روايات

رواية التل الفصل التاسع 9 بقلم رانيا الخولي

رواية التل الفصل التاسع 9 بقلم رانيا الخولي

رواية التل البارت التاسع

رواية التل الجزء التاسع

التل
التل

رواية التل الحلقة التاسعة

فاقت توليب من شرودها على صوت الصغير الذي تململ في نومه فربتت على ظهره وهي تهمس له ببعض الكلمات التي جعلته يهدئ ويعود لنومه مرة أخرى.
تنهدت بتعب من عودة الذكريات التي ظنت بأنها محتها من عقلها
لكن يبدو بأنها اخطأت حينما ظنت ذلك.
فقط هدئت مشاعرها التي استطاعت ترويضها بعد عناء وبكاء ليالي طويلة
لن تسمح بعودتها مرة أخرى فيكفي ما مرت به ولن تعود وتتعذب كما حدث من قبل
سمعت صوت الآذان لصلاة الظهر فنهضت كي تؤدي فرضها وتحاول ألا تشغل نفسها بشئ آخر.
ودعت ربها أن يزيح غمتها بأسرع وقت قبل أن تعود نار الحب التي استطاعت تطفئتها بعد عناء وتشتعل من جديد.
لن تتحمل
❈-❈-❈
في منزل مراد
دلف مؤيد المنزل وأشار لنور بالدخول فدخلت بوجوم انتهى سريعًا عندما وجدت مراد يترجل من الدرج ولم يتفاجئ بوجودها وكأنه كان منتظرها
تقدم منها وهم مؤيد بالحديث لكنه منعه بأشارة من يده وتحدث هو بوقار
_ رايد اجول كلمتين جبل ما تدخلي الدار دي وتعيشي معانا
رفعت عينيها إليه بحيرة وتابع هو حديثه بجدية
_ بصرف النظر عن الطريجة اللي دخلت بيها حياتنا بس في دلوجت روح بتربطك بينا وبتربطنا بيكي ولازمن كل واحد يتغاضى عن اي سوء وأولهم چوازتك الباطلة من أخوي
_ مراد ملوش داعي…
قاطعه مراد بحدة
_ محدش يجاطعني وسيبني اخلص حديتي
تابع بقوة
_ اني كلمت محامي وطلبت منه يحاول يثبت العجد بأي شكل عشان الطفل اللي چاي ده ميتخدش بذنبكم ويجولوا عليه ولد حرام.
رمقته نور بغضب وصاحت به
_ انا مسمحلكش أنك تتهمني…
قاطعها بحدة اشد
_ أنا مجولتش حاچة من دماغي دي حجيجة لا زواچ بدون ولي حتى لو كان عند مأذون وبأشهار
وانتي وافجتي بدون ولي وبدون أشهار يعني چوازة باطلة او بمعنى ادق چواز محرم لو الحكومة اعترفت بيه فالشرع غير معترف
وبعد شهور العدة هيكون فيه حديت تاني.
انهى حديثه وخرج من المنزل متجهًا للصلاة ويستغفر ربه بتضرع حتى وصل للمسجد
نظر مؤيد إليها باحراج وتمتم معتذرًا
_ أني مش عارف اعتذرك ازاي بس…
قاطعته نور بوجوم
_ متقولش حاجة هو عنده حق في كل كلمة قالها بس لو كنت اعرف كل ده مكنتش وافقت أبدًا بس ده قدري ولازم ارضى بيه
اخذت حقيبتها وتحدثت بجدية
_ لو تقدر توفرلي اوضة تانيه هكون شاكرة ليك.
أومأ لها بتفاهم
_ حاضر
نادى على العاملة التي اسرعت إليه
_ نعم يابية.
_ اطلعي مع ست نور ودخليها الاوضة اللي چنب اوضة الدكتور مراد.
تطلعت إليه نور باحراج
_ مفيش اوضة غيرها؟
ابتسم إليها ببشاشة وتحدث برزانة
_ متجلجيش من أي حاچة اطلعي اوضتك واعتبري إن البيت بيتك، بعد أذنك هلحج الصلاة جبل ما تفوتني
خرج مؤيد وحملت هي حقيبتها وصعدت مع العاملة حتى وصلت للغرفة
في الأسفل
دلفت سهر المطبخ وهي تغمغم بحنق
_ عچبك أكدة اديها رچعت تاني.
ابتسمت سلمى التي تقف امام الموقد تحضر الطعام لخالتها وسألتها
_ وانتي ايه اللي مضايقك من وجودها البنت شكلها بنت حلال وطيبة
ردت بسخرية وهي تجلس على المقعد
_ طيبة؟ دي شكلها مش ساهلة واصل وبصراحة اني اخاف على چوزي منيها.
اغلقت سلمى الموقد وفتحت المبرد لتخرج منه بعض الاطعمه وهي تقول بيأس منها
_ لا متخافيش خلي عندك ثقة في نفسك أكتر من كدة.
اغتاظت سهر من حديثها ونظرت اليها بحنق وهي تجهز طاولة بطعام الفطار
_ الفطار ده لمين؟
حملت سلمى الطاولة وردت بايجاز
_ للي مضاقتش الاكل من امبارح.
صعدت إلى الطابق العلوي فوجدت حنان تخرج من الغرفة المجاورة لها فسألتها
_ خير ياحنان
_ دي الست نور اخدت الاوضة دي وكنت بنضفها
أومأت لها سلمى
_ طيب روحي انتي
دلفت سلمى بعد أن طرقت الباب فوجدت نور جالسة على الفراش بكمد
رأفت بحالها ووضعت الطعام على المنضدة وجلست بجوارها لتقول بتأثر
_ نور انا أسفة لو مراد قال كلام ضايقك بس صدقيني …..
قاطعتها نور بثبات وهي تنظر إليها
_ بس الدكتور مراد مقلش حاجة غلط هو قال الحقيقة مش أكتر، حقيقة إني أنسانة ساذجة اضحك عليا بكلمتين حب مزيفين وجريت ورا وهمه عشان افوق في الآخر على ألم دمر كل حياتي.
أخذت نفس عميق وأخرجته بآسى
_ صدقيني انا مش زعلانة منه أبدًا
وان كنت وافقت ارجع مع مؤيد فده عشان انقذ ابني من سهام هانم ولو ليا مكان تاني مكنتش قعدت لحظة واحدة هنا.
تبدلت ملامح سلمى للحزن وتمتمت برأفة
_ انا معرفش ايه اللي حصل وخلاكي تمشي كدة بس انا عارفة ان مراد صعب يتقبل حاجة زي دي وممكن يكون قالك كلمة جرحتك لكن هو عمره ما ظلم حد وخليكي واثقة إن محدش مننا هيظلمك لأي سبب من الأسباب.
ربتت على يدها وقالت بحب
_ أنا هنزل افرح خالتو لأن من وقت ما عرفت انك مشيتي ومبطلتش عياط، انا جبتلك حاجة خفيفة تكليها لحد ما نحضر الغدا
هزت نور راسها برفض
_ مليش نفس.
_ مينفعش انتي حامل ولازم تاكلي
ربتت على يدها وخرجت من الغرفة
اما نور فقد تركت لدموعها العنان واخذت تبكي بنحيب تتمزق له القلوب
تبكي على كل شيء
على من ملك فؤادها يومًا واستطاع خداعها ببراعة حتى جعلها تسلم نفسها له بكل رضا
وعلى والدتها التي توفت بحسرتها
وطفلها الذي لم يرى النور بعد وقد لقب بابن حرام.
ماذا لو لم يستطيع المحامي تسجيل العقد؟
ماذا ستفعل حينها؟
بمن سينسب ذلك الطفل؟
زاد بكاءها ولم تستطيع التوقف وقد انهار كل شيء من حولها
❈-❈-❈
عاد وهدان من عمله فيجد بناته وحدهما منتظرين عودته
ترك الحقائب من يده وتقدم منهم بقلق
_ مالكم جاعدين إكدة اومال فين خالتكم؟
قالت زينة وهي ابنته الكبيرة بعمر الثمانية اعوام
_ خالتي مجاتش النهاردة بتجول انها بعافية.
ازداد امتعاضه من تلك المرأة لكن لن يلومها فقد انشغلت في تجهيز عرسها فعاد يسألها
_ اتغديتوا؟
هزت زينة رأسها بنفي فانفطر قلبه عليهم
_ ليه يا زينة؟
_ معرفتش اسيب اخواتي وحديهم واخرچ اچيب وكل.
تقدمت الصغيرة منه والتي لم يتعدى عمرها الثلاث اعوام وتمتمت
_ اني چاعنة
ازدرد غصة في حلقه ونزل لمستواها ليقول بتشجيع
_ ايه رأيكم لو نعمل كلنا الوكل مع بعض
هلل الثلاث فتيات بسعادة فقام بحمل الحقائب ودلف بهم للمطبخ كي يعد لهم الطعام
بعد تناول العشاء اوى الأطفال للفراش الا من الصغيرة التي اعتادت النوم بين ذراعيه منذ وفاة والدتها
وضع طفلته الصغيرة في فراشها وجذب عليها الغطاء وفعل المثل مع الآخرين وجلس يفكر فيما انتواه واجله كثيرًا
خرج من المنزل وطرق على باب احد الجيران القريبة منهم فخرجت له سيدة كبيرة في السن فقال بتهذيب
_ بعد اذنك ياخاله كنت رايدك تجعدي مع البنات لحد ما اروح مشوار وأرچع طوالي.
اومأت المراة برحابة صدر
_ من عينيه ياولدي روح انت واني هفضل معاهم لحد ما ترچع
_ كتر خيرك.
ذهب إلى وجهته وهو يدعوا بداخله أن يوفق في تلك الخطوة
هو بداخله لا يريد لكن عليه ذلك لأجل بناته.
توقف امام باب منزلها ورفع يده بتردد ليطرق بابها لكن فوجئ بالباب يفتح ويجد أختها أمامه فتسأله بريبة
_ انت مين؟
رد بهدوء
_ اني چاي اجابل عمك إذا كان موچود
تقدم صالح من الباب يسألها
_ واجفة إكدة ليه…
نظر إلى وهدان وقال بثبوت
_ مرحب ياولدي اتفضل.
دلف وهدان وجلس مع صالح في مضيفته وبعد حديث قصير قرر فتحه في الأمر
_ أنا حابب ادخل في الموضوع على طول
اني چاي اطلب منك ايد بنت اخوك حياة
______________
جلست ياسمين في الحديقة وهي تتنفس لأول مرة رائحة الحرية بعيدًا عن ذلك السجن
لاول مرة منذ أعوام عديدة لم تشعر بأنها تحت ضغط شديد
ما بين قلبها وبين عقلها الذي كان ومازال رافضًا لذلك العشق المحرم
ورغم تحررها إلا إنه مازال رافضًا له
لكن تلك المرة خوفًا عليه
جدها لن يرحمه إن علم بقصتهم فإن وافقت من قبل على حكم الاعدام لأجله فعليها أن تقبل بالبعد الشاق لأجله أيضًا
وكأن التفكير وحده لا يكفي إذ سمعت صوته من خلفها يقول
_ السلام عليكم
اهتزت نظراتها ولم تقوى على الالتفات إليه
وأخذ قلبها يهدر بعنف وخاصة عندما تابع
_ انا چاي اجابل چواد
حمحت ياسمين وكأنها تبحث عن صوتها ونهضت لتجيب دون الالتفات إليه
_ جواد فوج هطلع أناديه
اسرعت بالولوج وأخذ هو ينظر في اثرها حتى اختفت من أمامه
مازالت تلك الفتاة التي يهتز ثباتها عندما ترتبك
وتصتبغ وجنتيها باللون الأحمر عندما تتلعثم أمامه
جلس على مقعدها وجالت الذكريات في خاطره
آتي إلى القصر لأجل الانتقام فيسقط هو صريع العشق الذي احكمه وقيده بقيود الهوى
عاد من شروده على يد جواد التي ربتت على كتفه
_ رچعت للسرحان تاني؟
جلس على المقعد قبالته فابتسم آدم بمصابرة
_ مش سرحان ولا حاچة اني سيبت الجصر وچاي اشتغل عندك.
عاد جواد بظهره للوراء وقد تلاعب الشك بداخله عندما وجده يتهرب بعينيه من مرمى عينيه
_ بس انت من يومين كنت رافض شغلك في المزرعة أيه اللي غير رأيك.
_ مفيش، كل الحكاية إني ملقتش شغل برة الجصر فجلت أجي عنديك إلا إذا بقا مش عايزني معاك
لم يريد الضغط عليه وتركه حتى يأتي ويخبره بنفسه فتحدث بثبوت
_ على العموم اني كنت محتاج لمهندس زراعي ومش هلاجي افضل منيك.
ايده آدم بشدة
_ واني معنديش مانع مع إنك هترچعني للدراسة من تاني لإني نسيت كل حاچة درستها
_ اني واثق إنك قدها المهم احكيلي ايه الاخبار في الجصر؟
_ مفيش چديد من آخر مرة كنت هناك والأمور ماشية زي ما چدك عايز والكل طواعية كالعادة.
❈-❈-❈
اندهش صالح من طلبه لكنه رحب بذلك
فهو يعرفه جيدًا ويعلم بأخلاقه فقال بحيرة
_ والله ياولدي اني مجدرش اجول فيك حاچة بس هي من وجت اللي حصول وهي مش طبيعية وأني خايف لـ اللي حصول مع چواد الخليلي يحصل معاك.
_ متجلجش اني خابر كل حاچة وخابر إنها عملت إكدة من حرجتها على ولدها بس چواد بيه الله يكرمه رفع دعوة بالحضانة وانت خابر زين إن المحامي ده مبيخسرش اي قضية وأني رايدها تعوض حرمنها مع ولادي لأنهم محتاجين أم يعني هم هيعوضوها عن ابنها وهي تعوضهم عن أمهم.
هز رأسه بحيرة
_ والله ياابني الموضوع ده في يدها هي اني هبلغها وارد عليك وإن كان عليا معنديش مانع.
ابتسم وهدان بامتنان واستئذن منه
_ طيب اسمحلي استئذن لأن البنات وحديهم وهستنى ردك.
نهض صالح ليوصله للخارج
_ إن شاء الله
_______________
دلفت ياسمين غرفة توليب فتجدها منطوية على نفسها في الفراش
ويزن يلهو بجوارها
تقدمت منها لتجلس بجوارها وتحدثت بيأس
_ وبعدين يابنتي هتفضلي حابسة نفسك كدة؟
ابتسمت توليب بمرارة وهي تعتدل في جلستها لتتمتم بحزن
_ عايزاني اعمل ايه وانا في اي لحظة ممكن اتحبس ويضيع مستقبلي.
_ اني صحيح معرفش حاچة عن الجواضي والحاچات دي بس اللي كلنا عارفينه إن ده دفاع عن النفس
أولاً ده تعدي بالاغتصاب وثانيًا تعدى على ابوك بالخنق لولا انقذك منه
ولو كنتي سلمتي نفسك في الوقت والحال مكنتش هتاخدي يوم واحد بعد ما يشوفوا أثار الاعتداء عليكي وعلى ابوكي.
ابتسمت بمرارة
_ لو كان بالسهولة دي مكنتش ههرب إطلاقاً بس المواضيع اللي زي دي بتاخد وقت طويل اوي لحد ما يعرضوكي للنيابة والنيابة تحولك للطبيب الشرعي وبعدها للمحاكمة وده اللي خلى بابا عمل كدة ولبس نفسه التهمه بدالي.
_ طيب خلينا نعرف جواد وهو يحكي لمحامي العيلة ونشوف هيجولنا ايه؟
هزت راسها بنفي وتحدثت بتحذير
_ لأ اوعى لو عملتي كدة همشي مش لازم جواد يعرف انا مين؟
ضيقت ياسمين عينيها بحيرة فعدلت توليب حديثها كي لا تشك ياسمين بشيء
_ اقصد يعني إني هتحرج من الموقف فبلاش تعرضيني للاحراج ده
تنهدت باستسلام
_ خلاص اللي تشوفيه مع إني مش معاكي في اللي بتجولية ده.
حدثتها برجاء وهي تمسك يدها
_ معلش ياريت تريحيني كفاية إني ظهرت قدامه من غير النقاب ودي أول مرة تحصل
_ شوفي يا توليب جواد اخوي غيور جوي يعني مستحيل تلاجي حد من رچالته داخل البيت من چوة غير حامد لأن امه وأخته اللي شغالين في البيت بس بوچودي مش هيجدر يدخل تاني بمعني إن ملوش عازة من أساسه وبالنسبة للنقاب.
وبعدين متنسيش إن وجت ما يلاجيكي بالنقاب هيعرفك على طول
تحسست توليب تلك الإصابة التي مازالت آثرها مطبوعة على يدها وهزت راسها بتفاهم
_ إن شاء الله هنزل بس لما اضمن انه برة البيت.
ربتت ياسمين على يدها وتحدثت بمصابرة
_ خلاص اللي تشوفيه اني هنزل اشوف أم نعمة خلصت الغدا ولا لسة وهرچعلك تاني.
خرجت ياسمين بعد أن أخذت يزن كي يرى والده واخذت توليب تتحسس ذلك الجرح الذي مازال تاركًا اثرًا على يدها كما ترك أثره في قلبها عادت إليها ذكريات ذلك اليوم
فلاش باك
انتبهت توليب لصوت إلين التي نادتها
فنظرت إليه لتستئذن منه
_ بعد إذنك انا لازم أرجع
استدارت لتمضي لكنه أوقفها قائلاً
_ لو رايده تتعرفي على الخيل اكتر خلي نعمة تچيبك على الإسطبل بكرة جبل المغربية في الوجت ده الخيل بيكون هادي.
اومأت دون قول شيء وذهبت مع إلين التي إندهش من وقوفها معه
_ معقول توليب تقف مع شاب وتتكلم معاه عجيبة بجد.
صححت لها توليب بابتسامة
_ تقصدي الحصان مش صاحبه
أكدت إلين بغيظ
_ لا اقصد صاحبه مش هو يلا لحسن عمو سألني عليكي.
ظلت توليب طوال الوقت تنتظر تلك المقابلة بفارغ الصبر حتى شعرت بأن الوقت ثابت لا يمر
ارتدت نقابها وتوجهت للشرفة كي تقف بها قليلًا، فإلين نائمة وياسمين في غرفتها
خرجت إليها فتندهش عندما وجدت جواد مازال داخل السياج مع حصانه
ظلت تراقب اهتمامه به والحصان الذي اخذ يمرح داخل السياج ثم يتقدم من مالكه وكأنه يلتمس منه الدلال.
اندهشت من ذلك الترابط بينهم وكأنهم صديقين تحابا منذ الصغر
ودت في تلك اللحظة ان تنزل وتشاركهم ذلك الترابط لكن لا تملك الجرئة لفعلها كما إن دينها لا يسمح بذلك.
عادت للداخل وأغلقت الضوء واستلقت على الفراش وهي تناشد النوم كي تمر تلك الليلة التي طالت كثيرًا
باك
عادت من ذكرياتها على دخول ياسمين
_ يلا ياستي جواد خرچ وجال انه مش هيرچع غير متأخر
تقدمت منها ياسمين تجذب يدها
_ يلا بجى نتغدا ونتمشى شوية في الجنينة
وافقت توليب على مضد ونزلت معها للاسفل وتناولت طعامها مع ياسمين ويزن الذي ألف وجودها وأخذت تطعمه بيدها وهو يلتف حول المائدة بمرح
نظرت توليب إلى ياسمين وسألتها بتردد
_ ياسو ممكن اسألك سؤال
تركت الملعقة من يدها وردت بتأكيد
_ اكيد طبعًا اتفضلي .
تحدثت بإحراج
_ ليه حرمتي نفسك من طفل زي ده يمكن لو خلفتي من خالد كان هيكون دافع له انه يتغير لما يحس انه بقى أب ومسؤليته كبرت.
ابتسمت بمرارة وهي تجيبها
_ هتصدجيني لو جلتلك إني كنت بتمنى ده أكتر من اي حد في الدنيا؟
زادت مرارتها وهي تتابع بحزن
_ بس أني كنت خابرة مصيري زين جوي فمحبتش يكون ابني ولا بنتي مشتتين بعد الطلاج، أنا مفكرتش في الحبوب دي الا بعد ما اتأكدت من خيانته ليا
نظرت إليها بقهر وتابعت
_ خابرة يعني إيه تبجي لساتك عروسة وچوزك يسيبك ويروح لواحدة تانية؟ كأنك مزعتي قلبي بسكينة تلمة ومن وجتها أخدت الحبوب وقررت إن مخلفش منه لحد ما أتأكد أنه اتغير
ابتسمت بسخرية مغمزة بالألم
_ بس للأسف كل مدى ما كانت خيانته بتزيد وعشان إكدة أصريت على الطلاج في الآخر.
نهضت من على الطاولة وقالت بتهرب
_ اني هخلي نعمة تعملنا شاي ونشربه في الچنينة هتتبسطي جوي فيها
اومأت لها توليب وتركتها تتهرب من حديثهم ونهضت هي أيضاً كي تغسل يدها وأخذت يزن معها.
_________________
لم تندهش حياة عندما فاتحها صالح في الأمر فقد كانت تلاحظ نظراته لها في المزرعة حتى عندما وقف يحامي لها أمام سيده فقال صالح
_ بصراحة يابنتي اني مش هلاجي افضل منيه ليكي ابن حلال ويستاهل كل خير وكفاية وجفته مع مرته في مرضها وأني كبرت ورايد اطمن عليكي جبل ما أموت.
رمشت بعينيها مرات متتالية وتمتمت بخفوت
_ بعد الشر عليك يا عمي ربنا يديك الصحة
_ تسلميلي يا بنتي بس اني الحمد لله اطمنت على اختك ورايد اطمن عليكي انتي كمان ها جولتي ايه؟
تنهدت بتعب
_ سيبني افكر لول وبعدين أرد عليك
عادت إلى غرفتها وهي تفكر في طلبه، تعلم جيدًا بأنه يود أم لأولاده
ولا تنكر بأنها تريد أيضا اب لابنها عندما يعود إليها
لكن ماذا ستفعل لو تزوجت وخسرت القضية بسبب ذلك، كما إن والدتها متوفاة حتى تترك الحضانة معها
لا لن توافق وتخسر طفلها، وهذا قرارها الأخير.
………
مرت الأيام على الجميع ومازالت توليب حبيسة غرفتها
تعلقت بيزن كما تعلق هو بها وأصبح يقضي وقته معها حتى في نومه يبكي إن لم يجدها بجواره
واثناء الغداء جلس جواد على الطاولة وهو يشعر بالسعادة عندما تقدم منه طفله ونطق تلك الكلمة التي حلم بها كثيرًا
_ با با
ابتسم جواد وهو ينظر إليه بتوق فهم بحمله لكنه اشار بإصبعه الصغير
_ تولي.
نظر جواد لياسمين يستفهم عن مقصده فقالت بارتباك
_ ده يجصد زهرة لأنه اتعود انها تأكله
ضيق جواد عينيه بحيرة وهو يستفهم منها قصة تلك الفتاة
_ انتي بتجولي إن اهلها مسافرين؟
هزت ياسمين رأسها بتأكيد
_ اه بيعملوا عمره وهي ملهاش اخوات فطلبت منها تجعد معاي لحد ما يرچعوا
ايه انت اضايجت من وچودها.
نفى بصدق
_ لأ طبعًا أهلاً وسهلاً بيها في اي وجت بس اني ملاحظ أن يزن اتعلج بيها جوي ولو مشيت هيتعب تاني؟
_ اني بفكر اطلب منها تشتغل عندينا في المزرعة أيه رأيك هي خريجة علوم وممكن تفيدك في المزرعة.
عقد حاجبيه بحيرة وهو يسألها
_ تفيدني في ايه؟
_ أصلها علم حيوان وممكن تفيدك في التعامل مع الخيل.
ازدادت عقدت جبينه
_ واهلها ممكن يوافجوا على شغلها أهنه
لاحظ جواد ارتباكها وخاصة عندما قالت بتلعثم
_ أكيد مش هيوافجوا بس أني ممكن اجنعهم.
نهض جواد وهو يقول بفتور
_ لو احتاچتها هجولك إن شاء الله، اني خارچ ومش هرچع الا وخري إن احتاچتي حاچة كلميني.
______________
صعدت ياسمين غرفة توليب مع يزن الذي أسرع إليها يلقي نفسه بحضنها والتقفته هي بسعادة
تحدثت ياسمين بغيظ
_ اسكتي كان هيودينا في داهية واحنا على الغدا عمال يشاور على اوضتك ويجول لچواد تولي بس ربنا ستر ومأخدش باله
ابتسمت توليب بحب لذلك الصغير الذي هون عليها كثيرًا وقالت بامتنان
_ بصراحة هون عليا كتير أوي، مش عارفة لولا هو كنت عملت أيه.
تقدمت منها ياسمين تجذبها من يدها وتقول بلهجة لا تقبل نقاش
_ متعمليش حاچة غير إنك تجومي تنزلي معاي دلوجت چواد خرچ وجال أنه مش هيرچع إلا وخري.
وافقت على مضد ونزلت معها للأسفل يتناولون قهوتهم في الحديقة
انتبهت توليب على صوت الخيل فسألتها بحنين
_ هو الخيل قريب من هنا، اصلي بسمع صوته باستمرار
_ لأ الخيل بعيد عن اهنه مفيش غير حصان چواد هو اللي في الإسطبل اللي چار البيت
تمتمت اسمه بخفوت
_ رماح.
_ اه ياستي هو اللي عورك يوم فرحي.
ابتسمت توليب للذكرى وتحسست يدها موضع الجرح وشعرت بحنين جارف للذهاب إليه ورؤيته.
رن هاتف ياسمين ونهضت لتجيب عليه في الداخل تبعها يزن وانتفض قلبها مرة أخرى عندما سمعت صهيله.
ودون إرادة منها وجدت قدميها تأخذها لهناك
سارت حتى وصلت الإسطبل وخدمها الحظ عندما وجدته خاليًا
فتحت الباب ودلفت بروية فوجدت ذلك الحصان الذي خطف قلبها كصاحبه واقفًا بشموخ الأدهم وسواده اللامع
تقدمت بوجل وعادت تتحسس تلك الندبة
وذكريات تلك اللحظة تتشابه أمامها
نفس الوقت ونفس الحصان ولا يختلف سوى المكان
دنت منه حتى لا يفصلها عنه سوى الباب الصغير وابتسمت له بحنين وكأنه عرفها إذ أخفض رأسه وكأنه اعتذار صريح لها مما جعلها تضحك بخفوت
فتمتمت بروية
_ عايز تقولي إنك عرفتني؟ مع إن صاحبك معرفنيش.
رفعت أناملها بعد تردد دام للحظات لتتحسس مقدمة رأسه وظلت تداعبه بسعادة وذكريات لا تنسى تداعب مخيلتها
في الخارج
وقف جواد يشاهد آدم وهو يقوم بعمله بتفحص تلك الافة التي أصابت النباتات
قام بأخذ عينه منه وتقدم من جواد ليقول بأسف
_ الحشرة صابت الزرع كله ولو سيبناها هيحصل كيف ما حصل السنة اللي فاتت.
انزعج جواد مما يحدث ونظر للنبته التي أصيبت بالفعل بشكل يدعوا للقلق وسأله
_ والحل دلوجت؟
_ مفيش حل غير المبيدات
جعد وجهه باستياء وغمغم برفض
_ بس انت خابر إني برفض استخدامها عشان الأمراض اللي بتسببها.
_ الموضوع مش زي ما انت فاهم، المبيدات دي أنواع
من سنين طويلة ظهرت الحشرات اللي دخلت على الزرع ودمرته كله فالإنسان كالعادة فكر في حل يتخلص منها لجل العالم ميدخلش في مچاعة فاخترع المبيدات دي يرش على الزرع ويموت الحشرات ونسي تمامًا أنه زي ما تخلص من الحشرات الضارة اتخلص معها من الحشارات النافعة اللي بتتغذى على السموم اللي في التربة والزرع
ولجى إن بعض الناس اللي أكلوا من الزرع جالهم تسمم خفيف.
_ يعني چاه يحارب الطبيعة حارب نفسه.
ضحك آدم وتحدث بتأكيد
_ بالظبط إكدة، بس چاه بعدها خفف المبيد بحيث أنه ميقضيش على كل الحشرات، يعني لو محربتش الطبيعة هي اللي هتحربك.
تحدث جواد بسخرية
_ وتجول إنك نسيت؟!
هز كتفيه ببساطة مصطنعة
_ كنت فاكر إكدة
_ طيب أني راچع البيت دلوجت لإني افتكرت معادي مع المحامي باشر انت العمال لحد ما ارچع.
عاد جواد إلى المنزل وكعادته يذهب إلى الإسطبل كي يطمئن على حصانه
تقدم من المكان وانتبه لحركة وصوت انثوي في الداخل
تقدم بحذر حتى وصل للداخل و…..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية التل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *