روايات

رواية شمس ربحها القيصر الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر البارت الثالث والعشرون

رواية شمس ربحها القيصر الجزء الثالث والعشرون

رواية شمس ربحها القيصر
رواية شمس ربحها القيصر

رواية شمس ربحها القيصر الحلقة الثالثة والعشرون

 

تأمل فارس ابنة عمه التي تجلس أمامه بنظرات هادئة مليئة بالثقة وقد أدرك من نظرة واحدة إنها تحمل من التكبر والغرور الكثير ..
ربما بسبب جمالها المميز او هو طبع متأصل بها او ربما تستخدم هذا الإسلوب مع من تكرههم وهو بالتأكيد واحدا منهم ..
” ماذا تشربين يا ربى ..؟!”
سألها بهدوء لتجيب :
“‘شكرا … لا أريد شيئا .. جئت لأتحدث معك قليلا وأخرج ..”
” تفضلي …أسمعك يا ربى ..”
قال جملته تلك وهو يضغط على حروف إسمها وداخله يفكر في سبب مجيئها له ..
هو شبه متأكد إن والده فعل شيئا جعلها تأتيه ويتمنى حقا ألا يكون نفذ ما في رأسه ..
” لقد زارنا عمي قبل يومين ..”
نظر إليها بترقب لتكمل بثبات :
” خطبني لك ..”
حاول ألا يجعل أي شيء يظهر على ملامح وجهه رغم الغضب الذي أوج به من والده وتصرفه هذا وإصراره على وضعه أمام الأمر الواقع ..
” أعلم ..”
قالها بإقتضاب كاذبا عليها كي لا يظهر بشكل الإبن الغبي الذي يتصرف والده في شؤونه رغما عنه بينما داخله يتجهز لحرب قوية مع والده بعد تصرفه هذا ..
” ألم يخبرك بجوابي ..؟!”
سألته بنبرة بدت عادية لكنها تحمل الكثير من الخبث لتكمل دون أن تستمع الى جوابه :
” ألم يخبرك إنني رفضت طلبه..؟! ”
حاول ان يحافظ على جمود ملامحه ولا يتأثر بطريقتها الإستفزازية الواضحة وقال :
” أخبرني بالطبع .. ”
أكمل بجدية :
” وأخبرته إنك حرة في رأيك ..”
أكدت على حديثه :
” انا حرة بالطبع ولا أحد يجبرني على ما لا أريده ..”
سألت وهي تتأمل نظرات التي جاهد لجعلها هادئة :
” ألن تسأل لماذا أتيت اليوم ..؟!”
سألها ببرود :
” لماذا أتيت يا ربى ..؟!”
أجابت بصدق :
” لأعلم غايتك انت ووالدك من هذا الطلب ..”
رفع حاجبه وقال :
” غايتنا …؟! أي غاية بالضبط يا ربى ..؟!”
هتفت بنبرة هازئة قليلا :
” والدك لا يفعل شيئا لوجه الله يا فارس .. هو بالتأكيد يريد شيئا من وراء ذلك .. وأنت بالتأكيد تعرف ماذا يريد وماذا تريد انت ربما ..”

 

 

 

 

 

أجاب بقوة :
” لا أعلم شيئا و إن كان هو يضمر غاية معينة وراء ذلك فهذه ليست مسؤوليتي ..”
ضحكت بخفة وهي تهتف بسخرية :
” حقا ..؟! إذا ماذا تسمي خطبتك لي وأنت خاطب أخرى غيري منذ مدة ..؟! ”
أردفت وهي تلاحظ وجوم ملامحه :
” هل أصبحت من عادة الرجال أن يخطبوا على خطيباتهم .. ؟! ظننت إنهم يتزوجون على زوجاتهم بعد الزواج لا يخطبون .. لكن يبدو إن الأمور تبدلت وانا لا علم لدي ..”
رمقها بنظراته الباردة وقال :
” الأمر ليس هكذا .. هناك أسباب وراء ذلك ..”
” أسباب ..؟! أية أسباب بالضبط ..؟!”
سألته بنبرة متهكمة ليرد بالحقيقة قاصدا إحراجها :
” نرمين خطيبتي هي ابنة خالي ووالدي لا يريدها لإنه لا يحب خالي حيث يقاطعه منذ سنوات لذا هو يريد تخريب زيجتي من ابنة خالي وتزويجي بكِ كي يرى الجميع إنني فضلت ابنة عمي على ابنة خالي ..”
لم تصدق ما تسمعه منه ..
هل كانت لعبة عند عمه وعنده ..؟!
انتفضت من مكانها وهي تصيح لا إراديا :
” يا لك من وضيع .. كيف تفعل هذا ..؟!”
نهض من مكانه وتقدم نحوها هاتفا بتحذير :
” الزمي حدودك وانتِ تتحدثين معي..”
ضحكت ببرود ثم هتفت بوجه يكاد ينفجر من شدة الغضب :
” ألزم حدودي مع من ..؟! معك انت ..؟! مع رجل وضيع ضعيف مثلك .. يتلاعب بإبنة خاله وابنة عمه ..”
” إياكِ أن تتجاوزي حدودك يا ربى لإنك لن تضمني ردود أفعالي وقتها ..”
” لم أقل شيئا خاطئا .. فقط قلت الحقيقة .. الحقيقة لا غير ..”
كانت تتحدث ووجهها يقابل وجهه ليتأمل حمار وجهها الذي أصبح متوهجا كنار حارقة فيهتف بعدم استيعاب :
” ما هذه الجرأة يا فتاة ..؟! كيف تتحدثين مع شخص يكبرك بعدة أعوام بهذا الشكل ..؟! لا أصدق إنك في الثامنة عشر من عمرك فقط .. احترمي من يكبرك سنا فهذا يدل على عدم تربيتك ..”
ردت بلا مبالاة :
” الأمر ليس له علاقة بالعمر يا فارس .. فأنا رغم إنني أصغرك بأكثر من عشرة أعوام إلا إنني أمتلك من الأخلاق التي تجعلني لا أتلاعب بأي شخص مهما كان ..”
أكملت وهي ترمقه بنظرات نافرة صادقة :
” من الجيد إنني قمت بهذه الزيارة وعرفتك .. لو كان يوجد احتمال صغير بأن أعيد التفكير في طلب عمي فيستحيل أن أفعل ذلك بعد الآن ..”
اقترب منها أكثر وقال بقوة :
” للمرة الأخيرة إلزمي حدودك يا فتاة وإلا ..”
أكملت غير مبالية :
” لكن ماذا سأتوقع من ابن شخص قاتل وسارق مثله .. ؟! ”
وعند هنا لم يتحمل فارس أكثر ونزل بكفه على وجنتها بقوة جعلت عيناها تجحظ بعدم إستيعاب فهي التي لم يتجرأ أحدا يوما على ضربها ليأتي ابن عمها الذي تكرهه أكثر من أي شيء ويمد يده عليها ..
…………………………………………………………

 

 

 

 

 

لحظات قليلة ورفعت ربى كفها كي ترد له ضربته لكنه أمسك به بسرعة فتشتعل عيناها ليلاحظ هو ذلك وينتبه الى تلك الدموع التي تحجرت بهما ..
أنبه ضميره بقوة وأراد الرد متغاضيا عن طولة لسانها لكنها كانت أسرع وهي تدفعه بكل قوتها الى الخلف ثم تنقض عليه وهي تضربه بقبضتها وتصيح به :
” أيها الوغد .. من تظن نفسك .. ؟! من تكون كي ترفع يدك علي .. ؟! والدي رحمه الله لم يفعلها يوما ليأتي وغد مثلك ويفعلها ..”
قبض على رسغها هادرا بها :
” فعلت هذا بسبب سلاطة لسانك وقلة أدبك وسوف أفعلها مرة أخرى إذا استمريت على هذا النحو .. إن كان عمي رحمه الله بالغ في تدليلك فأنا سأعيد تربيتك يا ابنة عمي ..”
دفعته محررة رسغها من قبضته مرددة بتهكم :
” أنت ..؟! هل صدقت إنني إبنة عمك ..؟! هل تتذكر متى إلتقيتني آخر مرة ..؟! يا رجل لولا إن والدك ذكر اسمك أمامي ما كنت لأتذكره من الأساس ..”
أردفت بقوة :
” كما إنني تبرئت من والدك منذ أكثر من عام .. منذ وفاة والدي .. لذا تعامل معي على إنني شخص غريب ولست ابنة عمك ..”
تقدم نحوها مرددا ببرود :
” تبرئك من والدي شيء وكوني ابن عمك شيء آخر .. ”
همست بسخرية مريرة :
” طالما إنك ابن عمي فقم بمهامك المفترضة .. كن ابن عم بحق وأعد لنا حقوقنا وإرثنا .. أم إن إبن العم لا يظهر إلا لإعادة تربيتي وتأديبي بينما في الأمور الأخرى يخفي نفسه بمهارة .. ”
أكملت وهي تلاحظ تغضن ملامحه :
” والدك سرق ميراث والدي وتسبب بموته وليته اكتفى بهذا .. جاء بكل وقاحة يطلبني زوجة لك وليته فعل هذا حبا بي بل تحديا لخالك وربما والدتك أيضا .. ”
قال بسرعة :
” لا علاقتي لي بأمر الميراث ولم أكن راضيا عنه ولو كان بيدي لمنعته ..”
أردف بجدية :
” أنا رفضت الأمر رفضا قاطعا .. وهذه الشركة والأموال هي لوالدتي من عائلتها الثرية ولا علاقة لوالدي بها ..”
” هذا غير مهم بالنسبة لي .. انا فقط أذكرك إن واجباتك نحونا لا تقتصر على أشياء معينة .. كما إنك رجلا بالغا راشدا ولست صغيرا ابدا أي تستطيع مواجهة والدك والوقوف في وجهه لو أردت فلا تأتي الآن وتدعي إنك غير قادر على فعل شيء بل قل إنك غير مهتم من الأساس ..”
منحته نظرة أخيرة قبل أن تتجه خارج المكتب لتتوقف لحظة تستدير نحوه تتأمله لبرهة ثم تهتف بهدوء وثبات :
” صحيح قل لوالدك إنني أدركت الفرق حقا بيني وبينك .. هو كان صادقا في حديثه فالفرق بيني وبينك كبير .. وإذا كنت تتفوق علي بأشياء معينة فأنا أتفوق عليك بأشياء أخرى .. يكفيني إنني لا أرضى بالظلم ولا أتنازل عن حقي مهما حدث ويكفيني أخلاقي التي لا تعرف التلاعب ولا التقليل من الآخرين .. بالنسبة لي هذه الأشياء أهم من غيرها ..”
أردفت بعدها وهي تأخذ نفسها :
” وأخبره إنني لن أتنازل عن حقي ولو بعد سنين .. ”
ثم رحلت بسرعة تاركة إياه يتابع رحيلها بنظراته الجامدة قبل أن يسحب هاتفه ومفاتيح سيارته وينطلق خارج مكتبه بسرعة ..
…………………………………………………………..

 

 

 

 

بعد مرور عدة ايام ..
خرج من غرفة مكتبه بنية التوجه خارج الشركة لعمل مهم فوجد خالد يتوجه نحوه وهو يهتف :
” هل ستخرج الآن ..؟! أريد أن أتحدث معك بشأن الصفقة الأخيرة .. ”
” ألن تذهب اليوم مع مؤيد للقاء ممثلي الشركة الأخرى ..؟!”
اومأ خالد برأسه وأجاب :
” نعم سأذهب .. ”
هتف قيصر بجدية :
” تحدث معهم اولا وإفهم منهم كل شيء ونتحدث غدا مع بقية المدراء ..”
هز خالد رأسه متفهما ثم حدثه بإختصار عن بعض أمور العمل قبل أن ينسحب عائدا الى مكتبه بينما اتجه قيصر نحو المصعد وضغط على الزر ليفتح ويصعد به ..
هم بضغط الزر الخاص بالطابق الأرضي لكنه تراجع وهو يقرر المرور الى الطابق الذي تعمل به لغرض رؤيتها ..
منذ عدة أيام لم يرها وقد سعى هو لذلك فهو أراد أن يترك لها مساحة خاصة بها تستعيد من خلالها نفسها وقد أدرك إن إستمرارها في التدريب دليل إن كلماته أثرت بها ..
وهذا شيء لصالحه مبدئيا على الأقل ..
الإن سيذهب لرؤيتها فقط لإنه يشتاقها بقوة لكنه لن يقوم بأي شيء فما زالت تحتاج لمدة أطول دون أن يقترب منها أو يشتت انتباهها ..
خرج من المصعد واتجه نحو مكتبها ليتجمد مكانه وهو يجدها تقف مع نفس الشاب الذي رأه مسبقا معها عند المصعد ..
هو يضحك لها ويتأملها بإعجاب واضح بينما هي ترسم إبتسامة باهتة على شفتيها وتسمع حديثه دون رد ..
من نظرة واحدة أدرك إنها تتصنع الإبتسامة والإهتمام وتجامله ..
تقدم نحوهما بخطواته لتنتبه هي فتتوتر نظراتها ويبدو إن الشاب شعر بذلك فإستدار نحو الخلف حيث تنظر فيتوتر لا إراديا من وجود مدير الشركة قربه ..
” أليس هذا وقت العمل أم أنا مخطئ ..؟! ”
اومأ الشاب برأسه ليرد وهو يتأمل شمس الصامتة :
” لماذا لستما في أماكن عملكما إذا ..؟!”
هم الشاب بالرد لكنه قاطعه بنبرة آمرة :
” اذهب الى مكتبك فورا ..”
تحرك بسرعة نحو مكتبه وهمت شمس بالتحرك لكنها قال بصوت قوي :
” انتظري ..”
توقفت وهي ترمقه بنظراتها ليهتف بشدة :
” لا تتحركي من أمام مديرك دون إذن منه يا أنسة ..”
همت بالحديث لكنه سبقها :
” أنتظرك في الكراج فهناك أمر هام أريدك به ..”
ثم أكمل بتحدي ؛

 

 

 

 

” وإذا لم تأتِ سأتِ بنفسي وأخذكِ ..”
ثم تحرك منطلقا لتشحب ملامحها وهي تفكر إنه عاد كما كان وتلك التمثيلية الغبية التي إتبعها الفترة السابقة إنتهت أخيرا ..
اتجهت نحو المكتب وهي تحمل حقيبتها وفي داخلها تفكر بما سيحدث ..
سارت نحو المصعد حيث ستهبط الى الطابق الأرضي ثم الكراج الذي سيكون خاليا كالعادة في هذا الوقت المبكر من العمل ..
بعد دقائق كانت تتقدم داخل الكراج لتتفاجئ به يسحبها من كفها ويجرها نحو سيارته ..
” ابتعد عني .. اتركني ..”
قالتها وهي تحاول دفعه بعيدا بينما يده الصلبة تقبض على ذراعها بقسوة شديدة تمنع محاولاتها المستميتة للفرار ..
فتح باب سيارته وهو ما زال قابضا على ذراعيها ثم دفعها الى الداخل في المقعد الأمامي وأغلق الباب عليها ليتجه بسرعة نحو الجهة الأخرى من السيارة ويركب في مقعده ثم يدير المقود متجها نحو المجهول ..
فوجئ بها تهاجمه بضراوة حيث تضربه وتحاول ايقافه ليصيح بها وهو يحاول السيطرة على السيارة :
” توقفي .. سوف نصاب بحادث أيتها الغبية ..”
جذبت حزام الأمان وربطته على جسدها ثم عادت تضربه وهي تصيح :
” وهذا ما أريده .. حادث يخلصني منك الى الابد ..”
وفي لحظة كاد ان يصطدم في سيارة قادمة نحوه بعدما بدأ يفقد سيطرته على المقود بسبب محاولاتها المجنونة لإيقافه ..
لا يعرف كيف سيطر في اللحظة الأخيرة على الوضع وأدار المقود بشكل جعل السيارة تستدير بقوة مندفعة الى الجهة الأخرى ولولا ستر الله لكانا الآن في عداد الموتى او على الأقل في غرفة العمليات ..
تراجع بجسده الى الخلف ما ان توقفت السيارة اخيرا على الجانب بينما عينيه مشخصتين بقوة بسبب ما حدث ..
أخذ نفسا عميقا ثم إلتفت بسرعة عليها ليجدها منكمشة على نفسها كليا ترتجف من شدة الخوف ..
” شمس .. أنتِ بخير .. أليس كذلك ..؟!”
سألها بقلق واضح لتتجه بعينيها المذعورتين نحوه وهي تومأ برأسها دون جواب ليعاود سؤالها بهدوء أخيرا بدأ يأخذ طريقه إليه :
” هل تعرضت لإصابة من اي نوع أثناء ما حدث ..؟!”
هزت رأسها نفيا وردت بخفوت :
” كلا .. انا بخير ..”
تنهد براحة ثم إلتفت إليها بعينين هادئتين بينما هي تنظر إليه وتفكر إنه رغم كل ما فعلته وتسببت به بسبب جنونها يسألها عن أحوالها بخوف حقيقي ..
لا تعرف لماذا سألت نفسها اذا ما كان هناك شخص سيفعل مثله لو كادت ان تتسبب بحادث قد يميته ..؟!
بالطبع لا .. مهما بلغت محبة الشخص لها فلن يتسامح معها بشيء كهذا ..
وفي تلك اللحظة شعرت لأول مرة بإنه مختلف ، مميز ، مهتم وكم تعجبت لتفكيرها ..!!
لم تدم أفكارها طويلا حينما فوجئت به يقبض على ذراعها صارخا بها :
” أيتها الحمقاء .. هل رأيت ما كان سيحدث بسببك ..؟! كنا سنموت بسبب جنونك الغبي ..”
دفعته بشراسة وقد عاد الجنون يتلبسها :
” ابتعد .. لا تلمسني هكذا .. لا أسمح لك .. ”
ثم أكملت مدعية اللا مبالاة رغم رعبها كلما تتذكر ما حدث :
” ثانيا لم يحدث شيء وأنت أمامي بخير .. ”
“بعد ماذا ..؟! بعدما كنا سنموت .. “

 

 

 

 

أكمل بعصبية واضحة :
” متى ستتعقلين..؟! متى ستكبرين ..؟! أخبريني .. ”
قال كلمته الأخيرة بصياح ونفاذ صبر لترد بإستفزاز :
” انا لن أتغير .. هكذا أنا وإذا لم يعجبك اتركني وشأني .. تصرفاتي لن تضرك بشيء ..”
اقترب منها ببطأ لتتراجع الى الخلف بخوف حتى التصق جسدها بالباب خلفها ليهتف وهو ينظر الى عينيها بقوة :
” تعقلي يا فتاة واستوعبي ما كان سيحدث بسببك .. كنا سنموت .. هناك أشياء لا يمكن التهاون بها يا شمس .. ارجوكِ لا تأخذي كل شيء من باب العناد فقط ..”
كان تدرك إن معه حق فهي كانت ستتسبب بحادث مخيف والله وحده يعلم كيف كانا سيخرجان منها هذا إذا خرجا من الأساس ..
زمت شفتيها وهي تجيبه :
” أنت السبب .. أنت من تجعلني أجن بسببك .. ”
أردفت تسأله بحنق :
” ماذا تريد مني ..؟! لماذا لا تتركني بشأني ..؟! ما علاقتك بي ..؟! لماذا تتدخل في تصرفاتي وعلاقتي مع زملائي ..؟! ”
رد ببرود :
” لم أتدخل سوى هذه المرة لإن زميلك هذا سخيف وغير محترم .. ”
صاحت معترضة :
” بلى إنه شاب محترم و ..”
قاطعها بغضب :
” إياكِ أن تتحدثي عنه بهذا الشكل ..؟! لا تتحدثي عنه .. هل فهمت ..؟! ولا تجلبي سيرته على لسانك مهما حدث ..”
” عفوا .. هل تأمرني ..؟!”
سألته هازئة ليرد بقوة :
” نعم أامرك ..”
صاحت بعصبية :
” بأي حق تفعل ذلك ..؟! من تظن نفسك .. ؟!”
” بصفتي خطيبك وزوجك المستقبلي ..”
قالها ببرود لتجحظ عينيها وهي تهتف بعدم استيعاب :
” نعم ..؟! من خطيب من ..؟! هل جننت ..؟! سأبتلي بمصيبة بسببك ..”
رد بلا مبالاة :
” سأخطبك من والدتك اليوم وأصبح خطيبك رسميا .. ”
” لن أقبل .. ووالدتي لن تقبل .. ”
قالتها بغضب ليطلق شتيمة جعلتها تشهق لا اراديا ثم تصيح بها معترضة :
” ما هذا ..؟! أنت حقا غير مؤدب .. إذا سمعتك تتفاخر بنفسك ومستواك واسم عائلتك وكافة هذه الأشياء سأذكرك بهذه الشتيمة كي تصمت تماما .. “

 

 

 

ضحك بخفة ثم قال :
” هل تجرؤين على ذلك .. ؟!”
ردت بقوة :
” أجرؤ عليها و على ما هو أكبر منها .. ”
سحب نفسا عميقا وهو يبتعد عنها ناظرا الى الجانب يحاول ان يجد حلا لكل ما يتعرض له بسببها وعلى يدها ..
لأول مرة هناك واحدة تستعصي عليه .. لأول مرة يعاني مع إحداهن ..
حسنا عليه أن يجد حلا .. هو يعترف إن إسلوبه قاسي متملك لكنه هكذا ولن يتغير ..
نظر إليها بهدوء ليجدها تعقد ذراعيها أمام صدرها وهي تنظر أمامها بوجوم ويبدو ان ما حدث استنزفها هي أيضا ..
حسنا ماذا سيفعل الآن ..؟! هو ليس غبيا كي يجبرها على الزيجة ويهددها كما فعل مسبقا ..
بهذه الطريقة سوف يخسرها تماما وحتى وإن نالها فسينالها جسدا بلا روح ..
كلا لن يكرر اخطاء الماضي مهما حدث ..
لقد قرر ان يتخلى عن اسلوبه القديم معها ما إن قرر إعادتها الى حياته وعليه ان يفعل ..
وفي تلك اللحظة بدأت يستعيد كل شيء وبدأ يتمعن النظر في شخصيتها المجنونة ..
جنونها الذي سيروضه يوما لكن بعدما ينالها وتصبح بجانبه ..
لكن كيف سينالها ..؟!
كيف سيكسر دماغها المتحجر ..؟!
” ما بالك تنظر إلي هكذا ..؟!”
سألته فجأة عندما وجدته يتأملها للحظات لتجد عيناه الزرقاوين تلمعان بقوة غريبة ..
ربما عليه الآن أن يلعب على الوتر الحساس لدي أي إمرأة .. العاطفة .. ربما عليه ان يسرق عاطفتها ويوجهها كليا نحوه ..
هتف فجأة :
” هل تحبين البحر ..؟!”
نظرت اليه بدهشة ليكمل بجدية :
” تحبينه بالطبع .. ”
ثم قاد سيارته نحو المكان المجهول بينما هي تسأله بعصبية عن المكان الذي سيأخذها اليه وقد بدأت المخاوف تتشكل داخلها ..
…………………………………………………………….
دلف خالد الى القصر مستعجلا ليأخذ احد ملفات العمل التي نساها هنا ..
كان يتوجه نحو السلم حينما اندفعت أخته إتجاهه وارتطمت به بسبب سرعتها فأبعدها عنه وهو يهتف بها :
” ما بالك يا رانسي .. ؟! انتبهي وأنت تسيرين في المكان .. ”
قاطعته رانسي بسرعة :
” دعني أذهب وأرى تلك المغنية يا خالد .. ”
جذبها من ذراعها متسائلا بدهشة وهو يفكر إنها من المستحيل أن تكون هي :
” أية مغنية ..؟!”
ردت بسرعة وحماس :
” تارا الهاشم .. لقد جاءت مع لميس منذ قليل ..”
” ماذا ..؟!”
صاح بعدم تصديق بينما اندفعت رانسي نحو الأعلى حيث توجد تارا في صالة الجلوس ليهز خالد رأسه بعدم إستيعاب وهو يفكر إنها ليست هنا .. غير معقول أن تكون هنا .. ألا يكفي إنها تطارده في خياله طوال الوقت ليجدها هنا في قصره وأمام عينيه ..؟!

 

 

 

 

وجد غيث يلقي التحيه وهو يتبع شقيقته ليسأله :
” وأنت أيضا ستذهب لرؤيتها ..؟!”
مط غيث شفتيه وهو يقول بعدم اهتمام :
” سأرى تلك التارا التي صدعت رانسي بها رأسي منذ أن علمت بوصولها ..”
ثم صعد درجات السلم ليصعد هو بدوره خلفه بعدما فشل في مقاومة رغبته في رؤيتها ..
ما إن وصل الى الصالة حتى توقف في مكانه وهو يسمع أخيه يلقي التحيه فتجيبه بصوتها العذب بنبرته الجذابة ..
” مساء الخير ..”
قالها وهو يلج الى الداخل لتلتقي نظراته بها لثواني بينما لميس تسأل بدهشة بعدما ردت تحيته :
” لماذا أتيت مبكرا يا خالد ..؟! هل هناك مشكلة ..؟!”
رد بجدية وهو ينظر الى والدته التي تتطلع إليه بإهتمام :
” كلا ، عدت فقط لإني لدي موعد مهم مساء اليوم وأردت أخذ قسطا من الراحة قبله ..”
أنهى كلامه ليجد الخادمة تتقدم وهي تحمل صينية تحوي فناجين القهوة للموجودين والذين لم يكونوا سوى والدته ولميس اخته ودينا والتوأم ..
جلس بجانب دينا مقابل الكنبة التي تجلس عليها تارا بجانب لميس ليسمع رانسي تهتف بإنبهار طفولي :
” أنتِ جميلة للغاية مثل الصور التي نراها وأكثر ..”
ضحكت تارا وهي ترد بعذوبة :
” وأنتِ جميلة أيضا ..”
هتفت رانسي وهي تعبث بخصلات شعرها الطويل :
” هل تعلمين .. أنا أحب العمل في مجالكم .. يعني أصبح مغنية او ممثلة .. ”
قاطعها غيث بإمتعاض :
” صوتك ليس جميلا يا رانسي فكيف ستصبحين مغنية ..؟!”
ردت رانسي بضيق :
” بإمكاني أن أصبح ممثلة ..؟! أليس كذلك يا تارا ..؟!”
هتفت تارا :
” بالطبع .. إذا كنت تحبين التمثيل بإمكانك دراسته والعمل في مجاله .. أنت جميلة وستصبحين أجمل حينما تكبرين ..”
هتفت لميس مازحة :
” كي يقتلها خالد .. إنه يرفض عملي في القناة في مجال العلاقات العامة فهل سيقبل بعملها كممثلة .. ؟!”
” لإنه يخاف عليكِ يا لميس .. العمل في مجال الفن ليس سهلا أبدا ..”
هتفت لميس معترضة :
” ليس الى هذا الحد ماما ..”

 

 

 

 

 

إلا إنها فوجئت بتارا تهتف بجدية :
” كلام علياء هانم صحيح يا لميس .. أنتِ تنظرين الى الأمور من زاوية خاصة كونك ما زلتِ جديدة في الوسط .. عندما تتعمقين في مجالنا ستفهمين وترين العديد من الأشياء الصادمة .. ربما عملك أفضل من غيرك بكثير لكن هذا لا يمنع أن أي شخص يدخل الى مجالنا يتعرض للكثير من المشاكل وأشياء أخرى ..”
” هل تعنين إنك تعانين من عملك في الفن ..؟!”
سألتها دينا بدهشة لتبتسم تارا وهي تسأل بدورها :
” وهل توجد مهنة لا يوجد بها معاناة يا دينا .. ؟! نحن في مهنتنا نتعرض للمشاكل والإشاعات بل ودوما ما نجد من يحاربنا ويحاول التقليل من شأننا .. ”
” ولكنك مشهورة للغاية .. يعني لا أتخيلك تعانين فشهرتك تجعل الكثير يرغبون في خدمتك ودعمك..”
ردت تارا بجدية :
” بالعكس يا دينا .. كلما إزددت نجاحا وشهرة كلما إزداد عدد الأعداء والكارهين وكلما إزدادت الإشاعات والمشاكل وبالتالي تزداد المعاناة . ”
” ومالذي يجبرك على هذا ..؟!”
صدح سؤاله وهو الذي كان يتابع حديثها منذ بداية الأمر وعيناه لا تترك تفصيله واحدة من وجهها تمر عليه طوال حديثها ..
تأملته تارا للحظة قبل أن تجيب بهدوء وإبتسامة خافتة تشكلت على شفتيها :
” لإن رغم كل شيء عملي هذا قدم لي الكثير بل غير حياتي كاملة وجعلني إنسانة أخرى تماما وهذا الشيء يجعلني أحبه بل وممتنة له كثيرا .. مهما بلغت المعاناة والتعب في عملي فهذا لا يلغي إن حياتي باتت أفضل به ومن خلاله .. ”
ظل يتأملها قليلا بينما نظرت هي الى رانسي التي تنهدت بإعجاب وهي تقول :
” أنت جميلة في الشكل والشخصية أيضا .. ”
ثم أكملت بمزاح :
” صديقاتي يحبونك كثيرا .. سوف يشعرون بالغيرة إذا علموا إنني رأيتك بل وجلست معك وتحدثت أيضا ..”
ابتسمت تارا بينما هتفت دينا بسرعة :
” وأنا أيضا أحبك وأحب أغانيك خاصة تلك التي تحدثت بها عن الرجال الخائنين .. كما إنني أحب إنك تعبرين عن المرأة في العديد من أغانيك بل وتعرفين كي تتحدثين عن أنانية الرجال وحقارتهم مع النساء ..”
ضحكت لميس وهي تشاغبها :
” ما بالك تتحدثين وكأنك تعرضت للعديد من التجارب مع النساء ..؟!”
ردت دينا وهي تمط شفتيها:
” ما أسمع عنه في الصحف ومن الذين حولي يكفي ..”
ثم أكملت :
” أحييك حقا على إختيارك أغاني ألبوماتك عموما .. من كثرة تأثري بأدائك أشعر إن تلك الأغاني تعبر عنك ..”
ردت تارا :
” شكرا يا دينا..”

 

 

 

 

 

ثم أكملت ممازحة :
” بالطبع ليست كلها تعبر عني لكنها تعبر عن العديد غيري .. فتجارب النساء حولي كافية لنكتب مئات الأغاني .. ”
عادت تارا تتحدث مع لميس والبقية بينما خالد يتأملها بين لحظة والاخرى دون حديث وقد نسى أمر الملف تماما ..
بعد خروج تارا صعد نحو جناحه ليجد حوراء تخرج من جناحها ثم تتقدم نحوه وتسأله بكبرياء :
” هل ذهبت تلك المغنية ..؟!”
رمقها بنظرات واجمة ثم قال ببرود :
” لا أعلم .. اذهبي أنت بنفسك وإعلمي إذا ما ذهبت أم لا .. ”
ردت بتهكم :
” أصبحت لميس تصادق أيا كان .. من الضروري أن تنتبه عليها يا خالد .. لا تجعلها تنحدر الى هذا المستوى ..”
توقف في مكانه بعدما كان ينوي التوجه نحو جناحه ..
تأملها مليا قبل أن يقول :
” إذا كنا سنتحدث عن المستويات فأنتِ آخر من يتحدث خاصة بأصدقائك الدين رغم إنتمائهم لنخبة المجتمع إلا إنهم يتشابهون بالتفاهة وقلة الإحترام .. ”
” أنت كيف تجرؤ بالتحدث عنهم هكذا ..؟!”
سألته بغضب ليرد بتهكم :
” لم أقل سوى الحقيقة .. جميعهم أشخاص تافهون لا يفعلون شيئا سوى متابعة الآخرين وإنتقادهم .. الحديث في مواضيع تافهة .. إهتماماتهم محدودة .. يتعالون في تصرفاتهم ويتكبرون على من حولهم مستغلين أسماء عوائلهم ومكانتهم دون أن يفكروا في صنع شيئا واحدا يجعلهم يتفاخرون بنفسهم بدلا من الإعتماد على إنجازات الآخرين .. ”
” هؤلاء أصدقائي ولا اسمح لك بالحديث عنهم هكذا ..”
ابتسم ببرود ورد :
” بالطبع ستتحدثين هكذا فإنتِ مثلهم تماما .. نفس العقلية الفارغة والتكبر على الآخرين رغم إنك لا تمتلكين ميزة واحدة سوى اسم عائلتك .. حتى العمل فشلت في إثبات نفسك به .. ”
” هذا كله لأجلها .. تتحدث معي بهذه الطريقة وتهينني لأجلها .. “

 

 

 

 

رد بلا مبالاة :
” ليس لأجلها فقط بل لأجل كل من تتعاملين معه او تتتحدثين عنه بهذا الأسلوب .. أنت لا شيءٍ دون اسم عائلتك يا حوراء .. مجرد فتاة متعالية متكبرة اذا ما وقعت يوما سوف يشمت الجميع بك لإنك لن تجعلي احدا يحبك بسبب إسلوبك .. تلك التي تتحدثين عنها أفضل منك بمراحل .. رغم كل شهرتها ورغم إنها بدخولها لأي مكان تخطف الأنظار من الجميع وأولهم أنت إلا إنها تتصرف بتواضع وعفوية خالصة وتمنح إبتسامة عذبة للجميع .. كما إنها إنسانة ناجحة في حياتها ومهنتها .. صنعت لها إسما كبيرا رغم صغر سنها ورغم خلفيتها البسيطة مقارنة بك .. ”
منحها نظرة أخيرة ولأول مرة ترى النفور نحوها واضحا في عينيه ..
تأملته وهو يبتعد لتهتف بكبرياء جريح :
” ستندم يا خالد .. والله ستندم على كل هذا ..”
اما خالد فدلف الى جناحه وخلع سترته راميا إياها ارضا ثم اتجه نحو الشرفة يأخذ أنفاسه وهو يحاول استيعاب ما فعله ..
منذ متى وهو يهتم لتصرفات حوراء السخيفة ؟!
كان يتجاهل اسلوبها وكلامها دوما فهي لا تهمه حقا ..
لماذا تجادل معها وقال هذا اليوم ..؟!
لماذا لم يتحمل كلمة واحدة على تارا فتحدث مع حوراء بهذه الطريقة متخليا عن بروده لأول مرة ..؟!
لماذا يا خالد ..؟!
كان سؤالا مهما وجوابه قد يكلفه الكثير فيما بعد ..

يتبع..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *