روايات

رواية جاريه لا تصلح للمتعة الفصل الثاني 2 بقلم ساريتا

رواية جاريه لا تصلح للمتعة الفصل الثاني 2 بقلم ساريتا

رواية جاريه لا تصلح للمتعة البارت الثاني

رواية جاريه لا تصلح للمتعة الجزء الثاني

رواية جاريه لا تصلح للمتعة كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم ساريتا
رواية جاريه لا تصلح للمتعة كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم ساريتا

رواية جاريه لا تصلح للمتعة الحلقة الثانية

تأمل نظراتها المصدومة الغير مستوعبة لما نطقه لتوه بملامح جامدة يشوبها الكثير من النفور .. النفور لإمرأة كانت منذ ساعات بين ذراعيه يبثها رغبته وشوقه .. يعاملها بكل ما لديه من حب واحترام .. حب وإحترام لم تستحقه أبدا ..
منحها نظرة كارهة تماثل ذلك الكره الذي ملأ قلبه ناحيتها ثم هم بالتحرك بعيدا عنها خارج المنزل بأكمله لكنها كانت أسرع منه وهي تجذبه من ذراعه تديره نحوها تهتف بصوت لاهث متوسل :
” انتظر شهاب .. انتظر ارجوك .. ”
ثم تسأله محاولة ابتلاع صدمتها مما حدث قبل لحظات :
” لماذا فعلت هذا ..؟! لماذا ..؟!”
جذبها من شعرها بقسوة لتصرخ بوجع وهي تشعر بأصابعه تقبض على خصلاتها الشقراء بقوة تكاد تخلعها من مكانها ..
أجابها شهاب وهو ينظر الى عينيها الزرقاوين بنظرات حادة مخيفة :
” تسألين لماذا ..؟! أخبريني أنتِ .. لماذا ..؟! لماذا طلقتك يا زوجتي العزيزة ..؟! لماذا أيتها المحترمة ..؟! الشريفة .. ابنة الحسب والنسب ..”
صرخت بجزع وهي تحرر شعرها من أنامله القاسية :
” ماذا تقول أنت ..؟! ماذا تقصد ..؟!”
نظر الى عينيها المذعورتين بإستهزاء منها ومن إدعائها الجهل بما يقوله ليهتف بصوت صلب بارد :
” تدعين عدم المعرفة يا بوسي وتسألينني أيضا عما أقصده .. حسنا سأخبرك ما أقصده لكن قبلها دعيني اسألك سؤال مهم للغاية ..”
حدقت به بملامح مضطربة سيطر عليها الشحوب الكامل ما إن طرح سؤاله :
” أخبريني يا بوسي .. أخبريني يا طليقتي .. كم رجل دخل حياتك قبلي ..؟! كم رجل لمسك قبلي ..؟! ”
راقب ملامحها التي أصبحت مشدودة للغاية بينما عينيها تصارعان هزيمتهما التي أصبحت واضحة بالنسبة لها ..
لم تجب على سؤاله ولم ينتظر إجابتها بدوره فهو لم يعد مهتم لسماع أي مبررات بشأن هذا .. لقد عرف ما أراد واكتفى ..
رفعت عينيها المترددتين بخجل وقد بدت تحاول إستعطافه من خلال ذلك وقد تأكد ظنونه حينما وجدها تتحدث بصوت منخفض متردد :
” شهاب أقسم لك كان ماضيا .. كنت صغيرة و ..”
قاطعها بصرامة مخيفة :
” لا أريد أن أسمع .. لا يهمني كل هذا .. أريد شيئا واحدا فقط وهو أن تجمعي أغراضك وتخرجي من هذا المنزل الى الابد .. ورقة طلاقك سوف تصلك رسميا خلال اقرب فرصة .. سوف أسعى بكل جهدي كي أتخلص من إرتباط إسمك بإسمي ولو على الورق فقط .. حقوقك لن تأخذي منها شيئا لإنك بضاعة مستعملة وفاسدة ايضا ..”
تجمعت العبرات داخل عينيها وهي تستمع الى حديثه الجاف ونبرة الكره المسيطرة على صوته لتقول برجاء :
” ارجوك لا تفعل هذا .. أنتَ بهذه الطريقة تدمرني كليا .. سمعتي وسمعة عائلتي سوف تتدمر .. سوف ننتهي الى الابد .. ارجوك يا شهاب .. أتوسل إليك ..”
حدجها بنظرات باردة لا مبالية وهو يهتف بها :
” لا تهميني أنتِ و عائلتكِ بشيء .. فلتذهبوا جميعا الى الجحيم .. كان عليكِ أن تفكري بنفسك وعائلتك قبل أن تقومي بشيء حقير كهذا ..”
” اعتبرني شهد او دينا ..”
صاح بها بقوة أجفلتها :
” إياكِ .. إياكِ أن تجلبي سيرة واحدة من أخواتي على لسانك .. أخواتي أشرف فتيات وأنقى من أن تنطق واحدة مثلك إسميهما على لسانها ..”
كتمت غضبها بصعوبة كي لا تقول شيئا تندم عليه بينما سمعت صوته الغليظ يدوى قائلا :
” سأخرج الأن .. عندما أعود مساءا لا أريدك هنا .. هل فهمت ..؟! سأترك مهمة اخبار عائلتك بما حدث لكِ .. أنتِ حرة بما ستقولينه لهم ..”
ثم قال أخيرا بنبرة آمرة قبل أن يخرج من المنزل :
” وإياكِ ثم إياكِ أن تجلبي أي وسيط بيننا .. سواء من عائلتك او عائلتي .. حينها سوف ترين شيئا مني لم تريه من قبل ولن تريه فيما بعد ..”
هوت بجسدها على الأريكة وهي تسيطر على شهقاتها بصعوبة ..
اعتدلت في جلستها بعد لحظات وهي تفكر بما ستفعله وكيف ستتصرف لوحدها …
…………………………………………………………….
في فيلا محمد مختار ..
هبطت مرام درجات السلم وهي تعبث بهاتفها حينما وجدت الخادمة تقف أمامها تخبرها بأدب :
” السيد محمد يطلب منك أن تذهبي الى غرفة الطعام وتشاركيهم الإفطار يا أنسة ..”
رفعت وجهها من فوق هاتفها تمنحها ابتسامة صافية وهي تومأ برأسها قائلة :
” حسنا ..”
ثم تحركت متجهة الى غرفة الطعام بعدما وضعت هاتفها في حقيبتها ..
تقدمت نحوهم ملقية تحية الصباح وهي ترسم على شفتيها إبتسامة محببة قبل أن تشير الى عمها قائلة :
” اعذرني يا عمي لن أتناول فطوري معكم كالعادة فلدي موعد هام في الوزارة ..”
سألتها زوجة عمها هناء بسخرية خفية :
” جيد ما تفعلينه .. اذهبي وحاولي عسى ولعل تجدين وظيفة مفيدة هنا ..”
رمقتها مرام بنظرات هادئة وقد فهمت سخريتها تلك فهي تعرف تلك المرأة أكثر من نفسها لترد بصوت مرح قاصدة إغاظتها :
” بالطبع سأجد يا زوجة عمي ..”
ثم أكملت بصوت ذا مغزى وهي تغمز لها مدعية المزاح:
” فالوزارة هي من حددت هذا الموعد بعدما إطلعوا على شهادتي وإمكانيتي وعلموا أنني الأولى على دفعتي طوال فترة دراستي في إحدى أرقى جامعات أمريكا ..”
التوى فم هناء بإبتسامة متهكمة وهي ترد :
” اذا هنيئا لكِ بالوظيفة مقدما يا عزيزتي ..”
أومأت مرام رأسها بعدم إكتراث ثم إستأذنت منهم راحلة بينما نظرت هناء الى ابنتها صفا تشير بعينيها الى سراج الذي نهض لاحقا بخطيبته لتمط صفا شفتيها بضيق على أخيها و إهتمامه الزائد بخطيبته التي لا تطيقها كوالدتها تماما ..
اما في الخارج وقفت مرام أمام سراج الذي قال بجدية :
” سنخرج الليلة سويا .. هناك مكان رائع سنذهب إليه ..؟!”
سألته بخفة وهي ترفع حاجبها :
” هل تأخذ رأيي أم تخبرني بهذا وقد إتخذت قرار الخروج لوحدك ..؟!”
رد بغيظ :
” بالطبع أخذ رأيك يا مرام .. منذ متى ويحق لي أن أقرر شيء دون إذنك ..؟!”
خرجت جملته الأخيرة هازئة فتجاهلتها وهي تقول بجدية :
” هذا الطبيعي يا سراج .. أي شيء يخصنا لا يتم سوى برضا كلينا .. أما الأشياء التي تخصك فأنت لك الحرية في التصرف بها مثلما أفعل أنا فيما يخصني .. ”
أكملت بعدها بنبرة ذات مغزى :
” أظن أنك تعرفني جيدا وتعرف شخصيتي وطريقة تفكيري .. أليس كذلك ..؟!”
حدق بعينيها للحظات قبل أن يرد بهدوء :
” صحيح .. ”
ابتسمت بخفة وهي تسأل بفضول :
” اذا ، إلى أين سنذهب ..؟!”
أجابها بنبرة بدت لها رائقة :
” سوف تعرفين مساءا .. ”
سألته بترقب :
” هل هي مفاجئة ..؟!”
اومأ رأسه ثم أكمل بخبث وهو يغمز لها :
” مفاجئة خاصة يا مرام .. خاصة جدا ..”
جارته في عبثه الصريح وهي تقول :
” أتمنى ألا تشمل مفاجئتك بعض الأشياء الوقحة ..”
رد بمكر :
” تشمل الكثير منها ..”
اقتربت منه وقالت بينما تحاصر عينيه الزرقاوين بعينيها :
” أنتظر مفاجئتك بشوق شديد يا سراج ..”
ابتلع ريقه وهو يردد بصوت مبحوح :
” أنتِ تثيرين الكثير من الأشياء المجنونة بداخلي من خلال تصرفاتك هذه يا مرام ..”
ضحكت بعذوبة ثم قالت بنبرة مليئة بالإنوثة والغنج وهي تهز كتفيها :
” أعلم ذلك يا عزيزي وأستمتع به أيضا ..”
قال بنبرة صادقة :
” تعجبيني كثيرا حينما تدللين علي يا مرام .. تصبحين مشعة … مشعة بشكل يخطف القلب ..”
ابتسمت وهي تقول بنبرة ذات مغزى :
” أنا أعرف كيف أكون مدللة ناعمة يا سراج .. وكيف أكون مثيرة .. وأعرف أيضا كيف أكون عملية وجادة .. أنا أستطيع أن أكون بمختلف الحالات يا عزيزي .. لكن كل حالة لها وقتها ”
رد وهو يتمعن النظر في تفاصيل وجهها والتي لم تكن جميلة جدا بل ربما هي في مقياس الجمال عادية جدا لكن مرام في تصرفاتها وجرئتها وثقتها بنفسها تعطي لتلك الملامح شيئا مختلفا .. شيئا لا يدرك ماهيته لكنه يجذبه وبقوة :
” وهذا أكثر ما أحبه فيكِ ..”
أضاف وهو يداعب شفتيها بإبهامه :
” ولكن أحب أكثر الجزء المثير منك والذي تحرمينني منه يا مرام ..”
مالت بشفتيها الى جانب شفتيه تهتف بصوت خافت مغري :
” ربما سوف ترى هذا الجزء قريبا يا عزيزي .. لا أحد يعلم ..”
ثم أكملت وهي تقبل طرف شفته بخفة :
” أراك مساء واتمنى أن تكون مفاجئتك على قدر التوقعات ..”
ثم تحركت مبتعدة عنه يراقبها هو وحديثهما يتردد داخل اذنيه وهو يفكر أن هذه القبلة الجانبية سوف تتطور لشيء أخر في القريب العاجل وربما الليلة تحديدا ..
…………………………………………………………….
كانت مرام تسير نحو سيارتها حينما سمعت صوت رنين هاتفها فأخرجت الهاتف من الحقيبة لتتفاجئ بإسم بوسي يضيء الشاشة ..
أجابتها بسرعة رغم دهشتها من إتصال ابنة عمها الذي لم يحدث مسبقا سوى مرتين أو ثلاثة ليأتيها صوت بوسي بنبرته الغريبة :
” تعالي فورا يا مرام .. أنا أحتاجك .. لا تخبري أحدا بإتصالي هذا ولا بطلبي .. أرجوكِ لا تخبري أحدا ..”
ردت مرام بسرعة مندهشة من طلب بوسي الصادم :
” سآتي ولكن لدي موعد في الوزارة ..”
قاطعتها بوسي وهي تهتف بصوت مترجي :
” ارجوكِ لا تتركيني الأن .. لا أحد يستطيع أن يساعدني غيرك .. ”
ردت مرام بوجوم ..
” حسنا سآتي حالا .. فقط ارسلي لي الموقع ..”
ثم أغلقت الهاتف وأخذت تنظر إليه وهي تفكر في موعدها المهم مع أحد أهم المدراء في الوزارة ..
موعد مهم بالنسبة لها لكن طلب بوسي الغريب أقلقها وهي بالطبع لن تتركها في وضع كهذا بالرغم من كل ما بينهما من جفاء ..
سمعت صوت هاتفها يرن لتجد رسالة من بوسي بموقع منزلها فتنهدت وهي تغمغم بخيبة :
” يجب أن أتحدث معهم وأطلب منهم منحي موعدا أخرا مع إني أشك بقبولهم هذا ..”
ثم ركبت سيارتها وقادتها الى الموقع الذي أرسلته لها بوسي ..
وصلت بعد حوالي ثلث ساعة لتهبط من سيارتها تتأمل الفيلا الفخمة والتي لم تتوقع شيئا أقل منها لإبنة عمها بوسي بتفكيرها الذي ينحصر بالحصول على كل ما هو غالي وثمين وهذه الفيلا غالية بل خيالية بتصميمها المدهش وحداثة بناءها ..
فتحت لها بوسي الباب ويبدو أنها رأتها من النافذة المطلة على الخارج لتجذبها الى الداخل ثم تغلق الباب خلفها ..
نظرت مرام الى ملامح ابنة عمها المتألمة قبل أن ترى بوضوح أثار الصفعتين على وجنتها لتقترب منها بسرعة وهي تتفحص وجنتها وتردد بعدم تصديق :
” ما هذا ..؟! من فعل هذا ..؟!”
ثم احتدت ملامحها وهي تسأل :
” زوجك النذل .. أليس كذلك ..؟!”
أجابتها بوسي بتعب :
” دعينا نذهب اولا ونتحدث فيما بعد.. ”
لم تستوعب مرام نبرة بوسي ورجائها وحزن عينيها وهي تتذكر ابنة عمها طوال معرفتها بها بغرورها وعجرفتها لتهمس بهدوء :
” أين ستذهبين دون أن تأخذي حقك ..؟!”
ردت بوسي بمرارة:
” حقي .. أي حق بالضبط ..؟!”
صاحت مرام بجدية :
” حقك منه فهو ضربك ويجب أن يعاقب .. يجب أن تذهبي الى الشرطة وتقدمي بلاغ ضده ..”
قالت بوسي بسرعة :
” ارجوكِ لا .. لست بحاجة لمشكلة جديدة ..”
نظرت مرام إليها بذهول لتكمل بوسي :
” لنذهب الأن يا مرام .. من فضلك ..”
هزت مرام رأسها وهي تقول على مضض :
” كما تشائين ..”
بينما ذهبت بوسي الى غرفتها لتحمل حقائبها وتخرج من منزلها الذي دخلته قبل ساعات قليلة ..
….:………………………………………………………..
في منزل اكرم الخولي ..
تجلس نهى بجانب والدتها تبكي بلا توقف بينما الأخيرة تربت على كتفها بمواساة ..
تراقبها أختها نهلة بوجوم بينما والدها ينظر إليها بتحفز ليأتيه صرت نرمين زوجته وهي تقول :
” ماذا ستفعل الأن يا أكرم ..؟! كيف ستتصرف مع ذلك النذل ..؟! ”
أجابها أكرم وهو ينظر الى ابنته المنتحبة :
” ماذا سأفعل مثلا ..؟! ابنتك من فعلت بنفسها هذا حينما قبلت به زوجا .. ”
ازداد نحيب نهى لتحتضنها والدتها وهي تمنح زوجها نظرة حادة قابلها هو بلا مبالاة ليجدها تهتف بقوة :
” تصرف معه .. دعه يندم على ما فعله بإبنتك ..”
ضحك أكرم لا اراديا وهو يقول ساخرا :
” ظافر يندم .. اسم ظافر لا يجتمع مع الندم ابدا .. شخص مثله بلا احساس لن يندم مهما حدث .. إنه بلا إحساس يا نرمين .. متى سوف تفهمون هذا ..؟! لقد طلق ابنتك دون أن يرف له جفن .. وسوف تجدينه بعد عدة ايام يرسل اليها ورقة طلاقها رسميا ومعها حقوقها كاملة وينهي الموضوع تماما ..”
صاحت نهى من بين بكائها :
” والله سوف أقتله .. ذاك الحقير .. أنا لا أستحق هذا منه .. ليس بعد كل ما فعلته ..”
قالت نرمين بغيظ من زوجها وبروده :
” افعل شيئا يا أكرم .. الصفقات بيننا وبين عائلة الحداد ليست بقليلة أبدا ..”
حدجها بنظرات محذرة وهو يقول :
” لا دخل لأمور العمل في مشاكلنا الشخصية ..”
همت بالرد حينما نهض من مكانه وهو يحمل هاتفه مرددا :
” سوف أتصل بالمحامي لأفهم منه أكثر عن وضع ابنتك القادم وما سيترتب عليه ..”
هتفت زوجته بسرعة :
” واتصل بأخويك .. أليست نهى إبنة أخيهم ويجب أن يقفوا بجانبها في وضع كهذا .. ؟!”
ثم أردفت وهي تلوي فمها بضيق :
” لنرى ماذا سيفعل السيد جواد مع صديقه المقرب بعدما طلق ابنة عمه ..؟! ”
ردت نهلة بضيق من حديث والدتها الغير منطقي :
” وما علاقة جواد الآن ..؟! هو ليس بمسؤول عن صديقه .. كما إن ابنتك تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية ..”
منحتها نهى نظرة محتقنة بعدما ابتعدت من إحضان والدتها بينما ردت نرمين تزجرها :
” إصمتي أنتِ .. ”
ثم نهضت من مكانها واتجهت خارج الصالة حيث مكتب زوجها بعدما أشارت لإبنتها الصغرى :
” سأذهب وأرى ماذا سيفعل والدك العزيز .. ابقي بجانب أختك ..”
نظرت نهلة الى أختها بملامحها المليئة بالوجع فقالت وهي تنهض من مكانها وتجلس بجانبها :
” لا بأس يا نهى.. لا تحزني نفسك .. لقد حدث ما حدث .. سوف يعوضك الله خيرا عنه .. صدقيني زواجك منه كان أكبر خطأ ومن الجيد انه انتهى ..”
حدقت بها نهى للحظات قبل أن تقول :
” ولكنني لا أريد سواه .. أنا أحبه ولن أقبل برجل غيره ..”
سألتها نهلة بعدم تصديق :
” ما معنى هذا ..؟! هل ما زلتِ تودين الإستمرار معه ..؟! تريدين العودة إليه ..؟!”
” أتمنى ذلك .. ليتني أعود إليه ..”
قالتها نهى بعينين دامعتين لتصيح نهلة بلا وعي :
” ولكنه طلقة بالثلاث .. ”
ردت نهى بضعف :
” أعلم .. لكن ربما هناك حلا لهذه المعضلة ..”
” حلا ..؟!”
رددتها نهلة بإندهاش بينما نهى تكمل بشرود :
” فتوى او ما شابه ..كما إننا لا نعلم بعد حكم الشرع فيما حدث .. ربما لم يكون واعيا او ..”
حل الصمت للحظات قبل ان تهتف بسرعة وقد تذكرت أمرا هاما :
” لحظة هو لم يقل طالق بالثلاث .. يعني كرر كلمة طلاق ثلاث مرات .. هل يمكن ..؟!”
خفتت نبرتها وهي تكمل برجاء غير منتبهة لملامح أختها التي شعرت بمدى خطورة وضعها :
” ربما تكرار الكلام لا يعتبر طلاقا .. ربما يجب أن يقول ثلاث .. أنا لا أعلم بعد ..”
ثم أكملت وعينيها تشع بأمل :
” دعينا نبحث على الانترنت او نسأل شيخا مثلا .. ”
” نهى ..”
قالتها نهلة بصوت باهت وملامح شاحبة لتتطلع إليها بملامح اختفى الأمل منها حينما سمعتا صوت والدهما وهو يهتف بهما :
” أعمامك سوف يصلون بعد قليل .. لا أريد لأي واحدة منكم أن تتواجد في الطابق السفلي ..”
هزت نهلة رأسها بتفهم ثم أشارت الى أختها :
” دعينا نذهب الى غرفتي يا نهى ..”
نهضت نهى من مكانها تتبع أختها بينما والدهما يتابعهما بملامح حزينة وهو يفكر في وضع ابنته السيء والذي يتحمل جزءا منه حينما وافقها على هذه الزيجة ولم يمنعها عنها ..
…………………………………………………………………
في منزل رياض الحداد ..
اندفع رياض الى صالة الجلوس وهو يحمل هاتفه بيده بعدما أنهى مكالمته يصيح على زوجته بصوت منفعل :
” هل علمتِ بما فعله ابنك يا زوجتي العزيزة ..؟!”
انتفضت علا من مكانها تسأله بوجل :
” ماذا حدث ..؟! ماذا فعل ظافر ..؟!”
رد رياض بغضب كبير :
” طلق زوجته .. ابنك المحترم طلق زوجته .. ما رأيك الأن ..؟!”
شهقت علا لا اراديا ثم سألته بتوتر :
” طلقها .. طلقها يا رياض ..”
رد رياض ساخرا :
” نعم طلقها يا علا .. هل رأيتِ الى أي مدى وصلت جرئة ابنك ولا مبالاته ..؟!”
جف حلقها وهي تقول :
” يا الهي .. كيف يفعل شيئا كهذا ..؟! ألم يفكر بي قليلا ..؟! كيف سأنظر في وجه نرمين بعد الأن ..؟!”
صاح بعدم تصديق :
” هذا ما يهمك .. كيف ستنظرين في وجه صديقتك العزيزة ..؟! ماذا عني أنا ..؟؟ وماذا عن أعمالي وشراكتي أنا وأخي وزوج أختي مع عائلة الخولي ..؟! أخبريني ماذا سنفعل ..؟؟”
توقف عن حديثه حينما دلفت ابنته الصغرى الى الداخل بملامح جامدة ليهتف بها بسرعة :
” تعالي يا فيروز .. تعالي لتسمعي ما فعله أخوكِ العزيز بنا .. ابني الوحيد ووريثي الذي من المفترض أن أعتمد عليه في كل شيء ..”
ردت فيروز بضيق خفي :
” صياحكم وصل الى جناحي لدرجة أنني إستيقظت من نومي .. ألا يستطيع أحد أن يرتاح في هذا المنزل قليلا ..؟!”
رمتها والدتها بنظرات محذرة قابلتها بلا مبالاة قبل أن يدوي صوت والدها عاليا :
” هذا ما يهمك .. نعتذر يا انسة فيروز لأننا أيقظناكِ من نومتك المبجلة .. ”
ثم أكمل وهو ينظر إليها بغضب مكتوم :
” كم أنتِ باردة وعديمة الاحساس يا فتاة ..؟!”
ردت بعينين حادتين تلمعان بقوة :
” لا أسمح لكِ أن تتحدث عني بهذا الشكل .. ”
ثم أكملت هازئة :
” تتحدث عن الأحساس وأنت لم تهتم بإبنك وأحاسيسه حينما أجبرته على الإقتران بمن لا يريدها فقط لأجل مصالحك الشخصية ..”
احتقنت ملامحه من حديثها الوقح ليرد وهو بالكاد يسيطر على نفسه كي لا يفعل شيئا يندم عليه :
” ما زلتِ تعتقدين أنني فعلت هذا لأجل مصالحي وليس لأجله .. لماذا لا تفهمين أنني أردت بتلك الزيجة أن ينسى تلك الفتاة ..؟! لماذا لا تستوعبين هذا ..؟!”
صاحت بصوت منفعل :
” لكنه لم يفعل .. لم ينسها .. وأنت لم تنجح بما أردته .. ”
أكملت وهي تنظر إليه بقوة :
” عليك أن تعترف بأنك المسؤول الوحيد عما حدث ..؟! لقد ظلمت ابنك وظلمت نهى مثلما اعتدت أن تظلم الجميع ..”
نظر إليها بصمت ثم رد بهدوء غريب لا يشبه إنفعاله الشديد قبل لحظات :
” لم أكن أعلم أنه يحبها الى هذه الدرجة ..لم أظن أنها ستبقى داخله بعد كل هذه السنوات ..”
هتفت بتهكم :
” ربما لأنك لم تعتد على الوفاء .. لأنك لا تعرف معنى أن يحب رجلا إمرأة الى الابد والأهم أن يبقى مخلصا لها .. هذه صفات أنت لن تستوعبها لأنك لم تجربها مسبقا ..”
صاحت والدتها بضيق :
” حسنا يكفي .. أرجوكما يكفي .. توقفا عن كل هذا .. ابني مختفي ولا أعلم أين هو .. أخاف أن يصيبه مكروه ..”
توقفت عن حديثها وهي تستمع الى صوت جواد الذي اقتحم المكان مرددا :
” أين ظافر يا عمي .. ؟! أين ابنك المحترم ..؟!”
أجابه رياض بصوت ثقيل :
” لا أعلم ..”
” بالطبع لن تعلم .. طالما ظافر بك هرب بعيدا بعد أن فجر قنبلته فأنت لن تعلم مكانه ..”
قالت علا محاولة امتصاص غضب جواد :
” حسنا يا جواد .. اهدأ يا بني .. بالتأكيد سوف يعود ونفهم منه كل شيء ..”
قاطعها محاولا التحكم بنبرة صوته في ظل وجود والدة صديقه التي يحترمها للغاية :
” ماذا سنفهم يا خالتي ..؟! ابنك طلق نهى دون أن يضع إعتبارا لأي أحد منا .. لا للشراكة التي بيننا ولا للصداقة التي نشأت بين العائلتين والأهم لم يضع إعتبارا لصداقتنا بل إخوتنا التي بدأت منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما ..”
اخفضت علا رأسها بخجل بينما هتفت فيروز بضيق مكتوم :
” ألا ترى أنك تبالغ قليلا يا جواد ..؟! إن كانت مشكلتك حقا في الطلاق فهذا شيء بديهي يحدث في كل عائلة .. فظافر ليس اول من يفعلها وإن كانت مشكلتك في طريقة حدوث الطلاق فظافر بالتأكيد لم يطلقها بدون سبب .. ”
” وما هو السبب يا فيروز ..؟!”
سألته محاولا كتم غيظه من برودها المستفز لترد وهي تهز كتفيها بلا مبالاة :
” لا أعلم ولا يهمني أن أعلم .. لأنني لا أتدخل بأمور لا تعنيني ..”
ثم أردفت وهي تنتقي كلماتها بحكمة :
” لكن دعنا نتحدث بصراحة يا جواد .. كلانا يعلم أن هذه الزيجة خطأ منذ البداية .. وأن استمرارها كان مستحيلا .. نهى كانت تذبل أكثر مع كل يوم تقضيه مع ظافر .. أما ظافر فهو قد فقد شعوره بالحياة منذ سنوات .. ليس من العدل أن تتحدث بهذه الطريقة وتحاسب ظافر على صداقتكما الطويلة والعميقة بينما أنت بدورك لم تهتم بهذه الصداقة بموقفك هذا ..”
رد جواد مستنكرا حديثها :
” أنا ..؟! أنا يا فيروز ..؟! لو كان ما تقولينه صحيح ما كنت تغاضيت عن معاملته الجافة مع نهى طوال تلك السنوات بحجة عدم التدخل بينهما كما قلت أنت منذ لحظات بالرغم من كون نهى ابنة عمي وبمثابة اخت لي خاصة أنه لا يوجد لديها أخ كبير مسؤول عنها .. ”
ردت فيروز بدورها :
” أتفهم هذا جيدا يا جواد .. ولكن ماذا عن ظافر ..؟! ماذا عن وضعه ..؟! وضعه الذي تعلمه جيدا بل وعايشته أيضا .. أنت أكثر من يعلم معاناته ووجعه ومع هذا تقف أمامنا وتتحدث عن ظافر وعدم تقديره لصداقتكما بينما انت تقف ضده في وضع كهذا دون أن تضع إعتبارا ولو واحد بالمئة لوضعه ومعاناته .. اذا أنت أيضا لم تعطي صداقتكما حقها وتقديرها ..”
” هل تطلبين مني الوقوف بصف أخيك ضد ابنة عمي التي خطأها الوحيد كان إنها أحبت اخيكِ ..؟!”
هزت رأسها نفيا وهي ترد :
” كلا .. بالطبع لا أطلب هذا .. ولكني أطلب منك ألا تنسى كل شيء يمر به ظافر وتتهمه دون مراعاة فقط كي تقف بجانب ابنة عمك التي بدورها كانت تعلم جيدا بمشاكل ظافر وعدم رغبته بالزواج منها لتأتي أنت وتحاول أن تضعها بموقف الفتاة الضحية بينما هي نفسها من إختارت كل هذا وهي الوحيدة المسؤولة عما وصلت اليه ..”
قال جواد مستنكرا حديثها :
” انتبهي على حديثك يا فيروز ولا تنسي إنها فتاة مثلك .. وربما سوف تمرين بتجربة مشابهة لتجربتها يوما ما ..”
رفعت رأسها وهي تردد بثقة :
” ربما بالفعل قد أمر بتجربة طلاق مماثلة لكنني لن أهدر كرامتي إزاء مشاعر سخيفه مع رجل لا يراني من الأساس ..”
نظر إليها بغضب مميت قابلته هي بإبتسامة باردة ليلتف نحو والدها قائلا بهدوء مصطنع :
” أخبره أنني لا أرغب برؤية وجهه بعد الان .. من الأن فصاعدا كل ما بيننا انتهى .. لو بيدي لأنهيت حتى شراكتنا لكن هذا ليس قراري لوحدي .. ”
أنهى كلماته ورحل ليلتفت رياض نحو فيروز هاتفا بصوت مغتاظ :
” هل كان يوجد داعي لإعطاءه محاضرتك تلك ..؟! ألا يكفي ما فعله أخيكِ ..؟!”
ردت بعدم اهتمام :
” هو من بدأ .. كما إنني لم أقل شيئا خاطئا وتحدثت بكل هدوء وأدب ..”
سألها متجاهلا حديثها :
” ألا تعلمين أين هو ..؟!”
سألته مدعية الغباء :
” من تقصد ..؟!”
كتم غضبه وهو يرد :
” من أقصد مثلا ..؟! بالطبع ظافر بك ..”
أجابته كاذبة :
” بالطبع لا أعلم ..”
أغمض رياض عينيه بنفاذ صبر بينما جلست علا على الكنبة بوهن لتشرد هي تتذكر مكالمة أخيها المقتضبة قبل أن يغلق هاتفه :
” طيارتي إلى باريس بعد أقل من نصف ساعة .. لا أعلم متى سأعود لكن ليس قبل عدة أشهر على الأقل .. أخبريهم بذلك كما أخبريهم أيضا أنني سألغي خطي ولن أتواصل مع احد الفترة القادمة فلا يتعبوا أنفسهم بمحاولة الوصول الي .. حقوق نهى عند والدي .. فليدفعها هو وينهي الموضوع برمته مع عائلة الخولي .. واذا اعترض عل هذا ذكريه أنه المسؤول عن هذه الزيجة التي لم أرغب بها يوما ..”
………………………………………………………………
خرجت لينا من غرفتها تبحث عن والدتها بعينيها لتشعر بها خلفها تهتف بها :
” إستيقظت أخيرا يا لينو …”
ابتسمت لينا بهدوء بينما سمعت والدتها تكمل :
” اتبعيني الى المطبخ كي أعد لكِ طعام الإفطار ..”
ردت لينا بسرعة :
” كلا لا أريد .. فقط أريد كوبا من الكاكاو خاصتك الذي أحبه كثيرا …”
ابتسمت والدتها بحنو وهي تقول بسرعة :
” سأعده لك فورا …”
ثم سارعت لإعداده وهي تتحدث بجدية :
” لقد تحدثت مع ضحى اليوم ..”
سألتها لينا بإهتمام :
” حقا ..؟! كيف حالها ..؟! ”
أجابتها حنان وهي تخرج علبة الحليب من مكانها :
” بخير .. سألت عنك كثيرا .. تقول أنها ستأتي الى البلاد خلال شهرين او ثلاثة بالكثير باذن الله .. ”
” هذا خبر رائع فأنا اشتقت لها حقا ..”
قالتها لينا بفرحة حقيقية لتبتسم حنان وهي تتمنى بداخلها أن تأني ضحى بأقرب وقت فهي تعلم مدى مقدار إشتياق لينا لأختها وكم عانت بعد سفرها الى الخارج بعدما تزوجت من مهندس مقيم في ألمانيا ..
” وما أخبار ولدها الشقي حبيب خالته ..؟!”
تألقت عيني والدتها بسعادة حقيقية بعدما ذكرت إسم حفيدها الأول أمامها لتهتف بلهفة :
“‘مشاكس كالعادة .. وأختك تتذمر منه ..”
ضحكت لينا بينما سألتها حنان بجدية :
” لينو ، ما رأيك أن نذهب لأحد المولات كي نتسوق قليلا .. ؟! ”
نظرت لينا اليها بتردد وهي تقاوم رغبتها في الرفض لتنجح أخيرا بذلك وهي ترد :
” حسنا موافقة .. ولكن دعيها مساءا فأنا سأذهب بعد قليل الى الشركة ..”
سألتها والدتها مندهشة :
” الشركة ..؟! لماذا ستذهبين ..؟! أقصد يعني مر وقت طويل على عدم ذهابك ..”
قالت لينا بهدوء :
” لهذا السبب يجب أن أذهب .. لقد أصبحت بخير .. لا داعي لمكوثي في المنزل أكثر ..”
نظرت والدتها إليها بتدقيق قبل أن تقول أخيرا :
” كما تريدين يا لينا.. مع إن أصحاب الشركة اللذين هم بالأساس عائلة هشام لم ينزعجوا أبدا من غيابك المسبق فهم بالطبع متفهمين وضعك ..”
قالت لينا بضيق شديد :
” ولكن أنا منزعجة ..”
ثم أردفت وهي تهتف بجدية :
” هم لم يقصروا حقا ولكن ما سبب استمرار عملي لديهم رغم غيابي المتكرر بل و ومبالغتهم بمراعاتي غير كوني خطيبة أحد أفرادهم ..؟! ”
ردت والدتها بوضوح :
” وهذا سبب أكثر من كافي يا لينا .. أنت أصبحتِ تنتمين لهم بعد إرتباطك بولدهم .. والطبيعي أن تكون معاملتهم لكِ مختلفة ..”
أومأت برأسها دون رد فلم يكن لديها الرغبة في النقاش بهذا الموضوع تحديدا..
حملت كوبها واتجهت الى غرفتها بعدما أخبرت والدتها أنها سوف تشربه هناك ثم ترتدي ملابس الخروج بسرعة ..
أنهت مشروبها ثم أخرجت لها ملابس مناسبة بسرعة قبل أن تهم بخلع الجزء العلوي من بيجامتها لكنها توقفت وهي تشعر بضربات قلبها تتصاعد لا إراديا بينما يديها عاجزتين عن خلع ملابسها عنها لتجلس على السرير بضعف تكتم دموعها بقوة ..
ظلت على وضعها للحظات قبل أن ترمي الملابس بعيدا وتتمدد على سريرها تضم جسدها بقوة وتبكي بصمت ..
…..:……………………………………………………………
فتحت ماريا عينيها الزرقاوين قبل أن تقفز من مكانها وذكريات ما حدث البارحة تطاردها ..
تأملت الساعة والتي لم تتجاوز العاشرة صباحا وهي تفكر أنها لم تنم حتى الخامسة صباحا وهاهي تستيقظ بعد ساعات قليلة دون أن تأخذ كفايتها من النوم ..
نهضت من فوق سريرها وهي تحاول ان تبعد ذكريات الليلة الماضية عنها ..
تقدمت نحو النافذة الواسعة تتأمل الحديقة الخارجية منها بملامح هادئة سرعان ما تعكرت وهي تسمع أكثر صوت تكرهه يخترق مسامعها ..
” جيد أنكِ مستيقظة ..”
قالتها رويدا وهي تغلق الباب خلفها ثم تتأمل ملامح ابنتها الجامدة بتروي لتجد ماريا تهتف ببرود :
” أليس من المفترض أن تستأذني قبل دخولك ..؟!”
ردت رويدا بجدية :
” ظننتك نائمة فدخلت كي أوقظك ..”
” هذا ليس مبررا … غير مسموح لكِ أبدا بالدخول الى أي مكان خاص بي دون إستئذان ..”
قالتها ماريا بصرامة لتضم رويدا شفتيها بقوة قبل أن تقول بلطف مصطنع :
” لقد جئت لكِ بأخبار رائعة ..”
ردت ماريا هازئة :
” أخبار رائعة ..؟! ومنك أنتِ ..؟! لا أصدق هذا ..”
قالت رويدا متجاهلة حديثها الساخر :
” لقد نجحت في إستعادة الفيلا يا ماريا .. مبارك لكِ ..”
بهتت ملامح ماريا لا إراديا وهي تستمع الى حديث والدتها .. من المفترض أن تكون سعيدة بخبر كهذا فالمنزل الذي قضت به طفولتها وأجمل أيام حياتها قد عاد إليهم ولكنها تعلم جيدا ما وراء ذلك وما تنوي عليه والدتها من هذا ..
أعادت ملامحها الى صلابتها المعتادة وهي تسأل ببرود :
” اذا لقد نجح السيد عصام بذلك .. يبدو أنه مستعجلا للغاية على إتمام كل شيء .. ”
ثم أردفت وهي تغمغم بنبرة ذات مغزى :
” مساء البارحة كان سوف يعيد وفي ظرف سويعات قليلة أعادها .. يا سبحان الله ..”
ردت رويدا بغيظ :
” برأيي هذا كله غير مهم .. المهم أن الفيلا عادت إلينا .. ومن المفترض أن نشعر بالإمتنان للسيد عصام بدلا من الحديث في أشياء جانبية لا معنى لها ..”
هزت ماريا رأسها وهي تهتف بها :
” نعم سوف نشكره .. لكن كيف سنفعل ذلك ..؟! هل لديك طريقة معينة ..؟! فأنتِ متخصصة في طرق الشكر غير المعتادة ..”
” تسخرين مني .. أليس كذلك ..؟!”
قالتها رويدا بضيق لترد ماريا بأسف مصطنع :
” حاشا لله أن أسخر منك يا والدتي العزيزة .. أنا فقط أقول الحقيقة ..”
قالت رويدا وقد نفذ صبرها وملت من هذه اللعبة فهي تحب أن تنفذ قراراتها بالعادة بسرعة دون مماطلة :
” طالما أنك تعلمين كل شيء وتفهمين ما يجري ، لماذا تماطلين إذا ..؟! ”
أجابتها ماريا بقوة :
” أنا لا أماطل .. أنا أرفض الموضوع .. أنهيه تماما .. ”
” تظنين أن إنهاء الموضوع من عدمه قرارك ..؟!”
سألتها والدتها بسخرية لترد ماريا بغضب مكتوم :
” نعم قراري .. قراري انا وحدي .. وليس قرارك بالتأكيد ..”
اقتربت رويدا منها حتى وقفت أمامها تهتف بقوة وثقة :
” بل هو قراري يا ماريا .. كل شيء يتم بإرادتي .. أنا وحدي .. أما أنتِ فعليكِ أن تنفذي ما أقرره كما فعلتِ دوما …”
تحشرج صوت ماريا وهي تقول :
” أكرهك .. لا أكرهك فقط وإنما أحتقرك .. أحتقرك وأشمئز منك ومن نفسي لأنني أحمل دمائك اللعينة ..”
صفعة قاسية هطلت على وجهها تلقتها ماريا بجمود تام ونظرات قوية لا يظهر بها أي تأثر من أي نوع لتسمع والدتها وهي تهتف قبل خروجها :
” طيارتنا الى البلاد بعد ثلاث أيام .. جهزي نفسك .. ”
……………………………………………………………….
تأملت مرام بوسي الواجمة بملل فهاهي تجلس قبالها منذ أكثر من ساعتين دون أن تفهم منها شيئا واحدا ..
تأملت الجناح الفندقي الفخم بضيق وهي تتذكر كيف جاءت بها الى هنا لتتفاجئ بها بعد لحظات يغمى عليها فتسارع بأخذها الى الطبيب الذي أخبرها أن ضغطها قد هبط وطلب منها أن تطعمها بعض الأطعمة التي سوف تساعد برفع ضغطها لتخرجان سويا من المشفى بعد حوالي ساعة وقد استقر ضغطها قليلا فتعودان الى الفندق وتبدأ مرام رحلتها الصعبة بإقناع بوسي بضرورة تناول طعامها بينما الأخيرة تعاند بتعنت مزعج ..
قالت مرام أخيرا محاولة قطع هذا الصمت المستمر :
” ماذا الأن يا بوسي ..؟! ألن تقولي شيئا ..؟!”
ردت بوسي أخيرا وقد شعرت بدورها أن عليها التحدث مع مرام كونها الوحيدة التي من الممكن أن تتقبل الحقيقة بل وربما تساعدها فهي لن تجرؤ على إخبار أي أحد بفعلتها تلك حتى أختها الوحيدة التي سوف تغضب منها بشدة بل وسوف تتفنن بإلقاء كافة الكلمات المزعجة على مسامعها لذا فإن مرام الخيار الأفضل أمامها وهي كونها عاشت طوال حياتها في أمريكا فسوف تتفهم وضعها وخطأها :
” سوف أتحدث .. علك تساعديني يا مرام ..”
أومأت مرام برأسها وهي تنظر إليها بترقب بينما بدأت بوسي حديثها لتستمع مرام إليها بإذعان :
” لقد حدث كل شيء قبل عامين .. تعرفت على شاب من عائلة غنية .. شاب غني ووسيم .. بدأ يقترب مني وأنا انجذب إليه ثم تطورت علاقتنا و ..”
قالت مرام نيابة عنها :
” تطورت الى علاقة جسدية ، أليس كذلك ..؟!”
أومأت بوسي برأسها لتهتف مرام بجدية :
” حسنا ، ولكن لا أفهم .. ألم تخبري خطيبك بذلك ..؟! ”
حدقت بها بوسي مصدومة قبل أن تقول :
” ماذا تقولين أنتِ يا مرام ..؟! أخبره بماذا ..؟! هل كان سينظر الى وجهي لو أخبرته أنني كنت على علاقة كاملة مع غيره ..؟!”
مطت مرام شفتيها وقالت :
” هذا برمته كان سيكون أفضل من إكتشافه هذا بعد الزفاف .. ”
” لم يكن ليكتشف شيء يا مرام ..”
قالتها بوسي بخيبة لتسألها مرام بدهشة :
” كيف يعني ..؟! بالطبع كان سيكتشف ..”
نظرت اليها بوسي بصمت لتجحظ عينا مرام وهي تهتف بعدم تصديق :
” يا إلهي لا أصدق .. كيف فعلت هذا ..؟! هذا غش وخداع ..”
نهرتها بوسي بضيق :
” اتركينا من المثاليات الفارغة الأن يا مرام .. لم يكن أمامي حل أخر.. لم يكن ليقبل بي .. لا هو ولا غيره ..”
ردت مرام بقوة :
” اسمعيني يا بوسي .. أنا لا أهتم لموضوع العذرية الذي تقدسونه أنتم بشكل غريب .. فأنا أرى أن لكل أنثى حقها في عيش ما تريد من تجارب تخصها هي وحدها وأن الرجل عليه أن يحاسب زوجته او حتى حبيبته في مرحلة ارتبطاهما أما ماضيها يخصها وحدها لكنني ضد الخداع .. مثلما لدي حقي الخاص بالمرور بكل التجارب التي أريدها فلدى شريكي القادم الحق في الاستمرار معي بكل تلك التجارب أو لا .. نعم عدم تقبله لذلك تخلف ورجعيه أمقتها بشدة .. ربما أنا أحتقر رجلا مثل زوجك هذا لكنني لن أنكر خداعك له يا بوسي..”
” هل سوف تتركيني يا مرام ..؟! لا أحد يستطيع مساعدتي سواك .. لا أحد سيتقبل خطأي هذا غيرك .. شهاب طلقني .. فضيحتي قادمك لا محالة ..”
اتسعت عينيها بصدمة قبل أن تردد بضيق :
” طلقك أيضا .. كم هو نذل ..؟!”
” مرام أرجوكِ .. افعلي شيئا .. ”
” ماذا سأفعل يعني ..؟!”
سألتها مرام بحيرة لترد بوسي بترجي :
” يجب أن يردني الى عصمته وإلا سمعتي وسمعة عائلتي سوف تتدمر .. فضيحتنا سوف تصبح سيرة يتناقلها الجميع .. أنتِ تعلمين معنى أن تتطلق واحدة صبيحة زفافها .. يا إلهي .. سوف أنتهي .. والدي يموت فيها والله ..”
نظرت مرام إليها بصمت لتكمل بوسي :
” يجب ألا يعلم أحد بما حدث اليوم ويجب أن أعود الى منزلي ..”
ثم أكملت بصوت مرتجف :
” الجميع يظن أني سافرت صباحا الى أوروبا .. ”
قاطعتها مرام :
” هل تظنين أن شهاب لم يخبر عائلته بعد ..؟!”
هزت بوسي رأسها نفيا وهي تجيب :
” لن يفعل .. ينتظرني أنا أفعل وأبلغ عائلتي اولا .. لذا يجب أن نستعجل .. يجب أن يردني إليه قبل أن ينكشف كل شيء ..”
سألتها مرام بعدم استيعاب :
” كيف .. ؟!”
لتجيبها بوسي بعد لحظات وهي ترجوها أن تذهب الى شهاب وتتحدث معه على إنفراد عله هدأ قليلا ..
………………………………………………………….
هبطت هالة درجات السلم وهي تستمع الى صوت والدتها التي يبدو أنها تتحدث مع زوجة خالها سهر تخبرها عن طلاق نهى ابنة عمها ..
سمعت هالة صوت والدتها تودع زوجة خالها أخيرا لتلتفت إليها وهي تقول :
” استيقظتِ أخيرا يا انسة هالة ..؟!”
ابتسمت هالة وهي ترد :
” نعم إستيقظت وجائعة للغاية ..”
” العشاء جاهز .. أنتظر قدوم والدك وأخوتك كي نتناوله سويا ..”
سألتها هالة بإستغراب :
” جميعهم في الخارج ..؟!”
أومأت والدتها برأسها وهي تجيب :
” والدك وجواد ذهبا منذ الصباح الى منزل عمك كما تعلمين .. هشام لم يعد الى المنزل بعد .. وغيث لم يعد هو الأخر من عمله ..”
ما انتهت من حديثها حتى وجدت هشام يدلف إليهما ملقيا تحية المساء لتلتفت هالة إليه وهي تبتسم بخفة ليمنحها إبتسامة لم تصل الى عينيه وهو يشير الى والدته قائلا :
” أنا متعب للغاية .. سوف أنام فورا فلا توقظيني لأجل الطعام .. ”
سألته والدته بإهتمام :
” ما بك حبيبي ..؟! تبدو حزينا هذه الأيام ..”
رد هشام وهو يكتم تلك المرارة التي يمتلأ بها قلبه :
” انا بخير حبيبتي .. اطمئني ..”
ثم رحل تاركا والدته تنظر الى ابنتها بضيق على حال إبنها الأوسط قبل أن تسمع صوت زوجها وولدها الأكبر يلجان الى الداخل ..
تمعنت النظر في وجه جواد الواجم والذي يماثله وجه زوجها وجوما لتهتف بسرعة وهي تستقبلهما بترحيب محاولة كسر ذلك الضيق الذي يملأ ملامحهما :
” اهلا بكما .. وأخيرا عدتما .. كيف حال نهى ..؟! وكيف حال أكرم ونرمين ..؟!”
أجابها عامر زوجها بهدوء :
” جيدون .. لقد حدث ما حدث .. هكذا أفضل للجميع ..”
” اذا لا يوجد أمل للعودة ..؟!”
سألتهما نازك ليرد جواد هذه المرة بعصبية :
” أي عودة يا أمي ..؟! أي عودة بعدما فعله ظافر ..؟! والله لو بكي ندما ما كنت لأعيدها إليه ..”
حذره عامر بصرامة :
” انتبه على على صوتك حينما تتحدث مع والدتك يا جواد ..”
” لا بأس يا عزيزي أنا اتفهم مقدار غضبه مما حدث ..”
قالتها نازك بجدية ليهتف جواد بهدوء :
” أعتذر ماما.. لم أقصد أن أرفع صوتي عليكِ ..”
ثم نهض من مكانه وقال بصوت خالي من الحياة :
” اعذريني فأنا مرهق للغاية وأرغب في النوم لساعات طويلة كتعويض عن تعب البارحة واليوم ..”
ثم رحل دون ان ينتظر ردا لتتأمله نازك وهي تقول بحزن :
” انه حزين للغاية على ما حدث ..”
اومأ عامر برأسه ورد :
” أظن أنه حزنه ليس بسبب الطلاق ذاته بل بسبب تصرف ظافر أقرب صديق إليه .. ”
تنهدت نازك وهي تقول :
” لا أعلم ماذا يجب أن أقول .. هون الله عليهم جميعا .. ”
” امين ..”
قالها عامر بينما نهضت هالة وهي تهتف بهما :
” اسمحا لي أيضا بالذهاب الى غرفتي ..”
” ألن تتناولي طعامك معنا .. ؟!”
سألتها نازك بجدية لترد هالة :
” سوف أطلب من الخادمة أن تجهز لي الطعام وتصعد به الى غرفتي .. أخوتي جميعهم بالخارج لذا سوف أترك الطاولة لكما لتقضيا عشاء رومانسي مميز ..”
منحتها نازك نظرة حادة لتهرب مسرعة وتدلف الى غرفتها قبل أن تسمع صوت هاتفها يرن برسالة جديدة من شهد التي تخبرها بمزاح :
” نهى تطلقت ليلة زفاف شهاب على بوسي .. برأيك من جلب الشؤم الى عائلتنا ..؟!”
كتبت هالة وهي تضحك :
” حرام والله .. أنتِ تتهمين الفتاة إتهامات باطلة ..”
جاءها رد شهد بعد لحظات :
” لم أقل شيئا خاطئا .. أول يوم لها في عائلتنا تطلقت نهى .. ماذا سيحدث في الأيام القادمة ..”
كتبت لها هالة :
” تحدثي عنها أنتِ ساخرة منها بينما هي تقضي أجمل أيام عمرها في باريس .. ”
أنهت رسالتها برمز تعبيري يغمز لها ليأتيها رد شهد برمز تعبيري غاضب يتبعه رسالة كتبت فيها :
” تلك اللعينة أصرت أن تذهب في شهر عسل الى أربعة دول اوروبية .. كانت تريد شهرا كاملا لكن شهاب لم يقبل بأكثر من اسبوعين ورغم هذا أصرت على زيارة أربع دول خلال اسبوعين ..”
” عروس ومن حقها أن تتدلل …”
كتبت لها هالة هذه الكلمات مشاكسة ليأتيها رد شهد برمز تعبيري باكي ..
ابتسمت بخفة ثم خرجت من صفحة الرسائل الخاصة بشهد وأخذت تنظر الى الاصدقاء النشطون حينما وجدته نشطا فأرسلت له :
” مساء الخير على ابن الخال ..”
ليأتيها الرد بعد ثواني :
” مساء الورد على ابنة عمتي .. بالونة الجميلة ..”
سعدت بسرعة رده عليها ثم كتبت وهي تتجاهل كلمة بالونة :
” كيف حالك ..؟!”
رد عليها :
” انا من يجب أن يسأل عن أحوالك بعد طلاق ابنة عمك ..”
كتبت بصدق :
” انا بخير .. لا تقلق ..”
ثم عادت وكتبت :
” بالطبع حزينة لأجل نهى لكن هذا أفضل فزيجتها كانت فاشلة ..”
سألته متعجبا :
” غريب .. ألم تقولي مسبقا أنها تحبه ..؟!”
كتبت له :
” نعم هي تحبه .. ولكنه لا يحبها .. والأسوء من ذلك أنه يعشق غيرها … زيجة تقوم على مشاعر من طرف واحد لن تنجح مهما أعطى هذا الطرف من حب واهتمام .. زيجتهما تلك استنفذتها كليا .. لذا الطلاق افضل لها من البقاء بجانب رجل لا يشعر بها .. ”
” إذا أنتِ تؤمنين أن الزواج لن ينجح بدون حب ..؟!”
ردت بجدية:
” كلا .. بالطبع هناك زيجات تنجح بدون حب .. تنجح بالمودة والرحمة والتي ينتج عنها حب العشرة .. وهو حب مميز ايضا وأحيانا يكون ذو قيمة أكبر من حب العشاق المعتاد .. لكن كل هذا يكون في حالة أن الطرفين مشاعرهما حيادية تجاه بعضيهما .. لا يوجد احد يعشق والأخر لا يشعر بعشق مماثل .. حتى لو لم تكن المشاعر بنفس القوة لكن يكفي أن كليهما يحبان بعضيهما ..”
جاءها رده بعد لحظات :
” كبرتِ يا هالة وأصبحت تفهمين في إمور الكبار …”
توردت وجنتيها لا اراديا فكتبت وهي تغير الحوار :
” سأذهب الأن ..”
” ماذا ستفعلين …؟!”
سألها فردت :
” سوف أستمع الى بعض الأغاني ..”
عاد وكتب لها متسائلا بفضول :
” هل لديك أغنية جديدة اسمعها .. ؟! لقد مللت من الأغاني المعتادة التي أسمعها …”
” حسنا انتظر لحظة .. سأرسل لك أغنية أحبها كثيرا ..”
ثم أرسلت احدى أغانيها المفضلة في الفترة الأخيرة لتفتحها بدورها وتقرر سماعها للمرة التي لا تعلم عددها ..
عم بتعلق فيك شوي شوي
وعم حس بحنية
ولا مرة حسيتها بعمري
اللي عشته أنا
قلي إنك حاسس فيي
وشايف شو بيحكوا عينيي
لما بتمرق حدي
وبرجف قدامك أنا
أنا عم بلش حبك
أنا لما بشوفك بتلبك
مع إنك بتضلك ساكت
قلبي عم يسمعك
أنا عم حبك هلأ
أنا بعيونك عم بتعلق
بالإيام اللي جايي
حدي عم بقشعك
كلن عم يحكوني
كل شوي بيسألوني
شو تغير فيي وشو صارلي
عنن عم بختفي
شو بقلن عشقانة بقلن
بعيونك غرقانة بقلن
على قلبك هربانة
اتركني اتخبى فيه
أنا عم بلش حبك
أنا لما بشوفك بتلبك
مع إنك بتضلك ساكت
قلبي عم يسمعك
أنا عم حبك هلأ
أنا بعيونك عم بتعلق
بالإيام اللي جايي
حدي عم بقشعك
انتهت الاغنية لتفيق من شرودها على صوت رسالته يخبرها :
” جميلة يا بالونة لكن هذه المشاعر الفياضة لا أحبذها .. ابعثي لي شيئا أقل شاعرية ..”
” أحمق ..”
كتبتها له ثم عادت ووضعت سماعاتها داخل أذنيها لتستمع الى المزيد من الأغاني ..
………………………………………………………………..
وقفت مرام امام الفيلا الخاصة بشهاب الخولي وهي تشعر بالحنق الشديد ..
تذكرت كلمات بوسي المترجية فأخذت نفسا عميقا وهي تخبر نفسها أنها مجرد محاولة ..
إن استمع لها خيرا على خير وإن لم يستمع فليذهب الى الجحيم ..
ضغطت على جرس الباب فيفتح شهاب لها الباب لتحتل الدهشة ملامحه وهو يتذكرها على الفور بالرغم من كونه لم يرها سوى مرتين إحداهما يوم الزفاف وهي تبارك له برسمية ..
ربما سمع عنها القليل من طليقته والذي لم يكن جيدا على الاطلاق لكنه فعليا لم يرها سوى هاتين المرتين فمالذي جلبها ..؟!
هل وصلت الجرأة بطليقته أن ترسل ابنة عمها الأمريكية إليه كي تحاول إقناعه بالعدول عن الطلاق ..؟!
أفاق من شروده على صوتها وهي تهتف بنبرة باردة وملامح بدت له نافرة :
” ألن تدعني أدخل ..؟!”
” تفضلي ..”
قالها وهو يفكر أنها لن تهتم بكونه وحيدا في هذه الفيلا الواسعة بالطبع ..
تبعها وهو يشعر بالضيق الشديد من تدخل فتاة غريبة بأمور حياته ..
وجدها تلتفت نحوه تتأمله بصمت طال لثواني قليلة قبل أن تقول بهدوء غريب :
” لقد علمت بما حدث .. بوسي شرحت لي كل شيء .. وأنا هنا لنجد حلا لهذا الوضع ..”
نبرتها العملية في الحديث وطريقتها وهي تفرض عليه ضروره ايجاد حل أدهشته ليقول محاولا كتم غيظه :
” عفوا.. لا يوجد حل لموضوع منتهي .. والموضوع انتهى منذ أن ألقيت يمين الطلاق على ابنة عمك ..”
ردت بجدية :
” ولكن الطلاق قرار مشترك لا يحق لك أن تتخذه لوحدك .. ”
رد بصوت بارد :
” وأنا إتخذته لوحدي ونفذته أيضا .. هل لديكِ مانع ..؟!”
ردت بعصبية ظهرت بوضوح في ملامح وجهها التي احتدت لا اراديا :
” نعم لدينا .. ابنتنا ليست لعبة عندك .. لديها حقوق عليك .. أم نسيت هذا أيضا ..؟!”
أجابها بنفس البرود :
” كلا يا أنسة .. ابنة عمك فقدت جميع حقوقها بخداعها لي .. لذا هي لن تحصل على أي حقوق مادية مني .. لن أمنح لتلك المخادعة فلسا واحدا ..”
ضغطت على اعصابها وهي تقول :
” ليت الأمر يقتصر على الأمور المادية فقط .. هناك أمور معنوية أيضا يا سيد .. أمور أنت تجهلها كليا لذا تصرفت بهذه الطريقة مع زوجتك .. ”
أكملت وهي تنظر إلى عينيه بقوة :
” زوجتك يا سيد شهاب .. زوجتك التي يجب أن تحميها وتحافظ عليها لا أن تعاملها بتلك الطريقة البغيضة ..”
حدق بها شهاب للحظات قبل أن يهتف بتهكم بارد لطالما نجح به هو بشدة :
” و هل أنتِ من سوف يخبرني كيف أتعامل مع زوجتي ..؟! عفوا من كانت زوجتي ..”
ردت بقوة وعينيها البنيتين تشعان بثقة مغيظة :
” أود ذلك حقا لكن لدي أشياء أهم من تلقينك دروسا عن كيفية التعامل مع الإناث .. ودروس أخرى عن كيفية السيطرة على رجولتك الفياضة التي سمحت لك بضرب إنثى لا ذنب لها أنها خلقت ببنية جسدية أضعف منك فلا تقدر على ردعك ..”
أكملت وهي تتابع نظرات عينيه المشتعلة بإستمتاع :
” في الحقيقة أنت بحاجة لدروس عديدة لكن كما أخبرتك لدي ما هو أهم من ذلك ..”
اقترب منها بخطوات سريعة قاطعا المسافة القصيرة بينهما واقفا أمامها يرمقها بنظرات قوية مرعبة وقد اختفى بروده المستفز ونجحت هي في إثارة غضبه المدمر :
” اغربي من وجهي حالا .. لست مستعدا لأن أفعل شيئا خارج عن إرادتي .. ”
” ماذا ستفعل مثلا ..؟!”
سألته ساخرة ليرد بحزم :
” لو لم تكوني فتاة لفعلت الكثير ..”
ردت مستخفة بحديثه :
” تتحدث وكأن ما تعجز عن فعله معي كوني فتاة لم تفعله البارحة مع فتاة مثلي ..”
صاح بها وقد نفذ صبره :
” ماذا فعلت ..؟! هيا أخبريني .. ضربتها مرتين .. تستحق هذا .. ولو عاد بي الزمن لفعلتها مرة اخرى ولن أتردد لحظة في ذلك .. ”
حدقت بها مذهولة ثم رددت بعدم استيعاب :
” أنت مجنون .. لو كنت في بلد أخر لسجنت بتهمة التعنيف ..”
رد بسخرية :
” هذا لو كنت .. أما هنا الوضع مختلف .. والان تفضلي وأخرجي فالحوار الى هنا انتهى ..”
رمقته بنظرات محتقرة من رأسه حتى أخمص قدميه ثم هتفت بلهجة إنكليزية :
” وضيع ..”
حدجها بنظرات متوعدة وهو بالكاد يسيطر على نفسه كي لا تفلت أعصابه عليها بينما سارت هي متجهة خارج المنزل لتسمعه يهتف قبل رحيلها :
” مرة أخرى دعي عائلتك ترسل إلي رجلا بدل عنك فأنا لا يجمعني حديث كهذا مع الفتيات يا انسة ..”
خرجت من الفيلا وهي تسب شهاب وتلعنه ولم تنسَ أن تسب بوسي معه ..
نظرت الى هاتفها الذي ير

يتبع..

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *