روايات

رواية جبر السلسبيل 2 الفصل السابع 7 بقلم نسمة مالك

رواية جبر السلسبيل 2 الفصل السابع 7 بقلم نسمة مالك

رواية جبر السلسبيل 2 البارت السابع

رواية جبر السلسبيل 2 الجزء السابع

جبر السلسبيل 2
جبر السلسبيل 2

رواية جبر السلسبيل 2 الحلقة السابعة

الفصل السابع..
جبر السلسبيل2..
✍️نسمة مالك✍️..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
في بعض الأحيان يأتي علينا وقت نكن فيه كالمغيبين ، نسير وراء ما نريد دون النظر في عواقبه، حتى تأتي ضربة قوية على حين غرة تعيد لنا وعينا، ضربة تكاد تكون قاتلة، ولكنها وبكل آسف تركنتا أحياء، لنقر و نعترف بأنها أعطتنا درسًا قاسيًا نخرج منه بقوة لم نكن نظن إننا نمتلكها ذات يوم..
“جابر”..
يقود سيارته بسرعة الرياح، و قد انقبض قلبه قبضة مخيفة، عينيه كانت على الطريق بتركيز شديد، و على المرآة أيضًا في آنٍ واحد، ينظر للهدايا القيمة الخاصة بالرسم و الكثير من الورود الرائعة التي أحضرها ل “سلسبيل” و لم يجد فرصة مناسبة لأعطائهم لها..
وبرغم تركيزه هذا إلا أنه لم ينتبه ل “حسان” الذي يتابعه منذ خروجه من المستشفى بأمر من “عبد الجبار”..
دقائق معدودة وكان يصف سيارته أمام منزله، تزامنًا مع وصول “صفا” التي قفزت راكضة من سيارة أجرة، متوجهه نحو المنزل التي كانت تأتي إليه دومًا برفقة زوجة والدها “سعاد” لزيارة “فؤاد” التي تعتبره في مقام جدها..

 

 

كانت تركض نحو الدرج بهرولة، ليلحق بها “جابر” بخطواته الواسعة، و قد زاد خوفه حين لمح ذعرها الظاهر على ملامحها ذات الجمال الهادئ..
تصعد الدرج كل درجتين معًا لتفلت إحدي قدميها و كادت أن تسقط على وجهها، إلا أن يده التي قبضت على ذراعها منعتها، استدارت وتطلعت له بلهفة فقد كانت على يقين أنه هو حين حاوطتها رائحة عطره المميز..
“جابر.. خد علاج ماما سعاد و أطلع أنت أديها حقنة الأنسولين بسرعة”..
قالتها بأنفاس مقطوعة و هي تمد يدها له بالحقيبة الخاصة بأدوية “سعاد”..
أخذهم منها “جابر” و ركض بهم من أمامها مسرعًا دون أن يرد عليها بحرف واحد، وصل لشقته في لمح البصر بسبب سرعته الشديدة، بينما هي كانت تجاهد بأنفاس متهدجة لتصعد الباقي من الدرج..
فتح الباب بأصابع مرتعشة، و أندفع للداخل يبحث عن والدته و جده و هو يصيح بصوتٍ يملؤه الخوف..
” يا أمه.. يا جدي!!”..
توقف عن الحديث، و حجظت عينيه بصدمة حين وجد “فؤاد” يجلس بجوار والدته الممدة أرضًا في حاله يرثي لها، فاق من صدمته على صوت جده الباكي يقول بتوسل..
“ألحق أمك يا جابر”..
جثي على ركبتيه بجوارها، و قام بغرز تلك الحقنة الرفيعة للغاية بفخذها مرددًا بابتسامة يخفي بها ارتعاد قلبه عليها..
“أيه يا أم جابر.. عايزة توقفي قلبي ولا أيه”..
قالها و هو يساعد جده على النهوض، و من ثم مال عليها و حملها على ذراعيه بمنتهي الخفة لضائلة و ضعف جسدها الهزيل للغاية..
كانت “سعاد” بين الوعي و اللاوعي، تجاهد لتفتح عينيها، تهمس له بجملة صغيرة بصعوبة بالغة قائلة..
“سامحني..سامحني يا ابني”..
كان يسير بها لخارج المنزل قاصدًا المستشفى بعدما رأي شحوب وجهها و عينيها الزائغة التي جعلت الرعب يدب بأوصاله..
“وبعدين معاكي يا أمه.. أنتي بتشوفي غلاوتك عندي بعاميلك دي!!!”..
ارتمت “سعاد” برأسها على صدره، و بكت بضعف و هي تقول”عطشانة..أسقيني يا جابر”..
جملتها هذه جعلت “جابر” في حيرة من أمره، يكمل سيره بها، أم يضعها على أقرب أريكة، و يجلب لها الماء؟!..
“الميه أهي يا ماما سعاد.. اشربي يا حبيبتي “..

 

 

صدح صوت” صفا” التي دلفت للتو من باب الشقة المفتوح، و ركضت تجاه كوب من المياه كان موضوع على الطاولة، أخذته، و اقتربت منها تساعدها على الشراب و هي على يد ابنها..
بللت “سعاد” شفتيها التي أزرقت لونهما، و تحدثت بصوتٍ بالكاد يُسمع قائلة..
” قعدني على كرسيي يا جابر.. أنا هبقي كويسة دلوقتي.. مش عايزه أروح مستشفيات.. عايزة اتكلم معاك يا ابني”..
حرك “جابر” رأسه لها بالنفي و تابع سيره بها مرددًا..
“هنروح المستشفى نطمن عليكي بس و نرجع على طول بمشيئة الله يا أم جابر”..
ربتت “سعاد” على صدره بكف يدها الباردة كالثلج وهي تقول بنبرة راجية.. “جابر أقف و اسمعيني الأول لو ليا خاطر عندك يا ضنايا”..
وقف “جابر” محله على مضض، و نظر لها بعينيه التي لمعت بالدموع، و قد تحولت نظرته الآن إلى نظرة طفل صغير لم يتم عامه الخامس مذعور من رؤية والدته تصارع الموت أمامه..
تأملت “سعاد” ملامح وجهه الجذابة بابتسامة دافئة و حب شديد، هبطت عبراتها على وجنتيها ببطء و هي تقول بندم..
” سامحني.. و قول ل سلسبيل هي كمان تسامحني يا جابر و عرفها إن اللي قولته كان كلام وقت غضب لكني والله ما كنت هتصل بأبوها “..
انفجرت “صفا” بنوبة بكاء حادة أشبه بالصراخ، ليصطك “جابر” على أسنانه بقوة كاد أن يهشمها، و تابع سيره من جديد بوالدته، و لكن هذه المرة كان يركض بها حتى وصل لسيارته، فتحت بابها “صفا” التي لحقت بهما، فوضع” جابر” والدته على المقعد الخلفي، و هم بالابتعاد عنها، لكن “سعاد” تمسكت بقميصه جذبته عليها حتى أصبحت أذنه مقابل فمها و همست بأنفاس تتلاشى..
“خلي بالك من بنت خالتك و حاول تصلح بينها وبين جوزها لأنه بيحبها و هي كمان بتحبه و مش هتحب غيره فمتعلقش قلبك بأمل كذاب يا حبيبي.. و بوصيك على صفا.. صفا يا جابر.. صفا يتيمة أم و!!”..
صمتت لبرهةً و شهقت بقوة مكملة بحرفين فقط قالتهما بتقطع..
“أب!!”..
كانت أخر كلمة نطقت بها، و سكت لسانها إلى الأبد بعدما فارقت روحها جسدها و هي داخل حضن وحيدها..
” لااااااا.. ماما سعاد”..
صرخت بها” صفا” و هي تدفع” جابر” بعيدًا عنها، و ترتمي فوق صدرها مرددة بصراخ يقطع نياط القلوب..
“متسبنيش بالله عليكِ.. متعمليش فيا كده.. أنا مليش غيرك.. متسبنيش أعيش في مرارة اليُتم تاني أبوس أيدك”..
الموت المفاجيء فاجعة حطت على رأس “جابر” دون سابق إنظار، فاللهم إنا نعوذ بك من فواجع الأقدار..
…………………………. سبحان الله العظيم……
” عبد الجبار “..

 

 

كان يستعد للذهاب، لكنه ظل مكانه حين رأي “جابر” غادر المكان مهرولاً تاركًا “سلسبيل ” برفقة “عفاف” بمفردهما، زحف القلق لقلبه و شعر أن هناك شيئًا خطير أجبره على المغادرة فجأة هكذا..
جلس داخل سيارته ينتظر إتصال “حسان” الذي أرسله خلفه، ليصدح رنين هاتفه أخيرًا، و لكن برقم أخر كان ينتظره أيضًا على أحر من الجمر، فصغط زر الفتح بلهفة قائلاً..
“ها أيه الأخبار ؟!”..
“كان عندك حق يا عبد الجبار باشا.. الواد اللي سرق تليفون سلسبيل هانم كان مزقوق عليها فعلاً، و لما قرصنا عليه شوية قال إن في واحد كان متفق معاه يقتلها بس هو خاف و اكتفي بالسرقة لما سأل و عرف أنها مراتك يا باشا”..
“إسمه أيه اللي أتفق معاه؟! “.. قالها “عبد الجبار ” مستفسرًا بصوته الأجش،ليأتيه الرد الذي كان أكبر صدمة بالنسبة له حين قال الأخر بأسف ..
” إسمه حسان.. دراع سيادتك اليمين “..
” حسان!!! “.. تمتم بها بعدم تصديق، و الكثير من الأمور بدأت توضح أمام عينيه، ساد الصمت طويلًا حتى قطعه” عبد الجبار” يقول بأمر..
” قدامك أقل من ساعة وتشيعلي طقم حرس على العنوان اللي هبعتهولك دلوجيت، و هاتلي الواد الحرامي و تليفون الهانم و أسبقني على فرع الشركة في المنصورة”..
أردف بها و هو يغادر سيارته متوجهًا لداخل المستشفى ..
أغلق الهاتف بوجهه دون إنتظار رده، و أرسل له عنوان المستشفى و رقم غرفة” سلسبيل “، سار بخطواته الواثقه حتى وصل لمكتب الطبيبة المشرفة على حالتها، طرق الباب و دلف للداخل دون إنتظار إذن..
” خير يا عبد الجبار بيه؟!.. المدام حصلها حاجة؟! “..
“أني اللي چاي أسألك عنِها.. كيفها دلوجيت يا دكتورة؟!”..
قالها بهدوء عكس ملامح وجهه الغاضب..
تنحنحت الطبيبة بخوف من قسماته العابسة بشدة قائلة بعملية..
“هي الحمد لله بقت كويسة و تقدر تروح مع حضرتك أول ما المحلول اللي في ايدها يخلص”..
رمقها” عبد الجبار” بنظرة جعلت قدميها ترتجف من الخوف، فهي تقف أمام رجل الأعمال ” عبد الجبار المنياوي” أشهر من النار على علم، و تحدث بلهجة حادة لا تقبل الجدال..
“الهانم معوزهاش تخرج انهارده غير لما أبلغك بنفسي، و ممنوع يدخل عندها أي مخلوق غيرك أنتي “..
حركت رأسها له بالايجاب، ليصمت هو للحظة، و تابع بصوتٍ أكثر لينًا بعدما أبتلع لعابه بصعوبة، و قد تسارعت دقات قلبه بجنون و هو يقول..
“و رايدك كمان تعرفيلي إذا كانت الهانم حامل و لا لا و تبلغيني طوالي على الرقم ده “..
وضع يده بجيبه و أعطاها الكارت الخاص به، و سار من أمامها بخطواته الغاضبة عائدًا لسيارته، ينتظر قدوم طقم الحرس حتى يتمكن هو من الذهاب..
ليصدح رنين هاتفه مره أخرى، برزت عروقه و احمرت عينيه حين لمح اسم” حسان”، ضغط على الهاتف كاد أن يحطمه مغمغمًا بصوته الصلب..
” خير يا حسان؟!”..
جاوبه “حسان” و هو يلوك الطعام بفمه بصوتٍ مقزز..\

 

 

“أم اللي إسمه چابر تعيش أنت يا كبير “..
يا الله !!!.. ما هذا اليوم العجيب الذي يمر على الجميع، أطبق “عبد الجبار” جفنيه بعنف و هو يتخيل رد فعل “سلسبيل” التي ستظل بنت قلبه حتى بعد طلاقها منه..
…………………………………… لا إله إلا الله……
“لن يكسر الله بخاطرك إلا ليرضيك بخيرٍ لم تكن تراه”..
ألقتها”عفاف” مرارًا و تكرارًا على سمع “سلسبيل” الساكنة داخل حضنها تبكي و تأن بضعف، بقلبٍ منكسر و روحًا ممزقة..
رغم أنها كانت على يقين أنّ “عبد الجبار” لن يفضل أحدًا على ابنتيه، حتى لو كان قلبه العاشق لها، سينتزعه و بستأصلة من جذوره فداءًا لهما، و هذا كان غرضها بالأساس، ضغطت عليه بنقطة ضعفه حتى تجبره على طلاقها من شدة خوفها عليه و على جنينها الذي لم تتأكد من وجوده بعد..
حسمت أمرها بالابتعاد عنه، لأول مرة تتخذ قرار بحياتها و تنفذه، لكنه أصعب و أقسى قرار أصابها بضربة قوية كادت أن تصيبها بمقتل..
حاولت السيطرة على حدة بكائها و هي تقول..
“زعلانة منه أوي يا دادة .. و في نفس الوقت زعلانة عشانه و قلبي بيتقطع عليه”..
تنهدت “عفاف” بحزن على حال تلك الصغيرة، لكنها تحدثت بتعقل قائلة..
“أنتي كنتي عارفة أنه هيختار بناته يا سلسبيل..لو كان صدق كلامك اللي قولتيه على خضرا معنى كده إنه مش هخليها على ذمته بعد ما عرف أنها عايزه تقتله و أقل حاجة يعملها أنه هيطلقها.. بس هو كدب نفسه اللي هي أنتي نفسه دي لأن مهما أم بناته عملت مش هينفع يطلقها عشان خاطرهم و بصراحة أنا احترمته لأنه مطلعش أناني في حبه ليكي و أختارك على حساب بناته اللي هتبقي وصمة عار بالنسبالهم في الصعيد أن أمهم مطلقة من أبوهم”..
أبتسمت” سلسبيل ” إبتسامة يملؤها الوجع و هي تقول..
” و هو مش أي أب يا دادة.. مافيش في حنيته و لا خوفه على بناته.. عبد الجبار أحسن أب شوفته في الدنيا كلها بعد ما كنت فاكرة أن كل الرجاله ملهاش قلب زي أبويا “..
احتضنت ” عفاف ” وجهها بين كفيها و هي تقول بثقة..
“ربنا هيعوضك خير يابنتي..مش عايزاكي تزعلي.. و اتأكدي أن اللي حصل ده خير ليكي لأن رب الخير لا يأتِ إلا بالخير “..
قالت ” سلسبيل ” و هي تحاول السيطرة على بكائها.. ” ونعمة بالله.. الحمد لله.. أنا راضية والله يا دادة عفاف و بحمد ربنا إنك معايا و بتقويني بكلامك اللي بيطمن قلبي”..
ساد الصمت المُطعم بالتنهيد للحظات، قطعه صوت طرقات على باب الغرفة، يليه دخول الطبيبة التي تكلفت الإبتسامة و هي تقول..
“عاملة أيه دلوقتي يا مدام سلسبيل؟ “..
أجابتها ” سلسبيل ” قائلة.. ” الحمد لله يا دكتورة أنا بقيت أحسن و المحلول خلص.. ممكن تشلي الحقنة دي من أيدي.. عايزة أخرج من هنا”..
تطلعت لها الطبيبة بأسف مصطنع قائلة..
“مش هينفع تخرجي دلوقتي.. لسه في محلول كمان غير اللي خلص ده تكملة للعلاج هركبهولك عشان ميحصلكيش أي إغماء “..

 

 

كانت تتحدث و هي تتخلص من المحلول الفارغ، و بخفة يد شديدة قامت بسحب عينة دماء من يد
” سلسبيل ” المبتعدة بوجهها عنها بخوف تجنبًا من رؤية الحقنة المنغرسة بكفها..
………………………… سبحان الله وبحمده…..
” عبد الجبار “..
تحرك أخيرًا بسيارته تجاه فرع شركته بالمنصورة بعدما ترك طاقم من اكفاء الحراسات الخاصة داخل و خارج المستشفى المتواجدة بها طليقته،
تأهب جميع العاملين فور رؤية سيارته الفارهه، و هرول تجاهه حشد هائل لستقباله حتى وصل لمكتبه الفخم الذي كان ينتظره بداخله إحدي القيادات الهامة و معه سارق هاتف زوجته الواقف بين رجال الأمن مقيد بالأساور الحديديه ..
“نورت المنصورة يا عبد الجبار باشا”..
مد “عبد الجبار” يده له بالسلام الحار، وهو يقول..
“منورة بيكم يا سيادة العقيد”..
أنهى جملته، و توجهه بنظره تجاه ذلك السارق الذي انكمش على نفسه بخوف من نظرته المخيفة..
سار نحوه بخطوات هادئة عكس البركان الغاضب بداخله، وقف أمامه بطوله المُهيب، و تحدث بهدوء ما قبل العاصفة قائلاً..
“أتكلم.. أني سامعك”..
“ح ح حسان.. و الله العظيم حسان هو اللي طلب مني أعمل كده يا جناب البيه”..

 

 

فتح “عبد الجبار” فمه ليتحدث، لكنه أغلقه ثانيةً حين صدح رنين هاتفه برقم الطبيبة المشرفة على حالة “سلسبيل” فضغط رز الفتح بلهفة ليأتيه صوتها تقول..
“عبد الجبار بيه أنا عملت إختبار الحمل ل سلسبيل هانم “..
صمتت لوهلة كانت بمثابة أعوام لذلك العاشق الذي أوشك قلبه على مغادرة ضلوعه من عنف دقاته حين تابعت الطبيبة ..
“ألف مبروك المدام حامل!!!!!!”..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية جبر السلسبيل 2)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *