة
– وقاص
عاد يقبل رأسها مرة أخرى ليغمغم باعتذار
– انا اسف بجد، انا عامل حسابي ان الولادة اخر الاسبوع زي ما  الدكتورة قالت
ربتت على صدره وهي تعلم مدى رفضه للسفر خاصة الأيام القليلة التى تسبق وضع حملها، لكن ما أصرت على وقاص للسفر إلا لمشكلة طارئة، غمغمت بهدوء
– حصل خير يا حبيبي، أسيل فى حضن عمها وواضح انها مستريحة على الاخر
اشمأزت ملامح جيهان للقرف لتقول بحدة
– الهي يا رب ينشق ويتبلع من الأرض
استقام وقاص وهو ينظر نحو نضال الذي يحمل طفلته، تضخم شعور بالمسؤولية والفضول ليري صغيرته المستكانة بين ذراعي عمها، انتبه نضال من شروده الصغيرة لقرب اخيه ليقول وهو يمد يده للطفلة
– شيل بنتك يا حامي العيلة
لمعت زرقة عينا وقاص بانبهار أشد وهو يراقب ملامحها الصغيرة عن كثب، لدرجة جعلته يخشي من حملها أو إزعاج نومها، سأله بنبرة غليظة
– كبرت فى ودانها
رجفت عينا نضال ليتحفص الصغيرة التى أوشكت على خروجه من سيطرته بقلق، ماذا يفعل كائن صغير به
مال نحو أذنها مكبرا ليرتعد جسد نضال محاولا التخلص من كمية المشاعر التي تكالبت عليه ليمد بجسد الصغيرة نحو أبيها الذي تلقفها بحذر قائلا بتعجل
– انا .. انا مضطر استأذن
تنهدت جيهان براحة شديدة لترخي بجسدها على ظهر المقعد قائلة
-غار واستريح
*****
فى قرية الغانم،،
تبادل كلا من سرمد وغسان مشاجرات يدوية وكلامية مما جعل سرمد يزفر بحنق محاولا عدم التهور كي لا تصاب رأسه المضمدة ليقول حانقًا وهو يترجل من سيارة غسان التى خطفته من عائلته لساعة من الوقت قبل العودة
-اهدأ يا احمق
ترجل غسان هو الاخر ولا يصدق غباء صديقه، كيف سمح لنفسه للانجراف بحب متهور غير عالما أبعاده
لكن مع ذلك ليس بيده شئ سوي إعانة صديقه ليضربه على ذراعه مما جعل سرمد يصرخ بخشونة
– توقف عن ضربي ايها الغبي
جذبه غسان بحدة نحو حديقة منزله ليصيح بحنق غير مصدقا الطرق الملتوية التي يتخذها صديقه لمقابلتها
– انت المتكاسل هنا، هيا انفض عنك اتربتك واذهب للفتاة
جلس سرمد على المقعد مريحا رأسه التى تطن بقوة أثر قيادة المتهور، بل هو المتهور الذي شجعه على القيادة بسرعة كي يقابلها في مشفى القرية حيث تزور إحدى قريباتها، هذا ما وضحته برسالة نصية سريعة قبل أن يهاتف غسان ويطلب منه على وجه السرعة لمقابلته
صاح بضجر شديد
– اذهب ماذا يا أحمق، ألا ترى أنني أتلقى العلاج ولا استطيع التحرك كثيرا
انفجر غسان ضاحكا بسخرية ليربت على ظهره قائلا بامتعاض
– غبي وأحمق ومدلل، افسدتك خالتي
تجهمت ملامح وجه سرمد وهو يلاحظ لفظ القرابة التي بدأ يستخدمها صديقه لوالدته ليصيح بخشونة
– لا تقل خالتي يا هذا
لمعت عينا غسان بتسلية شديدة وهو يقترب منه بمكر قائلا
-لماذا؟
صاح سرمد بحدة شديدة وهو يضم قبضة يده كي لا يلكم هذا الأحمق
-لانها امي، ولا توجد صلة تربطنا
ارخي غسان رأسه على ظهر المقعد ليرفع قدميه على المنضدة الصغيرة ليقول
-بلد والدتك من نفس بلدتي، يعني نحن من نفس البلد
زمجر سرمد بخشونة ويظن أنه إن لم يصمت صديقه سيضطر بقول اشياء سخيفة لا يريدها الآن ليصيح بحدة
– غبي
لوي غسان شفتيها قائلا بمكر شديد
– مغفل
زمجر سرمد بغضب ليستقيم من مقعده بحدة جعل رأسه تشتد لكن ركن ألمه جانبا، والتفت باحثا عن كلبه قائلا
– اين سيد؟
عقد غسان ساعديه على صدره قائلا ببرود ولم يكلف نفسه عناء الرد على سؤاله
– لا تلفت الانتباه كثيرا
مرر سرمد أنامله على شاربه بعد صلعه الحالي ليقول بامتعاض
– انت تعلم انني جئت من أجل سيد
انفجر غسان تلك المرة ضاحكا بسخرية وهو يستمع الى اغبي مبرر من صديقه ليقول بمكر
– يا صديق اكذب تلك الكذبة على شخص آخر
قاطع حديثهم نباح الكلب السعيد الذي يهز ذيله بقوة راكضا بأقصي سرعة نحو صديقه الحي، جلس سرمد على ركبتيه طالبا من سيد الهدوء كي لا يلقيه ارضا ليضع يده بتوجع على رأسه
– رويدا.. رويدا
استكانت لهفة سيد وهو ينظر الى صديقه الذي يداعب فراءه، لمعت عينا سيد حينما سأله
– أخبرني هل مزقت وجه ذلك ال****
نبح سيد بصوت قوي جعل سرمد يربت على ظهره قائلا بامتنان
– احب سماع هذا
دار سيد حول سرمد عدة مرات مما جعل سرمد ينفجر ضاحكا طالبا منه الصبر حينما رن هاتفه، تجاهل اتصال اخيه ليتصل بصاحبة العينين الكهرمانية التي أطاحت بعقله وجعلته يفقد اتزانه
رنة الأولى بالثانية والثالثة، ليتبعها استجابتها لاتصاله ليقول بصوت خشن
– شاديااه
استشعر زفرات انفاسها عبر الأثير ليسألها بصوت قوي
– أين انتِ؟
اجابته بهدوء شديد
– فى البيت
اتسعت عيناه ذهولا ليري أحلامه تبخرت لرؤيتها ليسألها بقوة
– ألم تزوري قريبتك لرؤية مولودها؟
عضت شادية شفتها السفلي بحرج شديد لتغمغم
– نعم زرتها مع بابا منذ ساعة
لم يكن ليستنكر هذا الأمر من والدها اطلاقا
بل لم يكن ليستنكر أي شئ من قبل والدها
صاح بلهجة عابثة وهو يصبر قلبه على زيارته لها فى الغد مع عائلته ليطمئن رجفة قلبه
– والدك يعلم كيف يحميكِ مني، لكن ليس بعد غد
استمع الى انفاسها السريعة وصوتها المتعثر
– هل أخذت موعدًا معه؟
أومأ برأسه ليغمغم قائلا
-نعم ولن تصدقي كيف حاولت المحافظة على ضغط النفس كي لا اقوم بقتل أي أحد يستطيع عرقلة زواجنا
شهقت شادية بذهول واضعة يدها على ثغرها محاولة استعادة سيطرة جسدها لتسأله بتخبط
– سرمد، كيف؟ أعني نيتك لم تكن واضحة للزواج، لما الآن؟
ولكي يدفع الفضول قليلا أجابها ببعض الغموض والعبث المتأصل به
– انتظريني حينما آتي إليكِ، سأجيبك على جميع أسئلتك، كوني بخير
تنهدت شادية بيأس وهى تسأله بصوت هادئ
– كيف حال رأسك؟
انتبه على صوت رسالة ليرفع هاتفه وهو يرى نص رسالة شقيقه المتوعدة، ليضطر إنهاء مكالمته مضطرًا
– لا زالت تؤلم قليلا، لكنني أتعافي.. سأقابلك في الغد
غمغمت شادية بكلمات غير مفهومة قبل أن تغلق الهاتف مما جعل سرمد يجيب على اتصال شقيقه ليبادر فى الهدر بوجهه
– ماذا يا أحمق
أجابه سامر بجمود شديد جعل الآخر يشعر بالقلق
– يجب عليك مقابلتي الآن
غمغم سرمد بفظاظة شديدة، فأخر ما يرغبه هو استماع تقريع
– أين يا أحمق، ثم أنا مشغول
زفر سامر بحدة قبل أن يهدر فى الهاتف صارخا
– الأمر يتعلق بامرأتك، هيا تعال
تجمدت أطرافه ليشعر بالبرودة التي تزحف أوردته
لا لا يصدق أيعقل أن والدها رفض زواجه منها
ممكن وهذا يبدو واقعيا خصيصا مفاجأة شادية لزيارته في الغد، أجلي حلقه وهو يمسد رأسه قائلا
-ماذا حدث؟
اجابه سامر بجمود شديد دون النية في الإفصاح ليقول
– لن ينفع الحديث فى الهاتف سرمد، اجعل غسان يعود بك للمنزل ثم سننطلق أنا وأنت
جز سرمد على ضروسه ساخطا ليغمغم بقلق
– انت تقلقني
هز سامر رأسه دون جدوى ليقول
– لا تقلق، الأمر فقط لن يتحمل التأجيل
نظر غسان بنظرات نارية نحو سيد الذي يرمقه شرزا ليصيح بحدة متوجها داخل منزله
-احمقان.. غبيان.. لعينان
تفاجئ بمن يفتح باب المنزل وصاحبة الخصلات الكستنائية خرجت من مخبئها اخيرا، ليلقي ابتسامة مقتضبة ردتها بإشاحة رأسها وهي تدير ظهرها لتغمغم عايشة
– بيسان لك اقعدي كمان ولو ،ماصرلك جاية من شوي
هزت بيسان رأسها وهي تميل لتطبع قبلة على وجنتيها قائلة
– مش عايزة اتأخر على ماما ولا على الضيوف الجايين .. متنسيش الساعة سبعة يا خالتو هيجو
طغي العبوس على ملامح عايشة إلا انها لا تملك سوى الدعاء فقط ولا ترغب سوي بسعادة ابنة شقيقتها، لتسمع تعليق غسان الفضولي
– ضيوف شوو؟
اغمضت بيسان جفنيها بنفاذ صبر، لتلتف برأسها إليه قائلة بفظاظة
– وانت مالك
اتسعت عينا غسان بشر جراء وقاحتها تلك المرأة، ليهم بإطلاق سبة الا ان امه قالت بعتاب أموي
– غسان
حتى أمه أصبحت فى صفها، يشعر أنه دخيل وليس ابنًا بحاجة لمن يدافع عنه أمام خضراء العينين، ليهز رأسه محوقلا ليقول
-لك امي ماحكينا شي عم اسال
غمغمت عايشة ببؤس شديد وهي تنظر الى بيسان التي تتحاشى النظر نحو غسان
توقعت انه يوجد بينهم شرارة، لكن لا شئ مما توقعته حدث
– فيه عريس جاي لبيسان
وقع الخبر كالصاعقة على رأس غسان الذي صاح بذهول
– يقصف عمرو
*****
عاد نضال إلى شقته ليلفه الظلام من كل جانب ليزيد من شعوره بالظلام، والبقعة المضيئة تبهت تدريجا فى جوف العتمة المستمدة من روحه..
انهار المحارب وخر ساقطًا بعد اكتشافه لنقاط ضعفه
مصدر قوته انحنت جانبًا بتخاذل مقزز له أمام الضوء القوي المبهر ليهز رأسه يائسا وقد كره النور
استاذ الظلام حتى تعلم الركض دون خوف من أى وجود عرقلة تمنع من الركض بحرية
إلا أن توقف بدلا التوجه لغرفته ليعود مرة أخرى للصالة، اين شقيته الصغيرة؟
شمسه التي لا يخشي من نورها ولا من إحالة أرضه جحيمّا
أوجس في نفسه خيفة لتتلون عيناه بشرر ناري وأسوأ الاحتمالات تتراءى أمام عينيه ليسمع صوت المربية
-مساء الخير يا نضال بيه انا
نهرها بحزم واضح وهو يقول بغلظة
– اششش مش عايز رط كتير
توترت أعصاب المربية لترتعش يديها قائلة
– انا .. انا كنت بس
صاح بصوت قوي ناهر
– فين شمس
عضت المربية شفتيها بقلق لتزيل الدمعة الخائنة وهى تجيبه بضعف
– ما هو ده اللي كنت بحاول اوصلهولك
اقترب منها والشك يتلاعب بأساوره ليهم بصفع المرأة حتما أو قتلها أهون ليصيح بنبرة مميتة
– البت فين
ارتعشت شفتي المربية وهي تبتعد عدة خطوات عنه قائلة بتوتر
– فـ … في….
أطاح  بمزهريه التى جددها للمرة الثلاثين ارضًا ليهدر فى وجهها قائلا
– ما تنطقييييي
صرخت المربية بفزع لتشير نحو غرفة ابنته قائلة
– فى اوضتها
زفر نضال بحدة ليسارع بالتوجه ناحية غرفة ابنته، والسكون المطبق فى عرفتها أرسل تيار بارد قشعرت من اب جسده ليهمس اسمها راجيا صحو شمسه
– شمس
ابتلع الغصة فى حلقه ليقوم بإشعال اضاءة الغرفة ليراها مستلقية على الفراش، اقترب منها ليتفحص وجهها الشاحب بجحوظ، مال ليضع أنامله على خدها لتصحو شمسه إلا أن أنامله انتفضت حينما شعر بحرارة جسدها العالية ليهمس بجزع
– شمس
سقط على ركبتيه وهو يكرر ندائها
لكن شمسه لا تستيقظ
شمسه غابت
وابتلعها بظلمته.

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *