روايات

رواية التل الفصل الثامن 8 بقلم رانيا الخولي

رواية التل الفصل الثامن 8 بقلم رانيا الخولي

رواية التل البارت الثامن

رواية التل الجزء الثامن

التل
التل

رواية التل الحلقة الثامنة

انقبض قلب آمال بوجل وهي ترى حالة ابنها بعد تلك المكالمة وأمره للعاملة أن توقظ نور وتبعثها إليه
_ طيب ريحني بس وجولي ايه اللي حصول.
ظل يزرع الغرفة ذهابًا وإياباً وهو يغمغم بغضب
_ هتعرفي كل حاچة بس اصبري
دلفت نور بوجل وقد ارتدت العباءة والحجاب كما طلبت منها سلمى وتمتمت برهبة
_ صباح الخير
رمقها مراد بغضب جحيمي جعلها تزدرد لعابها بصعوبة وخاصة عندما تقدم منها وهو يرفع عقد الزواج في وجهها قائلاً
_ چيبتي الورجة دي منين؟
رمشت بعينيها تحاول استيعاب ما سمعته فعاد يهدر بها جعلها تنتفض في وقفتها
_ جولتلك چيبتي الورجة دي منين؟
اتسعت عينيها بحيرة وتمتمت بوجل
_ تقصد ايه مش فاهمة.
_ اجصد إن العجد ده مش متسجل يعني مش حجيجي.
قطبت جبينها بدهشة وسألته بعدم فهم
_ انا مش فاهمة تقصد ايه؟
تحدثت أمال بحيرة
_ ما تتحدت على طول ياولدي وتفهمنا في ايه؟
_ بعت واحد يسأل عن صحة العجد ده في السجل وإذا كان آسر متزوچ ولا لأه ورد عليا دلوجت وخبرني أن العجد غير صحيح لأنه مش متسجل.
يعني لا هي مرات ابنك ولا اللي في بطنها ده حفيدك
اتسعت عينين نور بصدمة كبيرة وصرخت به
_ انت بتقول ايه؟
أكد مراد باحتدام
_ بجول اللي سمعتيه واتأكدت منه، فلو انتي چاية طمعانة في فلوسه فأنا بجولك اطمعي بعيد عنينا لأننا كشفنا لعبتك.
هزت راسها بعدم استيعاب لما يحدث وكأنها داخل كابوس مزعج وسينتهي فور استيقاظها لن يفعل آسر ذلك لن يكسر قلبها ويحطمها بذلك الجبروت، هو من يكذب عليها حتى يتخلص من حملها فقالت بحدة
_ انت اكيد بتكدب عشان تتخلص مني.
انفعل من نعته بالكاذب وحاول بصعوبة السيطرة على أعصابه وأشار لها بالعقد
_ اكبر دليل على صدق حديتي إن مفيش أختام على العجد ولا دمغات ولا حتى اسم المأذون يعني العجد ده مية في المية مفبرك.
شعرت برعشة تنتابها حتى إنها لفت جسدها بذراعيها وهي تلاحظ ذلك لأول مرة
لكن عقلها آبى الاعتراف بذلك وتمتمت بتيهه
_ مش حقيقي، آسر مستحيل يعمل فيا كدة.
انزعج مراد من عدم اعترافها بالحقيقة فصاح بها
_ انتي لساتك مصرة تكملي لعبتك الهابطة دي.
رفعت عينيها إليه فظهر فيهما ضياع لم يرى مثله من قبل مما جعله يبعد عينيه عنها فذبحته بقولها
_ ياريتها كانت لعبة
قطبت جبينها بعدم استيعاب وتابعت بآسى
_ انت عارف ده معناه ايه؟ معناه إن الانسان الوحيد اللي حبيته ووثقت فيه والتمست فيه حب وحنان عشت عمري كله محرومة منه يغدر بيا بالشكل ده، مستحيل أصدق كلامك واكدب احساسي بالحب اللي كان بينا
مستحيل اكدب دموعه اللي مكنتش بتظهر غير ليا أنا، ولا دموعي اللي كان بيمسحها بقلبه قبل ايديه ولا الحب اللي كل واحد فينا بيعوض التاني بيه
هزت راسها وتابعت بتشتت
_ بتقول إنها لعبة بس كنت اتمنى فعلاً انها تكون لعبة وآسر يفضل بالصورة اللي رسمتها له
رفعت عينيها إليه وقالت بنفي
_ انا مش كدابة ولا جاية طمعانه في حاجة كل الحكاية إني جيت اتحامى فيكم، وآسفة على اي إزعاج سببته
خرجت من الغرفة بعد ان كسرت قلب أمال ونظرت لأبنها بعتاب
_ ليه بس إكدة ياولدي ليه متأكدتش مرة واتنين وتلاتة جبل ما تتهمها اتهام زي ده؟
غمغم مراد باحتدام يداري به تأنيب ضميره
_ ما كل حاچة كانت جدامك اتأكد ايه أكتر من إكدة
لم تبرح آمال مكانها على الفراش ومراد الذي جلس بكمد على المقعد وقد شعر حقًا بصدقها
لكن ماذا يفعل وقد أكد الرجل شكه.
❈-❈-❈
لم يتحمل آدم البقاء في القصر بعد ذهابها
وقرر ترك العمل به
فدلف القصر ليقابل حسان والذي سأله عن سبب تركه للقصر
_ وايه السبب اللي يخليك تهملنا؟
تهرب بعينيه من مرمى عين حسان وتمتم بثبات
_ بفكر اسافر القاهرة واشتغل بمؤهلي هناك.
نهض حسان وتقدم منه وهو لا يصدق ما يخبره به
وقف أمامه وتحدث بشك
_ بس إكدة؟
هز رأسه دون أن ينظر إلى عينيه وأردف بروية
_ هصدجك وهجول إن ده السبب الأساسي بس طلبك مرفوض.
رفع آدم نظره إليه بحيرة وتابع حسان وهو يوليه ظهره لينظر من النافذة
_ أني هبعتك المزرعة تجوم بمؤهلك زي ما بتجول والسبب التاني….
صمت قليلًا كأنه يتلاعب به ثم أكمل
_ إنك تكون عيني اللي بشوف بيها كل حاچة بتحصل في المزرعة
أغمض عينيه بملل من تلك العائلة التي اتخذت منه جهاز تجسس على بعضهم البعض
رفع عينيه بصدمة عندما تابع
_ زي بالظبط ما كنت عين جواد في الجصر.
رمش بعينيه باحراج شديد عندما استدار حسان لينظر إليه فغمغم بنفي
_ بس أني…..
قاطعه حسان بقوة
_ أوعاك تنكر وتجل من فهمي، أني حسان الخليلي اللي مفيش حاچة في الجصر ده ولا براه تخفى علي، وكنت خابر من البداية وسيبتك توصله اللي اني رايد يوصله
دنى منه أكثر وتابع بسخط
_ لو كنت بتنجل كل حاچة حبًا في جواد فانت المرة دي هتنجل بمقابل مكنتش تحلم بيه
فكر زين ورد عليا.
خرج آدم من القصر وحديث حسان يدور بخلده
لن يستطيع الرفض
وإذا وافق فسوف تتبدل خططته التي سعى خلفها بعد أعوام من التفكير
عاد إلى منزله وهو يفكر في ذلك الأمر
لن يفيده البقاء في المزرعة الآن فقد كان يخطط لشيء آخر
دلفت عمته الغرفة فتجده مستلقيا على فراشه بتلك الحالة من الشرود
لقد تعبت حقًا من اقناعه بالعدول عن قراره
تعلم جيدًا بمدى حرقته والتي لا تقل مطلقًا عن حرقتها لكن لن يستطيع كلاهما مجابهة ذلك الرجل والذي لا يعرف شيئًا عن الرحمة
تقدمت منه لتجلس بجواره وقالت بآسي
_ وبعدهالك ياولدي مش ناوي ترچع عن اللي في دماغك؟
لم يجيب وظل على وضعه وكأنها تحدث تمثالاً أصم
فغمغمت بعتاب
_ ليه مصر تحرج جلبي عليك وتخليني افضل على نار لحد ما تعاود تاني؟
_ يظهر إنه انكتب علينا نعيش الحرجة دي طول عمرنا والسبب فيها عايش حياته ولا كأنه عمل حاچة
قالها آدم بثبات رغم النار التي تعتل بداخله وغضب لو خرج لأحرق القصر ومن فيه.
_ ما جلتلك ياولدي خليه للي خلجه؛ انتجامه هيكون اشد وأجوى.
_ مش جبل ما خد تاري منه واحرج جلبه زي ما حرج جلبي.
_ وبعد ما تعمل إكدة ايه اللي هينوبك؟
خرجت الكلمات من فمه وهي تحمل وعيد
_ هكون انتجمت لأبويا وأمي وبعدها هنرحل تاني من البلد دي ونرچع لدارنا.
لم تستطيع اقناعه ككل مرة فانسحبت بهدوء وخرجت من الغرفة تاركه إياه لذكريات الماضي التي لا ترحمه
______________
في غرفة نور كانت حقييتها كما تركتها أمس إلا من تلك الصورة التي وضعتها على المنضدة
ألقت نظرة عتاب أخيرة عليها وتلك الابتسامة التي كانت تشرق دنياها أصبحت تبغضها
لقد استطاع خداعها بحرافية وسقطت هي في براثينه بكل سهولة
خدعها باسم الحب واوهمها بسعادة أبدية لتتفاجئ بعدها بجحيم دمر عالمها الوردي
وقضى على كل أحلامها
لن تظل هنا عليها الذهاب والحفاظ على ما تبقى لها من كرامة.
حملت حقيبتها وهمت بالذهاب
لكن اوقفها طرق الباب ودخول سلمى التي تطلعت إليها بابتسامة اختفت ما إن رأتها تحمل حقيبتها وسألتها
_ رايحة فين؟
ازدردت غصة مؤلمة في حلقها وغمغمت باقتضاب
_ ماشية
قطبت جبينها بدهشة فدنت منها اكثر لتلمس ذراعها
_ ليه؟ انتي مش قولتي هتفضلي معانا.
هزت راسها بنفي وتمتمت بحزن
_ معدش ينفع.
فتحت حقيبتها الصغيرة وأخرجت منها علبة كبيرة نسبيًا ومعها هاتفها وناولتها إياهم قائلة
_ الحاجات دي كانت هدية من آسر مبقتش تلزمني بعد النهاردة.
لم تفهم منها شيء وعادت تسألها
_ طيب فهميني بس ايه اللي حصل؟
حاولت التظاهر بالابتسام لتلك الفتاة الطيبة وتمتمت بثبوت
_ كل الحكاية إني حسبتها غلط من كل النواحي
نظرت إلى عباءة سلمى التي ترتديها وتابعت
_ معلش بقا اسمحيلي اخد العباية بتاعتك والطرحة وإن صادفتنا الحياة مرة تانية هرجعهم.
خرجت دون أن تضيف كلمة أخرى وتوجهت إلى الخارج
لا تعرف إلى أين ولم يكن أمامها سوى الذهاب إلى أهل والدها وستحكي لهم قصتها
إما ان يقفوا بجوارها وهذا شيء وارد كي يأخذوا الأمر لصالحهم
ام يحكموا عليها بالموت ويكونوا بذلك قد انتشلوها من ذلك العذاب.
_______________
خرجت سلمى من الغرفة وهي تحمل العلبة وتلك الصورة التي تركتها ورحلت
صادفت مؤيد يخرج من غرفته فذهبت إليه تسأله
_ في ايه يامؤيد نور مشيت ليه؟
قطب جبينه بحيرة وسألها بجدية
_ مشيت إزاي وليه؟
أشارت على الاشياء التى في يدها وتمتمت بحيرة
_ معرفش هي طلبت مني ادي دول لطنط وخلاص
أخذ منها الصورة وتطلع إليها ليرى آسر يحتضن تلك الفتاة بثوب عرسها فرفع بصره إلى سلمى يسألها
_ فين مراد؟
هزت كتفيها بنفي
_ مش عارفة أنا قومت ملقتوش جانبي ممكن يكون عند طنط أو راح المستشفى
توجه مباشرةً إلى غرفة والدته تتبعه سلمى.
دلف الغرفة ليجد والدته تجلس على فراشها بكمد ومراد يتحدث في هاتفه ويسأل بجدية
_ يعني اتأكدت من الاسم زين؟
_…..
انهي المكالمة قائلاً
_ تمام.
اغلق الهاتف ونظر إلى والدته بضمير مرتضي
_ خليته يتأكد مرة واتنين ياريت نجفل على الموضوع ده ومحدش يتحدت فيه نهائي.
سأله مؤيد بحدة
_ موضوع ايه اللي مش رايد حديت فيه؟
التفت مراد إلى أخيه وسلمى التي دلفت خلفه
فلم يريد أن يشوه صورتها أمامهم فغمغم بتبرم
_ مفيش حاچة حديت ميخصكش
تقدم منه مؤيد وتحدث باباء
_ اللي يخص اخوي يخصني ورايد اعرف ايه اللي خلاها تهمل البيت بعد ما كانت چاية تتحامى فينا.
حاول الثبات وعدم الالتفات لضميره الذي يأنبه وقال بتسويف
_ روح اسألها أني معنديش علم بحاچة زي دي.
تطلع مؤيد إلى والدته وسألها بحدة
_ متجولي انتي فيه ايه بالظبط
نظرت إلى مراد الذي رمقها بتحذير فرفضت التحدث وحينها تحدث مؤيد باحتدام
_ يبجى اعرف منيها افضل.
خرج مؤيد من الغرفة ومن المنزل بأكمله كي يلحق بها ويعرف منها ما حدث
لكن سلمى تقدمت من زوجها لتقول بعتاب وهي تناوله الإطار والعلبة
_ على فكرة هي طلبت مني ارجعلك دول قبل ما تمشي.
تطلع مراد إلى الصورة وأخيه يحتضنها بسعادة لم يراه بها من قبل، الصورة واضحة وليست (مفبركة) عقد حاجبيه بحيرة ثم
وضعها على الفراش وفتح العلبة ليجدها تحتوى على خاتم زواج قد حمل اسمهم من الداخل
وقلادة باهظة الثمن يتدلى منها كلمة حبيبتي
وسوار يحتضن أطرافه اسمها (نور).
ازدادت حيرته حتى انه لم يعد يفهم شيء مما يحدث.
الصورة واضحة وحقيقية وليست خدعة
وامضاءه أيضًا كذلك
تقدمت منه سلمى عندما لاحظت حيرته وتحدثت بلوم
_ مكنش ينفع اللي عملته ده يا مراد، البنت جاتلنا تتحامى فينا ودي مهما كانت أمانة أخوك.
لم يتحمل سمع المزيد وانسحب بهدوء خارجًا من المنزل متجهًا لجهة أخرى ربما تؤكد له براءتها.
_____________
جلست نور تنتظر وصول القطار المتجه إلى الإسكندرية منتوية الذهاب إلى أهل والدها
هي لم تراهم من قبل سوى مرة واحدة عندما جاء عمها يأمر والدتها بالذهاب معهم كي يزوجها لأبنه، لكن والدتها رفضت بشدة وأصرت على رفض أوامره
ليتها وافقت فمهما كان عذابها معهم فهو ارحم بكثير من ذلك الذل الذي تعانيه الآن
توقفت سيارة مؤيد أمام محطة القطار وهو موقن بأنها هناك
اخذ يبحث عنها حتى لمح طيفها تصعد قطار الإسكندرية
توجه إليها ليجدها جالسة على المقعد تنظر من النافذة بشرود
دنى منها ليقول بثبات
_ المفروض لما تفكري تهملي الدار تستئذني صاحبها لول ولا أيه يا بنت البندر.
لم تندهش نور من وجوده بل اندهشت من تلك السرعة التي لحقها بها
فهو يختلف تماماً عن أخيه ذلك المتغطرس فنظرت إليه بابتسامة مغلفة بالمرارة وردت بهدوء
_ عشان مش بحب سلام الوداع، ديمًا بهرب منه، وعشان كدة بنسحب بهدوء من غير ما حد يحس بيا.
آلمته بانكسارها فأراد محوه بمزاح
_ أني بجا اختلف معاكي في حاچة زي دي، بحب ديما اودع حتى لو راچع تاني لأني مش ضامن هنتجابل تاني ولا لاه، وعلى العموم احنا لساتنا فيها واتفضلي ارچعي معانا استئذني لول جبل ما ترحلي.
اخفضت عينيها بحزن عميق وتمتمت بخفوت
_ مبقاش ينفع خليني امشي لأن ده افضل للكل.
جلس على المقعد المقابل لها وتحدث برزانة
_ أني معرفش ايه اللي حصول خلاكي تهملى البيت أكدة وتمشي بس اللي اعرفه زين إنك مرات أخوي وأمانة عندينا واللي في بطنك الحاچة الوحيدة اللي باجية من ريحته، يبجى لازمن ترچعي معاي من غير ما تخليني أرچعك بالغصب
قال كلمته الأخيرة بمزاح جعلها تبتسم رغم مرارة حلقها فقالت باباء
_ صدقني مش هينفع ارجع معاك البيت ده تاني خليني امشي بهدوء وكفاية ……
قاطعها مؤيد بإصرار
_ جولتلك مينفعش ومش عايز اعيد كلامي كتير، اني معرفش ايه اللي دار بينك وبين مراد بس اني رايد اجولك كلمتين تحطيهم حلجة في ودنك، انتي وابنك ليكم حج علينا وحجكم انكم تعيشوا في الدار معززين مكرمين، وإن كان على الدكتور مراد فهو جلبه طيب بس عيبه إن طبعه حامي حبتين ومتزمد في دينه جوي، كل الحكاية إنه رافض طريجة چوازچكم مش اكتر من إكدة
ابتسم ببشاشة وتابع اقناعها
_ وعلى فكرة هو اضايج جوي إنك مشيتي وهو كمان اللي باعتني عشان أرچعك
نهض حاملاً حقيبتها وتحدث بمزاح
_ ها هتمشي معاي من سكات ولا انفذ تهديدي؟
لم تستطيع الرفض رغم اعتراضها على العودة لكن ليس بيدها شيء سوى الرضوخ وتحمل الأهانة التي تلقتها من أخيه حتى لا يعاني طفلها كما عانت هي
❈-❈-❈
جلس مراد أمام شيخه ومأذون القرية يأخذ رأيه بصحة العقد فأجابه بروية بعد أن اطلع على العقد
_ العقد فعلاً غير صحيح، سواء من عدم وجود اسم المأذون ولا حتى رقم بطايق الشهود ولا دمغات ولا حتى الختم
قطب جبينه بحيرة وسأله
_ يعني معنى إكده إن الچواز ده مش حجيجي والعقد متفبرك؟
تنهد الشيخ ووضع العجد على الطاولة أمامه ورد بإيجاز
_ للأسف ياولدي ده اللي ماشي دلوجت.
لم يفهم مراد شيء من حديثه فتابع الشيخ
_ الچواز دلوجت بجى زي اللعبة بالظبط
والمأذون دلوجت بجى بيمشي كل واحد على هواه مادام المقابل هيكون عالي
يعني اللي عايز يتچوز واحدة صغيرة وموصلتش للسن المسموح بيه بيعقدوا عند مأذون وكل حاچة بس مش بيسجلوا لأن لو اتسجل هيبجى باطل
أو واحد بيتچوز من ورا اهله وعشان ميعرفوش مبيسجلش العقد
وواحد تاني بيضحك على بنات الناس ويوهمهم بالمأذون والشهود والجسيمة وهي متفرجش حاچة عن العجد العرفي.
_ بس المأذون إكدة لو اتعرف هيكون ايه عقابه؟
_ السجن طبعاً وعشان إكدة بيخفي الدفتر ده ومش بيدي الورجة لحد لأنها ممكن تتاخد ضده بس الغريبة أهنه أنه اداها.
زم مراد فمه دلالة على مدى استيائه من اخيه فعاد يسأل
_ طيب ده بيُعد چواز حجيجي ولا باطل.
_ الچواز اشهار ياولدي حتى لو بدون عجد ولا حتى شهود، ولو فيه عجد وشهود من غير معرفة الأهل بيكون باطل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جال” لا نكاح بدون ولي”
والأب هنا جادر أنه يبطل العجد لو بنته أتچوزت بدون رضاه، ولو الأب مش موچود يبجى الأخ والذي يليه من الأقارب.
أومأ له مراد واكتفى بهذا القدر لا يريد أن يسمع المزيد
أخذ العجد واستئذن من شيخه وخرج من المسجد
عاد إلى المنزل والتفكير في الأمر لا يرحمه
إذا فقد خدعها أخيه حقًا
ماذا سيكون مصير ذلك الطفل؟
فإما أن يظل مجهول النسب أم تنتظر حتى ولادتها وترفع دعوة لنسب الطفل ويكون بذلك قد عرض الطفل لعار سيظل ملازمًا له طوال عمره والأدهى إذا كانت فتاة.
لما فعل أخيه ذلك الإثم؟
لما لم يفكر في عواقبه؟
ظل يتخبط في فكره حتى وصل إلى المنزل
كان السكون يعم المكان فصعد إلى غرفته وأغلق الباب خلفه لا يريد التحدث مع أحد الآن حتى يصل إلى قرار.
❈-❈-❈
في المزرعة
عاد جواد إلى منزله وهو يحمل طفله الذي استكان على كتفه بعد لحظات خوف مر بها
دلف بهو المنزل فيجد ياسمين تنتظره بقلق بالغ وفور رؤيته اسرعت إليه بلهفة
_ جواد الحمد لله انك لقيته
أومأ لها وناولها إياه
_ خديه نيمه چانبك وميفارجش چارك لحظة واحدة.
حملته ياسمين وقالت بقلق
_ طيب طمني واحكيلي ايه اللي حصول
رد جواد بتعب
_ نيميه لول وانزلي عشان عايزك في موضوع.
هزت رأسها بالايجاب فدلف هو المكتب وصعدت هي لغرفة توليب كي تطمئنها عليه.
كانت توليب قد انتهت من صلاتها عندما دلفت ياسمين بيزن وفور رؤيته نهضت توليب وهي تحمد ربها على عودته سالمًا ودنت من ياسمين التي وضعته على الفراش وقالت براحة
_ الحمد لله أنكم لقتوه
تطلعت إليها ياسمين
_ خلي عينك عليه لحد ما اشوف چواد عايزني ليه.
أومأت لها بتفاهم وخرجت ياسمين متجهه إلى غرفة المكتب.
في المكتب
دلفت ياسمين لتجده يتحدث مع المحامي الخاص بعائلتهم
_ انا عايزك ترفع الدعوة باسرع وجت رايد الطفل ده يكون في حضانتها في خلال شهر بالكتير
_…….
_ حاول بأي طريجة وانا اتفجت معها على كل حاچة، النهاردة هتعملك توكيل وامشي في الاجراءات وخلصها.
_……
_ تمام
اغلق جواد الهاتف وتطلع إلى أخته التي ترمقه بحيرة وسألته بعدم استيعاب
_ يعني هي تخطف ابنك وانت تاچي تحل مشاكلها؟
نهض من مقعده وتوجه إليها ليرد بحكمة
_ دي أم واتاخد منها ضناها بغدر وده خلاها تشوف ابنها في كل طفل بتجابله، وبعدين هي لا آذته ولا حاچة كل الحكاية انها حست أننا هنبعده عنها زي ما طليجها عمل معها وعشان كدة هربت.
تنهد بتعب وسألها
_ المهم ايه قصة البنت اللي لجيتها في اوضتك دي؟
ازدردت لعابها بوجل فهي لم تكذب عليه من قبل فوجدت صعوبة وهي تقول
_ دي زهرة كانت زميلتي في الچامعة وأبوها وأمها مسافرين في عمرة وچات تجعد معاي لحد ما يرچعوا.
أومأ بتفاهم لكن تحدث بتنبيه
_ مع إن اللي جولتيه ده مش داخل دماغي بس خليها تجعد زي ما هي رايدة بس بدون اي مشاكل
_ إن شاء الله مفيش مشاكل
❈-❈-❈
في منزل توفيق
عم الحزن أركان المكان تمامًا كقلوبهم
ولم يعد للبيت تلك البهجة التي كانت تحوطه من كل جانب
فقالت سلوى بحزن
_ وبعدين ياتوفيق هنعمل ايه؟ هنفضل ساكتين لحد البنت ما تضيع مننا؟
تنهد بتعب وتمتم بانهزام
_ هنعمل ايه بس أكتر من اللي عملناه، موضوعها دلوقت بقى في ايد ربنا إن الراجل ده يفوق ويعترف بالحقيقة
_ ولو مفقش ولا قدر الله مات ايه هيكون مصيرها؟
هز رأسه بضياع واسند رأسه بين كفيه
_ مش عارف ياسلوى مش عارف
دلف تميم من الخارج بوجوم فقد كان آخر أمل له هو والد صديقه
أسرعت إليه سلوى تسأله بلهفة
_ عملت ايه؟
جلس على المقعد بارهاق وغمغم بضيق
_ قالي أن الأفضل تسلم نفسها لأن لو الراجل ده مات القضية هتثبت اكتر عليها وهيتحكم فيها حكم نهائي
ارتمت سلوى على المقعد وأخذت تصفع على ساقيها وهي تقول بضياع
_ البنت ضاعت مني، بنتي ضاعت مني.
اسرع تميم يمنعها من ذلك وتحدث بقوة
_ اهدي ياماما إن شاء الله كل حاجة هتتحل.
هزت راسها بعدم استيعاب لما يحدث
_ تتحل فين وبنتي متهمة في جريمة قتل
تتحل ازاي ياناس، تتحل ازاي؟
احتواها تميم بين ذراعيه وأخذت هي تبكي بحضنه بضياع
أما توفيق فقد أخذ يفكر في حل لتلك المعضلة لكن لم يجد سوى سفرها للخارج في اسرع وقت.
_______________
عادت ياسمين إلى الغرفة وكانت توليب شاردة كعادتها وهي جالسة تتلاعب في خصلات يزن وهو نائم بجوارها
لم تعد تلك الفتاة المرحة التي تعرفت عليها بل فتاة ضائعة لا حول لها ولا قوة
تقدمت منها لتجلس بجوارها وتحدثت بابتسامة
_ هتفضلي حابسة نفسك كدة في الأوضة؟
اعتدلت توليب في جلستها وغمغمت بشجى
_ بحاول اتأقلم على حياتي الجديدة.
اعتصر قلبها حزنًا عليها وتمتمت بأمل زائف
_ متجوليش إكدة إن شاء الله كل حاچة هتتحل والراچل ده هيفوج ويعترف بكل حاچة.
ابتسمت بآسى
_ ياريتها كانت بالبساطة دي، حتى لو فاق من الغيبوبة عمره ما هيعترف على نفسه.
_ بس ده كان دفاع عن ابوكي اللي كان بيموت ببن ايديه.
تحدثت توليب بتهكم
_ انتي بتتكلمي كدة لأنك متعرفيش الشخص ده
ده احقر انسان ممكن تشوفيه في حياتك
واديني بتضرع لربنا وهو اللي هيفرج كربي باقرب وقت.
ايدت حديثها
_ ونعم بالله
نهضت من جوارها وتابعت
_ انا هسيبك تنامي شوية لأنك منمتيش طول الليل واني كمان مش جادرة افتح عينيه وهاخد يزن عشان تنامي براحتك
منعتها توليب من أخذه وقالت برجاء
_ لأ سيبيه انا مطمنه وهو جانبي.
وافقتها ياسمين بابتسامة وخرجت من الغرفة بعد أن أغلقت الستائر كي تتركها تنام بأريحية
نظرت توليب إلى يزن بابتسامة صادقة واستلقت بجواره مندهشة من تعلقها به بتلك السرعة لاح الحزن بعينيها، تمامًا كما حدث من قبل.
_______________
انهى جواد عمله في المزرعة وعاد إلى غرفته عندما شعر بألم كبير في قدمه فقد تحامل عليها تلك الليلة
أبدل ملابسه وقام بخلع الساق الصناعية وقد شعر بألم مبرح بها
تناول ادوية مهدئة للألم واستلقى على فراشه بانهاك
تذكر تلك الفتاة التي اقتحمت عزلته وراوضه شعور بأنه رآها من قبل لكن لا يذكر متى
لكنها ذكرته بصديقة ياسمين التي اقتحمت قلبه يومًا ولم تخرج منه منذ ذلك الوقت
وكأنها لعنة سقطت على قلبه حينها خاصة كي تجعله يعيش ذلك العذاب الذي لا يرحم
فلاش باك
وقف مع الطبيب وهو يعالج حصانه الذي أصيب في ساقه ولم يستطيع أحد الاقتراب منه حتى هو إلا بحقنه بمهدئ كي يستطيعون معالجته
انتهى الطبيب من ربط الضمادة ونظر إلى جواد قائلاً
_ الجرح عميق أوي بس الحمد لله بدأ يلتئم شوية بشوية
شكره جواد وظل يعتني به حتى بدأ جرحه بالشفاء لكنه مازال يمنع أحد من الاقتراب منه
وفي يوم الحناء
أخرجه جواد من الإسطبل وخرج به إلى السياج الملتف حول الإسطبل كي يتركه يمرح قليلًا
وفور إن خرج رماح بدأ يهرول حول السياج وكأنه ظل حبيسًا لشهور وليست أيام قليلة
وقف جواد يراقبه بحب صافي كصفاء قلبه النقي.
كانت تلك الفتاة تشاهد الموقف بإعجاب فهي عاشقة للخيول وقد اصيبت بخيبة امل كبيرة عندما لم يساعدها مجموعها لدخول كلية الطب البيطري واختارت العلوم قسم علم حيوان لأجل حبها للخيل.
استئذنت من ياسمين التي بعثت معها نعمة كي لا تضل طريقها ووقفت من بعيد تشاهد جواد وهو يمتطي ظهر الجواد بروية وانطلق به يطوف داخل السياج بهدوء سرعان ما اسرع قليلاً في مشهد خطف قلبها
تقدمت من السياج لتشاهده عن قرب وقد هالها ذلك الفارس الذي يمرح بحصانه الأسود كسواد ليلهم إلا من إضاءة خافته معلقة على السياج
راوضتها رغبة بالتقاط بعض الصور له لكنها لم تملك الجرئة لفعلتها
انتبه جواد لوقوفها ولاحظ اهتمامها فعلم ان هناك من هو عاشق للخيل مثله
اوقف حصانه كي لا يرهقه وترجل من فوقه ليقول بثبوت
_ ملاحظ إنك بتحبي الخيل
شعرت بالخجل من حديثه لكن تطرقه للأمر جعلها تستجيب لحديثه وتمتمت بتأكيد
_ بحبه جدًا من وانا صغيرة.
مسح رماح رأسه في صدر جواد الذي ملس بدوره على صفحة وجهه وتمتم بصبو
_ الخيل أفضل صديق ممكن تجابليه في حياتك.
رمقه جواد بتوق وتابع
_ بيحس بحزنك زي ما بيحس بفرحك وكل ما تديه اهتمام يديك حب ووفاء
اعجبت توليب بحديثه الذي لامس قلبها وآتتها رغبة بأن تملس على وجه الحصان كما يفعل هو
وكأنه علم بتلك الرغبة إذ قال بنهي
_ أنصحك بلاش لأنه مش بيتعود على الناس بسهولة وخصوصاً إذا كان مخبي وشه زيك، خليها مرة تانية
خرج صوتها متزمرًا
_ بس احنا مسافرين بكرة بعد الفرح.
ابتسم وهو ينظر للشيء الوحيد الظاهر منها وهي عينيها التي لفتت انتباهه بلونها المضيء كلون الشمس وتمتم بابتسامة
_ هخليكي تشوفيه بكرة جبل ما تسافروا.
ارتبكت عندما ناداها ذلك الصوت
_ توليب

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية التل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *